حكم الاعتكاف في البيوت بسبب وباء كورونا
12 رمضان 1441
السُّؤال
هل يمكنُ الاعتكافُ مع صلاتنا التَّراويح في بيوتنا هذا العام 1441هـ، بمعنى: هل يُشرعُ الاعتكافُ في البيوتِ في مثلِ هذه الضّرورة، أي: في نازلة كورونا؟ وفَّقكم الله لِمَا فيه خير الدّين والدُّنيا.
أجاب عنها:
فضيلة الشيخ: عبد الرحمن البراك
الجواب
الحمدُ لله، وصلَّى الله وسلَّم على محمَّد..
أمَّا بعد:
فالاعتكافُ عبادةٌ مخصوصةٌ بالمساجد، كما قال تعالى: (وَلَا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ) (البقرة: 187)، والاعتزالُ في البيوت بُعدًا عن مُخالطة الأشرار أو التَّعرُّض للأضرار مطلبٌ في كلِّ وقت، ولا يُسمَّى لزومُ البيت أو غرفة منه في الشَّرع اعتكافًا، بل مَنْ عدَّ ذلك اعتكافًا فهو مُبتدعٌ؛ روى البيهقي في السُّنن الكبرى عن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: "إنَّ أبغضَ الأمُورِ إلى اللهِ البدعُ، وإنَّ مِن البدعِ الاعتكافُ في المساجدِ التي في الدّور" (1).
وأيضًا فللاعتكافِ أحكامٌ لا يُشرعُ اعتبارها في حقّ مَنْ لزمَ بيتَه؛ مثل أنَّه لا يخرجُ مِن مُعتكفه إلَّا لِمَا لابدَّ له منه (2).
وعلى هذا فلا يُشرعُ الاعتكافُ في البيت في العشر الأواخر، كما كانَ الرَّسولُ -صلَّى الله عليه وسلَّم- يعتكفُ في المسجد، وإن لزمَ المسلمُ بيتَه فلا يُعتدّ مُعتكفًا، كما تقدَّم، لكن يُثابُ على تفرُّغه للذّكر والعبادة وتلاوة القرآن، واللهُ أعلم.
أملاه:
فضيلة الشيخ: عبدُ الرَّحمن بن ناصر البرَّاك
حُرّر في 4 رمضان 1441هـ.
---------------------------------------------
(1) ت التركي (9/176 رقم 8648)، وأورده ابن مفلح في الفروع (5/141)، وابن رجب في فتح الباري (3/170) عن ابن عباس أنه سئل عن امرأة جعلت عليها أن تعتكف في مسجد نفسها في بيتها فذكره بنحوه وقال ابن مفلح إسناده جيد.
(2) ينظر: مواهب الجليل (3/241) وما بعدها، والمجموع شرح المهذب ط الإرشاد (6/524) وما بعدها، والمغني ط هجر (4/465) وما بعدها.
حكمُ إقامة صلاة الحاجة المُوحَّدة بسبب وباء "كورونا"
29 رجب 1441
السؤال
يسألُ عَن دعوةِ أو عَن رسالةٍ لدعوةٍ لصلاةِ الحاجةِ يومَ الثلاثاءِ على مستوى العالمِ في الساعةِ عشرة مساءً، ركعتانِ والتَّضرُّعِ برفعِ البلاءِ والوباءِ، رسالةٌ -أحسن الله إليك- فيها دعوةٌ لصلاةٍ مُوحّدةٍ أو صلاةِ الحاجةِ مساءَ الثلاثاءِ.
أجاب عنها فضيلة الشيخ :
عبد الرحمن بن ناصر البراك
الجواب
الحمدُ لله وحده، وصلَّى اللهُ وسلَّم على مَن لا نبي بعده..
أمَّا بعد:
فلا، ليس.. الذي ينبغي الدُّعاءُ، أن يدعو المسلمُ لإخوانه المسلمين دون ترتيب موعدٍ للنَّاس كلّهم، كلّ يدعو بنفسه لنفسه ولإخوانه المسلمين، يدعو لنفسه ولإخوانه المسلمين، دون ترتيب جماعي بواسطة التَّواصل، وسائل التَّواصل أو غيرها، لكن نتواصى، الآن نتواصى أن ندعو الله أن يرفعَ البلاءَ والوباءَ عن المسلمين، وأن يهدينا وإيَّاهم الصّراط المستقيم، ندعو ينبغي أن ندعو للمسلمين برفعِ الوباء الصّحيّ والوباء المتعلّق بأمر الدّين، ندعو الله أن يرزقنا والمسلمين صلاحَ الدّين والاستقامة والثَّبات والتَّوبة والإنابة إلى الله، وأن يرفعَ عنهم ويصرفَ عنهم الفتن والأمراض والأوبئة بمنِّه وكرمه، هذا مطلوبٌ مِن المسلم في كلّ وقت يتيسَّر له، في صلاته وخارج الصَّلاة مِن ليل أو نهار. والله أعلم.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
صلاة الجمعة في البيوت بسبب وباء كورونا
25 رجب 1441
السؤال:
فضيلة الشَّيخ: في هذه النَّازلة "كورونا" رفعها اللهُ عن المسلمين، وبعدَ إيقاف الجُمع والجماعات في المساجد، نسألُ -حفظكم الله- لو أنَّ الإخوة اجتمعوا في بيت أحدهم، وصلّوها جمعةً، أو أرادَ ربُّ البيتِ أن يصلِّي بأهله جمعةً، فهل هذا الفعلُ صحيحٌ ومشروعٌ؟ بيِّنوا لنا الحقَّ في ذلك، والله يتولَّاكم بتوفيقه وفضله.
أجاب عنها فضيلة الشيخ:
عبد الرحمن بن ناصر البراك
الجواب
الحمدُ لله وحده، وصلَّى اللهُ وسلَّم على مَن لا نبي بعده..
أمَّا بعد:
فأرى أنَّه لا تُصلَّى الجمعة مع هذه الحال، وإنَّما تُصلَّى ظهرًا بأربع ركعات، وذلك لِمَا يأتي:
أولًا:
أنَّ هذه الجمعة غير مأذونٍ فيها الإذنَ الشَّرعي مِن جهات الاختصاص.
ثانيًا:
أنَّ المعروفَ عند جمهور العلماء أنَّه لا يجوزُ تعدُّدُ الجمعة في البلدِ إلَّا لعذرٍ مُعتبَرٍ؛ كضيق المسجد وكثرة النَّاس، أو لعداوة بينهم، ونحو ذلك، فمِن باب أولى أن يُمنعَ تعدُّدُ إقامة الجمعة في كلِّ بيت.
ثالثًا:
أنَّ الجمعة شعارٌ مِن شعائر الدّين في بلدان المسلمين، ولا يتحقَّق ذلك بإقامتها في البيوت ونحوها، بل يناقضه كلَّ المناقضة.
رابعًا:
أنَّ أهلَ الأعذار مِن السُّجناء والمرضى ونحوهم لا تُشرع لهم إقامة الجمعة في أمكنتهم مع توفّر شروط وجوب إقامة الجمعة فيهم، وهذا ما عليه جمهورُ علماء المسلمين، وهذا شيخُ الإسلام -رحمه الله- سُجِنَ سبع سنين متفرِّقة، ولم يُنقلْ أنَّه صلَّى جمعة بالسّجناء، وهو إمامٌ يُقتدى به، وقبله إمامُ أهل السُّنَّة أحمد بن حنبل -رضي الله عنه- لبثَ في سجنه ثمانية وعشرين شهرًا، وقيل: أكثر مِن ذلك، ولم يُؤثر أنَّه صلَّى الجمعة بِمَن معه في السّجن.
وعلى هذا فأرى -بعد ما قيلَ مِن أنَّ اجتماع النَّاس قد يكونُ سببًا سريعًا لانتقال هذا الوباء- أن يُصلّي النَّاسُ الجمعة ظهرًا بأربع ركعات في بيوتهم.
وبهذه المناسبة ندعو إخواننا المسلمين إلى الرّجوع إلى الله بالتَّوبة والاستغفار والإقلاع عن كلِّ ذنب ومعصية؛ فإنَّ ذلك مِن أسباب رفع البلاء ودفعه، قال تعالى: وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (النور:31)، وقال سبحانه: وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ (الزمر:54). ونسأله تعالى أن ينصرَ دينَه ويُعلي كلمته، وصلَّى الله وسلَّم على نبيِّنا محمَّد.
أملاه فضيلة الشيخ:
عبدالرَّحمن بن ناصر البرَّاك
في 24 رجب 1441 هـ
المصدر:
https://www.almoslim.net/elmy/291705