لطف الله عند البلاء والوباء
9 رمضان 1441
أحمد الخليف
لطف الله عند البلاء والوباء  Untit109
لطائف الله كثيرة.
والله من أسماءه اللطيف.
{وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ}.
قال ابن عباس رضي الله عنهما: حفيٌ بهم.
وقال عكرمة رضي الله عنه: بار ٌبهم.
وقال السدي رحمه الله: رفيق بهم.
وقال مقاتل رحمه الله: لطيف بالبر والفاجر

—-
ونبي الله يوسف عليه الصلاة والسلام مَرَّ بمراحل ابتلاء عظيمة ورأى لُطْفَ اللهِ فيها.

مَرَّ بفتن وبلايا ومِحَنٍ مُتتابعات ومع ذلك يقول: {إِنَّ رَبِّي لَطِيفٌ لِمَا يَشَاءُ إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ}.

وكُلُّ داءٍ فله دواءٌ وكُلُّ هَمٍ بعده فرجاً وكُلُّ ضِيقٍ بعده مَخْرَجاً  وكُلُّ عُسْرٍ بعده يُسْراً وكُلُّ مِحْنَةٍ تحملُ بين طَيَّاتِهَا مِنْحَةً.

فإذا ابتُلِيتَ بوباءٍ وبلاءٍ وفِتنةٍ ومُصيبةٍ فانظُر إلى لَطَائِفِ اللهِ فيها فستجدها كثيرةً وانظُر إلى مَنْ أصِيبَ بأشَدَّ من مُصيبتكَ حتَّى تعرف نعمة اللهِ عليكَ.
—-
{اللَّهُ لَطِيفٌ بِعِبَادِهِ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ الْقَوِيُّ الْعَزِيزُ}.
١- من لطف الله:
أن الله لم يجعله في شدة برد أو شدة حر فكان في أيام ربيعية مُمطرة.

٢- ومن لطف الله:
أن الله جعل مبتدأه في أماكن أخرى حتى نتمكن من أخذ الحيطة والحذر قبل وصوله.

٣- ومن لطف الله:
أن الله جعله قبيل رمضان وهو شهر الرحمات وشهر الدعاء والتضرع وكثرة الذكر والخيرات والبركات والبذل والصدقات.

٤- ومن لطف الله:
أن الله سَخَّرَ المختصين والمهتمين وذوي الخبرات الكافية فأرشدهم للرأي السديد وأخذ التدابير وسخر لهم الإمكانيات والقدرات وأعانهم ووفقهم.

٥- ومن لطف الله:
ما مَنَّ اللهُ به على هؤلاء المُصابين بالشفاء وأن أعداد المتوفين بسببه قليلة إذا قورنت بدول أخرى التي فقدت السيطرة والاحتواء.

٦- ومن لطف الله:
أن الله ردنا لبيوتنا وهيأ لنا المؤنة والزاد، ومكن لنا الأمن والأمان وسخر لنا من يسهر على حمايتنا ورعايتنا وراحتنا وصحتنا.

٧- ومن لطف الله:
أن الله رزقنا الثبات والطمأنية واليقين والصبر والحلم والرضا والتسليم  بقضاء الله وقدره وأن ما أصابنا لم يكن ليخطئنا وما أخطئنا لم يكن ليصيبنا.

 ٨- ومن لطف الله:
استشعارنا لعظمة الله وقدرته في مخلوق صغير من مخلوقاته لا يرى بالعين المجردة كيف توقف بسببه كل شيء.

٩- ومن لطف الله:
أدركنا أن الله هو الذي خلق الداء وهو الذي يخلق الدواء ويسبب الأسباب ويخلق المسبب وجعل لكل شيء سبباً فوفقنا ربنا لفعل الأسباب الوقائية والاحترازية.

١٠- ومن لطف الله:
عودة عباده إليه فنظر كافرهم إلى السماء ورفعوا في ديارهم النداء وضجوا  بالدعاء وهم على شركهم، ورأينا بحمد الله أن المسلمين أكثروا الدعاء برفع البلاء ثقة بوعده، وكان الإقبال إلى ربهم واخبات قلوبهم لبارئهم ظاهرا بحمد الله...

١١- ومن لطف الله:
ما رأيناه في مجتمعنا من خيرات ومبادرات إنسانية وأعمال تطوعية، فالكل يقدم، والكل يبادر، والكل يشارك ويساهم، ويعملون بروح الإيجابية، ويقدمون وينتجون -شعارهم كلنا مسئوول-...

١٢- ومن لطف الله:
أنه لا يقضي لعباده إلا بما فيه رحمة وحكمة، فكم من اللطائف والرحمات الكثيرة والحِكَمِ  العديدة في هذا الوباء الذي ابتلى اللهُ به عباده ليُعَرِّفَهُمْ بهِ ولِيَرُدَّهُمْ إليهِ فمَنْ تَعَرَّفَ على اللهِ في الرَّخاء عَرَفَهُ في الشِّدَّةِ.

١٣- ومن لطف الله:
أنه أظهر لنا قوته بجند من جنوده  وبَيَّنَ لنا ضعفنا وعجزنا وأننا أمام هذا المخلوق الضعيف ضعفاء خارت قوانا وتوقّفت قدراتنا وتعطّلت إمكانياتنا وتذكَّرنا قول ربنا: {وَإِن يَسْلُبْهُمُ الذُّبَابُ شَيْئًا لَّا يَسْتَنقِذُوهُ مِنْهُ ۚ ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ}.

يا الله... ما أعظم لطف الله في كل بلية ومصيبة.

ولطائف الله في هذا الوباء وفي كل بلاء تظهر في قوم أكثر من غيرهم وقد يظهر لطف الله عندك أكثر من غيرك ولطفه واسع ورحمته واسعة وعطاؤه واسع، {رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْمًا}.

فلا تُكْثِرْ من التَّسَخُّطِ والتَّضَجُّرِ والتَّأَفُّفِ وأنظر إلى جوانب لطف الله فإنه يُخَفِّف حِدَّةَ التَّسَخُّطِ.

والتأمُّل في لُطْفِ اللهِ يُهَوِّنُ الأحزانَ ويزيلُ غُبَارَ اليأس ويُعَقِّمَ القلبَ من أدران الشَّكِّ والقُنُوط.

والتَّوَكُّل على اللهِ والفَأْلُ الحسن، مع حُسْن الظن بالله، والإنابة والتضرع إليه، تجعل القلب يتأمَّلُ أكثر في لطائف الله ويغلق حال المصيبة النوافذ السلبية ويفتح نوافذ لطف الله ورحمته وفضائله ومِنَنِهِ وعطاءه ورُبَّ ضَارَّةٍ نافعةٍ.

وعندما نتأمَّل لطائف الله في هذا الوباء وهذه الأزمة لا يعني انتفاء المتاعب والمشاق وانعدام المُعاناة فنحن جزء من هذا العالم والوباء عام والمخاوف موجودة والمعاناة واقعة ولكن النظر في لطف الله هو حال المؤمن العارف بالله مع المصائب وذلك مما يهونها ويزيده صبراً وثباتاً وأنساً بذكر هذه اللطائف.

فلطائف الله كثيرة.. كثيرة، فاللهم اجعلنا عند البلاء من الصابرين وعند النعماء من الشاكرين.

عجباً لأمر المؤمن:
عَنْ أبي يَحْيَى صُهَيْبِ بْنِ سِنَانٍ -رضي الله عنه- قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله -صلى الله عليه وسلم-: "عَجَباً لأمْرِ الْمُؤْمِنِ إِنَّ أَمْرَهُ كُلَّهُ لَهُ خَيْرٌ، وَلَيْسَ ذَلِكَ لأِحَدٍ إِلاَّ للْمُؤْمِن: إِنْ أَصَابَتْهُ سَرَّاءُ شَكَرَ فَكَانَ خَيْراً لَهُ، وَإِنْ أَصَابَتْهُ ضَرَّاءُ صَبَرَ فَكَانَ خيْراً لَهُ". رواه مسلم.
 
المصدر:
https://www.almoslim.net/elmy/291858