منتديات إنما المؤمنون إخوة (2024 - 2010) The Believers Are Brothers

(إسلامي.. ثقافي.. اجتماعي.. إعلامي.. علمي.. تاريخي.. دعوي.. تربوي.. طبي.. رياضي.. أدبي..)
 
الرئيسيةالأحداثأحدث الصورالتسجيل
(وما من كاتب إلا سيبلى ** ويبقى الدهر ما كتبت يداه) (فلا تكتب بكفك غير شيء ** يسرك في القيامة أن تراه)

IZHAR UL-HAQ

(Truth Revealed) By: Rahmatullah Kairanvi
قال الفيلسوف توماس كارليل في كتابه الأبطال عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "لقد أصبح من أكبر العار على أي فرد مُتمدين من أبناء هذا العصر؛ أن يُصْغِي إلى ما يظن من أنَّ دِينَ الإسلام كَذِبٌ، وأنَّ مُحَمَّداً -صلى الله عليه وسلم- خَدَّاعٌ مُزُوِّرٌ، وآنَ لنا أنْ نُحارب ما يُشَاعُ من مثل هذه الأقوال السَّخيفة المُخْجِلَةِ؛ فإنَّ الرِّسَالة التي أدَّاهَا ذلك الرَّسُولُ ما زالت السِّراج المُنير مُدَّةَ اثني عشر قرناً، لنحو مائتي مليون من الناس أمثالنا، خلقهم اللهُ الذي خلقنا، (وقت كتابة الفيلسوف توماس كارليل لهذا الكتاب)، إقرأ بقية كتاب الفيلسوف توماس كارليل عن سيدنا محمد -صلى الله عليه وسلم-، على هذا الرابط: محمد بن عبد الله -صلى الله عليه وسلم-.

يقول المستشرق الإسباني جان ليك في كتاب (العرب): "لا يمكن أن توصف حياة محمد بأحسن مما وصفها الله بقوله: (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِين) فكان محمدٌ رحمة حقيقية، وإني أصلي عليه بلهفة وشوق".
فَضَّلَ اللهُ مِصْرَ على سائر البُلدان، كما فَضَّلَ بعض الناس على بعض والأيام والليالي بعضها على بعض، والفضلُ على ضربين: في دِينٍ أو دُنْيَا، أو فيهما جميعاً، وقد فَضَّلَ اللهُ مِصْرَ وشَهِدَ لها في كتابهِ بالكَرَمِ وعِظَم المَنزلة وذَكَرَهَا باسمها وخَصَّهَا دُونَ غيرها، وكَرَّرَ ذِكْرَهَا، وأبَانَ فضلها في آياتٍ تُتْلَى من القرآن العظيم.
المهندس حسن فتحي فيلسوف العمارة ومهندس الفقراء: هو معماري مصري بارز، من مواليد مدينة الأسكندرية، وتخرَّجَ من المُهندس خانة بجامعة فؤاد الأول، اشْتُهِرَ بطرازهِ المعماري الفريد الذي استمَدَّ مَصَادِرَهُ مِنَ العِمَارَةِ الريفية النوبية المَبنية بالطوب اللبن، ومن البيوت والقصور بالقاهرة القديمة في العصرين المملوكي والعُثماني.
رُبَّ ضَارَّةٍ نَافِعَةٍ.. فوائدُ فيروس كورونا غير المتوقعة للبشرية أنَّه لم يكن يَخطرُ على بال أحَدِنَا منذ أن ظهر وباء فيروس كورونا المُستجد، أنْ يكونَ لهذه الجائحة فوائدُ وإيجابيات ملموسة أفادَت كوكب الأرض.. فكيف حدث ذلك؟!...
تخليص الإبريز في تلخيص باريز: هو الكتاب الذي ألّفَهُ الشيخ "رفاعة رافع الطهطاوي" رائد التنوير في العصر الحديث كما يُلَقَّب، ويُمَثِّلُ هذا الكتاب علامة بارزة من علامات التاريخ الثقافي المصري والعربي الحديث.
الشيخ علي الجرجاوي (رحمه الله) قَامَ برحلةٍ إلى اليابان العام 1906م لحُضُورِ مؤتمر الأديان بطوكيو، الذي دعا إليه الإمبراطور الياباني عُلَمَاءَ الأديان لعرض عقائد دينهم على الشعب الياباني، وقد أنفق على رحلته الشَّاقَّةِ من مَالِهِ الخاص، وكان رُكُوبُ البحر وسيلته؛ مِمَّا أتَاحَ لَهُ مُشَاهَدَةَ العَدِيدِ مِنَ المُدُنِ السَّاحِلِيَّةِ في أنحاء العالم، ويُعَدُّ أوَّلَ دَاعِيَةٍ للإسلام في بلاد اليابان في العصر الحديث.

أحْـلامٌ مِـنْ أبِـي (باراك أوباما) ***

 

 زراعة ونقل الأعضاء

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 52644
العمر : 72

زراعة ونقل الأعضاء Empty
مُساهمةموضوع: زراعة ونقل الأعضاء   زراعة ونقل الأعضاء Emptyالأحد 16 أبريل 2023, 6:11 am

الأزهر الشريف
مجمع البحوث الإسلامية
المؤتمر الثالث عشر
(
زراعة ونقل الأعضاء)
(المذاهب الإسلامية ووحدة الأمة)
زراعة ونقل الأعضاء Ocia_a29
لفضيلة الأستاذ الدكتور محمد رأفت عثمان
بحث مقدم إلى مؤتمر مجمع البحوث الإسلامية الثالث عشر
13 ربيع أول 1430هـ - 10 مارس 2009م

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمرسلين، وأشرف الخلق أجمعين محمد بن عبد الله الهادى الأمين، الذى أرسله الله رحمة للعالمين، وعلى آله الطيبين الطاهرين وأصحابه جميعًا، ومن اقتدى بهديه واتبع سُنَّتَهُ وشريعته إلى يوم الدِّين.. وبعد:

تمهيد:
الفُقَهَاء القُدامى ونقل الأعضاء
نُحِبُّ فى بداية الكلام فى هذا الموضوع أن نُبَيّن أن فقهاءنا القُدامى بحثوا مسألة معالجة شخص عن طريق قطع جزء من جسم شخص آخر يستفيد به المريض، وصرَّح بعضهم بحُرمة ذلك، فمثلاً: نجد فى كتاب "مغنى المحتاج"، وهو من كتب فقهاء الشافعية الذى ألفه مؤلفه محمد الشربينى الخطيب، من علماء الشافعية فى القرن العاشر الهجرى، نجد المؤلف يقول -وهو يشرح كلام النووى فى هذا المجال فى كتابه منهاج الطالبين-: "ويحرم جزمًا على شخص قطعه أى بعض نفسه لغيره من المضطرين؛ لأن قطعه لغيره ليس فيه قطع البعض لاستبقاء الكل" (1)، ومعنى العبارة التى علل بها الفقيه الشافعى هذا الحكم الذى بيَّنه أن قطع هذا الجزء منه ليس لاستبقاء كل جسمه لكى يكون مباحًا من باب القاعدة التى يقول: "يتحمل الضرر الأخف لدفع الضرر الأعظم"، وليس الحال هناك كذلك.

وتُبَيّن كتابات الفُقَهَاء القدامى أن الكرامة الإنسانية يجب الحفاظ عليها سواء كان الإنسان حيًّا أم ميتًا، وسواء كان الشخص مسلمًا أو غير مسلم، فبينوا أن حرمة الميت أمر يجب احترامه جدًّا، ولا يجوز أن تنتهك حرمة الميت إلا لأمر خطير، وبلغ التشدد فى هذه الناحية أننا وجدنا أحد فقهاء الحنابلة، وهو الشيخ البهوتى يقول فى كتابه "كشاف القناع": "وإن ماتت حامل بمن يرجى حياته حرم شق بطنها من أجل الحمل، مسلمة كانت أم ذمية "أى مواطنة غير مسلمة كالمسيحية أو اليهودية" لما فيه من هتك حرمة متيقنة لإبقاء حياة موهومة" (2).

ويفهم من هذا التعليل الذى ذكره الفقيه للحكم الذى أبداه أنه لو تيقنا حياة الجنين كان ذلك جائزًا؛ لأنه يرى أن حياة الحمل موهومة، وهذا ما يتفق ومعارف عصره، لكن الحال الآن غير حال العصر الذى كان يعيش فيه البهوتى، وأصبح الآن من الأمور المتيسرة التيقن من حياة الجنين ورؤيته وهو يتحرك فى رحم أمه؛ بل التأكد من حياته قبل أن تبدأ مرحلة تحركه فى رحم أمه، ومن البداية الأولى عند تخصيب البييضة بالحيوان المنوى، وهى المرحلة التى يسميها العلماء مرحلة "الزيجوت"، وهو ما يعطى مبررًا شرعيًا وعقليًا وطبيًّا للقول بإباحة إخراج الحمل إذا كان من الممكن المحافظة عليه خارج الرحم، وإذا كان فقهاؤنا القدامى -غير من يقول برأى البهوتى- يقولون إن ذلك بعد ستة أشهر، وهى أقل مدة الحمل، فإننا نقول: لو لم يبلغ ستة أشهر، وإذا تمكن العلم من أن يهيىء السبيل لبقاء الجنين الذى أخرج حيًّا وهو لازال فى مراحل تكونيه الأولى أن يستمر بقاؤه حيًّا فى حضَّانة خارج رحم أمه، وتغذيته بما يتناسب ومرحلة نموه حتى يكتمل فإن إجراء عملية جراحية لأمه المتوفاة لإخراجه لا نقول إنه مباح فحسب حينئذ بل هو داخل فى الواجبات الشرعية التى تقول إن إنقاذ حياة الإنسان واجب، وسيحدث هذا دون إضرار بالمرأة التى أخرج منها، إلا الضرر الأدبى، وهو انتهاك حرمتها حال الوفاة، وإذا وازنا بين الضررين: ضرر انتهاك حرمة المتوفاة وضرر موت الحمل، فإن القاعدة الشرعية تقول: "إن الضرر الأخف يتحمل لدفع الضرر الأعظم".

وما يُسَمَّى بالعمليات القيصرية الآن التى تجرى لإنزال المولود عند تعسر الأم فى الولادة، فإن الأطباء لا يجرونها إلا بناء على تأكد الطبيب أو الطبيبة من حياة الجنين قبل إجراء هذه العملية الجراحية، فأصبح القول بأن حياة الحمل موهومة لا اعتبار به فى ظل المعرفة العلمية التى نعيش فيها الآن، والفقيه له عذره فى إبداء الرأى الذى نقلناه عنه فلم تكن معارف عصره تؤكد حياة الجنين؛ وأمَّا الآن فالله -عز وجل- بيَّن لنا -بالعلم الذى منحنا إياه- أن حياة الجنين أمر يتأكد منه بسهولة، وقضية عدم جواز انتهاك حرمة الموتى قد يلجأ إليها البعض من الفُقَهَاء المحدثين فى القول بمنع التبرع بالأعضاء بعد الوفاة مع أننا وجدنا الفُقَهَاء القدامى يقولون بإباحة شق بطن الميت من أجل إخراج شىء بلعه له قيمة مالية معتبرة، ومثلوا لهذا بما لو بلع جوهرة أو مالاً لغيره.

كما أباحوا إجراء عملية شق بطن امرأة ماتت وهى حامل فى جنين تجاوز ستة أشهر بيقين، وغلب على الظن أن الطفل المولود سيعيش بعد هذه العملية، قال الشيخ: محمد الشربينى الخطيب فى كتابه مغنى المحتاج (3): "ولو دفنت امرأة فى بطنها جنين ترجى حياته بأن يكون له ستة أشهر فأكثر نبشت وشق جوفها وأخرج تداركًا للواجب؛ لأنه يجب شق جوفها قبل الدفن، وإن لم ترج حياته لم تنبش، فإن لم تكن دفنت -يعنى فى حال الجنين الذى لم ترج حياته- تركت حتى يموت، ثم تدفن".

هذا كلام الشربينى الخطيب، وإن كنا نختلف مع الشيخ فى رأيه أنه لو لم ترج حياة الجنين يترك حتى يموت ثم تدفن أمه، فنقول يجب اتخاذ كل وسيلة طبية لإنقاذ الجنين ولو لم يرج حياته، فقد يكتب له الحياة مع ظاهر أو ظواهر لا تعطى الأمل فى حياته.

ويقول النووى فى المجموع -وهو أحد كبار فقهاء الشافعية المرموقين-: "وإذا ماتت امرأة وفى جوفها جنين حى يشق جوفها؛ لأن استبقاءه بإتلاف جزء من الميت فأشبه إذا ما اضطر إلى أكل جزء من الميت.

ويقول ابن عابدين -وهو أحد كبار فقهاء الحنفية المشتهرين-: "حامل ماتت وولدها حى يضطرب، يشق بطنها من الأيسر ويخرج ولدها".

وقول ابن قدامة -وهو أيضًا من مشاهير كبار فقهاء الحنابلة-: "يحتمل أن يشق بطن الأم إن غلب على الظن أن الجنين يحيا.

وقال ابن حزم -عالم فقه الظاهر-: "ولو ماتت امرأة حامل والولد حى يتحرك قد تجاوز ستة أشهر فإنه يشق بطنها طولاً ويُخرج الولد لقول الله -تعالى-: {وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا} (4)، ومن تركه عمدًا حتى يموت فهو قاتل نفس (5).

ومن القواعد الشرعية أيضًا التى راعاها العلماء وساروا عليها فى فتاواهم أنه إذا اجتمعت المصلحة والمفسدة وكانت المصلحة أعظم قدم جانب المصلحة يقول العز بن عبد السلام (6): "إذا اجتمعت مصالح ومفاسد فإن أمكن تحصيل المصالح ودرء المفاسد فعلينا ذلك امتثالاً لأمر الله -تعالى- فيهما لقوله -سبحانه وتعالى-: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} (7).

وإن تعذر الدرء والتحصيل فإن كانت المفسدة أعظم من المصلحة درأنا المفسدة ولا نبالى بفوات المصلحة، قال الله -تعالى-: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِمَا} (8).. حرمهما الله لأن مفسدتهما أكبر من منفعتهما.

"أمَّا منفعة الخمر فبالتجارة ونحوها؛ وأمَّا منفعة الميسر فبما يأخذه القامر من المقمور؛ وأمَّا مفسدة الخمر فبإزالتها العقول، وما تحدثه من العداوة والبغضاء والصد عن ذكر الله وعن الصلاة، وهذه مفاسد عظيمة لا نسبة إلى المنافع المذكورة إليها، وإن كانت المصلحة أعظم من المفسدة حصلنا المصلحة مع التزام المفسدة، وإن استوت المصالح والمفاسد فقد يتخير بينهما وقد يتوقف فيهما، وقد يقع الاختلاف فى تفاوت المفاسد".

ثم بدأ العز بن عبد السلام يذكر أمثلة للأفعال المشتملة على المصالح والمفاسد من رجحان مصالحهما على مفاسدهما، وقسم هذه المصالح إلى أربعة أقسام: أحدها ما يباح، والثانى ما يجب لعظم مصلحته، والثالث ما يستحب لزيادة مصلحته على مصلحة المباح، والرابع مختلف فيه.

وذكر أمثلة لكل قسم، ومن الأمثلة التى ذكرها لفعل المصلحة التى هى أعظم من المفسدة فيكون فعل المصلحة واجبًا ما قاله: "نبش الأموات مفسدة محرمة، لما فيه من انتهاك حرمتهم، لكنه واجب إذا دفنوا بغير غسل، أو وجهوا إلى غير القبلة؛ لأن مصلحة غسلهم وتوجيهم إلى القبلة أعظم من توقيرهم بترك نبشهم.." وقال: "ولو ابتلعوا جواهر مغصوبة شقت أجوافهم"، وقال: "وكذلك شق جوف المرأة على الجنين المرجو حياته؛ لأن حفظ حياته أعظم مصلحة من مفسدة انتهاك حرمة أمه"؛ فلم يقل هؤلاء العلماء بأن عدم جواز اننتهاك حرمة الموتى يمنع شق بطن المتوفاة لأمر أخطر وأهم كإنقاذ حياة الجنين بعد وفاة والدته؛ بل وجدناهم يجيزون ذلك فى ما هو أقل من الجنين مكانة، وهو إذا بلع الميت قبل وفاته جوهرة مثلاً أو مالاً له قيمة لغيره، ولم يمكن الحصول على هذا المال المبلوع إلا بواسطة شق البطن.

وننتهى من هذا القول بجواز أخذ عضو من المتوفى يؤدى إلى إنقاذ حياة إنسان أو إزالة ضرر شديد عنه كما لو تمكن العلم من أن يتوصل إلى الاستفادة بقلب المتوفى الوفاة الحقيقية التى نعرفها ويعرفها آباؤنا وأجدادنا، لا وفاة "جذع المخ" التى لازال الجدل العلمى العالمى يدور حولها، هل هى وفاة حقيقية أم حالة مرضية يمكن أن يعود من اعترته هذه الحالة إلى حالته قبلها.

وموت "جذع المخ" اصطلاح مستجد فى الثلث الأخير من القرن العشرين، وكان الدافع إليه تفكير بعض العلماء فى إمكان إجراء عمليات نقل الأعضاء مثل الكبد والقلب، ولما كان من الضرورى لكى تنجح هذه العمليات أن يتم نقل العضو المراد زرعه من جسم شخص آخر من جسم لازال محتفظًا بقلب ينبض ودورة دموية لازالت تعمل بكفاءة؛ فقد وجد هؤلاء ضالتهم فى الأشخاص الذين حدثت لهم الإصابات المخية التى تؤدى إلى تدهور حالة الوعى، ولفترات متفاوتة، مع أن القلب لازال حيًّا، والدورة الدموية لازالت تعمل بكفاءة، وبه من مظاهر الحياة الأخرى الكثير، وقالوا: إن من حدثت له هذه الحالة فى غيبوبة لا رجوع فيها أو فى حالة ميئوس منها (9).

ويحسن هنا أن نُبَيّنَ مراحل موت الإنسان كما بَيَّنَهَا الأطباء ونوالى الكلام فى هذه المسألة لأهميتها البالغة.



زراعة ونقل الأعضاء 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 52644
العمر : 72

زراعة ونقل الأعضاء Empty
مُساهمةموضوع: رد: زراعة ونقل الأعضاء   زراعة ونقل الأعضاء Emptyالأحد 16 أبريل 2023, 6:16 am


ثلاث مراحل لموت الإنسان (10).
المرحلة الأولى:
ويُسَمُّونَهَا الموت الإكلينيكى، وعندها يتوقف كل من القلب والرئتين عن عملهما، ويترتب على هذا أن يتوقف دوران الدم فى الجسم ولا يصل إلى المخ، وهذه الحالة -كما بَيَّنَ العلماء- تستمر أقل من خمس دقائق وهى أقصى مدة يمكن للمخ تحملها فى حرمانه من الأوكسجين والجلوكوز اللذين يصلان إليه عن طريق الدم، وفى هذه المرحلة لاتزال خلايا المخ سليمة، وخلايا أعضاء الجسم المختلفة لازالت هى أيضًا سليمة ولكن الذى توقف فى المريض هو القلب والتنفس، فإذا استطاع الأطباء حينئذ أن يعيدوا تشغيل القلب والرئتين لعملهما سواء كان ذلك ذاتيًا أم عن طريق استعمال الأجهزة الطبية فإن الإنسان يظل على قيد الحياة وهو باتفاق العلماء لا يحكم بموته.

المرحلة الثانية:
وتُسَمَّى بالموت الجسدى، وتحدث عندما يمتد توقف القلب أكثر من خمس دقائق، فإذا حدث هذا فإنه تموت خلايا المخ بما فيها الخلايا المسئولة عن تشغيل القلب والتنفس، وعلى هذا فإنه لا يكون هناك أمل فى عودة ذاتية للقلب والتنفس ويكون الإنسان بهذا قد وصل إلى موت جسدى حقيقى لا عودة منه إلى الحياة كما يفيده العلم الآن.

وفى هذه المرحلة تكون خلايا المخ قد ماتت ويتوقف كل من القلب والتنفس؛ ولكن مع هذا فإن خلايا أعضاء الجسم الأخرى لازالت تؤدى وظيفتها العادية؛ ولهذا فإذا تمكن الأطباء من وضع من اعترته هذه الحالة بسرعة على أجهزة التنفس الصناعى فإن الدورة الدموية والتنفس يستمران فى الوصول إلى خلايا الجسم فتظل حية على الرغم من موت المخ، ومادام الإنسان قد وصل إلى هذه المرحلة فإنه يكون قد مات موتًا لا رجعة منه لموت المخ؛ ولكن مع هذا فإنه إذا ظل موضوعًا على الأجهزة الصناعية فإن خلايا جسمه تظل سليمة لفترة لا يعلمها إلا الله -عز وجل-، ويسمى العلماء هذه الفترة بفترة الحياة الخلوية.

المرحلة الثالثة:
وتُسَمَّى بالموت الخلوى، وهى تحدث إذا مات المخ بانتهاء المرحلة الثانية، ولم يتم وضع المريض على أجهزة التنفس الصناعى، وفيها تتوقف الدورة الدموية نهائيًا على أن تصل إلى جميع أجزاء الجسم، وتبدأ خلايا الجسم فى التحلل والتفكك؛ وذلك لأن خلايا الجسم تظل حية مادام يصلها المادتان اللتان لابد منهما فى الحياة وهما الأوكسجين والجلوكوز، وهما يصلان إلى الخلية عن طريق الدورة الدموية فإذا لم يصلا إلى الخلية فإن كل خلية من خلايا الجسم يكون فيها مقدار من هاتين المادتين يظل يعمل إلى أن تستهلكه الخلية ولا يصلها مدد جديد فتبدأ الخلية فى التحلل والتفكك، وهذا ما يسميه العلماء بموت الخلية أو الموت الخلوى.

وقد لا حظ العلماء أن استمرار الخلية فى الحياة بعد توقف القلب يختلف فى الفترة الزمنية من عضو إلى آخر، فخلايا المخ مثلاً وجد أنها لا تتحمل هذا الحرمان أكثر من خمس دقائق، وخلايا العضلات 45 دقيقة، وخلايا قرنية العين 4 ساعات، وخلايا الكبد ساعتين، وأقصى مدة التحمل المعروفة الآن هى فى خلايا الجلد التى تتحمل الحرمان 24 ساعة، وخلايا العظام التى تتحمله لمدة 48 ساعة، وهذه المرحلة الثالثة التى نتكلم عنها الآن هى ما يسميها العلماء مرحلة الموت الخلوى ليست موضع اختلاف بين العلماء؛ بل هناك اتفاق على أنها الموت الحقيقى المعروف عند الناس، فإن الإنسان إذا بلغها يكون قد مات ككائن حى لا رجعة له إلى الحياة، ثم تموت خلايا جسده عضوًا بعد عضو فلا رجعة إلى الحياة كما يفيده العلم الآن.

وحول هذه المراحل الثلاث التى بيناها توجد ناحيتان:
ناحية متفق عليها بين العلماء، وناحية موضع اختلاف بينهم، أمَّا ناحية الاتفاق بينهم فاتفاقهم على أن الإنسان لازال حيًّا فى المرحلة الأولى وهى "الموت الإكلينيكى"، واتفاقهم أيضًا على أنه قد فارقته الحياة فى المرحلة الثالثة وهى "الموت الخلوى".

وأمَّا اختلافهم واستمرار الجدل والحيرة والنزاع بينهم الذى لم يتوقف إلى الآن فهو حول المرحلة الثانية وهى مرحلة "الموت الجسدى"، وهى المرحلة التى يكون تشخيصها بأن المخ قد مات ولا رجعة من موته فى حين أن خلايا الجسد لازالت حية وتؤدى وظائفها، فالإجابة لازال مختلفًا فيها حول السؤال هل لازال هذا الإنسان -الذى اعترته هذه الحالة- حيًّا أم أنه قد فارق الحياة يقينًا؟.

ما هو "جذع المخ" على وجه التحديد؟:
إذا كان الكلام السابق عن المخ وعلاقته بالقلب والتنفس فإنما كان هذا الكلام على سبيل التجوز فى التعبير؛ وذلك لأن هناك جزءًا محددًا من المخ هو المراد بالكلام فى هذا الموضوع الخطير، وهو الجزء الذى تقع فيه مراكز القلب والدورة الدموية والتنفس، والذى يسميه العلماء: "جذع المخ".

والسؤال الآن:
ما هو "جذع المخ"؟،
وما هى وظيفته؟،
ومِمَّ يتركب؟،
وأين يقع من المخ؟.


ولكى تتم الإجابة عن هذه الأسئلة لابد من معرفة مكونات المخ أو على الأصح "الدماغ"؛ وذلك لأن المخ جزء من الدماغ، والدماغ جزء من الجهاز العصبى للإنسان.

ويوضح ذلك ما يأتى:
الجهاز العصبى عند الإنسان مكون من جزئين:
أحدهما: الجهاز العصبى المركزى.
الثانى: الجهاز العصبى الطرفى.

والجهاز العصبى المركزى يتكون هو الآخر من جزئين:
أحدهما: الدماغ، وهو الجزء الذى يقع داخل جمجمة الإنسان.
والثانى: الحبل الشوكى، وهو يبدأ من الدماغ ويسير داخل العمود الفقارى حتى نهايته أسفل ظهر الإنسان، ومن هذا الحبل الشوكى وعلى جانبيه تخرج الأعصاب التى تكون الجهاز العصبى الطرفى، والتى تغذى الأطراف العليا والسفلى، وجدار الصدر والبطن.

أجزاء الدماغ:
يتكون الدماغ من ثلاثة أجزاء هى:
المخ، والمخيخ، والنخاع المستطيل.

وتوضيح معانى هذه الثلاثة على الوجه الآتى:
أولاً: المخ:
وهو  يكون الجزء الأكبر من الدماغ، ويتكون من نصفين كرويين يقعان داخل الجمجمة نصف أيمن، ونصف أيسر.

وكل نصف من هذين النصفين مكون من ثلاثة أجزاء هى:
ا. المخ الأمامى.
2. المخ الأوسط.
3. المخ الخلفى.

وهذه الأجزاء الثلاثة تربطها جميعها شبكة أو جسر من الألياف العصبية يسميها العلماء "القنطرة"، وهذان النصفان الكرويان الأيمن والأيسر اللذان يقعان داخل الجمجمة ويتكون منهما المخ يغطيهما من الخارج طبقة سميكة يسميها العلماء: القشرة المخية، تتركز فيها معظم الخلايا العصبية للمراكز العليا، وهى مراكز التفكير والوعى والذاكرة ومراكز الحواس الخمس.

ثانيًا: المخيخ:
وهو يقع أسفل النصفين الكرويين للمخ وإلى الخلف منهما فى مؤخرة الجمجمة، ووظيفة المخيخ هى حفظ توازن الإنسان، وإذا حدث أى خلل فى وظيفته فإن هذا يؤدى إلى حدوث الاختلال فى توازن جسم الإنسان وشعوره  بالدوار.

ثالثًا: النخاع المستطيل:
وهو يمتد من المخ المتوسط إلى الأسفل، وهو الذى يربط المخ بالحبل الشوكى الموجود داخل العمود الفقارى.



زراعة ونقل الأعضاء 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 52644
العمر : 72

زراعة ونقل الأعضاء Empty
مُساهمةموضوع: رد: زراعة ونقل الأعضاء   زراعة ونقل الأعضاء Emptyالأحد 16 أبريل 2023, 6:18 am


مِمَّ يتكون جذع المخ؟
وما هى وظيفته؟
وما هى الأسباب المؤدية إلى موت جذع المخ؟

تكوينه:
يتكون من ثلاثة من الأجزاء التى ذكرناها، وهى:
1. المخ الأوسط.
2. النخاع المستطيل.
3. القنطرة، وهى شبكة الألياف العصبية التى تربط أجزاء المخ المختلفة بعضها ببعض.

وظيفته:
وأمَّا وظيفته فهى القيام بالعمليات الحيوية اللاإرادية التى تتم داخل الجسم الإنسانى دون تفكير مثل التنفس، وخفقان القلب، وضغط الدم؛ كما أنه المعبر الذى تمر خلاله جميع الألياف العصبية الصاعدة والهابطة بين قشرة المخ والمخيخ وعامة أجزاء الجسم؛ ولهذا فإن "جذع المخ" إذا توقف عن وظيقته فإن هذا يؤدى إلى أن يتوقف القلب والتنفس.

أسباب موت "جذع المخ":
وأمَّا أسباب موت جذع المخ فينوعها العلماء إلى نوعين:
1. أسباب خارج "جذع المخ".
2. أسباب داخل "جذع المخ".

الأسباب التى تحدث خارج جذع المخ:
هذه  الأسباب تتمثل أساسًا فى الحالات التى يتوقف فيها القلب والتنفس وهى ما يطلق عليها "الموت الإكلينيكى" وتوقف وصول الدم محملاً بالأوكسجين والجلوكوز إلى "جذع المخ" لمدة أكثر من خمس دقائق، وهذا الموت ليس مثار اختلاف وجدل بين الأطباء؛ وذلك راجح إلى أن خلايا "جذع المخ" تموت فيه موتًا لا رجعة منه.

الأسباب التى تحدث داخل جذع المخ:
هذه الأسباب تشمل الإصابات والحوادث التى تصيب الرأس؛ كما يحدث فى حوادث السيارات، وسقوط الإنسان من مكان مرتفع، ونحو ذلك؛ وهذه الإصابات التى تصيب الرأس تؤدى إلى حدوث تهتك أنسجة المخ وأنزفة دموية به؛ كما تشمل الأسباب جلطات الأوعية الدموية، وأورام المخ التى يحدث بها نزيف دموى أو تلف وتدمير للخلايا (11).

الأعراض التى يتم بها تشخيص موت "جذع المخ":
يعد الأطباء خمسة أعراض وفحوص طبية يتم عن طريقها ذلك الأمر، وهى:
1. الغيبوبة العميقة، وعدم استجابة المريض لأى مؤثر خارجى مهما بلغت قوة هذا المؤثر؛ وذلك مثل الوخز بالإبر، أو تعريضه للضوء الشديد، أو للأصوات العالية.

2. عدم قدرة المريض على التنفس التلقائى لمدة 3، 4 دقائق إذا رفعت عنه أجهزة التنفس الصناعى.

3. انعدام الأفعال المنعكسة التى تدل على نشاط "جذع المخ"، والفعل المنعكس هو حركة أو فعل يستجيب بها عضو من أعضاء الجسم لمؤثر خارجى معين؛ وهذه الحركة أو الفعل المنعكس يتكرر بصورة دائمة وثابتة كلما تعرض العضو لنفس المؤثر فى الأحوال العادية.

ومثال الفعل المنعكس ما إذا وجه الضوء إلى حدقة العين فإنها تضيق فإذا أطفىء أو أبعد عنها الضوء اتسعت وعادت إلى حالتها الأولى وما ماثل هذا، وفى الحالة التى تشخص على أنها حالة موت "جذع المخ" فإن كل الأفعال المنعكسة المرتبطة به تختفى.

4. عند فحص المريض بجهاز رسم المخ الكهربى فإنه لا يعطى أية إشارة تدل على أى نشاط للمخ.

5. عند فحص الدورة الدموية للمخ سواء تم ذلك بالحقن بالصبغة، أو بالموجات الصوتية، أو بحقن المواد المشعة، فإنه لا يظهر أى أثر للدورة الموية بجذع المخ وبصورة ثابتة دائمة (12).

والآن إلى السؤال الصعب، وهو:
هل موت "جذع المخ" يُعَدُّ موتًا حقيقيًا كالموت الذى نعرفه ويعرفه آباؤنا وأجدادنا؟

يوجد اتجاهان فى هذه المسألة:
أحدهما يؤكد أنه الموت الحقيقى الذى لا رجعة منه إلى الحياة، والآخر يرفض هذا ويؤكد أن الحياة لم تفارق المريض بعد، وأن الحالة التى هو فيها هى حالة احتضار؛ فالذين يرون أن موت "جذع المخ" هو موت حقيقى، يقولون إن الإنسان بمجرد أن يموت موتًا جسديًا، أى يتوقف "جذع المخ" والقلب والرئتان عن العمل فإنه يعتبر ميتًا موتًا حقيقيًا حتى لو كان موضوعًا على أجهزة تنفس صناعى تحافظ على استمرار عمل القلب والرئتين، ويرتبون على هذا أنه يجوز انتزاع عضو من أعضائه لزرعها فى مريض محتاج إلى هذا العضو، وهم يرتبون على هذا الرأى جواز انتزاع عضو من جسد من حدثت له حالة موت "جذع المخ"، فهذه الحالة تهيىء لهم فرصة أخذ عضو من أعضاء الشخص؛ لأن الكثير من الأعضاء لا ينجح زرعها فى جسم المريض إلا إذا كانت قد انتزعت من جسم إنسان لازال قلبه ورئتاه يعملان وقبل أن يحدث الموت الخلوى، فإذا حدث أن أصيب الإنسان بتلف فى "جذع المخ" واعتبر ميتًا، واستطاع القائلون بأن موت "جذع المخ" موت حقيقى أن يضعوا هذا الشخص بسرعة على أجهزة التنفس الصناعى التى تحفظ له الدورة الدموية والتنفس، فإن الأطباء والجراحين بإمكانهم أن يأخذوا منه العضو الذى يريدون زرعه فى شخص آخر؛ وذلك لأن كل أعضائه سليمة، وتظل سليمة مادام هذا الشخص موضوعًا على تلك الأجهزة، وأصحاب هذا الاتجاه هم فى الأساس من الأطباء والجراحين العاملين فى مجال نقل وزراعة الأعضاء، ومعهم بعض العلماء والقانونيين المؤيدين لهم.

وأمَّا أصحاب الاتجاه الرافض لاعتبار موت "جذع المخ" موتًا جسديًا وقبل أن يموت موتًا خلويًا فإن حالته تعد حالة احتضار فلم تفارقه الحياة بعد، وأنه لا يصح أن نحكم عليه بأنه مات موتًا حقيقيًا تأمَّا إلا إذا بدأت خلايا جسده فى التحلل والتفكك، أى بدخوله بالفعل فى مرحلة الموت الخلوى، وظهور علاماتها على جسده؛ وذلك مثل ارتخاء جسمه ثم تيبسه وبرودته، والرسوب الدموى وهو ظهور بقع داكنة اللون فى أجزائه القريبة من الأرض فى الجسد الميت لترسب الدماء بها، وشحوب الوجه، وانعدام تعبيراته، وشخوص البصر، واتساع حدقة العين.

وأصحاب هذا الاتجاه هم أساسًا من الأطباء والجراحين الذين يرون أن هذه القضية قضية أخلاقية وشرعية وهى توجب أن تحترم حياة الإنسان، ومعهم بعض العلماء والقانونيين الذين ينهجون نفس منهجهم (13).



زراعة ونقل الأعضاء 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 52644
العمر : 72

زراعة ونقل الأعضاء Empty
مُساهمةموضوع: رد: زراعة ونقل الأعضاء   زراعة ونقل الأعضاء Emptyالأحد 16 أبريل 2023, 6:18 am


ونرى أنه لا يجوز أخذ عضو من أعضاء الشخص الذى حدثت له حالة موت "جذع المخ" لأمور متعددة نستند إليها:
أولاً:
أن الموت الحقيقى الذى تبنى عليه الأحكام الشرعية لا يتحقق إلا بمفارقة الروح للجسد وبهذه المفارقة تتوقف جميع أجهزة الجسد وتنتهى كل مظاهر الحياة، ولا يعتبر الإنسان ميتًا إذا كانت الحياة قد توقفت فقط فى بعض أجزائه، وإنما اعتباره ميتًا يكون بتحقق موته كلية، فلا يبقى فى الجسد حياة؛ لأن الموت زوال الحياة (14).

ثانيًا:
أنه لازال من الأطباء بل من الدول من لا يعترف بأن الشخص الذى حدثت له حالة ما تسمى بموت "جذع المخ" أصبح يعامل باعتباره ميتًا، فمع أن القوانين فى معظم الدول فى عالمنا الآن تعتبر أن الشخص الذى مات "جذع المخ" عنده أصبح ميتًا حتى لو كان قلبه لازال ينبض، فإنه لازال كثير من الدول لا تعده كذلك، وعلى هذا معظم دول العالم الثالث ومنها بعض الدول الإسلامية؛ وكذلك لا تعترف الصين بأن الشخص قد مات الموت الحقيقى، فلا تعترف هذه الدول بالموت إلا إذا توقف القلب عن النبض (15)، وفى الولايات المتحدث مع أن معظم الولايات فيها يعد الشخص ميتًا إذا مات "جذع المخ" عنده فإن بعض الولايات فيها لازالت لا ترى ذلك (16)، واليابان أيضًا لازالت قوانينها تشترط موت كافة أعضاء جسد الإنسان لاعتباره ميتًا فموت الدماغ ليس سببًا كافيًا لتشخيص الموت عندهم (17).

وإذا وجد من الأطباء أو من الدول من يخالف فى اعتبار موت جذع الدماغ موتًا حقيقيًا للشخص، فإن هذا يورث شكًا فى أن الشخص الذى حصلت له حالة موت "جذع المخ" قد مات موتًا حقيقيًا، وإنما احتمال بقائه على قيد الحياة لازال قائمًا، فحالة الشك فى حالة الشخص الذى مات عنده "جذع المخ"، هل مات موتًا حقيقيًا أم لا؟ لا تعطينا الحق فى الحكم بأنه قد مات موتًا حقيقيًا لا رجعة فيه؛ لأنه فى حالة الشك تحكمنا قاعدة شرعية قال بها العلماء، هى: اليقين لا يزول بالشك، وهى إحدى القواعد الفقهية الكبرى التى يبنى عليها الفقه الإسلامى، واستدل العلماء عليها بعدة أحاديث تبين هذه القاعدة، منها قول رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (إذا وجد أحدكم فى بطنه شيئًا فأشكل عليه أخرج منه شىء أم لا، فلا يخرجن من المسجد حتى يسمع صوتًا أو يجد ريحًا) (18)، ومنها الرواية عن عبد الله بن زيد قال: شكى إلى النبى -صلى الله عليه وسلم- الرجل يخيل إليه أنه يجد الشىء فى الصلاة، قال: (لا ينصرف حتى يسمع صوتًا أو يجد ريحًا)، وروى الإمام مسلم عن أبى سعيد الخدرى قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (إذا شك أحدكم فى صلاته فلم يدر كم صلى أثلاثًا أم أربعًا؟ فليطرح الشك وليبن على ما استيقن).

وروى الترمذى عن عبد الرحمن بن عوف قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: (إذا سها أحدكم فى صلاته فلم يدر واحدة صلى أم اثنتين؟ فليبن على واحدة، فإن لم يتيقن صلى اثنتين أم ثلاثًا؟ فليبن على اثنتين، فإن لم يدر أثلاثًا صلى أم أربعًا؟ فليبن على ثلاث وليسجد سجدتين قبل أن يسلم)، قال السيوطى بعد أن ذكر هذا: "اعلم أن هذه القاعدة تدخل فى جميع أبواب الفقه والمسائل المخرجة عليها تبلغ ثلاثة أرباع الفقه وأكثر" (19).

ثالثًا:
لو كان يجوز انتزاع أعضاء من الشخص الذى مات فيه "جذع المخ"؛ لأنه سيموت على وجه التأكيد لجاز ذلك أيضًا فى حالة كل شخص ميئوس من شفائه ويتوقع الأطباء وفاته فى كل لحظة وأخرى، وهذا ما سمعنا أحدًا ولا قرأنا لأحد قال به، ولا يجوز أن يقال هذا الكلام.

رابعًا:
أن حالة الشك تمنعنا من انتزاع أى عضو من أعضاء شخص لازال الشك موجودًا فى موته وحياته بعد موت "جذع المخ"؛ لأنه معرض لضرر من أبلغ الضرر إن لم يكن أبلغه وهو الموت بعد أخذ عضو من أعضائه مع احتمال أن حياته لازالت باقية، ومن المعلوم أن الضرر لا يجوز فى الشريعة بل ولا فى القوانين الوضعية، ويؤكد هذا المعنى أن الأخلاق الطبية والعلمية لا تسمح بأن تجرى تجربة على الإنسان من المحتمل أن تسبب له ضررًا، فلابد أن يكون القائم بالتجربة قد قام بها على الحيوانات وأعطت يقينًا -أو ما يقرب من اليقين- بأن تلك التجربة لا تسبب ضررًا أكثر من ضرر مرضه ولا ضررًا مساويًا له.

خامسًا:
مع تسليمنا بما توصَّل إليه العلم الآن بموت "جذع المخ" وأن موت "جذع المخ" يؤدى إلى وفاة صاحبه، فإننا نقول أن هذا الشخص لم يمت الآن وإنما هو فى سبيله إلى الموت، وهى حالة الاحتضار، ولا يجوز أن نحكم بالموت على المحتضر، قال النووى: "ولو قتل مريض فى النزع وعيشه عيش مذبوح وجب القصاص" وحركة المذبوح مفسرة فى كلام النووى أيضًا بأنها لم يبق إبصار ونطق وحركة اختيار، وقال الشيخ الشربينى الخطيب فى شرحه لكلام النووى: "وحالة المذبوح تسمى حالة اليأس" (20).

وقال الزركشى: "إن المربض لو انتهى إلى سكرات الموت، وبدت مخايله لا يحكم له بالموت حتى يجب القصاص على قاتله" (21).

وفى النهاية فإننا نقول:
أن موت "جذع المخ" حقيقة علمية الآن بحسب ما أسفر عنه العلم المعاصر، لكننا فى نفس الوقت نقول أن حالة الشخص حالة احتضار وهو فى الطريق إلى الوفاة -غالبًا- إلا أنه لم يمت بعد وحالة الاحتضار تمنع أن يقطع أى عضو من أعضاء الشخص المحتضر فلا نحكم عليه بأنه مات، ونقول إذا أمكن للعلم أن يتوصل إلى الاستفادة من أجزاء المتوفى الوفاة الحقيقية فلا تكون مسألة انتهاك حرمة المتوفى مانعًا يمنع من هذه الاستفادة التى تؤدى إلى استبقاء حياة إنسان لزرع القلب، أو رفع ضرر شديد عنه كعملية ترقيع قرنية العين، وزرع الكلى والكبد، وزرع عضو تناسلى يجوز زرعه مما سنبينه فى الصفحات الآتية إن شاء الله تعالى.



زراعة ونقل الأعضاء 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 52644
العمر : 72

زراعة ونقل الأعضاء Empty
مُساهمةموضوع: رد: زراعة ونقل الأعضاء   زراعة ونقل الأعضاء Emptyالأحد 16 أبريل 2023, 6:27 am


زرع الغُدد التناسلية والأعضاء التناسلية
تمهيد:
دوافع زرع الغُدد والأعضاء التناسلية:
هناك عدة أمور تدفع الذكر والأنثى إلى زرع الغدد أو الأعضاء التناسلية:
أحدها: تحصيل النسل:
تحصيل النسل أمر فطرى عند الإنسان جعله الله وسيلة إلى بقاء النوع الإنسانى إلى ما شاء الله، فالإنسان الطبيعى يريد أن ينجب الذرية سواء كان يميل إلى إنجاب الذكور منها أو الإناث أو كليهما؛ إلا أن الإنجاب قد يكون هناك أمر يحول دون حصوله، بأن يكون عند المرأة مانع عضوى يمنعها من الحمل، كما لو كان المبيضان تالفين، أو بهما سبب مرضى لا يجعل البييضة صالحة للتلقيح، أو انسداد قناتى فالوب وهما وسيلتا انتقال البييضات، أو حدث أمر أدَّى إلى إزالة رحم المرأة، أمَّا اختياريًا كعدم الرغبة فى التعرض للحمل، أو اضطرارًا.

وأيضًا بالنسبة للرجل قد يكون عنده عائق عضوى يمنعه من الإنجاب، كأن كانت الخصيتان تالفتين، أو تعجزان عن إنتاج حيوانات منوية، أو يكون صاحبهما قد فقدهما فى حادث، أو أجريت له جراحة أزالتهما، أو انقطع منه عضو الذكورة، أو غير ذلك من أسباب.

الثانى: الحاجة إلى الاستمتاع:
وهو أمر فطرى فى الإنسان كما هو فى الحيوان والطيور، وغيرهما وقد خلق الله -عز وجل- الشهوة فى كل من الرجل والمرأة حتى تكون باعثة مستحثة لهما على بقاء النوع الإنسانى إلى ما شاء الله -عز وجل-، فخلقت شهوة إنزال المنى من الرجل وشهوة تمكين المرأة للرجل منها، حتى تكون الشهوة فيهما وسيلة إلى اقتناص الأولاد بسبب الاتصال الجنسى بين الرجل والمرأة، وهذا -كما بيَّن الإمام أبو حامد الغزالى- كما يجعل الحب الذى يشتهيه الطير فى طريقه لكى يكون وسيلة سوقه إلى الشبكة التى يصاد بها" (22).

ثالثًا: الجمال أو التجميل:
فالمبيضان -بجانب إفرازهما للبييضات- يفرزان هرمون الأنوثة الذى يجعل الأنثى يبدو عليها مظاهر الجمال الحسى الأنثوى كنعومة الجلد وصفائه، ورقة الصوت، وتوزيع الشحوم على مناطق جسمها بصورة تخالف صورة الذكر وتشكل إغراء جنسيًا له، والرجل كذلك عنده هرمونه الخاص به وهو هرمون الذكورة الذى تفرزه الخصيتان، وهو أيضًا ضرورى لإضفاء الذكورة عليه، كخشونة الصوت، ونبات شعر الشارب واللحية، والقوة البدنية، وغير ذلك.

فإذا حدث أن فقدت المرأة مبيضيها، أو فقد الرجل خصيتيه، أو فقدا وظيفتيهما، فإن ذلك يؤدى إلى أن يكون كل من الرجل والمرأة خاليًا من الصفات التى تناسبه، فالمرأة أصبحت خالية من الصفات التى تتناسب والأنوثة، والرجل أصبح خاليًا من الصفات التى تتناسب والذكورة، وهذا يؤدى إلى أن يكون كل منهما فاقدًا لصفات الجمال التى تناسب نوعه، وينشأ عن هذا -فى الغالب من أحوال الناس- حالة نفسية غير مريحة لصاحبها رجلاً كان أم امرأة، وربما أدَّى هذا إلى التأثير فى وضع الشخص الاجتماعى؛ كما أن فقدان أحد الأشياء التى تؤثر فى تحقيق صفة الجمال يؤدى إلى عدم وجود الاستمتاع عند كل من الزوجين بالآخر، أو على الأقل عدم الاستمتاع الكامل بينهما، ويأمل الزوجان أو كلاهما فى تحقيق الشىء المفقود عندهما إذا أجريت جراحة زراعة الغدة التناسلية أو العضو التناسلى للمُحتاج إليه متى توافرت الأسباب الطبية لنجاح عملية الزرع.

وأمَّا التجميل فتدعو إليه حاجة كل من الرجل والمرأة إذا كان عضو من الأعضاء التناسلية الخارجية يبدو على غير الهيئة الطبيعية التى خلق الله الإنسان الطبيعى عليها، أو أدت جراحة إلى تشويه صورته، كقطع عضو الذكورة من الرجل، أو كونه ضامرًا ضمورًا شائنًا، أو كون فرج المرأة ليس على الصورة المعهودة فى سائر النساء العاديات" (23).

زرع الغدد التناسلية والأعضاء التناسلية للمرأة والرجل:
يتكون الجهاز التناسلى للأنثى من:
1. أعضاء خارجية.
2. أعضاء داخلية.


الأعضاء الخارجية:
 تتكون الأعضاء الخارجية من قمة العانة، والشفرين الغليظين، والشفرين الصغيرين، والبظر، وغشاء البكارة، وغدة بارثولين Barholin Gland.

الأعضاء الداخلية:
تتكون الأعضاء الداخلية للأنثى من المهبل، والرحم، والمبيضين وقناتى فالوب؛ أمَّا المهبل فهو عبارة عن ممر أنبوبى يمتد من الشفرين الصغيرين حتى يتصلب بعنق الرحم، وطول جداره الأمامى حوالى 8سم وطول جداره الخلفى حوالى 10سم، والغشاء المبطن بالمهبل به ثنيات واضحة تزول بتكرار اللقاء الزوجى الخاص؛ وأمَّا الرحم فهو الوعاء الذى ينمو الجنين فى داخله، وهو عضو عضلى مجوف كمثرى الشكل فى ثلثيه العلويين، وأسطوانى فى ثلثه الأسفل، ويبلغ طوله حوالى 7.5سم، وعرضه 5سم، وسمكه 3سم للمرأة التى لم يسبق لها الحمل، والرحم مثبت فى موضعه بواسطة مجموعة من الأربطة تسمح له بالزيادة التدريجية أثناء الحمل ليتضاعف حجمه حتى يصل إلى حوالى ثلاثة آلاف ضعفه فى نهاية الحمل؛ وأمَّا المبيضان فيوجدان على الجانبين، أحدهما فى الجهة اليمنى، والثانى فى الجهة اليسرى وهما يقعان على جهة قناتى فالوب، والمبيض فى المرأة هو عضو التأنيث المقابل للخصية عند الرجل.

ويقوم المبيض بمهمتين:
إحداهما:
بوصفه غدة تفرز الهرمونات الأنثوية الضرورية "استروجين، وبروجيسترون"، التى تعد من ضروريات إبراز أنوثة المرأة، فتعطيها الشكل الأنثوى الجميل، كنعومة الجلد وصفائه، ونعومة الصوت، وتوزيع الشحوم على الجسم، وتمكنها من أن تقوم بدورها فى العملية التناسلية.

والمهمة الثانية:
هى إنتاج البييضات الناضجة ابتداء من سن البلوغ حتى سن اليأس، فإذا التقى بها الحيوان المنوى من الرجل تم الحمل، وقناتا فالوب هما قناتان تخرجان من جانبى الرحم، وطول كل منهما يتراوح ما بين 10سم إلى 15سم، وقطر كل منهما الداخلى يتراوح ما بين 6 إلى 8 سم، وتتجه إحدى القناتين لليمين والأخرى لليسار، وهما يمثلان قناتى اتصال بين جسم الرحم والمبيضين (24).



زراعة ونقل الأعضاء 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 52644
العمر : 72

زراعة ونقل الأعضاء Empty
مُساهمةموضوع: رد: زراعة ونقل الأعضاء   زراعة ونقل الأعضاء Emptyالأحد 16 أبريل 2023, 6:28 am


حكم زرع المبيض فى جسم امرأة أخرى:
لا يجوز أن ينقل مبيض من امرأة فيزرع فى امرأة أخرى؛ وذلك لأنه لو تم نقل المبيض من أنثى إلى أنثى أخرى فإنه يتم نقله بما يحويه من بييضات تحمل المورثات التى ورثتها الأنثى -المنقول منها المبيض- من والديها إلى الأنثى الأخرى التى تم نقل المبيض إليها، فمن الأمور التى توصل إليها العلماء أن البييضات خلقها الله -عز وجل- فى مبيض الأنثى منذ ولادتها، إلا أن البييضات لا تنضج إلا فى ميعادها، فإذا حدث نقل للمبيض من أنثى إلى أنثى أخرى فإنه بهذا النقل نكون قد نقلنا المبيض بما يحتويه من بييضات تحمل المورثات للأنثى التى نقل مبيضها إلى الأنثى الأخرى المنقول إليها، وينتج عن هذا أن المرأة التى أخذ مبيضها سيقوم هذا المبيض بتوريث صفاتها الوراثية للجنين فى رحم المرأة الأخرى، وكأن هذا العمل هو نقل لبييضة من امرأة إلى أخرى، وخصبت هذه البييضة المنقولة إلى المرأة الثانية بحيوان منوى من زوج هذه الثانية، وهو ما يؤدى إلى اختلاط الأنساب (25)؛ لأن المولود سينسب -من حيث الأمومة- إلى المرأة المتلقية للمبيض مع أنها فى الحقيقة ليست أمه وإنما أمه هى صاحبة المبيض، وعلى هذا فإن نقل المبيض من امرأة إلى أخرى لا يجوز شرعًا؛ لأنه يؤدى إلى اختلاط الأنساب وهو ممنوع شرعًا، وما يؤدى إلى الممنوع يكون ممنوعًا.

حكم نقل الرحم:
نرى عدم جواز نقل الرحم من امرأة إلى أخرى استنادًا إلى نواح ثلاث:
الناحية الأولى:
الأدلة الثلاثة الأولى التى استدللنا بها لتحريم استئجار الأرحام عند كلامنا فى هذه القضية فى الفصل الثالث.

وهذه الأدلة الثلاثة هى:
1. عدم وجود زوجية بين صاحب الحيوان المنوى وصاحبة الرحم.
2. عدم جواز وضع حيوان منوى من رجل فى رحم امرأة لا يحل له الاستمتاع بها.
3. عدم قابلية الرحم للبذل والإباحة.

وقد فصَّلنا الكلام عن هذه الأدلة عند تناول قضية استئجار الأرحام.

ونزيد هنا كلامَّا عن الدليل الثالث فنقول:
وأقوى ما يستدل به فى القضيتين:
استئجارالأرحام، ونقل الرحم هو هذا الدليل الثالث لوجود الصلة الوثيقة بين الأبضاع (26) والأرحام، فإذا حرم الانتفاع بالفرج بالاستمتاع عن طريق الجماع، فإنه كذلك يحرم الانتفاع بالرحم بالحمل، فما الرحم إلا مستقر ومستودع لما يقذف فى البضع من نطفة تحمل الحيوانات المنوية التى تلتقى بالبييضات فيتكون خلية أولى هى ما تسمى "الزيجوت" من حيوان منوى وبييضة، تنقسم إلى خليتين، فأربع، فثمان، وهكذا حتى يكتمل نمو الجنين ويولد، فهى رحلة للجنين المخلوق تبدأ من البضع وتنتهى بالرحم، وحكم هذه الرحلة واحد، فلابد أن تكون مباحة من بدايتها ونهايتها، وإلا كانت حرأمَّا من بدايتها كذلك إلى نهايتها، وإذا كانت هذه هى الوظيفة الواضحة للرحم فكيف تبذلها صاحبتها بنقلها منها إلى امرأة أخرى، فينتفع بها غير زوج صاحب الرحم، مع أن زوج صاحبة الرحم -أى المتبرعة- هو وحده الذى يحل له أن ينتفع بالاستمتاع ببضعها ورحمها بالجماع والحمل؟!.

الناحية الثانية:
عدم جواز أن يتبرع الإنسان بعضو وحيد عنده: يدل أيضًا على عدم جواز نقل الرحم أن الإنسان لا يجوز له أن يتبرع بعضو منفرد فى جسمه، كالقلب، والكبد، والبنكرياس؛ لأن ذلك سيؤدى إلى الإضرار بنفسه، والضرر ممنوع بنصوص الشرع فى الكتاب الكريم والسنة النبوية الشريفة، وبإجماع علماء الأمة، وبالدليل العقلى، والرحم عضو وحيد فى المرأة، ومع أن المتبرع بعضو وحيد سيزيل الضرر بتبرعه عن غيره، فإن هذا ليس مبررًا للإباحة، للقاعدة الشرعية المستقرة فى الشريعة وقواعدها الفقهية "أن الضرر لا يزال بالضرر"، وقد بيَّن العلماء أن الضرر لا يجوز ولو برضا الذى سيصيبه الضرر، وعللوا هذا بأنه قد يرضى الشخص بالضرر ثم يتغير قلبه فيندم على ما أقدم عليه (27)، والندم هو نوع من الضرر النفسى والضرر مطلقًا ممنوع سواء كان عضويًا أو نفسيًا؛ لأن النصوص جاءت مطلقة فى عدم جواز الضرر، وإذا لم يجز أن يتبرع الإنسان بعضو وحيد فى جسمه فهذا فى الأعضاء الداخلية؛ وكذلك نوافق الدكتور يوسف القرضاوى على أنه لا يجوز التبرع بأحد أعضاء الجسم الظاهرة، كالعين، واليد، والرجل، لأمرين:

الأمر الأول:
أنه يزيل الضرر عن غيره بالإضرار بنفسه وهو ممنوع؛ لأن القاعدة الشرعية -كما بَيَّنَّا قبل هذا- هى أن الضرر لا يزال بضرر مثله.

الأمر الثانى:
أنه يؤدى إلى تشويه صورة المتبرع، ومن الواضح أن التشويه لا يجوز، وقد بيَّن الله -عز وجل- أن تغيير الخلقة بالتشويه هو من أوامر الشيطان، قال -عز وجل- فى مجال توبيخ مشركى مكة إذ عبدوا الأصنام-: {إِنْ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ إِلَّا إِنَاثًا وَإِنْ يَدْعُونَ إِلَّا شَيْطَانًا مَرِيدًا (117) لَعَنَهُ اللَّهُ وَقَالَ لَأَتَّخِذَنَّ مِنْ عِبَادِكَ نَصِيبًا مَفْرُوضًا (118) وَلَأُضِلَّنَّهُمْ وَلَأُمَنِّيَنَّهُمْ وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُبَتِّكُنَّ آذَانَ الْأَنْعَامِ وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ وَمَنْ يَتَّخِذِ الشَّيْطَانَ وَلِيًّا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَقَدْ خَسِرَ خُسْرَانًا مُبِينًا (119)} (28)؛ فكان المشركون يشوهون الحيوانات بقطع آذانها، فإذا ولدت الناقة خمسة أبطن وجاء الخامس ذكرًا يشقون أذنيها، ويحرمون على أنفسهم الانتفاع بها، ويتركونها ترعى وتشرب لا يتعرض لها أحد، وقد حرم الإسلام ذلك، فتشويه خلق الله من المحرمات فى الإسلام، وليس هذا فقط؛ بل نجد النصوص تحث على حسن الهيئة، فقد أنكر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على رجل لم يعتن بنظافة هيئته كما روى الإمام مسلم عن أبى الوليد، وسليمان بن حرب، قالا: حدثنا شعبة عن أبى إسحاق، عن أبى الأحوص، عن أبيه قال: أتيت رسول الله -رضي الله عنه- وأنا قشف الهيئة (29)، قال: (هل لك من مال؟ قلت: نعم، قال من أى المال؟ قلت: من كل المال، من الخيل، والإبل، والرقيق "العبيد"، قال: فإذا آتاك الله مالاً فلير عليك أثره).

الناحية الثالثة:
أن العلماء أجمعوا على تحريم الخصاء -وهو قطع الخصيتين من الرجل- نقل إجماع العلماء على هذا الحكم المحدث الفقيه الإمام الصنعانى، ثم قال: فيلحق بذلك ما فى معناه (30)، وهو يعنى بهذه العبارة أنه يلحق به فى الحكم كل ما يؤدى إلى إبطال صلاحية الإنسان للإنجاب بصورة دائمة، ومن الواضح أن نقل الرحم من امرأة حية إلى امرأة أخرى هو عند المرأة فى معنى "الجب" و "الخصاء" عند الرجل.

نقل قناتى فالوب:
قناتا فالوب يمثلان قناتى اتصال بين جسم الرحم والمبيضين، وهما من الأعضاء التناسلية للمرأة غير الناقلة للمورثات، ولهذا يجوز نقل إحداهما أو كليهما من جسم امرأة إلى أخرى؛ لكن هذا نقيده بما إذا كان تبرعًا بعد سن اليأس أو الوفاة؛ لأن التنازل عن شىء مفيد للإنسان يمكن أن يحتاج إليه فى المستقبل يعرضه للندم بعد ذلك، وأحكام الشريعة لا تريد للإنسان أن يندم إلا فى مجال التوبة من المعاصى، والندم ضرر نفسى والشريعة لا تبيح الضرر سواء كان عضويًا أم نفسيًا.



زراعة ونقل الأعضاء 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 52644
العمر : 72

زراعة ونقل الأعضاء Empty
مُساهمةموضوع: رد: زراعة ونقل الأعضاء   زراعة ونقل الأعضاء Emptyالأحد 16 أبريل 2023, 6:29 am


القول بأنه لا يجوز للإنسان أن يتبرع بشىء من أعضائه مطلقًا:
يرى الشيخ محمد متولى الشعراوى -المفسر المعاصر المشتهر ووافقه آخرون- أنه لا يجوز التبرع بالأعضاء (31) بحجة الإنسان لا يملك جسمه؛ وإنما المالك له هو الخالق -عز وجل-، وإذا كانت ملكية جسم الإنسان -كما فى الكون كله- لله وحده، فإن هذا يمنع من جواز تبرع الإنسان بعضو من أعضائه؛ لأن من المستقر شرعًا أن الإنسان لا يتبرع بشىء إلا إذا كان مالكًا له أو يملك التصرف فيه بالتبرع كالوكيل عن مالكه، هذا المعنى هو الذى يرتكز عليه رأى الشعراوى رحمه الله.

ونقول مع التسليم الكامل بأن كل ما فى الكون بما فيه جسم الإنسان ملك لله -عز وجل-، وهو من ما لا يصح إيمان الشخص إلا بالإيمان به، فإن هذا لا يمنع الإنسان من أن يتصرف فى جسمه بما يحقق المصلحة له أو لغيره فى نطاق الضوابط والقواعد العامة التى لم يقل بها العلماء من عند أنفسهم؛ وإنما اشتقوا هذه الضوابط والقواعد من النصوص الشرعية فى كتاب الله الكريم، وسُنَّة رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، والحال هنا -أى فى تصرف الإنسان فى جسمه بضوابط وقواعد الشرع- كالحال بالنسبة إلى المال مثلاً، فإن الأموال كلها هى أيضًا ملك لله -عز وجل-، ونحن مستخلفون فيها، تنطق بهذا آيات القرآن العظيم.

قال -تبارك وتعالى-: (آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَأَنْفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُمْ مُسْتَخْلَفِينَ فِيهِ ۖ فَالَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَأَنْفَقُوا لَهُمْ أَجْرٌ كَبِيرٌ) (32)، وقال -تبارك وتعالى-: (وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ نِكَاحًا حَتَّىٰ يُغْنِيَهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ ۗ وَالَّذِينَ يَبْتَغُونَ الْكِتَابَ مِمَّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ فَكَاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْرًا ۖ وَآتُوهُمْ مِنْ مَالِ اللَّهِ الَّذِي آتَاكُمْ ۚ وَلَا تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ عَلَى الْبِغَاءِ إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّنًا لِتَبْتَغُوا عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ۚ وَمَنْ يُكْرِهْهُنَّ فَإِنَّ اللَّهَ مِنْ بَعْدِ إِكْرَاهِهِنَّ غَفُورٌ رَحِيمٌ) (33)؛ ولكن مع هذا فإن الله -عز وجل- أباح لنا -بإنعامه علينا- أن نتصرف فى الأموال بوصفها أموالنا، وأضافها إلينا، قال -تعالى-: (وَاعْلَمُوا أَنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ وَأَنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ) (34)، وقال -تعالى فى مجال تحريم الربا-: (وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ وَتُدْلُوا بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ لِتَأْكُلُوا فَرِيقًا مِنْ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالْإِثْمِ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ) (35)، وقال -تعالى فى مجال تحريم الربا-: (فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ ۖ وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ لَا تَظْلِمُونَ وَلَا تُظْلَمُونَ) (36)، وقال -تعالى-: (لَتُبْلَوُنَّ فِي أَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا أَذًى كَثِيرًا ۚ وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ ذَٰلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ) (37)، وقال -تعالى ناهيًا أولياء اليتامى عن أكل أموالهم-: (وَآتُوا الْيَتَامَىٰ أَمْوَالَهُمْ ۖ وَلَا تَتَبَدَّلُوا الْخَبِيثَ بِالطَّيِّبِ ۖ وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَهُمْ إِلَىٰ أَمْوَالِكُمْ ۚ إِنَّهُ كَانَ حُوبًا كَبِيرًا) (38)، وقال -تعالى-: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ ۚ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَٰلِكَ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ) (39)، وقال -تعالى-: (مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ ۗ وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ ۗ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ) (40)، وغير ذلك من آيات يضيف الله -عز وجل- فيها الأموال إلى الإنسان؛ لكن التصرف فى الأموال مضبوط بقواعد عامة لا يجوز لنا أن نتعداها؛ كما وضح ذلك فى الآيات التى ذكرناها، وفيما ورد عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من قواعد وضوابط تنظم التعامل بين الناس فى الأموال والتصرف فيها، فملكية الله -عز وجل- للأشياء كلها فى الكون كله ليست علة مانعة للتصرف من الإنسان فى هذه الأشياء التى هى ملك لله -تبارك وتعالى- فى نطاق قواعد عامة -كما قلنا- بينتها شريعة الله -عز وجل-، فيجوز للإنسان أن يتصرف فى أمواله بالتبرعات والهبات والصدقات، والمهور، والبيع والشراء، والإجارة، وغير ذلك من التعامل المالى الذى أباحه الله -عز وجل-؛ وكذلك جسمه يملكه مع أن المالك الحقيقى له وللكون كله هو الخالق -تبارك وتعالى-؛ ولهذا يجوز للإنسان أن يأذن فى إجراء جراحة له يترتب عليها قطع جزء من جسمه لمصلحته.

وعلى هذا فملكية جسم الإنسان وكل الكون لله -تبارك وتعالى- ليست مانعًا من التبرع ببعض أعضاء الجسم بعد الوفاة الحقيقة إذا أمكن للطب أن يستفيد من أعضاء الشخص المتوفى الوفاة التى يعرفها الجمهور من عامة الناس وخاصتهم، ومن الواضح أن هذا التبرع قد يكون مؤديًا إلى إنقاذ حياة إنسان آخر، أو تحقيق نفع له كبير كالتبرع بقرنية العين، ونسأل: ما الذى يؤذى المتوفى أو ما الذى يخسره؟ ليس هناك ما يخسره؛ بل هناك ما يعطى الأمل فى الثواب له، فالأمل يكون فى ثواب الله -عز وجل- للمتوفى إذا تبرع بعضو بعد وفاته يؤدى إلى إنقاذ حياة إنسان يحتاج إليه، وقد بيَّنا كلام الفُقَهَاء القدامى الذى أباح شق بطن المتوفاة لإنقاذ حياة جنينها، فجاز عندهم انتهاك حرمة الموت لأمر سيترتب عليه إنقاذ حياة إنسان وهو الجنين الموجود فى بطن أمه، وهى حالة اضطرار، وحالة الاضطرار تبرر الترخص فى فعل ما اضطر الإنسان إليه.

وفى هذا المقام معنا دليلان على الإباحة:
أولاً: نصوص القرآن الكريم:
فنجد القرآن الكريم يبين أن الله -عز وجل بعد أن ذكر المحرمات من المأكولات من ميتة وغيرها- استثنى حال الاضطرار، فقال -عز وجل-: (حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ وَالْمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ إِلَّا مَا ذَكَّيْتُمْ وَمَا ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ وَأَنْ تَسْتَقْسِمُوا بِالْأَزْلَامِ ۚ ذَٰلِكُمْ فِسْقٌ ۗ الْيَوْمَ يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ دِينِكُمْ فَلَا تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِ ۚ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا ۚ فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لِإِثْمٍ ۙ فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) (41)، وقال -تعالى-: (قُلْ لَا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَىٰ طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَمًا مَسْفُوحًا أَوْ لَحْمَ خِنْزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ أَوْ فِسْقًا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ ۚ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَإِنَّ رَبَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) (42)، ومع أن هذين النصين الكريمين قد جاءا فى سياق بيان المحرمات من المأكولات فإنهما بعمومهما يفيدان استثناء كل حالات الاضطرار، فيدخل فيها الاضطرار لاستبقاء حياة إنسان بالاستعانة بعضو من إنسان متوفى مع أن الأصل عدم جواز انتهاك حرمة المتوفى.

ثانيًا: القياس:
مع الاستدلال على جواز الانتفاع بعضو من أعضاء المتوفى فى حالة ضرورة استبقاء حياة إنسان يتعرض للموت، أو إزالة ضرر شديد عنه بما يفيده النصان الكريمان اللذان ذكرناهما من آيات الله الحكيم، وهما قوله -تعالى-: (حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ وَالْمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ إِلَّا مَا ذَكَّيْتُمْ وَمَا ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ وَأَنْ تَسْتَقْسِمُوا بِالْأَزْلَامِ ۚ ذَٰلِكُمْ فِسْقٌ ۗ الْيَوْمَ يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ دِينِكُمْ فَلَا تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِ ۚ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا ۚ فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لِإِثْمٍ ۙ فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) وقوله -تعالى-: (قُلْ لَا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَىٰ طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَمًا مَسْفُوحًا أَوْ لَحْمَ خِنْزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ أَوْ فِسْقًا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ ۚ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَإِنَّ رَبَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) نقول: مع الاستدلال بهذين النصين من عموم يدخل فيه كل حالات الاضطرار، فإنه بجانب الاستدلال بهذا العموم أيضًا يمكن أن يستدل بالقياس، ومعلوم أن القياس هو أحد مصادر التشريع الإسلامى عند جمهور علماء أصول الفقه الإسلامى بعد القرآن الكريم وسنة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- والإجماع.. والقياس معناه: إلحاق أمر لم يرد حكمه فى القرآن، أو السنة، أو الإجماع، بأمر ورد حكمه فى أحد هذه الأدلة الثلاثة، والقياس -كما هو مبين فى علم أصول الفقه الإسلامى- له أربعة أركان لابد أن تتحقق فيه، هذه الأركان هى المقيس عليه، ويعبر عنه أيضًا بالأصل، والمقيس ويعبر عنه أيضًا بالفرع، والعلة وهى الوصف المشترك الذى يجمع بين المقيس عليه والمقيس، وهو الذى كان من أجله كان الحكم، وحكم المقيس عليه الذى سنعديه إلى المقيس، هذه هى أركان القياس التى لابد أن تتوفر فى كل قضية يراد الاستدلال فيها بالقياس، فإذا التفتنا إلى القضية التى نتكلم فيها الآن، فإننا نجد أن المقيس عليه هنا أو الأصل هو المأكولات المحرمة المبينة فى كتاب الله الكريم، والمقيس أو الفرع هنا هو انتهاك حرمة المتوفى بأخذ عضو من أعضائه، فلما رخص الله -عز وجل- أكل المأكولات التى حرمتها النصوص الشرعية للاضطرار، فإن العلة وهى الاضطرار موجودة فى حال احتياج إنسان لإنقاذه من الموت إلى نقل عضو من أعضاء المتوفى، أو دفع ضرر شديد عنه بزرع قرنية العين التى تبرع بها المتوفى والتى تدفع عن المتبرع له ضرر العمى، ومادامت علة الإباحة موجودة فى المقيس وهو الفرع فإن الحكم يتعدى المقيس عليه أو الأصل إلى المقيس أو الفرع، فيكون أخذ عضو من أعضاء المتوفى استبقاء لحياة إنسان ودفع ضرر شديد عنه جائزًا استدلالاً بالقياس على إباحة الأكل من الممنوعات التى بينتها نصوص القرآن الكريم، فيكون معنا -إذن- دليلان على جواز نقل الأعضاء البشرية أول هذين الدليلين هو العموم المستفاد من قوله -تعالى-: (حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ وَالْمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ إِلَّا مَا ذَكَّيْتُمْ وَمَا ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ وَأَنْ تَسْتَقْسِمُوا بِالْأَزْلَامِ ۚ ذَٰلِكُمْ فِسْقٌ ۗ الْيَوْمَ يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ دِينِكُمْ فَلَا تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِ ۚ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا ۚ فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لِإِثْمٍ ۙ فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) (43)، وقوله -تعالى-: (قُلْ لَا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَىٰ طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَمًا مَسْفُوحًا أَوْ لَحْمَ خِنْزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ أَوْ فِسْقًا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ ۚ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَإِنَّ رَبَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) (44)، والدليل الثانى فى هذه المسألة هو القياس.



زراعة ونقل الأعضاء 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 52644
العمر : 72

زراعة ونقل الأعضاء Empty
مُساهمةموضوع: رد: زراعة ونقل الأعضاء   زراعة ونقل الأعضاء Emptyالأحد 16 أبريل 2023, 6:30 am


حكم بيع أعضاء الإنسان
مع أننا انتهينا إلى أنه يجوز للإنسان أن يتبرع بأحد أعضائه بعد وفاته إذا أمكن للعلم أن يتوصل إلى الاستفادة من أجزاء المتوفى الوفاة التى نعرفها ويعرفها آباؤنا وأجدادنا، فإنه يجب أن نلاحظ أن هذا لا يكون إلا عن طريق التبرع، ولا يجوز بيع أى عضو من أعضاء الإنسان، فقد بينت النصوص الشرعية حرمة هذا البيع.

ويدل على هذا الأدلة الآتية:
الدليل الأول:
حديث قدسى يقول فيه الله -عز وجل-: (ثلاثة أنا خصمهم يوم القيامة، رجل أعطى بى ثم غدر -أى أعطى بالله عهدًا ثم غدر بالعهد-، ورجل باع حرًّا فأكل ثمنه، ورجل استأجر أجيرًا فاستوفى منه ولم يعطه أجره) (45) أى استوفى منه عمله ولم يعطه الأجر على ذلك؛ فإذا كان الله -عز وجل- سيكون خصمًا لِمَنْ باع حرًّا فإن هذا مبين لعظم الذنب فى ذلك.

اعتراض والرد عليه:
إذا كان يمكن القول بأن الإسلام أقرَّ الرق وهو تملك إنسان وأجاز بيعه، وشرع من الأحكام التى تنظم التعامل مع الرقيق سواء كانوا رجالاً أو نساء، فإن الرد على هذا أن نظام الرق لم يخترعه الإسلام؛ وإنما هو نظام كان موجودًا مستقرًا فى العالم قبل ظهور الإسلام، وكان العالم يعتبره أساسًا من أسس النظام الاقتصادى؛ وكما أنه كان من علامات الثراء ملكية الأراضى والعقارات والدنانير والدراهم والذهب والفضة كان أيضًا من علاماته -فى كثير من الأحيان- ملكية الرقيق، ولم يكن من الحكمة إلغاء هذا النظام فجأة وطفرة فى هذا العصر السائد فيه، ولو تصورنا إلغاء الرق مرة واحدة، فلن تكون الصورة كما هو الأمر بالنسبة إلى الخمر عند تحريمها بعد التدرج فى الحكم، فإن المسلمين عندما بلغهم أن الله حرم الخمر امتنعوا عنها، وسفكوا فورًا ما فى بيوتهم منها فى الشوارع، مع أن الخمر نفسها حرمت تدرجًا لأن شربها كان متأصلاً جدًا فيهم، ولم تحدث مشكلة فى الامتثال لما أمر الشرع، فأريقت الخمور وانتهى الأمر؛ وأمَّا الأمر بالنسبة إلى الرق فلو ألغى فجأة هذا النظام الذى كان سائدًا فى العالم، لكان ذلك مؤديًا -غالبًا- إلى الكثير جدًا من المشكلات التى يغلب على الظن حدوثها فى ظل هذا النظام الذى كان يعتمد فيه الأرقاء -فى مأكلهم وملبسهم ومسكنهم- على سادتهم وهى مشكلات اجتماعية واقتصادية تقع إذا خلَّى بينهم وبين معيشتهم بعيدًا عن سادتهم، أين الأماكن التى سيجدونها تسترهم وتؤويهم؟ إنه يمكن أن ننتظر ثورة الجياع وهى من أشد ألوان ثورات المجتمعات نهبًا للأموال والممتلكات؛ بل يمكن أن تتصاعد تعديًا على الأرواح، وسفكًا للدماء، والجياع هم هؤلاء الذين بلا مأوى، ووجدوا أنفسهم فجأة بلا أشياء تسد ضرورياتهم وحاجياتهم، وهى مشكلة من أكثر المشكلات التى تواجه الإناث "الجوارى" على وجه الخصوص، وقد يلجىء الكثيرات منهن هذا الوضع الجديد إلى الانغماس فى الرذيلة تكسبًا لما يعشن عليه، فكان من كمال الحكمة معالجة هذا الوضع بصور أخرى متعددة، منها تحريم خطف الإنسان واسترقاقه -كما كان يحدث- وجعل إعتاق الرقيق من أفضل الأعمال، قال -صلى الله عليه وسلم-، -كما روى البخارى ومسلم-: (من أعتق رقبة مؤمنة أعتق الله بكل عضو منها عضوًا من أعضائه من النار حتى الفرج بالفرج)، وتبين المصادر أن رسول الله  -صلى الله عليه وسلم- أعتق ثلاثًا وستين نسمة (46)، وجعل الله الإعتاق كفارة لبعض المخالفات التى يرتكبها الإنسان مثل كفارة الحنث فى اليمين، وكفارة الظهار (47)، وكفارة القتل الخطأ، وغير ذلك (48).

ويلاحظ أن ملكية الرقيق لم تكن ملكية لذات الإنسان يتصرف فيها المالك كما يشاء كالأمتعة وسائر المملوكات؛ وإنما كانت ملكية انتفاع كما يباع الآن لاعبو كرة القدم للنوادى (49)، فتختص بهم فى اللعب باسمها، ويدل على أن السيد لا يملك عبده -كما يملك الأمتعة والأشياء الأخرى- أن السيد إذا قَتَلَ عبدهُ قُتِلَ بهِ، بهذا قال الحنفية.

وبهذا قال إبراهيم النخعى -أحد كبار فقهاء التابعين- استنادًا إلى ما يأتى:
أولاً:
أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: (المسلمون تتكافأ دماؤهم) (50).

ثانيًا:
ما رواه الحسن البصرى عن سمرة أن النبى -صلى الله عليه وسلم- قال: (من قتل عبده قتلناه به) (51).

ثالثًا:
من ناحية المعنى، لما كان قتل العبد محرمًا كقتل الحر وجب أن يكون القصاص فيه كالقصاص فى الحر (52)؛ لأن القصاص ما جعل إلا للزجر والردع عن القتل، فلا يجوز بيع أعضاء الإنسان للانتفاع بها فى إنسان آخر، والرق كانت له ظروف خاصة وشرع الإسلام من الأحكام ما يؤدى إلى أن يقضى عليه.

الدليل الثانى:
ثبت من السنة ما يمكن أن يكون دليلاً على أنه لا يجوز بيع جسد المتوفى، فجاء فى الحديث أن نوفل بن عبد الله المحزومى قتله المسلمون يوم معركة الخندق، فبذل الكفار فى جسده عشرة آلاف درهم للنبى -صلى الله عليه وسلم- فلم يأخذها ودفعه إليهم، وإذا كان يحرم بيع الجسد الإنسانى كله، فإنه يحرم كذلك بيع أى عضو منه.

الدليل الثالث:
الإجماع، وهو المصدر الثالث من مصادر التشريع الإسلامى بعد القرآن الكريم والسنة النبوية، وقد نقل الإجماع على عدم جواز بيع الحر الإمام النووى.

الدليل الرابع:
الكرامة الإنسانية التى منحها الله للإنسان، فهى تتنافى مع جعل الإنسان أو جزء منه سلعة تباع وتشترى.

نقل المهبل، ونقل الجهاز التناسلى الخارجى للمرأة
لا يجوز نقل المهبل، ولا يجوز نقل أى عضو من الأعضاء الخارجية للجهاز التناسلى للمرأة؛ لأن استمتاع زوج المنقول إليها بأحد هذه الأعضاء التى ذكرناها هو فى الحقيقة استمتاع بعضو لامرأة لا يحل له الاستمتاع بأى عضو منها ولو باللمس أو النظر، حتى مع كونه لا تنتقل به المورثات.



زراعة ونقل الأعضاء 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 52644
العمر : 72

زراعة ونقل الأعضاء Empty
مُساهمةموضوع: رد: زراعة ونقل الأعضاء   زراعة ونقل الأعضاء Emptyالأحد 16 أبريل 2023, 6:31 am


الحكم بالنسبة للرجل:
زرع خصية رجل فى رجل آخر:
الخصية هى التى يتكون فيها الحيوانات المنوية، وبجانب إفراز الخصيتين للحيوانات المنوية فإنهما تفرزان هرمون الذكورة الذى يجعل الذكر متسمًا بسمات الرجولة كغلظ الصوت بعد رقته وهو صبى، ونبات شعر الوجه واللحية، والقوة البدنية وغيرها، وكان الأطباء فى الماضى يستخدمون خصى الحيوانات فى أغراض متعددة؛ وأمَّا فى العصر الحديث فقد قام الأطباء باستخراج هرمونات الذكورة من الخصى لمعالجة ضعف القدرة الجنسية واستخدموها أيضًا فى علاج بعض أمراض الشيخوخة، وكان أحد الأطباء المشتهرين فى نهاية القرن التاسع عشر الميلادى وهو "برون سيكارد" المؤسس لعلم الغدد الصماء مولعًا باستخدام الخصى لزيادة قوته، فكان يحقن نفسه بمستخلصات خصى الحيونات، على اعتبار أنها تحتوى على مادة تعيد له نشاطه وقوته وشبابه، وكان قد بلغ من العمر -فى هذه الفترة- اثنين وسبعين عامًا.

وفى العقد الأول من القرن العشرين قام الطبيب "يوجين استيناخ" بعمليات زرع الخصى فى الخنازير الغينية المخصية، وادعى أن كل خصائص الذكورة عادت إلى هذه الخنازير بعد عمليات الزرع، وقام أيضًا بزرع خصى ذكور هذه الحيوانات فى إناثها، وأعلن أن هذا أدى إلى ظهور علامات الذكورة فى هذه الإناث.

وفى عام 1913م قامت إحدى المجلات العلمية المشتهرة وهى مجلة الجمعية الطبية الأمريكية "JAMA" بنشر عدة أبحاث ومقالات تدعى أنها تعيد الشباب بحقن الكهول والشيوخ بخلاصة خصى الحيونات أو زرعها فيهم، وعندما تم فحص من زرعت لهم هذه الخصى تبين أن كل الخصى المزروعة قد ضمرت ضمورًا شديدًا، ومع ذلك فإن من زرعت لهم كانوا يقولون إنهم امتلأوا نشاطًا وحيوية بعد عملية الزرع، وفى الثلاثينيات من القرن العشرين أصبح الاعتقاد فى الطب أن تأثير زرع الخصى لا يزيد عن كونه إيحاء نفسيًا، ولهذا فإن المرضى كانوا يشعرون بالتحسن.

وفى عام 1941م قام العالم "كيرنس" بإعادة زرع خصيتين كانتا قد استؤصلتا فى حادث عمل مروع واحتفظ العالم بهما فى الثلاجة أثناء الليل، ثم فى الصباح قام بعملية الزرع فى نفس الشخص الذى حدث له الحادث ونجحت العملية، وأفرزت الخصيتان هرمون الذكورة لكنهما لم تفرزا الحيوانات المنوية (53).

وكانت أول عملية تنجح فى أن تقوم الخصيتان بإفراز الحيوانات المنوية -بجانب إفرازهما لهرمون الذكورة- هى العملية التى أجراها سيلبر "Silber" فى سنة 1971م، وقد قام هذا العالم بنقل خصية من أحد التوائم المتماثلة التى تنتج عن بييضة واحدة ملقحة إلى أخيه التوأم، وكان فاقدًا لخصيته وطبيعى لم يحتج المنقول إليه الخصيتان إلى عقاقير تخفض المناعة كما يحدث عند النقل من شخص إلى آخر فى غير حالة التوأمين المتماثلين؛ لأن التوأمين الناتجين عن بييضة واحدة ملقحة وانقسمت إلى جنينين هما كالشخص الواحد، والجسم لا يعتبر الجزء المزروع غريبًا عنه.

وبعد هذه المحاولة قام بعض الأطباء بإجراء عمليات زرع من هذا النوع، وكان من أكثر الأطباء الذين نجحوا فى هذا المجال هم الأطباء الصينيون، وقد نشرت مجلة زرع الأعضاء العالمية بحثًا قدمه مجموعة من العلماء الصينيين قاموا فيه بإجراء عملية الزرع للخصيتين أربع عشرة مرة لأربعة عشر رجلاً، وكان ذلك فى الفترة ما بين يناير 1948م حتى شهر مايو 1986م، وقد أسفرت العمليات عن نجاح ثلاث عشرة منها، وفى سبع من هذه العلميات تم زرع الخصى من الأب، وفى حالتين منها من الأخ، وفى خمس حالات من متوفى، ولم ترفض أجسام ثلاثة عشر هذه الخصى، ورفض الجسم حالة واحدة فقط، ولكن بعد ذلك زرعت خصية أخرى لهذا الرجل فكان النجاح لهذه العلمية أيضًا.

وفى جميع الحالات كان إفراز هرمونات الذكورة قويًا، وأمَّا إفراز الحيونات المنوية فلم يكن طبيعيًا إلا فى ثلاث حالات فقط، وكان أحد هؤلاء الثلاثة قد حدثت له حادثة أدت إلى جب "قطع" قضيبه ونزع خصيتيه، وكان شابًا فى العشرين من عمره، وكان التبرع من شخص -لا يتصور عادة- إلا أن يكون منه، وهو والد هذا الشاب الذى تبرع لولده بخصيتيه، وأجرى الأطباء جراحة تجميلية له نتج عنها وجود قضيب له، وتزوج هذا الشاب بعد ذلك وأنجب.

زرع الخصية فى الحيوانات
قام العلماء بعمليات إعادة زرع الخصية فى الحيوانات، وكان الفشل فى هذه العمليات فى جانب إفراز الخصية المزروعة للمنى، والنجاح -بصورة عامة- كان فى إفرازها لهرمونات الذكورة، ولكن النجاح -بقدر طيب- كان حليف العلماء فى عمليات الزرع التى أجريت فى الفئران، بشرط أن تكون الفئران متماثلة فى جيناتها، وهو ما يشبه التوائم المتماثلة فى عالم الإنسان، وهى التى تنتج من بييضة واحدة خصبت بحيوان منوى ثم انقسمت إلى جنينين، ولم يحدث فى هذه الحالات أن رفض الجسم الجزء المزروع، وذلك لأن الجسم المزروع فيه لا يعتبر هذا الجزء غريبًا عنه.

ومن التجارب الغريبة التى أجريت فى هذا المجال التجربة التى أجراها العلماء وتم فيها زرع مبايض جنين من أجنة الفئران، ووضعت فوق كلية ذكر بالغ تقوم خصيتاه بإفراز هرمونات الذكورة بشكل سليم، وقد أدَّت هذه التجربة إلى أن المبيض المزروع قد تحوَّل جزء منه إلى خصية، وصار المبيض خنثى حقيقة "مبيض - خصية" وتكونت الأنسجة المنوية، كما تكونت خلايا "ليديج" التى تقوم بعملية إفراز الهرمونات الذكورية، وهذا العمل العلمى يبين أن الغدة التناسلية فى الجنين قابلة للتشكل (54).

والآن ما هو الحكم الفقهى فى زرع خصية رجل فى رجل آخر؟
هناك عدة مراحل تمر بها الخلية الأولى التى ينشأ منها الحيوان المنوى، والتى تحتوى نواتها على 46 كروموزومًا حتى تصل إلى تكوين حيوان منوى قادر على إخصاب البييضة والذى يحتوى على 23 كروموزومًا فقط؛ وكما بين العلماء (55)؛ فإن هذه الرحلة تستغرق حوالى 74 يومًا، ومع أن كل خلية من خلايا الجسم الإنسانى -عدا البييضة والحيوان المنوى- تحتوى على 46 كروموزومًا فإن كلا من الحيوان المنوى والبييضة يحتوى على 23 كروموزومًا فقط حتى إذا خصبت البييضة بالحيوان المنوى -ويطلق عليها فى المصطلح الطبى الحديث: "البييضة الملقحة"، وهى فى التسمية القرآنية: "النطفة الأمشاج" (56)-؛ فحينئذ يتكون منهما خلية واحدة تحمل 46 كروموزومًا، والثلاثة والعشرون كروموزومًا تحمل الصفات الوراثية التى انتقلت من والدى هذا الذكر، سواء كانت صفات طبيعية أو مرضية، وهى بدورها ستننتقل إلى الأولاد ثم إلى الأحفاد عن طريق الجينات التى تحملها هذه الكروموزومات.

والخصية -من حيث وظيفتها- هى مصنع الحيوانات المنوية بواسطة تأثير الهرمونات على المواد الأولية "الخلية الأولى التى تنتج الحيوان المنوى الناضج" الموجود فى الخصية، فهى تحتوى على المواد الأولية التى يتكون منها الحيوان المنوى، فإذا تم نقل الخصية من رجل إلى رجل آخر فإننا نكون بهذا قد نقلنا المصنع -كما تقول الدكتورة: صديقة العوضى، والدكتور: كمال محمد نجيب- الذى سينتج المادة التى هى الحيوان المنوى، وهو مصنع ليس خاصًا بالمنقول إليه؛ وإنما هو مصنع خاص بالمنقول منه، وسينتج حيوانات منوية تحمل الكروموزومات الخاصة بصاحب الخصية ويكون إخصاب بييضة زوجة الرجل -الذى نقلت إليه الخصية- قد تم بحيوان منوى ليس من زوجها؛ وإنما بحيوان منوى من رجل آخر هو صاحب الخصية التى زرعت للزوج، ومن الواضح جدًا أن هذا يؤدى إلى اختلاط الأنساب الممنوع فى الشرع (57)، واختلاط الأنساب هنا هو فى نسبة المولود إلى الزوج مع أن والده فى الحقيقة هو صاحب الخصية التى نقلت منه.



زراعة ونقل الأعضاء 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 52644
العمر : 72

زراعة ونقل الأعضاء Empty
مُساهمةموضوع: رد: زراعة ونقل الأعضاء   زراعة ونقل الأعضاء Emptyالأحد 16 أبريل 2023, 6:31 am


نقل عضو الذكورة من رجل إلى آخر:
قد يحدث حادث لرجل يفقد فيه عضو الذكورة، ويريد أن يعوض هذا الفقد، وتجرى له عملية زرع هذا العضو، فما هو الحكم فى زرعه؟ هذا وإن كان لازال مجرد خيال علمى لم يتحقق بحسب ما نعلم إلى الآن وكما يصرح بهذا المعنى الدكتور: محمد على البار (58).

لكن لو فرض وحدث هذا الزرع فما هو الحكم الفقهى فيه؟
والإجابة:
أنه لا يجوز هذا العمل؛ وذلك لأن الرجل المنقول إليه عضو الذكورة إذا جامع زوجته فإنه فى الحقيقة يجامع بعضو ذكورة أجنبى عنه، هذا العضو هو ذكر رجل لا يحل له أن يجامع زوجة المنقول إليه -سواء كان صاحب هذا الذكر لازال على قيد الحياة أو لحقته الوفاة-، فتكون الزوجة قد جامعت رجلاً آخر غير زوجها، ولهذا نقول بحرمته.

وقد يُقال -كما قال بعض الفُقَهَاء المعاصرين وهو الدكتور: محمد سليمان الأشقر (59) عندما كان يتكلم عن الحكم الشرعى فى الأعضاء المزروعة كالأذن والقلب والكلية وغيرها- هل هى -بعد الزرع- أعضاء خاصة بالمتلقى ولا شأن للمصدر بها لانقطاع تعلقها به أم هى أعضاء خاصة بالمصدر المأخوذة هى منه؟ فبيَّن أنه يرى أنها تابعة للمتلقى ومختصة به، فالعضو المزروع -فى رأيه- يكون عضوًا للمتلقى، مختصًا به، وقد انقطعت علاقته بالمصدر انقطاعًا كليًا، بحيث لا ينبنى -على كونه مصدرًا له- حكم شرعى، وإن كان قد استدرك هو على رأيه -وهذا من سمات العلماء عندما يتبين لهم رأى مختلف عن ما أبدوه- فأفتى فى مسألة زرع الخصيتين بأنه يحرم نقل وزرع الخصيتين لغرض الإنجاب، وكان بهذا موافقًا جماهير الفُقَهَاء المعاصرين لو انتهى رأيه عند هذا الحد، لكنه استثنى صورة قال بجوازها هى أنه إذا أمكن تدمير الخلايا المنوية التى تنقسم وتنطلق منها الحيوانات المنوية بحيث تبقى فى الخصية وظيفة إفراز هرمونات الذكورة التى تضفى على الرجل الصفات الظاهرة المميزة للرجولة كخشونة الصوت، ونبات شعر الشاربين واللحية، ونحو ذلك، وأبطلت وظيفة الإنجاب، فإنه يجوز عنده نقل وزرع الخصيتين بعد تدمير الخلايا المنوية التى فيهما.

وعَلَّلَ للقول بأن العضو المزروع أصبح عضوًا للمتلقى مختصَّا به، وقد انقطعت علاقته بالمصدر انقطاعًا كليًا بالأمور الآتية التى سنذكرها ثم نتبعها بالرد عليها، ومع أن الدكتور: محمد سليمان الأشقر -كما قلنا- رجع عن رأيه، فقال بما يوافق جمهور الفُقَهَاء المعاصرين مستثنيًا فقط صورة ما إذا دمرت الخلايا المنوية التى تنقسم وتنطلق منها الحيوانات المنوية فأفتى بما بيناه، فإن البعض قد يتمسك بهذه الأمور التى بنى عليها الدكتور: محمد سليمان رأيه قبل أن يستدرك هو عليه، ولهذا رأيت ذكرها وإتباعها بالرد عليها.

الأمر الأول:
أن العضو المزروع متصل بالمتلقى اتصالاً عضويًا، فهو يأتمر بالأوامر الواصلة إليه من دماغه، ويتألم الشخص بألم ذلك العضو، ويلتذ بلذته، ويصح بصحته، ويمرض بمرضه، ويحس بما يطرأ عليه من العوارض، وهو الذى يتضرر بقطعه لو قطع، أو جرحه لو جُرح، أمَّا المصدر فبخلاف ذلك.

الأمر الثانى:
أن المفروض أن عملية النقل كانت برضا المنقول منه إن كان حيًّا أو برضا أوليائه إن كان ميتًا، وعلى كل حال فإن ذلك يعتبر تنازلاً عن جميع ما له من الحق فى ذلك العضو، سواء قلنا أن الأعضاء ملك لصاحبها، أو أنها ملك لله مختصة بصاحبها ففى كلتا الحالتين قد زال ملك المصدر أو اختصاصه بتنازله؛ لأنه أمَّا هبة مقبوضة تم قبضها وثبتت بالنقل والالتحام، أو مجرد اختصاص تنازل عنه صاحبه، فما كان من الحق للمصدر انتقل إلى المتلقى انتقالاً كاملاً بحيث لو اعتدى المصدر على ذلك العضو عمدًا كان المتلقى مستحقًا عليه القصاص لو أمكن أو الدية؛ وكذا لو قطع ذلك العضو شخص ثالث، فإن الذى يستحق القصاص أو الدية، أو الأرش "دية الجُرح" هو المتلقى دون المصدر.

الأمر الثالث:
أن المصدر قد يكون ميتًا، والميت إن كان رجلاً لا يقال إنه يقع منه جماع أو إحبال أو استمتاع؛ وكذا إن كان امرأة لا ينسب إليها مثل ذلك.

الأمر الرابع:
أن الأحكام الشرعية المتعلقة بالعضو المنقول لا تلزم المصدر؛ بل تلزم المتلقى.

وذكر الدكتور: محمد سليمان الأشقر أمثلة لذلك منها أن المتلقى لليد مثلاً هو الذى يغسلها فى الوضوء أو الغسل، ولو توضأ المصدر فليس عليه غسل اليد التى تبرع بها، ومنها ما لو حاضت المرأة المتلقية للرحم، فإن أحكام الحيض تتعلق بها ولا شأن بهذه الأحكام للمرأة مصدر الرحم، ومنها ما لو حصل بالجماع الذى حدث بعد نقل الرحم حمل، فطلقت المرأة، فلا يجب عدة على المرأة مصدر الرحم -ولو طلقت- عدة حامل، وأيضًا فإن الولد لا ينسب إليها، ولا يحصل بينهما توارث، ولا يجب إنفاق عليه لها ولا عليها له، وكل هذا مرتبط بالمنقول إليها الرحم.

ثم بيَّن أن هذا لا يعنى أنه يجوز أن يتزوج الولد المرأة المتبرعة بالرحم، أو المتبرعة بالمبيض، معللاً ذلك بأن حرمة الزواج تثبت بأدنى سبب، كما ثبتت بالرضاع، وقد رأى بعض الفُقَهَاء أن المصة الواحدة فى الرضاع تثبت تحريم الزواج، فهذا أولى، فحرمة الزواج لها شأن خاص، فليست كغيرها من الأحكام؛ وذلك لأنها من باب المنع، والنكاح يمتنع بالشبهة.

وقال -بعد أن ذكر ما قلناه-:
"وإذا ثبت أن العضو المزروع -مهما كان نوعه- يكون جزءًا من جسد المتلقى حقيقة، وأن صلته تنقطع انقطاعًا تأمَّا بمصدره، فإن الغدَّة -بعد غرسها فى جسد المتلقى- تكون جزءًا من أجزائه، وما يتولد فيها من الحيوانات المنوية أو البييضات فهو شىء ناشئ من ذات جسد المتلقى حقيقة طبيعية وحقيقة شرعية، وينسب المولود إليه نسبة صحيحة شرعية.

ثم قال:
"وبناء على ذلك لا يصح ما قد يقال من أن ما ينشأ من الحمل عن ذلك هو من قبيل الحمل الناشئ من نكاح الاستبضاع، أو استخدام بذرة شخص ثالث غير الزوجين، ولا ما قد يقال من أن المتلقى يطأ زوجته بذكر غيره، أو يطأ الرجل من زوجته المتلقية فرج امرأة أخرى، أو أن الرحم المنقول هو من قبيل الرحم المؤجر؛ بل هو رحم المتلقية نفسها، فلا مجال للقول بشىء من ذلك كله".



زراعة ونقل الأعضاء 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 52644
العمر : 72

زراعة ونقل الأعضاء Empty
مُساهمةموضوع: رد: زراعة ونقل الأعضاء   زراعة ونقل الأعضاء Emptyالأحد 16 أبريل 2023, 6:32 am


الرد على هذا:
الرَّد على هذا من ناحيتين.
الناحية الأولى:
أن الإجماع قام على عدم جواز أن ينظر الرجل بشهوة إلى عضو منفصل من أعضاء امرأة لا يحل له أن يستمتع بها، سواء كان انفصال العضو أثناء حياة المرأة أم بعد موتها (60)، وفى هذا المجال نجد أبا حامد الغزالى -وهو يتكلم عن حكم وصل الشعر ويمكن اعتبار ما يسمى بالباروكة منه- يبيَّن أن المرأة إذا وصلت شعرها بشعر امرأة أجنبية عن زوجها فإن هذا لا يجوز، وعلل ذلك بقوله: لأن زوجها ينظر إليه (61).

ومن الواضح أن هذا الحكم الذى أجمع عليه العلماء، وهو عدم جواز أن ينظر الرجل بشهوة إلى عضو منفصل من أعضاء امرأة لا يحل له أن يستمتع بها يكون هو نفسه لنظر امرأة لعضو الذكورة المنفصل من رجل لا يحل لها أن تستمتع به فلا فارق بين الصورتين.

ومن الأمور الثابتة عند الفُقَهَاء:
أن اللمس أبلغ من النظر، فإذا حرم النظر حرم اللمس بالأولى، وعلى هذا فإذا تم زرع عضو الذكورة فى زوج هذه المرأة فإن لمس المرأة لهذا العضو -الذى لا يحل لها أن تنظر إليه- سيتحقق عند حصول الجماع بينها وبين زوجها، وهو حرام (62).

الناحية الثانية:
وجود الشبهة: توجد شبهة فى علاقة المصدر بعضو الذكورة المأخوذ منه المزروع فى المتلقى، والشبهات تؤثر فى الأحكام، يبيَّن هذه الشبهة فى بقاء علاقة ما -بين المصدر والمتلقى- أمران:

الأمر الأول:
أنه لو كان عضو الذكورة المزروع قد أخذ من رجل أسود وزرع فى جسم رجل أبيض أو العكس فإن عضو الذكورة سيظل على لونه ولنا أن نتصور الصورة التى سيظهر بها هذا العضو فى جسم المنقول إليه إنه سيتبادر إلى ذهن من يراه -غالبًا- أنه ليس عضوه، وخاصة إذا عرفت هذه العلمية، وعرفها الناس، وشاع استعمالها.

ومادام هناك شبهة فإنه يجب العمل بمقتضاها؛ لأن حرمة الزواج -كما قال الدكتور: محمد سليمان الأشقر نفسه- (63): "لها شأن خاص فليست كغيرها من الأحكام؛ وذلك لأنها من باب المنع، والنكاح يمتنع بالشبهة".

ويحسن بنا هنا أن نُبَيِّنَ معنى الشبهة فى اللسان العربى، وفى اصطلاح الفُقَهَاء، ونذكر بعضًا من الأدلة التى دلت على اجتناب الشبهات.
معنى الشبهة:
الشبهة فى اللسان العربى هى الالتباس، فيقال: شُبَّه عليه الأمر تشبيهًا، أى لُبَّس عليه، واشتبهت الأمور وتشابهت أى التبست فلم تتميز ولم تظهر، ومن ذلك قولهم: اشتبهت القبلة ونحوها (64).

وأمَّا فى اصطلاح علماء الشريعة فعرفت بتعريفات متعددة، فهى ما لم يتيقن كونه حرأمَّا أو حلالاً، وبتعريف ثان هى ما جهل تحليله على الحقيقة وتحريمه على الحقيقة، وبتعريف ثالث هى ما يشبه الثابت وليس بثابت (65).

وقد دلّت نصوص الشرع فى الأحاديث الشريفة على اجتناب الشبهات وأن يستبرئ الإنسان منها؛ لأن فى ذلك احتياطًا فى أمور الدين، قال -صلى الله عليه وسلم-: (الحلال بيَّن، والحرام بيَّن، وبينهما مشبهات لا يعلمها كثير من الناس، فمن اتقى الشبهات استبرأ لدينه وعرضه، ومن وقع فى الشبهات كراع يرعى حول الحمى يوشك أن يواقعه، ألا وإن لكل ملك حمى، ألا إن حمى الله فى أرضه محارمه) (66)، وقسم العلماء اجتناب الشبهات على مراتب منها ما يجب اجتنابه؛ لأن ارتكابه يستلزم ارتكاب الحرام، وهو كل الأمور التى أصلها التحريم، ومثال هذا ما روته كتب السنة عن عقبة بن الحارث أنه تزوج أم يحيى بنت أبى إهاب، فجاءت امرأة فقالت: قد أرضعتكما، فسأل النبى -صلى الله عليه وسلم- فقال: (كيف وقد قيل؟) ففارقها عقبة فتزوجت زوجًا غيره (67)، وفى رواية أخرى رواها البخارى عن عقبة بن الحارث -رضي الله عنه- أنه تزوج ابنة لأبى إهاب بن عزيز فأتته امرأة فقالت: إنى قد أرضعت عقبة والتى قد تزوج بها، فقال لها عقبة: ما أعلم أنك أرضعتينى ولا أخبرتينى، فركب إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بالمدينة فسأله، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (كيف وقد قيل؟) ففارقها عقبة ونكحت زوجًا غيره (68)؛ فهذا يدل على أن الأمر إذا كان فيه شبهة وكان أصله التحريم وجب اجتنابه، وذلك يفهم من قوله -صلى الله عليه وسلم-: (كيف وقد قيل؟) فإن هذا مشعر بأن الرسول -صلى الله عليه وسلم- أمر الرجل بفراق امرأته إنما كان لكون المرأة قالت إنها أرضعتهما، فاحتمل أن يكون كلامها صحيحًا فيكون الرجل مرتكبًا للحرام فأمره الرسول -صلى الله عليه وسلم- بفراقها احتياطًّا (69).

ولهذا المعنى وجدنا فقهاءنا القدامى يبينون أنه لو اشتبهت أخت رجل بعدد محصور من الأجنبيات كنساء قرية صغيرة مثلاً منع من التزوج بكل واحدة منهن حتى يعلم أخته من غيرها، ولو اختلطت زوجته بغيرها فلا يجوز له الجماع، ولا بالاجتهاد، سواء كن محصورات أم لا (70).

قال النووى: قال أصحابنا إذا اختلطت زوجته بنساء واشتبهت لم يجز له وطء واحدة منهن بالاجتهاد بلا خلاف سواء كن محصورات أو غير محصورات؛ لأن الأصل التحريم، والأبضاع يحتاط لها والاجتهاد خلاف الاحتياط، ولو اشتبهت أخته من الرضاع أو النسب أو غيرها من محارمه بنسوة فإن كن محصورات كنسوة بلد كبير فله أن ينكح واحدة منهن بلا خلاف ولا يفتقر إلى اجتهاد، وإن كن محصورات كقرية صغيرة فوجهان: "الصحيح لا يجوز نكاح واحدة منهن ولو اجتهد" (71).

وفى مسألتنا هنا قد حصلت الشبهة فى حل أو تحريم زرع عضو الذكورة، وهذا فى مراتب اجتناب الشبهات من مرتبة ما يجب اجتنابه من الشبهات؛ لأن ارتكابه يستلزم ارتكاب الحرام؛ وذلك لأنه لو كان زرع عضو الذكورة حرأمَّا فإن هذا يؤدى إلى أن يرتكب الزوجان الحرام عند الاتصال الجنسى؛ ولهذا يجب منعه كما منع الرجل من الإبقاء على زواجه بامرأة قالت له امرأة أخرى إنها أرضعتهما.

الأمر الثانى:
أن كل الأمور التى ذكرها الدكتور: محمد سليمان الأشقر لا تلغى الإحساس الطبيعى وهو النفور الذى يمكن أن يعترى أية امرأة علمت بأن ما توطأ به هو ذكر لرجل آخر غير من تزوجته، وقد يكون عضو الذكورة قد أخذ من رجل ميت، فكيف يكون شعور المرأة وهى تتعامل فى لقائها الجنسى مع زوجها وتعلم أن هذا العضو لرجل ميت.

إننا نرى أن المرأة التى تفاجأ بأن عضو الذكورة لزوجها ليس عضوه وإنما هو عضو تلقاه من رجل آخر وتم زرعه فيه لها الحق فى طلب الطلاق أمام القضاء؛ بل نقول ليس ذلك من حقها فحسب، وإنما يجب عليها ذلك شرعًا حتى ولو كانت تعلم بحال زوجها قبل عقد الزواج ورضيت به لكى لا يكون جماعهما محرمًا، ويضاف إلى ما ذكرناه أن هذا يجعلها فى حالة نفسية تتعارض ولحظات اللقاء الجنسى العادية التى تكون بعيدة عن التوتر النفسى بين الزوجين، وإذا لم يكن هناك سكينة نفسية عند اللقاء الزوجى على وجه الخصوص فمتى يكون السكن النفسى الذى امتن الله -عز وجل- على الرجال فى الزواج فقال: (وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً ۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ) (72).

ومن الواضح أن السكن النفسى لابد أن يشعر به كل من الزوجين قبل الآخر، فلا تتحقق السكينة فى الأسرة إذا كانت مفتقدة عند أحد من الزوجين.



زراعة ونقل الأعضاء 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 52644
العمر : 72

زراعة ونقل الأعضاء Empty
مُساهمةموضوع: رد: زراعة ونقل الأعضاء   زراعة ونقل الأعضاء Emptyالأحد 16 أبريل 2023, 6:33 am


ما رأته الندوة الفقهية الطبية
التى أقامتها المنظمة الإسلامية للعلوم الطبية بالكويت

أقامت المنظمة الإسلامية للعلوم الطبية بالكويت بالاشتراك مع مجمع الفقه الإسلامى -التابع لمنظمة المؤتمر الإسلامى بجدة- الندوة الفقهية الطبية السادسة من سلسلة ندواتها حول "الإسلام والمشكلات الطبية المعاصرة" فى الفترة ما بين 23 - 26 من ربيع الأول لسنة 1410هـ الموافق 23 - 26 من أكتوبر سنة 1989م.
 
وكان عنوان الندوة: زراعة الأعضاء
وقد توصلت الندوة بخصوص زرع الغدد التناسلية والأعضاء التناسلية إلى ما يأتى (73).

أولاً: الغدد التناسلية:
انتهت الندوة إلى أن الخصية والمبيض -بحكم أنهما يستمران فى حمل وإفراز الشفرة الوراثية للمنقول منه حتى بعد زرعهما فى متلق جديد- فإن زرعهما محرم مطلقًا؛ نظرًا لأنه يفضى إلى اختلاط الأنساب، وتكون ثمرة الإنجاب غير وليدة من الزوجين الشرعيين المرتبطين بعقد الزواج.

ثانيًا: الأعضاء التناسلية غير الناقلة للصفات الوراثية:
رأت الندوة -بالأكثرية- أن زرع بعض أعضاء الجهاز التناسلى ما عدا العورات المغلظة (74) التى لا تنقل الصفات الوراثية جائز استجابة لضرورة مشروعة، ووفق الشروط والضوابط والمعايير الشرعية التى جاءت فى القرار رقم "1" من قرارات الندوة الرابعة لمجمع الفقه الإسلامى (75) تدعو الندوة جميع الحكومات الإسلامية بأن تسعى لوضع تشريعات لضمان تنفيذ هذه التوصيات.

فهذا ما يَسَّرَ اللهُ -عز وجل- كتابته فى هذا الموضوع وآمل أن يكون -تبارك وتعالى- كتب لى التوفيق فى ما تناولته من قضايا، وأدعوه -سبحانه وتعالى- أن يثيبنى على ما بذلت فيه من جهد المقل، حاولت فيه بقدر وسعى أن أبين الحكم الفقهى فى هذه القضايا، مدللاً عليه بالأدلة الشرعية التى غلب على ظنى أنها تؤدى إلى ما بينته من أحكام.

والله ولى التوفيق،،
أ. د. محمد رأفت عثمان
عضو مجمع البحوث الإسلامية



زراعة ونقل الأعضاء 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 52644
العمر : 72

زراعة ونقل الأعضاء Empty
مُساهمةموضوع: رد: زراعة ونقل الأعضاء   زراعة ونقل الأعضاء Emptyالأحد 16 أبريل 2023, 6:36 am


الهوامش:
1.    مغنى المحتاج لمحمد الشربينى الخطيب جـ4 صـ310.
2.     كشاف القناع لمنصور بن يونس البهوتى جـ2 صـ146.
3.     جـ1 صـ367.
4.     سورة المائدة، الآية: 32.
5.     المجموع للنووى - شرح المهذب للشيرازى جـ5، صـ300، وحاشية ابن عابدين "رد المحتار على الدر المختار" جـ1، صـ628، والمغنى لابن قدامة جـ2، صـ551، والمحلى لابن حزم، وقد ذكر الدكتور: محمد على البار هذه المصادر فى كتابه "الموقف الفقهى والأخلاقى من قضية زرع الأعضاء" صـ163.
6.     قواعد الأحكام فى مصالح الأنام لعز الدين بن عبد السلام صـ74.
7.     سورة التغابن، الآية: 16.
8.     سورة البقرة، الآية: 219.
9.     هل ما يسمى موت "جذع المخ" حقيقة علمية د. شريف عزت فى مقال بصحيفة الأخبار فى 21 مايو 2007م.
10.     اعتمد بحثنا فى هذا الموضوع من الناحية الطبية على بحث الدكتور: رضا الطيب، منشور بمجلة التبيان الصادرة فى شهر جمادى الأولى 1428هـ يونيو 2007م.
11.     "جذع المخ" بين الحياة والموت، د. رضا الطيب -المصدر السابق-.
12.     "جذع المخ" بين الحياة والموت د. رضا الطيب، بحث علمى نشرته مجلة التبيان القاهرية فى جمادى الأولى 1428هـ يونيو 2007م.
13.     "جذع المخ" بين الحياة والموت د. رضا الطيب، بحث منشور بمجلة التبيان -مصدر سابق-.
14.     من فتوى الشيخ جاد الحق على جاد الحق شيخ الأزهر السابق، نقلاً عن كتاب "موت الدماغ بين الطب والإسلام"، ندى محمد نعيم الدقر صـ156، دار الفكر -دمشق-.
15.     موت الدماغ بين الطب والإسلام، ندى محمد نعيم الدقر صـ224، 225 -مصدر سابق-.
16.     فقه القضايا الطبية المعاصرة للدكتور على محى الدين القرة داغى، ود. على يوسف المحمدى صـ481، 482 وأشارا إلى بحوث فى هذا الموضوع للدكتور حسان حتحوت الطبيب المشتهر، وغيره.
17.     موت الدماغ بين الطب والإسلام، ندى محمد نعيم الدقر، صـ228 -مصدر سابق-.
18.     رواه البخارى، ومسلم.
19.     الأشباه والنظائر للسيوطى صـ50، 51.
20.     مغنى المحتاج لمحمد الشربينى الخطيب جـ4 صـ12، 13.
21.     المنثور فى القواعد جـ2 صـ106، والحياة الإنسانية الدنيوية متى تبدأ ومتى تنتهى د. محمد على البار صـ137، 138، دار القلم، والدار الشامية.
22.     إحياء علوم الدين لأبى حامد الغزالى جـ2، صـ31.
23.     أبحاث اجتهادية فى الفقه الطبى د. محمد سليمان الأشقر صـ129، 130.
24.     توابع العلاقات الجنسية غير الشرعية د. هشام عبد الحميد فرج صـ41، وإمكانية نقل الأعضاء التناسلية فى المرأة د. طلعت القصبى بحث مقدم للندوة التى أقامتها المنظمة الإسلامية للعلوم الطبية بالكويت فى 23 أكتوبر 1989م.
25.     زراعة الأعضاء التناسلية والغدد التناسلية للمرأة والرجل، د. صديقة على العوضى، د. كمال محمد نجيب، بحث مقدم إلى الندوة التى أقامتها المنظمة الإسلامية للعلوم الطبية بالكويت فى 23 أكتوبر 1989م.
26.     الأبضاع: جمع بضع، والبضع  يطلق على الفرج والجماع.. المصباح المنير للفيومى، مادة بضع.
27.     فتح العزيز للرافعى، وشرح الوجيز للغزالى.
28.      سورة النساء، الآيات: 117 - 119.
29.     يقال: قشف، أى خشن جلده، ولم يتعهده بالنظافة، فهو قشف -بتسكين الشين- المعجم الوجيز - مجمع اللغة العربية بالقاهرة.
30.     سبل السلام للصنعانى جـ3، صـ11.
31.     هذا الرأى نشر عن الشيخ محمد متولى الشعراوى فى كتاب: من الألف إلى الياء، حوار تليفزيونى بين الشعراوى وطارق حبيب صـ82، المركز العربى الحديث.
32.     سورة الحديد، الآية: 7.
33.     سورة النور، الآية: 33.
34.     سورة الأنفال، الآية: 28.
35.     سورة البقرة، الآية: 188.
36.     سورة البقرة، الآية: 279.
37.     سورة آل عمران، الآية: 186.
38.     سورة النساء، الآية: 2.
39.     سورة المنافقون، الآية: 9.
40.     سورة البقرة، الآية: 261.
41.     سورة المائدة، الآية: 3.
42.     سورة الأنعام، الآية: 145.
43.     سورة المائدة، الآية: 3.
44.     سورة الأنعام، الآية: 145.
45.     فتح البارى بشرح صحيح البخارى لابن حجر العسقلانى جـ4، صـ417، المكتبة السلفية.
46.     مغنى المحتاج لمحمد الشربينى الخطيب على متن المنهاج للنووى جـ4، صـ491.
47.     الظهار: كان الرجل فى الجاهلية يقول لزوجته: أنت على كظهر أمى، ويعتبرون ذلك طلاقًا، فحرم الله -عز وجل- ذلك، وجعل له كفارة تحرير رقبة أى إعتناق رقيق.
48.     لمزيد من التفصيل فى موضوع الرق يمكن للقارئ الرجوع إلى كتابنا: الحقوق والواجبات والعلاقات الدولية فى الإسلام.
49.     كما يرى د. محمد على البار.
50.     رواه النسائى.
51.     رواه الدارمى.
52.     بداية المجتهد ونهاية المقتصد لمحمد بن أحمد الشهير بابن رشد الحفيد، المتوفى سنة 595هـ جـ2، صـ487، 488 دار الكتب الإسلامية، والموسوعة الفقهية الكويتية جـ33، صـ263.
53.     الموقف الفقهى والأخلاقى من قضية زرع الأعضاء د. محمد على البار صـ245 - 247.
54.     الموقف الفقهى والأخلاقى من قضية زرع الأعضاء د. محمد على البار صـ250 - 252.
55.     الدكتورة: صديقة على العوضى، والدكتور: كمال محمد نجيب فى بحث زراعة الأعضاء التناسلية والغدد التناسلية -مصدر سابق-.
56.     نشأة الذرية د. محمد دودح صـ47.
57.     زراعة الأعضاء التناسلية والغدد التناسلية للمرأة والرجل د. صديقة على العوضى، ود. كمال محمد نجيب -مصدر سابق-.
58.     الموقف الفقهى والأخلاقى من قضية زرع الأعضاء د. محمد على البار صـ255.
59.     فى كتابه: أبحاث اجتهادية فى الفقه الطبى صـ137.
60.     الموسوعة الفقهية الكويتية جـ40، صـ352.
61.     الوسيط فى المذهب لأبى حامد محمد بن محمد الغزالى جـ2، صـ646 تحقيق د. على محى الدين على القرة داغى الطبعة الأولى 1404هـ - 1984م.
62.     إتمأمَّا للفائدة نقول: بعد اتفاق العلماء على عدم جواز أن ينظر الرجل إلى عضو منفصل من أعضاء المرأة التى لا يحل له الاستمتاع بها بشهوة، سواء كان انفصاله أثناء الحياة أو بعد الموت، اختلفوا فى حكم نظر الرجل إلى العضو المنفصل من المرأة بغير شهوة إذا كان مما لا يباح له النظر إليه قبل انفصاله على ثلاثة آراء:
أحدها: عدم جواز أن ينظر الرجل إلى العضو المنفصل من المرأة إذا كان مما لا يحل النظر إليه قبل انفصاله، ولا فرق فى الحكم عند أصحاب هذا الرأى بين ما إذا كان انفصال العضو فى حال حياة المرأة أم بعد الموت، والقاعدة عند أصحاب هذا الرأى هى أن كل عضو لا يجوز النظر إليه قبل الانفصال لا يجوز بعده، فلا يجوز للرجل أن ينظر من المرأة الأجنبية يدًا ولا ذراعًا ولا شعر رأسها ولا ساقها ولو انفصل ذلك منها حال الحياة أو بعد الوفاة، وقاسوا العضو المنفصل على المتصل فى الحكم، فلمَّا كان الحُكم فى النظر إلى المتصل هو الحُرمة كان الحكم أيضًا هو الحُرمة فى النظر إلى المنفصل؛ وذلك لأن حُرمة الآدمى وأجزائه لا تفارقه بعد الموت.. وهذا ما يراه فقهاء الحنفية، وعبَّر عنه فى الفتاوى الهندية وفى مجمع الأنهر بالأصح، وهو أيضاً ما يراه فقهاء الشافعية فى أصَحِّ الرأيين عندهم.
الرأى الثانى: أنه يجوز للرجل أن ينظر إلى العضو المنفصل من المرأة بغير شهوة إذا انفصل عنها أثناء حياتها؛ وعلل أصحاب هذا الرأى هذا الحكم بأن العضو المنفصل صار عضوًا أجنبيًا عن جسم المرأة؛ وهذا إذا كان النظر إلى العضو المنفصل من المرأة فى حياتها، وأمَّا النظر إلى العضو المنفصل من المرأة بعد موتها فلا يجوز.. وهذا ما يراه فقهاء المالكية، وقالوا بعدم جواز النظر إلى أجزاء المرأة الأجنبية بعد وفاتها سواء أكانت متصلة أم منفصلة.
الرأى الثالث: أنه يجوز للرجل أن ينظر بغير شهوة إلى عضو منفصل من المرأة لزوال حُرمته بالانفصال.. وهو ما يراه بعض فقهاء الشافعية فى مقابل رأى آخر هو الأصحّ عندهم، والحنابلة.. انظر: الموسوعة الفقهية الكويتية جـ40، صـ352، 353، وذكرت المصادر: الدر المختار لمحمد علاء الدين الحصكفى، شرح تنوير الأبصار للغزى مطبوع بهامش رد المحتار "حاشية ابن عابدين" جـ9، صـ534، والفتاوى الهندية جـ5، صـ329، ومجمع الأنهر لعبد  الله بن محمد بن سليمان، المعروف بدامادا أفندى، فى شرح ملتقى الأبحر لإبراهيم الحلبى جـ2، صـ359، ومغنى المحتاج لمحمد الشربينى الخطيب جـ3، صـ130، ونهاية المحتاج للرملى، وحاشية الشبراملسى جـ6، صـ200، وروضة الطالبين للنووى جـ7، صـ26، وبلغة السالك لأقرب المسالك إلى مذهب الإمام مالك لأحمد بن محمد الصاوى، على الشرح الصغير لأحمد بن أحمد الدردير جـ1، ص194، ومطالب أولى النهى جـ5، صـ19.
63.     نفس المصدر صـ139.
64.     القاموس المحيط للفيروزآبادى باب الهاء فصل الشين، والمصباح المنير للفيومى مادة: شبه.
65.     الموسوعة الفقهية الكويتية جـ4، صـ290.
66.     فتح البارى جـ1، صـ126 المطبعة السلفية.
67.     سبل السلام للصنعانى جـ3، صـ218.
68.     رياض الصالحين من كلام سيد المرسلين للإمام النووى صـ205.
69.     الموسوعة الفقهية الكويتية جـ25، صـ342.
70.     القواعد فى الفقه الإسلامى لأبى الفرج عبد الرحمن بن رجب الحنبلى، المتوفى سنة 795هـ، صـ235 المكتبة العصرية، والأشباه والنظائر للسيوطى صـ106.
71.     المجموع للنووى جـ1، صـ203، 204.
72.     سورة الروم، الآية: 21.
73.     نقلاً عن: فقه القضايا الطبية المعاصرة د. على محى الدين القرة داغى، ود. على يوسف المحمدى صـ501.
74.     يريد المشاركون فى الندوة بالعورة المغلظة: فرج المرأة وذكر الرجل.
75.     جاء فى هذا القرار: أولاً: يجوز نقل العضو من مكان جسم الإنسان إلى مكان آخر من جسده مع مراعاة التأكد من أن النفع المُتَوَقَّع من هذه العملية أرجحُ من الضرر المترتب عليها، ويشترط أن يكون ذلك لإيجاد عضو مفقود، أو لإعادة عضو مفقود، أو لإعادة شكله أو وظيفته المعهودة له، أو لإصلاح عيب، أو إزالة دمامة تسبب للشخص أذى نفسيًا أو عضويًا.
ثانيًا: يجوز نقل العضو من جسم إنسان إلى جسم إنسان آخر إن كان هذا العضو يتجدَّد تلقائيًا، كالدم، والجلد، ويراعى فى ذلك اشتراط كون الباذل كامل الأهلية، وتحقق الشروط الشرعية المعتبرة.
ثالثًا: تجوز الاستفادة من جزء من العضو الذى استؤصل من الجسم لعلة مرضية لشخص آخر، كأخذ قرنية العين لإنسان ما عند استئصال العين لعلة مرضية.
رابعًا: يَحْرُمُ نقل عضو تتوقف عليه الحياة كالقلب من إنسان حَيٍّ إلى إنسان آخر.
خامسًا: يَحْرُمُ نقل عضو من إنسان حَيٍّ يُعَطِّلُ زواله وظيفة أساسية فى حياته وإن لم تتوقف سلامة أصل الحياة عليها، كنقل قرنية العينين كلتيهما، أمَّا إن كان النقل يُعَطِّلُ جزءًا من وظيفة أساسية فهو مَحَلُّ بحثٍ ونظر كما يأتى فى الفقرة الثامنة.
سادسًا: يجوز نقل عضو من مَيِّتٍ إلى حَيٍّ تتوقف حياته على ذلك العضو، أو تتوقف سلامة وظيفة أساسية فيه على ذلك، بشرط أن يأذن الميت أو ورثته بعد موته، أو بشرط موافقة ولى المسلمين إن كان المتوفى مجهول الهوية أو لا ورثة له.
سابعًا: وينبغى ملاحظة أن الاتفاق على نقل العضو فى الحالات التى تَمَّ بيانُها مشروط بأن لا يتم ذلك بواسطة بيع العضو؛ إذ لا يجوز إخضاع أعضاء الإنسان للبيع بحال ما، أمَّا بذل المال من المُستفيد ابتغاء الحصول على العضو المطلوب عند الضرورة أو مكافأة وتكريمًا فمحل اجتهاد ونظر.
ثامنًا: كل ما عدا الحالات والصور المذكورة -مما يدخل فى أصل الموضوع-، فهو محل بحث ونظر، ويجب طرحه للدراسة والبحث فى دورة قادمة على ضوء المعطيات الطبية والأحكام الشرعية.. فقه القضايا الطبية المعاصرة د. على محى الدين قرة داغى، ود. على يوسف المحمدى صـ497 - 449.



زراعة ونقل الأعضاء 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 52644
العمر : 72

زراعة ونقل الأعضاء Empty
مُساهمةموضوع: رد: زراعة ونقل الأعضاء   زراعة ونقل الأعضاء Emptyالأحد 16 أبريل 2023, 6:48 am

تعريف مختصر بالمؤلف -رحمه الله-
زراعة ونقل الأعضاء Ocia_313
مُجَدِّدٌ مُستنير
قليلون هم أولئك الفقهاء الذين يجمعون بين الأصالة والمعاصرة.. بين التراث والتجديد، بين الفهم العميق لأصوله والإدراك الدقيق لواقعه.. وإذا وجد هذا الفقيه الذي يحوز تلك الصفات فإنه يصير علامة مميزة في تاريخ الفقهاء.. وكذلك كان النجباء من فقهائنا على مر العصور… وفقيدنا -رحمه الله- كان واحداً من هؤلاء النجباء..

فقد تميَّز العلامة الدكتور محمد رافت عثمان أنه من القليلين المُستنيرين المُلِمِّينَ بالقضايا العلمية العصرية.. طبية كانت أو هندسية أو اقتصادية أو حتى اجتماعية..

وكان مجمع البحوث وهيئة كبار العلماء ومشيخة الأزهر إذا عرضت لهم قضية في هذه المناحي أحالوها إليه ليدرسها وليكتب عنها تقريراً وافياً ما كان مجمع البحوث يزيد على أن يوقع عليه…

وقد برز -رحمه الله- في هذا المضمار أيُّمَا بُرُوز، وألَّفَ كُتُبًا كثيرة صارت علامة في الفقه التجديدي يستنير بها خبراء المجامع الفقهية وينقلون عنها…

ولعل أهمها:
”نظرة فقهية في الأمراض التي يجب أن يكون الاختبار الوراثي فيها إجبارياً ” و”الإنجاب وتنظيم الأسرة من منظور إسلامي” و”الإجهاض من وجهة نظر إسلامية” و ”النواحي الشرعية لمُمَارَسَات طبيب التكاثر البشري” و”الوقاية من مرض الإيدز من منظور إسلامي” و”الاستنساخ في ضوء الفقه الإسلامي” و”الأحكام الدينية لوسائل تنظيم الأسرة“.

ولا غرو فالفقيد -رحمه الله- أحد مؤسسي مجمع فقهاء الشريعة بأمريكا، وقد اكتسب تلك الخبرات من كثرة أسفاره ومشاركاته التي كان فيها مُسْهِمًا إسهامًا واضحًا في إثراء العقل الفقهي الإسلامي بكل جديد…

ومن ذلك اشتراكه -رحمه الله- في كثير من المؤتمرات بالمناقشة والتعليق على البحوث، وهي أحد أدوات الفقيه التي تكسبه مهارات لا يمكن اكتسابها وهو قابع في بيته أو معهده العلمي دون اطلاع على الجديد..

ولعل أهم مشاركات الفقيد -رحمه الله- كانت مثلاً في المؤتمر الثالث للمصرف الإسلامي، المنعقد بإمارة دبي عام 1985م، حيث كان أحد أصحاب الإسهام الأول في بلورة رؤية جديدة للمصارف الإسلامية بُنِيَتْ عليها قواعد عملها فيما بعد، ومنها كذلك المؤتمر العالمي عن الإسلام والسياسة السكانية، المنعقد في جاكرتا عام 1990م، والندوة الثالثة لقضايا الزكاة المعاصرة، المنعقدة بالكويت عام 1992م، و”المؤتمر السنوي السابع الذي أقامه المركز الثقافي الإسلامي” بشمال هدسون بولاية نيو جيرسي الأمريكية، عام 1999م.

ولعل هذه الموسوعية وتلك القدرة الكبيرة على التزود بالجديد وممارسة دور الفقيه الحق هو ما دفع جامعة الأزهر لأن ترشحه مرتين لنيل جائزة الدولة التقديرية عام 1995م – وعام 1997م.

ولعله كذلك سبب اختياره من قبل مركز الدراسات السياسية والاستراتيجية بالأهرام -في تقريره عن الحالة الدينية في مصر، الصادر عام 1998م-، كأحد أربعة مُجَدِّدِين كانوا أساتذة أو تخرجوا في كلية الشريعة، بجامعة الأزهر..

نشاط علمي دؤوب
التلقين والتعليم المباشر والرؤية أحد أهم آليات انتقال المعارف من جيل إلى جيل، ولهذا كان الفقيد -رحمه الله- تعالى دؤوبا في محاولة نقل معارفه وخبراته إلى أجيال من علماء الأزهر الذين تتلمذوا على يديه، فأشرف -رحمه الله- على أكثر من ثلاثين رسالة ماجستير ودكتوراه، وشغل عضوية الكثير من اللجان العلمية أهمها: مقرر اللجنة العليا الدائمة لترقية الأساتذة في الفقه المقارن بجامعة الأزهر، وقام بفحص وتقويم النتاج العلمي لعدد كبير من طلاب الترقية إلى درجات أعلى من أعضاء هيئات التدريس في جامعات مصر وغيرها من الجامعات العربية…

وشغل -رحمه الله- تعالى عضوية لجنة المعادلات بكلية الشريعة والقانون بجامعة الأزهر، وعضو مجمع البحوث الإسلامية، وعضو بالمجلس الأعلى للشئون الإسلامية بمصر، وعضو مجلس إدارة مركز صالح كامل للاقتصاد الإسلامي بجامعة الأزهر، وعضوية لجنة التشريعات الاقتصادية به، وعضو مؤسس بجمعية الخصوبة والعقم بمصر، وعضو مجموعة العمل الحكومية المؤقتة المقرر تشكيلها وفقاً لقرار مؤتمر القمة الإسلامي بشأن المرأة ودورها في تنمية المجتمع الإسلامي.

السيرة والمسيرة
ولد العلامة الدكتور محمد رأفت عثمان في 27 من شهر نوفمبر لعام 1935م بمحافظة الشرقية وحفظ القرآن الكريم قبل المرحلة الابتدائية، كان والده من رجال التعليم، ويعمل ناظراً فى إحدى المدارس، وبدأ حياته الأزهرية من الكُتّاب فى القرية ثم التحق بمدرسة التقدم الوطني، ثم بمعهد الزقازيق الديني وهو أكبر أربعة معاهد كبرى بمصر آنذاك وهي “الزقازيق وطنطا وأسيوط والإسكندرية".

ثم التحق بكلية الشريعة والقانون لميوله إلى الفقه، وكان يحصل على الدرجات النهائية، ونال منها الإجازة العالية -الليسانس- عام 1961م، ثم العالمية مع إجازة التدريس من كلية الدراسات العربية (اللغة العربية حالياً) عام 1963م، ثم الماجستير في الفقه المُقارن من كلية الشريعة والقانون بجامعة الأزهر عام 1967م، والدكتوراه في الفقه المُقارن مع مرتبة الشرف الأولى من كلية الشريعة والقانون عام 1971م، ثم مدرساً بقسم الفقه المُقارن بكلية الشريعة والقانون من 1972م، وأستاذاً مساعداُ بقسم الفقه المُقارن بكلية الشريعة والقانون 1977م، ورئاسة قسم الفقه المُقارن من 1981م، وأستاذاُ بقسم الفقه المُقارن بكلية الشريعة والقانون بالقاهرة من 1983م، وعميداً لكلية الشريعة والقانون بطنطا من 1989م، لمدة ست سنوات، وأستاذاً ورئيساً لقسم الفقه المُقارن بكلية الشريعة والقانون بالقاهرة من 1995م، ثم عضواً بمجمع البحوث الإسلامية ثم عضواً بهيئة كبار العلماء، وعضواً مُؤسِّسَاً في مجمع فقهاء الشريعة بأمريكا.

ميراث المكتبة
ترك العلامة الدكتور محمد رأفت عثمان ميراثاً ضخماً للمكتبة الفقهية، منه:
”موارد الدولة ونفقاتها” و”الرعاية النفسية والاجتماعية والتربوية لأسر الشهداء، والأسرى المفقودين” و”التقويم رؤية حضارية.. وأزمة الهوية” و”الوقف وأثره في التنمية” و”أهمية الاجتهاد ومشروعية تعدُّد الرأي وحوار الاختلاف في المذاهب وحدوده” و”رياسة الدولة في الفقه الإسلامي، دراسة مقارنة” و”العلاقات الدولية في الإسلام“.



زراعة ونقل الأعضاء 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
 
زراعة ونقل الأعضاء
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات إنما المؤمنون إخوة (2024 - 2010) The Believers Are Brothers :: (العربي) :: أبـحـــاث وكتــابـــات علـميـــة-
انتقل الى: