(82) سُكَّانُ كَلْكُتَّهْ:
أمَّا السُّكَّانُ في هذه المدينة البالغ تعدادهم نحو المليون وثلاثُمَّائة ألف فهُمْ من أهل نِحَلٍ ومَذَاهِبَ مُتعدِّدَة، والمُسْلِمون منهم يبلغ عددهم نحو المائتي ألف نسمة، والباقون من البنغالية والهندوس والملوارية، وعوائدُ القوم هناك وأزياؤهم وصُورهم تختلف باختلاف الأجناس؛ فالبنغاليون يغلبُ عليهم السَّواد وضخامة الجسم وهم يلبسون نوعًا من اللباس يُقالُ له “لنفوته”، وهو عبارة عن إزار طويل يُلَفُّ على الخِصْرِ ويؤخذ طرفه ويدخل من بين الرجلين ويرشق عند منتهى سلسلة الظهر، وما بقي من سائر الجسم يبقى في الغالب عاريًا، وهذا الشكل من اللباس لا يكون إلَّا عند الأمم التي لم تعرف للحضارة معنًى وهو قبيح لا يليق بالآداب، وهذا الذي شائع في السَّواد الأعظم من هذه الطائفة، أو بعبارة أخرى الطبقة الوسطى منهم، ومن أخلاق البنغاليين أنهم سِلْمٌ لِمَنْ سالمهم وحَرْبٌ لِمَنْ حاربهم، ولا يألفون الذّلَّ إلَّا قهرًا وبعد نفاد جَلَدِهِمْ، وبما أنَّ البنغالين هم أكثر الأهالي عددًا فإنَّ أغلب مُستخدمي الحكومة وعُمَّالِ المحال التجارية والمصانع منهم، وهم كاليهود يبذلون الجُهْدَ في جمع الدِّرهم.

ومنهم الكفرة وغالبُ العامَّة منهم ولكن أملاكهم على كثرة عددهم كثيرة، أمَّا الملواريون فهم في الزِّيِّ أقرب إلى البنغاليين ولكنهم يخالفونهم في إرخاء الإزار وستر باقي الجسد، ووضع منديل أو قلنسوة على رءوسهم، ولونهم أبيض مع اعتدال القامة، وشيء من تقاسيم الحُسْنِ والجمال، وليس لهم اهتمام بالشئون السياسية، ولهم ولعٌ لا مزيد عليه في جلب الدرهم ولذلك استغواهم البنغاليون بدعوى أنهم سيربحون في وراء الثورة مالًا كثيرًا، أما المُسْلِمُونَ سواء كانوا من الهنود أو غيرهم فإنهم يلبسون السَّراويل والقميص والسِّدريَّات الطويلة، والعُلمَاءُ منهم يلبسون الجُبَّة والفرجيات، وبالجُملة فإنَّ لباسهم أحْسُنِ لباس أهل الهند جميعًا فقراء كانوا أو أغنياء.