منتديات إنما المؤمنون إخوة (2024 - 2010) The Believers Are Brothers

(إسلامي.. ثقافي.. اجتماعي.. إعلامي.. علمي.. تاريخي.. دعوي.. تربوي.. طبي.. رياضي.. أدبي..)
 
الرئيسيةالأحداثأحدث الصورالتسجيل
(وما من كاتب إلا سيبلى ** ويبقى الدهر ما كتبت يداه) (فلا تكتب بكفك غير شيء ** يسرك في القيامة أن تراه)

soon after IZHAR UL-HAQ (Truth Revealed) By: Rahmatullah Kairanvi
قال الفيلسوف توماس كارليل في كتابه الأبطال عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "لقد أصبح من أكبر العار على أي فرد مُتمدين من أبناء هذا العصر؛ أن يُصْغِي إلى ما يظن من أنَّ دِينَ الإسلام كَذِبٌ، وأنَّ مُحَمَّداً -صلى الله عليه وسلم- خَدَّاعٌ مُزُوِّرٌ، وآنَ لنا أنْ نُحارب ما يُشَاعُ من مثل هذه الأقوال السَّخيفة المُخْجِلَةِ؛ فإنَّ الرِّسَالة التي أدَّاهَا ذلك الرَّسُولُ ما زالت السِّراج المُنير مُدَّةَ اثني عشر قرناً، لنحو مائتي مليون من الناس أمثالنا، خلقهم اللهُ الذي خلقنا، (وقت كتابة الفيلسوف توماس كارليل لهذا الكتاب)، إقرأ بقية كتاب الفيلسوف توماس كارليل عن سيدنا محمد -صلى الله عليه وسلم-، على هذا الرابط: محمد بن عبد الله -صلى الله عليه وسلم-.

يقول المستشرق الإسباني جان ليك في كتاب (العرب): "لا يمكن أن توصف حياة محمد بأحسن مما وصفها الله بقوله: (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِين) فكان محمدٌ رحمة حقيقية، وإني أصلي عليه بلهفة وشوق".
فَضَّلَ اللهُ مِصْرَ على سائر البُلدان، كما فَضَّلَ بعض الناس على بعض والأيام والليالي بعضها على بعض، والفضلُ على ضربين: في دِينٍ أو دُنْيَا، أو فيهما جميعاً، وقد فَضَّلَ اللهُ مِصْرَ وشَهِدَ لها في كتابهِ بالكَرَمِ وعِظَم المَنزلة وذَكَرَهَا باسمها وخَصَّهَا دُونَ غيرها، وكَرَّرَ ذِكْرَهَا، وأبَانَ فضلها في آياتٍ تُتْلَى من القرآن العظيم.
(وما من كاتب إلا سيبلى ** ويبقى الدهر ما كتبت يداه) (فلا تكتب بكفك غير شيء ** يسرك في القيامة أن تراه)

المهندس حسن فتحي فيلسوف العمارة ومهندس الفقراء: هو معماري مصري بارز، من مواليد مدينة الأسكندرية، وتخرَّجَ من المُهندس خانة بجامعة فؤاد الأول، اشْتُهِرَ بطرازهِ المعماري الفريد الذي استمَدَّ مَصَادِرَهُ مِنَ العِمَارَةِ الريفية النوبية المَبنية بالطوب اللبن، ومن البيوت والقصور بالقاهرة القديمة في العصرين المملوكي والعُثماني.
رُبَّ ضَارَّةٍ نَافِعَةٍ.. فوائدُ فيروس كورونا غير المتوقعة للبشرية أنَّه لم يكن يَخطرُ على بال أحَدِنَا منذ أن ظهر وباء فيروس كورونا المُستجد، أنْ يكونَ لهذه الجائحة فوائدُ وإيجابيات ملموسة أفادَت كوكب الأرض.. فكيف حدث ذلك؟!...
تخليص الإبريز في تلخيص باريز: هو الكتاب الذي ألّفَهُ الشيخ "رفاعة رافع الطهطاوي" رائد التنوير في العصر الحديث كما يُلَقَّب، ويُمَثِّلُ هذا الكتاب علامة بارزة من علامات التاريخ الثقافي المصري والعربي الحديث.
الشيخ علي الجرجاوي (رحمه الله) قَامَ برحلةٍ إلى اليابان العام 1906م لحُضُورِ مؤتمر الأديان بطوكيو، الذي دعا إليه الإمبراطور الياباني عُلَمَاءَ الأديان لعرض عقائد دينهم على الشعب الياباني، وقد أنفق على رحلته الشَّاقَّةِ من مَالِهِ الخاص، وكان رُكُوبُ البحر وسيلته؛ مِمَّا أتَاحَ لَهُ مُشَاهَدَةَ العَدِيدِ مِنَ المُدُنِ السَّاحِلِيَّةِ في أنحاء العالم، ويُعَدُّ أوَّلَ دَاعِيَةٍ للإسلام في بلاد اليابان في العصر الحديث.


 

 المبحث الثالث عشر

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 48824
العمر : 71

المبحث الثالث عشر Empty
مُساهمةموضوع: المبحث الثالث عشر   المبحث الثالث عشر Emptyالسبت 04 يونيو 2011, 12:27 am

المبحث الثالث عشر
النتائج و الآثار المترتبة على حرب يونيه 1967

المبحث الثالث عشر 156_bm10

المبحث الثالث عشر Mokate10

أولاً: النتائج والآثار عقب حرب يونيه 1967

فيما بين عام 1948، وعام 1967، خاضت القوات المسلحة المصرية، دون غيرها من القوات العربية، ثلاث جولات قتالية مع الجيش الإسرائيلي، كانت الأولى منها (عام 48/49) صراعاً من أجل البقاء (بقاء إسرائيل)، والثانية (عام 1956) من أجل تحقيق الصالح (وصالح القوى العظمى في المنطقة)، والثالثة (عام 1967) لفرض إرادة إسرائيل. وتثبيت أركانها في المنطقة.

وكانت الجولات متعاقبة، تفصلها أزمنة قصيرة نسبياً في عمر الصراعات، فقد كان بين نهاية الجولة الأولى وبداية الجولة الثانية سبع سنوات، ومن نهاية الثانية وبداية الثالثة عشر سنوات ونصف وهذا يؤكد أن الكثير من ضباط القوات المسلحة. قد اشترك في الجولات الثلاث. فمن كان ضابطاً صغيراً في حرب 1948، أصبح قائداً لسرية على الأقل في حرب 1956 ثم اشترك في حرب 1967 كقائد كتيبة أو أعلى. وتنطبق هذه الفرضية على القيادات الأكبر من ذلك.

ويعني ذلك أن مواجهة العدو لم تكن مفاجأة للغالبية العظمى من الضباط المفروض أن يكونوا قد عركوا هذا الصراع الممتد واستوعبوا عوامل ضعفه وقوته إلا أن هذه الحقيقة كانت غائبة تماماً عن القيادات .. فقد تلقت القوات المسلحة المصرية ثلاث هزائم في ثلاث جولات متتالية كان أشهرها وقعاً على الإطلاق (هزيمة الجولة الثالثة التي أطلق عليها النكسة).

إن النجاح العسكري الذي حققته إسرائيل لم يكن يعكس تعبيراً أميناً وسليماً عن حقيقة موازين القوى بين العرب وإسرائيل. وفي ضوء هذه الحقيقة يمكن القول، إن المحصلة العسكرية لهذه الحرب جاءت في معظمها نتاجاً للسلبيات العربية، وليس للإيجابيات الإسرائيلية. ولقد تركت هزيمة يونيه 1967 آثارها العميقة مع القوات المسلحة المصرية، وعلى وضعها في أعين المدنيين. الأمر الذي عانت منه هذه القوات كثيراً، إلى أن بدأ هذا الوضع يتغير أثناء حرب الاستنزاف (68-1970).

ثم يتحول إلى تقدير كامل في ضوء النجاح الكبير، والأداء المتميز للقوات المصرية في حرب أكتوبر 1973.

ولقد تجمعت أمام القادة والمحللين العديد من الأسباب لتكرار تلقي الهزائم. كان البعض منها سياسياً والآخر عسكرياً وقد بُذل الاهتمام بجميع تلك الأخطاء وعرضها بكل صراحة على القيادتين السياسية والعسكرية لاتخاذ القرار اللازم نحو الإصلاح. وما ترجم بعد ذلك إلى دروس مستفادة يجب تطبيقها على مختلف المستويات حتى لا تكرر هذه الأخطاء مرة أخرى.

وهذه الأخطاء تتلخص في الآتي:.

1. اتخاذ قرارات لا تتفق مع القدرات المتاحة، ولا بد أن تكون القرارات مستندة إلى قوى سياسية وعسكرية كافية .. لحماية ما سوف يترتب على هذه القرارات من تداعيات سياسية خاصة عندما تكون الترجمة العلمية لها هو إضافة مسئوليات عسكرية جسيمة، بحيث تكون القوات المسلحة مستعدة لتحملها بكفاءة تامة. الأمر الذي لم يتوافر عند وقوع الأزمة. وبدا واضحاً أن القيادة المصرية كانت مطمئنة لقدراتها السياسية والعسكرية ..

دون توافر المعلومات الكافية، أو التقديرات الإستراتيجية السليمة والتي تعكس مثل هذا الاطمئنان، والواقع أن بالبحث لم يظهر وجود تقديرات إستراتيجية استندت إليها القيادة السياسية، أو كانت عاملاً مشجعاً يدفعها إلى اتخاذ قرارات تدفعها للدخول في مخاطرة غير محسوبة جيداً.

2. انشغال القيادة السياسية العسكرية بقضية اليمن، عن واقع المخاطر المحيطة بأمن مصر القومي المباشر. فلم تتخذ التدابير الدفاعية لمواجهة التهديدات الإسرائيلية والغربية المحتملة. الموجهة ضد مصر وشعبها. ولعل أبرز ما أثر على تردي الأوضاع الداخلية ذلك الصراع الخفي الذي كان محتدماً بين أعلى قيادتين في مصر. وهي القيادة السياسية متمثله في الرئيس "جمال عبدالناصر"، والقيادة العسكرية متمثلة في المشير "عبدالحكيم عامر" الأمر الذي أدى إلى حدوث انفصال شبه كامل بين القيادتين. والذي أدى إلى عدم علم القائد الأعلى للقوات المسلحة بالموقف الحقيقي لهذه القوات. وحدد المهام التي يمكن أن تؤديها بكفاءة، وفقاً للقدرات المتاحة لها فعلاً، في ظل عملية استنزاف مستمرة للقوات في مسرح اليمن، على مدى خمسة أعوام. كان مثل هذا الوضع يعني وجود خلل استراتيجي خطير في صناعة القرار السياسي المصري. خاصة إذا ما ترتب على هذا القرار التزامات أمنية وعسكرية تتحمل القوات المسلحة مسؤوليتها.

3. تأثير القرارات السياسية التي تتخذ في أوقات وظروف، وطبقاً لإمكانيات غير مناسبة على أعمال قتال التشكيلات والوحدات، فقد تتابعت سلسلة من الأخطاء في اتخاذ القرارات السياسية وخوض المواجهات الدبلوماسية، وتحدي الدول، ومحاولة فرض الآراء كما أدى إلى هزيمة ثقيلة، وكان من غير المتصور سعي مصر إلى الدخول في مواجهة مع إسرائيل، بينما نصف تشكيلاتها العاملة متورطة في أرض اليمن.

4. غياب الهدف الرئيسي. وما يترتب عليه من فقد دوافع التصميم والتعاون والحشد والسيطرة، فقد تجلى غياب الهدف عام 1967، وغموضه في جميع الأوقات، مما أدى إلى انتشار الفوضى في مسرح العمليات، وإجراء تحركات طويلة شاقة للتشكيلات، وإعادة التجميع عدة مرات، كان نتيجها إرهاق التشكيلات والوحدات وفقدها كفائتها القتالية قبل اشتعال الحرب.

5. القصور في إعداد التشكيلات والوحدات تنظيماً وتسليحاً وتدريباً مع تزويدها بوسـائل السيطرة. وكان لهذا القصور أسبابه نتيجة توقيت اتخاذ قرار الحرب قبل أن يكتمل وصول عقود التسليح. أو إتمام برامج التدريب، كما ترتب هذا القصور أيضاً على أسلوب اتخاذ القرارات. حيث تولى أهل الثقة قيادة التشكيلات والوحدات قبل الحرب مباشرة. ولم يكونوا على علم بإمكانيات تشكيلاتهم أو وحداتهم. ولم يكن هناك تفاعل بينهم وبين مرؤوسيهم، وبالتالي فقد كانت الهزيمة هي النتيجة الطبيعية لتوليهم القيادات.

6. القصور في أسلوب السيطرة على مختلف المستويات تلك السيطرة التي تنقسم إلى وسائل مادية، وأسلوب علمي. وقد تكون الوسائل المادية "الشرقية" محدودة الإمكانيات، ولكن الأسلوب العلمي كان غائباً تماماً، حيث قامت القيادة العامة بتطبيق "مركزية السيطرة" من القاهرة على التشكيلات والوحدات في الميدان الذي تواجدت به قيادة جبهة، وقيادة جيش ميداني تعملان في سيناء. وكانت الأقدر على قيادة التشكيلات والوحدات المتمركزة حولهما، وقد نتج عن هذه المركزية الشديدة اتخاذ قرارات لا تمت للواقع بأي صلة، وحدوث بلبلة هائلة في صفوف قادة الوحدات والوحدات الفرعية نتيجة رؤيتهم واقع الأحداث الغائبة عن القيادة العامة التي راحت تصدر المهام بما لا تتفق مع الأمر الواقع بالمسرح. وبالتالي فسرعان ما سادت اللامبالاة وتواكل كل قائد على قيادته الأعلى، وكل فرد على قائده المباشر، وكانت النتيجة هي إسراع ا لجميع لتنفيذ أوامر الانسحاب.

ومعظمهم لم يواجه عدو حتى صدور أمر الانسحاب إليه، وبهذا حدثت المأساة التي نتجت عن تكدس الطرق فأصبحت القوات هدفاً سهلاً للطائرات المعادية التي أخذت تعمل على تدميرها مما ضاعف الخسائر حتى تجاوزت إلى 85 % من إجمالي معدات وأسلحة القوات المسلحة.

7. أن نظام الحصول على المعلومات وتحليلها ونشرها كان نظاماً قاصراً تماماً، وقد أدى إلى اتخاذ قرارات خاطئة تسبب في وقوع الهزيمة، والغريب أن أسلوب الحصول على المعلومات لم يصحح نفسه من واقع خبراته السابقة بل استمر على ما هو عليه، علماً بأن كل الجهات كانت تؤكد باستمرار، أن نظرية الأمن التي يعتنقها العدو تعتمد على جهاز مخابرات متطور، وكان يجب تحقيق التوازن اللازم معه في مجال المعلومات.

8. القصور في تدريب الوحدات نتيجة غياب المفهوم العلمي للتدريب وإعداد القادة والمقاتلين. فقد كانت المشروعات التدريبية المشتركة قليلة للغاية ويتم معظمها في شكل بيانات عملية. كما كان إعداد القادة يقتصر على الدورات التدريبية التي يحصلون عليها مع تطبيق ضعيف لتدريب القيادات في وحداتهم وتشكيلاتهم. والتدريبات المشتركة على مستوى التشكيلات غائباً تماماً، ولم تطبق في القوات المسلحة، وبالتالي فإن أسلوب إدارة العمليات كان يتصف بالعشوائية غير الملتزمة بالأسلوب العلمي بما انعكس أثره على هذه القوات مع بداية العمليات.

9. القصور في التنظيم وعدم تكامل عناصره، فمثلاً اللواء المدرع يسلح بمدفعية مجرورة، وشئون إدارية محمولة على عربات ذات إطارات لا تصلح للسير عبر الصحراء. وبالتالي فإن كفاءة اللواء المدرع القتالية تقل بنسبة كبيرة عن المطلوب، وهناك أمثلة عديدة على القصور في التنظيم. ليس مجال بحثها هنا.

10. القصور في التعبئة نتيجة غياب الأسلوب العلمي في التعبئة للحرب، وعدم بذل العناية الكافية به. مما أدى إلى استدعاء وحدات ووضعها في مناطق تمركزها داخل سيناء بينما الجنود لا يزالون بزيهم المدني. وليس لديهم أية مقومات للاشتراك في قتال، وكان المردود الرئيس لهذا القصور هو الانسحاب غير المنظم ووقوع خسائر جسيمة في الأفراد.

ثانياً: النتائج العامة للحرب

أسفرت الحرب العربية – الإسرائيلية الثالثة عن عدة نتائج عسكرية وإستراتيجية كان أبرزها النتائج التالية:

1. حطمت القوة العسكرية الرئيسية لمصر والأردن وجانباً هاماً من القوة العسكرية السورية، على حين أن الخسائر الإسرائيلية في الأسلحة والعتاد والأفراد كانت ضئيلة للغاية بالقياس للخسائر العربية الفادحة، وبطبيعة الحال أدى ذلك إلى اختـلال ميزان القوى العسكري العربي – الإسرائيلي بدرجة خطيرة خلال العام التالي للحرب حتى أتم الاتحاد السوفيتي إعادة تسليح مصر وسورية.

2. كان لهذه النتيجة العسكرية المادية آثارها المعنـوية السيئة في الجانب العربي، كما أنها رفعت في الوقت نفسه معنويات الشعب والجيش في إسرائيل إلى درجة كبيرة، وأوجدت ثقة مبالغ فيها في القدرة العسكرية الإسرائيلية داخل وخارج إسرائيل، بل وفي قطاعات هامة من الرأي العام العربي أيضاً.

3. سيطرت إسرائيل على مساحات كبيرة من الأراضي العربية المحتلة تفـوق بكثير مساحتها الأصلية البالغ قدرها 20.700 كم مربع عشية حرب 1967، إذ تبلغ مساحة شبه جزيرة سيناء 61.198 كم مربع، ومساحة قطاع غزة 363 كم مربع، ومساحة الضفة الغربية 5878 كم مربع، ومساحة الجولان 1150 كم مربع، وبذلك أصبحت جملة الأراضي التي تسيطر عليها إسرائيل 89.359 كم مربع. وأدى ذلك إلى تحسين الوضع الجغرافي – الاستراتيجي لإسرائيل إلى درجة كبيرة، نظراً لأن هذه الأراضي أضافت عمقاً استراتيجياً أفضل بكثير مما كان متاحاً لها قبل ذلك، بحيث أصبح في مقدورها إتباع إستراتيجية دفاعية على الجبهة المصرية في بداية حرب 1973 دون أن يشكل ذلك خطراً مباشراً على أمنها، كما تحسن وضعها الدفاعي كثيراً على الجبهة الشرقية بعد إزالة نتوء الضفة الغربية، الذي كان يمثل خطراً كبيراً على قلب إسرائيل في حالة تواجد قوات عسكرية عربية فعالة هناك، وتقليص حدودها مع الأردن من 650 كم إلى 480 كم فقط (من بينها 83.5 كم طول البحر الميت). هذا فضلاً عن زوال الخطر العسكري السوري المباشر على مستعمرات سهلي الحولة وطبريا.

4. نتيجة لاحتلال شبه جزيرة سيناء والجولان والضفة الغربية أصبح الطيران الإسرائيلي في وضع وقدرة أفضل على مهاجمة العمق العربي، خاصة بالنسبة لمصر بعد أن أصبحت له قواعد جوية متقدمة، وقلت الفترة الزمنية للإنذار بالنسبة لأجهزة الرادار العربية. وبالمقابل تحسن وضع الدفاع الجوي الإسرائيلي نتيجة ابتعاد القواعد الجوية المصـرية المتقدمة مسافة لا تقل عن 200 كم عما كانت، ولإقامة أجهزة رادار إسرائيلية متقدمة فوق الجبال والمرتفعات القائمة في سيناء والضفة الغربية والجولان، ومن ثم زادت فترة الإنذار بالهجوم الجوي العربي كثيراً عما كانت عليه من قبل.

5. فتحت إسرائيل الملاحة في مضايق "تيران" وسيطرت على "شرم الشيخ" بشكل يضمن لها حماية الملاحة إلى ميناء إيلات الحيوي.
6. احتلت إسرائيل منابع النفط في سيناء وصار بوسعها تأمين حاجاتها النفطية محلياً.

7. وصلت إسرائيل إلى خطوط دفاعية طبيعية منيعة (قناة السويس ونهر الأردن ومرتفعات الجولان وجبل الشيخ) بحيث صار بوسعها تطبيق المناورة على الخطوط الداخلية بكفاءة أكبر.

8. ربحت إسرائيل أعتدة حربية كثيرة (دبابات ومدافع وصواريخ) لم تلبث أن عدلتها وأدخلتها في الخدمة داخل قواتها المسلحة.
9. زاد عدد العرب الخاضعين للاحتلال، وزادت مساحة الأرض المحتلة، الأمر الذي خلق ظروفاً أكثر ملائمة لنمو الثورة الفلسطينية.
10. حصلت إسرائيل على رهينة كبيرة (أراض وسكان عرب)، وأخذت تساوم على هذه الرهينة في سبيل إخضاع الدول العربية وإجبارها على قبول السلم الإسرائيلي، الأمر الذي أعد المناخ الملائم للحرب العربية – الإسرائيلية الرابعة (1973).

ثالثاً: تأثيرات الحرب على المجتمع الإسرائيلي وعلى مؤسساته السياسية والعسكرية

وقبل أن نبدأ في هذه الآثار يجب معرفة شعور الإسرائيليين قبل الحرب وما بعد الحرب كالتالي:

1. إن لدى الإسرائيليين ما وصفه أحد المؤلفين "بموهبة القلق" فتجاربهم الرهيبة في الماضي تؤثر على الحاضر بقوة، ولقد كتب "رودريك ماكليش" في كتابه "وتوقف دوران الشمس" عن حرب يونيه يقول: "لم يكن النصر يعني بالنسبة للإسرائيليين سوى استمرار الوضع القائم"، وفي أفضل الأحوال، استمراره في شكل أحسن قليلاً، ومن ناحية أخرى فإن الهزيمة كانت ستعني حرفياً نهاية الوجود اليهودي".

2. ما كان يتصوره كل الإسرائيليين تقريباً عشية الحرب. فالحقيقة أحياناً لا تتمثل فيما هو قائم بل فيما يتصوره وجوده. لقد أخذت صيحة "اذبحوا اليهود" بمعناها الحرفي للغاية. وكان التهديد مموساً للغاية، وكانت الهزيمة في نظر الإسرائيليين تعني الإبادة، ونهاية إسرائيل. وفي هذا السياق ينبغي النظر إلى مطالب الجيش بتوجيه ضربة إجهاض وقائية. فلم يكن قادة الجيش مستعدين لتحمل مخاطرة مروعة في وجه التعبئة العربية العامة حول حدود إسرائيل. ولهذا كان هناك توافق فعلي في الرأي في إسرائيل على أن ضربة الإجهاض الوقائية كانت ضرورية.

3. كان تأثير النصر أكبر ما يكون وكان النصر بالنسبة للإسرائيلي العادي، يعني إقراراً تاماً لحقه في الوجود في وطنه، لقد زال الخطر، وينبغي الآن استخدام النصر كوسيلة لصنع السلام مع الجيران العرب، وفي جو الانتشاء والإثارة الذي أعقب حرب يونيه، كان معظم الإسرائيليين يؤمنون بأن السلام أصبح حينذاك أمراً يمكن بلوغه، ولم تأت اليقظة العنيفة من هذا إلا في سبتمبر 1967، عندما عقدت القمة العربية الرابعة في الخرطوم، وحددت السياسة العربية بأنها "لا سلام مع إسرائيل، ولا اعتراف بإسرائيل، ولا مفاوضات معها".

4. الجـانب الإسرائيلي لم يشعر بأن الأمر يقتضي القيام بأي مبادرة خاصة، حيث أنه أصبحت لديه الآن الأراضي التي استولى عليها، ويمكنه استخدامها كورقة مساومة لصنع السلام. وكانت ملاحظة "موشي ديان" الذي كثر ترديدها وتكرارها هي "إننا ننتظر مكالمة تليفونية من الملك حسين" في حين أصرت "جولدا مائير" بصفة خاصة على أن إسرائيل ينبغـي ألا تتزحزح عن أي أراضي قبل التفاوض على السلام مع جيرانها. وتجاهلت عمليات جس النبض التي قام بها الفلسطينيون القياديون الذين كانوا يرغبون في إبرام السلام مع إسرائيل في صفقة تمنحهم كياناً مستقلاً. وأصرت "هي وليفي أشكول" على أن السلام لا يمكن التفاوض بشأنه إلا مع دول ذات سيادة، تلك التي كانت في حالة حرب مع إسرائيل.

5. وفي كتاب نشر بعد الحرب بفترة قصيرة اسمه بالعبرية "سياه لوهايم" (مناقشات بين المحاربين) ناقش الجنود الذين قاتلوا في الحرب موقفهم من الحرب، ومن النصر، ومن العرب. فلم تكن هناك كراهية، ولا حتى غضب، بل رغبة في التسوية والتفاهم والسلام. ولكن ذلك لم يتحقق.

رابعاً: تأثير الحرب على مصر

1. تأثير الحرب على الاقتصاد

أ. كانت الخسائر الاقتصادية التي ترتبت على حرب 1967 فادحة، وكان لا بد من امتصاص آثارها عسكرياً وسياسياً واقتصادياً. والذي مكن من ذلك حينئذ وحتى نصر أكتوبر 1973 هو الوضع الجيد نسبياً الذي انطلق منه الاقتصاد المصري عام 1961. فضلاً عن سيطرة الدولة على الاقتصاد في ذلك الحين. وبالتالي تمكنت مصر من أن تقوم بعملية تعبئة للإعداد لحرب أكتوبر 1973، بالاعتماد على القدرات الاقتصادية والحيوية للدولة.

ب. ففي إطار ترشيد استخدام الموارد وتحويل جزء منها للأغراض العسكرية، اتخـذت الحكومة المصرية العديد من الإجراءات للحد من الاستهلاك، وتعديل الميزانيـة، ورفع أسعار بعض السلع والخدمات، وفرض ضرائب إضافية، وزيادة نسب الادخار الإجباري للعاملين المدنيين، خاصة وأن الزيادة في النفقات العسكرية لم تصاحبها زيادة في الموارد الكلية، بل أن كثيراً من موارد الدولة قد اعتراها النقص مثل:.

(1) انخفاض إيرادات القطاع العام نسبياً.

(2) انخفاض إيرادات السياحة.

(3) توقف إيرادات قناة السويس.

(4) توقف إيرادات صادرات بترول سيناء.

(5) تأثرت الطاقة الإنتاجية بسبب الحرب بالذات في منطقة القناة، مما أدى إلى تهجير سكانها، ونشوء الحاجة لموارد إضافية لإعادة تسكينهم بعيداً عن المناطق العسكرية.

(6) انخفضت حصيلة بعض الضرائب نتيجة للتراخي في بعض فروع النشاط الاقتصادي.

ج. ولذلك اتجهت ميزانية 1967/1968 إلى تخفيض الإنفاق الجاري المدني، والحد من الإنفاق الاستثماري ليصل إلى 12 % من الناتج المحلي الإجمالي، وزيادة الإنفاق العسكري إلى 718 مليون دولار (وهذا الاتجاه نحو زيادة النفقات العسكرية استمر خلال الفترة من 1968 – 1974 بملايين الدولارات على النحو التالي (740 – 1263 – 1442 – 1320 – 1829 – 2295) وبالتالي تأثرت معدلات النمو والاستثمار والادخار. (انخفضت إلى حوالي 3 % سنوياً في الفترة 1967 – 1973، وإلى حوالي 8 % من الناتج القومي عام 1973).

د. وأيضاً توقفت الخطة الخمسية الثانية 1965 – 1970 وحلت محلها خطة ثلاثية، لمواجهة الاختناقات في إطار الاستعداد للحرب (سميت خطة الإنجاز) ولم يعد التخطيط منذ ذلك الوقت إلى مجراه الطبيعي إلا في يوليو 1974، حيث وضعت خطة انتقالية قصيرة مدتها 18 شهراً.

هـ. وبحلول مايو 1968 بدأت مصر في الإعداد الفعلي لحرب التحرير بعد إعادة بناء القوات المسلحة، وكان هذا يقتضي منها بعض التوجهات الاقتصادية في إطار الاستمرار في دعم التنظيم الواحد (بإعادة بناء الاتحاد الاشتراكي عن طريق الانتخاب من القاعدة إلى القمة) وأهم هذه التوجهات هي:.

(1) زيادة طاقة التشغيل بوجه عام، واستغلال الطاقة العاطلة وزيادة دورات الانتاج في المشروعات.

(2) توجيه قدر أكبر من المشروعات للإنتاج الحربي، مما يؤدي إلى نقص القدر المتاح من السلع المخصصة للإنتاج المدني، وانخفاض مستواها، وبالتالي تتجه أسعار السلع المدنية للارتفاع. خاصة مع اتجاه الأفراد لتخزين السلع التموينية، خشية نقصانها بالسوق أثناء الحرب.

(3) استقطاع نسبة طيبة من الأرصدة الأجنبية في التعاقد على استيراد سلع حربية أو متعلقة بجهاز الحرب من البلاد الصديقة، وكان على رأسها في ذلك الوقت الاتحاد السوفيتي.

(4) زيادة المخزون في مختلف السلع وقطع الغيار، لضمان توافر قدر كاف منها حينما تنشب الحرب.

و. وقد توطدت العلاقات المصرية العربية بعد الحرب، وعقد مؤتمر قمة الخرطوم في 29 أغسطس 1967 وسويت على هامشه معظم الخلافات بين "الملك فيصل" عاهل السعودية، والرئيس "جمال عبدالناصر" بسبب مشكلة اليمن، وأقر مؤتمر الخرطوم دعماً مالياً لمصر (280 مليون دولار) وللأردن (100 مليون دولار) من كل من السعودية والكويت وليبيا، وطرح في تلك المرحلة شعار جديد للعمل العربي "وحدة الصف".

مجمل القول إذا كان الاستعداد للحرب يتطلب من أفراد القوات المسلحة التضحية بالأرواح، فإنه يتطلب أيضاً من المدنيين قبول الحد من الاستهلاك واستخدام نظام البطاقات أو الحصص، والاتجاه بصفة عامة إلى خفض القوة الشرائية عن طريق زيادة معدلات الضرائب. إلا أن ذلك لم يؤثر في معنويات الشعب المصري. بل ارتضى عن طيب خاطر الحد من ارتفاع الأجور، وخفض الاستهلاك، وارتفاع بعض الأسعار، وزيادة ساعات العمل.

2. الآثار والنتائج العسكرية

أ‌. تنظيم وتوحيد القيادة العسكرية والقوات المسلحة

كان هناك خلل خطير واضح في تنظيم العلاقة والمسؤوليات بين القيادات العليا للدولة، وخاصة بين القيادة السياسية والقيادة العسكرية ذاتها، انعكس هذا الخلل بشدة وفي آن واحد على القرارات السيـاسية والعسكرية ذات الطبيعة الإستراتيجية، التي أصدرتها هذه القيادات إبان أزمة يونيه 1967 وأثناء الحرب، لذلك كان من الضروري العمل فوراً على إزالة هذا الخلل.

وتم تصحيح ذلك عقب حرب يونيه 1967، فعين "أمين هويدي" وزيراً للحربية، والفريق أول "محمد فوزي" قائداً عاماً للقوات المسلحة، والفريق "عبدالمنعم رياض" رئيساً لأركان حرب القوات المسلحة. وأصبح وزير الحربية شأنه شأن أي وزير آخر في أي وزارة، مسؤولاً عن سياسة وزارته مسئولية كملة كما حددها الدستور .. ويعتبر هو المستشار الأول لرئيس الجمهورية في شؤون الأمن والدفاع، والمتحدث الرسمي باسم الحكومة حول ما يتعلق بسياسة البلاد الدفاعية، والواقع أن الفصل بين منصبي وزير الحربية والقائد للقوات المسلحة يمثل ضرورة حيوية في النظام الديمقراطي كضمان للاستقرار السياسي.

وكان لا بد من إعادة تنظيم القيادة العامة للقوات المسلحة وأجهزتها كخطوة أولى للتخلص من عوامل الفصل التي كانت قائمة بين القيادتين السياسية والعسكرية .. على أسس علمية وعملية .. وتحديد مسئوليات القيادة والسيطرة والتخطيط والإدارة داخل القوات المسلحة بعيداً عن أسلوب الازدواج في الاختصاصات والسلطات … وكذا تحديد مسئوليات وسلطات كل القيادات الكبرى سواء في أجهزة القيادة العامة، أو الأفرع الرئيسية للقوات المسلحة (القوات الجوية والبحرية ثم قوات الدفاع الجوي بعد ذلك) والتشكيلات الميدانية والإقليمية الكبرى كالجيوش الميدانية والمناطق العسكرية.

وحتى تتم إعادة تنظيم القوات المسلحة ككل تنظيماً سليماً كان لا بد من وضع تصور مبدئي لشكل وحجم القوات المسلحة .. وكان ذلك يتطلب وضع خطة مبدئية عامة، لتحديد متطلبات تحرير الأرض بحيث يأتي تنظيم وحجم القوات المسلحة مناسباً لتحقيق المهام الإستراتيجية التي ستكلف بها.

وتم تقدير هذا الحجم بعد إجراء دراسـات وتقديرات وإحصاءات كثيرة تتعلق بالقدرات البشرية المصرية، مقارنة بقدرات العدو وإمكاناته ومتطلبات مسارح العمليات الحربية المنتظرة في البر والبحر والجو، مع تحديد نوعية الأسلحة والمعدات المطلوبة للقيام بالعمليات الهجومية اللازمة من أجل تحرير الأرض والتي يمكن أن يوردها الاتحاد السوفيتي.

ب‌. تنظيم القيادة والسيطرة على شؤون الدفاع

من أهم الدروس التي استوعبتها القيادة السياسية العسكرية المصرية بعد نكسة يونيه 1967 .. حتمية إعادة تنظيم القيادات والقوات وتوزيع المسئوليات والمهام الخاصة، وذلك بوضع وتنفيذ سياسة الدفاع المصرية على أسس علمية محددة .. كان ذلك ضرورياً لتفادي أحد الأسباب الجوهرية لهزيمة يونيه .. وحتى لا تتكرر المأساة القيادية والعسكرية التي وقعت في يونيه 1967.

من هذا المنطلق كان من المحتم إجراء البحوث المستفيضة في العيوب والأخطاء الأساسية والحقيقية الكامنة في أساليب القيادة والسيطرة الإستراتيجية والتي أدت إلى الهزيمة .. حتى يمكن تحديد الأجهزة المسؤولة عن القيادة والسيطرة على شئون الدفاع، وعن القوات المسلحة، ومهام كل منها، وسلطات كبار المسئولين فيها. وكان أهم الأهداف التي سعت إليها البحوث:

(1) تحديد المسؤوليات الخاصة بمهمة إعداد الدولة للحرب.

(2) توضيح وضع القوات المسلحة في الإطار العام لأجهزة الدولة، وتحديد سلطات رئيس الجمهورية في شئون الدفاع بوصفه قائداً أعلى للقوات المسلحة.

(3) منع ازدواجية القيادة والعمل داخل أجهزة وزارة الحربية كجزء من التنظيم العام للدولة.

وانتهت البحوث التي جرت في هذا الشأن إلى التوصل لقانون شامل ينظم كل قضايا الدفاع، وصدر تحت رقم 4/68 محدداً لكل المسؤوليات الإستراتيجية على المستويين السياسي والعسكري، بداية من رئيس الجمهورية والقائد الأعلى للقوات المسلحة، ثم مجلس الدفاع الوطني ووزارة الحربية .. وذلك في الموضوعات المتعلقة بشئون الدفاع عن الدولة وتتضمن:

(1) إعداد أراضي الدولة للحرب (صناعة / زراعة / نقل / مواصلات).

(2) إعداد أراضي الدولة للحرب (كمسرح حرب)، ويتضمن ذلك إنشاء القواعد الجوية والبحرية، والمستودعات، ومصادر المياه، ومراكز السيطرة والطرق، وتنظيم الإخفاء والتمويه.

(3) إعداد الشعب للحرب، ويشمل ذلك تنمية الروح الوطنية والإعداد السياسي والمعنوي للمواطن .. وإجراءات الدفاع المدني والتدريب العسكري للمواطنين.

(4) إعداد القوات المسلحة للحرب، أخذاً في الاعتبار تحديد حجمها في السلم والحرب بحيث تكون قادرة على تحقيق المهام الإستراتيجية المخصصة لها، وسرعة الانتقال من حالة السلم إلى حالة الحرب بالتعبئة.

وهكذا صدر القانون رقم 4 لعام 1968 ينظم لأول مرة في تاريخ التشريعات المصرية شؤون الدفاع عن الدولة والقيادة والسيطرة على القوات المسلحة. وبتطبيق هذا القانون الشامل، أغلق ملف الخلل القيادي الذي كان يمثل آفة خطيرة تنخز في كيان القوات المسلحة، بل وكيان الدولة .. ونظمت العلاقة السليمة بين القيادة السياسية والقيادة العسكرية .. كما نظم التسلسل القيادي داخل القوات المسلحة بين القيادة العامة وأجهزتها، والأفرع الرئيسية للقوات المسلحة، وقيادات التشكيلات الميدانية والإقليمية الكبرى.

3. النتائج على المستوى الداخلي للدولة والخارجي

أ‌. وضع إستراتيجية قومية جديدة

في يوليه 1967 بدأ وضع الخطوط الإستراتيجية العريضة لمسيرة النضال من أجل تنظيم الدفاع عن أرض مصر، وحماية سمائها المفتوحة من الهجمات الجوية الإسرائيلية، وتحرير الأرض المصرية المحتلة.

استندت الإستراتيجية المصرية الجديدة في مرحلة الصمود والبناء على عدة حقائق ومعطيات للموقف في ذلك الوقت والتي يمكن تلخيصها في عدة نقاط محددة:

(1) أن هناك أرضاً عربية يحتلها العدو ويرفض التخلي عنها.

(2) أن مصر وإن كانت قد خسرت معركة إلا أنها لم تخسر الصراع.

(3) أن شعب مصر يرفض الاستسلام، ويصر على استرداد الأرض والحق والكرامة.

(4) أن المعركة معركة قومية عربية؛ حيث لم يكن هدف العدوان في 1967 مقصوراً على ضرب مصر وحدها .. بل ضرب القومية العربية ككل.

استبعدت مصر تماماً الحل السياسي لأنه يعني إنهاء حالة الحرب مع إسرائيل قبل إتمام انسحابها من كل الأراضي العربية المحتلة وبالتالي الاستسلام لمطالبها وتصفية القضية العربية نهائيا لذلك استقر رأي القيادة السياسية على ضرورة العمل على "إزالة آثار العدوان"، وكسب الوقت بواسطة العمل السياسي. في ظل هذه المعطيات .. وفي مقدمتها رفض شعب مصر للهزيمة .. تحددت المهمة الإستراتيجية للقوات المسلحة المصرية، لتكون "العمل على استرداد السيادة بالقوة وتحرير الأرض".

وأصبح لزاماً أن تواجه مصر قدرها، وأن تعدل أوضاعها، وتحدد أهدافها، وتضع الأسس والمبادئ السياسية والعسكرية السليمة التي ستقود مسيرتها الشاقة المقبلة. لذلك أرست قواعد جديدة لاستراتيجيتها نابعة من حقائق الموقفين السياسي والعسكري اللذين أفرزتهما نكسة يونيه 1967.

كان تحديد الأهداف الإستراتيجية ضرورياً كنقطة في التخطيط للإستراتيجية الجديدة ..

وقد تحدد هدفان:

(1) الأول (عاجل)، وهو سرعة بناء الدفاع، والعمل على منع (العدو) من الاستفادة من نصره العسكري واستغلال هذا النجاح في تحقيق أهداف سياسية.

(2) والهدف الثاني (آجل)، ويمثل الهدف السياسي العسكري لمصر، وهو (إزالة آثار العدوان)، وتوضع على أساسه إستراتيجية العمل العسكري للقوات المسلحة من أجل تحرير الأرض المحتلة في سيناء .. واستغلال النجاح سياسياً لاسترداد حقوق الشعب الفلسطيني.

ب‌. المعالم الأساسية للإستراتيجية الجديدة

تميزت الإستراتيجية بالشمول، فلم تكن مقصورة على الجانب العسكري وحده .. بل تضمنت كل الجوانب التي تخدم قضية التحرير. إنها إستراتيجية قومية، تحشد كل ما تمتلك من قوة لتحرير الأرض المحتلة، في ظل مبدأ (ما أخذ بالقوة لا يسترد بغير القوة).

وتطلب ذلك:

سرعة إعادة تنظيم وبناء القوات المسلحة من القاعدة للقمة بالأسلحة السوفيتية، إلى أن تصبح قادرة على الدفاع عن أراضي الدولة كمرحلة أولى، ثم تتحول بقدراتها للقيام بمهمة تحري الأرض كمرحلة ثانية .. وتحديد مهامها الأساسية على أساس: (التفرغ الكامل للدفاع عن تراب مصر، وتحرير الأرض المحتلة، والدفاع عن الحقوق العربية القومية).

ج. المعالم الأساسية للعمل العسكري

بناء على التوجيهات الإستراتيجية بدأت أجهزة القيادة العامة في وضع الخطط الإستراتيجية التي تستهدف الآتي:

(1) إعادة تنظيم وتسليح وتدريب ورفع معنويات القوات، وتحقيق انضباطها العسكري، وإنشاء تشكيلات ووحدات ميدانية جديدة لمختلف أفرع القوات المسلحة.

(2) وضع خطة متكاملة لتحقيق التأمين الدفاعي الكامل لجبهة قناة السويس.

(3) أن تتدرج خطط العمليات وفقاً لنسب استكمال القوات المسلحة وإعادة تنظيمها وتدريبها وإعدادها.

(4) البدء في التفكير والتحضير للقيام بعمليات لتحرير سيناء.

د. إعداد القوات والدولة للحرب

(1) اختيار المقاتل

تتميز مصر بالقدرة البشرية العالية .. لذلك كان من الضروري تحقيق الاستفادة الكاملة من هذه الميزة الأساسية في إعداد القوات المسلحة .. فهي تمثل القوة المتميزة للمجتمع المصري في مواجهة التحديات المفروضة عليه. وكان لا بد من وضع الأسس السليمة لاختيار الفرد المناسب والصالح، باعتباره الدعامة الأولى في مقومات القدرة القتالية. وليس هناك شك في أن المجند خريج الجامعات والمعاهد العليا أفضل بكثير من المجند الأمي، خاصة في هذا العصر الذي يتميز باستخدام نوعيات من الأسلحة والمعدات المعقدة القائمة على تكنولوجيا عالية المستوى.

هكذا لم تعد القدرة القتالية مقصورة على القوة البدنية .. ولكنها أصبحت تعتمد إلى حد كبير على القـدرة العقلية؛ حتى يمكن تحقيق الاستخدام الأمثل للأسلحة والمعدات القتالية المتقدمة. وبالتالي كان لزاماً إسقاط أي قيود تحد من إلتحاق أصحاب المؤهلات العليا والمتوسطة جنوداً بالقوات المسلحة .. وإجراء تغيير جذري في شروط اللائحة الطبية. وقد أدى ذلك إلى ارتفاع كبير في نسبة المجندين المؤهلين الذين أقبلوا على التجنيد بروح وطنية عالية .. وكانوا هم فعلاً القاعدة الوطيدة للروح القتالية والأداء المتميز للقوات المسلحة أثناء حرب 1973.

(2) إعداد المقاتل

من ناحية أخرى كان طبيعياً أن يكون هدف مصر في أعقاب وقوع النكسة .. إعادة بناء القوات المسلحة .. ومعالجة الشرخ المعنوي والنفسي الذي أصاب هذه القوات .. وهز تماسكها وثقتها ..

خاصة بعد أن تحمل رجالها وحدهم، وزر الهزيمة ظلماًً ..
رغم أنهم كانوا أول ضحاياها .. ولم يكونوا سبباً فيها. ولم تكن عملية إعادة تنظيم وبناء القوات هي أشق العمليات التي واجهت القوات المسلحة .. بل كان البناء النفسي والمعنوي للرجال هو أشق هذه الأعمال وأكثرها أهمية.

إذا كان المقاتل المصري في ذلك الوقت يعاني أشد المعاناة من آثار هزيمة يونيه 1967 .. وكان من الضروري العمل على إعادة الثقة إليه،ورفع معنوياته، ودعم إيمانه بحقه وقضيته. فقد رسخ لدى قيادات القوات المسلحة الاعتقاد بأن الإنسان وليس السلاح هو الذي يحقق النصر في النهاية .. لذلك فالنصر تغرس بذوره في قلوب الرجال أولاً قبل أن يؤتي ثماره في ساحة القتال.

وكان التركيز في بناء المقاتل المصري معنوياً ينصب على هدفين:

(أ) أن يثق المقاتل في نفسه أساساً، ثم في قادته وسلاحه.

(ب) أن يؤمن تماماً بعدالة قضيته وحقه .. وأن يتوج ذلك كله إيمان لا يتزعزع بالله.

(3) التدريب على القتال
(4)
إن التدريب العملي الشاق المستمر كان هو الوسيلة الأولى لبناء الجندي المقاتل المحترف وإكسابه الثقة بنفسه وسلاحه وقادته .. وهو في نفس الوقت الطريق نحو تشكيل وحدة مقاتلة تتمتع بمستوى عال من الكفاءة القتالية. وقد اهتمت القيادة العامة للقوات المسلحة اهتماماً كبيراً بموضوع التدريب القتالي .. سواء على المستوى الفردي، أو على المستوى الجماعي والمشترك .. بما في ذلك التدريب الأساسي، أو التدريب المهني التخصصي .. كذلك اهتمت بالوسائل والأدوات والمساعدات المستخدمة في عمليات التدريب، وبالمدربين المتخصصين في شتى المجالات، وبكل أنواع الأسلحة والمعدات.

كما تم التركيز على إيجاد أجهزة تمتلك القدرة العالية على وضع وتنفيذ ومتابعة الخطط التدريبية سواء على المستوى الأساسي أو التكتيكي أو العملياتي .. مع إيلاء اهتمام خاص بتدريب القادة على شتى المستويات، وتزويدهم بالخبرات المكتسبة .. وأن يتم التدريب الجماعي تحت ظروف الليل والنهار بشكل متواصل، وطبيعة متشابهة لميادين القتال.

وقـد قامت هيئة عمليات القوات المسلحة، بالتعاون مع هيئة التدريب، وقيادات الجيوش الميدانية والأفرع الرئيسية والمناطق العسكرية، بوضع وتنفيذ مشروعات تدريبية على مستوى الوحـدات والتشكيلات الميدانية من المشاة والقوات الميكانيكية والمدرعة والوحدات الخاصة، للتـدريب على المهام والواجبات المنتظر تنفيذها أثناء العمليات الحربية. وقد اشتركت فيها كل تشكيلات القوات المسلحة وأفرعها الرئيسية.

هـ. إعداد الدولة للحرب

كان لا بد من إعادة تنظيم الجبهة الداخلية وإعدادها سياسياً ومعنوياً واقتصادياً وعسكرياً للحرب، وهو عمل أساسي وضعته القيادة السياسية في الاعتبار .. إذ لا يمكن قصر جهود الإعداد على القوات المسلحة وحدها .. بل كانت هناك أعمال أخرى ضخمة .. لا بد من تنفيذها على مستوى الدولة والشعب في إطار الإعداد للحرب وقد تم تخصيص الاعتمادات المالية اللازمة لتنفيذ هذه الخطـط، مع عدم المساس باعتمادات خطة التنمية الاقتصادية للدولة.

وقد حددت الأسس العامة لخطط الإعداد فيما يلي:

(1) مراعاة الامتداد الزمني للمعركة التي لن تكون معركة عسكرية فحسب بل هي معركة سياسية واقتصادية كذلك.

(2) التركيز على وحدة الجبهة الداخلية، وحشد قدراتها خلف القوات المسلحة.

(3) إنشاء قوات المقاومة الشعبية (جيش الدفاع الشعبي) وتزويدها بالأسلحة والذخائر.

(4) زيادة عدد ساعات العمل في كافة أجهزة الدولة مع إلغاء الإجازات السنوية.

وقد شكلت لجنة وزارية لإعداد الدولة للحرب، وكانت تجتمع بصفة دورية، لتحديد الأعمال المطلوب إنجازها، ومتابعة تنفيذها، وتوفير الاعتمادات اللازمة لها .. وقد شمل التخطيط الاستراتيجي لإعداد الدولة للحرب، إنشاء موانئ جديدة في "مرسي مطروح" و"أبي قير" على البحر المتوسط و"رأس بناس" على البحر الأحمر، والعمل على بناء احتياطيات من المواد الإستراتيجية كالغذاء والطاقة .. وفي الوقت نفسه زيادة تأمين المنشآت الصناعية وتحقيق انتشارها في أنحاء البلاد خاصة في الجنوب. وقد تم فك المصانع الموجودة في منطقة القناة ونقلها للداخل، وإعادة تركيبها وتشغيلها من جديد، بما في ذلك معامل تكرير البترول في السويس، ومصانع السماد والورق بمنطقة القناة .. فضلاً عن نقل المعدات الثقيلة والمهمة الخاصة بورش هيئة قناة السويس.

وبإتمام إنشاء قوات الدفاع الشعبي بدأت وحداتها في الانتشار لتأمين المرافق الحيوية والمنشآت الإنتاجية والصناعية .. ضد أعمال التسلل الأرضي، أو الإبرار الجوي، أو الغارات الجوية .. كما وزعت الأسلحة والذخائر على وحدات الدفاع الشعبي حتى مستوى القرية .. واستمرار الأعمال المختلفة إلى أن اكتمل تأهيل الشعب معنوياً وسياسياً ومادياً استعداداً لبدء المعركة المنتظرة.

بالنسبة للجبهة الداخلية، فقد تعاملت الإستراتيجية الجديدة في شئونها وفقاً للأسس التالية:.

(1) مواجهة الحرب النفسية التي كان يشنها العدو لبث الروح الانهزامية في شعب مصر، ولإجبار القيادة المصرية على الاستسلام، وطلب الصلح مع إسرائيل.

(2) توفير الظروف التي تمكن الجبهة الداخلية من أداء مهمتها الوطنية في حماية ظهر القوات المسلحة، وتقديم المساندة المعنوية والدعم المادي لها. وهذا يتطلب تعبئة الجبهة الداخلية في شتى المجالات من أجل معركة التحرير وإزالة آثار العدوان.

(3) العمل على سرعة تحقيق التحام الشعب والحكومة مع القوات المسلحة .. وفي هذا الإطار رأى رئيس الجمهورية أن يتولى بنفسه أمور الدولة والشعب معاً .. فجمع بين رئاسة مجلس الوزراء، ورئاسة اللجنة التنفيذية العليا للاتحاد الاشتراكي، فضلاً عن رئاسة الجمهورية والقيادة العليا للقوات المسلحة .. وذلك حتى يمكنه تركيز الجهود على أعمال إعادة البناء على أسس جديدة.

أما على الصعيد العربي، وفي ضوء قومية المعركة، فقد تضمنت الإستراتيجية الجديدة العناصر التالية:

(1) إسقاط الشعارات التي كانت تفرق بين نظم الحكم العربية وفقاً لتوجهاتها السياسية.

(2) العمل على تحقيق التضامن العربي القوي القادر على ردع العدو، وحماية الأمن القومي للأمة العربية.

(3) العمل على تعبئة الشعوب العربية لصالح المعركة سياسياً ومعنوياً وعسكرياً، وحشد الطاقات المتاحة لكل بلد عربي ضد العدو المشترك.
(4) تشارك الدول العربية كلٍّ حسب قدرته اشتراكاً مباشراً في الصراع .. من خلال الارتباط القومي الاستراتيجي الذي يجمع كل الدول العربية ويوحد قراراتها السياسية.

تحديد توجيهات السياسة الخارجية المصرية على أساس رفض الهزيمة العسكرية.

وهذا يتطلب:

(1) استخدام العمل السياسي لكسب الوقت، باستغلال مهمة "جونار يارنج" ممثل الأمم المتحدة كغطاء لهذا العمل السياسي، دون الوصول إلى حل سياسي.

(2) اتجاه العمل الدبلوماسي نحو المطالبة المستمرة بانسحاب إسرائيل من الأراضي العربية التي استولت عليها في يونيه 1967 .. وتحقيق أهداف الشعب الفلسطيني، وحقه في تقرير مصيره.

(3) إقناع الرأي العام العالمي أننا لا نريد الحرب من أجل الحرب، وإنما من أجل إعادة الأراضي المغتصبة بالقوة.

بالنسبة للاتحاد السوفيتي .. نظراً للحاجة إلى السلاح المتطور، وفي نفس الوقت إلى الدعم السياسي على الصعيد الدولي.

فمن الضروري:

(1) توطيد علاقات الصداقة والتعاون مع الاتحاد السوفيتي.

(2) إشعاره بأنه شريك في الهزيمة، وعليه أن يتحمل عبء دعم مصر بالأسلحة، والمعدات الحديثة، والخبراء والمدربين.

(3) المشاركة في إعادة تنظيم وبناء القوات المسلحة على أسس علمية حديثة.

وهكذا غيرت حرب يونيه وجه الشرق الأوسط، وكذا الصراع العربي الإسرائيلي.


المبحث الثالث عشر 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
 
المبحث الثالث عشر
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» المبحث الثالث
» المبحث الثالث
» المبحث الثالث
» المبحث الثالث
» المبحث الثالث

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات إنما المؤمنون إخوة (2024 - 2010) The Believers Are Brothers :: (العربي) :: الأحـداث الفارقــة في حيــاة الدول :: حرب الخامس من يونيه 1967م :: نكسة 1967م من وجهة النظر المصرية-
انتقل الى: