IslamHouse.com
• موقع دار الإسلام
وقفات مع صلاة الوتر وأسرار ومعاني دعاء القنوت
ميادة بنت كامل آل ماضي
غفر الله لها ولوالديها وللمسلمين
هذا الكتيب يُبَيِّنُ حُكم صلاة الوتر، ووقته، مع بيان عدد ركعاته، ومواطن دُعاء القنوت.
• وقفات مع صلاة الوتر وأسرار ومعاني دعاء القنوت
o مقدمة
o الوقفة الأولى: أحكام ومسائل سريعة مختصرة وهامة:
أولاً: ما حكم صلاة الوتر؟
ثانيًا: ما وقت الوتر؟
ثالثًا: إذا طلع الفجر ولم يوتر الإنسان فهل يوتر بين الأذان والإقامة أم لا؟
رابعًا: هل الأولى تقديم الوتر أم تأخيره؟
خامسًا: ما أقل الوتر؟ وما أكثره؟
سادسًا: ما موطن دعاء القنوت في صلاة الوتر؟
سابعًا: هل يداوم على دعاء القنوت؟
ثامنًا: هل يقنت في غير الوتر؟
تاسعًا: ما أفضل ما يتبع في دعاء القنوت؟
عاشرًا: أخيرًا، ما يستحب قراءته في صلاة الوتر؟
وقفات مع صلاة الوتر وأسرار ومعاني دعاء القنوت
ميادة بنت كامل آل ماضي
غفر الله لها ولوالديها وللمسلمين
بسم الله الرحمن الرحيم
مقدمة
الحمد لله الذي عَمَّ برحمته العباد، وخَصَّ أهل طاعته بالهداية والإرشاد إلى سبيل ووفقهم بلطفه لصالح الأعمال ففازوا ببلوغ المُراد.
الحمد لله الذي ميَّز طريق الهداية عن متاهات الغواية، وبيَّن محاسن الأخلاق الإيمانية، وجعلها مدارج صاعدة إلى جنانه مفتوحة أمام أولي الهِمَّة من العابدين.
الحمد لله أحمده حمد معزة بجزيل الأرفاد، وأعوذ به من وبيل الطرد والإبعاد.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له شهادة أدّخرُها ليوم المعاد.
وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، مُوَضِّح طريق الهُدى والسَّداد، والمبعوث رحمة للعالمين بالكتاب المُبين الفارق بين الهُدى والضلال والغي والرشاد.
صلّى اللهُ عليه وعلى آله وسلّم تسليمًا كثيرًا.
أمَّا بعد:
يقول ابن القيم -رحمه الله-:
اقشعرت الأرض، وأظلمت السماء، وظهر الفساد في البر والبحر من ظلم الفجرة، وذهبت البركات، وقلَّت الخيرات، وهزلت الوحوش، وتكدَّرت الحياة من فِسق الظلمة، بكى ضوء النهار، وظلمة الليل؛ من الأعمال الخبيثة والأفعال الفظيعة، وشكى الكرام الكاتبون، والمُعقبات إلى ربهم من كُثر الفواحش وغلبة المُنكرات والقبائح.
وهذا والله منذر بسيل عذاب قد انعقد غمامه، مؤذن بليل بلاءٍ قد ادلهم ظلامه.
ولكنه الرحمن الرحيم، الهادي إلى طريق مستقيم لا يزال يكنف عباده بحلمه ورأفته وجوده وكرمه، وكيف لا!، وهو أرحم الراحمين، وأجود الأجودين، وأكرم الأكرمين، سبقت رحمته كل شيء، ووسعت كل شيء، فسمى نفسه الرحمن الرحيم، الرؤوف الكريم، يعلم بعلمه الأزلي ضعف وخذلان بني آدم أمام المُغريات والشَّهوات وزينة الدنيا، ويُشفق عليهم من عدوهم الأبدي شيطان الغواية، فهيَّأ لهم مواسم الخير تترى كلما انتهى موسم أقبل آخر، كيف لا! وهو القائل: ﴿كَذَلِكَ يُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تُسْلِمُونَ﴾ (النحل: 81).
وهذا موسم عظيم هلّت أنواره، واقترب انبثاق هلاله، فتحت أبواب التوبة تهيؤًا له وغلّقت أبواب جهنم كرامة له، وصُفّدت مردة الجان، وتنزَّلت الرحمات من رب البريَّات تزيَّنت الجنَّة لخُطّابها، وداعي الرضوان يدعوكم إلى رضوانه فهلا عزلتم عن سبيل الغي بتوبة نصوح ما دامت التوبة ممكنة والباب مفتوح.
كيف يكن والباب قد أغلق، وبالرَّهن قد غُلِّق (أي استحقه المُرتهن) وبالجناح قد عُلق: ﴿وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ﴾ (الشعراء: 227).
ها هو رمضان بين أيدينا فهل نعلم أندركه أم لا؟
فأمَّا مَنْ مَنَّ الله عليها بإدراكه فلتخر ساجدة لله أن أمهلها لتلحق بركب التائبين والآيبين، وليكن قولها كما قال العابدون الأولون: “اللهم قد أظلنا شهر رمضان، وحضر، فسلّمه لنا وسلّمنا له، وارزقنا صيامه وارزقنا فيه الجِدَّ والاجتهاد والنشاط، وأعذنا فيه من الفتن، وتسلّمه منا مُتقبّلاً”.
اللهم نعماؤك لا تُحصى، وفضائلك لا تُدرك، وجُودُك لا ينتهي، وكرمك لا ينقطع، وأنت سبحانك القائل: ﴿وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللهِ لا تُحْصُوهَا إِنَّ اللهَ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ﴾ (النحل: 18).
نسألك كما سألك نبيك وقرة عيوننا محمد الأمين -صلى الله عليه وسلم-، نسألُكَ أجَلَّ نعمة وأعظمها بعد نعمة الإسلام نسألك الهداية فيمَنْ هديت، يا ذا الجلال والإكرام يا حي يا قيوم، نسألك بأنا نشهد أنك الله الذي لا إله إلا أنت الأحد الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كُفُوَاً أحَدْ، أن تهدينا فيمَنْ هديت، وعافنا فيمَنْ عافيت، وتولنا فيمَنْ توليت، وبارك لنا فيما أعطيت، وقنا شَرَّ ما قضيت، إنك تقضي ولا يُقضى عليك، إنه لا يذل مَنْ واليت، ولا يعز مَنْ عاديت، تباركت ربنا وتعاليت، اللهم إنا نعوذ برضاك من سخطك وبعفوك من عقوبتك، وبك منك لا نُحصي ثناءً عليك أنت كما أثنيت على نفسك.
اللهم اقسم لنا من خشيتك ما تحُول به بيننا وبين معصيتك، ومن اليقين ما تهوّن به علينا مصائب الدنيا، ومتّعنا اللهُمَّ بأسماعنا وأبصارنا وقوتنا أبدًا ما أبقيتنا، واجعله الوارث منا، واجعل ثأرنا على مَنْ ظلمنا، وانصرنا على مَنْ عادانا، ولا تُسلّط علينا بذنوبنا مَنْ لا يخافك فينا ولا يرحمُنا، اللهُمَّ صَلّ على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم، وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد.
مع هذا الدعاء وقفتنا هذا اليوم:
الوقفة الأولى: أحكام ومسائل سريعة مختصرة وهامة:
ما حكم صلاة الوتر؟
وما أقل الوتر وأكثره؟
وما وقت الوتر؟
وهل إذا طلع الفجر والإنسان لم يوتر فهل يوتر أم لا؟
ما هي مواطن دعاء القنوت؟
هل القنوت في الوتر فقط؟
أولاً: ما حكم صلاة الوتر؟
حكم صلاة الوتر على أرجح الأقوال سنة مؤكدة.
ثانيًا: ما وقت الوتر؟
الجواب:
وقت الوتر بين صلاة العشاء والفجر، مع التنبه إلى أن وقت الوتر يدخل من حين أن تصلى العشاء، سواء صليت في وقتها أو صليت مجموعة إلي المغرب تقديمًا.
ثالثًا: إذا طلع الفجر ولم يوتر الإنسان فهل يوتر بين الأذان والإقامة أم لا؟
الجواب:
لا يوتر، فالوتر ينتهي بطلوع الفجر.
دليل سُنَّة الوتر قوله -صلى الله عليه وسلم- “إن الله أمدَّكم بصلاة هي خيرٌ لكم من حُمُر النِّعَمِ، صلاة الوتر بين العشاء إلى طلوع الفجر”.
ودليل أن الإنسان لا يوتر بطلوع الفجر قوله -صلى الله عليه وسلم-: “فإذا خشي أحدكم الصبح صلى واحدة فأوترت له ما قد صلّى” (رواه البخاري ومسلم).
ولكن يقول أهل العلم يقضي الوتر وقت الضحى مشفوعًا بركعة، أي إذا كان من عادة الإنسان أن يوتر بثلاث يقضي وتره في الضحى أربع، وإذا كان وتره خمسًا قضاه ستًا وهكذا.
رابعًا: هل الأولى تقديم الوتر أم تأخيره؟
الجواب:
دلت السنة أن من طمع أن يقوم آخر الليل فالأفضل تأخيره لأن صلاة الليل أفضل وهي مشهودة، ومن خاف أن لا يقوم أوتر قبل أن ينام.
خامسًا: ما أقل الوتر؟ وما أكثره؟
الجواب:
أقله ركعة لقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: “الوتر ركعة من آخر الليل” (صحيح مسلم).
وقوله -صلى الله عليه وسلم-: “صلاة الليل مثني فإذا خشي أحدكم الصبح صلى واحدة فأوترت له ما قد صلى” (متفق عليه)، وأدنى الكمال: ثلاث ركعات بسلامين، ويجوز صلاتها بسلام واحد على أن لا يتشهد بينهما بل يسردها سردًا ثم يتشهد تشهدًا واحدًا ويسلم سلامًا واحدًا، والحكمة من ذلك حتى لا تشبه صلاة المغرب.
ويمكن أن يوتر بخمس وسبع لا يجلس إلا في آخرها.
ويوتر بتسع يجلس في الثامنة ويتشهد ولا يسلم بل يقوم للتاسعة ثم يتشهد ويسلم.
سادسًا: ما موطن دعاء القنوت في صلاة الوتر؟
الجواب:
هو من السنن المتنوعة فقد يفعل قبل الركوع، ويفعل بعده، واختار شيخ الإسلام ابن تيمية والشيخ الألباني رحمهما الله: لا بأس من جعل القنوت بعد الركوع لأنه أكثر وأقيس فإنه سماع الدعاء، مناسب لقول العبد: سمع الله لمن حمده... إلخ.
سابعًا: هل يداوم على دعاء القنوت؟
الجواب:
يفعل أحيانًا ويترك أحيانًا، فهو سنة من شاء فعله ومن شاء تركه.
ثامنًا: هل يقنُت في غير الوتر؟
الجواب:
القنوت يجوز في الوتر وفي الفرائض عند حدوث النوازل، وعلى هذا فلا قنوت في الفرائض إلا إذا نزلت بالمسلمين نازلة تحتاج إلى ذلك.
وأمَّا القنوت في الفجر دائمًا فقد صرح غير واحد من العلماء أنه بدعة مُحدثة.
تاسعًا: ما أفضل ما يتبع في دعاء القنوت؟
أ- أن يقتصر تارة على ما ورد من صيغة القنوت التي علّمها النبي -صلى الله عليه وسلم- للحسن -رضي الله عنه-.
ب- تارة أن يزيد ما شاء ليعلم الناس أنه لا بأس بذلك.
ج- وتارة أخرى يترك الدعاء بالكلية ليعلم الناس أن دعاء القنوت ليس بواجب.
ويقول الناظم شعرًا في هذا:
ولا تقنتن في كل وترك يا فتى فتجعله كالواجب المتأكد
ولكن قانتًا حينا وحينا فتاركا لذلك تسعد بالديل وتهتدي
ففعل وترك سنة وكلاهما أتت عن رسول الله إن كنت مقتد
عاشرًا: أخيرًا، ما يُسْتَحَبُّ قراءته في صلاة الوتر؟
هذا سر من أسرار النبوة الكريمة، واختبار له دلالات رائعة جمعت من مشكاة من أوتي جوامع الكلم.
فتدبَّر وتأمَّل من خلال هذه الوقفة مع السور التي كان يقرأها -صلى الله عليه وسلم- في صلاة الوتر.
“تنبيه”
هذه السور قراءتها سنة ويستحب الإتيان بغيرها أحيانًا لتمييزها عن الواجب، عن أبي بن كعب -رضي الله عنه-: أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يوتر بـ ﴿سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأَعْلَى﴾ و﴿قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ﴾ و﴿قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ﴾.
سبحان الله تنزيهاً وبراءةً وتوحيداً!
وزادت عائشة: “والمعوذتين” رواه النسائي وابن ماجه وأبو داود والبغوي والبيهقي.
فما الحكمة والسر وراء اختيار هذا السور الكريمة من رسول الرحمة -صلى الله عليه وسلم-؟