أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52683 العمر : 72
| موضوع: باب ياءات الزوائد الثلاثاء 18 أكتوبر 2022, 1:06 am | |
| باب ياءات الزوائد (420) وَدُونَكَ يَاءَاتٍ تُسَمّى زَوَائِدَا لأَنْ كُنَّ عَنْ خَطِّ المَصَاحِفِ مَعْزِلاَ أي إنما سميت زوائد لأنها زادت على رسم المصحف عند من أثبتها والمعزل هاهنا مصدر بمعنى العزل كالمرجع أي لأن كن ذوات عزل أي إنهن عزلن عن الرسم فلم تكتب لهن صورة ثم بين حكمها فقال (421) وَتَثْبُتُ في الْحَالَيْنَ (دُ)رَّا (لَـ)ـوَامِعاَ بِخُلْفٍ وَأُولَى النَّمْلِ حَمْزَةُ كَمَّلاَ أي إن القراء مختلفون في هذه الياءات الموصوفة بأنها زوائد فمنهم من أثبتها في حالي الوصل والوقف وهم المذكورون في هذا البيت ومنهم من أثبتها في الوصل دون الوقف وهم المذكورون في البيت الآتي وليس الأمران على العموم هؤلاء أثبتوا الجميع في الحالين وأولئك في الوصل بل معنى هذا الكلام أن كل من أذكر عنه أنه أثبت شيئا ولم أقيده فانظر فيه فإن كان من المذكورين في هذا البيت فاعلم أنه يثبته في الحالين وإن كان من المذكورين في البيت الآتي فاعلم أنه يثبته في الوصل فقط فحصل من هذا أن ابن كثير من طريقيه أو من أحدهما وهشاما يثبتان الياء في الحالين في المواضع التي يأتي ذكرها لهما لكن ابن كثير له مواضع كثيرة وأما هشام فليس له إلا موضع واحد في الأعراف سيأتي ذكره وفيه خلاف عنه وقفا ووصلا وأثبت حمزة في الحالين موضعا واحدا وهو (أتمدونن بمال)، وهو يقرؤه بتشديد النون على ما سيأتي في سورته وهذا الموضع هو أول النمل لأن فيها ياءين زائدتين على رأي الناظم وكلتاهما في آية واحدة وهذه الياء هي الأولى وبعدها (فما آتان الله)، فاحترز بقوله وأولى النمل عن ياء آتاني وقوله كملا ليس برمز لأن الرمز لا يجتمع مع المصرح به وإنما معناه أن حمزة كمل عدة المثبتين في الحالين ودرا لوامعا حالان من ضمير الياءات في وتثبت أي مشبهة ذلك لأن هذه القراءة موافقة للأصل لأن الياء إما لام الكلمة أو كناية عن المتكلم وأياما كان فالأصل إثباتها وأما حذفها والاجتزاء بالكسرة عنها ففرع عن ذلك الأصل وحكى ابن قتيبة أن إثباتها لغة أهل الحجاز ثم الإثبات في نحو - الداعي - و - الجواري - مما الياء فيه لام الفعل وفيه الألف واللام أحسن عند أهل العربية من الحذف إلا في الفواصل والقوافي فالحذف أحسن وكذا الياء التي هي لام الفعل نحو (نبغي - و - يأتي)، إثباتها أحسن من حذفها فإن قلت بقي على الناظم ذكر جماعة لهم خلاف في الإثبات في الحالين في ثانية النمل (فما آتاني الله)، وهم قالون وأبو عمرو وحفص كما يأتي وكذا قنبل له خلاف في الوقف على (بالواد)، في سورة الفجر قلت هذا كله يجئ مفصلا مبينا وإنما ذكر في هذا البيت ما يأتي مجملا مطلقا فتعلم من إجماله وإطلاقه أن الإثبات في الحالين للمذكورين وأما المبين فمتضح في نفسه فلا يحتاج إلى هذه المقدمة ثم ذكر المثبتين في الأصل فقط في المواضع التي تذكر لهم فقال (422) وَفِي الْوَصْلِ (حَـ)ـمَّادٌ (شَـ)ـكُورٌ (إِ)مَامُهُ وَجُمْلَتُهاَ سِتُونَ وَاثْنَانِ فَاعْقِلاَ أي إمامه حماد شكور لأن هؤلاء جمعوا في قراءتهم بين الأصل وموافقة الرسم وخصوا الوقف بالحذف لأنه الأليق بالتخفيف على ما مضى في تخفيف الهمز في الوقف فالمثبتون في الوصل وحده هم أبو عمرو وحمزة والكسائي ونافع على ما رمز لهم في البيت فأما الكسائي وورش فاطرد لهما ذلك فلم يثبتا في الوقف شيئا وأما حمزة فقد تقدم أنه أثبت في الوقف والوصل (أتمدونني)، في النمل وحدها وما عدها مما سيذكر له أنه يثبته يختص بوصله دون وقفه وذلك موضع واحد (وتقبل دعائي)، في سورة إبراهيم وأما أبو عمرو وقالون فلهما خلاف في الوقف على (آتاني الله)، في النمل كما يأتي والباقون على حذف الجميع في الحالين اتباعا للرسم وهم عاصم وابن عامر فقط لكن لهشام خلاف في الموضع الواحد المقدم ذكره وكذا لحفص موضع واحد وهو (آتاني الله)، في النمل على ما يأتي فما يصفو من أهل الحذف على الإطلاق أحد غير أبي بكر وابن ذكوان والحذف لغة هذيل قال أبو عمرو وأنشد الفراء، (كفاك كف ما تليق درهما وجود أخرى تعط بالسيف الدما)، (لقد تخف بشارتي قدر يوم ولقد تخف شيمتي إعساري)، وقال آخر، (وأخو الغوان متى يشأن صرمنه)، وأنشد سيبويه، (أمحمد نفد نفسك كل نفس إذا ما خفت من شيء تباني)، وحمله هو والنحاة على حذف لام الأمر وجعلوه لذلك شاذا والأولى جعله من هذا الباب ثم ذكر الناظم عدد الياءات التي اختلف القراء في إثباتها وحذفها وهي محذوفة في الرسم فقال جملتها اثنان وستون ياء وعدها صاحب التيسير إحدى وستين لأنه أسقط (فما آتاني الله - في النمل - فبشر عبادي)، في الزمر وعدّهما في باب ياءات الإضافة، فإن قلت فينبغي أن يبقى ستون فما هي الواحدة الزائدة، قلت هي (يا عبادي)، التي في الزخرف ذكرها في البابين وقد تقدم التنبيه على ذلك وذكر الناظم في هذا الباب لفظ العدد فقال اثنان وأنثه في باب ياءات الإضافة في قوله وعشر وتسعها وثنتان وأربع عشرة وسبع وأربع وثمان والكل في البابين عبارة عن الياءات وكلا اللفظين من التذكير والتأنيث سائغ في العبارة عن الياء لأنها من حروف المعظم وكلها يجوز فيها الأمران على ما قد ذكرناه مرارا ثم شرع يذكر الزوائد مفصلة فقال (423) فَيَسْرِي إِلى الدَّاعِ الْجَوَارِ المُنَادِ يَهْدِيَنْ يُؤْتِينَ مَعْ أَنْ تُعَلِّمَنِي وِلاَ وأراد (والليل إذا يسر - مهطعين إلى الداع - ومن آياته الجوار)، في سورة الشورى دون اللتين في سورة الرحمن وكورت ودلنا على ذلك أنهما لا يمكن إثبات الياء في الوصل لأجل الساكن بعدهما فتعينت التي في الشورى وهذا بخلاف إمالة الدوري للجواري فإنها في المواضع الثلاثة كما سبق (والمنادي)، في سورة ق - يوم يناد المناد - والثلاثة الباقية في الكهف (وقل عسى أن يهدين ربي) - (فعسى ربي أن يؤتين خيرا من جنتك) - (على أن تعلمن مما علمت)، والولاء المتابعة يعني أن هذه الثلاثة تتابعت في سورة واحدة على هذا النسق ودلنا على أن مراده يهدين التي في الكهف أن التي في القصص مثبتة بإجماع وسيأتي ذلك وليس غيرهما فتعينت التي في الكهف والله أعلم. (424) وَتُخْزُونِ فِيهاَ (حَـ)ـجَّ أَشْرَكْتُمُونِ قَدْ هَدَانِ اتَّقُونِ يَا أُولِي اخْشَوْنِ مَعْ وَلاَ فيها أي في هود (ولا تخزون في ضيفي)، وجميع ما في هذا البيت أثبته أبو عمرو في الوصل أراد (أشركتموني من قبل)، في إبراهيم (قد هدان) في الأنعام و(اتقون يا أولي الألباب)، في البقرة وقيد - هدان - بقوله - قد - احترازا من نحو (قل إنني هداني) - (لو أن الله هداني)، فهي ثابتة باتفاق وقيد اتقون بقوله (يا أولى)، احترازا من قوله (وإياي فاتقون)، فإنها محذوفة باتفاق وقوله (واخشون ولا تشتروا)، في المائدة فقيده بقوله ولا أي الذي بعده ولا احترز بذلك عن الذي في أول المائدة (واخشون اليوم)، فإنها فيه محذوفة في الحالين باتفاق ومن الذي في البقرة (واخشوني ولأتم نعمتي)، فإنه ثابت في الحالين باتفاق اتباعا للرسم فيهما مع أن الذي في أول المائدة واجب الحذف في الوصل لأن بعده ساكنا فأجرى الوقف مجراه (425) وَأَخَّرْتَنِي الاسْراَ وَتَتَّبِعَنْ (سَماَ) وَفي الْكَهْفِ نَبْغِي يَأْتِ فِي هُودَ (رُ)فِّلاَ أراد (لئن أخرتن إلى يوم القيامة)، وأضافه إلى الإسراء احترازا من التي في سورة المنافقين (لولا أخرتني إلى أجل قريب)، فإنها مثبتة في الحالين بلا خلاف وأراد (أن لا تتبعن أفعصيت)، في طه أثبت هاتين الياءين مع اللآتي في البيت السابق جميعها مدلول قوله سما فابن كثير أثبتها في الحالين ونافع وأبو عمرو في الوصل فقط وأما (ذلك ما كنا نبغي - و - يوم يأتي لا تكلم)، فوافقهم فيهما الكسائي فأثبتها في الوصل وإنما قيد (نبغي)، في الكهف احترازا من التي في يوسف (يا أبانا ما نبغي)، فإنها مثبتة بإجماع وقيد يأتي بهود احترازا مما أجمع أيضا على إثباته نحو (يأتي بالشمس - يوم يأتي بعض آيات ربك - أم من يأتي آمنا يوم القيامة)، ورفل معناه عظم (426) (سَماَ) وَدُعَاءِي (فِـ)ي (جَـ)ـنَا (حُـ)ـلْوِ (هَـ)ـدْيِهِ وَفي اتَّبِعُونِ أَهْدِكُمْ (حَـ)ـقَّهُ (بِـ)ـلاَ سما من تتمة رمز نبغي ويأتي وأراد (وتقبل دعاءي)، أثبتها في الوصل حمزة وورش وأبو عمرو وأثبتها البزي في الحالين (واتبعون)، في غافر أثبتها في الوصل أبو عمرو وقالون وفي الحالين ابن كثير وبلا معنى اختبر أي اختبر الحق ما ذكرته فكان صوابا دون ما روى من خلاف ذلك فإن قلت من أين علمنا أن مراده بقوله (دعاء)، التي في إبراهيم دون التي في نوح (دعاءي إلا فرارا)، قلت لأن تلك دخلت في حساب ياءات الإضافة في عده ما بعده همزة مكسورة وقد نص عليها في قوله (دعاءي - و - آباءي)، لكوف تجملا والفرق بينهما أن التي في نوح ثابتة في الرسم والتي في إبراهيم محذوفة وذلك فصل ما بين ياء الإضافة والزائدة وكذلك القول في (اتبعون أهدكم)، إذ لقائل أن يقول لما لا تدخل هذه في ياءات الإضافة التي بعدها همزة مفتوحة فيكون الجواب أن هذه الياء محذوفة رسما غير ثابتة فيه وعلم ذلك من موضع آخر - وقيد اتبعوني - بقوله - أهدكم - احترازا من الذي في الزخرف لأبي عمرو وحده وسيأتي ومن الذي أجمع على إثباته نحو (فاتبعوني يحببكم الله - فاتبعوني وأطيعوا أمري) والله أعلم. (427) وَإِنْ تَرَنِي عَنْهُمْ تُمِدُّونَنِي (سَماَ) (فَـ)ـرِيقاً وَيَدْعُ الدَّاعِ (هَـ)ـاكَ (جَـ)ـناً (حَـ)ـلاَ عنهم أي عن مدلول حقه بلا أراد (إن ترن أنا أقل منك - و - أتمدونني)، في النمل لمدلول سما فريقا وهذا الموضع هو الذي يثبته حمزة في الحالين ونصب فريقا على التمييز أي ارتفع فريقه وهم قراؤه وروى عن حمزة فيه الحذف في الحالين والإثبات في الوصل دون الوقف (يدع الداع)، في سورة القمر أثبتها في الحالين البزي وفي الوصل ورش وأبو عمرو وما أحلا قوله هاك جناحلا أي خذ ثمرا حلوا وهو ما نظمه الناظم رحمه الله (428) وَفي الْفَجْرِ بِالْوَادِي (دَ)ناَ (جَـ)ـرَيَانُهُ وَفي الْوَقْفِ بِالْوَجْهَيْنِ وَافَقَ قُنْبُلاَ أي وافق بالوادي قنبلا بالوجهين يعني روى عن قنبل الحذف والإثبات في الوقف وأما في الوصل فيثبت بلا خلاف كورش وأثبت البزي في الحالين وما أحسن ما وافقه لفظ لجريان بعد ذكر الواد (429) وَأَكْرَمَنِي مَعْهُ أَهَانَنِ (إِ)ذْ هَـ(دَ)ى وَحَذْفُهُماَ لِلْمَازِنِي عُدَّ أَعْدَلاَ يعني أن المشهور عن أبي عمرو حذفهما وقد روى عنه إثباتهما في الوصل كنافع وأثبتهما البزي في الحالين أراد (ربي أكرمن)و(ربي أهانن)، كلاهما في سورة الفجر أتبعهما ذكر بالواو لأن الجميع في سورة واحدة (430) وَفي النَّمْلِ آتانِي وَيُفْتَحُ (عَـ)ـنْ أُوِلي (حِـ)ـمىً وَخِلافُ الْوَقْفِ (بَـ)ـيْنَ (حُـ)ـلاً (عَـ)ـلاَ يعني جمع هؤلاء بين إثبات الياء وفتحها في قوله تعالى (فما آتاني الله خير مما آتاكم)، ويلزم من الإثبات الفتح وإلا لانحذفت لالتقاء الساكنين والباقون على حذفها اتباعا للرسم فمن حذف في الوصل حذف في الوقف وأما من أثبت في الوصل فقياسه أيضا الحذف في الوقف لأنه ليس فيهم من المثبتين في الحالين أحد فأما ورش فجرى على القياس فحذفها في الوقف وأما قالون وأبو عمرو وحفص فاختلف عنهم في إثباتها وحذفها في الوقف ووجه إثباتها أن هذه الياء أخذت شبها من ياء الإضافة لكونهم فتحوها وياءات الإضافة لا تحذف في الوقف فكذا هذه وقوله بين حلا متعلق بقوله علا (431) وَمَعْ كَالْجَوَابِ الْبَادِ (حَقَّ جَـ)ـناَ (هُـ)ـماَ وَفي الْمُهْتَدِ الإِسْرَا وَتَحْتُ (أَ)خُو (حُـ)ـلاَ أراد (وجفان كالجواب - سواء العاكف فيه والباد)، وتقدير الكلام والباد مع كالجواب حق جناهما فالباد مبتدا وحق خبره وجناهما فاعل حق وهذا أولى بالجواز من قوله عليك ورحمة الله السلام والجنا المجنى ويجوز أن يكون خبر الباد ما تقدم عليه كقولك مع زيد درهم كأنه قال اشترك هذان في إثبات الياء لقارئ مخصوص ثم بينه وحق خبر مقدم وجناهما مبتدأ وكذا أعرب الشيخ وغيره قوله وفي المهتدي الإسرا وتحت قال فإن قلت كان الوجه أن يقول وفي الإسرا المهتدي قلت معناه واشترك في المهتدي الإسراء والكهف وهو أخو حلا قلت أنا يجوز أن يكون المهتدي مضافا إلى الإسراء لأن المراد هذه اللفظة والكلمة فلا يمنع وجود الألف واللام فيها من إضافتها كما لو كانت فعلا أو حرفا لأن المراد حكاية ما في القرآن كما قال وأخرتني الإسراء فأضاف أخرتني إلى الإسراء وقوله وتحت أي والذي تحت أي والإثبات في حرفي الإسراء والكهف الذي هو المهتدي أخو حلا واحترز بذلك من الذي في الأعراف فإن الياء فيه ثابتة بلا خلاف وهو (من يهد الله فهو المهتدي)، وكذا لفظ ما في الإسراء والكهف إلا أنه بغير ياء في الرسم (432) وَفي اتَّبَعَنْ فِي آلِ عِمْرَانَ عَنْهُماَ وَكِيدُونِ فِي الأَعْرَافَ (حَـ)ـجّ (لِـ)ـيُحْمَلاَ عنهما يعني عن نافع وأبي عمرو أثبتا ياء (ومن اتبعن)، في آل عمران يريد (أسلمت وجهي لله ومن اتبعن)، واحترز بذكر السورة عن التي في آخر سورة يوسف (على بصيرة أنا ومن اتبعني)، فهي ثابتة بلا خلاف وقيد - كيدون - بالأعراف احترازا من المجمع على إثباته في هود وعلى حذفه في المرسلات وقوله وكيدون حج أي غلب في الحجة بإثبات يائه ليحمل ذلك ويقرأ به وهذا هو الموضع الذي أثبته هشام في الحالين بخلاف عنه فيهما وروى عن ابن ذكوان إثباتها في الحالين أيضا، قال أحمد بن يزيد الحلواني رحلت إلى هشام بن عمار بعد وفاة ابن ذكوان ثلاث مرات ثم رجعت إلى حلوان فورد على كتابه يقول فيه إني أخذت عليكم (ثم كيدون)، في سورة الأعراف بياء في الوصل وهو بياء في الحالين يعني الوصل والوقف (433) بِخُلْفٍ وَتُؤْتُونِي بِيُوسُفَ (حًـ)ـقُّهُ وَفي هٌودَ تَسْأَلْنِي (حَـ)ـوَارِيهِ (جَـ)ـمَّلاَ إنما أعاد ذكر الخلف عن هشام لئلا يظن أن الذي تقدم كان للوقف وحده فأبان بهذا أن له أيضا في الوصل خلافا وقيل إنما أعاده تأكيدا لأن بعض المصنفين لم يذكر له هذا الخلاف وقوله - حتى تؤتون موثقا - أثبتها مدلول حق وأما (فلا تسئلني ما ليس لك به علم)، فأثبت الياء أبو عمرو مع تخفيف الكلمة وأثبتها ورش مع تشديدها ويأتي الكلام في التخفيف والتشديد في سورة هود وحواريه ناصره وخفف الياء ضرورة كما تقدم في أول الخطبة (434) وَعَنْهُ وَخَافُونِ وَمَنْ يَتَّقِي (زَ)كاَ بِيُوسُفَ وَافى كَالصَّحِيحَ مُعَلَّلاَ أي وعن أبي عمرو إثبات (وخافون إن كنتم)، في آل عمران فالواو في قوله وخافون من التلاوة وليست عاطفة في النظم ثم قال ومن يتقي زكا أراد (إنه من يتق ويصبر)، زكا أي طهر من طعن في قراءة قنبل لأنه أثبت الياء في محل الجزم ولا شك أنها قراءة ضعيفة لأنه زاد على الرسم حرفا وارتكب المحذور بزيادته وجها ضعيفا في العربية بخلاف الياءات المثبتة فيما تقدم فإنها لغة فصيحة وهو من الاختلاف في الهجاء فلم يضر من جهة الرسم كقراءة (مالك يوم الدين)، بالألف ثم ذكر وجه هذه القراءة وهو أن من العرب من يجري المعتل مجرى الصحيح فلا يحذف منه شيئا من حروفه للجزم كما لا يحذف شيئا في الصحيح ويكتفي بإسكان آخره ومنه قوله (ألم يأتيك والأنباء تنمى) ووجه آخر وهو أن الكسرة أشبعت فتولدت منها ياء والإشباع قد ورد في اللغة في مواضع ووجه ثالث وهو أن من في قوله (من يتقي)، تكون بمعنى الذي لا شرطية فلا جزم ولكن يضعفه أنه عطف عليه قوله ويصبر، فأجيب بأنه أسكنه تخفيفا كما يأتي عن أبي عمرو في - يأمركم - ونحوه وأكد ذلك أبو علي بأن جعله من باب هل المعطوف على المعنى نحو (ويكفر عنكم - ويذرهم في طغيانهم - وأكن من الصالحين)، لأن من يتقي في الجزاء بمنزلة الذي يتقي لدخول الفاء في جوابهما فقد تضمنا معا معنى الجزاء وكل هذه وجوه ثابتة ولكنها ضعيفة في الفصيح على خلاف في اللغة وقال الحصري، (وقد قرأ من يتقي قنبل فانصر على مذهبه قنبلا)، واختار الناظم الوجه الأول وقوله وافى أي جاء معللا كالصحيح أي بأنه أجرى مجراه قال أبو بكر ابن مجاهد أخبرني قنبل عن القواس عن أصحابه أنهم يقرءون (إنه من يتقي ويصبر)، بالياء في الوصل والوقف وقرأت في حاشية نسخة مقروءة على الناظم وأظن الحاشية من إملائه قال معللا أي مروي بعذوب الاحتجاج له فهو على هذا من العلل (435) وَفِي المُتَعَالِي (دُ)رُّهُ وَالتَّلاًقِ وَالتْتَنَا (دِ)رَا (بَـ)ـاغِيهِ بِالْخُلْفِ (جُـ)ـهِّلاَ (المتعالى) - في الرعد و(التلاق)و(التناد)، في غافر أثبت الثلاثة في الحالين ابن كثير وأثبت ورش وقالون بخلاف عنه ياء التلاق والتناد في الوصل ودرا بمعنى دفع فأبدل من الهمزة ألفا وباغيه بمعنى طالبه يقال بغيت الشيء إذا طلبته وجهلا جمع جاهل وهو مفعول درا أي دفع قارئه الجهال عن تضعيفه بكونه رأس آية فلا ينبغي أن يثبت الياء لئلا يخرج عن مؤاخاة رءوس الآى فأتى بالخلف ليرضى به كل فريق لأن كلا الأمرين لغة فصيحة (436) وَمَعْ دَعْوَةَ الدَّاعِ دَعَانِي (حَـ)ـلاَ (جَـ)ـناً وَلَيْسَا لِقَالُونٍ عَنِ الْغُرِّ سُبَّلاَ يريد قوله تعالى (أجيب دعوة الداع إذا دعان)، أ ثبتهما أبو عمرو وورش وجنا في موضع نصب على التمييز وليسا - يعني الياءين في هاتين الكلمتين - لقالون أي لم يشتهر إثباتهما له وإن كان قد روى عنه إثباتهما وإثبات الأول دون الثاني وعكسه والغر المشهورون جمع أغر أي عن النقلة الغر وسبلا حال منهم وهو جمع سابلة وهم المختلفون في الطرق يريد أنهم سلكوا طرق النقل وقبلوها خبره بها ولو جاز أن يكون جمع سبيل لقلنا هو نصب على التمييز أي عن القوم المنيرة طرقهم والله أعلم. (437) نَذِيرِي لِوَرْشٍ ثُمَّ تُرْدِينِ تَرْجُمُونِ فَاعْتَزِلُونِ سِتَّةٌ نُذُرِي جَلاَ (438) وَعِيدِي ثَلاَثٌ يُنْقِذُونِ يُكَذِّبُونِ قَالَ نَكِيرِي أَرْبَعٌ عَنْهُ وُصِّلاَ هذا كله أثبته ورش في الوصل وحده أراد (فستعلمون كيف نذير - إن كدت لتردين - وفي الدخان - (أن ترجمون) - (وإن لم تؤمنوا فاعتزلون)، ونذر ستة مواضع في سورة القمر وجلا فيه ضمير لورش وعيدي ثلاث أي ثلاث كلمات واحدة في إبراهيم واثنتان في ق (لا ينقذون) في يس (إني أخاف أن يكذبون)، في القصص وقيده بقوله قال لأن بعده قال (سنشد)، احترز بذلك عن (يكذبون)، الذي ليس بعده قال نحو (أن يكذبون - و - يضيق صدري)، فهذه محذوفة باتفاق في الحالين و (نكيري)، أربع كلمات في الحج وسبأ وفاطر وتبارك وليس الذي في الشورى من هذا الباب وهو قوله تعالى (ما لكم من ملجأ يومئذ وما لكم من نكير)، والضمير في عنه لورش فهذه تسع عشرة زائدة انفرد بها ورش والألف في فصلا ليست ضمير تثنية فإن الذي تقدم متعدد أي وصل المذكور عنه فالألف للإطلاق (439) فَبَشِّرْ عِبَادِي افْتَحْ وَقِفْ سَاكِناً (يَـ)ـداً وَوَاتَّبِعُونِي (حَـ)ـجَّ في الزُّخْرُفِ الْعَلاَ لما فتح السوسي هذه الياء في الوصل وقف عليها بالإسكان كسائر ياءات الإضافة وهو القياس كما فعل في حرف النمل (فما آتان الله)، على وجه وحذفها الباقون في الحالين اتباعا للرسم ووقع في نقل مذهب السوسي اختلاف كثير في غير التيسير فروى عنه الحذف في الوقف وروى عن أبي عمرو نفسه الحذف في الحالين وروى عنه الفتح في الوصل والحذف في الوقف وأشار الناظم بقوله وقف ساكنا يدا إلى ترك الحركة باليد لأن المتكلم في إبطال الشيء أو إثباته قد يحرك يده في تضاعيف كلامه فكأنه قال لا تتحرك في رد ذلك بسبب ما وقع فيه من الخلاف هكذا ذكر الشيخ فقوله يدا في موضع نصب على التمييز وكأن هذا زجر عن سؤال مقدر واعتراض وارد من حيث القياس والجدل وذلك أن الخلاف محكي عن أبي عمرو نفسه في (فما آتاني الله)، في النمل والعمل في الاثنين واحد فعرف الناظم أن من سمع من جهة نظمه أن السوسي يقف بياء ساكنة دون الدوري ولم يذكر خلافا أنه يورد حرف النمل ويطلب الفرق بينهما ويستطيل باعتراضه لأنه وارد فسكنه وثبته بقوله وقف ساكنا يدا أي النقل كذا فلا ترده بقياس وجدل وهذا معنى جيد وتفسير حسن لظاهر اللفظ ولكن يلزم منه أن تكون السين من ساكنا رمزا لأبي الحارث كما لو قال باسطا يدا فإن الباء حينئذ كانت تكون رمز قالون وإنما المراد من هذا اللفظ بيان قراءة السوسي في الوقف وهي غير مبينة من هذا التفسير فإن أريد ذلك جعل ساكنا حالا من مفعول محذوف أي وقف عليه ساكنا ويكون يدا حالا من الفاعل أي ذا يد فتظهر قراءة السوسي حينئذ والله أعلم.، ثم قال و - اتبعون - أراد قوله تعالى في سورة الزخرف (واتبعون هذا صراط)، فأدخل واو العطف على كلمة القرآن وفيها واو فاجتمع واوان ليحصل حكاية لفظ القرآن فهو كقوله في أول القصيدة بدأت ببسم الله كأنه قال وحرف الزخرف الذي هو - واتبعوني - أثبت ياءه في الوصل أبو عمرو وحده والعلا مفعول حج وليس برمز وهو مشكل إذ يحتمل ذلك ولا يدفعه كونه فصل بين الرمزين بقوله في الزخرف فإن هذا فصل تقييد فليس أجنبيا فلا يضر فهو كفصله بلفظ الخلف في أثناء الرمز كقوله لبى حبيبه بخلفهما برا وكما قد جاء الفصل بالرمز بين تقييدين كقوله كما دار واقصر فلقائل أن يقول كما جاز الفصل بين التقييدين بالرمز كذا يجوز الفصل بين الرمزين بالتقييد ويؤيد الإشكال أنه قد التزم في خطبته أنه يسمى الرجال بعد ذكر الحرف ومتى انقضى ذلك أتى بالواو الفاصلة والواو لم تأت هنا إلا بعد قوله العلا في أول البيت الآتي فليته قال و(واتبعوني)، زخرف حج واعتلا أو و - واتبعوني - الزخرف اتبع فتى العلا ويكون قد أضاف واتبعوني إلى اسم السورة لأنه لفظ وكلمة وحرف من حروف القراءة فهو كما قدمنا في قوله (وأخرتني)، الإسراء وفي - المهتدي - الإسراء والله أعلم. (440) وَفي الْكَهْفِ تَسْأَلْنِي عَنِ الْكُلِّ يَاؤُهُ عَلَى رَسْمِهِ وَالْحَذْفُ بِالْخُلْفِ مُثِّلاَ يعني أنه رسم بالياء فأثبتها الكل وقفا ووصلا وروى عن ابن ذكوان حذفها في الحالين، فإن قلت من أين يعلم أنه أراد في الحالين، قلت هو في التيسير كذلك وإنما لم ينبه عليه الناظم اتكالا على فهم الذكي من جهة أنه لا جائز أن يكون أراد أنه حذفها وصلا لا وقفا إذ ليس في هذا الباب له نظير إذ كل من أثبت ياء في الوقف أثبتها في الوصل ولا ينعكس هذا القسم ثم لو كان أراد هذا القسم لذكره في سورته كما ذكر ما يشبه ذلك في الرعد وإذا بطل هذا القسم فلا يجوز أن يظن بالناظم أنه أراد عكسه وهو أنه حذفها وقفا وأثبتها وصلا لأنه لم يذكره مع من هذا فعله في سائر الباب في قوله وفي الوصل حماد شكور إمامه فبان أنه أراد حذفها في الحالين وهذه الياء التي في الكهف زائدة على العدة بخلاف التي في هود فإنها منها لأن تلك محذوفة رسما وهذه ثابتة فيه (441) وَفي نَرْتَعِي خُلْفٌ (زَ)كاَ وَجَمِيعُهُمْ بِالإِثْبَاتِ تَحْتَ النَّمْلِ يَهْدِيَنِي تَلاَ ليته وصل هذا البيت بالبيت الذي فيه يتقي لأن إثبات الياءين فيهما لقارئ واحد في سورة واحدة وكلاهما في موضع الجزم وما عطف عليهما مجزوم أوليته قدم هذا البيت على الذي قبله لتتصل الياءات المعدودة ثم بذكر الخارج من العدة أراد قوله تعالى (أرسله معنا غدا نرتع ونلعب)، وسيأتي الخلاف فيه في سورته وأما وجه إثبات الياء فإجراء المعتل مجرى الصحيح أو الإشباع ويجيء الوجه الآخر على أن يكون - نرتعى - في موضع الحال وسكن ونلعب تخفيفا على ما تقدم في (يتق ويصبر)، والباقون على حذف الياء لكن منهم من كسر العين ومنهم من أسكنها وأجمعوا على إثبات ياء (يهديني سواء السبيل)، في القصص لثبوتها في الرسم وإنما نص عليها من بين ما أجمعوا على إثباته لأنه ذكر فيما تقدم من جملة ما اختلفوا فيه - يهدين - ولم يعين أنها التي في الكهف فخشي أن تلتبس بهذه فاستدرك وبين أن هذه مجمع عليها فتعينت تلك للخلاف وقد نظم الشيخ رحمه الله في الياءات المجمع على إثباتها أبياتا جمعت أشياء مما يشكل منها ولم يحتج الناظم إلى ذكر غير حرف القصص مما أجمع عليه إذ لا التباس لشيء منه بما ذكره لأنه استوعب ذكر العدة ببيان مواضعها بخلاف ما فعل في ياءات الإضافة فلهذا ذكر المجمع عليه في الأنواع التي لم يستوعب ذكرها مفصلة على ما تقدم شرحه ولم يحتج إلى ذكر غير الملتبس بما ذكره من المجمع عليه إسكانا وفتحا هكذا هاهنا لم يذكر ما أجمع عليه حذفا وإثباتا والله أعلم. (442) فَهذِي أُصُولُ الْقَوْمِ حَالَ اطِّرَادِهاَ أَجَابَتْ بِعَوْنِ اللهِ فَانْتَظَمَتْ حُلاَ أي تم الكلام في الأصول وحال اطرادها منصوب على الحال كقوله تعالى (وهذا بعلي شيخا)، أو يكون العامل فيه أجابت أي أجابت مطردة لما دعوتها أي انقادت لنظمي طائعة بإعانة الله تعالى فانتظمت مشبهة حلا جمع حلية فيكون خلا في موضع نصب على الحال ويجوز أن يكون تمييزا أي انتظمت حلاها وقد ذكر نحو ذلك صاحب التيسير فقال بعد فراغه من باب الزوائد فهذه الأصول المطردة قد ذكرناها مشروحة وأقول المراد من إفراد الأصول بأبواب قبل الشروع في السور الفرق بين ما يطرد حكمه وما لا يطرد والمطرد هو المستمر الجاري في أشباه ذلك الشيء وكل باب من أبواب الأصول لم يخل من حكم كلى يستمر في كل ما تحقق فيه شرط ذلك الحكم وهو في جميع الأبواب ظاهر وهو خفي في ياءات الإضافة والزوائد وهو في الزوائد أخفى فوجهه في ياءات الإضافة أن فيه ما يطرد حمله مثل قوله فتح سما ما بعده همزة مفتوحة وفي الزوائد وتثبت في الحالين وفي الوصل حماد فإن ذلك مطرد في الجميع وباقي الكلام في البابين أشبه بالفرش منه بالأصول وشاهده ذكر التاءات المشددة للبزي في الفرش وهي قريبة من الزوائد والله أعلم. (443) وَإِنِّي لأَرْجُوهُ لِنَظْمِ حُرُوفِهِمْ نَفَائِسَ أَعْلاَقِ تُنَفِّسُ عُطَّلاَ أي أرجو عون الله أيضا لتسهيل نظم الحروف المنفردة غير المطردة وهو ما سيأتي ذكره في السور وهو معنى قول صاحب التيسير ونحن مبتدئون بذكر الحروف المتفرقة ونفائس جمع نفيس وأعلاق جمع علق وهو الشيء النفيس يقولون هو علق مضنة أي يضن به ويبخل بإعادته فلا يسمح به قال الشاعر (وسلمى لعمر الله علق مضنة) أي لا يسمح بفراقها فمعنى نفائس أعلاق على هذا نفائس أشياء نفائس كقولك خيار الخيار ثم هو منصوب إما على الحال من حروفهم أو هو مفعول ثان كما تقول نظمت الدر عقدا فيكون قد كنى بالأعلاق عن القلائد ويجوز أن يكون كنى بها عن أنواع النظم النفيسة فيكون نفائس منصوبًا على المصدر وتقديره أنظم حروفهم أنفس نظم تنفس تلك لنفائس أجيادًا عطلًا أي أعناقًا لا قلائد لها أي تجعلها ذات نفاسة قال الشيخ ومعنى ذلك أنه إذا نظمها فحفظها من لا علم له كان كمن تحلى جيده بعقد نفيس قلت فهذا مما يقوى جعل نفائس أعلاق مفعولًا ثانيًا ولم يذكر الشيخ إلا أنها حال من حروفهم. (444) سَأَمِضي عَلَى شَرْطِي وَبِاللهِ أَكْتَفِي وَماَ خَابَ ذُو جِدٍّ إِذَا هُوَ حَسْبَلاَ أي سأستمر على ما شرطته في الرموز والقيود والجد ضد الهزل وحسبل إذا قال حسبي الله ركب من لفظي الكلمتين كلمة تدل عليهما كما تقدم ذكره في باب البسملة، وقوله وبالله أكتفي هو معنى حسبي الله فلهذا أخبر أنه قد حسبل والمعنى أني لا أخيب فيما قصدته لأني اكتفيت به سبحانه وتعالى في تتمة ذلك واستعنت به عليه فأناب رحمه الله وما خاب بل اشتهر ذكره وطاب وانتفع بما نظمه الأصحاب والله أعلم.، وهذا آخر شرح الأصول والحمد لله وصلواته على سيدنا محمد وآله وصحبه الأكرمين أجمعين، وحسبنا الله وكفى ونعم الوكيل، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم. |
|