منتديات إنما المؤمنون إخوة (2024 - 2010) The Believers Are Brothers

(إسلامي.. ثقافي.. اجتماعي.. إعلامي.. علمي.. تاريخي.. دعوي.. تربوي.. طبي.. رياضي.. أدبي..)
 
الرئيسيةالأحداثأحدث الصورالتسجيل
(وما من كاتب إلا سيبلى ** ويبقى الدهر ما كتبت يداه) (فلا تكتب بكفك غير شيء ** يسرك في القيامة أن تراه)

IZHAR UL-HAQ

(Truth Revealed) By: Rahmatullah Kairanvi
قال الفيلسوف توماس كارليل في كتابه الأبطال عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "لقد أصبح من أكبر العار على أي فرد مُتمدين من أبناء هذا العصر؛ أن يُصْغِي إلى ما يظن من أنَّ دِينَ الإسلام كَذِبٌ، وأنَّ مُحَمَّداً -صلى الله عليه وسلم- خَدَّاعٌ مُزُوِّرٌ، وآنَ لنا أنْ نُحارب ما يُشَاعُ من مثل هذه الأقوال السَّخيفة المُخْجِلَةِ؛ فإنَّ الرِّسَالة التي أدَّاهَا ذلك الرَّسُولُ ما زالت السِّراج المُنير مُدَّةَ اثني عشر قرناً، لنحو مائتي مليون من الناس أمثالنا، خلقهم اللهُ الذي خلقنا، (وقت كتابة الفيلسوف توماس كارليل لهذا الكتاب)، إقرأ بقية كتاب الفيلسوف توماس كارليل عن سيدنا محمد -صلى الله عليه وسلم-، على هذا الرابط: محمد بن عبد الله -صلى الله عليه وسلم-.

يقول المستشرق الإسباني جان ليك في كتاب (العرب): "لا يمكن أن توصف حياة محمد بأحسن مما وصفها الله بقوله: (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِين) فكان محمدٌ رحمة حقيقية، وإني أصلي عليه بلهفة وشوق".
فَضَّلَ اللهُ مِصْرَ على سائر البُلدان، كما فَضَّلَ بعض الناس على بعض والأيام والليالي بعضها على بعض، والفضلُ على ضربين: في دِينٍ أو دُنْيَا، أو فيهما جميعاً، وقد فَضَّلَ اللهُ مِصْرَ وشَهِدَ لها في كتابهِ بالكَرَمِ وعِظَم المَنزلة وذَكَرَهَا باسمها وخَصَّهَا دُونَ غيرها، وكَرَّرَ ذِكْرَهَا، وأبَانَ فضلها في آياتٍ تُتْلَى من القرآن العظيم.
المهندس حسن فتحي فيلسوف العمارة ومهندس الفقراء: هو معماري مصري بارز، من مواليد مدينة الأسكندرية، وتخرَّجَ من المُهندس خانة بجامعة فؤاد الأول، اشْتُهِرَ بطرازهِ المعماري الفريد الذي استمَدَّ مَصَادِرَهُ مِنَ العِمَارَةِ الريفية النوبية المَبنية بالطوب اللبن، ومن البيوت والقصور بالقاهرة القديمة في العصرين المملوكي والعُثماني.
رُبَّ ضَارَّةٍ نَافِعَةٍ.. فوائدُ فيروس كورونا غير المتوقعة للبشرية أنَّه لم يكن يَخطرُ على بال أحَدِنَا منذ أن ظهر وباء فيروس كورونا المُستجد، أنْ يكونَ لهذه الجائحة فوائدُ وإيجابيات ملموسة أفادَت كوكب الأرض.. فكيف حدث ذلك؟!...
تخليص الإبريز في تلخيص باريز: هو الكتاب الذي ألّفَهُ الشيخ "رفاعة رافع الطهطاوي" رائد التنوير في العصر الحديث كما يُلَقَّب، ويُمَثِّلُ هذا الكتاب علامة بارزة من علامات التاريخ الثقافي المصري والعربي الحديث.
الشيخ علي الجرجاوي (رحمه الله) قَامَ برحلةٍ إلى اليابان العام 1906م لحُضُورِ مؤتمر الأديان بطوكيو، الذي دعا إليه الإمبراطور الياباني عُلَمَاءَ الأديان لعرض عقائد دينهم على الشعب الياباني، وقد أنفق على رحلته الشَّاقَّةِ من مَالِهِ الخاص، وكان رُكُوبُ البحر وسيلته؛ مِمَّا أتَاحَ لَهُ مُشَاهَدَةَ العَدِيدِ مِنَ المُدُنِ السَّاحِلِيَّةِ في أنحاء العالم، ويُعَدُّ أوَّلَ دَاعِيَةٍ للإسلام في بلاد اليابان في العصر الحديث.

أحْـلامٌ مِـنْ أبِـي (باراك أوباما) ***

 

 سورة السجدة الآيات من 16-20

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 52644
العمر : 72

سورة السجدة الآيات من 16-20 Empty
مُساهمةموضوع: سورة السجدة الآيات من 16-20   سورة السجدة الآيات من 16-20 Emptyالسبت 31 أكتوبر 2020, 10:58 am

تَتَجَافَىٰ جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ (١٦)
تفسير الأية: خواطر محمد متولي الشعراوي (ت 1418 هـ)

التجافي يعني الترك، لكن الترك قد يكون معه شوق ويصاحبه ألم، كما تودع حبيباً وتتركه وأنت غير زاهد فيه ولا قَالٍ له، أما الجفوة فترك فيه كراهية للمتروك، فهؤلاء المؤمنون الذين يتركون مضاجعهم كأن جنوبهم تكره المضجع وتجفوه؛ لأنها تتركه إلى لذة أبقى وأعظم هي لذة الاتصال بالله ومناجاته.

ونذكر هنا إن الإمام علياً -رضي الله عنه- حينما ذهب ليدفن فاطمة بنت رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، -رضي الله عنها- وقف عند قبر رسول الله وقال: السلام عليك يا سيدي يا رسول الله، قَلَّ عن صفيتك صبري، ورقَّ عنها تجلُّدي، إلا أن لي في التعزي بعظيم فُرْقتك وفادح مصيبتك موضع تأسٍّ -يعني: الذي تحمَّل فَقْدك يا رسول الله يهون عليه أيُّ فَقْد بعدك- فلقد وسدتُك يا رسول الله في ملحودة قبرك، وفاضت بين سَحْري ونَحْري نفسك، أمَّا ليلي فمُسهَّد، وأمَّا حُزني فَسَرْمَد، إلى أنْ يختار الله لي دارك التي أنت بها مُقيم، هذا وستخبرك ابنتك عن حال أمَّتك وتضافرها على هضمها... فَأصْغِها السؤال، واستخبرها الحال، هذا ولم يَطلُّ منك العهد، ولم يخْلُ منك الذكر.

ثم لَمَّا أراد أنْ ينصرف عن قبر حبيبه قال: والسلام عليك سلام مُودِّع، لا قال ولا سئم، فإنْ انصرف فلا عن ملالة، وإنْ أُقِم فلا عن سوء ظنَّ بما وعد الله به عباده الصابرين.

فقوله تعالى: (تَتَجَافَىٰ جُنُوبُهُمْ عَنِ ٱلْمَضَاجِعِ..) (السجدة: 16) أي: تكرهها وتجفوها، مع أنها أعزُّ ما يركن إليه الإنسان عند راحته، فالإنسان حين تدبّ فيه الحياة، ويستطيع أنْ تكون له قوة ونشاط يعمل في الحياة، فالعمل فرع وجود الحياة، وبالقوة يمشي، وبالقوة يحمل الأثقال.

فإذا ما أتعبه الحِمْل وضعه عن نفسه ليستريح، لكنه يستطيع أن يمشي بدون حمل، فإنْ أتعبه المشي وقف، فإذا أتعبه الوقوف جلس؛ لذلك يحدث أن تقول لصاحبك: لو سمحت احمل عني هذا الحِمْلَ فيقول: يا شيخ، هل أنا قادر أن أحمل نفسي؟

إذن: التعب في هذه الحالة ناشئ من ثِقَل الجسم على القدمين فيتعبه الوقوف، ألاَ ترانا إذا أطال الإمام في الصلاة مثلاً نراوح بين القدمين مرة على هذه، ومرة على هذه، أما القعود فيريح الإنسان؛ لأنه يُوسِّع دائرة العضو المحتمل، فثِقَل الجسم في حالة القعود يُوزَّع على المقعدة كلها، فإذا بلغ به التعب حداً بحيث أتعبه القعود فإنه يستلقي على جنبه، ويمد جسمه كله على الأرض فيتوزع الثقل على كل الأعضاء، فلا يحمل العضو إلا ثقله فقط.

فإنْ شعر الإنسان بتعب بعد هذا كله تقلَّب على جنبه الآخر أو على ظهره، هذه كلها ألوان من الراحة لجسم الإنسان، لكنه لا يرتاح الراحة الكاملة إلا إذا استغرق في النوم، ويُسمُّون هذا التسلسل متواليات عضلية.

والدليل على أن النوم راحة تامة أنك لا تشعر فيه بالألم الذي تشعر به حال اليقظة - إنْ كنت تتألم من مرض مثلاً - وهذه كلها متواليات يمر بها المؤمن، وبالتالي إذا مات استراح أكثر، ثم إذا بُعِث يوم القيامة ارتاح الراحة الكبرى، فهي مراحل نمرُّ بها إلى أنْ نرتمي في حضن خالقنا عز وجل.

إذن: فالمضاجع آخر مرحلة في اليقظة، ولم تأْتِ إلا بعد عدة مراحل من التعب، ومع ذلك شوق المؤمنين إلى ربهم ورغبتهم في الوقوف بين يديه سبحانه يُنسيهم هذه الراحة، ويُزهِّدهم فيها، فيجفونها ليقفوا بين يدي الله.

وفي موضع آخر قال تعالى عنهم: (كَانُواْ قَلِيلاً مِّن ٱللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ) (الذاريات: 17) ثم يقول سبحانه: (يَدْعُونَ رَبَّهُمْ..) (السجدة: 16) أي: يدعون ربهم وهم على حال التعب، كأن الدعاء مجرد الدعاء يريحهم، لماذا ولم يُجَابوا بعد؟

قالوا: لأنهم وضعوا حاجاتهم وطلبهم عند قادر على الإنفاذ، ثم إن حلاوة لقائهم بربهم في الصلاة تُنسيهم التعب الذي يعانون.

والمؤمنون يدعون ربهم (خَوْفاً وَطَمَعاً..) (السجدة: 16) أي: خوفاً مما حدث منهم من تقصير في حق الله، وأنهم لم يُقدِّموا لله تعالى ما يستحق من التقوى ومن الطاعة (وَطَمَعاً..) (السجدة: 16) أي: في المغفرة (وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ) (السجدة: 16) والمراد هنا الزكاة.

لذلك نرى في قوله تعالى: (تَتَجَافَىٰ جُنُوبُهُمْ عَنِ ٱلْمَضَاجِعِ..) (السجدة: 16) أن هذا التجافي كان بقصد الصلاة؛ لأن القرآن عادةً ما يقرن بالصلاة بالزكاة، فقال بعدها: (وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ) (السجدة: 16).



سورة السجدة الآيات من 16-20 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 52644
العمر : 72

سورة السجدة الآيات من 16-20 Empty
مُساهمةموضوع: رد: سورة السجدة الآيات من 16-20   سورة السجدة الآيات من 16-20 Emptyالسبت 31 أكتوبر 2020, 10:59 am

فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (١٧)
تفسير الأية: خواطر محمد متولي الشعراوي (ت 1418 هـ)

قلنا: إن الحق سبحانه أخفى أسرار الخير عن الخَلْق، ولم يُعْطهم منها إلا على قدر حاجتهم منها، فإذا أراد سبحانه أنْ يُجازي عباده المؤمنين لا يجازيهم بما يعلمون من خيرات الدنيا وإمكاناتهم فيها، إنما يجازيهم بما يعلم هو سبحانه، وبما يتناسب مع إمكانات قدرته.

وهذه الإمكانات لا نستطيع نحن التعبير عنها؛ لأن ألفاظ اللغة لا تستطيع التعبير عنها، ومعلوم أن الإنسان لا يضع الاسم إلا إذا وُجد المسمى والمعنى أولاً؛ لذلك قال تعالى في التعبير عن هذا النعيم: (فَلاَ تَعْلَمُ نَفْسٌ مَّآ أُخْفِيَ لَهُم مِّن قُرَّةِ أَعْيُنٍ..) (السجدة: 17).

وقال النبي -صلى الله عليه وسلم- عن الجنة: "فيها ما لا عين رأتْ، ولا أذن سمعت، ولا خظر على قلب بشر".

إذن: كيف نُسمِّي هذه الأشياء؟

وكيف نتصَّورها وهي فوق إدراكاتنا؟

لذلك سنفاجأ بها حين نراها إنْ شاء الله.

ثم أَلاَ ترى أن الحق سبحانه حينما يعرض علينا طرفاً من ذكر الجنة لا يقول لنا الجنة كذا وكذا، إنما يقول: (مَّثَلُ ٱلْجَنَّةِ ٱلَّتِي وُعِدَ ٱلْمُتَّقُونَ..) (الرعد: 35) أي: أن ما نعرضه عليك ليس هو الجنة، إنما شبيه بها، أما هي على الحقيقة ففوق الوصف الذي تؤديه اللغة، فأنا أعطيكم الصورة القريبة لأذهانكم.

ثم يُنقي الحق سبحانه المثل الذي يضربه لنا من شوائبه في الدنيا، وتأمل في ذلك قول الله تعالى عن نعيم الجنة: (مَّثَلُ ٱلْجَنَّةِ ٱلَّتِي وُعِدَ ٱلْمُتَّقُونَ فِيهَآ أَنْهَارٌ مِّن مَّآءٍ غَيْرِ آسِنٍ..) (محمد: 15) وكانت آفة الماء عندهم أن يأسن ويتغير في الجرار، فنقَّاه الله من هذه الآفة.

وكذلك في: (وَأَنْهَارٌ مِّن لَّبَنٍ لَّمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ..) (محمد: 15) وكان العربي إذا سار باللبن يحمض فيعافه: (وَأَنْهَارٌ مِّنْ خَمْرٍ لَّذَّةٍ لِّلشَّارِبِينَ..) (محمد: 15) وآفة خمر الدنيا أنها تغتال العقل، وتذهب به، وليس في شربها لذة؛ لذلك نرى شاربها والعياذ بالله يتجرَّعها مرة واحدة، ويسكبها في فمه سَكْباً، دليلاً على أنها غير طيبة، وهل رأيت شارب الخمر يمتصُّها مثلاً كما تمتص كوباً من العصير، وتشعر بلذة شربه؟

وقد وصف الله خمر الآخرة بقوله: (لاَ فِيهَا غَوْلٌ وَلاَ هُمْ عَنْهَا يُنزَفُونَ) (الصافات: 47).

ثم يقول سبحانه: (وَأَنْهَارٌ مِّنْ عَسَلٍ مُّصَفًّى..) (محمد: 15) فوصف العسل بأنه مُصفَّى؛ لأن آفة العسل عندهم ما كان يعلَق به من الحصى والشوائب حين ينحدر من بيوت النحل في الجبال، فصفَّى الله عسل الآخرة من شوائب العسل في الدنيا.

ومهما بلغ بنا ترف الحياة ونعيمها، ومهما عَظُمَتْ إمكاناتنا في الدنيا، فلن نرى فيها نهراً من الخمر، أو من اللبن، أو من العسل، ثم إن هذه الأنهار تجري في الجنة بلا شطآن، بل ويتداخل بعضها في بعض دون أن يطغى أحد منها على الآخر، وهذه طلاقة القدرة التي لا حدود لها.

إذن: الحق سبحانه حين يشرح لنا نعيم الجنة، وحين يَصِفُها يعطينا المثال لا الحقيقة، ثم يُنقِّى هذا المثال مما يشوبه في الدنيا.

ومن ذلك أن العربي كان يحب شجرة السِّدر أي النبق، فيستظل بظلها، ويأكل ثمرها، لكن كان ينغص عليه هذه اللذة ما بها من أشواك لابُدَّ أنْ تؤذى مَنْ يقطف ثمارها، فلما ذكرها الله تعالى في نعيم الجنة قال عنها: (فِي سِدْرٍ مَّخْضُودٍ) (الواقعة: 28) أي: منزوع الشوك، فالمتعة به تامة لا يُنغِّصها شيء.

ولما تكلم عن نساء الجنة قال سبحانه عن الحور العين: (لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنسٌ قَبْلَهُمْ وَلاَ جَآنٌّ) (الرحمن: 74) فنفى عنهن ما يُنغِّص على الرجل جمال المرأة في الدنيا، وطمأنك أنها بِكْر لم ينظر إليها أحد قبلك.

لهذا قال تعالى عن نعيم الجنة (فَلاَ تَعْلَمُ نَفْسٌ مَّآ أُخْفِيَ لَهُم مِّن قُرَّةِ أَعْيُنٍ..) (السجدة: 17) والقرة والقُرور أي: السكون، ومنه قرَّ في المكان أي: استقر فيه، والمعنى أن الإنسان لا يستقر في المكان إلا إذا وجد فيه راحته ومُقوِّمات حياته، فإذا أردتَ أنْ تستقر في مكان أو تشتري شقة مثلاً تسأل عن المرافق والخدمات من ماء وكهرباء وطرق.. إلخ.

حتى نحن في تعبيراتنا العامية وفي الريف الذي يحتفظ لنا بخصائص الفطرة النقية التي لم يَشُبْها زيف الحضارات ولا زخرفة المدينة، وهذه الفطريات تستهوي النفوس وتجذبها، بدليل أن الإنسان الحضاري مهما بلغ القمة وسكن ناطحات السحاب، وتوفرتْ له كل كماليات الحياة لابُدَّ أنْ يأتي اليوم الذي يلجأ فيه إلى أحضان الطبيعة، فلا ترتاح نفسه، ولا تستقر إلا في الريف، فيقضي هناك عدة أيام حيث تهدأ هناك نفسه، وتستريح من ضوضاء المدينة، والبعض يسمونها (الويك إند).

فمعنى (قرة العين) أي: استقرارها على شيء بحيث لا تتحول عنه إلى غيره، والعين لا تستقر على الشيء إلا إذا أعجبها، ورأتْ فيه كل ما تصبو إليه من متعة.

ومن ذلك قولنا (فلان عينه مليانة) يعني: لا يحتاج مزيداً من المرائي غير ما يراه (وفلان عينه فارغة) يعني: لا يكتفي بما يرى، بل يطلب المزيد، فينظر هنا وهناك.

ففي الجنة تقرّ العيون بحيث لم يَعُدْ لها تطلعات، فقد كَمُلَتْ لها المعاني، فلا ينبغي لها أنْ تطمع في شيء آخر إلا الدوام.

لذلك يخاطب الله رسوله -صلى الله عليه وسلم-: (وَلاَ تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَىٰ مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجاً مِّنْهُمْ زَهْرَةَ ٱلْحَيَاةِ ٱلدُّنْيَا لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ..) (طه: 131).

فالإنسان إذا كانت عينه فارغة تراه زائغ العينين، ينظر هنا وهناك، ولو كانت عينه (مليانة) لانتهى عندها.

ومن معاني مادة (قرَّ) القُرُّ وهو البرد الشديد، وهذا المعنى يَكْنُون به عن سرور النفس، فالعين الباردة أي: المسرورة، أما العين الساخنة فهي الحزينة المتألمة.

ومن المعاني أيضاً لقرور العين سكونها وعدم حركتها لِعلَّة أو عمى، ومن ذلك قول المرأة التي دخلتْ على الخليفة فقالت: أقرَّ الله عينك، وأتمَّ عليك نعمتك.

ففهم الحاضرون أنها تدعو له، فقال: والله ما دعتْ لي، إنما دعتْ عليَّ، فهي تقصد أقرَّ الله عينك يعني: أسكنها لا تتحرك، وأتمَّ عليك نعمتك.

أي: أزالها؛ لأن النعمة إذا تمتْ زالت، فلا شيء بعد التمام إلا النقصان.

ثم يُعلِّل الحق سبحانه هذا النعيم الذي أخفاه لعباده المؤمنين في الجنة بأنه (جَزَآءً بِمَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ) (السجدة: 17) وهذه أثارت معركة بين العلماء هي معركة الأحباء: فريق قال إن المؤمن يدخل الجنة بعمله، كما نصَّتْ هذه الآية أي: أن الجنة بالعدل لا بالفضل، وفريق قال: بل يدخل الجنة بفضل الله، كما جاء في قول الحق سبحانه وتعالى: (قُلْ بِفَضْلِ ٱللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُواْ هُوَ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ) (يونس: 58).

وقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: "لن يدخل أحدٌ الجنةَ بعمله قالوا: ولا أنت يا رسول الله؟

قال: ولا أنا إلا أن يتغمدني الله برحمته".

فلما حميَتْ هذه المعركة أرادوا أنْ يوحدوا هذين الرأيين، ويُوفِّقوا بينهما، فقالوا: لقد سبق الله تعالى المكلف بالإحسان، فخلق له مُقومات حياته قبل أنْ يوجد، ثم تركه يرتع في نِعَمه دون أنْ يطالبه بشيء حتى بلغ سِنَّ التكليف.

فإذا ما كلَّفه الله بعد سابق نعمه عليه، فعليه أنْ يطيع هذا التكليف جزاء ما سبق من إحسان الله إليه الإحسان الأول، وبذلك يكون الجزاء في الآخرة ليس على العمل، إنما محْض فضل من الله على عباده.

إذن: حينما تؤدي ما كلَّفك ربك به كأنك تجازي ربك بطاعته على سابق إحسانه إليه، فكأن الجنة ونعيمها زيادة وفضل من الله، فالله سبحانه له الفضل عليك في الأولى، وله الفضل عليك في الآخرة.

ثم إن الحق -تبارك و تعالى- حين يُشرِّع لك ويكلِّفك، فشَرْعه وتكليفه في ذاته فضل، أَلاَ ترى أن الحسنة عنده سبحانه بعشر أمثالها، وأنها تضاعف إلى أضعاف كثيرة، ونحن مِلْكه سبحانه، يعطينا أو لا يعطينا.

وبعض أهل المعرفة والشطح يقولون: الله قدَّم الإحسان أولاً، فيجب على العبد أن يأتي بالإحسان جزاء الإحسان؛ لأنه: (هَلْ جَزَآءُ ٱلإِحْسَانِ إِلاَّ ٱلإِحْسَانُ) (الرحمن: 60).

وحين يُحسِن العبد في التكليف يُحيِّيه ربه بإحسان آخر، فيرد العبد على إحسان ربه إليه بالإحسان، وهكذا يتواصل الإحسان بين العبد وربه إلى ما لا نهاية.

ثم يقول الحق سبحانه: (أَفَمَن كَانَ مُؤْمِناً...).



سورة السجدة الآيات من 16-20 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 52644
العمر : 72

سورة السجدة الآيات من 16-20 Empty
مُساهمةموضوع: رد: سورة السجدة الآيات من 16-20   سورة السجدة الآيات من 16-20 Emptyالسبت 31 أكتوبر 2020, 11:00 am

أَفَمَنْ كَانَ مُؤْمِنًا كَمَنْ كَانَ فَاسِقًا لَا يَسْتَوُونَ (١٨)
تفسير الأية: خواطر محمد متولي الشعراوي (ت 1418 هـ)

أولاً: نلحظ في اللفظ أن مؤمناً وفاسقاً جاءت بصيغة المفرد، فكان القياس أنْ نقول: لا يستويان، إنما سياق القرآن (لاَّ يَسْتَوُونَ) (السجدة: 18) وسبق أنْ قُلْنا: إن (من وما) الموصولتين تأتي للمفرد أو للمثنى أو للجمع، وللمذكر وللمؤنث، فمرة يراعي السياق لفظها، ومرة يراعى معناها.

والمعنى هنا (أَفَمَن كَانَ مُؤْمِناً كَمَن كَانَ فَاسِقاً) (السجدة: 18) الحق سبحانه لا يتكلم عن المفرد، إنما عن الجمع، أو أنها قيلت رداً لحالة مخصوصة بين مؤمن وكافر وأراد الحق سبحانه أن يعطيها العموم لا خصوص السبب، فراعى السياق خصوص السبب في مؤمن وكافر، وراعى عموم الموضوع فقال (لاَّ يَسْتَوُونَ) (السجدة: 18) والقاعدة الفقهية تقول: إن العبرة في القرآن بعموم اللفظ لا بخصوص السبب.

وقيل: إن هذه الآية نزلت في الوليد بن عقبة بن أبي معيط حين جادل علياً -رضي الله عنه-.

فقال له: أنا أشبُّ منك شباباً، وأجلد منك جَلَداً، وأذرب منك لساناً، وأحدُّ منك سناناً، وأشجع منك وجداناً، وأكثر منك مَرَقاً، فردَّ عليه عليٌّ -كرَّم الله وجهه- بما يدحض هذا كله ويبطله، فقال له: اسكت يا فاسق، ولا موهبة لفاسق.

والمعنى: إنْ كنت كما تقول فقد ضيعتَ هذا كله بفسقك، حيث استعملتَ قوة شبابك وجَلَدك وذَرَب لسانك وشجاعة وجدانك في الباطل وفي المعصية، وفي الصدِّ عن سبيل الله.

وهكذا جمعتْ الآية بين خصوصية هذا السبب في (أَفَمَن كَانَ مُؤْمِناً كَمَن كَانَ فَاسِقاً..) (السجدة: 18) وبين عموم الموضوع في (لاَّ يَسْتَوُونَ) (السجدة: 18)، فهذا الحكم ينسحب على الجمع أيضاً.

وجاء قوله تعالى: (لاَّ يَسْتَوُونَ) (السجدة: 18) كأنه جواب للسؤال (أَفَمَن كَانَ مُؤْمِناً كَمَن كَانَ فَاسِقاً..) (السجدة: 18) لكن، لماذا لم يأتِ الجواب مثلاً: لا يستوي المؤمن والفاسق؟

قالوا: لأن هذا الأسلوب يسمى أسلوب الإقناع التأكيدي، وهو أن تجعل الخصم هو الذي ينطق بالحكم.

كما لو قال لك صديق: لقد مررتُ بأزمة ولم تقف بجانبي.

فتستطيع أنْ تقول له: وقفتُ بجانبك يوم كذا ويوم كذا - على سبيل الخبر منك، لكن الإخبار منك يحتمل الصدق ويحتمل الكذب، فتلجأ إلى أسلوب آخر لا يستطيع معه الإنكار، ولا يملك إلا الاعتراف لك بالجميل فتقول بصيغة السؤال: ألم أقدم لك كذا وكذا يوم كذا وكذا؟

وأنت لا تسأله إلا إذا وثقتَ بأن جوابه لابُدَّ أنْ يأتي وَفْق مرادك وعندها يكون كلامه حجة عليه.

لذلك طرح الحق سبحانه هذه المسألة في صورة سؤال: (أَفَمَن كَانَ مُؤْمِناً كَمَن كَانَ فَاسِقاً..) (السجدة: 18) ولا بد أن نقول نحن في جواب هذا السؤال: لا يستوي مؤمن وفاسق، ومَنْ يقُلْ بهذا فقد وافق مراد ربه.

وما دام أن المؤمن لا يستوي والفاسق، فلكل منهما جزاء يناسبه: (أَمَّا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ...).



سورة السجدة الآيات من 16-20 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 52644
العمر : 72

سورة السجدة الآيات من 16-20 Empty
مُساهمةموضوع: رد: سورة السجدة الآيات من 16-20   سورة السجدة الآيات من 16-20 Emptyالسبت 31 أكتوبر 2020, 11:03 am

أَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَلَهُمْ جَنَّاتُ الْمَأْوَىٰ نُزُلًا بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (١٩)
تفسير الأية: خواطر محمد متولي الشعراوي (ت 1418 هـ)

وإنْ كانت لفظة (مؤمن) جاءت مفردة، فقد أوضحتْ هذه الآية أن المراد الجمع (أَمَّا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ..) (السجدة: 19) أي: العموم؛ لأنه أُخِذ مما كان مفرداً جمعاً، وهذا دليل على أن هذا المفرد في جنسه جمع كثير، كما في قوله تعالى: (وَٱلْعَصْرِ * إِنَّ ٱلإِنسَانَ لَفِى خُسْرٍ) (العصر: 1-2) فالإنسان مفرد يُستثنى منه الجمع: (إِلاَّ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ..) (العصر: 3) لأن لفظة الإنسان هنا تدل على الجماعة، و (ال) فيها ال الاستغراقية.

فالحق سبحانه ينقلنا من المؤمن إلى العموم (أَمَّا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ..) (السجدة: 19) ومن الفاسق إلى: (وَأَمَّا ٱلَّذِينَ فَسَقُواْ..) (السجدة: 20) فهما جماعتان متقابلتان لكل منهما جزاؤه الذي يناسبه: (أَمَّا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ فَلَهُمْ جَنَّاتُ ٱلْمَأْوَىٰ..) (السجدة: 19) والمأوى هو المكان الذي يأوي إليه الإنسان ويلجأ إليه ليحفظه من كل مكروه، كما قال تعالى في شأن عيسى وأمَّهُ مريم عليهما السلام: (وَآوَيْنَاهُمَآ إِلَىٰ رَبْوَةٍ ذَاتِ قَرَارٍ وَمَعِينٍ) (المؤمنون: 50) يعني: يمكنهما الاستقرار فيها؛ لأن بها مُقوِّمات الحياة (ومَعين) يعني: عيْن ماء.

ومن ذلك قوله تعالى في قصة ابن نوح حين قال لأبيه: (سَآوِيۤ إِلَىٰ جَبَلٍ يَعْصِمُنِي مِنَ ٱلْمَآءِ..) (هود: 43) فنبَّهه أبوه وحذَّره، فقال: (لاَ عَاصِمَ ٱلْيَوْمَ مِنْ أَمْرِ ٱللَّهِ إِلاَّ مَن رَّحِمَ..) (هود: 43).

ونلحظ في هذه القصة حنان الأبوة من سيدنا نوح حين قال: (رَبِّ إِنَّ ٱبْنِي مِنْ أَهْلِي..) (هود: 45) لكن ربه عز وجل لا يتركه على هذه القضية، إنما يُصحِّحها له: (إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ..) (هود: 46).

إذن: فالبنوة هنا ليست بنوة نسب، إنما بنوة إيمان وعمل، أَلاَ ترى أن سيدنا رسول الله قال لسلمان الفارسي وهو من غير العرب بالمرة: "سلمان منا آل البيت".

وإنْ كان النسب ينفع من الآباء إلى الأبناء، فهذه ليست خصوصية للأنبياء، إنما لكل الناس، كما قال سبحانه: (وَٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَٱتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُم بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَمَآ أَلَتْنَاهُمْ مِّنْ عَمَلِهِم مِّن شَيْءٍ..) (الطور: 21).

وإلحاق الأبناء بالآباء في الحقيقة كرامة للآباء أنْ يجدوا أولادهم معهم في الجنة جزاء إيمان الآباء وعملهم الصالح، فإنْ كان الأولاد دون سِنِّ التكليف فطبيعي أنْ يلحقوا بالآباء، بل وتكون منزلتهم أعظم من منزلة آبائهم؛ لأن الأطفال الذين يموتون قبل الرُّشْد ليس لهم أماكن مُحَدَّدَةٌ، إنما ينطلقون في الجنة يمرحون فيها كما يشاؤون.

وقد مثَّلنا لذلك بالولد الصغير تأخذه معك في زيارة أحد الأصدقاء، فتجلس أنت في حجرة الجلوس، بينما الولد الصغير يجري في أنحاء البيت، ويدخل أي مكان فيه لا يمنعه أحد، لذلك يسمون الأطفال (دعاميص) الجنة.

والبعض هنا يثير مسألة أن الإنسان مرتهن بعمله، ولا ينتفع بعمل غيره، فكلٌّ مُعلَّق من (عرقوبه) كما نقول، فالبعض يسأل: لماذا إذاً نصلى على الميت، والصلاة عليه ليست من عمله؟

فإنْ كانت الصلاة عليه لها فائدة تعود عليه فقد انتفع بغير عمله، وإن لم تكُنْ لها فائدة فهي عبث، وحاشَ لله أنْ يضع تشريعاً عبثاً.

ونقول: هل صليت على كل ميت مؤمناً كان أو كافراً؟

لا.

إنما نصلي على المؤمن، إذن: صلاتك أنت عليه نتيجة إيمانه، وجُزْءٌ من عمله، ولولا إيمانه ما صلَّينا عليه.

نعود إلى معنى كلمة (المأوى)، فالجنة مأوى المؤمن، تحفظه من النار وأهوالها (نُزُلاً بِمَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ) (السجدة: 19) أي: جزاء عملهم الصالح، والنزُل هو المكان المُعَدّ لينزل فيه الضيف الطارئ عليك؛ لذلك يُسَمُّونَ الفندق (نُزُل)، فإذا كانت الفنادق الفاخرة التي نراها الآن ما أعَدَّه البشر للبشر، فما بالك بما أعدَّهُ ربُّ البشر لعباده الصالحين؟



سورة السجدة الآيات من 16-20 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 52644
العمر : 72

سورة السجدة الآيات من 16-20 Empty
مُساهمةموضوع: رد: سورة السجدة الآيات من 16-20   سورة السجدة الآيات من 16-20 Emptyالسبت 31 أكتوبر 2020, 11:04 am

وَأَمَّا الَّذِينَ فَسَقُوا فَمَأْوَاهُمُ النَّارُ كُلَّمَا أَرَادُوا أَنْ يَخْرُجُوا مِنْهَا أُعِيدُوا فِيهَا وَقِيلَ لَهُمْ ذُوقُوا عَذَابَ النَّارِ الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ (٢٠)
تفسير الأية: خواطر محمد متولي الشعراوي (ت 1418 هـ)

(فَسَقُواْ..) (السجدة: 20) من الفسوق أي الخروج، نقول: فسقتْ البلحة يعني خرجت عن قشرتها، والمراد هنا الذين خرجوا عن طاعة الله وعن مطلوبات الحق سبحانه (فَمَأْوَاهُمُ ٱلنَّارُ..) (السجدة: 20) قلنا: إن المأوى هو المكان الذي تأوي إليه، فيحميك من كل مكروه، فكيف تُوصف به النار هنا؟

قالوا: المأوى المكان الذي ينزل فيه الإنسان على هواه وعلى (كيفه)، أما هؤلاء فينزلون هنا رغماً عنهم، أو أن الكلام هنا على سَبْق التهكم والسخرية، كما في قوله تعالى: (فَبَشِّرْهُم بِعَذَابٍ أَلِيمٍ) (آل عمران: 21).

ومعلوم أن البشرى لا تكون إلا بالشيء السَّار، ومثل: (ذُقْ إِنَّكَ أَنتَ ٱلْعَزِيزُ ٱلْكَرِيمُ) (الدخان: 49)، وهذا كثير في أسلوب القرآن؛ لأنه أسلوب يؤلم الكافرين، ويحطّ من شأنهم.

ثم يُصوِّر لنا الحق سبحانه ما فيه أهل النار من اليأس: (كُلَّمَآ أَرَادُوۤاْ أَن يَخْرُجُواُ مِنْهَآ أُعِيدُواْ فِيهَا..) (السجدة: 20) وفي موضع آخر قال عنهم: (وَنَادَوْاْ يٰمَالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ قَالَ إِنَّكُمْ مَّاكِثُونَ) (الزخرف: 77) إذن: لا أمل لهم في الخروج، ولا حتى في الموت الذي يريحهم مما هم فيه، بل تردهم الملائكة في العذاب، ويقولون لهم: (ذُوقُواْ عَذَابَ ٱلنَّارِ ٱلَّذِي كُنتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ) (السجدة: 20).

فالإذاقة تعدَّتْ اللسان واستولتْ على كل الأعضاء، فكل ذرة فيه تذوق عذاب النار جزاء ما كانوا يكذبون بها في الدنيا، حيث كذِّبوا بالأصل، وهو الرجوع إلى الله يوم القيامة.

ثم إن عذاب الفاسقين لا يقتصر على عذاب الآخرة، إنما سيكون لهم عذاب آخر يذوقونه في الدنيا: (وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِّنَ ٱلْعَذَابِ ٱلأَدْنَىٰ...).



سورة السجدة الآيات من 16-20 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
 
سورة السجدة الآيات من 16-20
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات إنما المؤمنون إخوة (2024 - 2010) The Believers Are Brothers :: (العربي) :: الشيخ محمد متولي الشعـراوي :: السجدة-
انتقل الى: