حكم الاعتكاف في البيوت بسبب وباء كورونا 19

السؤال:
هل يمكنُ الاعتكافُ مع صلاتنا التَّراويح في بيوتنا هذا العام 1441هـ، بمعنى: هل يُشرعُ الاعتكافُ في البيوتِ في مثلِ هذه الضّرورة، أي: في نازلة كورونا؟ وفَّقكم الله لِمَا فيه خير الدّين والدّنيا.


الجواب:
الحمدُ لله، وصلَّى الله وسلَّم على محمَّد..

أمَّا بعد:
فالاعتكافُ عبادةٌ مخصوصةٌ بالمساجد، كما قال تعالى: (وَلَا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ) [البقرة: 187]، والاعتزالُ في البيوت بُعدًا عن مخالطة الأشرار أو التَّعرُّض للأضرار مطلبٌ في كلِّ وقت، ولا يُسمَّى لزومُ البيت أو غرفة منه في الشَّرع اعتكافًا، بل مَنْ عَدَّ ذلك اعتكافًا فهو مُبتدعٌ؛ روى البيهقي في السُّنَنِ الكبرى عن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: «إنَّ أبغضَ الأمورِ إلى اللهِ البدعُ، وإنَّ مِن البدعِ الاعتكافُ في المساجدِ التي في الدّور» [1].

وأيضًا فللاعتكافِ أحكامٌ لا يُشرعُ اعتبارها في حقّ مَنْ لزمَ بيتَه؛ مثل أنَّه لا يخرجُ مِن مُعتكفه إلَّا لِمَا لابدَّ له منه [2].

وعلى هذا فلا يُشرعُ الاعتكافُ في البيت في العشر الأواخر، كما كانَ الرَّسولُ -صلَّى الله عليه وسلَّم- يعتكفُ في المسجد، وإن لزمَ المُسلمُ بيتَه فلا يُعتدّ مُعتكفًا، كما تقدَّم، لكن يُثابُ على تفرُّغه للذّكر والعبادة وتلاوة القرآن، والله أعلم.
أملاه:
عبدُ الرَّحمن بن ناصر البرَّاك
حُرّر في 4 رمضان 1441هـ
------------------------------------------
[1] - ت التركي (9/176 رقم 8648)، وأورده ابن مفلح في الفروع (5/141)، وابن رجب في فتح الباري (3/170) عن ابن عباس أنه سُئِلَ عن امرأة جعلت عليها أن تعتكف في مسجد نفسها في بيتها فذكره بنحوه وقال ابن مفلح إسناده جيد.
[2] - ينظر: مواهب الجليل (3/241) وما بعدها، والمجموع شرح المهذب ط الإرشاد (6/524) وما بعدها، والمغني ط هجر (4/465) وما بعدها.