- الطريق إلى السعادة الأسرية:
أيها الإخوة إن السعادة الأسرية مطمح لكل زوجين لكنها لا تكون إلا بأسباب يمكن من خلالها أن تكون الأسرة سعيدة ومن ذلك تجنب أسباب التفكك الأسري التي تقدم ذكرها.
ومن ذلك أيضاً:
1) الحرص على التربية بالقدوة والموعظة:
فالقدوة هي من أنجع الوسائل المؤثرة في التربية وفي صلاح الأولاد وبالتالي صلاحِ الأسرة فإذا كان المربي صادقاً أميناً كريماً عفيفاً نشأ الولد على الصدق والأمانة والكرم والعفة، والعكس بالعكس وقد جاءني أبٌ وقال: لقد نصحتُ أبنائي بالإقلاع عن التدخين فلم يستجيبوا!!
فقلت له: وأنت هل تدخن؟ قال: نعم.
قلت: فكيف تريد أن يقبلوا نصيحتك بلسانك، وأنت تحثهم على التدخين بفعلك!!!
تصف الدواء لذي السقام وذي الضنى ### كيما يصح به وأنت سقيم
لا تنه عن خلق وتأتي مثله ### عار عليك إذا فعلت عظيم
ابدأ بنفسك فانهها عن غيها ### فإذا انتهت عنه فأنت حكيم
فهناك يُقبل ما وعظت ويقتدى ### بالعلم منك وينفع التعليم
فإذا استقام حال المربي وأصبح قدوة صالحة لولده ثم رأى من ذلك الولد خللاً وسلوكاً غير صحيح فإن عليه بالموعظة والنصيحة والتوجيه وهي من أهم الوسائل للمربي ولذلك فقد جاءت الموعظة في القرآن الكريم كثيراً.
فمن ذلك على سبيل المثال:
وعظ لقمان لابنه: (وإذ قال لقمان لابنه وهو يعظه..)، وقوله تعالى: (يعظكم اللهُ أن تعودوا لمثله أبدًا..)،
وقوله تعالى: (ذلكم يُوعظُ به مَن كان منكم يُؤمنُ بالله واليوم الآخر..)، وقوله تعالى: (يعظكمُ لعلكم تذكرون)، وقوله تعالى: (إن الله نِعِمَّا يعظكم به)، والموعظة كما يقول ابن منظور: النصح والتذكير بالعواقب.
2) ومما يكون طريقاً إلى السعادة الأسرية إيجاد البدائل للمخالفات الشرعية:
بمعنى أن المربي عندما ينهى أولاده عن المخالفات فإنه يُوجِد لهم البديل من ما أباحه الله وأحله، وفي الحلال غنية عن الحرام وأن ما أحله الله لنا بنعمته وفضله أضعاف أضعاف ما حرمه علينا.
وإيجاد البديل الشرعي قد جاءت به النصوص فمن ذلك أن النبي -صلى الله عليه وسلم- استعمل رجلاً على خيبر فجاءه بتمر جنيب فقال رسول -صلى الله عليه وسلم-: أكل تمر خيبر هكذا؟ قال: لا والله يا رسول الله إنا لنأخذ الصاع من هذا بالصاعين والصاعين بالثلاثة فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: لا تفعل، بع الجمع بالدراهم ثم ابتع بالدراهم جنيباً. متفق عليه.
وهكذا بالنسبة للأسرة فقد يكون بعض الأولاد قد اتخذ صحبة لا خير عندهم فيوجه الأب الولد إلى اتخاذ الرفقاء الطيبين الصالحين الذين يدلونه على الخير ويعينوه عليه وهكذا البنت، وقد يعج البيت بآلات المعازف والغناء فيُستبدل بالقرآن الكريم والمحاضرات المفيدة والخطب النافعة وبعض الأناشيد الطيبة التي لا تحوي على مخالفات شرعية، وكذلك توجد في البيت قنوات فضائية هابطة تدعو للرذيلة وتشجع عليها ولسنا بحاجة إلى أن نبرهن ذلك فيستبعد الأب ذلك الشر ويستبدله بما فيه الخير والنفع ومن أفضل القنوات المشهود لها بالخير والدعوة إليه والمحافظة على الآداب الشرعية إلى حد كبير –والكمال لله وحده– قناة المجد الفضائية فهي رائدة في عالم الإعلام الإسلامي الهادف.
كذلك يستبدل المجلات الهابطة التي لا نفع فيها ولا فائدة إلا إثارة الغرائز بالمجلات النافعة المفيدة كمجلة الأسرة ومجلة البيان والمجتمع والشقائق وغيرها من الإسلامية، وهكذا يوجه ما كان سلاحاً ذا حدين إلى ما هو نافع ومفيد كجهاز الحاسب الآلي وشبكة المعلومات الإنترنت فإن فيها من الخير الشيء الكثير كما لا يخفى لكن يحتاج الأمر إلى متابعة وسؤال أهل الخبرة عن طريقة استبعاد مواقع الشر والإباحية وكذلك بالإمكان وضع مكتبة ولو صغيرة في البيت تكون مرجعاً للأسرة تحوي على أنواعا من العلوم في التفسير والحديث والفقه والعقيدة وغيرها من العلوم النافعة الأخرى وفي كل من هذه العلوم ولله الحمد كتب مختصرة يحصل بها تبسيط العلوم.
3) ومن طرق السعادة الأسرية إيجاد جو أسري تسوده المحبة والألفة بل والمرح أحياناً:
وهنا نطرح سؤالا: لماذا إذا دخل كثير من الأولاد إلى بيوتهم علتهم موجة من الكآبة والضيق فأصبحوا يصرخون على إخوتهم بغلظة وفظاظة وإذا خرجوا خارج البيت هشوا وبشوا وكأنهم كانوا في سجن؟!!
لا شك أن مثل هؤلاء قد فقد الجو الأسري الممتع الذي تسوده المحبة والألفة والدعابة أحياناً وهذا منهج نبوي كريم فقد روي أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يُداعب الحسن والحسين -رضي الله عنهما- فيمشي على يديه وركبتيه ويتعلقان به من الجانبين فيمشي بهما ويقول: نِعم الجمل جملكما ونِعم العِدلان أنتما.
بل أحيانا يكون -صلى الله عليه وسلم- يخطب فيقبل الحسن والحسين يمشيان ويتعثران فيقطع حديثه ويحملهما، وهكذا بالنسبة للأولاد الكبار فإنه يداعبهم بما يناسبهم من القصص والمناقشة والأسئلة والألغاز المفيدة وتخصيص بعض الأيام للاجتماع الأسري الذي تطرح فيه القضايا التي تهم الجميع وما إلى ذلك أو قراءة كتب نافعة ومفيدة، فيتناقشون فيما بينهم وهذا من أفضل الأساليب وهو ما يجرنا إلى العنصر الرابع.
4) فتح قنوات المصارحة والحوار الهادئ بعيداً عن التعنيف والاتهام:
إن قضية المصارحة بين الأولاد ووالديهم لا تحدث إلا بعد سلسلة من الثقة المتبادلة والاحترام المتبادل وبناء جسور المودة المحبة وإذا وصل الأبوان إلى مرحلة المصارحة فقد فتح لهما فتحاً مبيناً فبالمصارحة يعرف الأبوان ما الذي يهم الأبناء ويتشاركوا معهم في وضع الحلول المناسبة، وهذا لا يمكن أن يتأتى لأب قد اتخذ من أسلوب الإهانة والسخرية بالأولاد شعاراً له.
وأمَّا الحوار الهادئ فهو أنجع سبيل لحل المشاكل فقد الأولاد من الصراخ ورفع الأصوات فهلا استبدلوه بالحوار الهادئ وهذا له فوائد معنوية وصحية أيضاً:
1) فهم الموضوع على وجهه الصحيح.
2) وضع الحل المناسب للمشكلة.
3) تعزيز روح الثقة بالنفس وإبداء الرأي عند الأولاد.
4) الأمن من التصرفات الغير محمودة كالضرب للأولاد وطردهم من البيت وربما يكون الأمر أهون من ذلك.
5) البعد عن المشاكل الصحية كارتفاع ضغط الدم والتهاب القولون وغير من الأمراض.
وختاما أيها الإخوة هذا جهد المُقل ولا أدَّعي أني أحطت الموضوع من جميع جوانبه بل هي إشارات أردت منها التنبيه على هذه القضية المهمة التي نسأل الله تبارك وتعالى أن يوفقنا إليها وإن يسعدنا وإياكم في الدنيا والآخرة وأن نعيش عيش السعداء ونموت موت الشهداء.
وصلى اللهُ على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين.
وكتب / عامر بن عيسى اللهو
المدرس في كلية المعلمين بالدمام