(مَّلْعُونِينَ أَيْنَمَا ثُقِفُوۤاْ أُخِذُواْ وَقُتِّلُواْ تَقْتِيلاً) (الأحزاب: 61).
تفسير الأية: خواطر محمد متولي الشعراوي (ت 1418 هـ)
الملعون: المطرود من رحمة الله، أو مطرودون من المدينة بعد أنْ كشف الله دخائِلَ نفوسهم الخبيثة؛ لذلك طردهم رسول الله من المسجد؛ لأنهم كانوا من خُبْثهم ولُؤْمهم يدخلون المسجد، بل ويُصلُّون في الصف الأول، يظنون أن ذلك يستر نفاقهم.
لكن رسول الله كان يطردهم بالاسم: يا فلان، يا فلان، فكان -صلى الله عليه وسلم- يعرفهم، ولم لا وقد قال الله له: (وَلَوْ نَشَآءُ لأَرَيْنَاكَهُمْ فَلَعَرَفْتَهُم بِسِيمَاهُمْ..) (محمد: 30).
ومعنى (أَيْنَمَا ثُقِفُوۤاْ..) (الأحزاب: 61) أي: وُجِدوا (أُخِذُواْ..) (الأحزاب: 61) أي: أُسِروا (وَقُتِّلُواْ تَقْتِيلاً) (الأحزاب: 61) ولاحظ المبالغة في (وَقُتِّلُواْ..) (الأحزاب: 61) والتوكيد في (تَقْتِيلاً) (الأحزاب: 61) يعني: اقتلوهم بعنف، ولا تأخذكم فيهم رحمة جزاءَ ما ارتكبوه في حق الإسلام والمسلمين.
ولأن المنافق الذي طُبع على النفاق صارت طبيعته مسمومة مُلوّثة لا تصفو أبداً، فالنفاق في دمه يلازمه أينما ذهب، ولابُدَّ أنْ ينتهي أمره إلى الطرد من أي مكان يحل فيه.
لذلك، فمع أن الله تعالى قطَّعهم في الأرض أمماً، إلا أن كل قطعة منهم في بلد من البلاد لها تماسك فيما بينها، بحيث لا يذوبون في المجتمعات الأخرى فتظل لهم أماكن خاصة تُعرف بهم، وفي كل البلاد تعرف حارة اليهود، لكن لا بد أنْ يكتشف الناس فضائحهم، وينتهي الأمر بطردهم وإبادتهم، وآخر طرد لهم ما حدث مثلاً في ألمانيا.
وصدق الله حين قال فيهم: (وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكَ لَيَبْعَثَنَّ عَلَيْهِمْ إِلَىٰ يَوْمِ ٱلْقِيَامَةِ مَن يَسُومُهُمْ سُوۤءَ ٱلْعَذَابِ) (الأعراف: 167).
ثم يقول الحق سبحانه: (سُنَّةَ ٱللَّهِ فِي ٱلَّذِينَ...).