منتديات إنما المؤمنون إخوة (2024 - 2010) The Believers Are Brothers

(إسلامي.. ثقافي.. اجتماعي.. إعلامي.. علمي.. تاريخي.. دعوي.. تربوي.. طبي.. رياضي.. أدبي..)
 
الرئيسيةالأحداثأحدث الصورالتسجيل
(وما من كاتب إلا سيبلى ** ويبقى الدهر ما كتبت يداه) (فلا تكتب بكفك غير شيء ** يسرك في القيامة أن تراه)

IZHAR UL-HAQ

(Truth Revealed) By: Rahmatullah Kairanvi
قال الفيلسوف توماس كارليل في كتابه الأبطال عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "لقد أصبح من أكبر العار على أي فرد مُتمدين من أبناء هذا العصر؛ أن يُصْغِي إلى ما يظن من أنَّ دِينَ الإسلام كَذِبٌ، وأنَّ مُحَمَّداً -صلى الله عليه وسلم- خَدَّاعٌ مُزُوِّرٌ، وآنَ لنا أنْ نُحارب ما يُشَاعُ من مثل هذه الأقوال السَّخيفة المُخْجِلَةِ؛ فإنَّ الرِّسَالة التي أدَّاهَا ذلك الرَّسُولُ ما زالت السِّراج المُنير مُدَّةَ اثني عشر قرناً، لنحو مائتي مليون من الناس أمثالنا، خلقهم اللهُ الذي خلقنا، (وقت كتابة الفيلسوف توماس كارليل لهذا الكتاب)، إقرأ بقية كتاب الفيلسوف توماس كارليل عن سيدنا محمد -صلى الله عليه وسلم-، على هذا الرابط: محمد بن عبد الله -صلى الله عليه وسلم-.

يقول المستشرق الإسباني جان ليك في كتاب (العرب): "لا يمكن أن توصف حياة محمد بأحسن مما وصفها الله بقوله: (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِين) فكان محمدٌ رحمة حقيقية، وإني أصلي عليه بلهفة وشوق".
فَضَّلَ اللهُ مِصْرَ على سائر البُلدان، كما فَضَّلَ بعض الناس على بعض والأيام والليالي بعضها على بعض، والفضلُ على ضربين: في دِينٍ أو دُنْيَا، أو فيهما جميعاً، وقد فَضَّلَ اللهُ مِصْرَ وشَهِدَ لها في كتابهِ بالكَرَمِ وعِظَم المَنزلة وذَكَرَهَا باسمها وخَصَّهَا دُونَ غيرها، وكَرَّرَ ذِكْرَهَا، وأبَانَ فضلها في آياتٍ تُتْلَى من القرآن العظيم.
المهندس حسن فتحي فيلسوف العمارة ومهندس الفقراء: هو معماري مصري بارز، من مواليد مدينة الأسكندرية، وتخرَّجَ من المُهندس خانة بجامعة فؤاد الأول، اشْتُهِرَ بطرازهِ المعماري الفريد الذي استمَدَّ مَصَادِرَهُ مِنَ العِمَارَةِ الريفية النوبية المَبنية بالطوب اللبن، ومن البيوت والقصور بالقاهرة القديمة في العصرين المملوكي والعُثماني.
رُبَّ ضَارَّةٍ نَافِعَةٍ.. فوائدُ فيروس كورونا غير المتوقعة للبشرية أنَّه لم يكن يَخطرُ على بال أحَدِنَا منذ أن ظهر وباء فيروس كورونا المُستجد، أنْ يكونَ لهذه الجائحة فوائدُ وإيجابيات ملموسة أفادَت كوكب الأرض.. فكيف حدث ذلك؟!...
تخليص الإبريز في تلخيص باريز: هو الكتاب الذي ألّفَهُ الشيخ "رفاعة رافع الطهطاوي" رائد التنوير في العصر الحديث كما يُلَقَّب، ويُمَثِّلُ هذا الكتاب علامة بارزة من علامات التاريخ الثقافي المصري والعربي الحديث.
الشيخ علي الجرجاوي (رحمه الله) قَامَ برحلةٍ إلى اليابان العام 1906م لحُضُورِ مؤتمر الأديان بطوكيو، الذي دعا إليه الإمبراطور الياباني عُلَمَاءَ الأديان لعرض عقائد دينهم على الشعب الياباني، وقد أنفق على رحلته الشَّاقَّةِ من مَالِهِ الخاص، وكان رُكُوبُ البحر وسيلته؛ مِمَّا أتَاحَ لَهُ مُشَاهَدَةَ العَدِيدِ مِنَ المُدُنِ السَّاحِلِيَّةِ في أنحاء العالم، ويُعَدُّ أوَّلَ دَاعِيَةٍ للإسلام في بلاد اليابان في العصر الحديث.

أحْـلامٌ مِـنْ أبِـي (باراك أوباما) ***

 

 الباب الثاني والثمانون في الصبر والتأسي والتعازي والمراثي ونحو ذلك

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 52561
العمر : 72

الباب الثاني والثمانون في الصبر والتأسي والتعازي والمراثي ونحو ذلك Empty
مُساهمةموضوع: الباب الثاني والثمانون في الصبر والتأسي والتعازي والمراثي ونحو ذلك   الباب الثاني والثمانون في الصبر والتأسي والتعازي والمراثي ونحو ذلك Emptyالثلاثاء 29 نوفمبر 2022, 11:04 pm

الباب الثاني والثمانون في الصبر والتأسي والتعازي والمراثي ونحو ذلك
وفيه فصول
الفصل الأول في الصبر
قال الله تعالى: وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَراتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ 155 الَّذِينَ إِذا أَصابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ 156«1».
وقال صلى الله عليه وسلم: «ما من مسلم يصاب بمصيبة وإن قل عهدها فأحدث استرجاعا إلا أحدث الله له مثله وأعطاه مثل أجره ذلك يوم أصيب بها».
وعن أنس بن الملك رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من أصبح حزينا أصبح ساخطا على ربه، ومن أصبح يشكو مصيبة فكأنما يشكو الله، ومن تواضع لغني ليسأله ما في يده أحبط الله ثلثي عمله، ومن أعطي القرآن ولم يعمل به وتهاون به حتى دخل النار، أبعده الله عن رحمته لأنه هو الذي فعل ذلك بنفسه حيث لم يعرف حرمة القرآن».
وروي عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «من مات له ثلاثة من الولد لا يلج النار إلا تحلة القسم، يعني قوله تعالى وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وارِدُها«2».
وعن أم سلمة رضي الله تعالى عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
«من أصيب بمصيبة فقال كما أمر الله إنّا لله وإنّا إليه راجعون، اللهم أجرني في مصيبتي وأعقبني خيرا منها، إلا فعل الله به ذلك».
وروي أنه لما مات إبراهيم بن رسول الله صلى الله عليه وسلم ذرفت عيناه، فقال له عبد الرحمن بن عوف: يا رسول الله ألم تنه عن البكاء؟ قال: إنما نهيت عن الغناء والصوتين الأحمقين والندب، ولكن هذه رحمة جعلها الله تعالى في قلوبنا، ومن لا يرحم لا يرحم، فإن القلب يخشع والعين تدمع، وإنا بك يا إبراهيم لمحزونون، ولا نقول إلا ما يرضي الله ربنا إنّا لله وإنا إليه راجعون.
وقال ابن عباس رضي الله عنهما: أول شيء كتبه الله في اللوح المحفوظ إنني أنا لا إله إلا أنا محمد عبدي ورسولي، من استسلم لقضائي وصبر على بلائي وشكر نعمائي كتبته صديقا وبعثته مع الصديقين، ومن لم يستسلم لقضائي ولم يصبر على بلائي ولم يشكر نعمائي فليتخذ ربا سواي.
وقال ابن المبارك: إن المصيبة واحدة، فإذا جزع صاحبها فهما اثنتان لأن إحداهما المصيبة بعينها والثانية ذهاب أجره وهو أعظم من المصيبة.
وعن العلاء بن عبد الرحمن أن النبي صلى الله عليه وسلم لما حضرته الوفاة بكت فاطمة فقال: لا تبكي يا بنتاه قولي إذا مت إنا لله وإنا إليه راجعون، فإن لكل إنسان مصيبة معوضة.
قالت: ومنك يا رسول الله؟ قال: ومني.
عن عطاء بن أبي رباح قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من أصابته مصيبة فليذكر مصيبته بي فإنها من أعظم المصائب».
وعن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه أنه قال: من أخذت حبيبتاه يعني عينيه فصبر واحتسب أدخله الله الجنة.
وقيل: إن امرأة أيوب عليه الصلاة والسلام قالت: لو دعوت الله تعالى أن يشفيك، فقال لها: ويحك كنا في النعماء سبعين عاما، أفلا نصبر على الضراء مثلها، فلم يلبث إلا يسيرا أن عوفي.
وقيل: الصبر مفتاح الظفر، والتوكل على الله تعالى رسول النجاح.
وقيل: من لم يلق نوائب الدهر بالصبر طال عتبه عليه.
وقيل: إن معاوية رضي الله تعالى عنه خرج يوما ومعه عبد العزيز بن زرارة الكلبي وكان ذا منصب وشرف وعقل وأدب، فقال له معاوية: يا عبد العزيز أتاني نعي سيد شباب العرب، فقال له: ابني أو ابنك قال: لا. ابنك، قال: للموت تلد الوالدة.
ومما قيل: اصبر لحكم من لا تجد معولا إلا عليه ولا مفزعا إلا إليه.
وقال سويد السدوسي:
فأوصيكما يا ابني سدوس كلاكما ... بتقوى الذي أعطاكما وبراكما
بشكر إذا ما أحدث الله نعمة ... وصبر لأمر الله فيما ابتلاكما
وقال:
أيا صاحبي إن رمت أن تكسب الع ... لا وترقى إلى العلياء غير مزاحم
عليك بحسن الصبر في كلّ حالة ... فما صابر فيما يروم بنادم
وقال آخر:
هو الدهر قد جرّبته وبلوته ... فصبرا على مكروهه وتجلدا
وحدث الزبير قال: قامت عائشة بعدما دفن أبوها أبو بكر الصديق رضي الله تعالى عنه، فقالت: نضّر الله وجهك، وشكر صالح سعيك، فقد كنت للدنيا مذلّا بإدبارك عنها، وللآخرة معزا بإقبالك عليها، ولئن كان رزؤك أعظم المصائب بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم وأكبر الأحداث بعده، فإن كتاب الله تعالى قد وعدنا بالثواب على الصبر في المصيبة، وأنا تابعة له في الصبر، فأقول إنا لله وإنا إليه راجعون، ومستعيضة بأكثر الاستغفار لك، فسلام الله عليك، توديع غير قالية لحياتك، ولا رازئة على القضاء فيك.
ولما مات ذر الهمداني جاء أبوه، فوجده ميتا وكان موته فجأة، وعياله يبكون عليه فقال: ما لكم، والله ما ظلمناه ولا قهرناه ولا ذهب لنا بحق ولا أصابنا فيه، ما أخطأ من كان قبلنا في مثله، ولما وضعه في حفرته قال: رحمك الله يا بني وجعل أجري فيك لك، والله ما بكيت عليك وإنما بكيت لك، فو الله لقد كنت بي بارا ولي نافعا وكنت لك محبا وما بي إليك من وحشة وما بي إلى أحد غير الله من فاقة، وما ذهبت لنا بعزة وما أبقيت لنا من ذل، ولقد شغلنا الحزن لك عن الحزن عليك، يا ذر لولا هول المطلع لتمنيت ما صرت إليه، فليت شعري ماذا قلت وماذا قيل لك، ثم رفع رأسه إلى السماء وقال: اللهم إنك وعدت الصابرين على المصيبة ثوابك ورحمتك، اللهم وقد وهبت ما جعلت لي من الأجر إلى ذر صلة مني فلا تحرمني ولا تعرفه قبيحا وتجاوز عنه، فإنك رحيم بي وبه، اللهم قد وهبت لك إساءته لي فهب لي إساءته إليك، فإنك أجود مني وأكرم.
اللهم إنك قد جعلت لك عليه حقا وجعلت لي عليه حقا قرنته بحقك، فقلت: اشْكُرْ لِي وَلِوالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ«1».
اللهم إني قد غفرت له ما قصر فيه من حقي، فاغفر له ما قصر فيه من حقك، فإنك أولى بالجود والكرم.
فلما أراد الإنصراف قال: يا ذر قد انصرفنا وتركناك ولو أقمنا عندك ما نفعناك.
وفي الحديث: إذا مات ولد العبد يقول الله تعالى للملائكة: ماذا قال عبدي عند قبض روح ولده وثمرة فؤاده؟
فيقولون: إلهنا حمدك واسترجع، فيقول الله تعالى: أشهدكم يا ملائكتي أني بنيت له بيتا في الجنة وسميته بيت الحمد.
وعن عبد الله بن عمر رضي الله تعالى عنهما أنه دفن ابنا له وضحك عند قبره، فقيل له: أتضحك عند القبر؟ قال: أردت أن أرغم أنف الشيطان، فينبغي للعبد أن يتفكر في ثواب المصيبة فتسهل عليه، فإذا أحسن الصبر استقبله يوم القيامة ثوابها، حتى يود لو أن أولاده وأهله وأقاربه ماتوا قبله لينال ثواب المصيبة.
وقد وعد الله تعالى في المصيبة ثوابا عظيما إذا صبر صاحبها، واحتسب وقال تعالى: وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجاهِدِينَ مِنْكُمْ وَالصَّابِرِينَ«2».
وقال تعالى: وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَراتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ 155 «3» الآية.
اللهم رضينا بقضائك وصبرنا على بلائك واغفر لنا ولوالدينا ولكل المسلمين يا رب العالمين.



الباب الثاني والثمانون في الصبر والتأسي والتعازي والمراثي ونحو ذلك 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 52561
العمر : 72

الباب الثاني والثمانون في الصبر والتأسي والتعازي والمراثي ونحو ذلك Empty
مُساهمةموضوع: رد: الباب الثاني والثمانون في الصبر والتأسي والتعازي والمراثي ونحو ذلك   الباب الثاني والثمانون في الصبر والتأسي والتعازي والمراثي ونحو ذلك Emptyالثلاثاء 29 نوفمبر 2022, 11:05 pm

الفصل الثاني من هذا الباب في التعازي والتأسي
روى الترمذي في كتاب السنن للبيهقي عن عبد الله بن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من عزى مصابا فله مثل أجره».
وروينا في كتاب الترمذي أيضا بسند متصل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «من عزى ثكلى كسي برداء في الجنة».
وروينا في سنن ابن ماجة والبيهقي بإسناد حسن، عن عمرو بن حزم عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «ما من مؤمن يعزي أخاه بمصيبته إلا كساه الله من حلل الكرامة يوم القيامة».
واعلم أن التعزية هي التصبير وذكر ما يسلي صاحب الميت ويخفف حزنه ويهون مصيبته وهي مستحبة، فإنها مشتملة على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وهي أيضا داخلة في قوله تعالى: وَتَعاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوى«1».
وهي من أحسن ما يستدل به في التعزية.
وثبت في الصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «والله في عون العبد ما دام العبد في عون أخيه».
واعلم أن التعزية مستحبة قبل الدفن وبعده، وتكره بعد ثلاثة أيام، لأن التعزية لتسكين قلب المصاب، والغالب سكونه بعد ثلاثة أيام، فلا يجدد الحزن.
هكذا قال الجماهير من أصحاب الشافعي رضي الله تعالى عنه.
وقيل: إنها لا تفعل بعد ثلاثة أيام إلا في صورتين، وهما إذا كان المعزّي أو صاحب المصيبة غائبا حال الدفن فاتفق رجوعه بعد الثلاثة، وأما لفظ التعزية فلا حجر فيه فبأي لفظ عزاه حصلت، واستحب أصحاب الشافعي أن يقول في تعزية المسلم بالمسلم: عظم الله أجرك، وأحسن عزاءك وغفر لميتك.
وفي المسلم بالكافر: أعظم الله أجرك، وأحسن عزاءك، وفي الكافر بالكافر: أخلف الله عليك ولا نقص لك عددا.
روي أن النبي صلى الله عليه وسلم فقد بعض أصحابه فسأل عنه فقالوا:
يا رسول الله بنيه الذي رأيته هلك، فلقيه النبي صلى الله عليه وسلم، فسأل عن بنيه، فقال: يا رسول الله هلك، فعزاه فيه ثم قال: يا فلان أيما كان أحب إليك أن تتمتع به عمرك أو لا تأتي غدا بابا من أبواب الجنة إلا وجدته وقد سبقك إليه، فيفتحه لك؟ فقال: يا رسول الله صلى الله عليه وسلم سبقه إلى باب الجنة أحب إلي من التمتع به في دار الدنيا.
قال: ذلك لك.
وروى البيهقي بإسناده في مناقب الشافعي رحمهما الله: أن الشافعي قد بلغه أن عبد الرحمن بن مهدي مات له ابن فجزع عليه جزعا شديدا، فبعث إليه الشافعي رحمه الله يقول: يا أخي عزّ نفسك بما تعزّ به غيرك واستقبح من نفسك ما تستقبحه من غيرك، واعلم أن أمض المصائب «2» فقد سرور وحرمان أجر، فكيف إذا اجتمعا مع اكتساب وزر؟ ألهمك الله عند المصائب صبرا، وأجزل لنا ولك بالصبر أجرا.
وروي عن ابن المبارك قال: مات لي ابن فمرّ بي مجوسي وقال: ينبغي للعاقل أن يفعل اليوم ما يفعله الجاهل بعد خمسة أيام، فقال: اكتبوها منه.
عن معاذ بن جبل أنه قال: مات لي ابن، فكتب إلي رسول الله صلى الله عليه وسلم: من محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى معاذ بن جبل، سلام عليكم، فإني أحمد الله الملك الذي لا إله إلا هو، أما بعد، فعظم الله لك الأجر، وألهمك الصبر ورزقنا وإياك الشكر، ثم اعلم أن أنفسنا وأموالنا وأهلنا وأولادنا من مواهب الله تعالى الهنية وعواريه المستودعة، يمتعنا بها إلى أجل معدود ويقبضها لوقت معلوم، ثم فرض الله تعالى علينا الشكر إذا أعطى، والصبر إذا ابتلى، وكان ابنك من مواهب الله الهنية وعواريه المستودعة، متَّعك الله به في غبطة وسرور، وقبضه بأجر كبير إن صبرت واحتسبت، فاصبر واحتسب، واعلم أن الجزع لا يرد ميتا ولا يطرد حزنا.
وروي أن أبا بكر رضي الله تعالى عنه كان إذا عزى مرزأ قال: ليس مع العزاء مصيبة ولا مع الجزع فائدة، والموت أشد مما قبله، وأهون مما بعده، فاذكر مصيبتك برسول الله صلى الله عليه وسلم تهن عليك مصيبتك.
وعزى الإمام الشافعي رضي الله تعالى عنه صديقا له فقال:
إنا نعزيك لا أنا على ثقة ... من الحياة ولكن سنة الدين
فما المعزّى بباق ببعد ميّته ... ولا المعزّي ولو عاشا إلى حين
كتب بعضهم إلى أخ له يعزيه: أنت يا أخي أعزك الله عالم بالدنيا وما خلقت له من الفناء وإنها لم تعط إلا أخذت ولم تسر إلا أحزنت، وإن الموت سبيل محتوم على الأولين والآخرين لا دافع عنه ولا مؤخر لما قضى الله عز وجل منه، وإنا لله وإنا إليه راجعون.
وعزّى رجل بعض الخلفاء بابن له، فكتب إليه يقول:
تعزّ أمير المؤمنين فإنه ... لما قد ترى يغدو الصغير ويولد
هل الابن إلا من سلالة آدم ... لكلّ على حوض المنية مورد
وكتب بعضهم إلى صديق له وقد ماتت ابنته فقال:
الموت أخفى سوأة للبنات ... ودفنها يروى من المكرمات
أما رأيت الله سبحانه ... قد وضع النعش بجنب البنات
وكتب بعضهم إلى صديق له يعزيه بأخيه ويسليه:
ما تصنع يا أخي والقضاء نازل والموت حكم شامل، وإن لم تلذ بالصبر فقد اعترضت على مالك الأمر، وأنت تعلم أن نوائب الدهر لا تدفع إلا بعزائم الصبر، فاجعل بين هذه اللوعة الغالبة والدمعة الساكبة حاجبا من فضلك وحاجزا من عقلك ودافعا من دينك ومانعا من يقينك، فإن المحن إذا لم تعالج بالصبر كانت كالمنح إذا لم تقابل بالشر، فصبرا صبرا، ففحول الرجال لا تستفزّها الأيام بخطوبها، كما أن متون الجبال لا تهزها العواصف بهبوبها، فعزيز علي أن أخاطب مولاي معزّيا وأكاتب مسليا عن كبير أو صغير مما يتعلق بخدمته أو ينتهي إلى جملته، فكيف بالصنو الأكرم والذخر الأعظم والركن الأشد والسهم الأسد والشهاب الأسطع والحسام الأقطع، لكن التعزية سيرة سائرة وسنة ماضية غابرة، وقدر الله هو المقدر وأجل الله إذا جاء لا يؤخر، ولولا أن الذكرى تنفع والتعزية يستوي فيها الأشرف والأوضع، لأجللت مولاي أن أفاتحه معزيا وأخاطبه مسليا، ولكن بحمد الله العالم لا يعلم والسابق لا يتقدم فبمولاي يقتدى في الصبر على النوائب وبنوره يهتدى في مشكلات المذاهب، وكل ما كان من الرزء أوجع كان الأجر عليه أوسع، جعل الله مولاي من الصابرين على المصيبة وأعظم أجره وجعل الجنة نصيبه.
وعزّى رجل فتى عن أبيه فلم يجده كما أحب فقال: يا بني سوء الخلف أضر علينا من فقد السلف.
ومات لبعض ملوك كندة ابنة فوضع بين يديه بدرة من المال وقال: من بالغ في تعزيته فهي له، فدخل عليه أعرابي وقال: عظم الله أجر الملك كفيت المؤونة وسترت العورة، ونعم الصهر القبر، فقال: قد أبلغت وأوجزت ثم دفعها له.
وعزّت أعرابية قوما فقالت: جافى الله عن ميتكم الثرى وأعانه على طول البلى وآجركم ورحمه.
وكان لعلي بن الحسين جليس مات له ابن فجزع عليه جزعا شديدا، فعزاه علي بن الحسين رحمه الله ووعظه فقال: يا ابن رسول الله إن ابني كان مسرفا على نفسه، فقال:
لا تجزع، فإن من ورائه ثلاث خلال.
أولهن: شهادة أن لا إله إلا الله، وأن سيدنا محمدا رسول الله، والثانية: شفاعة جدي صلى الله عليه وسلم، والثالثة: رحمة الله التي وسعت كل شيء، فأين يخرج ابنك عن واحدة من هذه الخلال.
وقال سليمان بن عبد الملك عند موت ابنه لعمر بن عبد العزيز ورجاء بن حيوة: إنه في كبدي جمرة لا يطفئها إلا عبرة، فقال عمر: اذكر الله يا أمير المؤمنين، وعليك بالصبر، فنظر إلى رجاء كالمستريح بمشورته فقال رجاء:
أفضها يا أمير المؤمنين، فما بذلك من بأس، لقد دمعت عينا رسول الله صلى الله عليه وسلم على ابنه إبراهيم، وقال: «إن العين لتدمع وإن القلب ليخشع ولا نقول ما يسخط الرب، وإنا بك يا إبراهيم لمحزونون».
فأرسل سليمان عينيه حتى قضى أربه ثم أقبل عليهم، قال: لولا نزفت هذه العبرة لا نصدع كبدي «1»، ثم إنه لم يبك بعدها.
وكتب الإسكندر إلى أمه قبل وفاته بقليل: إذا وصل إليك كتابي هذا فاجمعي أهل بلدك وأعدى لهم طعاما ووكلي بالأبواب من يمنع من أصابته مصيبة في أم أو أب أو أخ أو أخت أو ولد، ففعلت، فلم يدخل إليها أحد، فعلمت أن الإسكندر عزّاها في نفسه.
ولما قتل الفضل بن سهل دخل المأمون على أمه يعزيها فيه فقال: يا أماه لا تحزني على الفضل، فأنا خلف منه، فقالت: كيف لا أحزن على ولد عوضني عنه خليفة مثلك، فعجب المأمون من جوابها، وكان يقول:
ما سمعت قط أحسن منه ولا أجلب للقلوب.
فقال لها: عليك بالصبر، فإن فيه مزيد الأجر.
وممن جزع على ولده جعفر بن علية لما قتله الحارث قام نساء الحي يبكون عليه، وقام أبوه إلى ولد كل شاة وناقة فذبحه وألقاها بين أيديها وقال لها: ابكين معي على جعفر، فما زالت النوق ترغو والشياه تيعر والنساء يصرخن ويبكين وهو يبكي معهن، فلم ير مأتم كان أوجع منه.
وقال يحيى بن خالد: التعزية بعد ثلاثة أيام تجدد الحزن، والتهنئة بعد سنة تجدد الفرح.
ومما قيل في التأسي والتسلي بالخلف عن السلف:
قيل: عزى بعض الشعراء يزيد بن معاوية في والده فقال:
أصبر يزيد فقد فارقت ذا ثقة ... واشكر إلهك من بالملك حاباكا «2»
لا رزء أصبح في الأيام نعرفه ... كما رزئت ولا عقبى كعقباكا «3»
وقال آخر:
لا بدّ من فقد ومن فاقد ... هيهات ما في الناس من خالد
وقال آخر: تبصّر فلو أن البكا رد هالكا ... على أحد فاكثر بكاك على عمر
وكتب بعضهم إلى أولاد صديقه يعزيهم ويسليهم في والدهم فقال:
فلو كان فيض الدمع ينفع باكيا ... لعلّمت غرب الدمع كيف يسيل
فإن غاب بدر فالنجوم طوالع ... ثوابت لا يقضى لهنّ أفول
يغاث بها في ظلمة الليل حائر ... ويسري عليها بالرفاق دليل
ودخل عبد الملك بن صالح على الرشيد وقد مات له ولد، وولد له في تلك الليلة ولد، فقال سرّك الله يا أمير المؤمنين فيما ساءك ولا ساءك فيما سرك وجمع لك بين أجر الصابر وثواب الشاكر.
وقال بعضهم:
أليس لهذا صار آخر أمرنا ... فلا كانت الدنيا القليل سرورها
فلا تعجبي يا نفس مما ترينه ... فكل أمور الناس هذا مصيرها
وسئل الأصمعي عن قول الخنساء في نعيها صخر حين مات ونعته فقالت:
يذكرني طلوع الشمس صخرا ... وأندبه لكلّ غروب شمس
فقالوا له: لماذا أنها خصت الشمس دون القمر والكواكب فقال: لكونه كان يركب عند طلوع الشمس يشن الغارات وعند غروبها يجلس مع الضيفان، فذكرته بهذا مدحا لأنه كان يغير على أعدائه ويتقيد بضيفه، وقد رثته بعد البيت الأول بأبيات منها:
ألا يا نفس لا تنسيه حتى ... أفارق عيشتي وأزور رمسي «1»
ولولا كثرة الباكين حولي ... على أمواتهم لقتلت نفسي
وما يبكون مثل أخي ولكن ... أسلّي النفس عنه بالتأسّي «2»
وقال آخر:
ولولا الأسى ما عشت في الناس ساعة ... ولكن إذا ناديت جاوبني مثلي
وقال آخر:
وهوّن وجدي عن خليلي أنني ... إذا شئت لاقيت الذي أنا صاحبه
وقال آخر:
ومما يؤديني إلى الصبر والعزا ... تردّد فكري في عموم المصائب «3»



الباب الثاني والثمانون في الصبر والتأسي والتعازي والمراثي ونحو ذلك 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 52561
العمر : 72

الباب الثاني والثمانون في الصبر والتأسي والتعازي والمراثي ونحو ذلك Empty
مُساهمةموضوع: رد: الباب الثاني والثمانون في الصبر والتأسي والتعازي والمراثي ونحو ذلك   الباب الثاني والثمانون في الصبر والتأسي والتعازي والمراثي ونحو ذلك Emptyالثلاثاء 29 نوفمبر 2022, 11:06 pm

الفصل الثالث في المراثي
لما توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم رثاه جماعة من أصحابه وآله بمراث كثيرة منها ما روي عن أبي بكر الصديق رضي الله تعالى عنه، فإنه كان أقرب الناس إليه، وهو أول من رثاه، فقال:
لما رأيت نبينا متجندلا ... ضاقت علي بعرضهنّ الدّور
فارتاع قلبي عند ذاك لموته ... والعظم منّي ما حييت كسير
أعتيق ويحك إن خلّك قد ثوى ... والصبر عندك ما بقيت يسير «4»
يا ليتني من قبل مهلك صاحبي ... غيبّت في لحد عليه صخور
فلتحدثن بدائع من بعده ... تعيا بهنّ جوانح وصدور
وقال آخر:
فقدت أرضنا هناك نبيا ... كان يغدو به النبات زكيا
خلقا عاليا ودينا كريما ... وصراطا يهدي الأنام سويا
وسراجا يجلو الظلام منيرا ... ونبيّا مؤيدا عربيا
حازما عازما حليما كريما ... عائدا بالنوال برّا تقيّا
إن يوما أتى عليك ليوم ... كوّرت شمسه وكان خليا
فعليك السلام منّا جميعا ... دائم الدهر بكرة وعشيّا
ورثاه صلى الله عليه وسلم أبو سفيان بن الحارث فقال:
أرقت فبات ليلي لا يزول ... وليل أخي المصيبة فيه طول
وأسعدني البكاء وذاك فيما ... أصيب المسلمون به قليل
لقد عظمت مصيبتنا وجلت ... عشية قيل قد قبض الرسول
وأضحت أرضنا مما عراها ... تكاد بنا جوانبها تميل «1»
فقدنا الوحي والتنزيل فينا ... يروح به ويغدو جبرائيل
وذاك أحقّ ما سالت عليه ... نفوس الناس أو كادت تسيل
نبيّ كان يجلو الشك عنا ... بما يوحى إليه وما يقول
ويهدينا فلا نخشى ملاما ... علينا والرسول لنا دليل
أفاطم إن جزعت فذاك عذر ... وإن لم تجزعي فهو السبيل
فقبر أبيك سيّد كلّ قبر ... وفيه سيّد الناس الرسول
ولما مات أبو بكر الصديق رضي الله تعالى عنه رثاه عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه بهذه الأبيات حين رجع من دفنه فقال:
ذهب الذين أحبّهم ... فعليك يا دنيا السّلام
لا تذكرين العيش لي ... فالعيش بعدهم حرام
إنّي رضيع وصالهم ... والطفل يؤلمه الفطام
ورثى بعضهم محمد بن يحيى بعد موته فقال:
سألت الندى والجود مالي أراكما ... تبدّلتما عزّا بذل مؤبد
وما بال ركن المجد أمسى مهدّما ... فقالا أصبنا بابن يحيى محمد
فقلت فهلّا متّما بعد موته ... وقد كنتما عبديه في كلّ مشهد
فقالا أقمنا كي نعزّى بفقده ... مسافة يوم ثم نتلوه في غد
وقال آخر:
ولا أرتجي في الموت بعدك طائلا ... لا أتقي للدهر بعدك من خطب
وفي المعنى لبعضهم:
لقد أمنت نفسي المصائب بعده ... فأصبحت منها آمنا ان أروّعا
فما أتقي للدهر بعدك نكبة ... ولا أرتجي للعيش بعدك مرتعا «2»
ورثى أشجع السلمي عبد الله بن سعيد فقال:
مضى ابن سعيد حيث لم يبق مشرق ... ولا مغرب إلا له فيه مادح
وما كنت أدري ما فواضل كفّه ... على الناس حتى غيبته الصفائح
وأصبح في لحد من الأرض ميتا ... وكان به حيا تضيق الصحاصح
سأبكيك ما فاضت دموعي فإن تغض ... فحسبك منّي ما تكنّ الجوانح «3»
وما أنا من رزء وإن جلّ جازع ... ولا بسرور بعد فقدك فارح
لئن حسنت فيك المراثي بذكرها ... فقد حسنت من قبل فيك المدائح
وقال آخر:
إلى الله أشكو لا إلى الناس إنني ... أرى الأرض تبقى والأخلّاء تذهب
أخلاي لو غير الحمام أصابكم ... عتبت ولكن ما على الدهر معتب
وقال العباس بن الأحنف:
إذا ما دعوت الصبر بعدك والبكا ... أجاب البكا طوعا ولم يجب الصبر
فإن ينقطع منك الرجاء فإنه ... سيبقى عليك الحزن ما بقي الدهر
وقال آخر يرثي صديقه:
خليلي ما أزداد إلّا صبابة ... إليك وما تزداد إلا تنائيا
خليلي لو نفس فدت نفس ميّت ... فديتك مسرورا بنفسي وماليا
وقد كنت أرجو أن تعيش وإن أمت ... فحال رجاء الله دون رجائيا
ألا فليمت من شاء بعدك إنما ... عليك من الأقدار كان حذاريا «1»
أخذها بعضهم فقال:
كنت السّواد لمقلتي ... يبكي عليك الناظر
من شاء بعدك فليمت ... فعليك كنت أحاذر
وقال آخر يرثي بعض أولاده:
وقاسمني دهري بني مشاطرا ... فلما تقضّى شطره عاد في شطري
ألا ليت أمّي لم تلدني وليتني ... سبقتك إذ كنا إلى غاية تجري
وقد كنت ذا ناب وظفر على العدا ... فأصبحت لا يخشون نابي ولا ظفري
وقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه للخنساء: أخبريني بأفضل بيت قلته في أخيك فقالت:
وكنت أعير الدمع قبلك من بكى ... فأنت على من مات بعدك شاغله
ولأبي المحاسن الشواء في صديق له مات وسقط الثلج عقيب موته:
لم أنسه وبنو الملوك أمامه ... يدمون للأسف الأكفّ عضاضا
والثلج قد غطى الربا فكأنها ... من حزنها لبست عليه بياضا
وقال آخر:
وليس صرير النعش ما تسمعونه ... ولكنه أصلاب قوم تقصّفوا
وليس نسيم المسك ريا حنوطه ... ولكنه ذاك الثناء المخلف
وقال مقاتل بن عطية يرثي الوزير نظام الملك:
كان الوزير نظام الملك لؤلؤة ... يتيمة صاغها الرحمن من شرف
عزّت ولم تعرف الأيام قيمتها ... فردّها عندما عزّت إلى الصدف
وقال آخر:
وقبرت وجهك وانصرفت مودّعا ... بأبي وأمّي وجهك المقبور
وأرى ديارك بعد وجهك قفرة ... والقبر منك مشيّد معمور
فالناس كلهم لفقدك واجد ... في كل بيت رنة وزفير
عجبا لأربع أذرع في خمسة ... في جوفها جبل أشمّ كبير
وكان رجل توفي ولده في يوم عيد فقال:
لبس الرجال جديدهم في عيدهم ... ولبست حزن أبي الحسين جديدا
أيسرّني عيد ولم أر وجهه ... فيه ألا بعدا لذلك عيدا
فارقته وبقيت أخلد بعده ... لا كان ذاك بقا ولا تخليدا
من لم يمت جزعا لفقد حبيبه ... فهو الخؤون مودة وعهودا
مت مع حبيبك إن قدرت ولا تعش ... من بعده ذا لوعة مكمودا
ما أمّ خشف قد ملا أحشاءها ... حذرا عليه وجفنها تسهيدا «2»
إن نام لم تهجع وطافت حوله ... فيبيت مكلوما بها مرصودا
منّي بأوجع إذ رأيت نوائحا ... لأبي الحسين وقد لطمن خدودا
ولقد عدمت أبا الحسين جلادتي ... لما رأيت جمالك المفقودا
كنت الجليد على الرزايا كلها ... وعلى فراقك لم أجد تجليدا «1»
ولئن بقيت وما هلكت فإن لي ... أجلا وإن لم أحصه معدودا
لا موت لي إلا إذا الأجل انقضى ... فهناك لا أتجاوز المحدودا
حزني عليك بقدر حبّك لا أرى ... يوما على هذا وذاك مزيدا
ما هدّ ركنّي بالسنين وإنّما ... أصبحت بعدك بالأسى مهدودا
يا ليت إني لم أكن لك والدا ... وكذاك إنك لم تكن مولودا
فلقد شقيت وربما شقي الفتى ... بفراق من يهوى وكان سعيدا
من ذمّ جفنا باخلا بدموعه ... فعليك جفني لم يزل محمودا
فلأنظمنّ مراثيا مشهورة ... تنسي الأنام كثيّرا ولبيدا
وجميع من نظم القريض مفارق ... ولدا له أو صاحبا مفقودا
وقال الفقيه منصور بن إسماعيل المصري:
سألت رسوم القبر عمّن ثوى به ... لأعلم ما لاقى فقالت جوانبه
أتسأل عمّن عاش بعد وفاته ... بإحسانه إخوانه وأقاربه
وقال الإمام السبكي «2» رحمه الله تعالى يرثي فضل الله العالم:
مصاب ليس يشبهه مصاب ... لذي الألباب إذ فقد الشّهاب
إمام قد حوى من كلّ علم ... كنوزا نحوها يسعى الرّكاب «3»
ليبكي كلّ ذي علم عليه ... فكم علم له ضمّ التراب
وكم كلم موانع قد أتته ... ثناها وهي عاصية صعاب
فسلطان البلاغ بغير شك ... شهاب الدين ما فيه ارتياب
سقى الله الكريم ثراه صوبا ... له من كل رضوان رضاب «4»
وقال الصفدي:
يا غائبا في الثرى تبلى محاسنه ... الله يوليك غفرانا وإحسانا
إن كنت جرّعت كأس الموت واحدة ... في كلّ يوم أذوق الموت ألوانا
وقال محمد بن عبد الله العتبي يرثي إبنا له:
أضحت بخدي للدموع رسوم ... أسفا عليك وفي الفؤاد كلوم «5»
والصبر يحمد في المواطن كلّها ... إلا عليك فإنه مذموم
وكتب أحمد بن يوسف إلى عمر بن سعيد يرثي بنتا له فقال:
عجبا للمنون كيف أتتها ... وتخطّت عبد الحميد أخاكا
شملتنا مصيبتان جميعا ... فقدنا هذه ورؤية ذاكا
وله يرثي الأمير يلبغا:
ألا إنّما الدنيا غرور وباطل ... فطوبى لمن كفاه منها تفرّغا «6»
وما عجبي إلا لمن بات واثقا ... بأيام دهر ما وعى حق يلبغا
وقال آخر:
إلى الله أشكو أن كلّ قبيلة ... من الناس قد أفنى الحمام خيارها «1»
وقال رجل يرثي صديقا له توفي وكان من الكرماء:
ما درى نعشه ولا حاملوه ... ما على النعش من عفاف وجود
ولبعض الكتاب في ابن مقلة:
استشعر الكتّاب فقدك سالفا ... وقضت بصحّة ذلك الأيام
فلذاك سوّدت الدواة كآبة ... أسفا عليك وشقت الأقلام
وقال الحسن بن مطير الأسدي يرثي معن بن زائدة رحمه الله تعالى:
هلمّا إلى معن وقولا لقبره ... سقتك الغوادي مربعا ثم مربعا
فيا قبر معن كنت أوّل حفرة ... من الأرض خطّت للسماحة مضجعا
ويا قبر معن كيف واريت جوده ... وقد كان منه البرّ والبحر مترعا
بلى قد وسعت الجود والجود ميّت ... ولو كان حيا ضقت حتى تصدّعا
فتى عاش في معروفه بعد موته ... أناس لهم بالبرّ قد كان أوسعا
ولمّا مضى معن مضى الجود كلّه ... وأصبح عرنين المكارم أجدعا «2»
وقال آخر:
عجبت لصبري بعده وهو ميّت ... وقد كنت أبكيه دما وهو غائب
وقال آخر:
فديتك لم أصبر ولي فيك حيلة ... ولكن دعاني اليأس منك إلى الصبر
وقالت ريطة بنت عاصم:
وقفت فأبكتني ديار عشيرتي ... على رزئهن الباكيات الحواسر «3»
غدوا كسيوف الهند ورّاد حومة ... من الموت أعيا وردهنّ المصادر «4»
فوارس حاموا عن حريمي وحافظوا ... بدار المنايا والقنا متشاجر
ولو أن سلمى نالها مثل رزئنا ... لهدّت ولكن محمل الرزء عامر
ولما قتل إبراهيم بن عبد الله بن الحسين وحمل رأسه إلى المنصور، أنفذها المنصور مع الربيع إلى عميه إدريس ومحمد وكانا في حبسه، وكان أبوه قائما يصلي فقال له محمد: أوجز، فأوجز وسلم، فلما أتاه، وضع الرأس في حجره فقال: أهلا وسهلا يا أبا القاسم تالله لقد كنت من الناس الذين قال الله تعالى في حقهم: الَّذِينَ يُوفُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَلا يَنْقُضُونَ الْمِيثاقَ 20 «5».
ثم قبله بين عينيه وأنشأ يقول:
فتى كان يحميه من العار سيفه ... ويكفيه سوءات الأمور اجتنابها
ثم قال للربيع: قل لصاحبك المنصور قد مضى من بؤسنا أيام ومن نعمتك أيام، والملتقى غدا بين يدي الله تعالى، فكان ذلك فألا «6» على المنصور ولم ير بعد ذلك اليوم راحة.
وقيل لحسان: ما بالك لم ترث رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: لم أر شيئا إلا رأيته يقصر عنه «7».
والله أعلم بالصواب وإليه المرجع والمآب وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.



الباب الثاني والثمانون في الصبر والتأسي والتعازي والمراثي ونحو ذلك 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
 
الباب الثاني والثمانون في الصبر والتأسي والتعازي والمراثي ونحو ذلك
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات إنما المؤمنون إخوة (2024 - 2010) The Believers Are Brothers :: (العربي) :: اسـتراحــة الـمنتــدى الأدبيـــة :: المستطرف في كل فن-
انتقل الى: