(68) البوليس الياباني
البوليس الياباني من أرقى بوليس في العالم في الأدب، ومعرفة الواجبات، ومن غريب ما رَأَيْتُ في نظام البوليس هناك أنَّ كُلَّ عسكري يحمل معه مذكرة غير التي يذكر فيها الوقائع والحوادث، وهذه المذكرة فيها أسئلة وأجوبة مطبوعة، وهذه الأسئلة والأجوبة كلها فيما يتعلق بالوطن، ومكارم الأخلاق.

كأن يذكر في السؤال مثلًا:
ماذا استفدت من هذه الحرب الروسية اليابانية؟
وماذا يجب على الفرد من الجنود إذا طرقت الحربُ أبوابَ البلاد؟
وماذا يجب على القائد أن يفعله؟… وإلخ.

وهذه من الاختراعات البديعة في نظام البوليس وفي تربية نُفُوسِ القوم على حُبِّ الوطن.

ومِمَّا يُوجِبُ الإعجابَ بحرص القوم على الأمْنِ أن البوليس إذا وجد غريبًا يشتري بعض الأشياء يُرَاقِبُ حركاته، وسكناته في حالة الشراء، ويعرف مقدار المُشترى إن كان بالوزن أو الكيل أو غير ذلك ويصرف مقدار الثُمَّن ثُمَّ يعد النقود التي مع المشتري وهكذا.

وذلك أنِّي ابتعتُ بعض الفواكه من حانوت فكهاني فجاء البوليس وعَدَّ النُّقود التي أخذتها بعد خصم ثُمَّن المَبيع، وكنتُ أعطيتُ البائعَ قطعة ذَهَبٍ قيمتُها نصف جنيه أفرنكي، وعرف ثُمَن مقدار ما اشتريته من الفواكه، فتذكرتُ في الحال بوليسنا المصري ووددت أن يكون عنده بعض الشيء من هذه الفضائل بدلًا من أن يجعل سلطته مُنحصرة في مُعاكسة الحوذية، وصغار الباعة في الشوارع والارتشاء من المحال التي تحوي المُقامرين وغيرهم من عوامل الإفساد في البلاد، وفَّقه الله على سُنَنِ الاستقامة وأخرج رجاله الجهلاء الخونة ليسود الأمن في البلاد.