‏إنشاء نية الصيام بعد الزوال
‏إنشاء نية الصيام بعد الزوال Oe20
النية في النافلة أوسع منها في الواجب، فللشخص أن يبدأ بنية صيام النافلة في أي وقت بعد الفجر إلى الظهر، وزاد بعضهم إلى وسط النهار، ولكن الجزء الذي قبل النية لا ثواب فيه.

في كتاب فقه الصيام:
وأمَّا النفل فأجازوه في النهار إلى ما قبل الزوال، وحجتهم ما رواه مسلم عن عائشة: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يدخل على بعض أزواجه، فيقول: “هل من غداء؟” فإن قالوا: لا، قال: “فإني صائم” (رواه مسلم – باب جواز صوم النافلة بنية من النهار قبل الزوال).

وكذلك ما جاء في الصحيحين أنه صلى الله عليه وسلم حين فرض صوم عاشوراء أمر رجلاً من أسلم يؤذن في الناس في النهار: “ألا كل من أكل فليمسك، ومن لم يأكل فليصم” (رواه البخاري -باب صيام يوم عاشوراء، ومسلم -باب من أكل في عاشوراء فليكف بقية يومه).

بل ذهب بعضهم إلى جواز النية بعد الزوال.

ومن الفقهاء –مثل الزهري وعطاء وزفر– من لم يوجبوا النية في صوم رمضان وكأنهم –والله أعلم– يرون أن صوم رمضان لا يحتاج إلى نية من المسلم، فهو بمجرد إمساكه صائم.

وذهب الإمام مالك إلى أن نية الصيام في أول ليلة من رمضان كافية للشهر كله، ومغنية عن تجديد نية لكل ليلة، باعتبار صوم رمضان عملاً واحدًا، وعبادة واحدة، وإن كانت موزعة على الأيام، كالحج تكفيه نية في أوله، وإن كانت أفعاله موزعة على عدد من الأيام، وهو مذهب إسحاق ورواية عن أحمد.

والظاهر: أن صوم كل يوم عبادة مستقلة، مسقطة لفرض وقتها، بخلاف الحج فإنه كله عمل واحد، ولا يتم إلا بفعل ما اعتبره الشرع من المناسك، والإخلال بواحد من أركانه يستلزم عدم إجزائه.

ومهما يكن من الاختلاف في أمر النية، فالمؤكد أنها في صيام رمضان مركوزة في ضمير كل مسلم حريص على صيام شهره، وأداء فرض ربه، ولا مشكلة في ذلك على الإطلاق.

وأمَّا في صوم التطوع، فالأحاديث قاطعة بأن إنشاءها بالنهار جائز، كما عليه عمل الرسول الكريم وصحابته، ولكن يبدو أن الذي يثاب عليه هو الوقت الذي ابتدأ فيه النية، بكّر أو تأخر، إذ لا ثواب إلا بنية. أهـ

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية –رحمه الله– في الفتاوى:
وأمَّا النفل فيجزئ بنية من النهار. كما دل عليه قوله: {إني إذا صائم} كما أن الصلاة المكتوبة يجب فيها من الأركان –كالقيام والاستقرار على الأرض– ما لا يجب في التطوع توسيعاً من الله على عباده في طرق التطوع.

فإن أنواع التطوعات دائماً أوسع من أنواع المفروضات وصومهم يوم عاشوراء إن كان واجباً: فإنماً وجب عليهم من النهار لأنهم لم يعلموا قبل ذلك.

وما رواه بعض الخلافيين المتأخرين أن ذلك كان في رمضان: فباطل لا أصل له.

وهذا أوسط الأقوال: وهو قول الشافعي وأحمد.

واختلف قولهما: هل يجزئ التطوع بنية بعد الزوال؟ والأظهر صحته كما نقل عن الصحابة.

واختلف أصحابهما في الثواب: هل هو ثواب يوم كامل؟ أو من حين نواه؟ والمنصوص عن أحمد: أن الثواب من حين النية.

وكذلك اختلفوا في التعيين.

وفيه ثلاثة أقوال – في مذهب أحمد وغيره:
أحدها: أنه لا بد من نية رمضان، فلا تجزئ نية مطلقة ولا معينة لغير رمضان. وهذا قول الشافعي وأحمد في إحدى الروايتين اختارها كثير من أصحابه.

والثاني: أنه يجزئ بنية مطلقة ومعينة لغيره. كمذهب أبي حنيفة ورواية محكية عن أحمد.

والثالث: أنه يجزئ بالنية المطلقة دون نية التطوع أو القضاء أو النذر. وهو رواية عن أحمد اختارها طائفة من أصحابه.