أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52561 العمر : 72
| موضوع: لم يفت الأوان بعد لقهر هذه الجائحة الإثنين 05 أبريل 2021, 12:36 am | |
| لم يفت الأوان بعد لقهر هذه الجائحة بقلم تيدروس أدحانوم غيبريسوس، المدير العام لمنظمة الصحة العالمية 29 أيلول/سبتمبر 2020
مليون شخص خسروا حياتهم بسبب مرض كوفيد-19، وكثيرون آخرون ما زالوا يرزحون تحت وطأة هذه الجائحة.
هذه العتبة القياسية تشكّل منعطفاً قاسياً للعالم، ولكن ثمة بصيص أمل يدفعنا اليوم وفي المستقبل المنظور.
فبعد تسعة أشهر فقط من تحديد ماهية هذا الفيروس لأول مرة، تمكنت نخبة من أبرز العلماء في العالم بشكل جماعي من تطوير الاختبارات اللازمة لتشخيص الحالات، وتحديد علاجات مثل الكورتيكوستيرويدات للحد من الوفيات في الحالات الوخيمة، وإنتاج لقاحات مرشحة هي الآن في المرحلة الثالثة النهائية من التجارب.
وبينما ننتظر المزيد من الإنجازات، رأينا بالفعل أن هذا الفيروس يمكن احتواؤه بفعالية من خلال تطبيق تدابير صحية عامة مجربة ومثبتة الجدوى.
هناك بلدان عديدة انتهجت استجابة شاملة للحكومة ككل وللمجتمع بأسره.
وبفضل توافر بنية التأهب المناسبة، تمكنت هذه البلدان من العمل مبكراً على احتواء تفشي العدوى قبل أن تخرج عن السيطرة.
ومن الأمثلة على ذلك تايلند، التي تملك نظاماً طبياً وصحياً عاماً يتميز بموارد جيدة.
فقد تصرفت السلطات التايلندية بحزم، بناء على أفضل النصائح العلمية المتاحة، مدعومةً بقوى عاملة صحية مجتمعية مدربة وملتزمة، لقمع الفيروس وبناء الثقة وزيادة اطمئنان الجمهور.
وكانت إيطاليا من بين البلدان الأوائل التي شهدت تفشياً واسع النطاق للعدوى خارج الصين، وقادت مسيرة الاستجابة في نواحٍ عدة بالنسبة للبلدان الأخرى.
فقد اتخذت إيطاليا تدابير قوية، مسترشدةً بدروس تجربة ووهان، وتمكنت من الحد من انتقال العدوى وإنقاذ آلاف عديدة من الأرواح.
ونجحت في السيطرة على الفاشية بفضل الوحدة والتضامن الوطنيين، إلى جانب تفاني وتضحية العاملين الصحيين ومشاركة الشعب الإيطالي في جهود الاستجابة.
وعلى الرغم من أن إقليم الأمريكتين هو أكثر الأقاليم تضرراً من الجائحة، فقد أبلغت أوروغواي عن أدنى عدد من الحالات والوفيات في أمريكا اللاتينية، من حيث المجموع ونصيب الفرد على السواء.
ولم يكن ذلك محض صدفة.
فأوروغواي تتمتع بأحد أقوى النظم الصحية وأكثرها قدرة على الصمود في أمريكا اللاتينية، حيث تتبنى نهجاً استثمارياً مُستداماً يستند إلى توافق سياسي في الآراء بشأن أهمية الاستثمار في الصحة العامة.
ومن جهتها، سخّرت باكستان البنية التحتية لمرض شلل الأطفال، التي أُنشئت على مدى سنوات طويلة، من أجل مكافحة جائحة كوفيد-19.
واستُعين بالعاملين الصحيين المجتمعيين الذين تم تدريبهم على تنفيذ حملات منزلية لتطعيم الأطفال ضد فيروس شلل الأطفال لأغراض الترصّد وتتبع المخالطين وتقديم الرعاية.
وأدى ذلك إلى كبح جماح الفيروس، وعاد الاقتصاد ينتعش من جديد مع استقرار الوضع في البلد.
وهو ما يؤكد مقولة إن العبرة ليست في الاختيار بين السيطرة على الفيروس أو إنقاذ الاقتصاد؛ بل إن كليهما يسيران معاً يداً بيد.
وهناك العديد من الأمثلة الأخرى التي يمكن ذكرها، من بينها كمبوديا واليابان ونيوزيلندا وجمهورية كوريا ورواندا والسنغال وإسبانيا وفييت نام وغيرها.
فقد تعلم العديد من هذه البلدان دروساً من الفاشيات السابقة لأمراض المتلازمة التنفسية الحادة الوخيمة (سارس) ومتلازمة الشرق الأوسط التنفسية والحصبة وشلل الأطفال والإيبولا والأنفلونزا، لصقل نظامها الصحي والاستجابة لهذا العامل الممرض الجديد.
ولكن يظل الدرس الرئيسي هو نفسه: أياً يكن البلد الذي يتفشَّى فيه المرض، فإن الوقت لم يفت لعكس مسار الأحداث.
هناك أربع خطوات رئيسية يجب أن تركز عليها جميع البلدان والمجتمعات والأفراد للسيطرة على مسار الجائحة.
أولاً: منع الأحداث التي تُضخّم انتشار العدوى.
فكوفيد-19 ينتشر بكفاءة شديدة وسط التجمعات.
ثانياً: الحدّ من الوفيات عن طريق حماية الفئات الأضعف، بمن في ذلك كبار السن والأشخاص المصابون بأمراض كامنة والعاملون الصحيون الأساسيون.
ثالثاً: يجب أن يضطلع الأفراد بدورهم من خلال تطبيق التدابير التي نعلم جدواها لحماية أنفسهم والآخرين.
ويشمل ذلك الحفاظ على مسافة متر واحد على الأقل من الآخرين، وتنظيف اليدين بشكل منتظم، وممارسة آداب النظافة التنفسية، وارتداء كمامة.
عليكم بتجنب الميمات الثلاثة: الأماكن المغلقة، والأماكن المكتظة، وأوضاع المخالطة اللصيقة.
ورابعاً: يجب أن تتخذ الحكومات إجراءات مُحكمة لتقصي الحالات وعزلها واختبارها ورعايتها، وتتبع المخالطين وتوجيههم للحجر الصحي.
فمن الممكن تفادي تطبيق تدابير البقاء في المنزل على نطاق واسع إذا نفذت البلدان تدخلات مؤقتة هادفة جغرافياً.
إن الدورة الخامسة والسبعين للجمعية العامة للأمم المتحدة تتيح للعالم لحظة استثنائية يجتمع فيها للتفكّر في العام الماضي وشق طريق جماعي نحو المستقبل.
وهو أمر بالغ الأهمية، لأن هذه الطارئة الصحية العمومية التي تثير قلقاً دولياً تحتاج إلى حل عالمي.
ومن المتوقع أن ينكمش الاقتصاد العالمي بمقدار 7 تريليونات دولار أمريكي في عام 2020 نتيجة لهذه الجائحة.
ولا سيبيل لإنقاذ الأرواح وسبل العيش إلا من خلال التصدي لهذه الجائحة معاً.
وقد أُطلقت مبادرة تسريع إتاحة أدوات مكافحة كوفيد-19 في نيسان/أبريل هذا العام لتكون المبادرة العالمية الوحيدة التي تعرض حلاً لتسريع وتيرة القضاء على جائحة كوفيد-19.
فالاستثمار في هذه المبادرة، التي تمتلك أكبر محفظة من أدوات مكافحة كوفيد-19 في العالم، يزيد من احتمالات الحصول على "المرشح الفائز" ويحمي من المخاطر الاستثمارية التي تتكبدها البلدان التي أبرمت بالفعل اتفاقيات ثنائية فردية قد تفضي إلى الحصول على منتجات لا تملك مقومات النجاح.
وهذه المبادرة بحاجة إلى 35 مليار دولار أمريكي لتحقيق هدف تطوير أدوات جديدة وإنتاج وتسليم ملياري جرعة من اللقاح و245 مليون مقرر علاجي و500 مليون اختبار تشخيصي خلال العام المقبل.
ولا يمثل هذا المبلغ سوى 1% فقط مما التزمت حكومات مجموعة العشرين باستثماره بالفعل في حزم التحفيز الاقتصادي المحلية.
وبينما يمنحنا هذا المنعطف اليوم وقفة للتفكير، فإنه يشكل أيضا لحظة سانحة لنا جميعا لنتكاتف متضامنين في وجه هذا الفيروس.
فالتاريخ سيحكم علينا من القرارات التي سنتخذها أو لا نتخذها في الأشهر المقبلة.
فلنغتنم هذه الفرصة ونعبر حدودنا الوطنية لإنقاذ الأرواح والأرزاق.
المصدر: https://www.who.int/ar/news-room/commentaries/detail/never-too-late-to-fight-back-against-pandemic |
|