منتديات إنما المؤمنون إخوة (2024 - 2010) The Believers Are Brothers

(إسلامي.. ثقافي.. اجتماعي.. إعلامي.. علمي.. تاريخي.. دعوي.. تربوي.. طبي.. رياضي.. أدبي..)
 
الرئيسيةالأحداثأحدث الصورالتسجيل
(وما من كاتب إلا سيبلى ** ويبقى الدهر ما كتبت يداه) (فلا تكتب بكفك غير شيء ** يسرك في القيامة أن تراه)

IZHAR UL-HAQ

(Truth Revealed) By: Rahmatullah Kairanvi
قال الفيلسوف توماس كارليل في كتابه الأبطال عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "لقد أصبح من أكبر العار على أي فرد مُتمدين من أبناء هذا العصر؛ أن يُصْغِي إلى ما يظن من أنَّ دِينَ الإسلام كَذِبٌ، وأنَّ مُحَمَّداً -صلى الله عليه وسلم- خَدَّاعٌ مُزُوِّرٌ، وآنَ لنا أنْ نُحارب ما يُشَاعُ من مثل هذه الأقوال السَّخيفة المُخْجِلَةِ؛ فإنَّ الرِّسَالة التي أدَّاهَا ذلك الرَّسُولُ ما زالت السِّراج المُنير مُدَّةَ اثني عشر قرناً، لنحو مائتي مليون من الناس أمثالنا، خلقهم اللهُ الذي خلقنا، (وقت كتابة الفيلسوف توماس كارليل لهذا الكتاب)، إقرأ بقية كتاب الفيلسوف توماس كارليل عن سيدنا محمد -صلى الله عليه وسلم-، على هذا الرابط: محمد بن عبد الله -صلى الله عليه وسلم-.

يقول المستشرق الإسباني جان ليك في كتاب (العرب): "لا يمكن أن توصف حياة محمد بأحسن مما وصفها الله بقوله: (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِين) فكان محمدٌ رحمة حقيقية، وإني أصلي عليه بلهفة وشوق".
فَضَّلَ اللهُ مِصْرَ على سائر البُلدان، كما فَضَّلَ بعض الناس على بعض والأيام والليالي بعضها على بعض، والفضلُ على ضربين: في دِينٍ أو دُنْيَا، أو فيهما جميعاً، وقد فَضَّلَ اللهُ مِصْرَ وشَهِدَ لها في كتابهِ بالكَرَمِ وعِظَم المَنزلة وذَكَرَهَا باسمها وخَصَّهَا دُونَ غيرها، وكَرَّرَ ذِكْرَهَا، وأبَانَ فضلها في آياتٍ تُتْلَى من القرآن العظيم.
المهندس حسن فتحي فيلسوف العمارة ومهندس الفقراء: هو معماري مصري بارز، من مواليد مدينة الأسكندرية، وتخرَّجَ من المُهندس خانة بجامعة فؤاد الأول، اشْتُهِرَ بطرازهِ المعماري الفريد الذي استمَدَّ مَصَادِرَهُ مِنَ العِمَارَةِ الريفية النوبية المَبنية بالطوب اللبن، ومن البيوت والقصور بالقاهرة القديمة في العصرين المملوكي والعُثماني.
رُبَّ ضَارَّةٍ نَافِعَةٍ.. فوائدُ فيروس كورونا غير المتوقعة للبشرية أنَّه لم يكن يَخطرُ على بال أحَدِنَا منذ أن ظهر وباء فيروس كورونا المُستجد، أنْ يكونَ لهذه الجائحة فوائدُ وإيجابيات ملموسة أفادَت كوكب الأرض.. فكيف حدث ذلك؟!...
تخليص الإبريز في تلخيص باريز: هو الكتاب الذي ألّفَهُ الشيخ "رفاعة رافع الطهطاوي" رائد التنوير في العصر الحديث كما يُلَقَّب، ويُمَثِّلُ هذا الكتاب علامة بارزة من علامات التاريخ الثقافي المصري والعربي الحديث.
الشيخ علي الجرجاوي (رحمه الله) قَامَ برحلةٍ إلى اليابان العام 1906م لحُضُورِ مؤتمر الأديان بطوكيو، الذي دعا إليه الإمبراطور الياباني عُلَمَاءَ الأديان لعرض عقائد دينهم على الشعب الياباني، وقد أنفق على رحلته الشَّاقَّةِ من مَالِهِ الخاص، وكان رُكُوبُ البحر وسيلته؛ مِمَّا أتَاحَ لَهُ مُشَاهَدَةَ العَدِيدِ مِنَ المُدُنِ السَّاحِلِيَّةِ في أنحاء العالم، ويُعَدُّ أوَّلَ دَاعِيَةٍ للإسلام في بلاد اليابان في العصر الحديث.

أحْـلامٌ مِـنْ أبِـي (باراك أوباما) ***

 

 أمر البحيرة والسائبة والوصيلة والحامي

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 52644
العمر : 72

أمر البحيرة والسائبة والوصيلة والحامي Empty
مُساهمةموضوع: أمر البحيرة والسائبة والوصيلة والحامي   أمر البحيرة والسائبة والوصيلة والحامي Emptyالخميس 30 سبتمبر 2021, 6:38 pm

أمر البحيرة والسائبة والوصيلة والحامي

رأي ابن إسحاق فيها قال ابن إسحاق: ‏‏‏‏‏فأما البحيرة فهي بنت السائبة، والسائبة: ‏‏‏‏‏الناقة إذا تابعت بين عشر إناث ليس بينهن ذكر، سِيْبَت فلم يُركب ظهرها، ولم يجز وبرها ولم يشرب لبنها إلا ضيف؛ فما نُتجت بعد ذلك من أنثى شُقَّت أذنها، ثم خلي سبيلها مع أمها فلم يركب ظهرها، ولم يجز وبرها، ولم يشرب لبنها إلا ضيف كما فعل بأمها، فهي البحيرة بنت السائبة. والوصيلة: ‏‏‏‏‏الشاة إذا أتأمت عشر إناث متتابعات في خمسة أبطن، ليس بينهن ذكر، جعلت وصيلة.

قالوا: ‏‏‏‏‏قد وصلت، فكان ما ولدت بعد ذلك للذكور منهم دون إناثهم، إلا أن أن يموت منها شيء فيشتركوا في أكله، ذكورهم وإناثهم.

قال ابن هشام: ‏‏‏‏‏ويروى: ‏‏‏‏‏فكان ما ولدت بعد ذلك لذكور بنيهم دون بناتهم.

قال ابن إسحاق: ‏‏‏‏‏والحامي: ‏‏‏‏‏الفحل إذا نتج له عشر إناث متتابعات ليس بينهن ذكر، حمي ظهره فلم يركب، ولم يجز وبره، وخلي في إبله يضرب فيها، لا ينتفع منه بغير ذلك.

ابن هشام يخالف ابن إسحاق قال ابن هشام: ‏‏‏‏‏وهذا كله عند العرب على غير هذا إلا الحامي، فإنه عندهم على ما قال ابن إسحاق.

فالبحيرة عندهم: ‏‏‏‏‏الناقة تشق إذنها فلا يركب ظهرها، ولا يجز وبرها، ولا يشرب لبنها إلا ضيف. أو يُتصدق به، وتهُمل لآلهتهم.

والسائبة‏‏‏: ‏‏‏‏‏التي ينذر الرجل أن يُسيبها إن برىء من مرضه، أو إن أصاب أمرا يطلبه.

فإذا كان أساب ناقة من إبله أو جملا لبعض آلهتهم، فسابت فرعت لا يُنتفع بها.

والوصيلة: ‏‏‏‏‏التي تلد أمها اثنين في كل بطن، فيجعل صاحبهما لآلهته الإناث منها ولنفسه الذكور منها، فتلدها أمها ومعها ذكر في بطن، فيقولون: ‏‏‏‏‏وصلت أخاها.

فيسيب أخوها معها فلا ينتفع به.

قال ابن هشام: ‏‏‏‏‏حدثني به يونس بن حبيب النحوي وغيره، وروى بعض ما لم يرو بعض: ‏‏‏قال ابن إسحاق: ‏‏‏‏‏فلما بعث الله تبارك وتعالى رسوله مُحَمَّد -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- أنزل عليه: ‏‏‏‏‏‏‏((‏ما جعل الله من بحيرة ولا سائبة ولا وصيلة ولا حام، ولكن الذين كفروا يفترون على الله الكذب، وأكثرهم لا يعقلون)).

وأنزل الله تعالى: ‏‏‏‏‏‏‏(‏وقالوا ما في بطون هذه الأنعام خالصة لذكورنا، ومحرم على أزواجنا، وإن يكن ميتة فهم فيها شركاء، سيجزيهم وصفهم، إنه حكيم عليم).

وأنزل الله تعالى عليه: ‏‏‏‏‏‏‏(‏قل أرأيتم ما أنزل الله لكم من رزق فجعلتم منه حراما وحلالا، قل آلله أذن لكم أم على الله تفترون)‏‏‏.

وأنزل عليه: ‏‏‏‏‏‏‏(‏ثمانية أزواج من الضأن اثنين ومن المعز اثنين، قل آلذكرين حرم أم الأنثيين أما اشتملت عليه أرحام الأنثيين، نبئوني بعلم إن كنتم صادقين، ومن الإبل اثنين ومن البقر اثنين، قل آلذكرين حرم أم الأنثيين أما اشتملت عليه أرحام الأنثيين أم كنتم شهداء إذ وصاكم الله بهذا، فمن أظلم ممن افترى على الله كذبا لِيُضل الناس بغير علم، إن الله لا يهدي القوم الظالمين). ‏‏‏


البحيرة والسائبة والوصيلة والحامي لغة

قال ابن هشام: ‏‏‏قال الشاعر: ‏‏‏

حول الوصائل في شُريف حِقَّة    والحاميات ظهورها والـسـيب


وقال تميم بن أبي بن مقبل أحد بني عامر بن صعصعة: ‏‏‏

فيه من الأخرج المرباع قرقرة    هدر الديافي وسط الهجمة البحـر

وهذا البيت في قصيدة له.

وجمع بحيرة: ‏‏‏‏‏بحائر وبحر.

وجمع وصيلة: ‏‏‏‏‏وصائل ووصل.

وجمع سائبة الأكثر: ‏‏‏‏‏سوائب وسيَّب.

وجمع حام الأكثر: ‏‏‏‏‏حوم. ‏‏‏


عود إلى سياقة النسب:

نسب خزاعة

قال ابن إسحاق: ‏‏‏‏‏وخزاعة تقول: ‏‏‏‏‏نحن بنو عمرو بن عامر، من اليمن.

قال ابن هشام: ‏‏‏‏‏وتقول خزاعة: ‏‏‏‏‏نحن بنو عمرو بن ربيعة بن حارثة بن عمرو بن عامر بن حارثة بن امرىء القيس بن ثعلبة بن مازن بن الأسد بن الغوث؛ وخندف أمها، فيما حدثني أبو عبيدة وغيره من أهل العلم.

ويُقال خزاعة‏‏‏: ‏‏‏‏‏بنو حارثة بن عمرو بن عامر، وإنما سميت خزاعة لأنهم تخزعوا من ولد عمرو بن عامر، حين أقبلوا من اليمن يريدون الشام، فنزلوا بمر الظهران فأقاموا بها.


قال عون بن أيوب الأنصاري أحد بني عمرو بن سواد بن غنم بن كعب بن سلمة من الخزرج في الإسلام: ‏‏‏

فلما هبطنا بطن مر تخـزعـت    خزاعة منا في خـيول كـراكـر

حمت كل واد من تهامة واحتمت    بصم القنا والمرهفات الـبـواتـر

وهذان البيتان في قصيدة له.


وقال أبو المطهر إسماعيل بن رافع الأنصاري، أحد بني حارثة بن الحارث ابن الخزرج بن عمرو بن مالك بن الأوس. ‏‏‏

فلما هبطنا بطن مكة أحـمـدت    خزاعة دار الآكل الـمـتـحـامـل

فحلت أكاريسا وشتت قـنـابـلا    على كل حي بين نـجـد وسـاحـل

نفوا جرهما عن بطن مكة واحتبوا    بعز خزاعـي شـديد الـكـواهـل

قال ابن هشام: ‏‏‏‏‏وهذه الأبيات في قصيدة له، وأنا إن شاء الله أذكر نفيها جرهما في موضعه.


أولاد مدركة وخزيمة

قال ابن إسحاق: ‏‏‏‏‏فولد مدركة بن إلياس رجلين: ‏‏‏‏‏خزيمة بن مدركة، وهُذيل بن مدركة؛ وأمهما امرأة من قضاعة.

فولد خزيمة بن مدركة أربعة نفر: ‏‏‏‏‏كنانة بن خزيمة، وأسد بن خزيمة، وأسدة بن خزيمة، والهُون بن خزيمة، فأم كنانة عوانة بنت سعد بن قيس عيلان بن مضر.

قال ابن هشام: ‏‏‏‏‏ويُقال الهَون بن خزيمة. ‏‏‏


أولاد كنانة وأمهاتهم

قال ابن إسحاق: ‏‏‏‏‏فولد كنانة بن خزيمة أربعة نفر: ‏‏‏‏‏النضر بن كنانة، ومالك بن كنانة، وعبد مناة بن كنانة، وملكان بن كنانة.

فأم النضر برة بنت مر بن أد بن طابخة بن إلياس بن مضر، وسائر بنيه لامرأة أخرى.  

قال ابن هشام: ‏‏‏‏‏أم النضر ومالك وملكان: ‏‏‏‏‏برة بنت مر؛ وأم عبد مناة: ‏‏‏‏‏هالة بنت سويد بن الغطريف من أزد شنوءة.

وشنوءة: ‏‏‏‏‏عبدالله بن كعب بن عبدالله بن مالك بن نضر بن الأسد بن الغوث، وإنما سموا شنوءة، لشنآن كان بينهم.

والشنآن: ‏‏‏‏‏البغض. ‏‏


من يطلق عليه لقب قرشي

قال ابن هشام: ‏‏‏‏‏النضر: ‏‏‏‏‏قريش، فمن كان من ولده فهو قرشي، ومن لم يكن من ولده فليس بقرشي.


قال جرير بن عطية أحد بني كليب بن يربوع بن حنظلة بن مالك بن زيد مناة بن تميم يمدح هشام بن عبدالملك بن مروان: ‏‏‏

فما الأم التي ولدت قريشا        بمقرفة النجار ولا عـقـيم

وما قرم بأنجب من أبيكم        وما خال بأكرم من تـمـيم

يعني برة بنت مر أخت تميم بن مر، أم النضر.

وهذان البيتان في قصيدة له.


لماذا سُمِّيَتْ قريش باسمها ويُقال فهر بن مالك: ‏

‏‏‏‏قريش فمن كان من ولده فهو قرشي، ومن لم يكن من ولده فليس بقرشي.

وإنما سُمِّيَتْ قريش قريشاً من التقرُّش، والتقرُّش: ‏‏‏‏‏التجارة والاكتساب.


قال رؤبة بن العجاج: ‏‏‏

قد كان يغنيهم عن الشغـوش    والخشل من تساقط الـقـروش

شحم ومحض ليس بالمغشوش

قال ابن هشام: ‏‏‏‏‏والشغوش: ‏‏‏‏‏قمح، يسمى الشغوش.

والخشل: ‏‏‏‏‏رءوس الخلأخيل والأسورة ونحوه.

والقروش: ‏‏‏‏‏التجارة والاكتساب.


يقول: ‏‏‏‏‏قد كان يغنيهم عن هذا شحم ومحض، والمحض: ‏‏‏‏‏اللبن الحليب الخالص وهذه الأبيات في أرجوزة له.


وقال أبو جلدة اليشكري، ويشكر بن بكر بن وائل: ‏‏‏

إخوة قرشوا الذنوب علينا    في حديث من عمرنا وقديم

وهذا البيت في أبيات له.


قال ابن إسحاق: ‏‏‏‏‏ويُقال: ‏‏‏‏‏إنما سُمِّيَتْ قريش قريشاً لتجمعها من بعد تفرقها، ويُقال للتجمع: ‏‏‏‏‏التقرش. ‏‏‏


أولاد النضر وأمهاتهم

فولد النضر بن كنانة رجلين: ‏‏‏‏‏مالك بن النضر، ويخلد بن النضر؛ فأم مالك: ‏‏‏‏‏عاتكة بنت عدوان بن عمرو بن قيس بن عيلان، ولا أدري أهي أم يخلد أم لا.

قال ابن هشام: ‏‏‏‏‏والصلت بن النضر -فيما قال أبو عمرو المدني- وأمهم جميعا بنت سعد بن ظرب العداوني.

وعدوان بن عمرو بن قيس بن عيلان.


قال كثير بن عبدالرحمن، وهو كثير عزة أحد بني مليح بن عمرو، من خزاعة: ‏‏‏

أليس أبي بالصلت أم ليس إخـوتـي        لكل هجان من بني النـضـر أزهـرا

رأيت ثياب العصب مختلط السـدى        بنا وبهم والحضرمي الـمـخـصـرا

فإن لم تكونوا من بني النضر فاتركوا    أراكا بـأذنـاب الـفـوائج أخـضـرا

قال‏‏‏: ‏‏‏‏‏وهذه الأبيات في قصيدة له.


والذين يُعْزَوْن إلى الصلت بن النضر من خزاعة، بنو مُلَيْح بن عمرو، رهط كثير عزة.


أولاد مالك بن النضر وأمهاتهم

قال ابن إسحاق: ‏‏‏‏‏فولد مالك بن النضر فهر بن مالك، وأمه جندلة بنت الحارث بن مُضاض الجرهمي.

قال ابن هشام: ‏‏‏‏‏وليس بابن مضاض الأكبر. ‏‏‏


أولاد فهر وأمهاتهم

قال ابن إسحاق: ‏‏‏‏‏فولد فهر بن مالك أربعة نفر: ‏‏‏‏‏غالب بن فهر، ومحارب بن فهر، والحارث بن فهر، وأسد بن فهر، وأمهم ليلى بنت سعد بن هذيل بن مدركة.

قال ابن هشام: ‏‏‏‏‏وجندلة بنت فهر، وهي أم يربوع بن حنظلة بن مالك بن زيد مناة بن تميم، وأمها ليلى بنت سعد.


قال جرير بن عطية بن الخطفي -واسم الخطفي حذيفة بن بدر بن سلمة بن عوف بن كليب بن يربوع بن حنظلة-: ‏‏‏

وإذا غضبت رمى ورائي بالحصى        أبناء جنـدلة كـخـير الـجـنـدل

وهذا البيت في قصيدة له. ‏‏‏


أولاد غالب وأمهاتهم

قال ابن إسحاق: ‏‏‏‏‏فولد غالب بن فهر رجلين: ‏‏‏‏‏لؤي بن غالب، وتيم بن غالب؛ وأمهما سلمى بنت عمرو الخزاعي.

وتيم بن غالب: ‏‏‏‏‏الذين يُقال لهم بنو الأدرم. ‏‏‏

قال ابن هشام: ‏‏‏‏‏وقيس بن غالب، وأمه سلمى بنت كعب بن عمرو الخزاعي، وهي أم لؤي وتيم ابني غالب. ‏‏‏


أولاد لؤي وأمهاتهم

قال ابن إسحاق: ‏‏‏‏‏فولد لؤي بن غالب أربعة نفر: ‏‏‏‏‏كعب بن لؤي، وعامر بن لؤي، وسامة بن لؤي، وعوف بن لؤي؛ فأم كعب وعامر وسامة: ‏‏‏‏‏ماوية بنت كعب بن القين بن جسر، من قضاعة. قال ابن هشام: ‏‏‏‏‏ويُقال: ‏‏‏‏‏والحارث بن لؤي: ‏‏‏‏‏وهم جشم بن الحارث، في هزان من ربيعة.


قال جرير: ‏‏‏

بني جشم لستم لهزان فانتـمـوا        لأعلى الروابي من لؤي بن غالب

ولا تنكحوا في آل ضور نساءكم        ولا في شكيس بئس مثوى الغرائب


وسعد بن لؤي، وهم بنانة: ‏‏‏‏‏في شيبان بن ثعلبة بن عكابة بن صعب بن علي بن بكر بن وائل، من ربيعة.

وبنانة: ‏‏‏‏‏حاضنة لهم من بني القين بن جسر بن شيع الله، ويُقال سيع الله، ابن الأسد بن وبرة بن ثعلبة بن حلوان بن عمران بن الحاف بن قضاعة.

ويُقال: ‏‏‏‏‏بنت النمر بن قاسط، من ربيعة.

ويُقال: ‏‏‏‏‏بنت جرم بن ربان بن حلوان بن عمران بن الحاف بن قضاعة.

وخزيمة بن لؤي بن غالب، وهم عائذة في شيبان بن ثعلبة.

وعائذة: ‏‏‏‏‏امرأة من اليمن، وهي أم بني عبيد بن خزيمة بن لؤي.

وأم بني لؤي كلهم إلا عامر بن لؤي: ‏‏‏‏‏ماوية بنت كعب بن القين بن جسر.

وأم عامر بن لؤي: ‏‏‏‏‏مخشية بنت شيبان بن محارب بن فهر؛ ويُقال: ‏‏‏‏‏ليلى بنت شيبان بن محارب بن فهر. ‏‏


أمر سامة بن لؤي هروبه من أخيه وموته

قال ابن إسحاق: ‏‏‏‏‏فأما سامة بن لؤي فخرج إلى عمان، وكان بها.

ويزعمون أن عامر بن لؤي أخرجه، وذلك أنه كان بينهما شيء ففقأ سامة عين عامر، فأخافه عامر، فخرج إلى عمان.

فيزعمون أن سامة بن لؤي بينا هو يسير على ناقته، إذ وضعت رأسها ترتع، فأخذت حية بمشفرها فهصرتها حتى وقعت الناقة لشقها، ثم نهشت سامة فقتلته.


فقال سامة حين أحس بالموت فيما يزعمون: ‏‏‏

عين فابكي لسامة بـن لـؤي    علقت ساق سـامة الـعـلاقـه

لا أرى مثل سامة بـن لـؤي    يوم حلوا به قـتـيلا لـنـاقـه

بلغا عامرا وكعـبـا رسـولا    أن نفسي إليهمـا مـشـتـاقـه

إن تكن في عمان داري فإني    غالبي، خرجت من غير فاقـه

رب كأس هرقت يا ابن لؤي    حذر الموت لم تكن مهـراقـه

رمت دفع الحتوف يا ابن لؤي    ما لمن رام ذاك بالحتف طاقـه

وخروس السرى تركت رديا    بعـد جـد وجـدة ورشـاقـه


قال ابن هشام: ‏‏‏‏‏وبلغني أن بعض ولده أتى رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- فانتسب إلى سامة بن لؤي، فقال رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-: ‏‏‏‏‏آلشاعر؟‏‏‏


فقال له بعض أصحابه: ‏‏‏‏‏كأنك يا رسول الله أردت قوله‏‏‏: ‏‏‏

رب كأس هرقت يا ابن لؤي    حذر الموت لم تكن مهـراقـه

قال: ‏‏‏‏‏أجل.


أمر عوف بن لؤي ونقلته سبب انتمائه إلى غطفان

قال ابن إسحاق: ‏‏‏‏‏وأما عوف بن لؤي فإنه خرج -فيما يزعمون- في ركب من قريش، حتى إذا كان بأرض غطفان بن سعد بن قيس بن عيلان، أُبطىء به، فانطلق من كان معه من قومه، فأتاه ثعلبة بن سعد، وهو أخوه في نسب بني ذبيان -ثعلبة بن سعد بن ذبيان بن بغيض بن ريث بن غطفان.

وعوف بن سعد بن ذبيان بن بغيض بن ريث بن غطفان- فحبسه.

وزوجه والتاطه وأخاه.

فشاع نسبه في بن ذبيان.


وثعلبة -فيما يزعمون- الذي يقول لعوف حين أبطىء به فتركه قومه: ‏‏‏‏‏‏‏

احبس علي ابن لؤي جملكْ    تركك القوم ولا منـزل لـكْ


مكانة مرة

قال ابن إسحاق: ‏‏‏‏‏وحدثني مُحَمَّد بن جعفر بن الزبير، أو مُحَمَّد بن عبدالرحمن بن عبدالله بن حصين: ‏‏‏‏‏أن عمر بن الخطاب قال: ‏‏‏‏‏لو كنت مدعياً حياً من العرب، أو ملحقهم بنا لادعيت بني مرة بن عوف، إنا لنعرف فيهم الأشباه مع ما نعرف من موقع ذلك الرجل حيث وقع، يعني عوف بن لؤي.


‏‏‏نسب مرة

قال ابن إسحاق: ‏‏‏‏‏فهو في نسب غطفان: ‏‏‏‏‏مرة بن عوف بن سعد بن ذبيان بن بغيض بن ريث بن غطفان.

وهم يقولون إذا ذكر لهم هذا النسب: ‏‏‏‏‏ما ننكره وما نجحده، وإنه لأحب النسب إلينا.


وقال الحارث بن ظالم بن جذيمة بن يربوع -قال ابن هشام: ‏‏‏‏‏

أحد بني مرة بن عوف- حين هرب من النعمان بن المنذر فلحق بقريش: ‏‏‏

فما قومي بثعلبة بـن سـعـد    ولا بفزراة الشعـر الـرقـابـا

وقومي، إن سألت، بنو لؤي    بمكة علموا مضر الـضـرابـا

سفهنا باتباع بنـي بـغـيض    وترك الأقربين لنا انـتـسـابـا

سفاهة مخلف لـمـا تـروى    هراق الماء واتبـع الـسـرابـا

فلو طووعت عمرك كنت فيهم    وما ألفيت أنتجـع الـسـحـابـا

وخش رواحة القرشي رحلي    بناجية ولـم يطـلـب ثـوابـا ‏‏

قال ابن هشام: ‏‏‏‏‏هذا ما أنشدني أبو عبيد منها.


قال ابن إسحاق: ‏‏‏‏‏فقال الحصين بن الحمام المري، ثم أحد بني سهم بن مرة، يرد على الحارث بن ظالم، وينتمي إلى غطفان: ‏‏‏

ألا لستم منا ولسنا إلـيكـم    برئنا إليكم من لؤي بن غالـب

أقمنا على عز الحجاز وأنتم    بمعتلج البطحاء بين الأخاشب

يعني قريشاً.


ثم ندم الحصين على ما قال، وعرف ما قال الحارث بن ظالم فانتمى إلى قريش وأكذب نفسه، فقال: ‏‏‏

ندمت على قول مضى كنت قلته    تبينـت فـيه أنـه قـول كـاذب

فليت لساني كان نصفين منهمـا    بكيم ونصف عند مجرى الكواكـب

أبونا كنانـي بـمـكة قـبـره    بمعتلج البطحاء بـين الأخـاشـب

لنا الربع من بيت الحرام وراثة    وربع البطاح عند دار ابن حاطـب

أي أن بني لؤي كانوا أربعة: ‏‏‏‏‏كعباً، وعامراً، وسامة، وعوفاً.


قال ابن إسحاق: ‏‏‏‏‏وحدثني من لا أتهم: ‏‏‏‏‏أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال لرجال من بني مرة: ‏‏‏‏‏إن شئتم أن ترجعوا إلى نسبكم فارجعوا اليه. ‏‏‏


أشراف مرة

قال ابن إسحاق: ‏‏‏‏‏وكان القوم أشرافا في غطفان، ‏‏هم سادتهم وقادتهم.

منهم: ‏‏‏‏‏هرم بن سنان بن أبي حارثة بن مرة بن نشبة، وخارجة بن سنان بن أبي حارثة، والحارث بن عوف، والحصين بن الحمام.


وهاشم بن حرملة الذي يقول له القائل: ‏‏‏

أحيا أباه هاشم بن حرملهْ    يوم الهباآت ويوم اليعمـلـهْ

ترى الملوك عنده مغربله    يقتل ذا الذنب ومن لا ذنب له


هاشم بن حرملة، وعامر الخصفي

قال ابن هشام: ‏‏‏‏‏أنشدني أبو عبيدة هذه الأبيات لعامر الخصفي، خصفة بن قيس بن عيلان: ‏‏‏

أحيا أباه هاشم بن حرمله    يوم الهباآت ويوم اليعمـلـه

ترى الملوك عنده مغربله    يقتل ذا الذنب ومن لا ذنب له

ورمحه للوالدات مثكلـهْ


قال ابن هشام: ‏‏‏‏‏وحدثني أن هاشماً قال لعامر: ‏‏‏‏‏قل فيَّ بيتاً جيداً أثبك عليه؛ فقال عامر البيت الأول، فلم يعجب هاشماً: ‏‏‏‏‏ثم قال الثاني، فلم يعجبه،؛ ثم قال الثالث، فلم يعجبه؛ فلما قال الرابع: ‏‏‏

يقتل ذا الذنب ومن لا ذنب له

أعجبه، فأثابه عليه.


قال ابن هشام: ‏‏‏‏‏وذلك الذي أراد الكميت بن زيد في قوله: ‏‏‏

وهاشم مرة المفني ملوكا    بلا ذنب إليه ومـذنـبـينـا

وهذا البيت في قصيدة له.

وقول عامر يوم الهباآت عن غير أبي عبيدة. ‏‏‏



أمر البحيرة والسائبة والوصيلة والحامي 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 52644
العمر : 72

أمر البحيرة والسائبة والوصيلة والحامي Empty
مُساهمةموضوع: رد: أمر البحيرة والسائبة والوصيلة والحامي   أمر البحيرة والسائبة والوصيلة والحامي Emptyالخميس 30 سبتمبر 2021, 6:46 pm

مرة والبسل
قال ابن إسحاق: ‏‏‏‏‏قوم لهم صيت وذكر في غطفان وقيس كلها، فأقاموا على نسبهم، وفيهم كان البَسْل.

أمر البسل
تعريف البسل والبسل -فيما يزعمون- نسيئهم ثمانية أشهر حرم، لهم من كل سنة من بين العرب قد عرفت ذلك لهم العرب لا ينكرونه ولا يدفعونه، يسيرون به إلى أي بلاد العرب شاءوا، لا يخافون منهم شيئاً.

قال زهير بن أبي سلمى، يعني بني مرة: ‏‏‏
نسب زهير بن أبي سلمى
-قال ابن هشام‏‏‏: ‏‏‏‏‏زهير أحد بني مزينة بن أد بن طابخة بن الياس بن مضر، ويُقال زهير بن أبي سلمى من غطفان، ويُقال: ‏‏‏‏‏حليف في غطفان-
تأمل فإن تقو المروراة منهم    وداراتها لا تقو منهم إذا نخـل
بلاد بها نادمتهم وألفتـهـم    فإن تقويا منهم فإنهـم بـسـل

أي حرام، يقول: ‏‏‏‏‏ساروا في حرمهم.
قال ابن هشام: ‏‏‏‏‏وهذان البيتان في قصيدة له.

قال ابن إسحاق: ‏‏‏‏‏وقال أعشى بن قيس بن ثعلبة: ‏‏‏
أجارتكم بسل علينا محرم    وجارتنا حل لكم وحليلـهـا
قال ابن هشام: ‏‏‏‏‏وهذا البيت في قصيدة له. ‏‏‏

أولاد كعب وأمهم
قال ابن إسحاق: ‏‏‏‏‏فولد كعب بن لؤي ثلاثة نفر: ‏‏‏‏‏مرة بن كعب، وعدي بن كعب، وهصيص بن كعب‏‏‏. وأمهم وحشية بنت شيبان بن محارب بن فهر بن مالك بن النضر. ‏‏

أولاد مرة وأمهاتهم
فولد مرة بن كعب ثلاثة نفر: ‏‏‏‏‏كلاب بن مرة، وتيم بن مرة، ويقظة بن مرة.
فأم كلاب: ‏‏‏‏‏هند بنت سرير بن ثعلبة بن الحارث بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة بن خزيمة.
وأم يقظة: ‏‏‏‏‏البارقية، امرأة من بارق، من الأسد من اليمن.
ويُقال: ‏‏‏‏‏هي أم تيم.
ويُقال: ‏‏‏‏‏تيم لهند بنت سرير أم كلاب. ‏‏‏

نسب بارق
قال ابن هشام: ‏‏‏‏‏بارق: ‏‏‏‏‏بنو عدي بن حارثة بن عمرو بن عامر بن حارثة ابن امرىء القيس بن ثعلبة بن مازن بن الأسد بن الغوث، وهم في شنوءة.

قال الكميت بن زيد: ‏‏‏
وأزد شتوءة اندرءوا علينا    بجم يحسبون لهـا قـرونـا
فما قلنا لبارق قد أسأتـم        وما قلنا لبارق أعتـبـونـا

قال: ‏‏‏‏‏وهذان البيتان في قصيدة له. وإنما سموا ببارق، لأنهم تبعوا البرق. ‏‏‏

ولدا كلاب وأمهما
قال ابن إسحاق: ‏‏‏‏‏فولد كلاب بن مرة رجلين: ‏‏‏‏‏قصي بن كلاب، وزهرة بن كلاب.
وأمهما فاطمة بنت سعد بن سيل أحد بنى الجدرة، من جعثمة الأزد، من اليمن، حلفاء في بنى الديل بن بكر بن عبد مناف بن كنانة. ‏‏‏

نسب جعثمة
قال ابن هشام: ‏‏‏‏‏ويُقال: ‏‏‏‏‏جعثمة الأسد، وجعثمة الأزد؛ وهو جعثمة بن يشكر بن مبشر بن صعب بن دهمان بن نصر بن زهران بن الحارث بن كعب بن عبدالله بن مالك بن نصر بن الأسد بن الغوث، ويُقال: ‏‏‏‏‏جعثمة بن يشكر بن مبشر بن صعب بن نصر بن زهران بن الأسد بن الغوث. وإنما سموا الجدرة، لأن عامر بن عمرو بن جعثمة تزوج بنت الحارث بن مضاض الجرهمي، وكانت جرهم أصحاب الكعبة.
فبنى للكعبة جداراً، فسُمِّىَ عامر بذلك الجادر؛ فقيل لولده: ‏‏‏‏‏الجدرة لذلك.

قال ابن إسحاق: ‏‏‏‏‏ولسعد بن سَيَل يقول الشاعر: ‏‏‏
ما نرى في الناس شخصا واحـدا    من علمناه كـسـعـد بـن سـيلْ ‏‏
فارسا أضـبـط فـيه عـسـرة    وإذا مـا واقـف الـقـرن نـزل
فارسا يستدرج الخيل كما استدرج    الحر الـقـطـامـي الـحـجـل

قال ابن إسحاق: ‏‏‏‏‏قوله: ‏‏(‏كما استدرج الحر)‏‏‏ عن بعض أهل العلم بالشعر. ‏‏‏

نعم بنت كلاب وأمها ووالداها
قال ابن هشام: ‏‏‏‏‏ونعم بنت كلاب، وهي أم سعد وسُعيد ابني سهم بن عمرو بن هصيص بن كعب بن لؤي، وأمها فاطمة بنت سعد بن سيل. ‏‏‏

أولاد قصي وأمهم
قال ابن إسحاق: ‏‏‏‏‏فولد قصي بن كلاب أربعة نفر وامرأتين: ‏‏‏‏‏عبد مناف بن قصي، وعبد الدار بن قصي، وعبدالعزى بن قصي، وعبد قصي بن قصي، وتخمر بنت قصي، وبرة بنت قصي، وأمهم: ‏‏‏‏‏حُبيّ بنت حليل بن حبشية بن سلول بن كعب بن عمرو الخزاعي.
قال ابن هشام: ‏‏‏‏‏ويُقال: ‏‏‏‏‏حبشية بن سلول. ‏

أولاد عبد مناف وأمهاتهم
قال ابن إسحاق: ‏‏‏‏‏فولد عبد مناف -واسمه المغيرة بن قصي- أربعة نفر: ‏‏‏‏‏هاشم بن عبد مناف، وعبد شمس بن عبد مناف، والمطلب بن عبد مناف، وأمهم عاتكة بنت مرة بن هلال بن فالج بن ذكوان بن ثعلبة بن بهثة بن سليم بن منصور بن عكرمة، ونوفل بن عبد مناف، وأمه واقدة بنت عمرو المازنية، مازن بن منصور بن عكرمة. ‏‏‏

نسب عتبة بن غزوان
قال ابن هشام: ‏‏‏‏‏فبهذا النسب خالفهم عتبة بن غزوان بن جابر بن وهب ابن نسيب بن مالك بن الحارث بن مازن بن منصور بن عكرمة.

عود إلى أولاد عبد مناف
قال ابن هشام: ‏‏‏‏‏وأبو عمرو، وتماضر، وقلابة، وحية، وريطة، وأم الأخثم، وأم سفيان: ‏‏‏‏‏بنو عبد مناف.
فأم أبي عمرو: ‏‏‏‏‏ريطة، امرأة من ثقيف؛ وأم سائر النساء: ‏‏‏‏‏عاتكة بنت مرة بن هلال، أم هاشم بن عبد مناف؛ وأمها صفية بنت حوزة بن عمرو بن سلول بن صعصعة بن معاوية بن بكر بن هوازن؛ وأم صفية: ‏‏‏‏‏بنت عائذ الله بن سعد العشيرة بن مذحج. ‏‏‏

أولاد هاشم وأمهاتهم
قال ابن هشام: ‏‏‏‏‏فولد هاشم بن عبد مناف أربعة نفر، وخمسة نسوة: ‏‏‏‏‏عبدالمطلب بن هاشم، وأسد بن هاشم، وأبا صيفي بن هاشم، ونضلة بن هاشم، والشفاء، وخالدة، وضعيفة، ورقية، وحية.
فأم عبدالمطلب ورقية: ‏‏‏‏‏سلمى بنت عمرو بن زيد بن لبيد بن حرام بن خداش بن عامر بن غنم بن عدي بن النجار.
واسم النجار: ‏‏‏‏‏تيم الله بن ثعلبة بن عمرو بن الخزرج بن حارثة بن ثعلبة بن عمرو بن عامر. وأمها: ‏‏‏‏‏عميرة بنت صخر بن حبيب بن الحارث بن ثعلبة بن مازن بن النجار.
وأم عميرة: ‏‏‏‏‏سلمى بنت عبد الأشهل النجارية.
وأم أسد: ‏‏‏‏‏قيلة بنت عامر بن مالك الخزاعي.
وأم أبي صيفي وحية: ‏‏‏‏‏هند بنت عمرو بن ثعلبة الخزرجية.
وأم نضلة والشفاء: ‏‏‏‏‏امرأة من قضاعة.
وأم خالدة وضعيفة: ‏‏‏‏‏واقدة بنت أبي عدي المازنية. ‏

أولاد عبدالمطلب بن هاشم
أولاد عبدالمطلب وامهاتهم قال ابن هشام: ‏‏‏‏‏فولد عبدالمطلب بن هاشم عشرة نفر وست نسوة: ‏‏‏‏‏العباس، وحمزة، وعبدالله، وأبا طالب -واسمه عبد مناف- والزبير، والحارث، وحجلا، والمقوم، وضرارا، وأبا لهب -واسمه عبدالعزى- وصفية، وأم حكيم البيضاء، وعاتكة، وأميمة، وأروى، وبرة. ‏‏
فأم العباس وضرار: ‏‏‏‏‏نتيلة بنت جناب بن كليب بن مالك بن عمرو بن عامر بن زيد مناة بن عامر -وهو الضحيان- بن سعد بن الخزرج بن تيم اللات بن النمر بن قاسط بن هنب بن أفصى بن جديلة بن أسد بن ربيعة بن نزار.
ويُقال: ‏‏‏‏‏أفصى بن دعمي بن جديلة.
وأم حمزة والمقوم وحجل، وكان يلقب بالغيداق لكثرة خيره، وسعة ماله، وصفية: ‏‏‏‏‏هالة بنت وهيب بن عبد مناة بن زهرة بن كلاب بن مرة ابن كعب بن لؤي.
وأم عبدالله، وأبي طالب، والزبير، وجميع النساء غير صفية: ‏‏‏‏‏فاطمة بنت عمرو بن عائذ بن عمران بن مخزوم بن يقظة بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر.
وأمها: ‏‏‏‏‏صخرة بنت عبد بن عمران بن مخزوم بن يقظة بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر.
وأم صخرة: ‏‏‏‏‏تخمر بنت عبد بن قصي بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر.
وأم الحارث بن عبدالمطلب: ‏‏‏‏‏سمراء بنت جندب بن جحير بن رئاب بن حبيب بن سواءة بن عامر بن صعصعة بن معاوية بن بكر بن هوازن بن منصور بن عكرمة.
وأم أبي لهب: ‏‏‏‏‏لُبنى بنت هاجر بن عبد مناف بن ضاطر بن حبشية بن سلول بن كعب بن عمرو الخزاعي. ‏‏‏

أم رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- وأمهاتها
قال ابن هشام: ‏‏‏‏‏فولد عبدالله بن عبدالمطلب رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- سيد ولد آدم، مُحَمَّد بن عبدالله بن عبدالمطلب، صلوات الله وسلامة ورحمته وبركاته عليه وعلى آله.
‏‏‏وأمه: ‏‏‏‏‏آمنة بنت وهب بن عبد مناف بن زهرة بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر.
وأمها: ‏‏‏‏‏برة بنت عبدالعزى بن عثمان بن عبد الدار بن قصي بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر.
وأم برة: ‏‏‏‏‏أم حبيب بنت أسد بن عبدالعزى بن قصي بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر.
وأم أم حبيب: ‏‏‏‏‏برة بنت عوف بن عبيد بن عويج بن عدي بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر.
قال ابن هشام: ‏‏‏‏‏فرسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- أشرف ولد آدم حسبا، وأفضلهم نسبا من قبل أبيه وأمه -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-. ‏‏‏

حديث مولد رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-
احتفار زمزم
قال: ‏‏‏‏‏حدثنا أبو مُحَمَّد عبدالملك بن هشام قال: ‏‏‏‏‏وكان من حديث رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- ما حدثنا به زياد بن عبدالله البكائي، عن مُحَمَّد بن إسحاق المطلبي: ‏‏‏‏‏بينما عبدالمطلب بن هاشم نائم في الحجر، إذ أتي فأمر بحفر زمزم، وهي دفن بين صنمي قريش: ‏‏‏‏‏إساف ونائلة، عند منحر قريش.
وكانت جرهم دفنتها حين ظعنوا من مكة، وهي بئر إسماعيل بن إبراهيم عليهما السلام، التي سقاه الله حين ظمىء وهو صغير، فالتمست له أمه ماء فلم تجده، فقامت إلى الصفا تدعو الله وتستغيثه لإسماعيل، ثم أتت المروة ففعلت مثل ذلك.
وبعث الله تعالى جبريل عليه السلام، فهمز له بعقبه في الأرض، فظهر الماء، وسمعت أمه أصوات السباع فخافتها عليه، فجاءت تشتد نحوه، فوجدته يفحص بيده عن الماء من تحت خده ويشرب، فجعلته حِسْيا.

أمر جرهم ودفن زمزم ولاة البيت من ولد إسماعيل
قال ابن هشام: ‏‏‏‏‏وكان من حديث جرهم، ودفنها زمزم، وخروجها من مكة، ومن ولي أمر مكة بعدها إلى أن حفر عبدالمطلب زمزم، ما حدثنا به زياد بن عبدالله البكائي عن مُحَمَّد بن إسحاق المطلبي، قال: ‏‏‏‏‏لما توفي إسماعيل بن إبراهيم ولي البيت بعده ابنه نابت بن إسماعيل ما شاء الله أن يليه، ثم ولي البيت بعده مُضاض بن عمرو الجرهمي.
قال ابن هشام: ‏‏‏‏‏ويُقال: ‏‏‏‏‏مِضاض بن عمرو الجرهمي.

بغي جرهم وقطوراء، وما كان بينهما
قال ابن إسحاق: ‏‏‏‏‏وبنو إسماعيل وبنو نابت مع جدهم مضاض بن عمرو وأخوالهم من جرهم.
وجرهم وقطوراء يومئذ أهل مكة، وهما ابنا عم، وكانا ظعناً من اليمن، فأقبلا سيارة، وعلى جرهم مضاض بن عمرو، وعلى قطوراء السميدع، رجل منهم.
وكانوا إذا خرجوا من اليمن لم يخرجوا إلا ولهم ملك يقيم أمرهم.
فلما نزلا مكة رأيا بلدا ذا ماء وشجر، فأعجبهما فنزلا به.
فنزل مضاض بن عمرو بمن معه من جرهم بأعلى مكة بقعيقعان فما حاز.
ونزل السميدع بقطوراء، أسفل مكة بأجياد فما حاز.
فكان مضاض يعشر من دخل مكة من أعلاها، وكان السميدع يعشر من دخل مكة من أسفلها، وكل في قومه لا يدخل واحد منهما على صاحبه.
ثم إن جرهم وقطوراء، بغى بعضهم على بعض، وتنافسوا الملك بها، ومع مضاض يومئذ بنو إسماعيل وبنو نابت، وإليه ولاية البيت دون السميدع، فصار بعضهم إلى بعض، فخرج مضاض بن عمرو بن قعيقعان في كتيبته سائرا إلى السميدع، ومع كتيبته عدتها من الرماح والدرق والسيوف والجعاب، يُقعقع بذلك معه، فيُقال: ‏‏‏‏‏ما سمي قُعَيْقعان بقعيقعان إلا لذلك.
وخرج السميدع من أجياد ومعه الخيل والرجال، فيُقال: ‏‏‏‏‏ما سمي أجياد أجيادا إلا لخروج الجياد من الخيل مع السميدع منه.
فالتقوا بفاضح، واقتتلوا قتالاً شديداً، فقُتل السميدع، وفضحت قطوراء.
فيُقال: ‏‏‏‏ما سمي فاضح فاضحا إلا لذلك.
‏ثم إن القوم تداعوا إلى الصلح، فساورا حتى نزلوا المطابخ: ‏‏‏‏‏شعبا بأعلى مكة، واصطلحوا به، وأسلموا الأمر إلى مضاض.
فلما جمع إليه أمر مكة فصار ملكها له، نحر للناس فأطعمهم، فاطَّبخ الناس وأكلوا، فيُقال: ‏‏‏‏‏ما سميت المطابخ المطابخ إلا لذلك.
وبعض أهل العلم يزعم أنها إنما سميت المطابخ، لما كان تُبَّع نحر بها وأطعم، وكان منزله.
فكان الذي كان بين مضاض والسميدع أول بغي كان بمكة فيما يزعمون.

انتشار ولد إسماعيل وجرهم بمكة
ثم نشر الله ولد إسماعيل بمكة، وأخوالهم من جرهم، ولاة البيت والحكام بمكة، لا ينازعهم ولد إسماعيل في ذلك لخئولتهم وقرابتهم، وإعظاما للحرمة أن يكون بها بغي أو قتال.
فلما ضاقت مكة على ولد إسماعيل انتشروا في البلاد، فلا يناوئون قوماً إلا أظهرهم الله عليهم بدينهم فوطئوهم. ‏‏‏

استيلاء قوم كنانة وخزاعة على البيت وبغي جرهم ونفيهم عن مكة
بنو بكر وغبشان يطردون جرهما ثم إن جرهما بغوا بمكة، واستحلوا خلالا من الحرمة، فظلموا من دخلها من غير أهلها، وأكلوا مال الكعبة الذي يهدى لها، وفرق أمرهم.
فلما رأت بنو بكر بن عبد مناة بن كنانة، وغبشان من خزاعة ذلك، أجمعوا لحربهم وإخراجهم من مكة.
فآذنوهم بالحرب فاقتتلوا، فغلبتهم بنو بكر وغبشان فنفوهم من مكة.
وكانت مكة في الجاهلية لا تقر فيها ظلماً ولا بغياً، ولا يبغي فيها أحد إلا أخرجته، فكانت تسمى الناسَّة، ولا يريدها ملك يستحل حرمتها إلا هلك مكانه، فقال: ‏‏‏‏‏إنها ما سميت ببكة إلا أنها كانت تبكّ أعناق الجبابرة إذا أحدثوا فيها شيئاً. ‏‏‏

معنى بكة لغة
قال ابن هشام: ‏‏‏‏‏أخبرني أبو عبيدة: ‏‏‏‏‏أن بكة اسم لبطن مكة، لأنهم يتباكون فيها، أي يزدحمون.
وأنشدني: ‏‏‏
إذا الشريب أخذته أكَّه        فخله حتى يبـكّ بـكَّـه
أي فدعه حتى يبك إبله، أي يخليها إلى الماء فتزدحم عليه.
وهو موضع البيت والمسجد.
وهذان البيتان لعامان بن كعب بن عمرو بن سعد بن زيد مناة بن تميم.

قال ابن إسحاق: ‏‏‏‏‏فخرج عمرو بن الحارث بن مضاض الجرهمي بغزالي الكعبة وبحجر الركن، فدفنها في زمزم، وانطلق هو ومن معه من جرهم إلى اليمن، فحزنوا على ما فارقوا من أمر مكة وملكها حزناً شديداً.

فقال عمرو بن الحارث بن عمرو بن مضاض في ذلك، وليس بمضاض الأكبر: ‏‏‏
وقائلة والدمع سـكـب مـبـادر        وقد شرقت بالدمع منها المحـاجـر
كأن لم يكن بين الحجون إلى الصفا        أنيس ولم يسمـر بـمـكة سـامـر
فقلت لها والقلب مني كـأنـمـا        يلجلجه بـن الـجـنـاحـين طـائر
بلى نحن كنا أهلهـا فـأزالـنـا        صروف الليالي والجدود العـواثـر
وكنا ولاة البيت من بعـد نـابـت        نطوف بذاك البيت والخير ظـاهـر
ونحن ولينا البيت من بعد نـابـت        بعز فما يحظى لدينـا الـمـكـاثـر
ملكنا فعززنا فأعظم بمـلـكـنـا        فليس لحـي غـيرنـا ثـم فـاخـر
ألم تنكحوا من خير شخص علمته        فأبناؤه منـا ونـحـن الأصـاهـر
فإن تنثن الدنيا علينا بـحـالـهـا        فإن لها حالا وفيهـا الـتـشـاجـر
فأخرجنا منها المـلـيك بـقـدرة        كذلك يا للناس تجـري الـمـقـادر
أقول إذا نام الخـلـي ولـم أنـم        أذا العرش: ‏‏‏‏‏لا يبعد سهيل وعـامـر
وبدلت منها أوجهـا لا أحـبـهـا        قبائل مـنـهـا حـمـير ويحـابـر
وصرنا أحاديثا وكنـا بـغـبـطة        بذلك عضتنا السـنـون الـغـوابـر
فسحت دموع العين تبكي لبـلـدة        بها حرم أمن وفيها الـمـشـاعـر
وتبكي لبيت ليس يؤذى حمـامـه        يظل به أمنا وفـيه الـعـصـافـر
وفـيه وحـوش لا تـرام أنـيسة        إذا خرجت منه فلـيسـت تـغـادر

قال ابن هشام: ‏‏(‏فأبناؤه منا)‏‏‏، عن غير ابن إسحاق.

قال ابن إسحاق: ‏‏‏‏‏وقال عمرو بن الحارث أيضاً يذكر بكرا وغبشان، وساكني مكة الذين خلفوا فيها بعدهم: ‏‏‏
يا أيها الناس سيروا إن قصركم        أن تصبحوا ذات يوم لا تسيرونـا
حثوا المطي وأرخوا من أزمتها        قبل الممات وقضوا ما تقضـونـا
كنا أناسا كما كنتم فـغـيرنـا        دهر فأنتم كما كنا تـكـونـونـا

قال ابن هشام: ‏‏‏‏‏هذا ما يصح له منها.
وحدثني بعض أهل العلم بالشعر: ‏‏‏‏‏أن هذه الأبيات أول شعر قيل في العرب، وأنها وجدت مكتوبة في حجر باليمن، ولم يسم لي قائلها. ‏‏

استبداد قوم من خزاعة بولاية البيت
قال ابن إسحاق: ‏‏‏‏‏ثم إن غبشان من خزاعة وليت البيت دون بنى بكر بن عبد مناة، وكان الذي يليه منهم عمرو بن الحارث الغبشاني، وقريش إذ ذاك حلول وصرم، وبيوتات متفرقون في قومهم من بني كنانة، فوليت خزاعة البيت يتوارثون ذلك كابرا عن كابر، حتى كان آخرهم حليل بن حَبَشِيّة بن سلول بن كعب بن عمرو الخزاعي.
قال ابن هشام: ‏‏‏‏‏يُقال حُبْشِية بن سلول.

تزوج قصي بن كلاب حُبىَّ بنت حليل أولاد قصي وحبي قال ابن إسحاق: ‏‏‏‏‏ثم إن قصي بن كلاب خطب إلى حليل بن حبشية ابنته حبى، فرغب فيه حُليل فزوجه، فولدت له عبد الدار، وعبد مناف، وعبدالعزى، وعبدا.
فلما انتشر ولد قصي، وكثر ماله، وعظم شرفه، هلك حليل. ‏‏

مساعدة رزاح لقصي في تولي أمر البيت
فرأى قصي أنه أولى بالكعبة، وبأمر مكة من خزاعة وبنى بكر، وأن قريشا قُرعة إسماعيل بن إبراهيم وصريح ولده؛ فكلم رجالا من قريش، وبني كنانة، ودعاهم إلى إخراج خزاعة وبني بكر من مكة، فأجابوه.
وكان ربيعة بن حرام من عذرة بن سعد بن زيد قد قدم مكة بعدما هلك كلاب، فتزوج فاطمة بنت سعد بن سيل، وزهرة يومئذ رجل، وقصي فطيم، فاحتملها إلى بلاده، فحملت قصيا معها، وأقام زهرة، فولدت لربيعة رزاحاً.
فلما بلغ ‏‏قصي وصار رجلاً أتى مكة، فأقام بها، فلما أجابه قومه إلى ما دعاهم إليه، كتب إلى أخيه من أمه، رزاح بن ربيعة، يدعوه إلى نصرته، والقيام معه.
فخرج رزاح بن ربيعة ومعه إخوته: ‏‏‏‏‏حن بن ربيعة، ومحمود بن ربيعة، وجلهمة بن ربيعة، وهم لغير أمه فاطمة، فيمن تبعهم من قضاعة في حاج العرب، وهم مجمعون لنصرة قصي.
وخزاعة تزعم أن حليل بن حبشية أوصى بذلك قصياً وأمره به حين انتشر له من ابنته من الولد ما انتشر.
وقال: ‏‏‏‏‏أنت أولى بالكعبة، وبالقيام عليها، وبأمر مكة من خزاعة؛ فعند ذلك طلب قصي ما طلب.
ولم نسمع ذلك من غيرهم، فالله أعلم أي ذلك كان.

ما كان يليه الغوث بن مر من الإجازة للناس بالحج
وكان الغوث بن مر بن أد بن طابخة بن إلياس بن مضر يلي الإجازة للناس بالحج من عرفة، وولده من بعده؛ وكان يُقال له ولولده صُوفة. ‏‏
وإنما ولي ذلك الغوث بن مر، لأن أمه كانت امرأة من جرهم، وكانت لا تلد، فنذرت لله إن هي ولدت رجلاً أن تصدق به على الكعبة عبدا لها يخدمها، ويقوم عليها.
فولدت الغوث، فكان يقوم على الكعبة في الدهر الأول مع أخواله من جرهم، فولي الإجازة بالناس من عرفة، لمكانه الذي كان به من الكعبة، وولده من بعده حتى انقرضوا.

فقال مر بن أد لوفاء نذر أمه: ‏‏‏
إني جعلت رب من بَنيَّه        ربيطة بمـكة الـعـلـيَّه
فباركن لي بـهـا ألـيَّه        واجعله لي من صالح البريَّه


وكان الغوث بن مر -فيما زعموا- إذا دفع بالناس قال: ‏‏‏
لاهُمَّ إني تابع تَباعـه        إن كان إثم فعلى قُضاعه

صوفة ورمي بالجمار
قال ابن إسحاق: ‏‏‏‏‏حدثني يحيى بن عباد بن عبدالله بن الزبير عن أبيه عباد قال: ‏‏‏كانت صوفة بالناس من عرفة، وتجيز بهم إذا نفروا من منى، فإذا كان يوم النفر أتوا لرمي الجمار، ورجل من صوفة يرمي للناس، لا يرمون حتى يرمي.
فكان ذوو الحاجات المتعجلون يأتونه، فيقولون له: ‏‏‏‏‏قم فارم حتى نرمي معك؛ فيقول: ‏‏‏‏‏لا والله، حتى تميل الشمس.
فيظل ذوو الحاجات الذين يحبون التعجل يرمونه بالحجارة، ويستعجلونه بذلك، ويقولون له: ‏‏‏‏‏ويلك!‏‏‏ قم فارم؛ فيأبى عليهم.
حتى إذا مالت الشمس قام فرمى ورمى الناس معه. ‏‏‏

تولي بني سعد أمر البيت بعد صوفة
قال ابن إسحاق: ‏‏‏‏‏فإذا فرغوا من رمي الجمار وأرادوا النفر من منى، أخذت صوفة بجانبي العقبة، فحبسوا الناس وقالوا: ‏‏‏‏‏أجيزي صوفة، فلم يجز أحد من الناس حتى يمروا، فإذا نفرت صوفة ومضت خلي سبيل الناس فانطلقوا بعدهم فكانوا كذلك حتى انقرضوا، فورثهم ذلك من بعدهم بالقُعدد بنو سعد بن زيد مناة بن تميم، وكانت من بني سعد في آل صفوان بن الحارث بن شجنة. ‏‏‏

نسب صفوان بن جناب
قال ابن هشام: ‏‏‏‏‏صفوان بن جناب بن شجنة بن عطارد بن عوف بن كعب بن سعد بن زيد مناة بن تميم‏‏‏. ‏‏‏

صفوان وبنوه وإجازتهم للناس بالحج
قال ابن إسحاق: ‏‏‏‏‏وكان صفوان هو الذي يجيز للناس بالحج من عرفة، ثم بنوه من بعده، حتى كان آخرهم الذي قام عليه الإسلام، كرب بن صفوان.

وقال أوس ابن تميم بن مغراء السعدي: ‏‏‏
لا يبرح الناس ما حجوا معرفهم        حتى يُقال أجيزوا آل صـفـوانـا
قال ابن هشام: ‏‏‏‏‏هذا البيت في قصيدة لأوس بن مغراء. ‏‏‏

ما كانت عليه عدوان من إفاضة المزدلفة
ذو الإصبع يذكر هذه الإفاضة وأما قول ذي الإصبع العدواني، واسمه حرثان ‏‏‏(‏من عدوان)‏‏‏ ابن عمرو.

وإنما سمي ذا الإصبع لأنه كان له إصبع فقطعها: ‏‏‏
عذير الحي من عدوان        كانـوا حـــية الأرضِ
بغي بعضهم ظلـمـا        فلم يرع علـى بـعـض
ومنهم كانت الـسـادا        ت والموفون بالـقـرض
ومنهم من يجيز الناس        بالـسـنة والـفــرض
ومنهم حكم يقـضـي        فلا ينقض مـا يقـضـي
أبو سيارة يفيض بالناس

-وهذه الأبيات في قصيدة له- فلأن الإفاضة من المزدلفة كانت في عداون -فيما حدثني زياد بن عبدالله البكائي عن مُحَمَّد بن إسحاق- يتوارثون ذلك كابراً عن كابر.
حتى كان آخرهم الذي قام عليه الإسلام أبو سيارة، عميلة بن الأعزل.

ففيه يقول شاعر من العرب: ‏‏‏
نحن دفعنا عن أبي سيارهْ    وعن مواليه بنـي فـزاره
حتى أجاز سالما حماره        مستقبل القبلة يدعو جـاره

قال: ‏‏‏‏‏وكان أبو سيارة يدفع بالناس على أتان له، فلذلك يقول: ‏‏(‏سالما حماره)‏‏‏.

أمر عامر بن ظرب بن عمرو بن عياذ بن يشكر بن عدوان ابن الظرب حاكم العرب
قال ابن إسحاق: ‏‏‏‏‏وقوله ‏‏‏(‏حكم يقضي)‏‏‏ يعني عامر بن ظرب بن عمرو بن عياذ بن يشكر بن عدوان العدواني.
وكانت العرب لا يكون بينها نائرة ولا عضلة في قضاء إلا أسندوا ذلك إليه ثم رضوا بما قضى فيه.
فاختصم إليه في بعض ما كانوا يختلفون فيه، في رجل خنثى، له ما للرجل وله ما للمرأة، فقالوا: ‏‏‏‏‏أتجعله رجلاً أو امرأة؟‏‏‏ ولم يأتوه بأمر كان أعضل منه.
فقال: ‏‏‏‏‏حتى أنظر في أمركم، فو الله ما نزل بي مثل هذه منكم يا معشر العرب!‏‏‏ فاستأخروا عنه.
فبات ليلته ساهراً، يقلب أمره، وينظر في شأنه، لا يتوجه له منه وجه.
وكانت له جارية يُقال لها سخيلة ترعى عليه غنمه، وكان يعاتبها إذا سرحت فيقول: ‏‏‏‏‏صبحت والله يا سخيل!‏‏‏ وإذا أراحت عليه قال: ‏‏‏‏‏مسيت والله يا سخيل!‏‏‏ وذلك أنها كانت تؤخر السرح حتى يسبقها بعض الناس، وتؤخر الإراحة حتى يسبقها بعض الناس.
‏‏‏فلما رأت سهره وقلة قراره على فراشه قالت: ‏‏‏‏‏ما لك لا أباً لك‏‏‏!‏‏‏ ما عراك في ليلتك هذه؟‏‏‏ قال: ‏‏‏‏‏ويلك!‏‏‏ دعيني، أمْرٌ ليس من شأنك؛ ثم عادت له بمثل قولها.
فقال في نفسه: ‏‏‏‏‏عسى أن تأتي مما أنا فيه بفرج؛ فقال: ‏‏‏‏‏ويحك!‏‏‏ اختصم إليَّ في ميراث خنثى، أأجلعه رجلاً أو امرأة؟‏‏‏ فو الله ما أدرى ما أصنع، وما يتوجه لي فيه وجه.
قال: ‏‏‏‏‏فقالت: ‏‏‏‏‏سبحان الله!‏‏‏ لا أباً لك!‏‏‏ أتبع القضاء المبال، أقعده، فإن بال من حيث يبول الرجل فهو رجل، وإن بال من حيث تبول المرأة، فهي امرأة.
قال: ‏‏‏‏‏مسِّي سخيل بعدها أو صبِّحي، فرجتها والله.
ثم خرج على الناس حين أصبح، فقضى بالذي أشارت عليه به.

غلب قصي بن كلاب على أمر مكة وجمعه أمر قريش ومعونة قضاعة له
قصي يتغلب على صوفة
قال ابن إسحاق: ‏‏‏‏‏فلما كان ذلك العام فعلت صوفة كما كانت تفعل، وقد عرفت ذلك لها العرب، وهو دين في أنفسهم في عهد جرهم وخزاعة وولايتهم.
فأتاهم قصي بن كلاب بمن معه من قومه من قريش وكنانة وقضاعة عند العقبة، فقال: ‏‏‏‏‏لنحن أولى بهذا منكم، فقاتلوه، فاقتتل الناس قتالا شديدا، ثم انهزمت صوفة، وغلبهم قصي على ما كان بأيديهم من ذلك.

قصي يقاتل خزاعة وبني بكر وتحكيم يعمر بن عوف
وانحازت عند ذلك خزاعة وبنو بكر عن قصي، وعرفوا أنه سيمنعهم كما منع صوفة، وأنه سيحول بينهم وبين الكعبة وأمر مكة.
فلما انحازوا عنه باداهم وأجمع لحربهم، وثبت معه أخوه رزاح بن ربيعة بمن معه من قومه من قضاعة.
وخرجت له خزاعة وبنو بكر فالتقوا، فاقتتلوا قتالا شديدا بالأبطح، حتى كثرت القتلى في الفريقين جميعاً، ثم إنهم تداعوا إلى الصلح وإلى أن يحكموا بينهم رجلاً من العرب، فحكّموا يعمر بن عوف بن كعب بن عامر بن ليث بن بكر بن عبد مناة بن كنانة؛ فقضى بينهم بأن قصيا أولى بالكعبة وأمر مكة من خزاعة، وأن كل دم أصابه قصي من خزاعة وبني بكر، موضوع يشدخه تحت قدميه، وأن ما أصابت خزاعة وبنو بكر من قريش وكنانة وقضاعة ففيه الدية مؤداة، وأن يخلَّى بين قصي وبين الكعبة ومكة.

سبب تسمية يعمر بالشداخ
 فسُمِّيَ يعمر بن عوف يومئذ: ‏‏‏‏‏الشداخ، لما شدخ من الدماء ووضع منها.
قال ابن هشام: ‏‏‏‏‏ويُقال: ‏‏‏‏‏الشُّداخ. ‏‏‏

قصي يتولى أمر مكة، وسبب تسميته مجمعاً
قال ابن إسحاق: ‏‏‏‏‏فولى قصي البيت وأمر مكة، وجمع قومه في منازلهم إلى مكة، وتملك على قومه وأهل مكة فملكوه.
إلا أنه قد أقر للعرب ما كانوا عليه، وذلك أنه كان يراه ديناً في نفسه لا ينبغي تغييره‏‏‏.
فأقر آل صفوان وعدوان والنسأة ومرة بن عوف على ما كانوا عليه، حتى جاء الإسلام فهدم الله به ذلك كله.
فكان قصي أول بني كعب بن لؤي أصاب ملكاً أطاع له به قومه، فكانت إليه الحجابة، والسقاية، والرفادة، والندوة، واللواء، فحاز شرف مكة كله. ‏‏
وقطع مكة رباعاً بين قومه، فأنزل كل قوم من قريش منازلهم من مكة التي أصبحوا عليها، ويزعم الناس أن قريشا هابوا قطع شجر الحرم في منازلهم فقطعها قصي بيده وأعوانه، فسمته قريش مجمعا لما جمع من أمرها، ة وتيمنت بأمره، فما تنكح امرأة، ولا يتزوج رجل من قريش، وما يتشاورون في أمر نزل بهم، ولا يعقدون لواء لحرب قوم من غيرهم إلا في داره، يعقده لهم بعض ولده، وما تدرع جارية إذا بلغت أن تدرع من قريش إلا في داره، يشق عليها فيها درعها ثم تدرعه، ثم ينطلق بها إلى أهلها.
فكان أمره في قومه من قريش في حياته، ومن بعد موته، كالدين المتبع لا يعمل بغيره.
واتخذ لنفسه دار الندوة وجعل بابها إلى مسجد الكعبة، ففيها كانت قريش تقضي أمورها.

قال ابن هشام: ‏‏‏‏‏وقال الشاعر: ‏‏‏
قصي لعمري كان يدعى مجمعا        به جمع الله القبائل مـن فـهـر

قال ابن إسحاق: ‏‏‏‏‏حدثني عبدالملك بن راشد عن أبيه قال: ‏‏‏‏‏سمعت السائب بن خبَّاب صاحب المقصورة يحدث، أنه سمع رجلاً يحدث عمر بن الخطاب، وهو خليفة، حديث قصي بن كلاب، وما جمع من أمر قومه، وإخراجه خزاعة وبني بكر من مكة، وولايته البيت وأمر مكة، فلم يرد ذلك عليه ولم ينكره‏‏‏.

شعر رزاح بن ربيعة في هذه القصة
قال ابن إسحاق: ‏‏‏‏‏فلما فرغ قصي من حربه، انصرف أخوه رزاح بن ربيعة إلى بلاده بمن معه من قومه، وقال رزاح في إجابته قصيا: ‏‏‏
لما أتى من قصي رسـول        فقال الرسول أجيبوا الخلـيلا
نهضنا إليه نقود الـجـياد        ونطرح عنا الملول الثـقـيلا
نسير بها الليل حتى الصباح        ونكمي النهـار لـئلا تـزولا
فهن سراع كورد القـطـا        يجبن بنا من قصـي رسـولا
جمعنا من السر من أشمذين        ومن كل حي جمعنا قـبـيلا
فيا لك حـلـبة مـا لـيلة            تزيد على الألف سيبا رسـيلا
فلما مررن على عسـجـد        وأسهلن من مستناخ سـبـيلا
وجاوزن بالركن من ورقان        وجاوزن بالعرج حيا حلـولا
مررن على الحلِّ ما ذقنـه        وعالجن من مر ليلا طـويلا ‏‏
ندنى من العوذ أفـلاءهـا        إرادة أن يسترقن الصـهـيلا
فلما انتهـينـا إلـى مـكة            أبحنا الرجال قبـيلا قـبـيلا
نعاورهم ثم حد الـسـيوف        و في كل أوب خلسنا العقولا
نخبزهم بصلاب النسـو ر        خبز القوي العزيز الـذلـيلا
قتلنا خزاعة فـي دارهـا        وبكرا قتلنا وجـيلا فـجـيلا
نفيناهم من بلاد المـلـيك        كما لا يحلون أرضا سهـولا
فأصبح سبيهم في الحـديد        ومن كل حي شفينا الغـلـيلا

شعر ثعلبة القضاعي في هذه القصة.
وقال ثعلبة بن عبدالله بن ذبيان بن الحارث بن سعد بن هذيم القضاعي في ذلك من أمر قصي حين دعاهم فأجابوه: ‏‏‏
جلبنا الخيل مضمرة تغالى        من الأعراف أعراف الجناب
إلى غورى تهامة فالتقينـا        من الفيفاء في قـاع يبـاب
فأما صوفة الخنثى فخلوا        منازلهم محاذرة الـضـراب
وقام بنو علـي إذ رأونـا        إلى الأسياف كالإبل الطراب ‏‏


شعر قصي وقال قصي بن كلاب: ‏‏‏
أنا ابن العاصمين بني لؤي        بمكة منزلي وبـهـا ربـيت
إلى البطحاء قد علمت معد        ومروتها رضيت بها رضيت
فلست لغالب إن لم تأثـل        بها أولاد قـيذر والـنـبـيت
رزاخ ناضري وبه أسامى        فلست أخاف ضيما ما حييت



أمر البحيرة والسائبة والوصيلة والحامي 2013_110


عدل سابقا من قبل أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn في الخميس 30 سبتمبر 2021, 6:54 pm عدل 1 مرات
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 52644
العمر : 72

أمر البحيرة والسائبة والوصيلة والحامي Empty
مُساهمةموضوع: رد: أمر البحيرة والسائبة والوصيلة والحامي   أمر البحيرة والسائبة والوصيلة والحامي Emptyالخميس 30 سبتمبر 2021, 6:47 pm

ما كان بين رزاح وبين نهد وحوتكة، وشعر قصي في ذلك
فلما استقر رزاح بن ربيعة في بلاده، نشره الله ونشر حُنَّا، فهما قبيلا عذرة اليوم.
وقد كان بين رزاح بن ربيعة، حين قدم بلاده، وبين نهد ابن زيد وحوتكة بن أسلم، وهما بطنان من قضاعة، شيء؛ فأخافهم حتى لحقوا باليمن وأجلوا من بلاد قضاعة، فهم اليوم باليمن.

فقال قصي بن كلاب، وكان يحب قضاعة ونماءها واجتماعها ببلادها، لما بينه وبين رزاح من الرحم، ولبلائهم عنده إذال أجابوه إذ دعاهم إلى نصرته، وكره ما صنع بهم رزاح‏‏‏: ‏‏‏
ألا من مبلغ عنى رزاحا        فإني قد لحيتك في اثنـتـين
لحيتك في بني نهد بن زيد        كما فرقت بينهـم وبـينـي
وحوتكة بن أسلم إن قوما        عنوهم بالمساءة قد عنونـي

قال ابن هشام: ‏‏‏‏‏وتروى هذه الأبيات لزهير بن جناب الكلبي.

قصي يفضل عبد الدار على سائر ولده
قال ابن إسحاق: ‏‏‏‏‏فلما كبر قصي ورق عظمه، وكان عبد الدار بكره، وكان عبد مناف قد شرف في زمان أبيه وذهب كل مذهب، وعبدالعزى وعبد.  
قال قصي لعبد الدار: ‏‏‏‏‏أما والله يا بني لأُلحْقنَّك بالقوم، وإن كانوا قد شرفوا عليك: ‏‏‏‏‏لا يدخل رجل منهم الكعبة حتى تكون أنت تفتحها له، ولا يعقد لقريش لواء لحربها إلا أنت بيدك، ولا يشرب أحد بمكة إلا من سقايتك، ولا يأكل أحَدٌ من أهل الموسم طعاماً إلا من طعامك، ولا تقطع قريش أمراً من أمورها إلا في دارك.
فأعطاه داره دار الندوة، التى لا تقضي قريش أمراً من أمورها إلا فيها، وأعطاه الحجابة واللواء والسقاية والرفادة.

الرفادة
وكانت الرفادة خرجاً تخرجه قريش في كل موسم من أموالها إلى قصي بن كلاب، فيصنع به طعاما للحاج، فيأكله من لم يكن له سعة ولا زاد.
وذلك أن قصياً فرضه على قريش، فقال لهم حين أمرهم به: ‏‏(‏يا معشر قريش، إنكم جيران الله وأهل بيته وأهل الحرم، وإن الحاج ضيف الله وزوار بيته، وهم أحق الضيف بالكرامة، فاجعلوا لهم طعاما وشرابا أيام الحج، حتى يصدروا عنكم ففعلوا.
فكانوا يخرجون لذلك كل عام من أموالهم خرجا فيدفعونه إليه، فيصنعه طعاما للناس أيام منى.
فجرى ذلك من أمره في الجاهلية على قومه حتى قام الإسلام، ثم جرى في الإسلام إلى يومك هذا، فهو الطعام الذي يصنعه السلطان كل عام بمنى للناس حتى ينقضي الحج)‏‏‏.

قال ابن إسحاق: ‏‏‏‏‏حدثني بهذا من أمر قصي بن كلاب، وما قال لعبد الدار فيما دفع إليه مما كان بيده، أبو إسحاق بن يسار، عن الحسن بن مُحَمَّد بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهم قال: ‏‏‏‏‏سمعته يقول ذلك لرجل من بني عبد الدار، يُقال له: ‏‏‏‏‏نبيه بن وهب بن عمر بن عكرمة بن عامر بن هاشم بن عبد مناف بن عبد الدار بن قصي.
قال الحسن: ‏‏‏‏‏فيجعل إليه قصي كل ما كان بيده من أمر قومه، وكان قصي لا يخالف، ولا يرد عليه شيء صنعه. ‏‏‏

ذكر ما جرى من اختلاف قريش بعد قصي، وحلف المطيبين
النزاع بين بني عبد الدار وبني أعمامهم
قال ابن إسحاق: ‏‏‏‏‏ثم إن قصي بن كلاب هلك، فأقام أمره في قومه وفي غيرهم بنوه من بعده، فاختطوا مكة رباعا -بعد الذي كان قطع لقومه بها- فكانوا يقطعونها في قومهم وفي غيرهم من حلفائهم ويبيعونها؛ فأقامت على ذلك قريش معهم ليس بينهم اختلاف ولا تنازع، ثم إن بني عبد مناف بن قصي عبد شمس وهاشماً والمطلب ونوفلاً أجمعوا على أن يأخذوا ما بأيدي بني عبد الدار بن قصي مما كان قصي جعل إلى عبد الدار، من الحجابة واللواء والسقاية والرفادة، ورأوا أنهم أولى بذلك منهم لشرفهم عليهم وفضلهم في قومهم؛ فتفرقت عند ذلك قريش، فكانت طائفة مع بني عبد مناف على رأيهم يرون أنهم حق به من بني عبد الدار لمكانهم في قومهم، وكانت طائفة مع بني عبد الدار، يرون أن لا ينزع منهم ما كان قصي جعل إليهم. ‏‏‏

مَنْ ناصروا بني عبد الدار، ومَنْ ناصروا بني أعمامهم
فكان صاحب أمر بني عبد مناف عبد شمس بن عبد مناف، وذلك أنه كان أسن بني عبد مناف، وكان صاحب أمر بني عبد الدار عامر بن هاشم بن عبد مناف بن عبد الدار. ‏‏‏

حلفاء بني عبد الدار وحلفاء بني أعمامهم
فكان بنو أسد بن عبدالعزى بن قصي، وبنو زهرة بن كلاب، وبنو تيم بن مرة بن كعب، وبنو الحارث بن فهر بن مالك بن النضر، مع بني عبد مناف.
وكان بنو مخزوم بن يقظة بن مرة، وبنو سهم بن عمرو بن هصيص بن كعب، وبنو جمح بن عمرو بن هصيص بن كعب، وبنو عدي بن كعب، مع بني عبد الدار، وخرجت عامر بن لؤي ومحارب بن فهر، فلم يكونوا مع واحد من الفريقين.
فعقد كل قوم على أمرهم حلفاً مؤكداً على أن لا يتخاذلوا، ولا يسلم بعضهم بعضاً ما بل بحر صوفة.

مَنْ دخلوا في حلف المطيبين فأخرج بنو عبد مناف جفنة مملوءة طيباً.
فيزعمون أن بعض نساء بني عبد مناف، أخرجتها لهم، فوضعوها لأحلافهم في المسجد عند الكعبة، ثم غمس القوم أيديهم فيها، فتعاقدوا وتعهدوا هم وحلفاؤهم، ثم مسحوا الكعبة بأيديهم توكيداً على أنفسهم، فسموا المطيبين. ‏‏‏

مَنْ دخلوا في حلف الأحلاف
وتعاقد بنو عبد الدار وتعاهدوا هم وحلفاؤهم عند الكعبة حلفاً مؤكداً، على أن لا يتخاذلوا ولا يسلم بعضهم بعضاً، فسموا الأحلاف. ‏‏‏

تقسيم القبائل في هذه الحرب
ثم سوند بين القبائل، ولُزّ بعضها ببعض؛ فعبيت بنو عبد مناف لبني سهم، وعبِّيت بنو أسد لبني عبد الدار، وعبيت زهرة لبني جمح، وعبيت بنو تيم لبني مخزوم، وعبيت بنو الحارث بن فهر لبني عدي بن كعب.
ثم قالوا: ‏‏‏‏‏لتُفن كل قبيلة من أُسند إليها. ‏‏‏

تصالح القبائل
فبينا الناس على ذلك قد أجمعوا للحرب إذ تداعوا إلى الصلح، على أن يعطوا بني عبد مناف السقاية والرفادة، وأن تكون الحجابة واللواء والندوة لبني عبد الدار كما كانت.
ففعلوا ورضي كل واحد من الفريقين بذلك، وتحاجز الناس عن الحرب، وثبت كل قوم مع مَنْ حالفوا، فلم يزالوا على ذلك، حتى جاء الله تعالى بالإسلام، فقال رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-: ‏‏(‏ما كان من حلف في الجاهلية فإن الإسلام لم يزده إلا شدة)‏‏‏. ‏‏‏

حلف الفضول
سبب تسميته كذلك
قال ابن هشام: ‏‏‏‏‏وأما حلف الفضول فحدثني زياد بن عبدالله البكائي عن مُحَمَّد بن إسحاق قال: ‏‏‏‏‏تداعت قبائل من قريش إلى حلف، فاجتمعوا له في دار عبدالله بن جدعان بن عمرو بن كعب بن سعد بن تيم بن مرة بن كعب بن لؤي، لشرفه وسنه، فكان‏‏ حلفهم عنده: ‏‏‏‏‏بنو هاشم، وبنو المطلب، وأسد بن عبدالعزى، وزهرة بن كلاب، وتيم بن مرة.
فتعاقدوا وتعاهدوا على أن لا يجدوا بمكة مظلوما من أهلها وغيرهم ممن دخلها من سائر الناس إلا قاموا معه، وكانوا على من ظلمه حتى ترد عليه مظلمته، فسمت قريش ذلك الحلف حلف الفضول.

حديث رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- عن حلف الفضول
قال ابن إسحاق: ‏‏‏‏‏فحدثني مُحَمَّد بن زيد بن المهاجر بن قنفذ التيمي أنه سمع طلحة بن عبدالله بن عوف الزهري يقول: ‏‏‏‏‏قال رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-: ‏‏‏‏‏لقد شهدت في دار عبدالله بن جدعان حلفا ما أحب أن لي به حمر النعم، ولو أدعى به في الإسلام لأجبت.

الحسين يُهَدِّدْ الوليد بالدعوة إلى إحياء الحلف
قال ابن إسحاق: ‏‏‏‏‏وحدثني يزيد بن عبدالله بن أسامة بن الهادي الليثي أن مُحَمَّد بن إبراهيم بن الحارث التيمي حدثه: ‏‏‏‏‏أنه كان بين الحسين بن على بن أبي طالب رضي الله عنهما، وبين الوليد بن عتبة بن أبي سفيان -والوليد يومئذ أمير على المدينة أمره عليها عمُّهُ معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه- منازعة في مال كان بينهما بذي المروة.
فكان الوليد تحامل على الحسين رضي الله عنه في حقه لسلطانه، فقال له الحسين: ‏‏‏‏‏أحلف بالله لتنصفني من حقي أو لآخذن سيفي، ثم لأقومن في مسجد رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-، ثم لأدعون بحلف الفضول.
قال: ‏‏‏‏‏فقال عبدالله بن الزبير، وهو عند الوليد حين قال الحسين رضي الله عنه ما قال: ‏‏‏‏‏وأنا أحلف بالله لئن دعا به لآخذن سيفي، ثم لأقومن معه حتى ينصف من حقه أو نموت جميعا‏‏‏.
قال: ‏‏‏‏‏فبلغت المسور بن مخرمة بن نوفل الزهري، فقال مثل ذلك وبلغت عبدالرحمن بن عثمان بن عبيد الله التيمي فقال مثل ذلك.
فلما بلغ ذلك الوليد بن عتبة أنصف الحسين من حقه حتى رضي.

سأل عبدالملك مُحَمَّد بن جبير عن عبد شمس وبني نوفل ودخولهما في حلف الفضول، فأخبره بخروج بني عبد شمس وبني نوفل من الحلف قال ابن إسحاق: ‏‏‏‏‏وحدثني يزيد بن عبدالله بن أسامة بن الهادي الليثي عن مُحَمَّد بن إبراهيم بن الحارث التيمي قال: ‏‏‏قدم مُحَمَّد بن جبير بن مطعم بن عدي بن نوفل بن عبد مناف -وكان مُحَمَّد بن جبير أعلم قريش- فدخل على عبدالملك بن مروان بن الحكم حين قتل ابن الزبير، واجتمع الناس على عبدالملك، فلما دخل عليه قال له: ‏‏‏‏‏يا أبا سعيد، ألم نكن نحن وأنتم، يعني بني عبد شمس بن عبد مناف، وبني نوفل بن عبد مناف في حلف الفضول؟‏‏‏ قال: ‏‏‏‏‏أنت أعلم؛ قال عبدالملك: ‏‏‏‏‏لتخبرني يا أبا سعيد بالحق من ذلك؛ فقال: ‏‏‏‏‏لا والله، لقد خرجنا نحن وأنتم منه!‏‏‏ قال: ‏‏‏‏‏صدقت.
تم خبر حلف الفضول

هاشم يتولى الرفادة والسقاية وما كان يصنع إذا قدم الحاج
قال ابن إسحاق: ‏‏‏‏‏فولى الرفادة والسقاية هاشم بن عبد مناف، وذلك أن عبد شمس كان رجلاً سفارا قلما يقيم بمكة، وكان مقلا ذا ولد، وكان هاشم موسرا فكان -فيما يزعمون- إذا حضر الحاج قام في قريش فقال: ‏‏(‏يا معشر قريش، إنكم جيران الله وأهل بيته، وإنه يأتيكم في هذا الموسم زوار الله وحجاج بيته، وهم ضيف الله، وأحق الضيف بالكرامة ضيفه، فاجمعوا لهم ما تصنعون لهم به طعاما أيامهم هذه التي لا بد لهم من الإقامة بها، فإنه والله لو كان مالي يسع لذلك ما كلفتكموه)‏‏‏.
فيخرجون لذلك خرجا من أموالهم، كل امرئ يقدر ما عنده، فيصنع به للحجاج طعاما حتى يصدروا منها. ‏‏‏

أفضال هاشم على قومه
وكان هاشم فيما يزعمون أول من سن الرحلتين لقريش: ‏‏‏‏‏رحلتي الشتاء والصيف.
وأول من أطعم الثريد للحجاج بمكة، وإنما كان اسمه عمرا؛ فما سمي هاشما إلا بهشمه الخبز بمكة لقومه.

فقال شاعر من قريش أو من بعض العرب: ‏‏‏
عمرو الذي هشم الثريد لقومه        قوم بمكة مسنـتـين عـجـافِ
سُنت إليه الرحلتان كلاهمـا        سفر الشتـاء ورحـلة الإيلاف


قال ابن هشام: ‏‏‏‏‏أنشدني بعض أهل العلم بالشعر من أهل الحجاز: ‏‏‏
قوم بمكة مسنتين عجاف

المطلب يلي الرفادة والسقاية
قال ابن إسحاق: ‏‏‏‏‏ثم هلك هاشم بن عبد مناف بغزة من أرض الشام تاجرا، فولي السقاية والرفادة من بعده المطلب بن عبد مناف، وكان أصغر من عبد شمس وهاشم، وكان ذا شرف في قومه وفضل، وكانت قريش إنما تسميه الفيض لسماحته وفضله. ‏‏‏

زواج هاشم بن عبد مناف
وكان هاشم بن عبد مناف قدم المدينة فتزوج سلمى بنت عمرو أحد بني عدي بن النجار، وكانت قبله عند أحيحه بن الجلاح بن الحريش.

قال ابن هشام: ‏‏‏‏‏ويُقال: ‏‏‏‏‏الحريس - ابن جَحْجبى بن كلفة بن عوف بن عمرو بن عوف بن مالك بن الأوس.
فولدت له عمرو بن أحيحة، وكانت لا تنكح الرجال لشرفها في قومها حتى يشترطوا لها أن أمرها بيدها، إذا كرهت رجلاً فارقته. ‏‏‏

ميلاد عبد المطلب وسبب تسميته باسمه
فولدت لهاشم عبدالمطلب، فسمته شيبة.
فتركه هاشم عندها حتى كان وصيفا أو فوق ذلك، ثم خرج إليه عمه المطلب ليقبضه فيلحقه ببلده وقومه؛ فقالت له سلمى: ‏‏‏‏‏لست بمرسلته معك؛ فقال لها المطلب: ‏‏‏‏‏إني غير منصرف حتى أخرج به معي، إن ابن أخي قد بلغ، وهو غريب في غير قومه، ونحن أهل بيت شرف في قومنا، نلي كثير من أمورهم، وقومه وبلده وعشيرته خير له من الإقامة في غيرهم، أو كما قال.
وقال شيبة لعمه المطلب -فيما يزعمون-: ‏‏‏‏‏لست بمفارقها إلا أن تأذن لي، فأذنت له، ودفعته إليه؛ فاحتمله فدخل به مكة مردفه معه على بعيره، فقالت قريش: ‏‏‏‏‏عبدالمطلب ابتاعه، فبها سمي شيبة عبدالمطلب.
فقال المطلب: ‏‏‏‏‏ويحكم!‏‏‏ إنما هو ابن أخي هاشم، قدمت به من المدينة. ‏‏‏

وفاة المطلب ومما قيل فيه من الشعر
ثم هلك المطلب بردمان من أرض اليمن، فقال رجل من العرب يبكيه: ‏‏‏
قد ظمئ الحجيج بعد المطلبْ        بعد الجفان والشراب المنثغـب
ليت قريشاً بعده على نصب

مطرود يبكي المطلب وبني عبد مناف
وقال مطرود بن كعب الخزاعي، يبكي المطلب وبني عبد مناف جميعا حين أتاه نعى نوفل بن عبد مناف، وكان نوفل آخرهم هُلكا: ‏‏‏
يا لـيلة هـيجـت لـيلاتـــي        إحـدى لـيالـي الـقـســـيات
وما أقاسي مـن هـمـوم ومـا        عالـجـت مـن رزء الـمـنـيات
إذا تـذكـرت أخـي نـوفــلا        ذكَّـرنـــي بـــالأولـــيات
ذكرني بالأُزُر الحمـر والْ أردية        الـصـفـر الـقـشــيبـــات
أربـعة كـلـهـــمُ ســـيد            أبـنـاء سـادات لـــســـادات‏‏
ميْت بردمان وميت بسـلـمـان        ومـيت عـــنـــد غـــزات
وميت أسكن لحدا لدى الْ محجوب        شرقــي الـــبـــنـــيات
أخلصهم عبـد مـنـاف فـهـم        من لـوم مـن لام بـمـنـجــاة
إن الـمـغـيرات وأبـنـاءهـا        من خـير أحـــياء وأمـــوت

اسم عبد مناف وترتيب أولاده موتاً

وكان اسم عبد مناف المغيرة، وكان أول بني عبد مناف هلكا هاشم، بغزة من أرض الشام، ثم عبد شمس بمكة؛ ثم المطلب بردمان من أرض اليمن ثم نوفلا بسلمان من ناحية العراق.

شعر آخر لمطرود فقيل لمطرود -فيما يزعمون-: ‏‏‏‏‏لقد قلت فأحسنت، ولو كان أفحل مما قلت كان أحسن؛ فقال: ‏‏‏‏‏أنظروني ليالي، فمكث أياماً، ثم قال: ‏‏‏
يا عين جودي وأذري الدمع وانهمري           وابكي على السر من كعب المغيرات
يا عين واسحنفري بالدمع واحتفلي        وابكي خبيئة نفسي في المـلـمـات ‏‏
وابكي على كل فياض أخي ثـقة        ضخم الدسيعة وهـاب الـجـزيلات
محض الضريبة عالي الهم مختلق        جلد النجيزة نـاء بـالـعـظـيمـات
صعب البديهة لا نكـس ولا وكـل        ماضي العزيمة متلاف الكـريمـات
صقر توسط من كعب إذا نسـبـوا        بحبوحة المجد والشـم الـرفـيعـات
ثم اندبي الفيض والفياض مطلـبـا        واستخرطي بعد فيضات بـجـمـات
أمسى بردمان عنا اليوم مغتـربـا        يا لهف نفسي عـلـيه بـين أمـوات
وابكي لك الويل، إما كنت باكـية        لعبد شمس بـشـرقـي الـبـنـيات
وهاشم في ضريح وسط بلـقـعة        تسفي الرياح عـلـيه بـين غـزات
ونوفل كان دون القوم خالصـتـي        أمسى بسلمان في رمس بـمـومـاة
لم ألق مثلهم عجمـا ولا عـربـا        إذا استقلت بـهـم أدم الـمـطـيات
أمست ديارهم منهـم مـعـطـلة        وقد يكونون زينـا فـي الـسـريات
أفناهم الدهر أم كلت سـيوفـهـم        أم كل من عـاش أزواد الـمـنـيات
أصبحت أرضى من الأقوام بعدهم        بسط الوجوه وإلـقـاء الـتـحـيات
يا عين فابكي أبا الشعث الشجـيات        يبكينه حسـرا مـثـل الـبـلـيات ‏‏
يبكين أكرم من يمشي علـى قـدم        يعولنه بـدمـوع بـعـد عـبـرات
يبكين شخصا طويل الباع ذا فجـر        آبي الهضيمة فـراج الـجـلـيلات
يبكين عمرو العلا إذ حان مصرعه        سمح السجـية بـسـام الـعـشـيات
يبكينه مستكينـات عـلـى حـزن        يا طول ذلك مـن حـزن وعـولات
يبكين لما جلاهـن الـزمـان لـه        خضر الخدود كأمثـال الـحـمـيات
محتزمات على أوساطهـن لـمـا        جر الزمان من أحداث المصـيبـات
أبيت ليلي أراعي النجم مـن ألـم        أبكي وتبكي معي شجوي بـنـياتـي
ما في القروم لهم عدل ولا خطـر        ولا لمن تركـوا شـروى بـقـبـات
أبناؤهم خير أبنـاء وأنـفـسـهـم        خير النفوس لـدى جـهـد الألـيات
كم وهبوا من طمر سـابـح أرن        ومن طمرة نهـب فـي طـمـرات
ومن سيوف من الهندي مخلـصة        ومن رماح كأشـطـان الـركـيات
ومن توابع مما يفضـلـون بـهـا        عند المسائل من بـذل الـعـطـيات
فلو حسبت وأحصى الحاسبون معي        لم أقض أفعالهم تـلـك الـهـنـيات
هم المدلون إما معشـر فـخـروا        عند الفخـار بـأنـسـاب نـقـيات
زين البيوت التي خلوا مساكنـهـا        فأصبحت منهـم وحـشـا خـلـيات
أقول والعين لا ترقا مدامـعـهـا        لا يبعد اللـه أصـحـاب الـرزيات ‏‏

قال ابن هشام: ‏‏‏‏‏الفجر: ‏‏‏‏‏العطاء.

قال أبو خراش الهذلي: ‏‏‏
عجَّف أضيافي جميل بن معمر        بذي فجر تـأوي إلـيه الأرامـل
قال ابن إسحاق: ‏‏‏‏‏أبو الشعث الشجيات: ‏‏‏‏‏هاشم بن عبد مناف. ‏‏‏

عبدالمطلب يلي السقاة والرفادة
قال: ‏‏‏‏‏ثم ولي عبدالمطلب بن هاشم السقاية والرفادة بعد عمه المطلب، فأقامها للناس، وأقام لقومه ما كان آباؤه يقيمون قبله لقومهم من أمرهم، وشرف في قومه شرفا لم يبلغه أحد من آبائه، وأحبه قومه وعظم خطره فيهم. ‏‏‏

ذكر حفر زمزم وما جرى من الخلف فيها
سبب حفر زمزم
ثم إن عبدالمطلب بينما هو نائم في الحجر إذ أتي فأمر بحفر زمزم.
قال ابن إسحاق: ‏‏‏‏‏وكان أول ما ابتدىء به عبدالمطلب من حفرها، كما حدثني يزيد بن أبي حبيب المصري عن مرثد بن عبدالله اليزني عن عبدالله بن زرير الغافقي: ‏‏‏‏‏أنه سمع علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه يحدث حديث زمزم حين أمر عبدالمطلب بحفرها، قال: ‏‏‏‏‏قال عبدالمطلب: ‏‏‏‏‏إني لنائم في الحجر إذ أتاني آت فقال: ‏‏‏‏‏احفر طيبة، قال: ‏‏‏قلت: ‏‏‏‏‏وما طيبة؟‏‏‏ قال: ‏‏‏‏‏ثم ذهب عني.
فلما كان الغد رجعت إلى مضجعي فنمت فيه، فجاءني فقال: ‏‏‏‏‏احفر برة.
قال: ‏‏‏فقلت: ‏‏‏‏‏وما برة؟‏‏‏ قال: ‏‏‏‏‏ثم ذهب عني، فلما كان الغد رجعت إلى مضجعي فنمت فيه، فجاءني فقال: ‏‏‏‏‏احفر المضنونة.
فقال: ‏‏‏‏‏فقلت: ‏‏‏‏‏وما المضنونة؟‏‏‏ قال: ‏‏‏‏‏ثم ذهب عني.
فلما كان الغد رجعت إلى مضجعي فنمت فيه، فجاءني فقال: ‏‏‏‏‏احفر زمزم.
قال: ‏‏‏‏‏قلت: ‏‏‏‏‏وما زمزم؟‏‏‏ قال: ‏‏‏‏‏لا تنزف أبدا ولا تذم، تسقي الحجيج الأعظم، وهي بين الفرث والدم، عند نقرة الغراب الأعصم، عند قرية النمل. ‏‏‏

قريش تنازع عبدالمطلب في زمزم
قال ابن إسحاق: ‏‏‏‏‏فلما بين له شأنها، ودل على موضعها، وعرف أنه قد صدق، غدا بمعوله ومعه ابنه الحارث بن عبدالمطلب، ليس له يومئذ ولد غيره، فحفر فيها.
فلما بدا لعبدالمطلب الطي كبَّر. ‏‏‏

التحاكم في بئر زمزم
فعرفت قريش أنه قد أدرك حاجته، فقاموا إليه فقالوا: ‏‏‏‏‏يا عبدالمطلب، إنها بئر أبينا إسماعيل، وإن لنا فيها حقا فأشركنا معك فيها؛ قال: ‏‏‏‏‏ما أنا بفاعل، إن هذا الأمر قد خصصت به دونكم، وأعطيته من بينكم؛ فقالوا له: ‏‏‏‏‏فأنصفنا فإنا غير تاركيك حتى ‏‏نخاصمك فيها؛قال: ‏‏‏‏‏فاجعلوا بيني وبينكم من شئتم أحاكمكم إليه؛ قالوا: ‏‏‏‏‏كاهنة بني سعد بن هذيم؛ قال: ‏‏‏‏‏نعم؛ قال: ‏‏‏‏‏وكانت بأشراف الشام.
فركب عبدالمطلب ومعه نفر من بني أبيه من بني عبد مناف، وركب من كل قبيلة من قريش نفر.
قال: ‏‏‏‏‏والأرض إذ ذاك مفاوز.
قال: ‏‏‏‏‏فخرجوا حتى إذا كانوا ببعض تلك المفاوز بين الحجاز والشام، فني ماء عبدالمطلب وأصحابه، فظمئوا حتى أيقنوا بالهلكة، فاستسقوا من معهم من قبائل قريش، فأبوا عليهم، وقالوا: ‏‏‏‏‏إنا بمفازة، ونحن نخشى على أنفسنا مثل ما أصابكم.
فلما رأى عبدالمطلب ما صنع القوم وما يتخوف على نفسه وأصحابه، قال: ‏‏‏‏‏ماذا ترون؟‏‏‏ قالوا: ‏‏‏‏‏ما رأينا إلا تبع لرأيك، فمرنا بما شئت؛ قال: ‏‏‏‏‏فإني أرى أن يحفر كل رجل منكم حفرته لنفسه بما بكم الآن من القوة، فكلما مات رجل دفعه أصحابه في حفرته ثم واروه، حتى يكون آخركم رجلاً واحدا، فضيعة رجل واحد أيسر من ضيعة ركب جميعا؛ قالوا: ‏‏‏‏‏نعم ما أمرت به.
فقام كل واحد منهم فحفر حفرته، ثم قعدوا ينتظرون الموت عطشا؛ ثم إن عبدالمطلب قال لأصحابه: ‏‏‏‏‏والله إن إلقاءنا بأيدينا هكذا للموت، لا نضرب في الأرض ولا نبتغي لأنفسنا، لعجز، فعسى الله أن يرزقنا ماء ببعض البلاد، ارتحلوا، فارتحلوا.
حتى إذا فرغوا، ومن معهم من قبائل قريش ينظرون إليهم ما هم فاعلون، تقدم عبدالمطلب إلى راحلته فركبها. ‏
فلما انبعثت به، انفجرت من تحت خفها عين ماء عذب، فكبَّر عبدالمطلب وكبَّر أصحابه، ثم نزل فشرب وشرب أصحابه واستقوا حتى ملئوا أسقيتهم، ثم دعا القبائل من قريش، فقال: ‏‏‏‏‏هلم إلى الماء، فقد سقانا الله، فاشربوا واستقوا.
ثم قالوا: ‏‏‏‏‏قد والله قضى لك علينا يا عبدالمطلب، والله لا نخاصمك في زمزم أبدا، إن الذي سقاك هذا الماء بهذه الفلاة لهو الذي سقاك زمزم، فارجع إلى سقايتك راشدا.
فرجع ورجعوا معه، ولم يصلوا إلى الكاهنة، وخلوا بينه وبينها.
قال ابن إسحاق: ‏‏‏‏‏فهذا الذي بلغني من حديث على بن أبي طالب رضي الله عنه في زمزم.

وقد سمعت من يحدث عن عبدالمطلب أنه قيل له حين أمر بحفر زمزم: ‏‏‏
ثم ادع بالماء الروي غير الكدر        يسقي حجيج الله في كل مـبـرْ
ليس يخاف منه شيء ما عمر

فخرج عبدالمطلب، حين قيل له ذلك، إلى قريش، فقال: ‏‏‏‏‏تعلموا أني قد أمرت أن أحفر لكم زمزم؛ فقالوا: ‏‏‏‏‏فهل بين بي لك أين هي؟‏‏‏ قال: ‏‏‏‏‏لا؛ قالوا: ‏‏‏‏‏فارجع إلى مضجعك الذي رأيت فيه ما رأيت، فإن يك حقا من الله يبين لك، وإن يكن من الشيطان فلن يعود إليك.
فرجع عبدالمطلب إلى مضجعه فنام فيه، فأتي فقيل له: ‏‏‏‏‏احفر زمزم، إنك إن حفرتها لم تندم، وهي تراث من أبيك الأعظم، لا تنزف أبدا ولا تذم، تسقي الحجيج الأعظم، مثل نعام حافل لم يقسم، ينذر فيها ناذر لمنعم، تكون ميراثا وعقدا محكم، ليست كبعض ما قد تعلم، وهي بين الفرث والدم.
قال ابن هشام: ‏‏‏‏‏هذا الكلام والكلام الذي قبله، من حديث علي -رضوان الله عليه- في حفر زمزم من قوله: ‏‏(‏لا تنزف أبدا ولا تذم)‏‏‏ إلى قوله: ‏‏(‏عند قرية النمل)‏‏‏ عندنا سجع وليس شعراً.
قال ابن إسحاق: ‏‏‏‏‏فزعموا أنه حين قيل له ذلك، قال: ‏‏‏‏‏وأين هي‏‏‏؟‏‏‏ قيل له: ‏‏‏‏‏عند قرية النمل، حيث ينقر الغراب غداً.
والله أعلم أي ذلك كان. ‏‏‏



أمر البحيرة والسائبة والوصيلة والحامي 2013_110


عدل سابقا من قبل أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn في الخميس 30 سبتمبر 2021, 7:51 pm عدل 1 مرات
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 52644
العمر : 72

أمر البحيرة والسائبة والوصيلة والحامي Empty
مُساهمةموضوع: رد: أمر البحيرة والسائبة والوصيلة والحامي   أمر البحيرة والسائبة والوصيلة والحامي Emptyالخميس 30 سبتمبر 2021, 7:02 pm

عبدالمطلب يحفر زمزم
فغدا عبدالمطلب ومعه ابنه الحارث، وليس له يومئذ ولد غيره، فوجد قرية النمل، ووجد الغراب ينقر عندها بين الوثنين: ‏‏‏‏‏إساف ونائلة، اللذين كانت قريش تنحر عندهما ذبائحها.
فجاء بالمعول وقام ليحفر حيث أمر، فقامت إليه قريش حين رأوا جده، فقالوا: ‏‏‏‏‏والله لا نتركك تحفر بين وثنينا هذين اللذين ننحر عندهما؛ فقال عبدالمطلب لابنه الحارث: ‏‏‏‏‏ذد عني حتى أحفر، فو الله لأمضين لما أمرت به.
فلما عرفوا أنه غير نازع، خلوا بينه وبين الحفر، وكفوا عنه، فلم يحفر إلا يسيرا، حتى بدا له الطي، فكبر وعرفوا أنه قد صدق.
فلما تمادى به الحفر وجد فيها غزالين من ذهب، وهما الغزالان اللذان دفنت جرهم فيها حين خرجت من مكة، ووجد فيها أسيافا قلعية وأدراعاً؛ فقالت له قريش: ‏‏‏‏‏يا عبدالمطلب، لنا معك في هذا شرك وحق؛ قال: ‏‏‏‏‏لا، ولكن هلم إلى أمر نصف بيني وبينكم: ‏‏‏‏‏نضرب عليها بالقداح؛ قالوا: ‏‏‏‏‏وكيف تصنع؟‏‏‏ قال: ‏‏‏‏‏أجعل للكعبة قدحين، ولي قدحين، ولكم قدحين، فمن خرج له قدحاه على شيء كان له، ومن تخلف قدحاه فلا شيء له؛ قالوا: ‏‏‏‏‏أنصفت.
فجعل قدحين أصفرين للكعبة، وقدحين أسودين لعبدالمطلب، وقدحين أبيضين لقريش؛ ثم أعطوا القداح صاحب القداح الذي يضرب بها عند هبل ‏‏‏(‏وهبل: ‏‏‏‏‏صنم في جوف الكعبة، وهو أعظم أصنامهم، وهو الذي يعني أبو سفيان بن حرب يوم أحد حين قال: ‏‏‏‏‏أعل هبل: ‏‏‏‏‏أي أظهر دينك)‏‏‏ وقام عبدالمطلب يدعو الله عز وجل، فضرب صاحب القداح القداح، فخرج الأصفران على الغزالين للكعبة، وخرج الأسودان على الأسياف، والأدراع لعبدالمطلب، وتخلف قدحا قريش. فضرب عبدالمطلب الأسياف بابا للكعبة، وضرب في الباب الغزالين من ذهب.
فكان أول ذهب حليته الكعبة، فيما يزعمون.
ثم إن عبدالمطلب أقام سقاية زمزم للحجاج‏‏‏.

‏‏‏ذكر بئار قبائل قريش بمكة
الطَّوِيّ ومن حفرها
قال ابن هشام: ‏‏‏‏‏وكانت قريش قبل حفر زمزم قد احتفرت بئارا بمكة، فيما حدثنا زياد بن عبدالله البكائي عن مُحَمَّد بن إسحاق، قال: ‏‏‏

عبد شمس يحفر الطوي
حفر عبد شمس بن عبد مناف الطوي، وهي البئر التي بأعلى مكة عند البيضاء، دار مُحَمَّد بن يوسف الثقفي. ‏‏‏

هاشم يحفر بذر
وحفر هاشم بن عبد مناف بذر، وهي البئر‏‏ التي عند المستنذر، خطم الخندمة على فم شعب أبي طالب‏‏‏.
وزعموا أنه قال حين حفرها: ‏‏‏‏‏لأجعلنها بلاغا للناس.

قال ابن هشام: ‏‏‏وقال الشاعر: ‏‏‏
سقى الله أمواها عرفت مكانها        جرابا وملكوما وبذر والغـمـرا

سجلة والاختلاف فيمن حفرها
 قال ابن إسحاق: ‏‏‏‏‏وحفر سجلة، وهي بئر المطعم بن عدي بن نوفل بن عبد مناف التي يسقون عليها اليوم.
ويزعم بنو نوفل أن المطعم ابتاعها من أسد بن هاشم، ويزعم بنو هاشم أنه وهبها له حين ظهرت زمزم، فاستغنوا بها عن تلك الآبار. ‏‏‏

أمية بن عبد شمس يحفر الحفر
وحفر أمية بن عبد شمس الحفر لنفسه. ‏‏‏

بنو أسد تحفر سقية
وحفرت بنو أسد بن عبدالعزى سقية، وهي بئر بني أسد. ‏‏‏

بنو عبد الدار تحفر أم أحراد
وحفرت بنو عبد الدار أم أحراد. ‏‏‏

بنو جمح تحفر السنبلة
وحفرت بنو جمح السنبلة، وهي بئر خلف بن وهب. ‏‏‏

بنو سهم تحفر الغمر
وحفرت بنو سهم الغمر، وهي بئر بني سهم. ‏‏‏

أصحاب رم وخم والحفر
وكانت آبار حفائر خارجاً من مكة قديمة من عهد مرة بن كعب، وكلاب بن مرة، وكبراء قريش الأوائل منها يشربون، وهي رم، ورم: ‏‏‏‏‏بئر مرة بن كعب بن لؤي.
وخم، وخم: ‏‏‏‏‏بئر بني كلاب بن مرة؛ والحفر.

قال حذيفة بن غانم أخو بني عدي بن كعب بن لؤي:
‏‏‏‏‏قال ابن هشام: ‏‏‏وهو أبو أبي جهم بن حذيفة: ‏‏‏
وقدما غنينا قبل ذلك حقبة        ولا نستقي إلا بخم أو الحفر
قال ابن هشام: ‏‏‏‏‏وهذا البيت في قصيدة له، وسأذكرها إن شاء الله في موضعها. ‏‏‏

فضل زمزم على سائر المياه
قال ابن إسحاق: ‏‏‏‏‏فعفت زمزم على البئار التي كانت قبلها يسقي عليها الحاج، وانصرف الناس إليها لمكانها من المسجد الحرام، ولفضلها على ما سواها من المياه، ولأنها بئر إسماعيل بن إبراهيم عليهما السلام. ‏‏‏

بنو عبد مناف يفتخرون بزمزم
وافتخرت بها بنو عبد مناف على قريش كلها، وعلى سائر العرب، فقال مسافر بن أبي عمرو بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف، وهو يفخر على قريش بما ولوا عليهم من السقاية والرفادة، وما أقاموا للناس من ذلك، وبزمزم حين ظهرت لهم، وإنما كان بنو عبد مناف أهل بيت واحد، شرف بعضهم لبعض شرف، وفضل بعضهم لبعض فضل: ‏‏‏
ورثنا المجد مـن آبـا ئنـا    فنـمـى بـنـا صـعـــدا
ألم نسق الحجيج وننـحـر    الــدلافة الـــرفـــدا
ونُلقى عند تصريف الْ منايا    شُدَّدا رفــــــــــدا
فإن نهلك فلـم نـمـلـك        ومـن ذا خـالــد أبـــدا
وزمزم فـي أرومـتـنـا        ونفقـأ عـين مـن حـسـدا

قال ابن هشام: ‏‏‏‏‏وهذه الأبيات في قصيدة له.

قال ابن إسحاق: ‏‏‏‏‏وقال حذيفة بن غانم أخو بني عدي بن كعب بن لؤي: ‏‏‏
وساقي الحجيج ثم للخبز هـاشـم        وعبد مناف ذلك السيد الـفـهـري
طوى زمزما عند المقام فأصبحت        سقايته فخرا على كـل ذي فـخـر

قال ابن هشام: ‏‏‏‏‏يعني عبدالمطلب بن هاشم.
وهذان البيتان في قصيدة لحذيفة بن غانم سأذكرها في موضعها إن شاء الله تعالى. ‏
‏‏‏
ذكر نذر عبدالمطلب ذبح ولده
قال ابن إسحاق: ‏‏‏‏‏وكان عبدالمطلب بن هاشم -فيما يزعمون والله أعلم- قد نذر حين لقي من قريش ما لقي عند حفر زمزم، لئن ولد له عشرة نفر، ثم بلغوا معه حتى يمنعوه، لينحرن أحدهم لله عند الكعبة.
فلما توافى بنوه عشرة، وعرف أنهم سيمنعونه، جمعهم ثم أخبرهم بنذره، ودعاهم إلى الوفاء لله بذلك، فأطاعوه وقالوا: ‏‏‏‏‏كيف نصنع؟‏‏‏ قال: ‏‏‏‏‏ليأخذ كل رجل منكم قدحاً ثم يكتب فيه اسمه، ثم‏‏ ائتوني.
ففعلوا، ثم أتوه، فدخل بهم على هبل في جوف الكعبة، وكان هبل على بئر في جوف الكعبة، وكانت تلك البئر هي التي يجمع فيها ما يهدي للكعبة. ‏‏‏

قداح هبل السبعة
وكان عند هبل قداح سبعة، كل قدح منها فيه كتاب.
قدح فيه العقل إذا اختلفوا في العقل من يحمله منهم، ضربوا بالقداح السبعة، فإن خرج العقل فعلى من خرج حمله؛ وقدح فيه ‏‏‏(‏نعم)‏‏‏ للأمر إذ أرادوه يضرب به في القداح، فإن خرج قدح ‏‏‏(‏نعم)‏‏‏ عملوا به؛ وقدح فيه ‏‏‏(‏لا)‏‏‏ إذا أرادوا أمراً ضربوا به في القداح، فإن خرج ذلك القدح لم يفعلوا ذلك الأمر؛ وقدح فيه ‏‏‏(‏منكم)‏‏‏؛ وقدح فيه ‏‏‏(‏ملصق)‏‏‏، وقدح فيه ‏‏‏(‏من غيركم)‏‏‏؛ وقدح فيه ‏‏‏(‏المياه)‏‏‏ إذا أرادوا أن يحفروا للماء ضربوا بالقداح، وفيها ذلك القدح، فحيثما خرج عملوا به.
وكانوا إذا أرادوا أن يختنوا غلاما، أو ينكحوا منكحا، أو يدفنوا ميتاً، أو شكُّوا في نسب أحدهم، ذهبوا به إلى هبل وبمائة درهم وجزور، فأعطوها صاحب القداح الذي يضرب بها، ثم قربوا صاحبهم الذي يريدون به ما يريدون، ثم قالوا لصاحب القداح: ‏‏‏‏‏اضرب، يا إلهنا، هذا فلان بن فلان قد أردنا به كذا وكذا، فأخرج الحق فيه.
ثم يقولون لصاحب القداح: ‏‏‏‏‏اضرب، فإن خرج عليه ‏‏‏(‏منكم)‏‏‏ كان منهم وسيطا، وإن خرج عليه ‏‏‏(‏من غيركم)‏‏‏ كان حليفا؛ وإن خرج عليه ‏‏‏(‏ملصق)‏‏‏ كان على منزلته فيهم، لا نسب له ولا حلف؛ وإن خرج فيه شيء، مما سوى هذا مما يعملون به ‏‏‏(‏نعم)‏‏‏ عملوا به؛ وإن خرج ‏‏‏(‏لا)‏‏‏ أخروه عامه ذلك حتى يأتوه به مرة أخرى، ينتهون في أمورهم إلى ذلك مما خرجت به القداح. ‏‏‏

عبدالمطلب يحتكم إلى القداح
فقال عبدالمطلب لصاحب القداح: ‏‏‏‏‏اضرب على بَنيَّ هؤلاء بقداحهم هذه وأخبره بنذره الذي نذر، ‏‏فأعطاه كل رجل منهم قدحه الذي فيه اسمه، وكان عبدالله بن عبدالمطلب أصغر بني أبيه، كان هو والزبير وأبو طالب لفاطمة بنت عمرو بن عائذ بن عبد بن عمران بن مخزوم بن يقظة بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر.
قال ابن هشام: ‏‏‏عائذ بن عمران بن مخزوم. ‏‏‏

خروج القداح على عبدالله
قال ابن إسحاق: ‏‏‏‏‏وكان عبدالله -فيما يزعمون- أحب ولد عبدالمطلب إليه، فكان عبدالمطلب يرى أن السهم إذا أخطأه فقد أشوى.
وهو أبو رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-.
فلما أخذ صاحب القداح القداح ليضرب بها، قام عبدالمطلب عند هبل يدعو الله، ثم ضرب صاحب القداح، فخرج القدح على عبدالله. ‏‏‏

عبدالمطلب يحاول ذبح ابنه، ومنع قريش له
فأخذه عبدالمطلب بيده وأخذ الشفرة، ثم أقبل به إلى إساف ونائلة ليذبحه، فقامت إليه قريش من أنديتها، فقالوا: ‏‏‏‏‏ماذا تريد يا عبدالمطلب؟‏‏‏ قال: ‏‏‏‏‏أذبحه؛ فقالت له قريش وبنوه: ‏‏‏‏‏والله لا تذبحه أبداً حتى تعذر فيه‏‏‏.
لئن فعلت هذا لا يزال الرجل يأتي بابنه حتى يذبحه، فما بقاء الناس على هذا!‏‏‏ وقال له المغيرة بن عبدالله بن عمرو بن مخزوم بن يقظة، وكان عبدالله ابن أخت القوم: ‏‏‏‏‏والله لا تذبحه أبداً حتى تعذر فيه، فإن كان فداؤه بأموالنا فديناه.
وقالت له قريش وبنوه: ‏‏‏‏‏لا تفعل، وانطلق به إلى الحجاز، فإن به عرافة لها تابع، فسلها، ثم أنت على رأس أمرك، إن أمرتك بذبحه ذبحته، وإن أمرتك بأمر لك وله فيه فرج قبلته. ‏‏‏

ما أشارت به عرافة الحجاز على عبدالمطلب
فانطلقوا حتى قدموا المدينة، فوجدوها -فيما يزعمون- بخيبر.
فركبوا حتى جاءوها، فسألوها، وقص عليها عبدالمطلب خبره وخبر ابنه، وما أراد به ونذره فيه؛ فقالت لهم: ‏‏‏‏‏ارجعوا عني اليوم حتى يأتيني تابعي فأسأله.
فرجعوا من عندها، فلما خرجوا عنها، قام عبدالمطلب يدعو الله، ثم غدوا عليها، فقالت لهم: ‏‏‏‏‏قد جاءني الخبر، كم الدية فيكم؟‏‏‏ قالوا: ‏‏‏‏‏عشر من الإبل، وكانت كذلك.
قالت: ‏‏‏‏‏فارجعوا إلى بلادكم، ثم قربوا صاحبكم، وقربوا عشراً من الإبل، ثم اضربوا عليها وعليه بالقداح، فإن خرجت على صاحبكم فزيدوا من الإبل حتى يرضى ربكم، وإن خرجت على الإبل فانحروها عنه، فقد رضي ربكم، ونجا صاحبكم. ‏‏‏

تنفيذ وصية العرافة ونجاة عبدالله من الذبح
فخرجوا حتى قدموا مكة، فلما أجمعوا على ذلك من الأمر، قام عبدالمطلب يدعو الله؛ ثم قربوا عبدالله وعشراً من الإبل، وعبدالمطلب قائم عند هبل يدعو الله عز وجل، ثم ضربوا فخرج القدح على عبدالله؛ فزادوا عشراً من الإبل، فبلغت الإبل عشرين، وقام عبدالمطلب يدعو الله عز وجل، ثم ضربوا فخرج القدح على عبدالله؛ فزادوا عشراً من الإبل، فبلغت الإبل ثلاثين، وقام عبدالمطلب يدعو الله، ثم ضربوا، فخرج القدح على عبدالله؛ فزادوا عشراً من الإبل، فبلغت الإبل أربعين، وقام عبدالمطلب يدعو الله، ثم ضربوا، فخرج القدح على عبدالله؛ فزادوا عشراً من الإبل، فبلغت الإبل خمسين، وقام عبدالمطلب يدعو الله عز وجل، ثم ضربوا، فخرج القدح على عبدالله؛ فزادوا عشراً من الإبل، فبلغت الإبل ستين، وقام عبدالمطلب يدعو الله، ثم ضربوا، فخرج القدح على عبدالله؛ فزادوا عشراً من الإبل، فبلغت الإبل سبعين، وقام عبدالمطلب يدعو الله، ثم ضربوا، فخرج القدح على عبدالله؛ فزادوا عشراً من الإبل، فبلغت الإبل ثمانين، وقام عبدالمطلب يدعو الله عز وجل، ثم ضربوا، فخرج القدح على عبدالله؛ فزادوا عشراً من الإبل، فبلغت الإبل تسعين، وقام عبدالمطلب يدعوا الله، ثم ضربوا، فخرج القدح على عبدالله؛ فزادوا عشراً من الإبل، فبلغت الإبل مائة، وقام عبدالمطلب يدعوا الله، ثم ضربوا، فخرج القدح على الإبل؛ فقالت قريش ومَنْ حضر: ‏‏‏‏‏قد انتهى رضا ربك يا عبدالمطلب.
فزعموا أن عبدالمطلب قال: ‏‏‏‏‏لا والله حتى أضرب عليها ثلاث مرات؛ فضربوا على عبدالله وعلى الإبل، وقام عبدالمطلب يدعو الله، فخرج القدح على الإبل، ثم عادوا الثانية، وعبدالمطلب قائم يدعو الله، فضربوا، فخرج القدح على الإبل، ثم عادوا الثالثة، وعبدالمطلب قائم يدعو الله، فضربوا، فخرج القدح على الإبل، فنحرت، ثم تركت لا يصد عنها إنسان ولا يمنع.
قال ابن هشام: ‏‏‏‏‏ويُقال: ‏‏‏‏‏إنسان ولا سبع.
قال ابن هشام: ‏‏‏‏‏وبين أضعاف هذا الحديث رجز لم يصح عندنا عن أحد من أهل العلم بالشعر. ‏‏‏

ذكر المرأة المتعرضة لنكاح عبدالله بن عبدالمطلب
عبدالله يرفضها
قال ابن إسحاق: ‏‏‏‏‏ثم انصرف عبدالمطلب آخذا بيد عبدالله، فمر به -فيما يزعمون- على امرأة من بني أسد بن عبدالعزى بن قصي بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر، وهي أخت ورقة بن نوفل بن أسد بن عبدالعزى، وهي عند الكعبة؛ فقالت له حين نظرت إلى وجهه: ‏‏‏‏‏أين تذهب يا عبدالله؟‏‏‏ قال: ‏‏‏‏‏مع أبي، قالت: ‏‏‏‏‏لك مثل الإبل التي نحرت عنك، وقع علي الآن، قال: ‏‏‏‏‏أنا مع أبي، ولا أستطيع خلافه، ولا فراقه. ‏‏‏

عبدالله يتزوج آمنة بنت وهب
فخرج به عبدالمطلب حتى أتى به وهب بن عبد مناف بن زهرة بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر، وهو يومئذ سيد بني زهرة نسباً وشرفاً، فزوَّجه ابنته آمنة بنت وهب، وهي يومئذ أفضل امرأة في قريش نسباً وموضعاً.
‏‏          ‏
أمهات آمنة بنت وهب
وهي لبرة بنت عبدالعزى بن عثمان بن عبد الدار بن قصي بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر.
وبرة: ‏‏‏‏‏لأم حبيب بنت أسد بن عبدالعزى بن قصي بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر.
وأم حبيب: ‏‏‏‏‏لبرة بنت عوف بن عبيد بن عويج بن عدي بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر. ‏‏‏

سبب زهد المرأة المعترضة لعبدالله فيه
فزعموا أنه دخل عليها حين أملكها مكانه، فوقع عليها، فحملت برسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-؛ ثم خرج من عندها، فأتى المرأة التي عرضت عليه ما عرضت، فقال لها: ‏‏‏‏‏ما لكِ لا تعرضين علي اليوم ما كنتِ عرضتِ عليَّ بالأمس؟‏‏‏ قالت له: ‏‏‏‏‏فارقك النور الذي كان معك بالأمس، فليس لي بك اليوم حاجة.
وقد كانت تسمع من أخيها ورقة بن نوفل -وكان قد تنصَّر واتبع الكتب-: ‏‏‏‏‏أنه سيكون في هذه الأمَّة نبي. ‏‏‏

قصة حمل آمنة برسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-
قال ابن إسحاق: ‏‏‏‏‏وحدثني أبي إسحاق بن يسار أنه حدث: ‏‏‏‏‏أن عبدالله إنما دخل على امرأة كانت له مع آمنة بنت وهب، وقد عمل في طين له، وبه آثار من الطين، فدعاها إلى نفسه، فأبطأت عليه لَمَّا رات به أثر الطين، فخرج من عندها فتوضأ وغسل ما كان به من ذلك الطين، ثم خرج عامداً إلى آمنة، فمر بها، فدعته إلى نفسها، فأبى عليها، وعمد إلى آمنة، فدخل عليها فأصابها، فحملت بمُحَمَّدٍ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-.
ثم مر بامرأته تلك، فقال لها: ‏‏‏‏‏هل لكِ؟‏‏‏ قالت: ‏‏‏‏‏لا، مررتَ بي وبين عينيكَ غُرَّةٌ بيضاء، فدعوتكَ فأبيتَ عليَّ، ودخلتَ على آمنة فذهبتْ بها.
قال ابن إسحاق: ‏‏‏‏‏فزعموا أن امرأته تلك كانت تحدث: ‏‏‏‏‏أنه مَرَّ بها وبين عينيه غرة مثل غرة الفرس؛ قالت: ‏‏‏‏‏فدعوته رجاء أن تكون تلك بي، فأبى علي، ودخل على آمنة، فأصابها، فحملت برسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-.
فكان رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- أوسط قومه نسباً، وأعظمهم شرفاً من قِبَلِ أبيهِ وأمِّهِ، -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-. ‏‏



أمر البحيرة والسائبة والوصيلة والحامي 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
 
أمر البحيرة والسائبة والوصيلة والحامي
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات إنما المؤمنون إخوة (2024 - 2010) The Believers Are Brothers :: (العربي) :: رســول الله صلى الله عليه وسلم :: خيـر البـريـة مُـحَـمُّـدٌ-
انتقل الى: