من كيد النساء
حُكِيَ أنَّ امرأةَ أبي رافع رأته في نومها بعد موته، فقال لها: أتعرفين فلاناً الصيرفي قالت له: نعم.
قال: فإن لي عليه مائتي دينار.
فلمَّا انتبهت من نومها غدت إلى الصيرفي فأخبرته الخبر وسألته عن المائتي دينار.
فقال: رَحِمَ اللهُ أبا رافع، والله ما جرت بيني وبينه معاملة قط.
فأقبلت إلى مسجد المدينة، فوجدت مشايخ من آل أبي رافع كلهم مقبول القول، جائز الشهادة، فقصَّت عليهم الرؤيا، وأخبرتهم خبرها مع الصيرفي وإنكاره لِمَا ادَّعاه أبو رافع.
قالوا: ما كان أبو رافع ليكذب في نوم ولا يقظة، قومي بصاحبك إلى السلطان ونحن نشهد لك عليه.
فلمَّا رأى الصيرفي عزم القوم على الشهادة لها وعلم أنهم إن شهدوا عليه لم يبرح حتى يؤديها...
قال لهم: إن رأيتم أن تُصلحوا بيني وبين هذه المرأة على ما ترونه فافعلوا.
قالوا: نعم والصُّلح خير، ونِعْمَ الصُّلح الشّطر، فأدّ إليها مائة دينار من المائتين.
فقال لهم: أفعل، ولكن اكتبوا بيني وبينها كتاباً يكون وثيقة لي.
قالوا: وكيف تكون هذه الوثيقة؟
قال: تكتبون لي عليها أنها قبضت مني مائة دينار صُلحاً على المائتي دينار التي ادَّعاها أبو رافع عليَّ في نومها، وأنها قد أبرأتني منها وشرطت على نفسها ألا ترى أبا رافع في نومها مرة أخرى، فيدَّعي عليَّ بغير هذه المائتين، فتجيء بفلان وفلان يشهدان عليَّ لها.
فلمَّا سمعوا الوثيقة فطن القوم لأنفسهم...
وقالوا: قَبَّحَكِ اللهُ وقَبَّحَ مَا جِئْتِ بِهِ.