هو وهي - [13] أيَخونُ خِلٌّ خليلَه؟!
ورسالة إلى تلك المرأة التي قبلت أن تُعين الزوج على طغيانه: ألا تخشيْنَ الله جَلَّ وعلا؟!
فإن فقدتِ الدّين أفلا تحسّستِ مواقع الأخلاق فيك؟!
فإن انعدمَتْ، أفلا منطق يردعك عن الغِواية؟!
وإن فقدتِ كل ذاك فاعلمي أن باطن الأرض خيرٌ لكِ من ظاهرها.. ويا لَقَسوة ما تتحمّله تلك التُرَب!!.
تتقلّب على جمر الألم، فزوجُها منذ أيام يفتُرُ عن البوح لها بالحب كما عهدته، يصمت ويغوص في هذا الجهاز «اللعين» الذي سيطر على كل كيانه!
لم تعد العلاقة الحميمة بينهما كسابق عهدها، فاعتقدَت أنها لم تعد تُعجبه، فنأى!
تغيّر كثيرًا.. باختصار، كثرت الشجارات لأسباب تافهة، وغزا النقد والسخرية لسانه، مما زرع الشكَّ والحَنَقَ. وعملت «الحاسة السادسة» عملَها!
لا شك أن هناك شيئًا ما في الخفاء، حقيقةً وليس ادّعاء.
كان الهَمّ يقتات من أعصابها حدّ التخمة، وفي كل جولة يكون هو الرابح فيها، حتى إذا استيأست عَمَدَت إلى سحب الجوال منه وهو نائم، لتصطدم بحقيقة ألهَبَت ما تبقى فيها من أنفاس تخنقها: إن زوجها يخون!
وأدركَت الحكاية، وأصبح لكل تصرّف سببٌ تفهَمُه، التصاقه الدائم بجواله، حتى أنه بات يرافقه الآن إلى دورة المياه وتلك الرسائل الليلية وفي كل وقت كان يمحوها مباشرة حين وصولها ويدّعي أنها من زملاء العمل!!
ولعل فهمه المحدود بتكنولوجيا الهواتف النقالة لم يسعفه لمعرفة أن «تقرير الاستلام» يحفظ الأرقام والجزء الأول من الرسالة، وقد كان ذلك كافيًا لتعرف أن زوجها، عاشق!
ومعشوقته امرأةٌ أخرى!!
فتصدّعَ قلبُها قبل المسكن.
هي (منهارةً): لقد اكتشفتُ كلَّ شيء. لم يعد بإمكانك الإنكار: أنت تخونني!
هو (غاضبًا): هل أنت مجنونة؟! كيف تقولين هذا الكلام؟! هذا اتهام فظيع!
هي: بل أنت الفظيع! كيف استطعتَ أن تنطق بمثل هذه العبارات الساقطة؟! لقد قرأتها بأمّ عيني في جوالك!
هو: لا شك أن أحدًا استعمل جوالي! ولن أتكلم معك حتى تفيئي إلى وعيك! وتعتذري!
لا شك أن هذا السيناريو -مع أنه الأخفُ في حالات الخيانة الزوجية- ثقيلٌ على الزوجة، ولا أبشعَ من أن تكتشف أن زوجَها على علاقةٍ بأُخرى، كبُرَت تلك العلاقةُ أو صغُرَت!!
فليست العبرة في حجم العلاقة، وإنما في نقض هذا الميثاق الغليظ بين الزوجين وطعنِ الزوجة من الظَّهر، ودكّ صرح «الأمان» والسكن! وهنا لي وَقفاتٌ مع الزوجة.
إياكِ والتجسس: هديٌ شرعيّ عميقُ الدلالة، وإن لم يكن فيه من الخير سوى سلامة قلبك واستقرار أسرتك لكفى.
لا تفضحي زوجك بين الأتراب، ولا تكشفي السِّتر، فلعلها تكون توبة منه وإياب.. والناس لا ينسَوْن.
أنتِ الأصلُ وليست تلك! هي مجردُ إصبعٍ «سادسٍ» في الكف.. يشوّهُهُ!
وأمام الله جل وعلا والناس أنتِ الزوجة، فدافعي عن تلك الحقيقة واستعيدي زوجك -بذكاء- لأحضان بيتك.. راغبًا!
فتّشي عن السبب الحقيقي الذي دفع زوجَكِ لتلكَ العلاقة؛ لا أحمّلك المسؤولية، ولكنك قد تكونين جزءًا من ذلك.
سامحيه إن كانت المرة الأولى التي يخون فيها، وأعطيه فرصة أُخرى إن تاب وندم، فأسرتك تستحق. ولكن ما إن تتخذي هذا القرار فلا عودة إلى الشك والتحامل والأذى الكلامي.
واجهي زوجك بخيانته ولكن بهدوء وبدون تهكم وانفعال، وحاولي الوصول معه إلى حل للمشكلة دون الخوض في تفاصيل الخيانة نفسها، ركّزي على الإيجابية وعلى كيفية إعادة العلاقة بينكما وتعزيزها.
الحياة لا تقتصر على زوجٍ خان، فلا تجعلي محورَ حياتك هذه المصيبة التي طرأت، ولكن فكّري بنفسك، بأولادك، بمجتمعك، بأمّتك، فكل هؤلاء يحتاجونك قوية، متماسكة، وثابتة.
ووقفات مع الزوج، الذي ترجم مشاعره لأُخرى أفعالًا تترنّح بين حدٍّ وحدّ!! وهي حرام مذ خرجت من نطاق النفس!
أسباب الخيانة الزوجية قد تكون كثيرة ولكن أهمها ضعف الوازع الديني، فلا بد من العمل على تقوية الإيمان بالله جل وعلا.
الخيانة الزوجية لا تقتصر على «الزنا»، وخيانةُ المشاعر لا تَقِلُّ ضررًا عن خيانة الجسد، وإنّ أي ارتباط «عاطفي» بين الزوج وامرأة أجنبية عنه هو خيانة لله جل وعلا قبل أن يكون للزوجة، وعليه التحلّل من هذا الارتباط رحمة بنفسه قبل غيره!
تَفكّر في عواقب الخيانة على نفسك في الدنيا والآخرة وعلى الزوجة والأبناء والأسرة ككل! فلا شكّ أن هناك آثارًا وخيمة، نفسية واجتماعية وصحية ومجتمعية، وهي لا تُحصى! فهل تعدل لذة ساعة كلَّ تلك الانهيارات؟!
لا شك أن الخَطْبَ جَلَلٌ، ولكنها ليست نهاية الكون، وهو تحدٍّ، أن نستعيد الاستقرار في حياتنا، وأن نتعلّم مهارات التناغم والانسجام التي تعيننا في العلاقات، وأن نحصّن أنفسنا إيمانيًا بالدعاء والذكر والعبادة.
ولئن سأل سائل: هل ستعود الثقة بعد أن تزلزلت العلاقة؟!
فالجواب هو: نعم، إن طُوِيَت الصفحة وتعاهد الزوجان على إعادة الحياة إلى الحياة! مع أخذ العهد أن يعملا جاهِدَيْن على تصحيح المسار واستعادة المودة والرحمة والسكن لحياتهما الزوجية.
أعلم يقينًا أن الأمر ليس بالسهل، وأن الكلام شيء والواقع شيء آخر، وحين يكتوي القلب بالألم فلا منطق ينفع، ولكني أربأ بهذه الزوجة أن تتخلّى عن زوجها بسهولة، أو أن «تترك» زوجها لقمةً سائغةً لتلك المرأة، وإن خان»!! أو أن تدفن نفسها في أَتُون الحُرقة دون أن تبادر إلى تسلّم زمام الأمر وتصحيحه.
ورسالة إلى تلك المرأة التي قبلت أن تُعين الزوج على طغيانه: ألا تخشيْنَ الله جَلَّ وعلا؟!
فإن فقدتِ الدّين أفلا تحسّستِ مواقع الأخلاق فيك؟!
فإن انعدمَتْ، أفلا منطق يردعك عن الغِواية؟!
وإن فقدتِ كل ذاك فاعلمي أن باطن الأرض خيرٌ لكِ من ظاهرها.. ويا لَقَسوة ما تتحمّله تلك التُرَب!!.
بقلم الأستاذة: سحر المصري
غفر الله لها ولوالديها وللمسلمين