قال الفيلسوف توماس كارليل في كتابه الأبطال عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "لقد أصبح من أكبر العار على أي فرد مُتمدين من أبناء هذا العصر؛ أن يُصْغِي إلى ما يظن من أنَّ دِينَ الإسلام كَذِبٌ، وأنَّ مُحَمَّداً -صلى الله عليه وسلم- خَدَّاعٌ مُزُوِّرٌ، وآنَ لنا أنْ نُحارب ما يُشَاعُ من مثل هذه الأقوال السَّخيفة المُخْجِلَةِ؛ فإنَّ الرِّسَالة التي أدَّاهَا ذلك الرَّسُولُ ما زالت السِّراج المُنير مُدَّةَ اثني عشر قرناً، لنحو مائتي مليون من الناس أمثالنا، خلقهم اللهُ الذي خلقنا، (وقت كتابة الفيلسوف توماس كارليل لهذا الكتاب)، إقرأ بقية كتاب الفيلسوف توماس كارليل عن سيدنا محمد -صلى الله عليه وسلم-، على هذا الرابط: محمد بن عبد الله -صلى الله عليه وسلم-.
يقول المستشرق الإسباني جان ليك في كتاب (العرب):"لا يمكن أن توصف حياة محمد بأحسن مما وصفها الله بقوله: (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِين)فكان محمدٌ رحمة حقيقية، وإني أصلي عليه بلهفة وشوق".
فَضَّلَ اللهُمِصْرَعلى سائر البُلدان، كما فَضَّلَ بعض الناس على بعض والأيام والليالي بعضها على بعض،والفضلُ على ضربين: في دِينٍ أو دُنْيَا، أو فيهما جميعاً، وقد فَضَّلَ اللهُ مِصْرَ وشَهِدَ لها في كتابهِ بالكَرَمِ وعِظَم المَنزلة وذَكَرَهَا باسمها وخَصَّهَا دُونَ غيرها، وكَرَّرَ ذِكْرَهَا، وأبَانَ فضلها في آياتٍ تُتْلَى من القرآن العظيم.
المهندس حسن فتحيفيلسوف العمارة ومهندس الفقراء:هو معماري مصري بارز، من مواليد مدينة الأسكندرية،وتخرَّجَ من المُهندس خانة بجامعة فؤاد الأول،اشْتُهِرَ بطرازهِ المعماري الفريد الذي استمَدَّ مَصَادِرَهُ مِنَ العِمَارَةِ الريفية النوبية المَبنية بالطوب اللبن،ومن البيوت والقصور بالقاهرة القديمة في العصرين المملوكي والعُثماني.
رُبَّ ضَارَّةٍ نَافِعَةٍ.. فوائدُ فيروس كوروناغير المتوقعة للبشريةأنَّه لم يكن يَخطرُ على بال أحَدِنَا منذ أن ظهر وباءفيروس كورونا المُستجد، أنْ يكونَ لهذه الجائحة فوائدُ وإيجابيات ملموسة أفادَت كوكب الأرض..فكيف حدث ذلك؟!...
تخليص الإبريز في تلخيص باريز: هو الكتاب الذي ألّفَهُ الشيخ "رفاعة رافع الطهطاوي"رائد التنوير في العصر الحديث كما يُلَقَّب، ويُمَثِّلُ هذا الكتاب علامة بارزة من علامات التاريخ الثقافي المصري والعربي الحديث.
الشيخ علي الجرجاوي(رحمه الله)قَامَ برحلةٍ إلى اليابان العام 1906م لحُضُورِ مؤتمر الأديان بطوكيو، الذي دعا إليه الإمبراطور الياباني عُلَمَاءَ الأديان لعرض عقائد دينهم على الشعب الياباني،وقد أنفق على رحلته الشَّاقَّةِ من مَالِهِ الخاص، وكان رُكُوبُ البحر وسيلته؛ مِمَّا أتَاحَ لَهُ مُشَاهَدَةَ العَدِيدِ مِنَ المُدُنِ السَّاحِلِيَّةِ في أنحاء العالم، ويُعَدُّ أوَّلَ دَاعِيَةٍ للإسلام في بلاد اليابان في العصر الحديث.
تمهيد إنَّ الحمدَ لله نحمدُه، ونستعينُه، ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، مَن يهد الله فلا مضل له، ومَن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، وأشهد أنَّ محمدًا عبدهُ ورسولُه.
أمَّا بعد... فإن أصدق الحديث كتاب الله ــ تعالى ــ، وخير الهدي، هدي محمد ﷺ، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.
نبض الرسالة فضل شهر رمضان: 1- شهر رمضان تفتح فيه أبواب الجنان، وتغلق فيه أبواب النيران، وتصفد فيه الشياطين ومردة الجآن. 2- صوم شهر رمضان ركن من أركان الإسلام. 3- فضل أول ليلة في رمضان. 4- شهر رمضان أجره كامل، وإن كان تسعًا وعشرين يومًا. 5- استحقاق الولاية لمن صام رمضان. 6- شهر رمضان شهر مدارسة القرآن. 7- شهر رمضان خصه الله بصلاة التراويح. 8- شهر رمضان شهر الذكر والشكر. 9- شهر رمضان هو شهر المواساة. 10- شهر رمضان شهر الصبر والعطاء الجزيل. 11- رمضان شهر تجاب فيه الدعوات. 12- رمضان شهر مضاعفة الأجر. 13- شهر رمضان فيه ليلة خير من ألف شهر. 14- شهر رمضان شهر الاعتكاف والاجتهاد في العبادة. 15- شهر رمضان شهر الانتصارات والفتوحات. 16- شهر رمضان هو شهر إطعام الطعام. 17- رمضان شهر الجود والإحسان. 18-شهر رمضان تغفر فيه الذنوب. 19- شهر رمضان أنزل الله فيه القرآن. 20- شهر رمضان أنزلت فيه الكتب السماوية. 21- شهر رمضان العمرة فيه تعدل أجر حجة. 22- رمضان والشفاعة. 23- شهر رمضان ترفع فيه الدرجات.
فضل شهر رمضان مقدمة: أنعم الله –تبارك وتعالى– على عباده بنعم كثيرة لا تُعد ولا تُحصى، فقال تعالى: {وَآتَاكُم مِّن كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ وَإِن تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا إِنَّ الْإِنسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ} (إبراهيم: 34)
ومن نعم الله علينا أن جعل لنا مواسم للطاعات تتنزل فيها الرحمات، وترفع فيها الدرجات، وتتضاعف فيها الحسنات، ويغفر فيها كثير من الذنوب والمعاصي والزلات، والسعيد من يغتنم هذه الأوقات، ويتعرض لهذه النفحات، وهذا ما حثنا عليه النبيُّ ﷺ فقال: " افعلوا الخيرَ دهرَكم، وتعرضوا لنفحاتِ رحمة الله، فإن لله نفحاتٍ من رحمتهِ، يصيبُ بها من يشاء من عباده، وسلوا الله أن يسترَ عوراتِكم، وأن يؤمن روعاتِكم ". (أخرجه ابن أبي الدنيا والطبراني من حديث أنس -رضي الله عنه-).
وعند الطبراني في الأوسط من حديث محمد بن مسلمة أن النبي ﷺ قال:" إن لربكم في أيام دهركم نفحاتٍ، فتعرضوا لها، لعل أحدكم أن يصيبه منها نفحةٌ لا يشقى بعدها أبدًا ". (الصحيحة:1890)
ولقد بين النبي ﷺ في هذه الأحاديث أنه ينبغي على الإنسان منا أن يتعرض لهذه النفحات الربانية، والمنح الإلهية، وشهر رمضان من النفحات الربانية، والمنح الإلهية على الأمة المحمدية.
ففي رمضان منحُ الرحمن، ونسائمُ القرآن، وروائحُ الجنان، فيه تطيبُ الأفواهُ، وتطهرُ الألسنة، وتُصان الفروجُ، وتمنع الآثام، فهو جُنة من الزلل، ووقاية من المعاصي، وحصن من السيئات، لا يخيب فيه سائل، أو يُطرد عنه محروم، عطاؤه كثير، وفيضه عميم، توج بليلة القدر، وتشرف بنزول القرآن، وبورك بنزول الملائكة، ورُفعت فيه راية الموحدين، فقد تم فيه نصر بدر، وفيه تم فتح مكة، فكان هو الفوز في البدء والختام والفرح بالسيادة والإيمان.
فالحمد لله لما أولانا فيه من النعيم، وحبانا فيه من الرحمات والطيبات: فهو شهرٌ.... تنهمر فيه الرحمات من رب البريات. شهرٌ.... مبارك كريم وموسم رابح عظيم وشهر تتضاعف فيه الحسنات. شهرٌ.... أنزل الله فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان. شهرٌ.... من صامه إيمانًا واحتسابًا غفر له ما تقدم من ذنبه. شهرٌ.... من قامه إيمانًا واحتسابًا غفر له ما تقدم من ذنبه. شهرٌ.... فيه ليلة خير من ألف شهر من قامها إيمانًا واحتسابًا غفر له ما تقدم من ذنبه. شهرٌ.... تفتح فيه أبواب الجنان فلا يغلق منها باب. شهرٌ.... تغلق فيه أبواب النيران فلا يفتح منها باب. شهرٌ.... تصفد فيه الشياطين ومردة الجان. شهرٌ.... من أتى فيه بعمرة كان كمن حج مع النبي ﷺ. شهرٌ.... من فطر فيه صائمًا كان له مثل أجره.
وغير ذلك من الجوائز والمنح الربانية، والتي وهبها رب البرية للأمة المحمدية، فهنيئًا لمن تعرض لهذه النفحات، وخرج من رمضان وقد غفر له جميع السيئات.
أحبتي في الله... عندما يأتي شهر رمضان يشمر الناسُ عن ساعد الجد، لينجوَ كلٌ منهم بنفسه، ويزرع في يومه ما يلقاه غدا في قبره، وبين يدي ربه.
ولله در القائل: من فاته الزرعُ فــــــي وقت البــــــذارِ فما تراه يحصد إلا الهم والندمــا طوبى لمن كانت التقوى بضــــــاعته فــــــــي شهرهِ وبحبل الله معتصما
شهرُ رمضانَ تسمو فيه الأخلاق، وتزكو فيه النفوس، وتحيا فيه القلوب، ويسارع فيه المؤمنون إلى مرضاة الله تعالى.
شهرُ رمضانَ هو شهر المنافسة في الخيرات، والتسابق إلى الأعمال الصالحات، والتقرب إلى رب الأرض والسماوات.
شهرُ رمضانَ هو شهر الأمل والإيمان والسلامة والإسلام.
شهرُ رمضانَ يملأ نوره الأرض، ليبدد الظلام عن قلوب ملأتها الغفلة ويزيل السحب عن عقول أسكرتها الشهوة، فيستيقظ القلب من سُبات، ويحيا من موات.
شهرُ رمضانَ هو شهر المنافسة في الخيرات، وعمل الصالحات، والتسابق إلى الجنات، والتقرب إلى رب الأرض والسماوات، فطوبى من أجاب فأصاب، وويل لمن صرف عن الباب.
شهرُ رمضانَ نسائم الخيرات فيه قد انتشرت، وبشائر البركات فيه قد أقبلت، ومواسم العطايا والمنح فيه قد أظلت.
شهرُ رمضانَ هو شهر تشبع فيه الأرواح وإن جاعت البطون، وتقوى فيه القلوب وإن ضعفت الأجسام، وتسمو فيه النفوس، وتعلو فيه الهمم، وتخبو فيه الشهوات.
شهرُ رمضانَ جنة ووقاية من كل ما يوقع في الموبقة والعماية، وسترة من المعاصي والخطايا.
شهرُ رمضانَ فيه لحظات الصفاء والإشراق والهناء والوفاق.
شهرُ رمضانَ هو المنهل الصافي، والبلسم الشافي.
شهرُ رمضانَ يجرد الناس من سرابيل الخنا، ويحررهم من آصار الشقاء والعناء ويستل من صدورهم السخائم والأضغان، وينشر بينهم الألفة ويطوي عنهم الشنأن.
شهرُ رمضانَ تعلو فيه الهمم وتتسابق النفوس، ويزداد فيه الإيمان، ويعلو الإنسان بروحه إلى عنان السماء.
شهرُ رمضانَ المؤمن فيه حيي القلب كثير الذكر والشكر، يجد حلاوة في الحياة وقوة في الجسد.
شهُر رمضانَ هو فرحة للمؤمنين، وبهجة قلوب الموحدين، وفرج التائبين، وواحة الذاكرين، وغنيمة للصادقين، وتذكرة للغافلين، وراحة للقلب الحزين، وقرة عين الموحدين، مضمار المتسابقين إلى جنة رب العالمين، فهو منحة من رب العالمين لعبادة الموحدين.
شهرُ رمضانَ هو شهر مضاعفة الحسنات، ورفعة الدرجات، ومغفرة الذنوب والسيئات وإقالة العثرات.
شهرُ رمضانَ تفتح فيه أبواب الجنة، وتغلق فيه أبواب النار، وتصفد فيه الشياطين ومردة الجان.
شهرُ رمضانَ هو شهر المغفرة والرضوان، والعتق من النيران.
شهرُ رمضانَ خصه الله تعالى بخصائص عظيمة دون غيره من الشهور، فهو شهر الصيام والقيام والقرآن، شهرُ الجهاد والانتصارات، شهر الجود والخيرات والبركات والنفحات، شهر فيه ليلة خير من ألف شهر من حرم خيرها فقد حرم الخير كله، فيه لله –عز وجل– في كل ليلة عتقاء من النار.
فشهر رمضان فرصة عظيمة، ومناسبة كريمة، تصفو فيها النفوس، وتهفو إليها الأرواح، وتكثر فيها دواعي الخير، ففيه تهجد وتراويح وذكر وتسبيح، وفيه تلاوة وصلوات، وجود وصدقات، وأذكار ودعوات، وضراعة وابتهالات، وفيه ذنوب مغفورة، وعيوب مستورة، وأجور مضاعفة، وغير ذلك من الخصائص والمزايا، والهبات والعطايا، والكرامات والهداية، التي خُصَّ بها هذا الشهر الكريم.
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52644 العمر : 72
موضوع: رد: فضل شهر رمضان الجمعة 31 مارس 2023, 9:55 pm
فتعالى أنا وأنت نتعرف على البعض منها: 1- شهر رمضانَ تفتح فيه أبواب الجنان، وتغلق فيه أبواب النيران، وتصفد فيه الشياطين ومردة الجان: فقد أخرج البخاري ومسلم من حديث أبى هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله ﷺ: "إذا جاء رمضان فُتّحـت أبوابُ الجنة، وغُـلّـقـت أبوابُ النار، وصُفّـدت الشـياطين".
وفي رواية عند مسلم:" إِذَا كان رَمَضَانُ، فُتِّحَتْ أَبْوَابُ الرحمةِ، وَغُلِّقَتْ أَبْوَابُ جَهَنَّمَ، وَسُلْسِلَتِ الشَّيَاطِينُ ".
2- صوم شهر رمضان ركن من أركان الإسلام: فلا يتم ولا يكمل إيمان العبد حتى يصوم رمضان كما أخبر بهذا النبي العدنان ﷺ.
فقد أخرج البخاري ومسلم في " كتاب الإيمان، باب: أركان الإسلام، ودعائمه العظام" من حديث ابن عمر- رضي الله عنهما – قال: قال رسول الله ﷺ:" بُنِيَ الإِسْلَامُ عَلَى خَمْسٍ: شَهَادَةِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، وَإِقَامِ الصَّلَاةِ، وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ، وَصَوْمِ رَمَضَانَ، وحج البيت ".
وأخرج البخاري ومسلم من حديث طلحة بن عبيد الله -رضي الله عنه- أن أعرابيًا جاء إلى رسول الله ﷺ ثائر الرأس نسمع دوي صوته ولا نفقه ما يقول، حتى دنا من رسول الله ﷺ فقال:" يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَخْبِرْنِي مَاذَا فَرَضَ اللَّهُ عَلَيَّ مِنَ الصَّلَاةِ ؟ فَقَالَ رسول الله ﷺ: خمس صلوات في اليوم والليلة فقال: هل علىّ غيرها؟ قال: لا، إِلَّا أَنْ تَطَّوَّعَ شَيْئًا، فَقَالَ: أَخْبِرْنِي بمَا فَرَضَ اللَّهُ عَلَيَّ مِنَ الصِّيَامِ؟ فَقَالَ: شَهْرَ رَمَضَانَ، فقال: هل علىّ غيره؟ قال: لا، إِلَّا أَنْ تَطَّوَّعَ شَيْئًا، فَقَالَ: أَخْبِرْنِي َما فَرَضَ اللَّهُ عَلَيَّ مِنَ الزَّكَاةِ؟ قَالَ: فَأَخْبَرَهُ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ بشَرَائِعَ الْإِسْلَامِ، قَالَ: هل علىّ غيرها؟ قال: لا، إلا أن تطوع، قال: فأدبر الرجل وهو يقول: والله لا أزيد على هذا ولا أنقص مما فرض الله علىّ شيئًا، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: أَفْلَحَ إِنْ صَدَقَ، أَوْ دَخَلَ الْجَنَّةَ إِنْ صَدَقَ ".
فقد أخرج البزار من حديث حذيفة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله ﷺ:" الإسلام ثمانية أسهم: الإسلام سهم، والصلاة سهم، والزكاة سهم، والصوم سهم، وحج البيت سهم، والأمر بالمعروف سهم، والنهي عن المنكر سهم، والجهاد في سبيل الله سهم، وقد خاب من لاسهم له". (صحيح الترغيب والترهيب:741)
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52644 العمر : 72
موضوع: رد: فضل شهر رمضان الجمعة 31 مارس 2023, 9:56 pm
3- فضل أول ليلة في رمضان: ففي هذه الليلة فضل كبير، بينه النبي الأمين ﷺ. فقد أخرج الإمام أحمد والترمذي والبيهقي والحاكم من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- أن النبي ﷺ قال:" إِذَا كَانَ أَوَّلُ لَيْلَةٍ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ صُفِّدَت الشَّيَاطِينُ وَمَرَدَةُ الْجِنِّ، وَغُلِّقَتْ أَبْوَابُ النَّارِ فَلَمْ يُفْتَحْ مِنْهَا بَابٌ، وَفُتِّحَتْ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ فَلَمْ يُغْلَقْ مِنْهَا بَابٌ، وَيُنَادِى مُنَادٍ كل ليلة: يَا بَاغِيَ الْخَيْرِ أَقْبِلْ، وَيَا بَاغِيَ الشَّرِّ أَقْصِرْ وللهِ عُتَقَاءُ مِنَ النَّارِ وَذَلِكَ كُلَّ لَيْلَةٍ ". (صحيح الجامع: 759).
ففي هذا الحديث جملة من الفضائل ذكرها النبي ﷺ وهي: تفتح أبواب الجنة فلم يغلق منها باب.
تغلق أبواب النار فلم يفتح منها باب.
تصفد الشياطين ومردة الجن.
تفتح أبواب السماء (كما في رواية البخاري).
تفتح أبواب الرحمة (كما في رواية مسلم).
ينادي فيه مناديًا: يا باغي الخير أقبل ويا باغي الشر أقصر.
لله فيه عتقاء من النار وذلك كل ليلة.
وقال الحليمي -رحمه الله-: وتصفيد الشياطين في شهر رمضان، يحتمل أن يكون المراد به أيامه خاصة، وأراد الشياطين التي هي مسترقة السمع، ألا تراه قال: مردة الشياطين، لأن شهر رمضان كان وقتًا لنزول القرآن إلى السماء الدنيا، وكانت الحراسة قد وضعت بالشهب كما قال تعالى: ﴿وَحِفْظًا مِّن كُلِّ شَيْطَانٍ مَّارِدٍ﴾ (الصافات: 7) فزيد التصفيد في شهر رمضان مبالغة في الحفظ... والله أعلم.
ويحتمل أن يكون المراد أيامه وبعده والمعنى أن الشياطين لا يخلصون فيه من إفساد الناس إلى ما كانوا يخلصون إليه في غيره لاشتغال المسلمون بالصيام الذي فيه قمع الشهوات، وبقراءة القرآن، وسائر العبادات.
وفي رواية عند الإمام أحمد والنسائي من حديث أنس -رضي الله عنه- أن النبي ﷺ قال:" هذا شهر رمضان جاءكم تفتح فيه أبواب الجنة وتغلق فيه أبواب النار وتسلسل فيه الشياطين ". (صحيح الجامع: 6995)
وأخرج البخاري ومسلم عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن النبي ﷺ قال:" إِذَا دَخَلَ شهر رَمَضَانُ، فُتِّحَتْ أَبْوَابُ الجَنَّةِ، – وفي رواية وفتحت أبواب السماء، وغلقت أبواب جهنم، وَسُلْسِلَتِ الشَّيَاطِينُ ".
وفي لفظ: " إذا جاء رمضان فُتّحـت أبواب الجنة، وغُـلّـقـت أبواب النار، وصُفّـدت الشـياطين".
قال الإمام النووي -رحمه الله- كما في "شرحه على مسلم: 7/188": وأما قوله ﷺ:" فتحت أبواب الجنة وغلقت أبواب النار وصفدت الشياطين " فقال القاضي عياض -رحمه الله-: يحتمل أنه على ظاهره وحقيقته وأن تفتيح أبواب الجنة وتغليق أبواب جهنم وتصفيد الشياطين علامة لدخول الشهر وتعظيم لحرمته ويكون التصفيد ليمتنعوا من إيذاء المؤمنين والتهويش عليهم.
ثم قال-رحمه الله-: ويحتمل أن يكون المراد المجاز ويكون إشارة إلى كثرة الثواب والعفو وأن الشياطين يقل إغوائهم وإيذاؤهم ليصيرون كالمصفدين ويكون تصفيدهم عن أشياء دون أشياء ولناس دون ناس، ويؤيد هذه الرواية الثانية (فتحت أبواب الرحمة) وجاء في حديث آخر (صفدت مردة الشياطين).
ويحتمل أن يكون فتح أبواب الجنة عبارة عما يفتحه الله تعالى لعباده من الطاعات في هذا الشهر التي لا تقع في غيره عموما كالصيام والقيام وفعل الخيرات والانكفاف عن كثير من المخالفات، وهذه أسباب لدخول الجنة وأبواب لها، وكذلك تغليق أبواب النار وتصفيد الشياطين عبارة عما ينكفون عنه من المخالفات. اهــ.
فلهذه الفضائل وغيرها كان النبي ﷺ يبشر أصحابه بقدوم هذا الشهر، فقد أخرج الإمام أحمد والنسائي عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن النبي ﷺ قال:" أَتَاكُمْ شهر رَمَضَانُ، شَهْرٌ مُبَارَكٌ، فَرَضَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ صِيَامَهُ، تُفْتَحُ فِيهِ أَبْوَابُ الجنة، وَتُغْلَقُ فِيهِ أَبْوَابُ الْجَحِيمِ، وَتُغَلُّ فِيهِ مَرَدَةُ الشَّيَاطِينِ وفِيهِ لَيْلَةٌ هي خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ، مَنْ حُرِمَ خَيْرَهَا فَقَدْ حُرِمَ ". (صحيح الجامع: 55)
قال ابن رجب -رحمه الله- كما في كتابه" لطائف المعارف ص204: قال بعض العلماء: هذا الحديث أصل في تهنئة الناس بعضهم بعضا بشهر رمضان، كيف لا يبشر المؤمن بفتح أبواب الجنان؟ وكيف لا يبشر المذنب بغلق أبواب النيران؟ وكيف لا يبشر العاقل بوقت يغل فيه الشيطان؟ فمن أين يشبه الزمان زمان؟
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52644 العمر : 72
موضوع: رد: فضل شهر رمضان الجمعة 31 مارس 2023, 9:57 pm
4- شهر رمضان أجره كامل، وإن كان تسعًا وعشرين يومًا: فقد أخرج البخاري ومسلم من حديث أبي بكرة -رضي الله عنه- عن النبي ﷺ قال:" شهران لا ينقصان، شهرا عيد: رمضان وذو الحجة ". (صحيح الجامع: 3719)
وفيه أن رمضان وذو الحجة في الفضل سيان، وأن كل ما ورد في فضلهما وأجرهما وثوابهما حاصل بكماله وإن كان الشهر تسعًا وعشرين. (انظر فتح الباري: 4/150) (المجموع: 6/253)
5- استحقاق الولاية لمن صام رمضان: فقد أخرج الطبراني في الكبير والحاكم والبيهقي من حديث عبيد بن عمير عن أبيه أنه حدثه – وكانت له صحبة – أن رسول الله ﷺ قال في حجة الوداع:" ألا إن أولياء الله المصلون من يقيم الصلوات الخمس التي كتبن عليه، ويصوم رمضان، ويحتسب صومه، يرى أنه عليه حق، ويعطي زكاة ماله يحتسبها، ويجتنب الكبائر التي نهى الله عنها...". الحديث (حسنه الألباني في إرواء الغليل في تخريج أحاديث منار السبيل)
6- شهر رمضان شهر مُدَارسة القرآن: شهر رمضان هو شهر القرآن ففيه نزل، قال تعالى: {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَىٰ وَالْفُرْقَانِ} (البقرة: 185).
وكان جبريل -عليه السلام- يلقى النبيَّ ﷺ في كل سنةٍ في رمضانَ وذلك في كل ليلة فيدارسه القرآن فيعرض رسول الله ﷺ على جبريل القرآن.
فقد أخرج البخاري ومسلم من حديث ابن عباس – رضي الله عنهما – قال:" كان رسول الله ﷺ أجود الناس، وكان أجودَ ما يكونُ في رمضانَ حين يلقاهُ جبريلُ، وكان يلقاه في كل ليلة من رمضان فيدارسه القرآن، فلرسول الله ﷺ أجودُ بالخيرِ من الريحِ المرسلة ".
قال ابن رجب -رحمه الله- في كتابه" لطائف المعارف ص 189": دل الحديث على استحباب دراسة القرآن في رمضان والاجتماع على ذلك، وعرض القرآن على من هو أحفظ له، وفيه دليل على استحباب الإكثار من تلاوة القرآن في شهر رمضان.
وفي حديث فاطمة -عليها السلام-عن أبيها ﷺ: أنه أخبرها أن جبريل –عليه السلام- كان يعارضه القرآن كل عام مرة، و أنه عارضه في عام وفاته مرتين.
وفي حديث ابن عباس –رضى الله عنهما-السابق- أن المُدَارسة بين النبي ﷺ وبين جبريل عليه السلام كانت ليلًا، يدل على استحباب الإكثار من التلاوة في رمضان ليلًا، فإن الليل تنقطع فيه الشواغل ويجتمع فيه الهم، ويتواطأ فيه القلب واللسان على التدبر كما قال تعالى: {إِنَّ نَاشِئَةَ اللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْئًا وَأَقْوَمُ قِيلًا} (المزمل:6). اهــ.
7- شهر رمضان خَصَّه اللهُ بصلاة التراويح: فرمضانُ شهر التهجدِ والتراويحِ، فطوبَى لعبدٍ صام نهاره، وقام أسحاره، وكم من فضائلَ وفوائدَ لصلاة التراويح.
والتي منها: أ - مغفرة الذنوب: كما مر بنا في الحديث الذي أخرجه البخاري ومسلم من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله ﷺ: " مَنْ قَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ ".
فإذا قام المسلم رمضان تصديقًا بما أخبر به النبي ﷺ في فضله، واحتسابًا للثواب يرجو الله مخلصًا له القيام ابتغاء مرضاته وغفرانه، حصل له الثواب العظيم. (انظر شرح النووي على مسلم: 6/286).
وقال الألباني -رحمه الله- في تعليقه على صحيح الترغيب والترهيب:" هذا الترغيب وأمثاله بيان لفضل هذه العبادات بأنه لو كان على الإنسان ذنوب تغفر له بسبب هذه العبادات، فإن لم يكن للإنسان ذنب يظهر هذا الفضل في رفع الدرجات كما في حق الأنبياء المعصومين من الذنوب ". اهـ.
ب - استحقاق قائمه اسم الصديقين والشهداء: ودليل ذلك ما أخرجه ابن خزيمة وابن حبان والبزار من حديث عَمْرَو بْنَ مُرَّةَ الْجُهَنِيَّ -رضي الله عنه- ، قَالَ:" جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ ﷺ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَرَأَيْتَ إِنْ شَهِدْتُ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ، وَأَنَّكَ رَسُولُ اللَّهِ، وَصَلَّيْتُ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسَ، وَأَدَّيْتُ الزَّكَاةَ، وَصُمْتُ رَمَضَانَ، وَقُمْتُهُ، فمِمَّنْ أَنَا ؟ قَالَ: مِنَ الصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ ".
وفي رواية ابن خزيمة:" من مات على هذا كان مع الصديقين والشهداء ". (صحيح الترغيب والترهيب: 1003).
جـ - من قام مع إمامه حتى ينتهيَ كُتِبَ له قيامُ ليلةٍ: فقد أخرج الإمام أحمد وأبو داود والترمذي من حديث أبي ذر -رضي الله عنه- عن النبي ﷺ قال:" إنه مَنْ قَامَ مَعَ الإِمَامِ حَتَّى يَنْصَرِفَ كُتِبَ لَهُ قِيَامُ ليلة ".
قال الألباني – رحمه الله– والشاهد من هذا الحديث قوله:" من قام مع الإمام...... ". فإنه ظاهر الدلالة على فضيلة قيام رمضان مع الإمام.
وقال صاحب عون المعبود: " حصل له ثواب قيام ليلة تامة ". (مختصر قيام الليل ص94).
فرمضان شهر القيام ومناجاة الملك العلام، فأين أهل الليل والعبرات؟
وأين أصحاب الأنين والزفرات؟
فيا غيومَ الغفلةِ عن القلوب تقشَّعِي... يا شموسَ التقوى والإيمان اطلعي. يا صحائفَ أعمالِ الصالحين ارتفعي... يا قلوبَ الصائمين اخشعي. يا أقدام المجتهدين اسجدي لربك وأركعي... يا عيون المتهجدين لا تهجعي. يا ذنوب التائبين لا ترجعي... يا أرض الهوى ابلعي ماءك، ويا سماء النفوس أقلعي. يا خواطر العارفين ارتعي... يا همم المحبين.. بغير الله لا تقنعي.
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52644 العمر : 72
موضوع: رد: فضل شهر رمضان الجمعة 31 مارس 2023, 9:57 pm
وأول وصية وصى الله بها الإنسان بعد ما عقل عنه هي: الشكر له وللوالدين، قال تعالى: {وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَىٰ وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ} (لقمان:14).
ثم عدد الله النعم على الإنسان ليعلم مدى رحمة الله به، ومننه عليه، حتى يشكره سبحانه، قال تعالى: {وَاللَّهُ أَخْرَجَكُم مِّن بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لَا تَعْلَمُونَ شَيْئًا وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} (النحل: 78).
وأخبر الله تعالى أن رضاه في شكره، فقال تعالى: {وَإِن تَشْكُرُوا يَرْضَهُ لَكُمْ} (الزمر: 7).
ثم أخبر سبحانه إنما يعبده من يشكره، فمن لم يشكره لم يكن من أهل عبادته فقال تعالى: {وَاشْكُرُوا لِلَّهِ إِن كُنتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ} (البقرة: 172) ولهذا قسم الله تعالى عباده إلى شكور وكفور فقال تعالى: {إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا} (الإنسان: 3).
المقصد أن الله تعالى لما ذكر شهر رمضان، ذكر في تمام الآية قوله {وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} لنعلم أن منن الله علينا كثيرة في رمضان، وتستأهل منا الشكر، فلا ندري أنشكره على نعمة الإسلام، أم على نعمة البقاء وإدراك رمضان، أم نشكره على أن فتح لنا أبواب الجنان وأغلق عنا أبواب النيران، وسلسل عنا الشياطين ومردة الجآن، أم نشكره على إجابة الدعاء والتوفيق للتسبيح ومواساة الفقير وإطعام المسكين، وإفطار الصائمين، والتهجد والتراويح، أم نشكره على مغفرة الذنوب والزلات، ورفع الدرجات، ومضاعفة الحسنات، أم على إدراك ليلة القدر، كل هذا يجعلنا نستشعر قوله تعالى: {وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَىٰ مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} (البقرة: 185).
والشكر لله درجات، تبدأ بالاعتراف بفضله والحياء من معصيته، وتنتهي بالتجرد لشكره، والقصد إلى هذا الشكر في كل حركة بدن، وفي كل لفظة لسان وفي كل قطرة جنان.. مع كل خفقة ووجيب قلب.
يقول ابن القيم - رحمه الله -: جعل الله الشكر مفتاح كلام أهل الجنة فقال تعالى: ﴿وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي صَدَقَنَا وَعْدَهُ﴾ وقال تعالى: ﴿وَآخِرُ دَعْوَاهُمْ أَنِ الْحَمْدُ لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾
9- شهر رمضان هو شهر المواساة: يقول الشيخ ابن عثيمين -رحمه الله-:" من أسماء الله تعالى: "الحكيم" والحكيم مَن اتَّصف بالحكمة، والحكمة: إتقان الأمور ووضعها في مواضعها، ومقتضى هذا الاسم من أسمائه تعالى أن كل ما خلقه الله تعالى أو شرعه، فهو لحكمة بالغة علمها مَن علمها، وجهلها من جهلها ".
وللصيام الذي شرعه الله وفرضه على عباده حِكَمٌ عظيمة وفوائد جمَّة: أن الغني يعرف قدر نعمة الله عليه بالغنى، حيث إن الله قد يسَّر له الحصول على ما يشتهي، من طعام، وشراب، ونكاح مما أباح الله شرعًا، ويسَّره له قدرًا، فيشكر ربه على هذه النعمة، ويذكر أخاه الفقير الذي لا يتيسر له الحصول على ذلك، فيجود عليه بالصدقة والإحسان.
يقول شوقي إبراهيم-رحمه الله-:" الصوم حرمان مشروع، وتأديب بالجوع، وخشوع لله وخضوع، ولكل فريضة حكمة، وفرض الصوم ظاهره العذاب وباطنه الرحمة، فهو يستثير الشفقة، ويحض على الصدقة، ويكسر الكبر، ويعلم الصبر، ويسن خلال البر، حتى إذا جاع من أَلفَ الشبع، وحُرِم المترف أسباب المنع، عرف الحرمان كيف يقع، وألم الجوع إذا لذع.
روي عن يوسف-عليه السلام- أنه قيل له:" لِمَ تجوع وأنت على خزائن الأرض؟ قال: أخاف أن أشبع فأنسى الجائع ".
أضف لهذا أن الغني يعرف قدر نعمة الله عليه بالامتناع عن هذه الشهوات في وقت مخصوص، وحصول المشقة له بذلك بتذكر من منع ذلك على الإطلاق، فيوجب له ذلك شكر نعمة الله عليه بالغنى ويدعوه إلى رحمه أخيه المحتاج ومواساته بما يمكن من ذلك.
يقول ابن رجب -رحمه الله-:" وسئل بعض السلف؛ لم شرع الصيام؟ قال: ليذوق الغني طعم الجوع فلا ينسى الجائع ". اهـ.
ويقول القحطاني -رحمه الله- في كتابه " الصيام في الإسلام:" فالصوم يعرف الغني قدر نعمة الله عليه، وقد حرمها كثير من الخلق، لأن الصائم إذا ذاق ألم الجوع في بعض الأوقات ذكر في هذا حاله في جميع الأوقات، وغالبها، فتسارع في قلبه الرحمة لهؤلاء المساكين، فيحسن إليهم، فيحصل على الثواب العظيم من الله الغني الكريم". اهـ.
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52644 العمر : 72
موضوع: رد: فضل شهر رمضان الجمعة 31 مارس 2023, 9:58 pm
10- شهر رمضان شهر الصبر والعطاء الجزيل: فقد أخرج البخاري ومسلم من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله ﷺ: قال الله تعالى:" كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ لَهُ إِلَّا الصِّيَامَ، فَإِنَّهُ لِي وَأَنَا أَجْزِي بِهِ......". الحديث
وفي رواية ابن خزيمة:" كل عمل ابن آدم له، الحسنة بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف، قال الله: إلا الصيام فهو لي وأنا أجزي به...". الحديث
قال ابن رجب الحنبلي -رحمه الله- في" لطائف المعارف ص183":" يكون استثناء الصوم من الأعمال المضاعفة، فتكون الأعمال كلها تضاعف بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف، إلا الصيام فإنه لا ينحصر تضعيفه في هذا العدد، بل يضاعفه الله أضعافًا كثيرة بغير حصر عدد، فإن الصيام من الصبر، والصبر ثلاثة أنواع: صبرٌ على طاعة الله، وصبرٌ على ما حرَّم الله، وصبرٌ على الأقدار المؤلمة.
وتجتمع الثلاثة في الصوم، فإن فيه صبرًا على طاعة الله، وصبرًا على ما حرَّم الله على الصائم من شهوات، وصبرًا على ما يحصل للصائم فيه من ألم الجوع، والعطش، وضعف النفس والبدن، وهذا الألم الناشئ من أعمال الطاعات يثاب عليه صاحبه، وخصوصا ألم الصيام؛ لأنه من الصبر، ولقد قال تعالى: ﴿إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُم بِغَيْرِ حِسَابٍ﴾ (الزمر:10). اهــ بتصرف واختصار.
فالصوم مدرسة يتعلم فيها الإنسان الصبر، والصبر كما نعلم أنه من أفضل الأخلاق التي يتخلَّق بها المسلم، وقد أمر الله تعالى المسلمين بالصبر في كل الأوقات، وعلى أي الأحوال، كما قال تعالى: ﴿وَاسْتَعِينُواْ بِالصَّبْرِ وَالصَّلاَةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلاَّ عَلَى الْخَاشِعِينَ﴾ (البقرة:45).
وقد فسَّر الإمام البغوي -رحمه الله- الصبر بالصيام في قوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اسْتَعِينُواْ بِالصَّبْرِ وَالصَّلاَةِ إِنَّ اللّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ﴾ (البقرة:153).
ففسر الصبر بالصوم؛ لأن الصبر في الأصل: الحبس، من ذلك قولهم: "مات فلان صبرًا" أي: محبوسًا في قيده، ففي شهر رمضان حبس النفس عن المأكل، والمشرب، والملذات، ولذلك سمَّاه النبي ﷺ بشهر الصبر كما جاء في الحديث الذي أخرجه النسائي بسند صحيح من حديث أبي هريرة أن النبي ﷺ قال:" شهر الصبر، وثلاثة أيام من كل شهر صوم الدهر". (صحيح الجامع:3718).
وعند البزار من حديث ابن عباس-رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله ﷺ:" صوم شهر الصبر، وثلاثة أيام من كل شهر: يُذْهِبنَ وَحَرَ الصَّدر". (صحيح الجامع:3804)
وفى قوله تعالى عن الصيام" أنا أجزي به": يدل على أن الكريم إذا قال: أنا أتولَّى الإعطاء بنفسي، كان في ذلك إشارة إلى عظم قدر الجزاء، وسعة العطاء.
11- رمضان شهر تجاب فيه الدعوات: وقد ذكر الله تعالى الدعاء بعد ذكر آيات الصيام فقال تعالى: {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَىٰ وَالْفُرْقَانِ فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَن كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَىٰ مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (185) وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ} ( البقرة: 185،186).
يقول ابن كثير -رحمه الله - في" تفسيره:1/219": ذكر الله -تعالى- هذه الآية الباعثة على الدعاء متخللة بين أحكام الصيام إرشادًا إلى الاجتهاد في الدعاء عند إكمال العدة، بل وكذا كل فطر.
وأخرج الإمام أحمد من حديث أبي هريرة أو أبي سعيد قال: قال رسول الله ﷺ:" إنَّ لله عتقاءَ في كلِّ يوم وليلة، لكلِّ عبد منهم دعوةٌ مستجابة ".
قال الحافظ ابن حجر -رحمه الله-: " يعني في رمضان ". (أطراف المسند لابن حجر:7/203).
وعند البزار عن أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله ﷺ:" إِنَّ لِلَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى عُتَقَاءَ فِي كُلِّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ - يَعْنِي: فِي رَمَضَانَ -، وَإِنَّ لِكُلِّ مُسْلِمٍ فِي كُلِّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ دَعْوَةً مُسْتَجَابَةً ". (صحيح الترغيب والترهيب: 1002).
- وفي رواية:" إن لله تعالى عند كل فطر عتقاء من النار، وذلك كل ليلة ". (صحيح الترغيب والترهيب: 991).
• فالصائم له دعوة مستجابة كما بَيَّن هذا الحبيب النبي ﷺ. ففي الحديث الذي أخرجه البيهقي في شعب الإيمان من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله ﷺ:" ثَلاثُ دَعَوَاتٍ مُسْتَجَابَاتٍ: دَعْوَةُ الصَّائِمِ، وَدَعْوَةُ الْمُظلوم، وَدَعْوَةُ المسافر ". (صحيح الجامع:3030).
وعند الإمام أحمد والترمذي من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله ﷺ:" ثَلاثَةٌ لا تُرَدُّ دَعْوَتُهُمْ: الإِمَامُ الْعَادِلُ، وَالصَّائِمُ حتى يُفْطِرُ – وفي رواية-: حين يفطر- وَدَعْوَةُ الْمَظْلُومِ ". (حسنه الحافظ ابن حجر في أمالي الأذكار).
وأخرج بن ماجه والحاكم أن النبي ﷺ قال:" إن للصائم عند فطره دعوة لا ترد ".
قال ابن أبي مليكة: سمعت عبد الله بن عمرو- رضي الله عنهما- يقول إذا أفطر: اللهم إني أسألك برحمتك التي وسعت كل شيء أن تغفر لي ".
فأعظم به من دعاء يخرج من فم أعطش صاحبه نفسه لله، وهذا الدعاء يصعد إلى السماء فما يرده الله بكرمه.
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52644 العمر : 72
موضوع: رد: فضل شهر رمضان الجمعة 31 مارس 2023, 9:58 pm
12- رمضان شهر مضاعفة الأجر: قال ابن رجب -رحمه الله- في " لطائف المعارف: ص 284 – 286": واعلم أن مضاعفة الأجر للأعمال تكون بأسباب منها شرف المكان المعمول فيه ذلك العمل كالحرم...
ومنها: شرف الزمان كشهر رمضان، وعشر ذي الحجة، فلما كان الصيام في نفسه مضاعفًا أجره بالنسبة إلى سائر الأعمال كان صيام شهر رمضان مضاعفًا على سائر الصيام لشرف زمانه، وكونه هو الصوم الذي فرضه الله على عباده، وجعل صيامه أحد أركان الإسلام التي بُني الإسلام عليها. أهـ مختصرًا.
ويتضح من كلام ابن رجب -رحمه الله- أن مضاعفة الأجر للأعمال تكون بأسباب منها: أ – شرف المكان المعمول فيه ذلك العمل: كالصلاة في الحرم المكي أو النَّبوي، فالأجر يضاعف فيهما، ودليل ذلك ما أخرجه الإمام أحمد من حديث جابر -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله ﷺ:" صَلَاةٌ فِي مَسْجِدِي هَذَا أَفْضَلُ مِنْ أَلْفِ صَلَاةٍ فِيمَا سِوَاهُ إِلَّا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ، وَصَلَاةٌ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ أَفْضَلُ مِنْ مِائَةِ أَلْفِ صَلَاةٍ فِيمَا سِوَاهُ ". (صحيح الجامع: 3838).
ب – شرف العامل عند الله وقربه منه وكثرة تقواه: كحال الصحابة الذين قال عنهم النبي ﷺ:" لاَ تَسُبُّوا أَصْحَابِي، لاَ تَسُبُّوا أَصْحَابِي، فَوَ الَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوْ أَنَّ أَحَدَكُمْ أَنْفَقَ مِثْلَ أُحُدٍ ذَهَبًا مَا أَدْرَكَ مُدَّ أَحَدِهِمْ وَلاَ نَصِيفَهُ ".(رواه البخاري ومسلم من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه).
وفي مسند الإمام أحمد من حديث أنس -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله ﷺ:" دَعُوا لِي أَصْحَابِي، فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوْ أَنْفَقْتُمْ مِثْلَ أُحُدٍ أو مِثْلَ الْجِبَالِ ذَهَبًا مَا بَلَغْتُمْ أَعْمَالَهُمْ ".
يقول عبد الله ابن مسعود -رضي الله عنه-:" الصحابة أبر هذه الأمة قلوبًا، وأعمقُها علمًا، وأقلُّها تكلفًا، وأقومُها هديًا، وأحسنها حالًا، اختارهم الله تعالى لصحبة نبيه ﷺ وإقامة دينه ".
وعندما نتكلم عن شرف العامل عند الله وقربه منه، لا ننسى أن نتكلم عن أمة النبي ﷺ والذين فضلهم الله على سائر الأمم.
قال تعالى: {كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ} (آل عمران:110).
وقال النبي ﷺ:" أعطيت مالم يعط أحد من الأنبياء..... ثم قال: " وجُعلت أمتي خير الأمم ".
(رواه الإمام أحمد من حديث عليّ -رضي الله عنه-).
وعند الإمام أحمد والترمذي من حديث معاوية بن حيدة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله ﷺ:" إنكم تُتمون سبعين أُمَّة، أنتم خيرها وأكرمها على الله ". (صحيح الجامع: 2301).
وحيث أن الأُمة المحمَّدية خير الأمم وأفضلها وأكرمها على الله -تعالى- فقد أعطاها مالم يعطه لغيرها؛ كما ورد في الحديث الذي أخرجه البخاري من حديث ابن عمر-رضى الله عنهما- قال: قال رسول الله ﷺ:" مثلكم ومثل أهل الكتابين كمثل رجل استأجر أُجَرَاء، فقال: مَن يعمل لي غُدوةٍ إلى نصف النهار على قيراط؟ فعملت اليهود، ثم قال: مَن يعمل لي من نصف النهار إلى صلاة العصر على قيراط؟ فعملت النصارى، ثم قال: مَن يعمل لي من صلاة العصر إلى أن تغيب الشمس على قيراطين؟ فأنتم هم، فغضبت اليهود والنصارى، وقالوا: ما لنا أكثر عملًا وأقل أجرًا؟ قال: هل نقصتكم من حقكم شيئًا؟ قالوا: لا، قال: ذلك فضلي أُوتِيه مَن أشاء".
ج – شرف الزمان كشهر رمضان، وعشر ذي الحجة: فالعمل الصالح فيها أجره كبير، وفضله عظيم.
وإذا تحدثنا عن رمضان وكيف يضاعف العمل فيه، فلنا وقفه مع الحديث القدسي الذي أخرجه البخاري ومسلم من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- عن النبي ﷺ قال: قال الله :" كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ لَهُ إِلَّا الصِّيَامَ فَإِنَّهُ لِي وَأَنَا أَجْزِي بِهِ.....". الحديث.
قال الحافظ ابن حجر- رحمه الله-:" المراد بقوله:" إلا الصيام فإنه لي وأنا أجزي به " أني أنفرد بعلم مقدار ثوابه وتضعيف حسناته، وأما غيره من العبادات فقد اطَّلعَ عليها بعض الناس ".
قال القرطبي-رحمه الله-:" معناه أن الأعمال قد كشفت مقادير ثوابها للناس، وأنها تضاعف من عشرة إلى سبعمائة إلى ما شاء الله، إلا الصيام فإن الله يثيب عليه بغير تقدير ".
كما جاء في الحديث الذي أخرجه الترمذي أن الحبيب النبي ﷺ قال:" إن ربكم يقول: كل حسنة بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف، والصوم لي وأنا أجزي به ". (صحيح الترغيب والترهيب:968).
أضف لهذا: أن رمضان تقع فيه عبادات أجرها كبير، وفضلها عظيم ومنها: عمرة في رمضان، فهي تعدل أجر حجة.
كما ورد في الصحيحين من حديث جابر-رضي الله عنه- قال: قال رسول الله ﷺ:" عمرة في رمضان تعدل حجة ". -وفي رواية:" حجة معي ".
أضف لهذا أن صيام رمضان وقيامه، وكذا قيام ليلة القدر سبب لغفران ما تقدم من الذنوب – كما سيأتي.
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52644 العمر : 72
موضوع: رد: فضل شهر رمضان الجمعة 31 مارس 2023, 9:59 pm
13- شهر رمضان فيه ليلة خير من ألف شهر: قال الزهري -رحمه الله-: سميت ليلة القدر لعظمها وقدرها وشرفها، من قولهم لفلان قدر: أي شرف ومنزلة، وهذه الليلة من حرم خيرها فهو المحروم.
كما جاء في الحديث الذي أخرجه النسائي عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله ﷺ:" أَتَاكُمْ شهر رَمَضَانُ، شَهْرٌ مُبَارَكٌ، فَرَضَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَيْكُمْ صِيَامَهُ، تُفْتَحُ فِيهِ أَبْوَابُ السَّمَاءِ... - وفي رواية: أبواب الجنة، وَتُغْلَقُ فِيهِ أَبْوَابُ الْجَحِيمِ، وَتُغَلُّ فِيهِ مَرَدَةُ الشَّيَاطِينِ، وفِيهِ لَيْلَةٌ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ، مَنْ حُرِمَ خَيْرَهَا فَقَدْ حُرِمَ". (صحيح الجامع: 55) (صحيح الترغيب والترهيب: 999).
وفي رواية عن ابن ماجه من حديث أنس -رضي الله عنه- قال:" دَخَلَ رَمَضَانُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: إِنَّ هَذَا الشَّهْرَ قَدْ حَضَرَكُمْ وَفِيهِ لَيْلَةٌ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ، مَنْ حُرِمَهَا فَقَدْ حُرِمَ الْخَيْرَ كُلَّهُ، وَلَا يُحْرَمُ خَيْرَهَا إِلَّا مَحْرُومٌ". (صحيح الترغيب والترهيب: 1000).
فالمحروم هو الممنوع: الذي منع خيرها بأن لا يوفق لإحيائها والعبادة فيها، فهذا الذي منع الخير كله، وفاته الثواب الكامل أو الغفران الشامل الذي يفوز به القائم على إحيائها (أفاده المباركفوري -رحمه الله-).
ولهذا كان النبي ﷺ يعتكف ويجتهد في العشر الأواخر التماسًا لتلك الليلة.
وهذه الليلة اختصها الله تعالى بإنزال القرآن فيها، وجعل العمل فيها خير من العمل في ألف شهر.
قال ابن جرير الطبري-رحمه الله- في" تفسيره: 12/259 – 260": قال بعضهم: معنى ذلك أن العمل في ليلة القدر بما يرضي الله، خير من العمل في غيرها ألف شهر. وقال مجاهد: عملها وصيامها وقيامها خير من ألف شهر. وقال قتادة: ليلة القدر خير من ألف شهر ليس فيها ليلة القدر. وسرد ابن جرير الطبري أقوال أخرى، ثم قال: وأشبه الأقوال في ذلك بظاهر التنزيل قول من قال: عمل في ليلة القدر خير من عمل ألف شهر، ليس فيها ليلة القدر. اهـ.
كما اختص الله تعالى هذه الليلة بأن من قامها لله إيمانًا واحتسابًا غفر له ما تقدم من ذنبه.
فقد أخرج البخاري ومسلم عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله ﷺ:" مَنْ قَامَ لَيْلَةَ الْقَدْرِ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ ".
أيـــــــــــــــا شهرَ الخيرِ يا أعظمَ شهـــــرٍ أنـــــــــــــــــــــــزل اللهُ بـــه أعظمَ ذكــــــر يغفرُ الله لمـــــــــــــــن صام احتسابًـــــــا كـــل ما أسلف مـــــن ذنب ووزر ِ وبيـــــــــــــــوت الله رَوْحٌ وعمــــــــــــــــــــــــــــار ُ بابتهـــــــــــــــــــــــالٍ وتراويـــــــــــحٌ ووتــــر ِ وتـــــرى الناس إلى الفضل استباقًا بزكـــــــــــــــاة وبإحســــــــــــــــانٍ وبـــــــــــــــر ِ ذكريات النصر عطرٌ في شذاهـــا والفتوحــــــــــــــــات ونــــــــاهيكَ ببـــــدر ِ إنــــــــــــــــــــــــــه الرحمـــــــــــــــــــة فينا يتجلى ساعـــــة في ليلةٍ خُصت بقـــدر ٍ حسبهـــا ما أودع الرحمــــن فيهــــــــــــا فهي خير عنــــده من ألف شهر. (ومضات إيمانية)
14- شهر رمضان شهر الاعتكاف والاجتهاد في العبادة: من المعلوم أن ليلة القدر في العشر الأواخر من رمضان كما أخبر بهذا الحبيب العدنان ﷺ فقال:" تَحرُّوا لَيلةَ القَدْرِ في الوَتْر من العَشرِ الأواخِرِ من رمضانَ ".
- وفي رواية: " تَحرُّوا لَيلةَ القَدْرِ في العَشرِ الأواخِرِ من رمضانَ ". (أخرجه البخاري من حديث عائشة -رضي الله عنها-).
ولذلك كان النبي ﷺ يجتهد في العشر الأواخر من رمضان ما لا يجتهد في غيرها.
تقول عائشة -رضي الله عنها-:" كان رسول الله ﷺ يجتهد في العشر الأواخر ما لا يجتهد في غيره". (رواه مسلم).
وقالت أيضا -رضي الله عنها-: كان رسول الله ﷺ إذا دخل العشر شد مئزره ، وأحيا ليله، وأيقظ أهله ". (أخرجه البخاري ومسلم).
ومن جملة ما كان يفعله النبي ﷺ في العشر الأواخر من رمضانَ أنه كان يلزم المسجد ويعتكف فيه للتفرغ للعبادة ومناجاة الله -سبحانه وتعالى-.
فقد أخرج البخاري ومسلم من حديث عائشة –رضي الله عنها– قالت:" كان النبي ﷺ يعتكف العشر الأواخر من رمضان حتى توفاه الله تعالى، ثم اعتكف أزواجه من بعده ".
وعند البخاري من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- قال:" كان النبي ﷺ يعتكف في كل رمضان عشرة أيام، فلما كان العام الذي قبض فيه اعتكف عشرين يوما".
قال الإمام الصنعاني-رحمه الله- كما في" سبل السلام 2/174":" فيه دليل عل أن الاعتكاف سنة واظب عليها رسول الله ﷺ وأزواجه من بعده. ونقل أبو داود: عن الإمام أحمد قال: لا أعلم عن أحد من العلماء خلافا أن الاعتكاف مسنون. وأما المقصود منه فهو جمع القلب على الله تعالى بالخلوة مع خلو المعدة والإقبال عليه تعالى والتنعم بذكره، والإعراض عما عداه ". اهـ.
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52644 العمر : 72
موضوع: رد: فضل شهر رمضان الجمعة 31 مارس 2023, 10:00 pm
15- شهر رمضان شهر الانتصارات والفتوحات: غزوة بدر الكبرى وكانت في السابع عشر من رمضان في السنة الثانية من الهجرة المباركة. قال تعالى: {لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ بِبَدْرٍ وَأَنتُمْ أَذِلَّةٌ فَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} (آل عمران: 123).
وفي رمضان من السنة السادسة من الهجرة كانت سرية غالب بن عبد الله، المؤلفة من مائة وثلاثين مسلمًا لقتال بني عبد الله بن ثعلبة، وكانوا قد أعلنوا عداوتهم للمسلمين، فانتصر غالب عليهم وغنم كثيرًا من الخيرات وساقها إلى المدينة.
وفي رمضان سنة 8 هـ كان فتح مكة.
وفي رمضان سنة 8 هـ هدم الأصنام (هبل، العزى، سواع، مناة).
وفي رمضان سنة 9 هـ هدم اللات.
وفي رمضان سنة 9 هـ عودة الرسول ﷺ من غزوة تبوك.
وفي رمضان سنة 13 هـ كانت معركة البويب (انظر البداية والنهاية لابن كثير 7/30).
وفي رمضان سنة 31 هـ فتح النوبة ومعاهدة القبط.
وفي رمضان سنة 53 هـ فتح جزيرة رودس.
وفي رمضان سنة 67 هـ زوال دولة المختار الثقفي الذي ادعى النبوة.
وفي رمضان سنة 91 هـ غزوة طريف.
وفي رمضان سنة 91 هـ فتح الأندلس.
وفي رمضان سنة 102 هـ كانت هناك فتوحات في فرنسا.
وفي رمضان سنة 114 هـ معركة بلاط الشهداء في أوربا بقيادة البطل الشهيد عبد الرحمن الغافقي.
وفي رمضان سنة 222 هـ فتح مدينة " بابك الخرمي ".
وفي رمضان سنة 223 هـ فتح عمورية على يد المعتصم.
وفي رمضان سنة 264 هـ سقوط سرقوسة " من جزيرة صقلية " في يد المسلمين.
وفي رمضان سنة 559 هـ واقعة حارم.
وفي رمضان سنة 584 هـ فتح الكرم وصفد.
وفي رمضان سنة 647 هـ معركة المنصورة ضد الصلبيين بقيادة فخر الدين الجويني وأسر فيها لويس التاسع.
وفي رمضان سنة 658 هـ الجمعة 25 من رمضان كانت واقعة عين جالوت.
وفي رمضان سنة 666 هـ فتح أنطاكية.
وفي رمضان سنة 673 هـ فتح أرمينيا الصغرى.
وفي رمضان سنة 702 هـ معركة شقحب (بالشام ضد التتار) أو معركة مرج الصُّفَّر.
وفي رمضان سنة 829 هـ فتح جزيرة قبرص.
وفي رمضان سنة 791 هـ معركة قوص أوه أو فتح البوسنة والهرسك.
وفي رمضان سنة 827 هـ فتح بلغراد عاصمة المجر.
وفي رمضان سنة 935 هـ جهاد المسلمين في الحبشة.
وفي رمضان سنة 1393 هـ السادس من أكتوبر 1973م هزيمة اليهود على يد المصريين.
16- شهر رمضان هو شهر إطعام الطعام: شهر رمضان شهر يجود الله فيه على عباده بالرحمة والمغفرة والعتق من النار، ويرحم من عباده الرحماء، كما جاء في الحديث أن النبي ﷺ قال:" إِنَّمَا يَرْحَمُ اللَّهُ مِنْ عِبَادِهِ الرُّحَمَاءَ ". فمن جاد على عبد الله، جاد الله عليه بالعطاء والفضل، والجزاء من جنس العمل.
قال الشافعي -رحمه الله-: أحبُّ للرجلِ الزيادةَ بالجودِ في شهرِ رمضانَ اقتداءً برسولِ اللهِ ﷺ ولحاجةِ الناسِ فيه إلى مصالحهم، ولتشاغل كثير منهم بالصوم والصلاة عن مكاسبهم ". (لطائف المعارف: ص 178).
وقال النبي ﷺ:" أحَبُّ النَّاسِ إِلَى اللَّهِ أَنْفَعُهُمْ لِلنَّاسِ، – وفي رواية:" خير النَّاسِ أَنْفَعُهُمْ لِلنَّاسِ، وَأَحَبُّ الأَعْمَالِ إِلَى اللَّهِ سُرُورٌ تُدْخِلُهُ عَلَى مُسْلِمٍ، أَوْ تَكْشِفُ عَنْهُ كُرْبَةً، أَوْ تَقْضِي عَنْهُ دَيْنًا، أَوْ تَطْرُدُ عَنْهُ جُوعًا، وَلأَنْ أَمْشِيَ مَعَ أخي المسلم فِي حَاجَةٍ، أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أَعْتَكِفَ فِي الْمَسْجِدِ شَهْرًا....". (رواه الطبراني في الكبير عن ابن عمر –رضى الله عنهما- وفي صحيح الجامع:176).
• وعد النبي ﷺ إطعام الطعام من أفضل الأعمال ففي الحديث الذي أخرجه البيهقي في شعب الإيمان عن أبي هريرة-رضي الله عنه- عن النبي ﷺ قال:" أَفْضَلُ الأَعْمَالِ أَنْ تُدْخِلَ عَلَى أَخِيكَ الْمُؤْمِنِ سُرُورًا، أَوْ تَقْضِيَ عنه دَيْنًا، أَوْ تُطْعِمَهُ خُبْزًا ". (صحيح الجامع: 1096)
ومن أعان صائمًا أو قائمًا أو ذاكرًا فله مثل أجره، وقد جاء في الحديث الذي أخرجه الإمام أحمد والترمذي وابن ماجه من حديث زيد بن خالد -رضي الله عنه- عن النبي ﷺ أنه قال:" مَنْ فَطَّرَ صَائِمًا كَانَ لَهُ مِثْلُ أَجْرِهِ، غَيْرَ أَنَّهُ لَا يَنْقُصُ مِنْ أَجْرِ الصَّائِمِ شَيْئًا ". (صحيح الجامع: 6415).
وفي رواية: " من فطَّر صائمًا، أو جهز غازيًا، فله مثل أجره ". (صحيح الجامع: 6414).
• وإطعام الطعام سبيل لسكنى أعالي الجنان فقد أخرج الإمام أحمد والترمذي من حديث أبي مالك الأشعري -رضي الله عنه- عن النبي ﷺ قال:" إِنَّ فِي الْجَنَّةِ غُرَفًا يُرَى ظَاهِرُهَا مِنْ بَاطِنِهَا، وَبَاطِنُهَا مِنْ ظَاهِرِهَا، أعدها الله تعالى لمن أطعم الطعام، وألان الكلام وتابع الصيام، وأفشى السلام، وصلى بالليل والناس نيام ".
وهذه الخصال جميعها تجتمع في رمضان، ففيه إطعام الطعام، وطيب الكلام، والصيام، والقيام (لطائف المعارف ص 242).
• وكان السلف الكرام يسارعون لإطعام الطعام، لما فيه من أجر كبير وفضل عظيم.
- فها هو ابنُ عمر -رضي الله عنهما- كان يصوم ولا يفطر إلا مع المساكين، فإذا منعه أهله عن الفقراء والمساكين لم يتعشى تلك الليلة.
وكان إذا جاءه سائل وهو على طعامه أخذ نصيبه من الطعام وقام فأعطاه للسائل فيرجع وقد أكل أهله ما بقي في الجفنة فيصبح صائمًا ولم يأكل شيئًا. وكان يتصدق بالسكر ويقول: سمعت الله يقول ﴿لَن تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّىٰ تُنفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ﴾ والله يعلم أني أحب السكر.
- وكان الحسن يُطعم إخوانه وهو صائم تطوعًا، ويجلس يروحهم وهم يأكلون.
- وكان ابن المبارك يطعم إخوانه في السفر، الألوان من الحلواء وغيرها وهو صائم.
- وجاء سائل إلى الإمام أحمد فدفع إليه رغيفين كان يعدهما لفطره ثم طوى وأصبح صائما.
- واشتهى بعض الصالحين من السلف طعامًا وكان صائمًا فوضع بين يديه عند فطوره فسمع سائلًا يقول: من يقرض الملي الوفي الغني؟ فقال هذا الرجل الصالح: عبده المعدم من الحسنات، فقام وأخذ الصحفة فخرج بها إليه وبات طاويًا.
فرحمة الله على الرعيل الأول ضربوا أمثلة رائعة في الإيثار والبذل والعطاء.
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52644 العمر : 72
موضوع: رد: فضل شهر رمضان الجمعة 31 مارس 2023, 10:00 pm
17- رمضان شهر الجود والإحسان: كان النبي ﷺ يُوصف بالجود والكرم ففي الصحيحين من حديث أنس -رضي الله عنه- قال:" كان رسول الله ﷺ أحسن الناس، وأشجع الناس، وأجود الناس ".
وفي صحيح مسلم من حديث أنس -رضي الله عنه- قال:" مَا سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ عَلَى الْإِسْلَامِ شَيْئًا إِلَّا أَعْطَاهُ قَالَ: فَجَاءَهُ رَجُلٌ فَأَعْطَاهُ غَنَمًا بَيْنَ جَبَلَيْنِ، فَرَجَعَ إِلَى قَوْمِهِ فَقَالَ: يَا قَوْمِ أَسْلِمُوا فَإِنَّ مُحَمَّدًا يُعْطِي عَطَاء من لَا يَخْشَى الْفَاقَةَ " -وفي رواية- " يعطي عطاء من لا يخاف الفقر ".
وهناك من الأحاديث الكثيرة والتي تدل على كرم وجود النبي ﷺ، إلا أنه عندما يدخل عليه رمضان يكون أكثر جودًا وكرما ً، لأن هذا هو شهر الجود والإحسان، ففي الصحيحين ومسند الإمام أحمد عن ابن عباس -رضى الله عنهما- قال:" كان النبي ﷺ أجودُ الناسِ، وكان أجود ما يكون في رمضان حين يلقاه جبريل فيدارسه القرآن، وكان جبريل يلقاه كل ليلة من رمضان فيدارسه القرآن، فلرسول الله ﷺ حين يلقاه جبريلُ أجودُ بالخيرِ من الريح المرسلة ". – زاد الإمام أحمد في روايته:" لا يسأل عن شيء إلا أعطاه ".
قال الحافظ ابن حجر -رحمه الله- في "الفتح :4/139": قال الزين بن المنير: وجه التشبيه بين أجوديته ﷺ بالخير وبين أجودية الريح المرسلة أن المراد بالريح ريح الرحمة التي يرسلها الله تعالى لإنزال الغيث العام الذي يكون سببًا لإصابة الأرض الميتة وغير الميتة، أي فيعم خيره وبره من هو بصفة الفقر والحاجة، ومن هو بصفة الغني والكفاية أكثر مما يعم الغيث الناشئة عن الريح المرسلة ".
ونقل الحافظ ابن رجب -رحمه الله- في" لطائف المعارف ص 178" عن الشافعي -رحمه الله- أنه قال:" أحب للرجل الزيادة بالجود في شهر رمضان اقتداء برسول الله ﷺ ولحاجة الناس فيه إلى مصالحهم، ولتشاغل كثير منهم بالصوم والصلاة عن مكاسبهم، وكذا قال القاضي أبو يعلى وغيره من أصحابنا أيضا ".
18- شهر رمضان تغفر فيه الذنوب: فقد أخرج الإمام مسلم من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله ﷺ كان يقول:" الصَّلَوَاتُ الْخَمْسُ، وَالْجُمْعَةُ إِلَى الْجُمْعَةِ، وَرَمَضَانُ إِلَى رَمَضَانَ، مُكَفِّرَاتٌ مَا بَيْنَهُنَّ إِذَا اجْتُنِبَتِ الْكَبَائِر ".
قال المناوي -رحمه الله- في "فيض القدير 2/208": وقوله: "الصلوات الخمس والجمعة إلى الجمعة ورمضان إلى رمضان" أي صلاة الجمعة منتهية إلى الجمعة وصوم رمضان منتهيا إلى صوم رمضان "مكفرات لما بينهن إذا اجتنبت الكبائر" شرط وجزاء دل عليه ما قبله ومعناه أن الذنوب كلها تغفر إلا الكبائر فلا تغفر إلا بالتوبة. اهـ
• الوعيد الشديد لكل من دخل عليه رمضان ثم خرج منه ولم يغفر له: أخرج البزار والطبراني عن جابر بن سمرة -رضي الله عنه- قال:" صعِد النَّبيُّ ﷺ المنبرَ، فقال: آمين، آمين، آمين، فلمَّا نزل سُئل عن ذلك، فقال:" أتاني جبريلُ، فقال: رغِم أنفُ امرئٍ أدرك رمضانَ فلم يُغفرْ له، قُلْ: آمين، فقلتُ: آمين، ورغِم أنفُ امرئٍ ذُكِرتَ عنده فلم يُصلِّ عليك، قُلْ: آمين، فقلتُ: آمين، ورغِم أنفُ رجلٍ أدرك والدَيْه أو أحدَهما فلم يُغفرْ له، قُلْ: آمين، فقلتُ : آمين ".
وفي رواية عند الترمذي:" رغِمَ أَنفُ رجلٍ ذُكِرتُ عندَهُ فلم يصلِّ عليَّ ، ورَغِمَ أنفُ رجلٍ دخلَ علَيهِ رمضانُ ثمَّ انسلخَ قبلَ أن يُغفَرَ لَهُ، ورغمَ أنفُ رجلٍ أدرَكَ عندَهُ أبواهُ الكبرَ فلم يُدْخِلاهُ الجنَّةَ ". (صحيح الترمذي: 3545).
قال المناوي -رحمه الله- في فيض القدير:4/34:" وقوله ﷺ:" رَغِم أنفُ رَجُلٍ دخَل عليه رمَضانُ، ثمَّ انسَلَخ قبلَ أن يُغفَرَ له": أي رغم أنف من علم أنه لو كف نفسه عن الشهوات شهرًا في كل سنة، وأتى بما وظَّفَ له فيه من صيام وقيام غفر له ما سلف من الذنوب؛ فقصر ولم يفعل حتى انسلخ الشهر ومضى، فمن وجد فرصة عظيمة بأن قام فيه إيمانًا واحتسابًا عظمه الله، ومَنْ لم يعظمه حقَّره الله وأهانه ". اهـ
وأسباب المغفرة في رمضان كثيرة منها: أ- صيام رمضان: فقد أخرج البخاري ومسلم من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله ﷺ: مَنْ صام رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ ".
والغفران مشروط بشرطين: الإيمان والاحتساب، وهما مدار الفرق بين العادة والعبادة فبدونهما يكون الصوم إرثا وتقليدًا فلما يدفع صاحبه إلى الخير وينهاه عن الشر. (الصوم في ضوء الكتاب والسنة للأشقر ص 14).
وفي مسند الإمام أحمد عن معاذ بن جبل -رضي الله عنه- قال رسول الله ﷺ:" مَنْ لَقِيَ اللَّهَ لَا يُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا، يُصَلِّي الصلوات الْخَمْسَ، وَيَصُومُ رَمَضَانَ، غُفِرَ لَهُ "، قُلْتُ: أَفَلَا أُبَشِّرُهُمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: " دَعْهُمْ يَعْمَلُوا ". (الصحيحة: 1315).
ب- قيام رمضان: فقد أخرج البخاري ومسلم من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله ﷺ:" مَنْ قَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ ".
جـ - قيام ليلة القدر: فقد أخرج البخاري ومسلم من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله ﷺ:" مَنْ قَامَ ليلة القدر إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ ".
فأسباب المغفرة متوفرة في رمضان دون غيره من الشهور؛ فأبواب الجنة مفتحة، وأبواب النار مغلقة، والشياطين مصفدة، من قامه لله إيمانًا وإحتسابًا غفر له ما تقدم من ذنبه، ومن صامه إيمانًا وإحتسابًا غفر له ما تقدم من ذنبه، وفيه ليلة خير من ألف شهر، من قامها لله إيمانًا وإحتسابًا غفر له ما تقدم من ذنبه، ولله فيه عتقاء من النار وذلك في كل ليلة، فهل يتصور بعد ذلك كله أن يخرج الإنسان من رمضان صفر اليدين، ولم يغفر له، والله إن كان ذلك كذلك فقد رغم أنفه.
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52644 العمر : 72
موضوع: رد: فضل شهر رمضان الجمعة 31 مارس 2023, 10:01 pm
قال الإمام ابن كثير-رحمه الله- في تفسيره 1/268: مدح الله- تعالى- شهر الصيام من بين سائر الشهور بأن اختاره من بينهن لإنزال القرآن العظيم فيه. اهـ.
وكان نزول القرآن الكريم في ليلة القدر في العشر الأواخر من رمضان، كما قال تعالى {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ} (القدر: 1).
وقال تعالى: {إِنَّا أَنـزلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ} (الدخان: 3).
قال ابن جرير الطبري -رحمه الله- في تفسيره 2/114-115: نزل القرآن من اللوح المحفوظ إلى السماء الدنيا في ليلة القدر من شهر رمضان، ثم أنزل إلى محمد ﷺ على ما أراد الله إنزاله إليه.
وقال ابن عباس - رضي الله عنهما -: " أُنزِلَ القرآنُ في ليلة القدر من السماء العليا، جملة واحدة ثم فُرِّق في السنين بعدُ ".
وقال أيضا:" أُنزل القرآنُ جملةً من الذكر، في ليلة أربع وعشرين من رمضان فجُعِل في بيت العزة ".
وقال سعيد بن جبير -رحمه الله-: نزل القرآن جملة واحدة في ليلة القدر في شهر رمضان فجعل في سماء الدنيا. اهــ. (باختصار من تفسير الطبري: 2/114 ، 115).
20- شهر رمضان أنزلت فيه الكتب السماوية: وأخرج الإمام أحمد في مسنده والطبراني في الكبير عن واثلة بن الأسقع -رضي الله عنه- أن رسول الله ﷺ قال:" أُنْزِلَتْ صُحُفُ إِبْرَاهِيمَ -عليه السلام- فِي أَوَّلِ لَيْلَةٍ مِنْ رَمَضَانَ، وَأُنْزِلَتْ التَّوْرَاةُ لِسِتٍّ مَضَيْنَ مِنْ رَمَضَانَ، وَالْإِنْجِيلُ لِثَلَاثَ عَشْرَةَ خَلَتْ مِنْ رَمَضَانَ، وَأُنْزِلَ الْقرْآن لِأَرْبَعٍ وَعِشْرِينَ خَلَتْ مِنْ رَمَضَانَ ". (صحيح الجامع: 1509، 1497) (الصحيحة: 1575).
قال ابن كثير - رحمه الله- في" تفسيره 1/192" متحدثًا عن شهر رمضان: وهو الشهر الذي كانت الكتب الإلهية تنزل فيه على الأنبياء. اهـ.
21- شهر رمضان العمرة فيه تعدل أجر حجة: فقد أخرج البخاري ومسلم عن ابن عباس–رضي الله عنهما- أَنَّ رسول الله ﷺ قَالَ لِامْرَأَةٍ مِنَ الْأَنْصَارِ يُقَالُ لَهَا أُمُّ سِنَانٍ:"مَا مَنَعَكِ أَنْ تَكُونِي حَجَجْتِ مَعَنَا؟" قَالَتْ: نَاضِحَانِ كَانَا لِأَبِي فُلَانٍ -زَوْجِهَا- حَجَّ هُوَ وَابْنُهُ عَلَى أَحَدِهِمَا، وَكَانَ الْآخَرُ يَسْقِي عَلَيْهِ غُلَامُنَا [أرضا لنا]، فقالَ النبي ﷺ: "فإن عُمْرَةٌ فِي رَمَضَانَ تَقْضِي حَجَّةً". أَوْ "حَجَّةً مَعِي".
وفي لفظ مسلم:" فإذا جاء رمضان فاعتمري، فإن عمرةً فيه تعدل حجة ".
فالنبي ﷺ أعلم أمَّ سنان أن العمرة في رمضان تعدل الحجة في الثواب، لا أنها تقوم مقامها في إسقاط الفرض، للإجماع على أن الاعتمار لا يجزئ عن حج الفرض، وهذا الحديث فضل من الله ونعمة على عبده المؤمن، وفيه أن ثواب العمل يزيد بزيادة شرف الوقت، كما يزيد بحضور القلب، وبخلوص القصد. (انظر فتح الباري لابن حجر: 3/604).
وقال المناوي – رحمه الله – في فيض القدير: 4/361: وقول النبي ﷺ: " عمرة في رمضان تقضي حجة " أي تقابلها وتماثلها في الثواب، لأن الثواب يفضل بفضيلة الوقت، ولا تقوم مقامها في إسقاط الفرض بالإجماع. اهـ.
وقال ابن العربي -رحمه الله- وهو من أئمة المالكية: في الحديث السابق: وفي هذا فضل من الله ونعمة، فقد نزلت العمرة منزلة الحج بانضمام رمضان إليها. اهـ. بتصرف.
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52644 العمر : 72
موضوع: رد: فضل شهر رمضان الجمعة 31 مارس 2023, 10:03 pm
22- رمضان والشفاعة: فشهر رمضان هو شهر الصيام والقرآن وهما يشفعان للعبد يوم القيامة، فقد أخرج ابن حبان وابن ماجه من حديث جابر -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله ﷺ:" الْقُرْآنُ شَافِعٌ مُشَفَّعٌ وَمَاحِلٌ مُصَدِّقٌ، فَمَنْ جَعَلَهُ أَمَامَهُ قَادَهُ إِلَى الْجَنَّةِ، وَمَنْ جَعَلَهُ خَلْفَهُ سَاقَهُ إِلَى النَّارِ ". (صحيح الجامع: 4443).
وأخرج الإمام مسلم من حديث أبي أمامة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله ﷺ: "اقْرَءُوا الْقُرْآنَ؛ فَإِنَّهُ يَأْتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ شَفِيعًا لأَصْحَابِهِ".
وأخرج الإمام أحمد والطبراني في الكبير من حديث عبد الله بن عمرو -رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله ﷺ:" الصِّيَامُ وَالْقُرْآنُ يَشْفَعَانِ لِلْعَبْدِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، يَقُولُ الصِّيَامُ: أَيْ رَبِّ مَنَعْتُهُ الطَّعَامَ وَالشَّهَوَاتِ بِالنَّهَارِ فَشَفِّعْنِي فِيهِ، وَيَقُولُ الْقُرْآنُ: مَنَعْتُهُ النَّوْمَ بِاللَّيْلِ فَشَفِّعْنِي فِيهِ. قَالَ: فَيُشَفَّعَانِ ". (صحيح الجامع: 3882).
قال ابن رجب -رحمه الله- كما في" لطائف المعارف ص 192":" فالصيام يشفع لمن منعه الطعام والشهوات المحرمة كلها سواء كان تحريمها يختص بالصيام كشهوة الطعام والشراب والنكاح ومقدماتها أو لا يختص كشهوة فضول الكلام المحرم، والنظر المحرم، والسماع المحرم، والكسب المحرم، فإذا منعه الصيام من هذه المحرمات كلها فإنه يشفع له عند الله يوم القيامة، ويقول: يا رب منعته شهواته فشفعني فيه، فهذا لمن حفظ صيامه ومنعه من شهواته، فأما من ضيع صيامه ولم يمنعه مما حرمه الله عليه فإنه جدير أن يضرب به وجه صاحبه ويقول له: ضيعك الله كما ضيعتني. اهـ
قال بعض السلف:" إذا احتضر المؤمن يقال للملك: شم رأسه قال: أجد في رأسه القرآن فيقال شم قلبه فيقول: أجد في قلبه الصيام فيقال: شم قدميه فيقول: أجد في قدميه القيام، فيقال: حفظ نفسه حفظه الله.
وكذلك القرآن إنما يشفع لمن منعه من النوم بالليل، من قرأ القرآن وقام به فقد قام بحقه فيشفع له، أما من كان معه القرآن فنام عنه بالليل و لم يعمل به بالنهار، فإنه ينتصب القرآن خصمًا له يطالبه بحقوقه التي ضيعها؛ كما جاء في حديث سمرة بن جندب -رضي الله عنه- عن النبي ﷺ قال: "إِنَّهُ أَتَانِي اللَّيْلَةَ آتِيَانِ وَإِنَّهُمَا ابْتَعَثَانِي وَقَالَا لِي: انْطَلِقْ، وَإِنِّي انْطَلَقْتُ مَعَهُمَا، وَإِنَّا أَتَيْنَا عَلَى رَجُلٍ مُضْطَجِعٍ، وَإِذَا آخَرُ قَائِمٌ عَلَيْهِ بِصَخْرَةٍ وَإِذَا هُوَ يَهْوِي بِالصَّخْرَةِ لِرَأْسِهِ فَيَثْلَغُ رَأْسَهُ فَيَتَهَدْهَدُ الْحَجَرُ هَا هُنَا، فَيَتْبَعُ الْحَجَرَ فَيَأْخُذُهُ فَلَا يَرْجِعُ إِلَيْهِ حَتَّى يَصِحَّ رَأْسُهُ كَمَا كَانَ، ثُمَّ يَعُودُ عَلَيْهِ فَيَفْعَلُ بِهِ مِثْلَ مَا فَعَلَ الْمَرَّةَ الْأُولَى... إلى آخر الحديث.
يا من ضيع عمره في غير الطاعة، يا من فرط في شهره بل في دهره وأضاعه، يا من بضاعته التسويف والتفريط وبئست البضاعة، يا من جعل خصمه القرآن وشهر رمضان، كيف ترجو ممن جعلته خصمك الشفاعة. اهـ. (لطائف المعارف ص 194).
23- شهر رمضان ترفع فيه الدرجات: فكل من مَنَّ اللهُ عليه بنعمة الحياة حتى أدرك رمضان فليسجد لله شكرًا، وليحمده على هذه النعمة فهي نعمة لا يعرف قدرها إلا من وقف على هذا الحديث: حديث أخرجه ابن ماجه بسند صحيح من حديث طلحة بن عبيد الله -رضي الله عنه-:" أَنَّ رَجُلَيْنِ مِنْ بَلِيٍّ قَدِمَا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ وَكَانَ إِسْلَامُهُمَا جَمِيعًا، فَكَانَ أَحَدُهُمَا أَشَدَّ اجْتِهَادًا مِنَ الْآخَرِ، فَغَزَا الْمُجْتَهِدُ مِنْهُمَا فَاسْتُشْهِدَ، ثُمَّ مَكَثَ الْآخَرُ بَعْدَهُ سَنَةً ثُمَّ تُوُفِّيَ، قَالَ طَلْحَةُ: فَرَأَيْتُ فِي الْمَنَامِ بَيْنَا أَنَا عِنْدَ بَابِ الْجَنَّةِ إِذَا أَنَا بِهِمَا، فَخَرَجَ خَارِجٌ مِنَ الْجَنَّةِ، فَأَذِنَ لِلَّذِي تُوُفِّيَ الْآخِرَ مِنْهُمَا، ثُمَّ خَرَجَ فَأَذِنَ لِلَّذِي اسْتُشْهِدَ، ثُمَّ رَجَعَ إِلَيَّ، فَقَالَ: ارْجِعْ فَإِنَّكَ لَمْ يَأْنِ لَكَ بَعْدُ، فَأَصْبَحَ طَلْحَةُ يُحَدِّثُ بِهِ النَّاسَ فَعَجِبُوا لِذَلِكَ، فَبَلَغَ ذَلِكَ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ وَحَدَّثُوهُ الْحَدِيثَ، فَقَالَ: " مِنْ أَيِّ ذَلِكَ تَعْجَبُونَ "! فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ! هَذَا كَانَ أَشَدَّ الرَّجُلَيْنِ اجْتِهَادًا ثُمَّ اسْتُشْهِدَ، وَدَخَلَ هَذَا الْآخِرُ الْجَنَّةَ قَبْلَهُ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: أَلَيْسَ قَدْ مَكَثَ هَذَا بَعْدَهُ سَنَةً "، قَالُوا: بَلَى، قَالَ: " وَأَدْرَكَ رَمَضَانَ، وَصَلَّى كَذَا وَكَذَا مِنْ سَجْدَةٍ فِي السَّنَةِ؟ - وفي رواية للإمام أحمد والبيهقي " أَلَيْسَ قَدْ صَامَ بَعْدَهُ رَمَضَانَ وَصَلَّى سِتَّةَ آلَافِ رَكْعَةٍ، أَوْ كَذَا وَكَذَا رَكْعَةً لصَلَاةَ السَّنَةِ "، قَالُوا: بَلَى، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: " فَمَا بَيْنَهُمَا أَبْعَدُ مِمَّا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ ". (السلسلة الصحيحة: 2591).
ومن صور تفضيل الله تعالى لشهر رمضان: أنه سبحانه توعد كل من أفطر فيه بوعد شديد، هذا دليل على حرمته وتعظيمه عند الملك سبحانه وتعالى. ففي الحديث الذي أخرجه ابن خزيمة والحاكم بسند صحيح عن أبي أمامة -رضي الله عنه- أن النبي ﷺ قال:" بَيْنَا أَنَا نَائِمٌ إِذْ أَتَانِي رَجُلَانِ فَأَخَذَا بِضَبْعَيَّ فَأَتَيَا بِي جَبَلًا وَعْرًا فَقَالَا: اصْعَدْ، فَقُلْتُ: "إِنِّي لَا أُطِيقُهُ"، فَقَالَا: إِنَّا سَنُسَهِّلُهُ لَكَ، فَصَعِدْتُ حَتَّى إِذَا كُنْتُ فِي سَوَاءِ الْجَبَلِ إِذَا بأَصْوَاتٍ شَدِيدَةٍ فَقُلْتُ: "مَا هَذِهِ الأَصْوَاتُ؟" قَالا: هَذَا عُوَاءُ أَهْلِ النَّارِ، ثُمَّ انْطُلِقَ بِي فَإِذَا أَنَا بِقَوْمٍ مُعَلَّقِينَ بِعَرَاقِيبِهِمْ، مُشَقَّقَةٌ أَشْدَاقُهُمْ، تَسِيلُ أَشْدَاقُهُمْ دَمًا، قَالَ: قُلْتُ: "مَنْ هَؤُلَاءِ؟" قَالاَ: هَؤُلَاءِ الَّذِينَ يُفْطِرُونَ قَبْلَ تَحِلَّةِ صَوْمِهِمْ ". (صحيح الترغيب والترهيب: 1005).
وما يدل على تعظيمه كذلك ما مر بنا في الحديث الذي أخرجه الطبراني في الكبير عن جابر بن سمره -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله ﷺ:" أَتَانِي جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ، مَنْ أَدْرَكَ أَحَدَ وَالِدَيْهِ فَمَاتَ فَدَخَلَ النَّارَ فَأَبْعَدَهُ اللَّهُ، قُلْ: آمِينَ، فَقُلْتُ: آمِينَ، فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ، مَنْ أَدْرَكَ شَهْرَ رَمَضَانَ فَمَاتَ فَلَمْ يُغْفَرْ لَهُ فَأُدْخِلَ النَّارَ فَأَبْعَدَهُ اللَّهُ، قُلْ: آمِينَ، فَقُلْتُ: آمِينَ، قَالَ: وَمَنْ ذُكِرْتَ عِنْدَهُ وَلَمْ يُصَلِّ عَلَيْكَ فَمَاتَ فَدَخَلَ النَّارَ فَأَبْعَدَهُ اللَّهُ، قُلْ: آمِينَ، فَقُلْتُ: آمِينَ ". (صحيح الجامع: 75).
وأخرج الترمذي والحاكم من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله ﷺ:" رَغِمَ أَنْفُ رَجُلٍ ذُكِرْتُ عِنْدَهُ فَلَمْ يُصَلِّ عَلَيَّ، وَرَغِمَ أَنْفُ رَجُلٍ دَخَلَ عَلَيْهِ رَمَضَانُ فَانْسَلَخَ قَبْلَ أَنْ يُغْفَرَ لَهُ، وَرَغِمَ أَنْفُ رَجُلٍ أَدْرَكَ عِنْدَهُ أَبَوَاهُ الْكِبَرَ فَلَمْ يُدْخِلاهُ الْجَنَّةَ ". (صحيح الجامع: 3510).
وأخرج ابن خزيمة وابن حبان عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن النبي ﷺ صعد المنبر، فقال: " آمين آمين آمين " قيل: يا رسول الله، إنك صعدت المنبر فقلت: آمين آمين آمين.، فقال: " إن جبريل أتاني، فقال: من أدرك شهر رمضان فلم يغفر له، فدخل النار فأبعده الله، قل: آمين، فقلت: آمين......". الحديث (صحيح الترغيب والترهيب: 996).
قال المناوي -رحمه الله- في" فيض القدير 4/34": رغم أنف من علم أنه لو كفّ عن الشهوات شهرًا في كل سنة، وأتى بما وظِّفَ له فيه من صيام وقيام غفر له ما سلف من الذنوب فقصّر ولم يفعل حتى انسلخ الشهر ومضى، فمن وجد فرصة عظيمة بأن قام فيه إيمانًا واحتسابًا عظّمه الله، ومَنْ لم يعظمه الله حقَّره وأهانه. اهــ. فمن رُحِمَ في رمضان فهو المرحوم، ومن حرم خيره فهو المحروم، ومن لم يتزود فيه لمعاده فهو ملوم. أَتَى رَمَضَانُ مَزْرَعَـــــــةُ العِبَادِ لِتَطْهِيرِ القُلُوبِ مِنَ الفَسَادِ فَأَدِّ حُقُوقَــــــــــهُ قَـــــــوْلًا وَفِعْـــــلَا وَزَادَكَ فَـاتِّخـذْهُ لِلْمَعَــادِ فَمَنْ زَرَعَ الحُبُوبَ وَمَا سَقَاهَا تَأَوَّهَ نَـادِمًا يَــــــوْمَ الحَصَــادِ
قال معلى بن الفضل -رحمه الله-: كانوا يدعون الله ستة أشهر أن يبلغهم رمضان، ثم يدعونه ستة أشهر أن يتقبل منهم، فالسنة كلها عندهم رمضان.
وقال يحيى ابن أبي كثير-رحمه الله-: كان من دعائهم اللهم سلمني إلى رمضان وسلم لي رمضان وتسلمه مني متقبلاً.
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52644 العمر : 72
موضوع: رد: فضل شهر رمضان الجمعة 31 مارس 2023, 10:04 pm
وأخيراً أحبتي في الله: مهما تحدثنا عن فضائل شهر رمضان ما وفيناه حقه، وكيف نفي بحق شهر أضافه الله إلى نفسه.
فالمحروم من حُرم خير هذا الشهر.
فيا باغي الخير أقبل.... ويا باغي الشر أقصر وبعد... فهذا آخر ما تيسَّر جمعه في هذه الرسالة.
وأسأل الله -تعالى- أن يكتب لها القبول، وأن يتقبَّلها منّي بقبول حسن، كما أسأله سبحانه وتعالى أن ينفع بها مؤلفها وقارئها، ومَن أعان على إخراجها ونشرها......إنه ولي ذلك والقادر عليه.
هذا وما كان فيها من صواب فمن الله وحده، وما كان من سهو أو خطأ أو نسيان فمنِّي ومن الشيطان، والله ورسوله منه براء، وهذا شأن أي عمل بشري فإنه يعتريه الخطأ والصواب، فإن كان صوابًا فادعُ لي بالقبول والتوفيق، وإن كان ثم خطأ فاستغفر لي: وإن وجدت العيب فسد الخللا جلّ من لا عيب فيه وعلا
فاللهم اجعل عملي كله صالحًا ولوجهك خالصًا، ولا تجعل لأحد فيه نصيبًا
والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات.
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين، وصلّى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
هذا والله –تعالى– أعلى وأعلم.
سبحانك اللهم وبحمدك، أشهد أن لا إله إلا أنت، أستغفرك وأتوب إليك.