منتديات إنما المؤمنون إخوة (2024 - 2010) The Believers Are Brothers

(إسلامي.. ثقافي.. اجتماعي.. إعلامي.. علمي.. تاريخي.. دعوي.. تربوي.. طبي.. رياضي.. أدبي..)
 
الرئيسيةالأحداثأحدث الصورالتسجيل
(وما من كاتب إلا سيبلى ** ويبقى الدهر ما كتبت يداه) (فلا تكتب بكفك غير شيء ** يسرك في القيامة أن تراه)

IZHAR UL-HAQ

(Truth Revealed) By: Rahmatullah Kairanvi
قال الفيلسوف توماس كارليل في كتابه الأبطال عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "لقد أصبح من أكبر العار على أي فرد مُتمدين من أبناء هذا العصر؛ أن يُصْغِي إلى ما يظن من أنَّ دِينَ الإسلام كَذِبٌ، وأنَّ مُحَمَّداً -صلى الله عليه وسلم- خَدَّاعٌ مُزُوِّرٌ، وآنَ لنا أنْ نُحارب ما يُشَاعُ من مثل هذه الأقوال السَّخيفة المُخْجِلَةِ؛ فإنَّ الرِّسَالة التي أدَّاهَا ذلك الرَّسُولُ ما زالت السِّراج المُنير مُدَّةَ اثني عشر قرناً، لنحو مائتي مليون من الناس أمثالنا، خلقهم اللهُ الذي خلقنا، (وقت كتابة الفيلسوف توماس كارليل لهذا الكتاب)، إقرأ بقية كتاب الفيلسوف توماس كارليل عن سيدنا محمد -صلى الله عليه وسلم-، على هذا الرابط: محمد بن عبد الله -صلى الله عليه وسلم-.

يقول المستشرق الإسباني جان ليك في كتاب (العرب): "لا يمكن أن توصف حياة محمد بأحسن مما وصفها الله بقوله: (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِين) فكان محمدٌ رحمة حقيقية، وإني أصلي عليه بلهفة وشوق".
فَضَّلَ اللهُ مِصْرَ على سائر البُلدان، كما فَضَّلَ بعض الناس على بعض والأيام والليالي بعضها على بعض، والفضلُ على ضربين: في دِينٍ أو دُنْيَا، أو فيهما جميعاً، وقد فَضَّلَ اللهُ مِصْرَ وشَهِدَ لها في كتابهِ بالكَرَمِ وعِظَم المَنزلة وذَكَرَهَا باسمها وخَصَّهَا دُونَ غيرها، وكَرَّرَ ذِكْرَهَا، وأبَانَ فضلها في آياتٍ تُتْلَى من القرآن العظيم.
المهندس حسن فتحي فيلسوف العمارة ومهندس الفقراء: هو معماري مصري بارز، من مواليد مدينة الأسكندرية، وتخرَّجَ من المُهندس خانة بجامعة فؤاد الأول، اشْتُهِرَ بطرازهِ المعماري الفريد الذي استمَدَّ مَصَادِرَهُ مِنَ العِمَارَةِ الريفية النوبية المَبنية بالطوب اللبن، ومن البيوت والقصور بالقاهرة القديمة في العصرين المملوكي والعُثماني.
رُبَّ ضَارَّةٍ نَافِعَةٍ.. فوائدُ فيروس كورونا غير المتوقعة للبشرية أنَّه لم يكن يَخطرُ على بال أحَدِنَا منذ أن ظهر وباء فيروس كورونا المُستجد، أنْ يكونَ لهذه الجائحة فوائدُ وإيجابيات ملموسة أفادَت كوكب الأرض.. فكيف حدث ذلك؟!...
تخليص الإبريز في تلخيص باريز: هو الكتاب الذي ألّفَهُ الشيخ "رفاعة رافع الطهطاوي" رائد التنوير في العصر الحديث كما يُلَقَّب، ويُمَثِّلُ هذا الكتاب علامة بارزة من علامات التاريخ الثقافي المصري والعربي الحديث.
الشيخ علي الجرجاوي (رحمه الله) قَامَ برحلةٍ إلى اليابان العام 1906م لحُضُورِ مؤتمر الأديان بطوكيو، الذي دعا إليه الإمبراطور الياباني عُلَمَاءَ الأديان لعرض عقائد دينهم على الشعب الياباني، وقد أنفق على رحلته الشَّاقَّةِ من مَالِهِ الخاص، وكان رُكُوبُ البحر وسيلته؛ مِمَّا أتَاحَ لَهُ مُشَاهَدَةَ العَدِيدِ مِنَ المُدُنِ السَّاحِلِيَّةِ في أنحاء العالم، ويُعَدُّ أوَّلَ دَاعِيَةٍ للإسلام في بلاد اليابان في العصر الحديث.

أحْـلامٌ مِـنْ أبِـي (باراك أوباما) ***

 

 سورة النور الآيات من 01-05

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 52644
العمر : 72

سورة النور الآيات من 01-05 Empty
مُساهمةموضوع: سورة النور الآيات من 01-05   سورة النور الآيات من 01-05 Emptyالأربعاء 15 يوليو 2020, 11:26 pm

سورة النور الآيات من 01-05 Ocia_a41

خواطر فضيلة الشيخ: محمد متولي الشعراوي (رحمه الله)

(نال شرف التنسيق لهذه السورة الكريمة: أحمد محمد لبن)

http: http://ar.assabile.com/read-quran/surat-an-noor-24


سورة النور
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَٰنِ الرَّحِيمِ
سُورَةٌ أَنْزَلْنَاهَا وَفَرَضْنَاهَا وَأَنْزَلْنَا فِيهَا آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ (١)
تفسير الأية: خواطر محمد متولي الشعراوي (ت 1418 هـ)

اسمها سورة (النور)، وإذا استقرأنا موضوع المُسمَّى أو المُعْنون له بسورة (النور) تجد النور شائعاً في كل أعطافها -لا أقول آياتها ولا أقول كلماتها- ولكن النور شائع في كل حروفها، لماذا؟

قالوا: لأن النور من الألفاظ التي يدل عليها نطقها ويعرفها أكثر من أيّ تعريف آخر، فالناس تعرف النور بمجرد نُطْق هذه الكلمة، والنور لا يُعرَّف إلا بحقيقة ما يؤديه، وهو ما تتضح به المرئيات، وتتجلى به الكائنات، فلولا هذا النور ما كنا نرى شيئاً.

إذن: يُعرف النور بخاصيته، وهو الذي يجعل لك قدرة على أن ترى المرئيات، بدليل أنها إنْ كانت في ظلمة لا تراها.

إذن: فالنور لا يُرَى، ولكن نرى به الأشياء، فالله تعالى نور السماوات والأرض يُنوِّرهما لنا، لكن لا نراه سبحانه لكن، هل كل الأشياء مرائي؟

أليس منها المسموع والمشموم والمتذوّق؟

قالوا: نعم، لكن الدليل الأول على كل هذه وفعل الحوادث هي المرئيات؟

لأن كل أدلة الكون مرئية نراها أولاً، ثم حين تسمع، وحين تشم، وحين تلمس، وحين تميز الثقيل من الخفيف، أو القريب من البعيد.

فهذا كله فرع ما يوجد فيك، بعد ما تؤمن أن الله الذي أوجدك هو الذي أوجد لك كل شيء، فإذا ما نظرت إلى النور وجدتَ النور أمراً حسياً ترى به الأشياء.

 وكانوا في الماضي يعتقدون أن الإنسان يبصر الأشياء بشعاع يخرج من العين، فيسقط على الشيء فتراه، إلى أن جاء العالم الإسلامي الحسن بن الهيثم، وأبطل هذه النظرية وقال: إن الشعاع يأتي من المرئي إلى العين فتراه، وليس العكس، واستدل على ذلك بأن الشيء إنْ كان في الظلام لا نراه، ونحن في النور، فلو أن الشعاع يخرج منك لرأيته.

وفي ضوء هذه النظرية فهمنا قوله تعالى: (وَجَعَلْنَآ آيَةَ ٱلنَّهَارِ مُبْصِرَةً..) (الإسراء: 12) فهي مُبْصِرة؛ لأن الشعاع يأتي من هناك، فكأنها هي التي ترى.

لكن، ما نَفْع هذا النور الحسيّ للإنسان الخليفة في الأرض؟

أنت حين ترى الأشياء تتعامل معها تعاملاً يعطيك خيرها ويكفّ عنك شرها، ولو لم تَرَ الأشياء ما أمكنك التعامل معها، وإلا فكيف تسير في مكان مظلم فيه ما يؤذيك مثل الثعابين أو زجاج متكسر؟

إذن: لا تستطيع أن تهتدي إلى مواضع قدمك، وتأخذ خير الأشياء، وتتجنب شرها إلا بالنور الحسيِّ، كذلك إنْ سِرْت في ظُلْمة وعلى غير هُدىً، فلابُدَّ أن تصطدم بأقوى منك فيحطمك، أو بأضعف منك فتحطمه.

لذلك سَمَّى الحق -تبارك وتعالى- المنهج الذي يهديك في دروب الحياة نُوراً.

والناس حين لا يوجد النور الرباني الإلهي يصنعون لأنفسهم أنواراً على قَدْر إمكاناتهم وبيئاتهم بداية من المسرجة ولمبة الجاز، وكان الناس يتفاوتون حتى في هذه - حتى عصر الكهرباء والفلوروسنت والنيون وخلافه من وسائل الإضاءة التي يتفاوت فيها الناس تفاوتاً كبيراً، هذا في الليل، فإذا ما أشرقتْ الشمس أطفأ الجميع أنوارهم ومصابيحهم، لماذا؟


لأن مصباح الله قد ظهر واستوى فيه الجميع لا يتميز فيه أحد عن أحد.

 وكذلك النور المعنوي نور المنهج الذي يهديك إنْ كان لله فيه توجيه، فأطفىء مصابيح توجيه البشر لا يصح أن تستضيء بنور ونورُ ربك موجود، بل عليك أن تبادر وتأخذ ما تقدر عليه من نور ربك، فكما أخذتَ نور الله الحسيّ فألغيتَ به كل الأنوار، فخُذْ نور الله في القيم، خُذْ نُور الله في الأخلاق وفي المعاملات وفي السلوك يغنيك هذا عن أيِّ نور من أنوار البشر ومناهجهم.

 أَلاَ ترى النمرود كيف بُهِتَ حينما قطع عليه إبراهيم -عليه السلام- جدله وألجأه إلى الحجة التي لا يستطيع الفكاك منها، حين قال له: (فَإِنَّ ٱللَّهَ يَأْتِي بِٱلشَّمْسِ مِنَ ٱلْمَشْرِقِ فَأْتِ بِهَا مِنَ ٱلْمَغْرِبِ..) (البقرة: 258).

 والحق -تبارك وتعالى- يفيض من أنواره وصفات كماله على خَلْقه الذين جعلهم خلفاء له سبحانه في الأرض، فقال: (إِنِّي جَاعِلٌ فِي ٱلأَرْضِ خَلِيفَةً..) (البقرة: 30) والخليفة في الأرض ليس جيلاً واحداً خلقه الله واستخلفه في الأرض إلى قيام الساعة، إنما الخليفة أجيال وأنسال تتوالى، يموت واحد ويُولَد آخر في حلقات موصولة الأنسال لا الذوات.

 والخليفة لا ينجح في خلافته إلا إذا سار فيها على وَفْق مراد مَن استخلفه، وآفة الناس في خلافتهم لله في الأرض أنْ يعتبروا أنفسهم أُصَلاء لا خلفاء، فالخليفة في ذِهْنه دائماً هذه الخلافة؛ لذلك يلتفت إلى الأصل، وينظر ماذا يريد منه مَن استخلفه.

والحق -تبارك وتعالى- جعل له خليفة في الأرض لتظهر عليه سمات قدرته تعالى وصفات كماله، فالله تعالى قادر، الله عالم، الله حكيم، الله غنيّ، الله رحيم، الله غفور...الخ، وهو سبحانه يعطي من صفاته ويفيض منها على خَلْقه وخليفته في أرضه بعضاً من هذه الصفات، فيعطيك من قدرته قدرة، ومن رحمته رحمةً، ومن غنائه غِنىً، لكن تظل الصفة في يده تعالى أنْ شاء سلبها، أَلاَ ترى القوي قد يصير ضعيفاً، والغني قد يصير فقيراً؟

ذلك لنعلم أن هذه الصفات ليست ذاتية فينا، وأن هذه الهبات ليست أصلاً عندنا، إنما هي فيْض من فيض الله وهبةٌ من هباته سبحانه، لذلك علينا أن نستعملها وَفْق مراده تعالى، فإنْ أعطاك ربُّك القدرة فإنما أفاض بها عليك لتفيض أنت بها على غيرك، أعطاك العلم لتنثره على الناس، أعطاك الغنى لترعى حق الفقير.

 إذن: ما دام أن الله تعالى أفاض عليك من صفات الكمال واحتفظ هو سبحانه بملكية هذه الصفات، فإنْ شاء سلبها منك، فعليك أن تستغل الفرصة وتنتهز وجود هذه الخَصْلة عندك، فتُثمِّرها فيما أراده الله منك قبل أنْ تُسلَب، حتى إذا سُلِبَتْ منك نالتك من غيرك.

 فتصدَّق وأنت غني لتنال صدقة الآخرين إنْ أصابك الفقر، وأكرم اليتيم لتجد مَنْ يُكرم يتيمك من بعدك، فإنْ قابلتَ أحداث الحياة بهذه النظرة اطمأنَّ قلبك، وأمِنْتَ من حوادث الزمن، واستقبلتَ الأحداث بالرضا، وكيف تهتم وأنت في مجتمع يرعاك كما رعيته، ويحملك كما حملته، ويتعاون معك كما تعاونتَ معه؟

وصدق الله تعالى حين قال: (وَلْيَخْشَ ٱلَّذِينَ لَوْ تَرَكُواْ مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعَافاً خَافُواْ عَلَيْهِمْ فَلْيَتَّقُواّ ٱللَّهَ وَلْيَقُولُواْ قَوْلاً سَدِيداً) (النساء: 9).

إذن: الحق -تبارك وتعالى- يريد من خليفته في أرضه أن يكون جِماعاً لصفات الكمال التي تسعد الخَلْقَ بآثار الخالق فيهم، وهذه هي الخلافة الحقة.

وسورة النور جاءت لتحمل نور المعنويات، نور القيم، نور التعامل، نور الأخلاق، نور الإدارة والتصرف، وما دام أن الله تعالى وضع لنا هذا النور فلا يصح للبشر أنْ يضعوا لأنفسهم قوانين أخرى؛ لأنه كما قال سبحانه: (وَمَن لَّمْ يَجْعَلِ ٱللَّهُ لَهُ نُوراً فَمَا لَهُ مِن نُورٍ) (النور: 40) فلو لم تكُنْ هذه الشمس ما استطاع أحد أنْ يصنع لنفسه نوراً أبداً.

فالحق -تبارك وتعالى- يريد لخليفته في أرضه أن يكون طاهراً شريفاً كريماً عزيزاً؛ لذلك وضع له من القوانين ما يكفل له هذه الغاية، وأول هذه القوانين وأهمها قانون التقاء الرجل والمرأة التقاء سليماً في وضح النهار؛ لينتج عن هذا اللقاء نَسْل طاهر جدير بخلافة الله في أرضه؛ لذلك أول ما تكلم الحق سبحانه في هذه السورة تكلَّم عن مسألة الزنى.

والعجيب أن تأتي هذه السورة بعد سورة (المؤمنون) التي قال الله في أولها: (قَدْ أَفْلَحَ ٱلْمُؤْمِنُونَ) (المؤمنون: 1) ثم ذكر من هؤلاء المؤمنين المفلحين(وَٱلَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ) (المؤمنون: 5) وهنا قال: (ٱلزَّانِيَةُ وَٱلزَّانِي..) (النور: 2) فجاء بالمقابل للذين هم لفروجهم حافظون.

 نفهم من هذا أنه لا يلتقي رجل وامرأة إلا على نور من الله وهدى من شريعته الحكيمة؛ لأنه عز وجلَّ هو خالق الإنسان، وهو أعلم بما يُصلحه، وهو خالق ذرّاته، ويعلم كيف تنسجم هذه الذرات بعضها البعض، وهو سبحانه خالق مَلَكات النفس، ويعلم كيف تتعايش هذه الملكات ولا تتنافر.

 إذن: طبيعي أنْ أردتَ أن تنشىء خليفة في الكون على غير مراد الله وعلى غير مواصفات الحق، لابُدَّ أنْ يضطرب الكون وتتصارع فيه مَلكات النفس، وماذا تنتظر من هذا الخليفة إنْ جاء في الظلام؟

ساعتها تظهر أمراض النسل من وَأْد الأولاد وقتلهم حتى في بطون الأمهات، وقد يتشكّك الرجل في ولده، فيبغضه ويهمله ويتركه للتشرد.

إذن: لن تستقيم هذه المسألة إلا حين يأتي الخليفة وَفْق مواصفات ربه، وأنْ يلتقي الزوجان على ما شرع الله في وضح النهار، لا أن يندس كل منهما على الآخر في ظلمة الإثم، فيحدث المحظور الذي تختلط به الأنساب، ويتفكك رباط المجتمع.

إن من أقسى تجارب الحياة على المرء أن يشكَّ في نِسْبة ولده إليه، وأن تعتصره هذه الفكرة، فيهمل ولده وفلذة كبده، وينفق هنا وهناك ويحرمه على خلاف النسْل الطاهر، حيث يتلهف الأب لولده، ويجوع ليشبع، ويتعرّى ليلبس.

فالحق سبحانه يريد النسل المحضون بالأبوين في أُبوة صحيحة شرعية وأمومة صحيحة شرعية اجتمعا على نور الله.

ولك أنْ تُجري مقارنة بين امرأة حملتْ سفاحاً وأخرى حملتْ حَمْلاً شرعياً طاهراً، ستجد الأولى تحمله على مضض وكُرْه، وتودّ أنْ تتخلَّص منه وهو جنين في بطنها، فإنْ تحاملتْ على نفسها إلى حين ولادته تخلَّصتْ منه في ليلتها ولو بإلقائه على قارعة الطريق.

 أما صاحبة الحمل الشرعي فتتلهف على الولد، وإنْ تأخر بعض الوقت صارت قلقة تدور بين الأطباء، فإنْ أكرمها الله بالحمل طارت به فرحاً وفخراً، وحافظت عليه في مَشْيها وحركاتها ونومها وقيامها إلى حين الوضع، فتتحمل آلامه راضيةً ثم تحتضنه وتُرضِعه وتعيش حياتها في خدمته ورعايته.

 فالله يريد أن يأتي خليفته في أرضه من إخصاب طاهر على أعْيُنِ الناس جميعاً وفي نور الله المعنوي، يريد للزوج أن يأتي من الباب في ضوء هذا النور، لا أن يتلصص في الظلام من باب الخدم.

لذلك يتوعد الحق -سبحانه وتعالى- مَنْ يخالف هذا المنهج ويريد أن يُفسِد شرف الخلافة التي يريدها الله طاهرة، ويُدنِّس النسل، ويُوغِر الصدور بالأحقاد والعداوات، ويزرع الشك في نفوس الخَلْق، وجرائم العرض لا يقتصر ضررها على العداوات الشخصية إنما تتعدى هذه إلى الإضرار بالمجتمع كله.

وانظر إلى الإيدز الذي يهدد المجتمعات الآن، وهو ناتج عن الالتقاء غير الشرعي، وخطر الإيدز لا يقتصر على طرفيه إنما يتعدّاها إلى الغير، إذن: من صالح المجتمع كله أن نقيم حدَّ الزنا حتى لا يستشري هذا الداء.

ونعجب من هؤلاء الذين يهاجمون شَرْع الله في مسألة الحدود حين تقضي برَجْم الزاني المحْصَن حتى الموت، أَلاَ يعلم هؤلاء أننا نُضحِّي بواحد لنحفظ سلامة الملايين في صحة وعافية؟

أَلاَ يروْنَ ما يحدث مثلاً في وباء الطاعون الذي أعجز العلماء حتى الآن، ولم يجدوا له علاجاً، وكيف أن الشرع أمرنا إنْ نزل الطاعون بأرض ألاَّ نذهب إليها، وأمر مَنْ فيها ألاَّ يخرجوا منها، لماذا؟

لنحصر هذا الوباء حتى لا يستشري بين الناس.

كذلك الحال في مسألة الزنا؛ لأن الزاني لا يقتصر شرُّه عليه وحده، إنما يتعدّى شرُّه إلى المجتمع كله، مع مراعاة أن الشرع فرَّق بين الزاني المُحصن وغير المُحصن، وكذلك الزانية، ففي حالة الإحصان تتعدَّد الماءات في المكان الواحد، لذلك سُئلنا في سان فرانسيسكو: لماذا أبحتم تعدُّد الزوجات، ولم تبيحوا تعدُّد الأزواج؟

هذا منهم على سبيل قياس الرجل على المرأة: لماذا لا تتزوج المرأة وتجمع بين أربعة رجال؟

قلت: اسألوهم، أليس عندهم أماكن يستريح فيها الشباب جنسياً -يعني بيوت للدعارة- قالوا: نعم في بعض الولايات، قلت: فبماذا احتطتم لصحة المجتمع وسلامته؟

قالوا: نُجرِي عليهم كشفاً دورياً كل أسبوع، قلت: وهل هذا الكشف الدوري يستوعب الجميع؟

أم أنه مجرد (ششن) وعينات عشوائية.

 إذن: من الممكن أن يتسرّب المرض بين هؤلاء الشباب، وهَبْ أنك أجريتَ على إحداهن الكشف يوم الأحد مثلاً، وفي يوم الاثنين جاءها المرض، فإلى كم واحد سينتقل المرض إلى أنْ يأتي الأحد القادم؟

فهذه مسألة لا تستطيع السيطرة فيها على الداء.

ثم أتُجرون هذه الفحوصات على المتزوجين والمتزوجات؟

وهل اكتشفتم بينهم مثل هذه الأمراض؟

قالوا: لا لم يحدث أن اكتشفنا هذا بين المتزوجين.

قلت: إذن كان عليكم أنْ تنتبهوا إلى سبب هذه الداءات، وأنها تأتي من تعدُّد ماءات الرجال في المكان الواحد؛ لأن كل ماء سياله وله ميكروبات تتصارع، إن اجتمعت في المكان الواحد فينشأ منها المرض.

 لكن حين يكون للزوجة زوج واحد، فلن نرى مثل هذه الداءات في المجتمع، ومن هنا يأتي دور الوازع الديني، فإن فُقِد الوازع الديني فلابُدَّ من الوازع الحسيّ ليزجر مثل هؤلاء ويُوقِفهم عند حدود الله رَغْماً عنهم، حتى وإنْ لم يكونوا يؤمنون بها.

 إذن: هذه أقضية ومشاكل وداءات حدثتْ للناس بقدر ما أحدثوا من الفجور، وبقدر ما انتهكوا من حُرُمات الله، وانظر مثلاً لمن يُضطرّ للسفر إلى مثل هذه البلاد، كم يكون حَذراً مُفزَّعاً حين يقيم مثلاً في فندق، فيأخذ أدواته الشخصية، ويخاف أن يستعمل أشياء غيره، ويحرص على نظافة المكان وتغيير الفراش قبل أن ينام عليه... الخ كل هذه الاحتياطات.

 فالشرع حين يأمر بقتل الزاني أو الزانية إنما فعل ذلك ليسْلَمَ المجتمع بأسْره، وكثيراً ما نواجه مثل هذه الاعتراضات من أصحاب الرحمة الحمقاء والشعارات الجوفاء، أهُم أرحم بالخَلْق من الخالق؟

أَلاَ يروْن للزلزال أو لحوادث السيارات والطائرات التي تحصد الآلاف من الأرواح؟فلماذا هي الضجة حين نبتر العضو المريض من المجتمع؟

قوله تعالى: (سُورَةٌ أَنزَلْنَاهَا وَفَرَضْنَاهَا..) (النور: 1) السورة: مأخوذة من سور البيت، وهي طائفة من نجوم القرآن أو آياته محوطة ببداية ونهاية، تحمل أحكاماً وقد تكون طويلة كسورة البقرة، أو قصيرة كالإخلاص والكوثر، فليس للسورة كمية مخصوصة؛ لأنها توقيفية.

 (أَنزَلْنَاهَا..) (النور: 1) نفهم من أنزل أن الإنزال من أعلى إلى مَنْ هو أدنى منه، كما يكتب الموظف مثلاً يريد التظلُّم لرئيسه: أرفع إليك كذا وكذا، فيقول الأعلى: وأنا أنزلت القرار الفلاني، فالأدنى يرفع للأعلى، والأعلى يُنزِل للأدنى.

 لذلك يقول تعالى: (أنزلنا) حتى للشيء الذي لا ينزل من السماء، كما قال سبحانه: (وَأَنزَلْنَا ٱلْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ..) (الحديد: 25) فالحديد وإنْ كان مصدره الأرض، إلا أنه لا يكون إلا بقدرة الأعلى سبحانه (وَفَرَضْنَاهَا..) (النور: 1) الشيء المفروض يعني الواجب أن يُعمل؛ لأن المشرِّع قاله وحكم به وقدَّره، ومنه قوله سبحانه: (فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ..) (البقرة: 237) أي: نصف ما قدَّرتم، إذن: كل شيء له حُكْم في الشرع، فإن الله تعالى مُقدِّره تقديراً حكيماً على قَدْره.

 وقوله تعالى: (وَأَنزَلْنَا فِيهَآ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ..) (النور: 1) الآيات الواضحات، وتُطلق الآيات -كما قلنا- على الآيات الكونية التي تلفت أنظارنا إلى قدرة الله وبديع صُنْعه، وتُطلق على المعجزات التي تثبت صِدْق الرسل، وتُطلق على آيات القرآن الحاملة للأحكام.

 وفي هذه السورة كثير من الأحكام إلى أن قال فيها الحق سبحانه: (ٱللَّهُ نُورُ ٱلسَّمَاوَاتِ وَٱلأَرْضِ..) (النور: 35) وقال: (نُّورٌ عَلَىٰ نُورٍ..) (النور: 35) فطالما أنكم أخذتُم نور الدنيا، وأقررتُم أنه الأحسن، وأنه إذا ظهر ألغى جميع أنواركم، فكذلك خذوا نور التشريع واعملوا به واعلموا أنه نور على نور.

 إذن: لديكم من الله نوران: نور حسي ونور معنوي.

(لَّعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ) (النور: 1) بعد أنْ قال سبحانه أنزلت كذا وكذا أراد أنْ يُلهب المشاعر لتُستقبل آياته الاستقبال الحسن، وتُطبِّق أحكامه التطبيق الأمثل يقول: أنزلتُ إليكم كذا لعلكم تذكرون، ففيها حَثٌّ وإلهابٌ لنستفيد بتشريع الحق للخَلْق.

 ثم يتحدث الحق سبحانه عن أول قضية فيما فرضه على عبادة: (ٱلزَّانِيَةُ وَٱلزَّانِي فَٱجْلِدُواْ كُلَّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا مِئَةَ جَلْدَةٍ...).



سورة النور الآيات من 01-05 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 52644
العمر : 72

سورة النور الآيات من 01-05 Empty
مُساهمةموضوع: رد: سورة النور الآيات من 01-05   سورة النور الآيات من 01-05 Emptyالأربعاء 15 يوليو 2020, 11:33 pm

الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ وَلَا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (٢)
تفسير الأية: خواطر محمد متولي الشعراوي (ت 1418 هـ)

قلنا: إن الحق سبحانه تناول هذه المسألة حرصاً على سلامة النشء، وطهارة هذا الإنسان الذي جعله الله خليفة له في الأرض، وحين نتأمل السياق القرآني في هذه الآية نجد أن كلمة الزاني تدل على كُلٍّ من الأنثى والذكر، ففي اللغة الاسم الموصول: الذي للمفرد المذكر، والتي للمفردة المؤنثة، واللذان للمثنى المذكر، واللتان للمثنى المؤنث، والذين لجمع الذكور، واللائي لجمع الإناث.

 لكن هناك أسماء تدل على كل هذه الصيغ مثل: مَنْ، ما، ال.

تقول: جاء مَنْ أكرمني، وجاءت من أكرمتني، وجاء من أكرموني.

فكذلك (ال) في (الزاني) تدل على المؤنث وعلى المذكر، لكن الحق سبحانه ذكرهما صراحةً ليُزيلَ ما قد يحدث عند البعض من خلاف: أيهما السبب في هذه الجريمة، هذا الخلاف الذي وقع فيه حتى الأئمة والفقهاء، فهناك مَنْ يقول: الزاني واطئ وفاعل، والمرأة موطوءة، فالفعل للرجل لا للمرأة، فهو وحده الذي يتحمل هذه التبعة.

لذلك الإمام الشافعي رضي الله عنه يحكي أن رجلاً ذهب للنبي -صلى الله عليه وسلم- وقال: يا رسول الله وطئت امرأتي في رمضان. فقال له النبي -صلى الله عليه وسلم-: "كَفِّر".

وأخذ الشافعي من هذا الحديث أن الكفارة إنما تكون على الرجل دون المرأة، وإلا لقال له الرسول: كَفِّرا.

 لكن يجب أن نفرق بين وطِئ وجامع: الوَطْءُ فعل الرجل حتى وإن كانت الزوجة كارهة رافضة، أمَّا الجماع فهو حال الرضا والقبول من الطرفين، وفي هذه الحالة تكون الكفارة عليهما معاً؛ لذلك صرَّح الحق تبارك وتعالى بالزاني والزانية ليزيل هذه الشُّبهة وهذا الخلاف.

 وأرى في هذه المسألة أن الذي استفتى رسولَ الله هو الرجلُ، ولو كانت المرأة لقال لها أيضاً: كفِّري، فالحكم خاصٌّ بمن استفتى.

والمتأَمل في آيات الحدود يجد مثلاً في حَدِّ السرقة قوله تعالى: (وَٱلسَّارِقُ وَٱلسَّارِقَةُ..) (المائدة: 38) فبدَأ بالمذكر، أما في حَدِّ الزنا فقال: (ٱلزَّانِيَةُ وَٱلزَّانِي..) (النور: 2) فبدأ بالمؤنث، لماذا الاختلاف في التعبير القرآني؟

قالوا: لأن دور المرأة في مسألة الزنا أعظم ومدخلها أوسع، فهي التي تغري الرجل وتثيره وتهيج عواطفه؛ لذلك أمر الحق -تبارك وتعالى- الرجال بغَضِّ البصر وأمر النساء بعدم إبداء الزينة، ذلك ليسُدَّ نوافذ هذه الجريمة ويمنع أسبابها.

أما في حالة السرقة فعادةً يكون عِبْءُ النفقة ومُؤْنة الحياة على كاهل الرجل، فهو المكلف بها؛ لذلك يسرق الرجل، أمَّا المرأة فالعادة أنها في البيت تستقبل، وليس من مهمتها توفير تكاليف الحياة، لكن لا مانعَ مع ذلك أن تسرق المرأة أيضاً؛ لذلك بدأ في السرقة بالرجل.

 إذن: بمقارنة آيات القرآن تجد الكلام موزوناً دقيقاً غاية الدقة، لكل كلمة ولكل حرف عطاؤه، فهو كلام رب حكيم، ولو كانت المسألة مجرد تقنين عادي ما التفتَ إلى مثل هذه المسائل.

 ثم يأتي الحد الرادع لهذه الجريمة (فَٱجْلِدُواْ كُلَّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا مِئَةَ جَلْدَةٍ..) (النور: 2) اجلدوا: أمر، لكن لمن؟

لم يقُل أيها الحاكم أو القاضي؛ لأن الأمر هنا للأمة كلها، فأمر إقامة الحدود منوط بالأمة كلها، لكن أتنهض الأمة بأَسْرها وتعدّدها بفعل واحد في كل مكان؟

قالوا: الأمة مثل النائب العام للوالي، عليه أن يختار مَنْ يراه أهلاً للولاية لينفذ له ما يريد، ومَنْ ولَّى قاضياً فقد قضى، وما دام الأمر كذلك فإياك أنْ تُولِّي القضاء مَنْ لا يصلح للقضاء؛ لأن التبعة -إذن- ستكون عليك إنْ ظلم أو جار، فالواو والألف في (فَٱجْلِدُواْ..) (النور: 2) تدل على معانٍ كبيرة، فالأمة في مجموعها لا تستطيع أن تجلد كل زانٍ أو زانية، لكن حين تولي إمامها بالبيعة، وحين تختاره ليقيم حدود الله، فكأنها هي التي أقامتْ الحدود وهي التي نفذت.

 لذلك النبي -صلى الله عليه وسلم- يقول: "مَنْ ولّى أحداً أمراً وفي الناس خير منه لا يشم رائحة الجنة.

لماذا؟

لأنك حين تُولِّي أمور الناس مَنْ لا يصلح لها في وجود مَنْ يصلح إنما تُشيع الفساد في المجتمع، ولا تظن أنك تستطيع أن تخفي شيئاً عن أعيُن الناس، فلهم من الوعي والانتباه ما يُفرِّقون به بين الكفء وغيره، وإنْ سكتوا وتغافلوا فإنهم يتساءلون من ورائك: لماذا ولّى هذا، وترك مَنْ هو أكفأ منه، لابُدَّ أن له مؤهلات أخرى، دخل بها من الباب الخلفي، ولماذا لا نفعل مثله؟

عندها تسود الفوضى وتضيع الحقوق وينتشر الإحباط والتكاسل والخمول، ويحدث خلل في المجتمع وتتعطل المصالح.

ومع هذا كله لا نستطيع أن نلوم الوالي حين يختار مَنْ لا يصلح قبل أن نلوم أنفسنا أولاً، فنحن الذين اخترناه ودلَّسْنَا في البيعة له، فسلّطه الله علينا ليُدلِّس هو أيضاً في اختياره، أمّا لو أدى كل منا واجبه في اختيار مَنْ يصلح ما وصل إلى مراتب القيادة مَنْ يدلس على الناس، وبذلك تستقيم الأمور، ويتقرب الإنسان للولاية بالعمل وبالجد والإخلاص والأمانة والصدق والتفاني في خدمة المجتمع.

 ومن رحمة الله تعالى بالخَلْق أنْ يقذف الإخلاص وحُبّ العمل ويزرع الرحمة بالخلق في بعض القلوب؛ لذلك ترى في كل مصلحة أو في كل مكتب موظفاً متواضعاً يحب الناس ويحرص على قضاء مصالحهم، تراه يرتدي نظارة سميكة يرى من خلالها بصعوبة، وهو دائماً مُنكبٌّ على الأوراق والملفات، ويقصده الخَلْق لقضاء مصالحهم: يا فلان أفندي، أعطني كذا، واكتب لي كذا، وقد وسَّع الله صَدْره للناس فلا يرد أحداً.

هذه المسائل كلها نفهمها من الواو والألف في (فَٱجْلِدُواْ..) (النور: 2) أما الجَلْد فهو الضرب، نقول: جلَده: يعني ضرب جِلْدَه، ورأسه: يعني ضرب رِأسه، وظهَره: ضرب ظهره.

والجلد ضَرْبٌ بكيفية خاصة، بحيث لا يقطع لحماً ولا يكسر عظماً؛ لأن الضربة حسب قوتها وحسب الآلة المستخدمة في الضرب، فمن الضرب ما يكسر العظم ولا يقطع الجلد، ومنه ما يقطع الجلد ولا يكسر العظم، ومنه ما يؤلم دون هذا أو ذاك.

ثم يقول سبحانه: (وَلاَ تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ ٱللَّهِ..) (النور: 2) تحذير من الرحمة الحمقاء، الرحمة في غير محلها.

وعلى حَدِّ قول الشاعر:
فَقَسَا لِيزدْجِرُوا ومَنْ يَكُ حَازِماً
فَلْيَقْسُ أحْيَاناً على مَنْ يَرحَمُ

فالرأفة لا تكون في حدود الله، ارأفوا بهم في مسائلكم الخاصة فيما بينكم، وعجيب أن تدعوا الرأفة في مسائل الحدود وأنتم من ناحية أخرى تضربون وتسرقون أموال الناس، وتنتهكون حرماتهم، وتثيرون بينهم الفتنة والحروب، فأين الرأفة إذن؟

إذن: لا مجالَ للرحمة وللرأفَة في حدود الله، فلسنا أرحم بالخَلْق من الخالق، وما وُضِعَتْ الحدود حباً في تعذيب الناس، إنما وُضِعت وشُدِّد عليها لتمنع الوقوع في الجريمة التي تستوجب الحد، فقَطْع يد واحدة تمنع قَطْع آلاف الأيدي.

والذين يتهمون الإسلام بالقسوة والبشاعة في تطبيق الحدود أنَسُوا ما فعلوه في هيروشيما، وما زالت آثاره حتى الآن؟

أنسوا الحروب التي يشعلونها في أنحاء العالم، والتي تحصد آلاف الأرواح؟

أهي الرحمة الحمقاء التي لا معنى لها؟

أم هي الكراهية لحدود الله؟

ونذكر في الماضي أنه كان يخرج مع فوج الحجيج قوة حماية وحراسة من الجيش، تحمي الحجيج من قطاع الطرق، وكانوا يُسَمُّون بعثة الحج هذه (المحمل)، فلما أقامت السعودية حكم الله وطبَّقَتْ الحدود أمَّنَتْ الطرق، واستغنى الناس عن هذه الحراسات مع اتساعها وتشعُّب طرقها ووعورتها بين الجبال والوديان والصحاري الشاسعة التي لا يمكن أن تحكمها أو تحرسها عَيْن بشر، لابُدَّ لها من تقنين الخالق عز وجل.

ومع ذلك حين أحْصَوا الأيدي التي قُطِعَتْ وجدوها قليلة جداً، وأغلبها من خارج المملكة - وأذكر أنني قلت مرة في خطبة عرفة: ارجعوا إلى حكامكم وقولوا لهم: اقطعوا يد السارق، فالذي لا يقطع يد السارق في نيته أن يسرق؛ لذلك يخاف على يده، فحين تذكر له مسألة قَطْع يد السارق ترتجف يده.

والذين يعارضون حدود الله هم أنفسهم يسيرون على مبدأ أن هلاك الثُلث جائز لإصلاح الثلثين، لكن تقف حدود الله غُصَّة في حلوقهم.

 والجلْد مائة جلدة يخصّ الزاني غير المحْصَن يعني غير المتزوج، أمَّا المتزوج فله حكم آخر لم يأْت في كتاب الله، إنما أتى في سنة رسول الله -صلى الله عليه وسلم-؛ ذلك لأن القرآن الكريم ليس كتابَ منهج فقط، إنما كتابَ منهج ومعجزة ومعه أصول، من هذه الأصول أنه قال في آية من آياته: إننا وكلنا رسول الله في أن يُشرِّع للناس.

 والحكم الذي يؤخذ من القول عُرْضة لأن نتمحك فيه ونقف أمامه نُقلّب ألفاظه أو نؤوله، أمّا إنْ أُخِذ الحكم من فعل المشرع، فليس فيه شكٌّ أو تمحُّك، وليس قابلاً للتأويل لأنه فعل، وقد فعل الرسول ورجم الزاني والزانية المحصنين في قصة ماعز والغامدية، لأنه مفوض من الله.

ولا بد أن نفرق بين الحدَّيْن، ففي حَدِّ الأمة إنْ زنت يقول تعالى: (فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى ٱلْمُحْصَنَاتِ مِنَ ٱلْعَذَابِ..) (النساء: 25) البعض فَهِم من الآية أنها تشمل حدَّيْ الرَّجْم والجَلْد، فقالوا: في الجلد يمكن أن تجلد خمسين جلده، لكن كيف نجزىء الرجم؟

وما دام الرجم لا يُجَزَّأ فليس عليها رجم.

ولو تأمل هؤلاء نصَّ الآية لخرجوا من هذا الخلاف، فالحق  لم يقل: (فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى ٱلْمُحْصَنَاتِ..) (النساء: 25) وسكت، إنما قال: (مِنَ ٱلْعَذَابِ..) (النساء: 25) فخصَّ بذلك حدَّ الجلد؛ لأن العذاب إيلام حَيٍّ، أمَّا الرجم فهو إزهاق حياة، فهما متقابلان.

أَلاَ ترى قول القرآن في قصة سليمان -عليه السلام- والهدهد: (لأُعَذِّبَنَّهُ عَذَاباً شَدِيداً أَوْ لأَذْبَحَنَّهُ..) (النمل: 21) فالعذاب غير الذبح.

 إذن: تجزئة الحد في الجَلْد فقط، أمّا الرَّجم فلا يُجزَّأ، فإنْ زنتِ الأَمَة المحصنة رُجِمَتْ.

 وقوله تعالى: (إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِٱللَّهِ وَٱلْيَوْمِ ٱلآخِرِ..) (النور: 2) هذا كلام مُوجِع، وإهاجة لجماعة المؤمنين، فهذا هو الحكم، وهذا هو الحدُّ قد شرعه الله، فإن كنتم مؤمنين بالله وبالحساب والعقاب فطبِّقوا شَرْع الله، وإلاَّ فراجعوا إيمانكم بالله وباليوم الآخر لأننا نشكُّ في صِدْق هذا الإيمان.

وكأن الحق -تبارك وتعالى- يهيجنا ويثيرنا على أهل هذه الجريمة، لنأخذ على أيديهم ونُخوِّفهم بما شرع الله من الحدود.

فالمعنى: إنْ كنتم تؤمنون بالله إلهاً حكيماً مشرعاً، خلق خَلْقاً، ويريد أن يحمي خَلْقه ويُطهره ليكون أهلاً لخلافته في الأرض الخلافة الحقة، فاتركوا الخالق يتصرف في كونه وفي خَلْقه على مراده عَزَّ وجَلَّ، فالخَلْق ليس خَلْقكم لتتدخلوا فيه.

 ثم يقول تعالى: (وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَآئِفَةٌ مِّنَ ٱلْمُؤْمِنِينَ) (النور: 2) فالأمر لا يقف عند حدِّ التعذيب والجَلْد، إنما لابُدَّ أن يشهد هذا العذاب جماعة من المؤمنين، والطائفة هم الجماعة وأقلها أربعة لماذا؟

قالوا: لأن النفس قد تتحمّل الإهانة إنْ كانت سِراً لا يطَّلع عليها أحد، فلا يؤلمه أنْ تُعذِّبه أشدَّ العذاب بينك وبينه، إنما لا يتحمل أن تشتمه أمام الناس.

إذن: فمشاهدة الحدِّ إهانة لصاحبه، وهي أيضاً زَجْر للمشاهد، ونموذج عمليٌّ رادع.

 لذلك يقولون: الحدود زواجر وجوابر، زواجر لمن شاهدها أي: تزجره عن ارتكاب ما يستوجب هذا الحدَّ، وجوابر لصاحب الحد تجبر ذنبه وتُسقِط عنه عقوبة الآخرة، فلا يمكن أن يستوي مَنْ أقر وأقيم عليه الحد بمَنْ لم يقر، ولأن الزنا لم يثبت بشهود أبداً، وإنما بإقرار، وهذا دليل على أن الحكم صحيح في ذِهْنه، ويرى أن فضوح الدنيا وعذابها أهونُ من فضوح الآخرة وعذابها، إلا لما أقر على نفسه.

فالمسألة يقين وإيمان ثابت بالقيامة وبالبعث والحساب، والعقوبة اليوم أهون، وإنْ كان الزنا يثبت بالشهود فلربما دلَّسُوا، لذلك النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يأتيه الرجل مُقرّاً بالزنا فيقول له: "لعلك قبَّلْتَ، لعلك غمزْتَ، لعلك لمسْت" يعني: لم تصل إلى الحد الذي يسمى زنا، يريد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن يدرأ الحدَّ بالشبهة.

 ولهذا المبدأ الإسلامي السمح إنْ أخذتَ الزاني وذهبت ترجمه فآلمه الحجر فحاول الفرار يأمرنا الشرع ألاَّ نتبعه وألاَّ نلاحقه، لماذا؟

لأنه اعتبر أن فراره من الحد كأنه رجوع عن الإقرار.

 يقول الحق سبحانه: (ٱلزَّانِي لاَ يَنكِحُ إِلاَّ زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَٱلزَّانِيَةُ لاَ يَنكِحُهَآ إِلاَّ زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ...).



سورة النور الآيات من 01-05 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 52644
العمر : 72

سورة النور الآيات من 01-05 Empty
مُساهمةموضوع: رد: سورة النور الآيات من 01-05   سورة النور الآيات من 01-05 Emptyالأربعاء 15 يوليو 2020, 11:34 pm

الزَّانِي لَا يَنْكِحُ إِلَّا زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لَا يَنْكِحُهَا إِلَّا زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ وَحُرِّمَ ذَٰلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ (٣)
تفسير الأية: خواطر محمد متولي الشعراوي (ت 1418 هـ)

(ٱلزَّانِي لاَ يَنكِحُ إِلاَّ زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً..) (النور: 3) لأن الزواج يقوم على التكافؤ، حتى لا يستعلي أحد الزوجين على الآخر، والزاني فيه خِسَّة، فلا يليق به إلا خسيسة مثله يعني: زانية، أو أخس وهي المشركة؛ لأن الشرك أخسُّ من الزنا، لأن الزنا مخالفة أمر توجيهي من الله، أمّا الشرك فهو كفر بالله؛ لذلك فالمشركة أخبث من الزانية.

وما نقوله في زواج الزاني نقوله في زواج الزانية (وَٱلزَّانِيَةُ لاَ يَنكِحُهَآ إِلاَّ زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ..) (النور: 3).

وهنا يعترض البعض: كيف إنْ كانت الزانية مسلمة: أينكحها مشرك؟

قالوا: التقابل هنا غرضه التهويل والتفظيع فقط لا الإباحة؛ لأن المسلمة لا يجوز أن تتزوج مشركاً أبداً، فالآية توبيخ لها: يا خسيسة، لا يليق بك إلا خسيس مثلك أو أخسّ.

وأرى أن النص محتمل لانفكاك الجهة؛ لأن التي زنتْ تدور بين أمرين: إما أنها أقبلتْ على الزنا وهي تعلم أنه مُحرَّم، فتكون عاصية باقية على إسلامها، أو أنها ردَّت حكم الزنا واعترضت عليه فتكون مشركة، وفي هذه الحالة يستقيم لنا فهم الآية.

 ثم يقول تعالى: (وَحُرِّمَ ذٰلِكَ عَلَى ٱلْمُؤْمِنِينَ) (النور: 3) فهذا سبب طُهْر الأنسال أن يُحرِّم الله تعالى الزنا، فيأتي الخليفة طاهر النسل والعنصر، محضوناً بأب وأم، مضموماً بدفء العائلة، لا يتحملون عليه نسمة الهواء؛ لأنه جاء من وعاء طيب طاهر نظيف.

ثم يقول الحق سبحانه: (وَٱلَّذِينَ يَرْمُونَ ٱلْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُواْ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَآءَ فَٱجْلِدُوهُمْ...).



سورة النور الآيات من 01-05 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 52644
العمر : 72

سورة النور الآيات من 01-05 Empty
مُساهمةموضوع: رد: سورة النور الآيات من 01-05   سورة النور الآيات من 01-05 Emptyالأربعاء 15 يوليو 2020, 11:35 pm

وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ (٤)
تفسير الأية: خواطر محمد متولي الشعراوي (ت 1418 هـ)

الرمي: قذف شيء بشيء، والمحصنات: جمع مُحْصنة من الإحصان، وهو الحفظ، ومنه قولنا: فلان عنده حصانة برلمانية مثلاً.

يعني: تكفّل القانون بحفظه؛ لذلك إنْ أرادوا محاسبته أو مقاضاته يرفعون عنه الحصانة أولاً، ومنه أيضاً كلمة الحصن وهو الشيء المنيع الذي يحمي مَنْ بداخله.

 يقول تعالى: (وَعَلَّمْنَاهُ صَنْعَةَ لَبُوسٍ لَّكُمْ لِتُحْصِنَكُمْ مِّن بَأْسِكُمْ..) (الأنبياء: 80) يعني: الدروع التي تحمي الإنسان وتحفظه في الحرب.

والمحصنات: تُطلَق على المتزوجة، لأنها حصَّنَتْ نفسها بالزواج أن تميل إلى الفاحشة، وتطلق أيضاً على الحرة، لأنهم في الماضي كانت الإماء هُنَّ اللائي يدعين لمسألة البغاء، إنما لا تقدم عليها الحرائر أبداً.

لذلك فإن السيدة هنداً التي نُسيِّدها الآن بعد إسلامها، وهي التي لاكتْ كبد سيدنا حمزة في غزوة أحد، لكن لا عليها الآن؛ لأن الإسلام يجُبُّ ما قبله.

لما سمعت السيدة هند رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ينهى النساء عن الزنا قالت: أو تزني حُرَّة؟

لأن الزنا انتشر قبل الإسلام بين البغايا من الإماء، حتى كانت لهن رايات يرفعْنها على بيوتهن ليُعرفْنَ بها.

 والمعنى: يرمون المحصنات بما ينافي الإحصان، والمراد الزنا (ثُمَّ لَمْ يَأْتُواْ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَآءَ فَٱجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً..) (النور: 4) وهذا يُسمَّى حدَّ القذف، أن ترمي حُرّة بالزنا وتتهمها بها، ففي هذه الحالة عليك أنْ تأتي بأربعة شهداء يشهدون على ما رميْتها به، فإن لم تفعل يُقام عليك أنت حَدُّ القذف ثمانين جلدة، ثم لا ينتهي الأمر عند الجَلْد، إنما لا تُقبل منك شهادة بعد ذلك أبداً.

(وَلاَ تَقْبَلُواْ لَهُمْ شَهَادَةً أَبَداً..) (النور: 4) لماذا؟

لأنه لم يَعُدْ أهلاً لها؛ لأنه فاسق (وَأُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلْفَاسِقُونَ) (النور: 4) والفاسق لا شهادةَ له، وهكذا جمع الشارع الحكيم على القاذف حَدَّ الجلْد، ثم أسقط اعتباره من المجتمع بسقوط شهادته، ثم وصفه بعد ذلك بالفسق، فهو في مجتمعه ساقط الاعتبار ساقط الكرامة.

هذا كله ليزجر كل مَنْ تسوِّل له نفسه الخوْضَ في أعراض الحرائر واتهام النساء الطاهرات؛ لذلك عبَّر عن القَذْف بالرمي؛ لأنه غالباً ما يكون عن عجلة وعدم بينة، فالحق -تبارك وتعالى- يريد أن يحفظ مجتمع الإيمان من أن تشيع فيه الفاحشة، أو مجرد ذكرها والحديث عنها.

ثم يقول الحق سبحانه: (إِلاَّ ٱلَّذِينَ تَابُواْ مِن بَعْدِ ذٰلِكَ وَأَصْلَحُواْ...).



سورة النور الآيات من 01-05 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 52644
العمر : 72

سورة النور الآيات من 01-05 Empty
مُساهمةموضوع: رد: سورة النور الآيات من 01-05   سورة النور الآيات من 01-05 Emptyالأربعاء 15 يوليو 2020, 11:36 pm

إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ بَعْدِ ذَٰلِكَ وَأَصْلَحُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (٥)
تفسير الأية: خواطر محمد متولي الشعراوي (ت 1418 هـ)

اختلف العلماء في معنى الاستثناء هنا: أهو استثناء من الفِسْق؟

أم استثناء من عدم قبول الشهادة؟

ذكرنا أن مشروعية التوبة مِنَّة وتكرُّم من الحق -تبارك وتعالى- لأنه لو لم تُشرع التوبة كان مَنْ يقع في معصية مرَّة، ولا تُقبل منه توبة يتجرَّأ على المعصية ويُكْثِرُ منها، ولِمَ لا؟

فلا دافعَ له للإقلاع.

إذن: حين يشرع الله التوبة إنما يحمي المجتمع من الفاقدين الذين باعوا أنفسهم، وفقدوا الأمل في النجاة.

فمشروعية التوبة كَرَم، وقبولها كرم آخر، لذلك يقول الحق سبحانه: (ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُوۤاْ..) (التوبة: 118) أي: شرع لهم التوبة ليتوبوا فيقبل منهم.

وقوله تعالى: (وَأَصْلَحُواْ..) (النور: 5) تدل على أن مَنْ وقعتْ منه سيئة عليه أن يتبعها بحسنة، وقد ورد في الحديث الشريف: "وأتبع السيئةَ الحسنةَ تَمْحُها"...

لذلك تجد الذين أسرفوا على أنفسهم في ناحية ما، حينما يكبرون ويُحبّون التوبة تراهم شغوفين بحُبِّ الخير وعمل الطاعات، يريدون أن يُكفِّروا بها ما سبق من السيئات، على خلاف مَنْ حافظ على نفسه، ونأى بها عن المعاصي، فتراه بارداً من ناحيتها يفعل الخير على قَدْر طاقته.

وكأن الحق -تبارك وتعالى- يُحذِّر عباده: يا عبادي احذروا: مَنْ أخذ مني شيئاً خِلْسة أو ترك لي حكماً، أو تجرأ عليَّ بمعصية سيتعب فيما بعد، ويلاقي الأمَّريْن؛ لأن السيئة ستظل وراءه تطارده وتُجهده لأغفرها له، وسيحتاج لكثير من الحسنات وأفعال الخير ليجبر بها تقصيره في حَقِّ ربه.

ثم يقول الحق سبحانه: (وَٱلَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ وَلَمْ يَكُنْ لَّهُمْ شُهَدَآءُ إِلاَّ أَنفُسُهُمْ فَشَهَادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهَادَاتٍ بِٱللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ ٱلصَّادِقِينَ * وَٱلْخَامِسَةُ أَنَّ...).



سورة النور الآيات من 01-05 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
 
سورة النور الآيات من 01-05
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» سورة النور الآيات من 56-60
» سورة النور الآيات من 61-64
» سورة النور الآيات من 06-10
» سورة النور الآيات من 11-15
» سورة النور الآيات من 16-20

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات إنما المؤمنون إخوة (2024 - 2010) The Believers Are Brothers :: (العربي) :: الشيخ محمد متولي الشعـراوي :: النور-
انتقل الى: