غَارَتْ أمُّكُمْ
"عن أنس قال كان النبي -صلى الله عليه وسلم- عند بعض نسائه فأرسلت إحدى أمهات المؤمنين بصحفة فيها طعام فضربت التي النبي -صلى الله عليه وسلم- في بيتها يد الخادم فسقطت الصحفة فانفلقت فجمع النبي -صلى الله عليه وسلم- فلق الصحفة ثم جعل يجمع فيها الطعام الذي كان في الصحفة ويقول: غارت أمكم... ثم حبس الخادم حتى أتي بصحفة من عند التي هو في بيتها فدفع الصحفة الصحيحة إلى التي كسرت صحفتها وأمسك المكسورة في بيت التي كسرت (1).

التعليق:
"قال الحافظ بن حجر في شرح الحديث ما خلاصته: قوله (غارت أمكم) الخطاب لمن حضر, والمراد بالأم هي التي كسرت الصحفة وهي من أمهات المؤمنين... ثم قال: وعلى هذا حمله جميع من شرح هذا الحديث وقالوا: فيه إشارة إلى عدم مؤاخذة الغيراء بما يصدر منها لأنها في تلك الحالة يكون عقلها محجوباً بشدة الغضب الذي أثارته الغيرة. اهـ
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
(1) - أخرجه البخاري في النكاح ح/5225


ومن ثم يجب أن يُدرك كلاً من الزوجين أن الغيرة المعتدلة المحمودة مطلوبة لأنها دليل المحبة ولو كان فيها نوع من التصرف المرفوض فهو معفي عنه لعدم القصد في الأذي, ولكن أن خرجت عن حد الاعتدال إلي التشكيك والاتهام وربما التجسس فهي غيرة مذمومة ومرفوضة لأنها تُعكر صفو الحياة الزوجية حتماً.

- وقال العلامة ابن القيم- رحمه الله- في الفوائد (1/ 141):... والغيرة لها حد إذا جاوزته صارت تهمة وظناً سيئاً بالبريء وإن قصرت عنه كانت تغافلاً ومبادئ دياثة وللتواضع حد إذا جاوزه كان ذلاً ومهانة ومن قصر عنه انحرف إلى الكبر والفخر وللعز حد إذا جاوزه كان كبراً وخلقاً مذموماً وإن قصر عنه انحرف إلى الذل والمهانة.

وضابط هذا كله العدل وهو الأخذ بالوسط الموضوع بين طرفي الإفراط والتفريط وعليه بناء مصالح الدنيا والآخرة. اهـ