الفصل الرابع: النباتـات والفواكــه
• شجرة الزَّقُّوم
• الكافور
• الثّمار
• العُرجُون
• الطّلح
• التّين
* الرُّمَّان
شجــــرة الزقـــوم
إذا كانت الأشجار ترتبط بالخير والبركة والرزق فهناك شجرة ارتبطت بالشر والكُفر والعذاب الشديد إنها شجرة الزقوم التي عُرفت بأنها الشجرة الملعونة الموجودة في جهنم بين ما أعد الله تعالى للكافرين من عذاب.
ويرد ذِكْرُ شجرة الزقوم بعدما أخبرنا جلّ جلاله به بما يلقاه المؤمنون من عباده في جنات النعيم من تكريم ورزق معلوم وشراب من كأس معين وحور عين، لنجد في المقابل من ذلك، ما أعد في جهنم من عذاب لأهل الكفر والضلال نحو شجرة الزقوم والتي هي فتنة للظالمين.
ولم يصدق أهل الضلال بوجود تلك الشجرة في جهنم وما ورد بشأنها في القرآن الكريم وقال في سخرية: "صاحبكم ينبئكم أن في النار شجرة والنار تأكل الشجر".
وكان ذلك التكذيب منهم هي الفتنة التي ظلموا بها أنفسهم واستحقوا عذاب الله تعالى وورد ذلك في سورة الإسراء بقوله عزّ وجلّ في سورة الإسراء /60 : "وما جعلنا الرؤيا التي أريناك إلا فتنة للناس والشجرة الملعونة في القرآن".
وسميت الشجرة بشجرة الزقوم لأنه اسم مشتق من كلمة تزقم الطعام أي ابتلعه، والابتلاع يفيد الألم والقسر وليس الأكل بما يعطيه من متعة.
وافتتن بذكر الشجرة في القرآن أبو جهل الذي قال: إنما الزقوم هو التمر والزقوم أتزقمه؟ وكان أبو جهل يتحدث عن طعام عربي يُعرف بالزقوم خليط من التمر والزقوم.
إنّ شجرة الزقوم هو طعام أهل النار من نتاجها كما واضح من صدر الآية وهذه الشجرة هي نقيض الخير، بينما الخير هو ذلك الفوز العظيم الذي يترتب على الإيمان بالله ورسوله ترى النقيض من ذلك شجرة الزقوم وما بها من عذاب، قال تعالى في سورة الصافات /64: "إنها شجرة تخرج في أصل الجحيم".
ومنبت شجرة الزقوم قرار النار في قلب جهنم، ولفظ الجحيم اسم مشتق من قوله: جحيم النار، أي وقدها.
ويقال: حجمت بمعنى اضطربت.
وسميت النار بالجحيم لتأجج نارها وشدة حرارتها، وتوصف شجرة الزقوم في سورة الصافات /65: "طلعها كأنه رؤوس الشياطين".
والطلع ثمار النخيل واستخدم هنا كاستعارة لفظية ومعنوية حتى نرى التقابل بين ثمار النخل الذي هو من نعم الجنة، وثمار شجرة الزقوم بما هي عليه من بشاعة وقبح كوجه الشيطان.
وإنّ الوجه والثمار مكانها قمة النخل والطرف العلوي من الجسد، وهو تشبيه يوحي بالعلاقة بين شرور الكفار وما قادهم إليه بوسوسته، فانضموا إلى جنده فالصور البلاغية التي صورت بها شجرة الزقوم هي إبداع بلاغي معجز يترك في النفس أثرا عميقاً، ويعبر تعبيراً صادقاً عن تلك الشجرة التي قربها ذلك التشبيه من الأذهان على نحو يبعث الرهبة في النفوس، أو يجسد بعض ما في جهنم من صنوف العذاب، ويؤكد ذلك الوصف العلاقة الوطيدة بين إتباع خطوات الشيطان وما يؤدي إليه من عذاب في نار جهنم.
وتتوالى الآيات الكريمة لتخبرنا بصنوف العذاب التي تربط بشجرة الزقوم التي ثمارها وطعمها هو طعام أهل النار.
بقوله سبحانه وتعالى: "فإنّهم لآكلون منها فمالئون منها البطون".
ويجيء حرف اللام في "لآكلون" للتأكيد، لأنّ أهل النار يأكلون من الثمار الكريهة لتلك الشجرة حتى تمتلئ بطونهم، أما بسبب ما يشعرون به من الجوع الشديد، أو لأنهم يقسرون على أكلها كرها لتعذيبهم، حتى تمتلئ بطونهم من ثمارها البشعة فذلك هو الطعام الذي قال عنه تعالى في سورة الغاشية /7: "ليس لهم طعام إلا من ضريع . لا يُسمِنُ ولا يُغني من جوع".
كما أنّ طعام الكفرة في جهنم هو من شجرة الزقوم وورد بشأنه حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي أخرجه الترمذي والنسائي: "اتقوا الله حق تقاته، ولو أن قطرة من الزقوم قطرت في بحار الدنيا لأفسدت على أهل الأرض معايشهم، فكيف بمن يكون طعامه".
ونعرف من آيات سورة الصافات العديد من أنواع العذاب التي تترتب على طعام شجرة الزقوم الذي يورث العطش الشديد، فأهل النار إذا ما أكلوا منها كان لهم شراب فيه عذاب جديد.
يقول تعالى في سورة الصافات /67: "أن لهم عليها لَشَوْباً من حميم".
فشراب أهل النار مزيج من حميم -الصديد- والغساق وهو ما يسيل من فروجهم وعيونهم، يقول النبي عليه الصلاة والسلام: "يقرب إلى أهل النار ماء إذا أدني منهم شوى وجهه، ووقعت فروة رأسه فيه، فإذا شربه قطع أمعائه، حتى تخرج من دبره".
أمَّا إذا جاع أهل النار أكلوا من شجرة الزقوم ثم يشربون من ذلك الشراب الذي قال عنه تعالى في سورة الكهف /29: "وان يستغيثوا يُغاثوا بماءٍ كالمُهل يشوي الوجوه".
و"ماء المهل" في الآية الكريمة وفي حديث للنبي صلى الله عليه وسلم هو ماء كعكر الزيت إذا قرب إليه سقطت فروة وجهه منه، ثم وردت في القرآن الكريم سبعة عشرة آية للفظ حميم الذي وصف به شراب أهل النار.يقول الحق في سورة يونس /4: "والذين كفروا لهم شرابٌ من حميم وعذابٌ أليمٌ بما كانوا يكفرون".
واثر العذاب لأكلهم من الشجرة والشراب الحميم فإنهم يساقون إلى مثواهم في الجحيم يقول عزّ وجلّ في سورة الصافات /68: "ثم إن مرجعهم لإلى الجحيم".
فحرَّف ثم في الآية الكريمة يضيف معنى جديداً للآية، لأنّه يفيد التمهل والعطف ترتيب حدّ الأفعال فهذا جزاءهم لأنّهم وجدوا آباءهم على الضلالة فاتبعوهم فيها من غير دليل ولا برهان بقوله الكريم في سورة الصافات /70: "ألفوا آباءهم ضآلين . فهم على أثارهم يُهرعون".