أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52683 العمر : 72
| موضوع: براعة الدعاة تتمثل في إقناع الناس بحكمة التشريعات. الخميس 05 مايو 2011, 10:31 pm | |
| الدكتور عبد اللطيف العبد - براعة الدعاة تتمثل في إقناع الناس بحكمة التشريعات.
- علماء السلف لم يفصلوا بين الدعوة والإفتاء.
- على المسلمين أن يرفضوا التصوف المخالف لصحيح الإسلام.
- المهمة الأساسية لعلم الكلام هي الدفاع عن الإسلام.
- السنة والشيعة لن يتحدا لأن أساسهما مختلف.
- للطوائف الإسلامية أن تختلف بشرط أن يحترم كل منهما الآخر.
- تجديد الخطاب الديني لا علاقة له بالثوابت الإسلامية.
أجرى الحوار : أسامة الهتيمي
مفكرة الإسلام :
يتفق أغلب المفكرين على أن الحضارة –أية حضارة– لها جناحان أحدهما مادي والآخر فكري وثقافي يكمل كل منهما الآخر ويعمل على بقائه.. وفي حالة غياب أحدهما أو تراجعه فإن ذلك إيذانا ببداية أفول عصر ازدهار هذه الحضارة لتنتقل حالة الريادة إلى حضارة جديدة توفرت لها عوامل الظهور .
والفلسفة واحدة من العلوم التي يحيا أصحابها حالة من حالات تيقظ الذهن وتوهجه حيث تدفع دارسيها إلى التفكير الدائم والبحث عن الأفضل دائما في حياة الإنسان. وهو ما يسعى إليه المشتغلون بالفلسفة والفكر من أبناء الإسلام، حيث يحملون على كاهلهم عبء البحث عن العلل التي تعتري جسد الأمة، فضلا عن وقوفهم بالمرصاد لكل من تسول له نفسه الاقتراب من الإسلام ليدفعوا عنه ما يثيروه أعداؤه من شبهات وافتراءات .
والحوار مع مثل هؤلاء لا تكون نتيجته مجرد كلمات براقة ومنمقة ولكنها تنبع عن رؤية عميقة وشاملة.
لهذا فقد ذهبنا إلى الدكتور عبد اللطيف العبد أستاذ الفلسفة الإسلامية بجامعة القاهرة وعضو مجمع البحوث الإسلامية والذي يطالعنا بين الحين والآخر من خلال إذاعة القرآن الكريم .. لنضع أمامه استفساراتنا عن بعض القضايا الإسلامية .
** الدعوة الإسلامية أداها النبي صلى الله عليه وسلم، وقام بها من بعده أصحابه رضوان الله عليهم، لكننا نشهد هذه الأيام من يقوم بالدعوة من غير المؤهلين في مجتمع تزايدت فيه أعداد المتعلمين والمثقفين والمطلعين على الثقافات الأخرى ... في نظركم كيف يمكن التعامل مع إشكالية الأمر بالدعوة في ظل الظروف الراهنة ؟
* يجب أن نعرف أن كلمة الدعوة تنقسم إلى نوعين : الأولى هي دعوة للمسلمين والثانية هي دعوة لغير المسلمين وهذا قليلا ما يخطر على بال الكثيرين.
وعندما نتحدث عن القسم الأول فالمفروض أن نسميها وعظ وإرشاد غير أن اللفظ أخذ مجراه وأصبح الواعظ داعية باعتباره معرضا للرد على فئتين هما ' المرتدين وغير المسلمين '.. لهذا نوافق علي هذه التسمية مع أنها أساسا وعظ.
وأفترض أن أحد المارقين جاءني ليطرح علي شبهة من الشبهات التي يثيرها البعض حول الإسلام فإنني في هذه الحالة لابد أن أكون داعية وليس واعظا .. وأذكر أن شخصا جاءني مرة وكنت قد انتهيت من تسجيل حديث في إذاعة القرآن الكريم المصرية حول معجزة الإسراء والمعراج وأخذ يناقشني حول الإسراء والمعراج.. وقال لي إنك قلت إنها معجزة للرسول لكنه لم يفعلها فهي معجزة إلهية وليست للنبي مع أن هذا الشخص مسلم وصلى معنا المغرب وقتها وعليه فإن من يجب أن يتصدى إلى هؤلاء من المارقين وأصحاب الشبهات وغير المسلمين كاليهود والنصارى هو الداعية وليس الواعظ.
فعموما الدعوة بالنسبة للمسلمين وعظ وإرشاد وتتضمن شرح الدين للناس وشرح النصوص من القرآن والسنة لأن الناس ليس لديهم جميعا علم وفهم بدرجة واحدة.
والأهم هو بيان الحكمة من التشريعات الإسلاميات فعندما تكلمهم عن الطواف حول الكعبة في الحج والعمرة فإن الأعداء يقولون إن ذلك وثنية لكن الواعظ لو علمهم الحكمة من تقبيل الحجر الأسود.. الخ، وهكذا لو استطاع أن يحدد الحكمة والمقصد فإنه سيأتي بثمرة طيبة مع المسلمين.
أما المرتدين وغير المسلمين فهؤلاء لا ينفع معهم لا كتاب ولا سنة مثل ' نصر أبو زيد ' فعندما نقول له قال الله وقال الرسول –صلى الله عليه وسلم- يقول أقنعني بالعقل.
لذلك قال الإمام الشعراني ' إن علماء الكلام كانوا يناقشون أصحاب الشبهات بالبراهين العقلية وكانت هذه البراهين تقنع البعض مثلما كانت تفعل المعجزة مع البعض أيام النبي -صلى الله عليه وسلم- فكان العلماء يفضلون الإقناع العقلي بدلا من السيف الذي يستخدم عند الردة.. لأنه لا إكراه في الدين'.
وطالما أن الفكرة باقية فأنت في حاجة إلى دحض المذهب الضال.. فبراعة الداعية أو عالم الإسلام أو المتكلم هي كيف يقنع هؤلاء الناس بالإسلام وأحكامه بأدلة عقلية برهانية.
وما نراه على الساحة الآن من دعاة أدعياء فإن هؤلاء يسيئون إلى الإسلام أكثر مما يحسنون إليه، وربما كانت لهم أراء متطرفة تسئ إلى سمعة الإسلام فلا ينبغي أن يتصدى للدعوة للمسلمين أو لغيرهم إلا الدعاة المؤهلون لهذه المواجهة.. ونسأل أين العيب ؟.. والإجابة أن العيب في الذين ينتدبون هؤلاء الغير مؤهلين في القنوات الفضائية وغيرها ويتركون أصحاب الفقه والعلم.
** وهل من علاقة بين الدعوة وبين الإفتاء والفقه؟
* إن الدعوة والإفتاء وجهان لعملة واحدة ولا يجوز الفصل بينهما كما لا يجوز لشخص أن يدعي أنه من أهل الدعوة فقط وأنه ليس من أهل الإفتاء.. لأن العملية متكاملة.. فكيف يدعو مثل هذا بدون معرفة الأحكام؟ ثم كيف يفصل بين الدعوة وبين الفتوى؟!
ففرضاً أن هذا الشخص يلقي محاضرة عن الزواج والطلاق فسأله أحد الحاضرين عن أنه فعل كذا وكذا مع زوجته.. فكيف لا يجيبه هذا الداعي عن سؤاله؟ ومثلا لو أنه تكلم عن الربا وحرمته.. وهكذا.. ثم متى فصل علماء السلف بين الدعوة والإفتاء؟.
** كالكثير من القضايا الخلافية الواقعة بين علماء الإسلام ومفكريه يوجد خلاف ما زال قائما حول ' التصوف ' الذي يراه البعض بعيدا عن روح الإسلام الشمولية في حين يراه آخرون غير ذلك... في نظركم كيف يمكن فهم أهمية التصوف في الوقت الذي يقوم فيه الأمريكيون الذين يحاربون الإسلام بتشجيع مثل هذه الحركات والطرق الصوفية معتبرين إياها الإسلام الصحيح؟
* بداية التصوف يشير إلى الاهتمام بالجوانب الروحية في تعاليم الإسلام,.. وعلماء السلف مثل ابن تيمية أشار إلى أن المقامات القلبية الواردة في القرآن الكريم فرض عين على كل مسلم ومسلمة,.. فما هي المقامات؟ إن مثل المقامات المقصودة هي التوكل والرضا والشكر والصبر فهذه مقامات قلبية على سبيل المثال.. فهل أنزل الله الصبر في آيات عديدة لكي يتلى فقط أم ليتحلى به المسلم؟.
فإذن التصوف قوامه الزهد ومعنى الزهد الورع وترك الشبهات وعدم أخذ الدنيا بحلالها وحرامها فلابد من التمييز بين الحلال والحرام.
والزهد الحقيقي يدعو إلى العمل والإنتاج والإخلاص والإتقان وكل مكارم الأخلاق.
وأي مذهب روحي من هذا النوع لابد أن يكون فيه تجاوزات من بعض أتباعه وهي ناتجة إما عن سوء نية ' هدم الإسلام ' أو عن نية طيبة ولكنها ناتجة عن جهل وغرور.. الخ .
وعليه فالتصوف نوعان:
الأول تصوف سني صحيح وهذا حث عليه علماء السلف.
والثاني تصوف فيه غلو وهذا منكر وأنكره علماء السلف.. وهو ما يجب على كل مسلم أن ينكره وألا يسير في ركابه.. حتى الطرق الصوفية فمنها من يتبع التصوف السني ومنهم من يخرج عن صحيح الإسلام كتلك الجماعات التي تمارس أشياء هي من قبيل تعذيب النفس ولا علاقة لها بالإسلام الصحيح.
أما عن تشجيع أمريكا وغيرها للتصوف والطرق الصوفية فإذا كان هذا التشجيع للطرق الصحيحة فلا بأس لأنه عامل من عوامل نشر الإسلام أما إذا كان تشجيعا للفرق المغالية فهذا نشر للإسلام غير الصحيح.. فهل يا ترى أمريكا لديها وعي بهذا التقسيم؟.
فالطرق الصوفية إحدى وسائل نشر الإسلام والدليل انتشاره عن طريقها في دول شرق آسيا كـ ' أندونيسا وماليزيا ' وأيضا في الدول الإفريقية كـ 'نيجيريا' وغيرها فهم كتجار عملوا على نشر الإسلام في هذه البلدان.
والمستشرقون كتبوا في التصوف وجاءوا على الشطحات وقالوا إن هذا صحيح الإسلام وتورط في ذلك الدكتور عبد الرحمن بدوي في كتابه ' شطحات الصوفية'.
** لماذا يصر الكثير من خطبائنا على التركيز في خطبهم على الزهد والتقشف وترك الدنيا دون لفت النظر إلى أهمية العمل والاجتهاد والنظام والنظافة في قيمنا الإسلامية... أين الخلل؟
* الخلل ليس في الإسلام الخلل في ثقافة الداعية نفسه فالمتعلم يعلم أن الإسلام دين العمل والإنتاج ولا يتنافى ذلك مع الزهد والتقشف.. أنت تنتج ولا تبذر فالمبذرين إخوان الشياطين.. فهذا يعود للداعي.. هل هو فاهم؟ وكيف يجمع بين الزهد والإنتاج ولذلك فإن على الداعي أن يثقف نفسه باستمرار.
** مر على بعث الرسول -صلى الله عليه وسلم- أكثر من 1400 عام وما زالت القضايا الكلامية التي يختلف حولها المسلمون كما هي، حتى أن الدراسات الأكاديمية في هذا الإطار تكاد تتشابه فيما بينها ولا تختلف إلا في شخصياتها وأزمنتها .. هل تعتقدون أننا في حاجة إلى علم كلام جديد يتعامل مع القضايا الفكرية الراهنة مثل العولمة –وصراع الحضارات– والحوار مع الآخر -وحقوق الإنسان– والديمقراطية... الخ ؟
* نحن لسنا في حاجة إلى علم كلام جديد.. فعلم الكلام القديم أو التقليدي أسس أساسا لإثبات عقائد الإسلام بالأدلة النقلية والعقلية ولإقناع المرتدين والزنادقة وغير المسلمين.. إقناعهم بالبرهان العقلي بشرط أن يكون المتكلم فاهما للمصطلحات الحديثة ويتخذ منها نفس الموقف.
مثلا كيف يحارب خطيب العلمانية وهو لا يعرف ما هي العلمانية؟ أو يدعو إلى عدم التعامل مع البنوك وهو لا يعرف ما معنى بنك؟ وهذا هو ما نقصده بالخطاب الديني المتجدد فالخطيب أو الداعية يجدد ثقافته ويحدث معلوماته وهنا لابد أن يضيف الداعية الثقافة الجديدة إلى علمه القديم الثابت ولا يعتبر القرآن والسنة من التراث كما يقول بعضهم ' حسن حنفي '.
علم الكلام أساسا للحجاج والدفاع عن العقيدة الإسلامية فهي ليست قضية جدل فحسب ولكن هناك ضرورة.. فمثلما الذين يهاجمون الرسول – صلى الله عليه وسلم – في الدنمارك فانا أرد عليهم بالعقل والمنطق وأدحض فريتهم دحضاً كاملاًَ.. أنا لا أستطيع أن أفعل ذلك إلا إذا كان لدي موروث وأعرف ما خلفية مثل هؤلاء وهل هو مدفوع من الصهيونية أو غيرها أم يردد كلام المستشرقين الذين لم يتركوا شيئاً عن الإسلام إلا وقالوه.
** لا يخفى عليكم ما تردد قبل سنوات من تزايد الدعوة إلى التقارب بين المذاهب الإسلامية.. هذه الدعوة التي تصدر عن رغبة في اتحاد المسلمين لمواجهة التحديات المعاصرة.. هل يمكن أن نعتبر أن مثل هذه الدعوات قد سقطت بعد ما اتضح تجذر الخلاف الطائفي بين السنة والشيعة –مثلا في العراق-؟
* إذا كان التقارب ينتج عنه وفاق في الأمور المتفق عليها بين المذهبين ' السلفية والشيعية ' ثم يعذر كل منهما الآخر فيما اختلفوا.. يعني يقروا بما اتفق عليه مثل الزيدية ثم في المسائل الخلافية يعذر كل منهما الآخر ويحترم كل منهما الآخر أيضا ولا يرمي أحد الطرفين غيره بالكفر فلا بأس على أن يبقى الخلاف هنا مثل الخلاف بين الفقهاء والفلاسفة والنحويين والمؤرخين والمتكلمين كما يكون الخلاف رحمة وثقافة تفتق الذهن بشرط ألا يجر إلى التكفير.
وأرى أنه لا يمكن أن تحدث وحدة بين المذهبين ' السنة والشيعة ' لأن الأساس مختلف لكن باعتبارهما فرقتين إسلاميتين فيجب التعامل بينهما.. وكان قد حدث أيام الدولة العباسية أن المسلم الشافعي – الذي يتبنى مذهبه الشافعي في الفقه - لا يتزوج من بنت الحنفي – الذي يتبنى المذهب الحنفي - أو العكس فكانوا يصدرون أحكاما متطرفة على المذاهب الفقهية.. فنحن يجب أن نتعامل مع الشيعة على اعتبارهم مذهباً نختلف معه ونحترمه ولا نظهر شقاقا معهم حتى لا يطمع العدو في أحد الطرفين.
** يردد الكثيرون دعوى تجديد الخطاب الإسلامي دون أن نفهم حقيقة هذا الخطاب وهل يعني هذا أن ننساق وراء الإطروحات الغربية بتفاصيلها؟
* تجديد الخطاب الديني يعني تجديد ثقافة الداعية وأن يضيف لثقافته الموروثة فهم المصطلحات الحديثة ويتعامل معها في ضوء الكتاب والسنة.. كأن يرفض العولمة جملة وتفصيلا والعالم كله دخل العولمة فلابد من أن يفهمها ويعرف منافعها ومضارها قبل أن يعطي رأيا فيها.
والتجديد في الخطاب الديني لا يعني الثوابت في العقائد الإسلامية أو الأحكام القطعية في الكتاب والسنة ولكن يعني الإطلاع على الثقافات الجديدة والمصطلحات الجديدة.
لقد فؤجئت مثلا بطلاب الفرقة الأولى في كلية دار العلوم بجامعة القاهرة لا يعرفون ما هي الاشتراكية واضطررت أن أنقل لهم الكثير عنها حتى يمكنهم أن يتبنوا رؤية صحيحة عنها.
كذلك لابد أن يعرف الداعية أن الغرب والأمريكيين ليس في دينهم ما يغنيهم لكننا لدينا ما يغنينا ومع ذلك فالحكمة ضالة المؤمن.. فأي مذهب حديث فيه شئ جيد على المسلم أن يأخذ به.. غير أن الثوابت لا يمكن التلاعب بها مثل قضايا الميراث مثلا والتي يطالب البعض بأن تتساوى المرأة مع الرجل في الميراث.. فلا تجديد في الأحكام ولكن التطور مع المصطلحات الحديثة.
|
|