عام النصر والتمكين
* وفي سنة تسع بَعَثَ النبي -صلى الله عليه وسلم- أبا بكر الصديق أميرًا على الحج هذه السنة، وأردفه عليًّا -رضي الله عنه- بسورة براءة: ألا يحج بعد العام مشرك، ولا يطوف بالبيت عريان.

* وفي هذه السنة: تواترت الوفود على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- مذعنةً بالإسلام، وداخلة في دين الله أفواجًا كما قال تعالى: (إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ. وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًا. فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا) [النصر: 1-3].

* وفي هذه السنة: بعث رسول الله -صلى الله عليه وسلم- معاذ بن جبل إلى اليمن ومعه أبو موسى الأشعري رضي الله عنهما، وبعث الرسل إلى ملوك الأقطار يدعوهم إلى الإسلام، وانتشرت الدعوة، وعلت الكلمة، وجاء الحق، وزهق الباطل، إن الباطل كان زهوقًا.

حجة الوداع:
* وفي سنة عشر خرج النبي -صلى الله عليه وسلم- للحج، فصلى الظهر يوم الخميس لست بقين من ذي القعدة بالمدينة، ثم خرج منها بمن معه من المسلمين فصلّى العصر بذي الحليفة ركعتين، وبات بها، وأهلَّ النبي -صلى الله عليه وسلم- بحجة وعمرة معًا، ودخل -صلى الله عليه وسلم- مكة محرمًا في عشر ذي الحجة، والناس بين يديه وخلفه وعن يمينه وعن شماله كلهم يريد الائتمام به والاهتداء بهديه.

* وأتم النبي -صلى الله عليه وسلم- حجته وهي حجة الوداع، ثم رجع إلى المدينة فأقام بها بقية ذي الحجة والمحرم وصفر.

وفاة النبي -صلى الله عليه وسلم-:
* ثم مرض رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وابتدأ به الوجع يوم خميس في بيت ميمونة رضي الله عنها، وكان وجعًا في رأسه الكريم، فكان يجد صداعًا في رأسه، فاستأذن أزواجه أن يُمَرَّض في بيت عائشة رضي الله عنها، فأذَّن له، فمكث وجعًا اثني عشر يومًا، وقيل: أربعة عشر يومًا، وأمر أن يصلي أبو بكر الصديق بالناس، وصلى مرة خلف الصديق جالسًا.

* ثم قُبض -صلى الله عليه وسلم- ضحى يوم الاثنين من شهر ربيع الأول سنة إحدى عشرة من الهجرة، قيل: في الأول منه، وقيل: في الثاني، وقيل: في الثاني عشر.

* وتوفي -صلى الله عليه وسلم- وله من العمر ثلاث وستون سنة، منها أربعون سنة قبل النبوة، وثلاث وعشرون سنة نبيًّا رسولًا، منها ثلاث عشرة سنة بمكة، وعشر سنين بالمدينة، وبها توفي ودُفِن -صلى الله عليه وسلم- يوم الثلاثاء، وقيل: ليلة الأربعاء سحرًا في الموضع الذي توفي فيه من حجرة عائشة رضي الله عنها.
* * *