أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52561 العمر : 72
| موضوع: المبحث الأول الأربعاء 08 يونيو 2011, 1:21 pm | |
| المبحث الأول
إسرائيل من الداخل (الدولة والجيش)
فرضت بعض الأوضاع الجغرافية والديموجرافية على إسرائيل، أن تسلك أسلوباً خاصاً في الدفاع والتعبئة ومجابهة المخاطر، التي وضعت نفسها فيها ككيان ملفوظ في وسط الأمة العربية.
وعندما بدأت دولة إسرائيل في فرض كيانها في المنطقة كواقع جديد، وخصوصاً بعد أن نالت نصراً لا تستحقه عام 1948، ساعدها فيه دول الغرب والشرق مجتمعة، فقد بدأ "بن جوريون" في وضع أسس نظرية أمن إسرائيل نوه عنها في كتابه "بن جوريون يستعيد الماضي" حيث قال: "لقد أصدرت أوامري عام 1949، إلى هيئة الأركان العامة للجيش، بإعداد خطة دفاع شاملة تحمي البلاد في جميع الأوقات، على شرط ألا تستنزف القوى البشرية المطلوبة للاقتصاد القومي، ولتنمية الأراضي الزراعية، وإصلاحها ...
وبناء المساكن للمهاجرين الجدد، وإنشاء المدارس والطرق والموانئ والمستشفيات وتعمير النقب. ومع ذلك، فلن تكون لهذه المنشآت أية قيمة لو لم تكن لدينا الوسائل الكفيلة بحمايتها. ومن ناحية أخرى، إذا استخدمنا جميع رجالنا ونسائنا لحمايتها، فلن يتبقى لدينا أحد ليقوم بالأعمال التي تتطلبها التنمية. والنظام الذي توصلت إليه الأركان العامة كان يتضمن أربعة عناصر رئيسية هي:
1. جيش نظامي صغير يتكون من ضباط بصفة مطلقة تقريباً. 2. خدمة وطنية لتجنيد الفتيان والفتيات من سن الثامنة عشرة. 3. احتياطي كبير. 4. مستعمرات زراعية "دفاعية" على الحدود.
وقد نتج عن تلك الحقيقة أن معظم مقاتلينا، هم من رجال الاحتياط المدربين ـ وهي الحقيقة التي جعلتهم جديرين بأن يحملوا اسم جيش الشعب ـ لذلك يمكن تشبيه جيشنا بجبل الجليد العائم، لا يظهر منه سوى جانب صغير فوق السطح، بينما يختفي الجانب الأعظم في الأعماق. ولقد قام الجنرال "يعقوب دوري" أول رئيس للأركان العامة الإسرائيلية عام 1948، بإرساء الأسس العلمية السليمة لتعبئة القوات الإسرائيلية من وجهتي النظر التخطيطية والتنفيذية، بما يوافق كافة العوامل المؤثرة سواء جغرافية أم بشرية أم اقتصادية أو سياسية أو اجتماعية. وحقيقة أن بعض الدول العربية، قد وقعت عام 1949 مع إسرائيل اتفاقيات هدنة، ولكن إسرائيل كانت تعلم أن أهداف الدول العربية الحقيقية هي "القضاء على إسرائيل". نتيجة لعدة عوامل، منها شرعية قيام الدولة، وبنيتها الأساسية، وقيامها في وسط طوفان بشري يضمر لها الكراهية، حيث كانت علاقات القوى الديمجرافية بين دولة إسرائيل وبين الدول العربية التي كانت في حالة حرب معها هي 1 :50 (أي أن التعداد يوازن كل 50 مليون عربي تجاه مليون يهودي) لذلك كان لابد أن تسلك إسرائيل مسلكاً فريداً في تنظيم جيشها على أساس أن كل الشعب جيش.
أولاً: أسس التعبئة في إسرائيل
تبلورت مسألة تعبئة القوات الإسرائيلية في تنظيم إداري للقوى العاملة وأخرى لقوات الاحتياط في رئاسة الأركان العامة، وأقسام لها في قيادات المناطق العسكرية، مع تحديد دقيق ومتطور لفئات ومهن وقدرات أفراد القوات المسلحة بمجرد انتهاء خدمتهم الإلزامية، وكذا حصر وتصنيف الأسلحة والمعدات والحملة المتيسرة في الدولة، والتي يمكن استغلالها بمجرد صدور أوامر الاستدعاء مع الاعتماد في كل ذلك على التصنيف الآلي والعقول الإلكترونية للحصر والمتابعة لحسن استغلال طاقات القطاع المدني طبقاً لحالتها ودرجة صلاحيتها الحقيقية في سد النقص في المطالب وتقسيم درجات التعبئة الجزئية إلى فئات لمقابلة مختلف مستويات الطوارئ التي قد تتعرض لها الدولة، على أحد الجبهات أو أكثر. في نفس الوقت اتبع نظام التعبئة الإقليمي، بمعنى أن تشكل الوحدات من أفراد منطقة واحدة، فمثلاً اللواء الرابع الكرياتي يشكل من أفراد منطقة كريات مائير، واللواء 15 "الهاشيفيلا" فإن معظم أفراده من منطقة "بيت جبرين"، وهكذا.
وحتى تتحقق خفة حركة الأفراد المستدعين، مع ضمان استكمالهم لأدواتهم ومهماتهم فقد توزعت المهمات والأسلحة ومعدات وحملة قوات الاحتياط، فيما بين أصناف يحتفظ بها الفرد الاحتياط في منزله، وأصناف أخرى تحفظ بالمستودع الفرعي بجهة الإقامة، وثالثة بالمستودع الرئيسي بالمنطقة العسكرية، ورابعة بالمستودع العام، وخامسة يستمر استخدامها لخدمة الإنتاج المدني، حتى يصدر أمر استدعائها فتتوجه فوراً إلى المكان المحدد في الأمر (وهذا ينطبق على تعبئة المعدات والمركبات).
وقد بذلت القيادة الإسرائيلية جهوداً ضخمة فيما بين عامي 1956 ـ 1967، لوضع نظام التعبئة موضع التدريب والاختبارات، حتى تحقق فعلاً ما دعي إليه "بن جوريون" بأن تكون القوات المسلحة الإسرائيلية، مثل جبل الجليد العائم.
ثانياً: تكوين قوات الاحتياط
تتكون قوات الاحتياط من أفراد القوات النظامية الذين أتموا الخدمة الإلزامية البالغة "سنتين ونصف للرجال وسنة ونصف للنساء عدا الحوامل" .
ومن الضباط الذين أحيلوا إلى التقاعد أو أنهوا الخدمة الإلزامية ، وكذا الضباط الذين يخدمون في الرئاسات والأجهزة، ويملكون كفاءات قيادية عالية، تحتم استغلالهم في قيادات ميدانية. هذا علاوة على الأفراد المتطوعين الذين يؤجرون من مسارح الحرب المعاصرة من مختلف أنحاء العالم، ويطلق عليهم "متطوعون" ومعظمهم من اليهود.
ويتعامل مكتب التعبئة العامة بالإدارة العامة التابعة لرئيس الوزراء، وإدارة القوى العاملة بوزارة الدفاع وكذا أفرعها في المناطق العسكرية المختلفة مع كل هذه الأنواع عن طريق مكاتب التجنيد التابعة لها في القدس، وتل أبيب وحيفا وبير سبع، وبيتاح تكفا، وطبرية. ويوجد في كل مكتب منها قسم مختص بالتسريح ورعاية شؤون المسرحين.
وتصنف قوات الاحتياط، وتعدها وتشرف على تدريبها واستدعائها وإعدادها للمعركة شعبة القوى البشرية برئاسة الأركان العامة التي كان يرأسها العميد "ابراهام يوفيه" (وهو الذي قاد مجموعة العمليات الوسطى على الاتجاه التعبوي الأوسط في سيناء بمجرد أن بدأت الحرب). وتعاونها في هذا الشأن كافة أفرع وأقسام رئاسة الأركان، وكذا قيادات المناطق العسكرية الإسرائيلية. كما تعمل في تعاون وثيق معها دائرة الدفاع المدني برئاسة الأركان العامة الإسرائيلية.
ويستمر الفرد الاحتياط، بمجرد إنهاء خدمته الإلزامـية، في خـدمة احتياط الخـط الأول حتى يبلغ سـن التاسعة والثلاثين (لمدة 18 سنة). ثم ينتقل إلى احتياط الخط الثاني ليخدم ستة سنوات أخرى حتى سن 45 سنة، ثم ينتقل لخدمة الدفاع المدني لمدة أربعة سنوات حتى سن 49 سنة.
من واقع حرب يونيه 1967.. فإن الفرد الاحتياط البالغ من العمر 35 ـ 39 سنة، خاض غمار حربي 48، 56، وحصل على تدريب منتظم على امتداد 19 سنة، بلغ مقداره 1100 يوم استدعاء. أي ثلاث سنوات تضاف إلى خدمته الإلزامية، والخدمة الشبه عسكرية التي أعدته لها خدمته في وحدات الناحال وشباب الطلائع في صباه المبكر . أما أفراد الاحتياط "خط أول" الذي تتراوح سنه ما بين 30 ـ 35 سنة، نجد أنه اشترك في حرب 56 فقط، حصل بعدها على تدريب منتظم على امتداد 11 سنة بلغ مقداره 600 يوماً.
وينطبق نظام استدعاء وتدريب وإمداد قوات الاحتياط على جميع أفرع الأسلحة المقاتلة الإسرائيلية البرية والجوية والبحرية. ويركز الاهتمام الأكبر لتوفير الطيارين الأكفاء وسد النقص فيهم من المتطوعين ذوي المهارات الخاصة، وكذا أفراد الخدمة الأرضية للطائرات والذين يتوقف على كفاءتهم حسن استغلال القدرات القتالية للسلاح الجوي على أفضل صوره، الأمر الذي برز واضحاً في حرب 1967 . ثالثاً: قدرة المؤسسة العسكرية الإسرائيلية في التأثير على أركان الدولة
كانت إسرائيل منذ نشأتها دولة عسكرية بالمفهوم المطلق لما يعنيه هذا التعبير.. حيث انخرط الرعيل الأول من مؤسسي الدولة في الكفاح العسكري سواء من خلال المنظمات شبه العسكرية، أو عصابات الإرهاب، أو التجنيد في الفيلق اليهودي في خلال الحرب العالمية الأولى، أو اللواء اليهودي في الحرب العالمية الثانية.. وقد قيمت قدرة الكفاح، والزعامة للقادة الإسرائيليين طبقاً لما بذلوه في النواحي العسكرية، التي أجبروا فيها الفلسطينيين الآمنين من الهرب وترك بلادهم لتقيم عليها إسرائيل دولتها.
ومن هنا فقد احتلت المؤسسة العسكرية دوراً بارزاً داخل المجتمع الإسرائيلي وحولته إلى ما يشبه الثكنة العسكرية، وانصب التخطيط بمختلف أركانه، لخدمة هذه المؤسسة .. ويقول "رفائيل ايتان"، رئيس الأركان السابق، ووزير الزراعة في حكومة الليكود برئاسة "نتانياهو" (1996ـ 1999): "يقع المحللون في الخطأ، عندما يصورون أن جيش الدفاع الإسرائيلي كبقية جيوش العالم، التي تخدم في المقام الأول أهداف بلادها. فالعكس هنا هو الصحيح، حيث تخدم الدولة بكافة مواردها أهداف جيش الدفاع، بل أن كافة المواطنين الإسرائيليين هم جنود في الخدمة الدائمة بجيش الدفاع".
وتلك حقيقة، حيث أن الفرد الإسرائيلي ينخرط في العسكرية سواء من خلال منظمات شبه عسكرية ثم التجنيد، ثم قوات الاحتياط بقسميها لمدة 42 عاماً متصلة منذ أن يبلغ سن 12 سنة وحتى يبلغ الرابعة والخمسين من عمره". في نفس الوقت، وطبقاً لتأثير المؤسسة العسكرية، فإن الجيش الإسرائيلي، هو الذي يعد القيادات السياسية، ودائماً ما تتولى الشخصيات العسكرية المناصب الرئيسية والوزارات في الدولة. وكل قيادة عليا تختار مساعديها من العسكريين حتى تستمر حلقة التواصل. ويرجع ذلك إلى العديد من العوامل أهمها:
1. طبيعة قيام الدولة، الذي بني على قهر وطرد شعب، لكي يتخذ "شعب الله المختار" مكانه الطبيعي في أرض الميعاد، التي تحاط بأعداء من كل جانب.
2. وضع أمن إسرائيل في المقام الأول، واعتماد الفكر الإسرائيلي على القوة كضمان لبقاء الدولة.
3. التربية العسكرية للشعب الإسرائيلي، والتي تشمل مختلف فترات حياته، ومن خلالها يكون ولاءه للجيش باستمرار، ويطبق تعاليمه العسكرية على مجريات الأمور الحديثة في الدولة.. وبروزه في الحياة العسكرية، يضمن له المكان السياسي المرموق على مستوى الدولة. والجيش في عقيدة قادته هو أداة للدفاع عن الدولة المحاصرة بواسطة العرب.
وقد دفعهم هذا الاعتقاد إلى عدة نتائج هامة وهي ضرورة امتلاك قوة عسكرية أكبر من قوة كل الدول العربية المجاورة، وأن يكون لديهم القدرة على الرد السريع والانتقام الخاطف. وأنه إذا جاء السلام، فسيكون نتيجة هزيمة العرب في ميدان القتال. أي "السلام عن طريق القوة".
وفي مقال للجنرال "موشي ديان" في مجلة الشؤون الخارجية "عدد يناير 1955"، بعنوان "حدود إسرائيل ومشاكل الأمن"، بلور فكر الجيش الإسرائيلي في خمس نقاط هي:
1. أن الدولة كلها عبارة عن خط حدود مع دول مجاورة. 2. أن الدولة تعيش في كل لحظة تحت خطر التدمير. 3. أن العدو قد يلجأ إلى سياسة حرب العصابات. 4. أن هدف إسرائيل، هو تحويل خطوط الهدنة إلى خطوط سلام دائم. 5. أن الجيش وحده هو الذي يستطيع حماية إسرائيل.
والسياسة العسكرية الإسرائيلية تختص بها القيادة العامة للجيش، وبالذات فيما يتعلق بالسياسة تجاه العرب، وقد ظهر ذلك بوضوح في فضيحة "لافون"، عندما قام الجيش ببعض العمليات التي لم يكن وزير الدفاع على علم بها على الإطلاق. وعندما تولى "ليفي أشكول" رئاسة الوزراء ووزارة الدفاع في عام 1963، حدث تطوران هامان: الأول أنه حدث توسع كبير من حيث الميزانية والإنفاق على التسليح. والثاني هو ازدياد استقلال القيادة العامة للجيش، برسم السياسة العسكرية نظراً لجهل أشكول بالمسائل العسكرية. وهو أمر اعترف به شخصياً، ومن ثم لم يحاول التدخل فيه، على عكس بن جوريون، الذي كان يتدخل في شؤون الجيش ويناقش قادته في آرائهم، كما أنه كان قد انشأ "وزارة ظل" داخل وزارة الدفاع نفسها تتكون من بعض المستشارين الشخصيين له، وواحد أو اثنين ممن يثق فيهم في الوزارة، وبعض كبار الضباط.
رابعاً: العقيدة الدينية، وتأثيرها على الفكر العسكري الإسرائيلي تتحدد نقطة البدء في التاريخ اليهودي، في أنها رؤية دينية توراتية بحتة، فالتاريخ الذي يتلقاه الشعب الإسرائيلي، يؤكد أنهم "شعب الله المختار في أرض مختارة، هي أرض الميعاد". كما أن المنهج الديني، الذي يتلقاه أفراد الجيش، يهدف إلى تطبيق شعار "التوراة والسيف، نزلا معاً من السماء"، ومن ثم فإن هذا الشعار يدفع الجندي إلى قتل الآخرين الذين لا يحملون معه التوراة، أو إلى استعبادهم. كما تنطلق المناهج الدينية التي تدرس لأفراد الجيش من مفهوم "إيجاد عمود فقري لهذا الشتات من اليهود". فالجيش الإسرائيلي، الذي هو انعكاس للمجتمع يضم حوالي مائة جنس ولغة وقومية وثقافات وتقاليد وعادات مختلفة.. ومهمة الجيش، هي صهر تلك التوليفة المتباينة، في بوتقة واحدة ليخرج بعدها الجندي الإسرائيلي، وكأن الدين اليهودي هو هذا العمود الفقري.
وربما يكون "بن جوريون" هو أصدق ما عبر عن ذلك، في رسالته إلى الجيش بتاريخ 7 نوفمبر 1957، بعد نجاح خطة "قادش" في الهجوم على سيناء، حيث تقول الرسالة: "لقد أنجزتم أشياء، ربما كانت أهم من أية مسألة في السياسة أو الدفاع. لقد أعدتمونا إلى أعظم لحظات حياتنا الحاسمة مجداً في تاريخنا.
لقد أرجعتمونا إلى المكان الذي منحنا فيه التوراة، وفيه كلفنا الرب بأن نكون شعباً مختاراً، لقد رأينا أمام أعيننا الآيات التي لا تموت، تحيا من جديد، الآيات التي تنبئنا عن رحيل أجدادنا من مصر، وعن وصولهم إلى صحراء سيناء، تلك الأرض التي عادت إلينا الآن.
وتدعو العقيدة الدينية في جوهرها، إلى إقامة دولة حرب مستمرة، كما أن الرسالة الإنسانية الصهيونية ـ طبقاً لزعمهم ـ هي تحرير الإنسانية بالاستيلاء على الأرض، وبالغزو، ليتم الخلاص القومي لليهود، والخلاص الإنساني العام اللذان يرتبطان ببعضهما، برابطة عضوية لا تنفصل، فمتى حل السلام لليهود، تحقق السلام والسكينة للناس كافة. تترجم إسرائيل دراسة التاريخ، بصورة عملية لجنود الجيش كافة، من خلال تنظيم رحلات دورية تزور فيها الجنود، جميع مناطق فلسطين، ويسيرون فيها على أقدامهم حتى يتعرفوا على كل مدينة وقرية، وجبل وسهل وواد وطريق ونهر، بل على شكل كل شبر من أرض الميعاد" مستلهمين في ذلك، تعاليم الصهيوني "بول جينيوفسكي Paul Giniewski" في كتابه درع داوود.
ومن خلال تلك الزيارات، يسرد لهم القادة تاريخ المعارك والغزوات التي خاضها أجدادهم من اليهود الأوائل، والمقارنة بينهما، وبين المعارك الحديثة في إسرائيل.
وتحتوي التوراة على الكثير من قصص الحروب، وتطبيق اليهود للتكتيكات المختلفة في الحروب، بما فيهم الإرهاب والترويع للآمنين. وهناك سرد لحرب أهل "مديان" في حياة سيدنا موسى عليه السلام، في الإصحاح 31 من سفر العدو، حيث هاجم اثني عشر ألف يهودي أعدائهم، وتم قتل كل ذكر وسبي النساء والأطفال، وقتل كل امرأة عرفت ذكراً أو ضاجعته، وهكذا تذكر التوراة صراحة، أن موسى أمر بقتل الأطفال من أهل مدين، كقدوة، لأن يكرر اليهود من بعده ذلك القتل، (وبلا شك أن هذا يمثل إسفافاً على نبي من أنبياء الله، ولم يذكر القرآن مثل هذه القصص).
وتضيف التوراة في "الإصحاح 23 ـ ع55،56" "إن لم تطردوا سكان الأرض من أمامكم يكون الذين تستبقون منهم أشواكا في أعينكم، ومناخس في جوانبكم، ويضايقونكم على الأرض، التي أنتم ساكنون فيها". ويعني ذلك توصية بطرد الشعوب من أوطانها القديمة. كما تضيف في "التثنية ح/20ع10 ـ 17" "حين تقترب من مدينة لكي تحاربها، استدعها إلى الصلح. فإن أجابتك إلى الصلح، فكل الشعوب الموجودة فيها، تكون لك، وتستعبد لك. وإن لم تصالحك، فحاصرها، واضرب جميع ذكورها بحد السيف. أما النساء والأطفال، وكل ما في المدينة، فكلها غنيمة لك. وأما مُدن هؤلاء الشعوب التي يعطيك الرب نصيبك، فلا تستبعد منها نسمة واحدة".
خامساً: تأكيد ولاء الفرد الإسرائيلي لوطنه من كل ما ذكر فإن نظام الدفاع عن إسرائيل يتطلب أن يبني الفرد على أسس تربوية شديدة الحساسية يشعر فيها أن ارتباطه بأمن وطنه، هو ارتباط حياة، وأن ارتباطه بجيش الدفاع هو ارتباط عضوي يقضي فيه حياته بالكامل إلى جانب عمله المدني المعتاد.
لذلك فإن الفرد الإسرائيلي "بنات وبنين" يتلقى منذ نعومة أظافره، حقائق وشعارات ويتعلم أسلوب حياة تجعله مؤهلاً لتقبل الحياة في إسرائيل. ومن الشعارات التي يتلقاها، ويلتف حولها الأطفال والشباب الإسرائيلي الآتي :
1. نحن نولد ولدينا ماضٍ طويل زاهر، وحاضر صعب، وربما لن يكون لنا مستقبل طويل إن لم نساعد في بناء بلدنا، ونحمي وطننا إسرائيل. 2. إسرائيل ليست وطناً عادياً، ولكنه وطن يتطلب ضمانات للبقاء، ولصنع مستقبله وأمنه. 3. الماضي موجود بشدة في دماء الإسرائيليين، كل أسرة ضحت بفرد أو أفراد من أجل بقاء إسرائيل .. وقد أكون أنا الفرد الذي سيضحي مستقبلاً "سواء قتلت أم أصبت". المهم أن تعيش إسرائيل. 4. أبناء إسرائيل، ليسوا كأبناء دول عظمى أخرى، ففي الولايات المتحدة أو فرنسا، يولد الطفل وهو حر في بناء نفسه ومستقبله. ولكن نحن في إسرائيل أبناء الدولة، هي التي تمنحنا الأساسيات والصلاحيات، ويمكن أن تأخذها منا في أي وقت، ولذلك فالدولة تأمرني وأنا ألبي .. وبدون سؤال!!! 5. لأن تكون إسرائيلياً، لا يجب التفكير في القيم المجردة، لأن الدولة تحوي تركيبا ت معقدة، ومليئة بالمتناقضات. لكن يجب أن أصنع بنفسي القيم التي تتمشى مع متطلبات الدولة، وأسير عليها. 6. محظور عليَّ أن أفكر في المستقبل البعيد، ولكن يجب أن ينحصر تفكيري في المستقبل الذي يمكنني أن أصنعه بنفسي، وحتى أبلغ سن التسريح من خدمة الاحتياط (54 سنة). 7. مهمة الدفاع عن الوطن مهمة رئيسية، حتى يكون الشاب مقبولاً من المجتمع. 8. نحن في إسرائيل نمثل حوالي ربع إجمالي سكان مدينة واحدة إلى جوارنا وهي القاهرة: ونعيش في وسط بحر واسع من العرب، لذلك يجب أن يكون لنا تميز خاص حتى نعيش في أمان.
سادساً: الجيش الإسرائيلي أكبر معهد لتعليم الشباب يمضي "بن جوريون" في إلقاء الضوء على الجيش الإسرائيلي، من خلال كتابه "بن جوريون يستعيد الماضي": هناك مظهر في جيشنا "أي الجيش الإسرائيلي"، قد لا يكون فريداً، ولكنه غير شائع، وهو اندماج القوات الثلاث، البرية والطيران والبحرية، تحت قيادة واحدة، وإذا كنت تكلمت مراراً عن الجيش، فإني كنت أعني القوات الثلاث.
ويجدر بي أن أقول، أننا لا نعرف عن المشاحنات والمنافسات بين القوات الثلاثة، والتي نلحظها في البلاد التي تتبع فيها كل قوة من القوات الثلاثة إلى قيادة ذاتية.
ثم يقول في كتابه "إسرائيل تاريخ شخصي"، الجزء الثالث: "إن قوات الدفاع الإسرائيلية هي أهم عامل من عوامل تقريب التباين القائم بين الطوائف .. إذ تزول كل الحواجز الطائفية من الخدمة العسكرية، ففي الجيش تتوفر أكبر درجة من المساواة، بين أفراد الطوائف المختلفة عنه من أي مكان آخر.
وتتوقف إمكانيات التقدم الثقافي والترقي على خصال الجندي الفردية. وفي حالة التحاق جندي بالخدمة العسكرية، فإنه لا يخرج منها إلا بعد تحصيل حد أدنى من التعليم الأساسي. كما أن نسبة الضباط الذين هم من أصل آسيوي أو أفريقي في ازدياد من عام لآخر. ولا يراود أحدهم شعور بأنه أقل حظاً من غيره في الخدمة.
وكان الطبيعي أن يؤدي هذا إلى خلق بعض المشاكل، فليس من السهل على الجندي أن يعود لأسرته الجاهلة، أو لأسلوب المعيشة السابق بعد أن يكون قد حصل في الجيش على قدراً من التعليم والوعي الذاتي. ولقد قامت وزارة التعليم ـ في نفس الوقت ـ بإجراءات لمحو الأمية بين كبار السن أيضاً.
سابعاً: الفلسفة الإسرائيلية في الاستفادة من يهود العالم وجمع الشتات
ربما كانت الفترة ما بين عام 1962 وحتى عام 1966، مليئة بالمتغيرات الإسرائيلية، حيث كان هناك اهتماماً داخلياً بإعادة البناء داخل إسرائيل، بما يحقق، أكبر استفادة من إمكانيات يهود العالم، سواء من خلال الهجرة إلى داخل إسرائيل، أو جلب رؤوس الأموال اليهودية للاستثمار داخل الدولة.
وشهدت بداية تلك الفترة، إعلان "بن جوريون" اعتزال الحياة السياسية، في 16 يونيه 1963 واختياره ليفي أشكول ليخلفه كرئيس لوزراء إسرائيل، ولم يكن معروفاً، وقتها، أن اعتزال "بن جوريون"، كان نتيجة لصراع سياسي، تصاعد نتيجة "لحادثة لافون"، وهي تشير إلى شبكة الجاسوسية، التي قُبض عليها في القاهرة عام 1954، والتي عملت على وضع متفجرات في السفارة الأمريكية، والمركز الثقافي الأمريكي بالقاهرة. بقصد تدمير العلاقات بين مصر وأمريكا. وكان لاكتشاف تلك الشبكة والقبض عليها، وقع سياسي خطير داخل إسرائيل استمر حتى بعد استقالة "بن جوريون" عام 1963.
وكان السبب المباشر في اعتزال "بن جوريون"، هو خشيته من إدانة "تلميذيه المخلصين" "موشي ديان"، و"شيمون بيريز"، واللذان كانا ستشير إليهما أصابع الاتهام، لو فتح التحقيق في تلك القضية، وكذلك عجز "بن جوريون" من أن يحرك حزب الماباي، والهستدروت الإسرائيلي لإغلاق ملف القضية. وقد تدخلت عناصر حزبية أخرى مثل "جولدا مائير"، "بنحاس سابير" الذي كان يتولى منصب وزير الدفاع عام 1954، ونفى علمه بقضية التفجيرات، كذلك "موشي شاريت" ووجهوا انتقادات حادة إلى "بن جوريون"، وعند ذلك طالب هو نفسه، بفتح ملف القضية، ولكن رئيس الوزراء "ليفي أشكول"، والكنيست، رفضوا ذلك.
في نفس الوقت كانت هناك طفرة في بناء المجتمعات الجديدة، التي شغلها المهاجرون الجدد، والذين أعلن "ليفي أشكول" رئيس الوزراء في 12 سبتمبر 1964 من خلال اجتماع للكنيست خصص لبحث مشاكل الهجرة وتجميع الشتات، وكان هذا الاجتماع يعتبر من أهم اجتماعات الكنيست التي تبحث شؤون الدولة من الداخل.. قال: "إن حجم المهاجرين الذين أمكن استيعابهم منذ قيام الدولة، بلغ ضعف عدد سكانها يوم إعلانها، وهؤلاء جاءوا من كل الدول، وكانوا يتحدثون عشرات اللغات، وهم نتاج ثقافات متباينة في مستوى تطورها، وتراوح مستواهم الثقافي بين الأميين، وبين العلماء وقادة الفكر من الدرجة الأولى، ولقد قام المهاجرون الجدد بالجانب الأكبر، مما أمكن إنجازه في الأعوام الستة عشر منذ قيام الدولة.
ثامناً: مصير الأسرى الإسرائيليين في سورية
في الوقت الذي كانت لجان الكنيست تناقش فيه تشتت الشعب الإسرائيلي في الداخل، في يونيه 1965، فقد كانت هناك تغطية إعلامية مدروسة، تجذب أنظار المراقبين وتبعدهم عن المعرفة الحقيقية لما آلت إليه إسرائيل .. وكانت تلك التغطية تتلخص في تقرير تقدم به أحد أعضاء الكنيست، يشير فيه إلى "المحنة الأليمة للأسرى الإسرائيليين في سورية، وطالب بضرورة القيام بعمل من أجلهم.
وملخص القضية كما أذيعت وقتها أنه سبق الإفراج عن ثمانية سجناء إسرائيليين، في نهاية عام 1963، بعد قضاء إحدى عشر عاماً في السجون السورية، وأن هؤلاء السجناء تعرضوا للتعذيب مما تسبب في احتياج سبعة منهم للعلاج في مستشفيات الأمراض العقلية.
وأن المعلومات تؤكد أن هناك أربعة سجناء آخرين لا يزالوا في السجون السورية "أطلقوا عليهم أسرى، وليس سجناء" من بينهم ثلاثة عبروا الحدود السورية الإسرائيلية، والآخر تم القبض عليه وهو على ظهر سفينة راسية في اللاذقية.. علماً بأن السوريين أنكروا معرفتهم بهؤلاء الأسرى. وفي مقابل السجناء الثمانية الذين تسلمتهم إسرائيل، فقد أفرجت عن 17 "مخرباً وجاسوساً سورياً"، كانوا يلاقون معاملة حسنة في إسرائيل.
انتهت المناقشة في الكنيست بخصوص هذا الموضوع، باقتراح وزيرة الخارجية الإسرائيلية وقتها "جولدا مائير" في إحالة المسألة إلى لجنة الشؤون الخارجية والأمن. حيث كانت المنطقة تعيش في ذلك الوقت "على سطح صفيح ساخن" نتيجة القمم العربية التي عقدت في عام 1964 ، والتي ناقشت مسألة تحويل مجرى نهر الأردن، وذلك بمبادرة من الرئيس الراحل "جمال عبدالناصر"، وكان المعلن وقتها أن هناك اجتماعاً ثالثاً في المملكة المغربية في سبتمبر 1965، لاستمرار متابعة القضية والاتفاق على إستراتيجية موحدة، وكانت إسرائيل تأخذ هذا الموضوع بجدية تامة، بينما كان العرب مختلفين كعادتهم. تاسعاً: الأهداف الحقيقية لإسرائيل "خطاب بن جوريون في الكنيست 22 نوفمبر 1965"
عقب الانتخابات الرئيسية التي أجريت في إسرائيل هذا الشهر، وفازت فيها كتلة "الماباي، وهاعفودا . اللذان دخلا الانتخابات ككتلة واحدة، فقد اجتمع الكنيست الجديد في 22 نوفمبر 1965، حيث ألقى رئيس دولة إسرائيل وقتها "زالمان شيزار" كلمة الافتتاح ثم أعطى الكلمة لأكبر أعضاء البرلمان سنا، وكان وقتها "دافيد بن جوريون" الرئيس الأسطوري لوزراء إسرائيل، والذي تحمل مسؤولية إقامة الدولة مع القلائل من زملائه السابقين.
وقد ألقى بن جوريون كلمته، من منطلق الخبرة والمسؤولية، حدد فيها عدداً من الأسس لطموحات إسرائيل نحو بناء مستقبلها .. والتي تتلخص في الآتي:
1. نحن شعب ـ كبقية الشعوب ـ لكن بعثنا من جديد، واستمرارنا في البقاء، ومهامنا التاريخية تعد أموراً فريدة في سجلات تاريخ البشرية. لقد انقطعت صلتنا بوطننا طوال قرون، وانتشرنا بين الأمم في جميع أنحاء المعمورة، لكن كانت هناك ثلاث عوامل فريدة ساهمت في بعث دولة إسرائيل من جديد هي:
أ. بوءة المسيح المنتظر لتخليص اليهود، وهي النبوءة التي عاشت في قلوب شعبنا في جميع الأجيال، وصاحبتنا في طوافنا. ب. الجهود الطليعية التي قام بها أولئك الذين عادوا إلى أرض صهيون في الأجيال الحديثة واستطاعوا بعملهم إقامة كيان الدولة. ج. المساعدات المخلصة التي قدمها يهود العالم، ووقوف ضمير البشرية إلى جانبنا. ولم تتحقق حتى الآن نبوءة الخلاص، رغم قيام الدولة، وليس بوسعنا أن نقف عند أكاليل نصرنا طلبا للراحة، ذلك لأن عدد سكاننا قد تضاعف ثلاث مرات ونصف منذ الاستقلال، وإسرائيل ليست بها إلا 18% فقط من يهود العالم، والمساحة الآهلة بالسكان في إسرائيل لا تزيد عن 40% من مساحة البلاد. 2. لم نستفد حتى الآن على الوجه الأكمل من العامل الرئيسي لقيام الدولة، وهو قوة جاذبية الدولة، وقوة الاستقلال، والعمل الطليعي الثوري التحرري .. ويجب تفعيل ذلك العامل لجذب تجمعات اليهود في العالم إلى إسرائيل .. وإذا ما دعمت دولة إسرائيل قوتها واستقرارها، ورفعت من مستوياتها المادية والاقتصادية والأدبية والروحية فسيكون ذلك هو أداة الجذب لكل اليهود.
3. يجب ألا ننسى ـ ولو للحظة واحدة ـ أن الجانب الأعظم من مساحة بلادنا، ليس مأهولاً أو مزروعاً.. ولقد كان من حظ إسرائيل أنها تطل على بحرين. ولم يتحقق ذلك الوعد الذي جاء في التوراة إلا في أيامنا فقط .. "وسوف أجعل لك حدوداً تمتد من البحر الأحمر إلى حدود فلسطين" .
4. يجب ألا نتجاهل الأخطار التي يمكن أن يتعرض لها أمننا بسبب الانتشار في شريط ساحلي ضيق على البحر الأبيض، لذلك يجب الانتشار في كل أرجاء إسرائيل.
5. يجب أن نضع في حساباتنا المتغيرات السياسية على خريطة العالم، ولا نركن إلى ارتباطنا بالغرب فقط، حيث أن معظم الجنس البشري يعيش في قارة آسيا، والطريق لهم يكون عبر ميناء إيلات.
6. نحن فريدون بين شعوب العالم في التعاليم واللغة والعقيدة، فقد قهرت كل الأمم المجاورة لنا، ولم يبق منها إلا آثار حطام، وأهرامات، وكتابات منقوشة حتى اسم مصر قد طمس ، وهي التي لها ـ دون كل الأمم ـ أكبر تاريخ يمتد إلى أكثر من ستة آلاف عام، كما كانت أقدم الأمم المتحضرة في وادي النيل.
7. أن السلام الذي نطمح فيه، سيأتي بالتأكيد، وإلى أن يأتي هذا السلام، فعلينا أن نكرس كل جهودنا لضمان أمننا.. وهذا السلام والأمن، لابد أن يعتمد على شيئين:
أ. القوة الرادعة لقوات الدفاع الإسرائيلية. ب. مركز إسرائيل على المسرح الدولي. وهذان العاملان يعتمدان في دقة تنفيذهما على أشياء أخرى، أهمها القوة الأدبية لمؤسساتنا المستقلة. ولقد كان تفوقنا النوعي أدبياً وثقافياً، هو السر في بقائنا بين الشعوب الأجنبية والمعادية، وفي صمودنا كأقلية ضد الكثرة في الماضي والحاضر.
8. ينبغي على إسرائيل أن تجد طرقاً للوصول إلى الشعوب الآسيوية، وخاصة الصين أكبر أمم العالم، ولابد من تعظيم العلاقات مع أمريكا والغرب، ولا بد من تقديم المساعدات المخلصة والأخوية إلى الشعوب الأفريقية .
عاشراً: تشكيل الحكومة الإسرائيلية، التي أدارت الصراع حتى عام 1967
في 12 يناير 1966، قام ليفي أشكول، الذي كلف بتشكيل الحكومة للمرة الثانية، بإعلان حكومته الجديدة، التي تكونت من أعضاء في التحالف "الجبهة الدينية الوطنية، المابام، الليبراليون المستقلون، بولاي أجودوت إسرائيل"..
وتألفت الوزارة من: ليفي أشكول: رئيساً للوزراء، ووزيرا للدفاع آبا إيبان: وزيراً للخارجية إيجال آلون: وزيراً للعمل زالمان آران: وزيراً للتعليم يوسف بورج: وزيراً للرعاية الاجتماعية مردخأي بنتوف: وزيراً للإسكان إسرائيل بارتزيلاي: وزيراً للصحة حاييم جافاتي: وزيراً للزراعة إسرائيل جاليلي: وزيراً للدولة زيرا فارهافتج: وزيراً للشؤون الدينية موشي كارميل: وزيراً للنقل بنحاس سابير: وزيراً للمالية حاييم زادوك: وزيراً للتجارة والصناعة موشي كول: وزيراً للتنمية والسياحة بيخور شالومشيتريت: وزيراً للبوليس موشي شابيرا: وزيراً للداخلية ياكوف شيم ميشمون شابيرا: وزيراً للعدل إلياهو ساسون: وزيراً للبريد
1. وتم تعيين خمسة نواب وزراء وهم: دكتور زفي دينشتاين: نائباً لوزير الدفاع دكتور كالمان كاهانا أهارون ياولين: نائبان لوزير التعليم والثقافة أهارون أوزين: نائباً لوزير الداخلية إيهودا شا آري: نائباً لوزير التنمية
وبهذا فإن الحكومة الإسرائيلية، تتكون من 18 وزيراً وخمسة نواب وزراء، وقد أجري عليها تعديلاً طفيفاً قبل بدء الجولة الثالثة في 5 يونيه 1967، كما سيرد فيما بعد ..
وقد أكد أشكول عند تقديمه لحكومته في الكنيست، على أن مهمة حكومته، فيما يتعلق بالسياسة الخارجية، هو توجيه الجهود نحو استئصال العدوان والحرب، وتأكيد السلام، والتوصل إلى اتفاقيات دولية وإقليمية للحد من الأسلحة، بل وإلغائها. بما في ذلك الأسلحة الذرية، على أن يكون هناك إشرافاً متبادلاً متفقاً عليه ..
لقد آن الأوان لأن يبدي الحكام العرب إدراكا معقولا للواقع، ويتخلوا عن هدفهم المعلن الذي يقوم على تغيير خريطة الشرق الأوسط متوهمين إمكانية تجاهل إسرائيل في المنطقة، فإسرائيل وشعبها يشكلان جزء لا يتجزأ من المنطقة. وإننا نعرف ـ للأسف ـ أن الاتجاه المعلن في العالم العربي معارض للتعايش وللسلام، وهو يتمثل في إعداد القوة لشن حرب في الوقت المناسب، ويزيدون من حدة السباق على التسلح في الشرق الأوسط.
لذلك فسوف نواصل تعزيز القوة العسكرية الإسرائيلية، إذا أن قوة إسرائيل هي الضمان الأمثل لحفظ السلام في منطقتنا.. وتعزيز قوة إسرائيل يجب أن يتم في كل المجالات، في القوة البشرية، والاقتصاد والعلوم، والتكنولوجيا، إلى جانب القوة العسكرية .
حادي عشر: انتقال الكنيست الإسرائيلي إلى مبناه الجديد في القدس عقد الكنيست، في يوم الأربعاء الموافق 31 أغسطس 1966، أول اجتماع له بمبناه الجديد في منطقة كيريا بالقدس. وقد ألقى رئيس الكنيست خطاباً بهذه المناسبة، حاول أن يربط فيه، ما بين حدث انتقال الكنيست إلى القدس، ووصايا الأنبياء والأجداد منذ عشرات القرون، وتلك كانت هي الوتيرة التي تنتهجها القيادات السياسية في إسرائيل لتأكيد حقوقهم الشرعية في الأرض والمكان، وأن فلسطين، وفي قلبها القدس هي ملك قديم لهم، استعادوه عن شرعية، وليس عن استعمار. وذكر رئيس الكنيست في كلمته. "نحن الآن في منتصف الشهر اليهودي "أيلول". ففي نفس هذا الشهر منذ سنوات عديدة، وقع هنا حدثان عظيمان كان لهما أثرهما التاريخي على تلك المناسبة الحالية. لقد كان الحدث الأول في شهر أيلول، وبمبادرة من النبيين حاجاي وزكريا. أن أوصيا ببناء المعبدالثاني بعد أن كان قد أوقف العمل المبدئي في بنائه قبل ذلك باثنتي عشر سنة من جانب السلطات الفارسية، نتيجة لضغط من السكان المحليين. وقد جاء بالفعل الأول من كتاب النبي حاخام: "أيقظ الله روح زيروبافيل .. ابن شلتيل .. حاكم منطقة جودا وروح بيهوشوا . ابن بيهوزادوك الكاهن الأعظم .. وروح جميع من بقي من أفراد الشعب.
جاء هؤلاء جميعاً، وقاموا بالعمل في بيت الرب، إلههم .. وذلك في اليوم الرابع والعشرين من الشهر السادس من العام الثاني لحكم الملك دارا".
معنى ذلك أن تشييد المعبدالثاني بدأ في هذا الشهر ـ شهر أيلول، منذ عام 488 ق.م أما الحدث الثاني، فكان استكمال بناء سور القدس على يد نحميا. إذ ورد في الفصل الرابع من كتابه: "أن كل من اشترك في بناء السور، أو حمل الأعباء، أو من كانوا يحملون الآخرين بمواد البناء، كان كل منهم يعمل بيد، ويحمل سلاحاً في اليد الأخرى". ويقول في الفصل السادس من كتابه: "انتهى العمل في بناء السور في اليوم الخامس والعشرين من شهر أيلول، وهكذا استغرق بناؤه 52 يوماً. كان هذا في مثل هذا الشهر منذ 2411 عاماً. لقد كان بناء السور عملاً عظيماً من الناحيتين السياسية والدفاعية.. ونجح العمل. فقد كان لدى الناس رغبة في العمل، وكانت أصوات فرحة القدس تسمع حتى من بعيد.
واليوم أكملنا العمل في تشييد مبنى الكنيست الذي يعتبر مقراً لأعلى مؤسسة مستقلة في الدولة. إن أصوات فرحتنا تسمع من بعيد.
ثم أعطيت الكلمة لرئيس الوزراء "ليفي أشكول".. الذي أكد بدوره، أن مجلس الوزراء سينتقل إلى القدس.. وأنه بذلك لا يضيف جديداً، بل أن كل ما نفعله هو إضفاء شكل دستوري على حقيقة لا يمكن تجاهلها.
ثاني عشر: الاحتفال بعيد الميلاد الثمانين لـ "بن جوريون" ومعالجة القصور الاقتصادي في الدولة
في جلسة الكنيست يوم 11 أكتوبر 1966، افتتح رئيس الكنيست الجلسة ـ التي كانت مخصصة لمناقشة خطة اقتصادية قدمتها الحكومة لتنشيط الاقتصاد الإسرائيلي خلال الفترة من 67 - 69 وأشار إلى أن هذا اليوم يوافق عيد ميلاد "بن جوريون"، ثم قدم ملخصاً لإنجازات بن جوريون خلال حياته، من المفيد أن نتعرف عليها.. قال: "في سنواته الستين، التي قضاها في هذه البلاد، ترك الكثير من بصماته على الحركة العمالية، وعلى المجتمع اليهودي، وعلى الحركة الصهيونية.
كان أحد مؤسسي حزب بولاي زيون، ومن بين مؤسسي جريدة ذلك الحزب، وكان جندياً في الفيلق اليهودي الذي اشترك في الحرب العالمية الأولى، وكان حاملاً للواء فكرة وحدة الحركة العمالية، ومؤسساً لحزب أحدوت هاعفودا، والهيستادروت وكان من دعاة توحيد أحدوت وهابوئيل هاتسير في حزب العمل الإسرائيلي "الماباي" وعضو ورئيس المجلس الصهيوني، والتنفيذي للوكالة اليهودية. ولقد لعب دوراً رئيسياً وحاسماً في المجالات العامة والسياسية والدفاعية، التي أدت إلى إنشاء الدولة، وذلك بدءً من نشره الكتاب الأبيض الشهير، ثم أثناء الحرب العالمية الثانية وبعدها.
وكان إلى حد كبير القائد العام للقوات المسلحة في حرب الاستقلال، كما أنه صاحب فكرة القيام بحملة سيناء. وخلال سنواته الخمسة عشرة كرئيس للوزراء ووزيراً للدفاع، وجه دفة الشؤون الوطنية. يساعده في ذلك زملائه في الحكومة.
وكان من تلك الشؤون، إنشاء قوات الدفاع الوطنية الإسرائيلية، واستيعاب الهجرة الكبيرة، والتنمية المكثفة للبلاد، وتعزيز أمنها".. وفي أعقاب تهنئة "بن جوريون" بعيد ميلاده الثمانين، بدأ الكنيست في مناقشة الخطة الاقتصادية الثلاثية للحكومة، والتي قدمتها الحكومة إلى الكنيست في 11 سبتمبر 1966، والتي كانت بهدف إلى معالجة مشكلة البطالة المتزايدة في إسرائيل، والتي تؤثر بشدة على المجتمع الإسرائيلي في الداخل، كذلك تعالج الفجوة المتسعة ما بين الصادرات والواردات الإسرائيلية، والتي تؤثر على ميزان المدفوعات في إسرائيل. وقد شملت الخطة ثمانية بنود رئيسية هي: 1. تشجيع الصادرات والاستثمارات. 2. معالجة مشاكل الرسوب الوظيفي. 3. تحقيق قدر أكبر من الكفاءة في الإنتاج والخدمات. 4. إصلاح سياسة الأجور وتنظيم العمل. 5. التحكم في موازنة الأسعار. 6. إصلاح السياسة المالية والائتمان. 7. الاهتمام بإصلاح السياسة الاجتماعية. 8. توزيع الأعباء.
وعموماً، فإن تلك الخطة ـ التي لم تكتمل ـ بسبب حرب يونيه 67، لم يكن الاحتياج لها قائم بعد تلك الحرب، نظراً لفيض المساعدات، والهبات التي تلقتها إسرائيل نتيجة لتحقيقها النصر، الذي لم تكن تتوقعه.
للأسف الشديد، لم تكن السياسة العربية، تهتم بما يحدث داخل إسرائيل، ولا تهتم بدراسة الواقع الإسرائيلي لوضع خطة لاستغلاله، ولكن كان يؤخذ دائما بالهالة التي تسر بها الدعاية الإسرائيلية، والتي تصور الاستقرار والقوة الداخلية، وهذا كان عكس الواقع تماما، ذلك كان ثلاثي القمة بن جوريون `الرئيس السابق للوزراء لمدة 15 عاما متصلة`، ليفي أشكول رئيس الوزراء المنتخب، ومناحم بيجين `زعيم كتلة جحال المعارض وقتها`.. هم أقطاب ذلك الصراع، والذي بدأ ببيان لأشكول ينتقد فيه بن جوريون بطريق غير مباشر وبدون ذكر اسمه، حيث تصدى له ـ أولا ـ بيجين يطلب التحقيق البرلماني في كل ما ذكره رئيس الوزراء من اتهامات لسلفه، ثم جاء دور `بن جوريون` ليطالب رئيس الوزراء بأن يقول كل ما عنده.. إذا كان عنده شيء!!.. وقد أدى هذا الصراع، الذي تبودلت فيه الاتهامات على مدى 27 يوما، أن يصدر الكنيست قانون `التشهير والقذف` والذي يضع تعريفا لكل من تلك الكلمتين، ويحدد الإدانة في كل منهما. منقول من موسوعة مقاتل من الصحراء |
|