قصة تحويل القبلة
الشيخ.د: أحمد فريد خطيب
عناصر الخطبة
1/ الآيات الكريمات التي تحدثت عن (تحويل القبلة).
2/ سبب نزولها وقصة تحويل القبلة.
3/ وقفات وتأملات مع الآيات الكريمات.
4/ دروس مستفادة من قصة تحويل القبلة.
اقتباس
في هذه الآيات الكريمات -عباد الله- شرَفُ النبيِّ، وشرف أمته، وفيها بيانُ فضل الله -عز وجل- على أمة محمد؛ حيث أرسل إليهم أشرف رسول، وأنزل عليهم أفضل كتاب، وهداهم إلى أحسن قبلة، وجعلهم شهداءَ على الناس، أي: على الأمم كلها، وجعل الرسول عليهم شهيداً.
الخطبة
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ به من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، مَن يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له؛ وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، صلَّى الله عليه وعلى آله وسلم.
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ) (آل عمران:102).
ثم أما بعد: قال -عز وجل-: (سَيَقُولُ السُّفَهَاءُ مِنَ النَّاسِ مَا وَلَّاهُمْ عَن قِبْلَتِهِمُ الَّتِي كَانُوا عَلَيْهَا قُل لِّلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ يَهْدِي مَن يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ * وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِّتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا وَمَا جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنتَ عَلَيْهَا إِلَّا لِنَعْلَمَ مَن يَتَّبِعُ الرَّسُولَ مِمَّن يَنقَلِبُ عَلَى عَقِبَيْهِ وَإِن كَانَتْ لَكَبِيرَةً إِلَّا عَلَى الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَءُوفٌ رَّحِيمٌ * قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ وَإِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِن رَّبِّهِمْ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا يَعْمَلُونَ) (البقرة:142-144).
في هذه الآيات الكريمات -عباد الله- شرَفُ النبيِّ، وشرف أمته، وفيها بيان فضل الله -عز وجل- على أمة محمد؛ حيث أرسل إليهم أشرف رسول، وأنزل عليهم أفضل كتاب، وهداهم إلى أحسن قبلة، وجعلهم شهداء على الناس، أي: على الأمم كلها، وجعل الرسول عليهم شهيداً.
وفيها بيان أن كل أمر من الله -عز وجل- فهو نعمة منه -عز وجل-، فالله -عز وجل- أنعم علينا بالشرع المتين، وتمت نعمـة الله -عز وجل- على المسلمين بكمال الدين، فنزل على النبي بعرفة يوم عرفة: (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلامَ دِينًا) (المائدة:3).
في هذه الآيات الكريمات، كذلك، بيان أن الذي يعترض على أمر الله -عز وجل- سفيه، والسفيه هو ضعيف العقل، قال -تعالى-: (سَيَقُولُ السُّفَهَاءُ مِنَ النَّاسِ مَا وَلَّاهُمْ عَن قِبْلَتِهِمُ الَّتِي كَانُوا عَلَيْهَا قُل لِّلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ يَهْدِي مَن يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ).
أخبر الله -عز وجل- نبيه بمقالة السفهاء قبل أن يقولوها آية ومعجزة، قيل: السفهاء هم اليهود، وقيل: مشركو مكة، وقيل: المنافقون؛ وكلهم سفهاء، وكذا العلمانيون الذين يعترضون على شرع الله -عز وجل- ويتهمونه بالقصور عن مسايرة ركب الحضارة والمدنية، ويقولون: تريدون أن تردونا إلى عصور الظلام!
وكأن العصور التي حكم فيها الإسلام البشرية وأشرقت فيها شمس الحضارة الإسلامية هي عصور ظلام! فهؤلاء -ولا شك- من أسفه السفهاء، إنهم يبغضون الإسلام لأنهم إذا أشرقت شمسه فهم أول من تقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف؛ لأنهم يعيثون في الأرض فسادا، ويصدون عن سبيل الله.
لَمَّا نزل تحويل القبلة اعترض السُّفهاء: اليهود والمشركون والمنافقون، قالت اليهود: ترك قبلة الأنبياء قبله، وقال مشركو العرب: توجَّه إلى قبلتنا ويوشك أن ينقلب بكليته إلى ديننا.
وقال المنافقون: إن كانت القبلة التي توجَّه إليها أولاً هي الحق فقد ترك الحق، وإن كانت القبلة التي توجَّه إليها ثانياً هي الحق فقد كان على الباطل قبل ذلك.
وأجاب اللهُ -عز وجل- عن شُبهة السُّفهاء بقوله -عز وجل-: (قُل لِّلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ يَهْدِي مَن يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ)، وتقريره أن الجهات كلها ملك لله -عز وجل-، فلا يستحق شيء منها لذاته أن يكون قبلة؛ بل إنما تصير قبلة لأن الله -تعالى- جعلها قبلة، فلا اعتراض عليه بالتحويل من جهة إلى أخرى، وما أمر به فهو الحق: يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم.
ثم بَيَّنَ -تعالى- شيئاً من فضله على الأمَّة وعلى رسولها، كما قال -تعالى-: (وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِّتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا).
والمعنى: كما هديناكم إلى قبلة هي أوسط القبل وأفضلها.
و(جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا)، أي: عُدولاً خياراً؛ (لِّتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا).
عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله: "يُدعى نوح يوم القيامة فيقول: لبيك وسعديك يا رب، فيقول: هل بلّغت؟ فيقول: نعم، فيُقال: لأمَّته: هل بلّغكم؟ فيقولون: ما أتانا من نذير، فيقول: مَنْ يشهد لك؟ فيقول: مُحَمَّدٌ وأمَّته، فيشهدون أنه قد بلّغ، ويكون الرسول عليهم شهيداً، فذلك قوله -جل ذكره-: (وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِّتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا)" رواه أحمد والبخاري.
وعن أنس بن مالك قال: مَرُّوا بجنازةٍ فأثنوا عليها خيراً فقال النبيُّ: "وَجَبَتْ"، ثم مَرُّوا بأخرى فأثنوا عليها شرًّا فقال: "وَجَبَتْ"، فقال عمرُ: ما وَجَبَتْ؟ قال: "هذا أثنيتُم عليه خيراً فوجبت له الجنَّة، وهذا أثنيتم عليه شرًّا فوجبت له النَّار" رواه البخاري.
ثم بّيَّنَ -عز وجل- شيئاً من حكمته في جعل القبلة أولاً بيت المقدس، ثم نسخ ذلك وجعل القبلة الكعبة المُشرَّفة، فقال -عز وجل-: (وَمَا جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنتَ عَلَيْهَا إِلَّا لِنَعْلَمَ مَن يَتَّبِعُ الرَّسُولَ مِمَّن يَنقَلِبُ عَلَى عَقِبَيْهِ)
أي: جعل الأمر كذلك لحكمة الابتلاء والاختبار، حتى يظهر مَنْ يُسَلِّمَ لأمر الله -عز وجل- ونهيه، ومَنْ يظهر شكَّه واضطرابه.
قال ابن جرير -رحمه الله-: قد ارتدَّ في محنة الله أصحاب رسوله في القبلة رجالٌ مِمَّنْ كان قد أسلم، وأظهر كثير من المُنافقين من أجل ذلك نفاقهم، وقالوا: ما بالُ محمد يُحَوِّلُنَا مَرَّةً إلى ههنا ومَرَّةً إلى ههنا؟!
وقال المسلمون فيمَنْ مضى من إخوانهم المسلمين وهم يصلون نحو بيت المقدس: بطلت أعمالنا وأعمالهم وضاعت!.
فالمسلم يجب عليه أن يُسَلِّمَ لأمر الله ونهيه، فلا يقدم أحد منهم رأياً ولا هوىً على أمر الله -عز وجل- أو أمر رسوله، قال -تعالى-: (فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا) (النساء: 65).
فمِن الله الرسالة، وعلى الرسول البلاغ، وعلينا التسليم.
ثم قال -تعالى-: (وَإِن كَانَتْ لَكَبِيرَةً إِلَّا عَلَى الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَءُوفٌ رَّحِيمٌ)، أي: وإن كان هذا التحويل للقبلة أمراً شاقاً على النفوس، إلا على الذين هدى الله، وذلك بتسليم الأمر لله -عز وجل-؛ فإن الله -عز وجل- يفعل ما يشاء، ويحكم ما يريد، وله الحكمة التامَّة، والحُجَّةُ البالغة.
ثم بّيَّنَ -عز وجل- أنه من رحمته بعباده المؤمنين لا يُضِيعُ أعمالهم، فكيف يَظُنُّ الناسُ أن صلاتهم إلى بيت المقدس بَطُلَتْ؟ فقال -تعالى-: (وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَءُوفٌ رَّحِيمٌ).
عن البراء قال: "وكان الذي مات على القبلة قبل أن تُحَوَّلَ قِبَلَ البيتِ رجالٌ قُتِلُوا، لم ندر ما نقول فيهم، فأنزل الله: (وَمَا كَانَ اللهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ)"، أي: صلاتكم.
وفيه دليل لأهل السُّنَّة والجماعة على أن العمل يدخل في مُسَمَّى الإيمان، لأن الله -عز وجل- سَمَّى الصلاة إيماناً.
وفي الآية بُشرى للمؤمنين بأنَّ الله -عز وجل- من رحمته ورأفته بعباده المؤمنين يحفظ عليهم إيمانهم، ويوفقهم للأعمال التي تكون سبباً في حفظ إيمانهم، نسألُ اللهَ -عز وجل- أن يُمتعنا بالإيمان حتى نلقاه به.
ثم قال -تعالى-: (قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ)، قالوا: فيه أدبٌ حسَنٌ من النبي حيث إنه انتظر ولم يسأل.
عن البراء: "أن رسول الله صلّى إلى بيت المقدس ستة عشر شهراً، أو سبعة عشر شهراً، وكان رسول الله يُعجبه أن تكون قبلته قِبَل البيت، وأنه صلى أول صلاةٍ صلاة العصر، وصلى معه قومٌ، فخرج رجلٌ مِمَّنْ كان صلّى معه فمَرَّ على أهل قباء وهم راكعون، فقال: أشهد بالله لقد صلّيتُ مع النبي قِبَلَ مكة، فداروا كما هم قِبَلَ البيت".
واستدل به الشافعي على أن خبر الواحد يؤخذ به في الأحكام والعقائد، فالصحابة -رضي الله عنهم- تركوا القبلة التي كانوا عليها لخبر واحد، وما قالوا ننتظر حتى يتواتر الخبر، أو حتى نسأل رسول الله.
قال العلامة السعدي: وكان صرف المسلمين إلى الكعبة مما حصلت فيه فتنة كبيرة أشاعها أهل الكتاب، والمنافقون، والمشركون، وأكثروا فيها من الكلام والشُّبَهِ؛ فلهذا بسطها الله -تعالى- وبَيَّنَهَا أكمل بيان، وأكَّدَهَا بأنواع من التأكيدات التي تضمَّنتها هذه الآيات.
منها: الأمر بها ثلاث مرَّات مع كفاية المرَّة الواحدة.
ومنها: أن المعهود أن الأمر إما أن يكون للرسول فتدخل فيه الأمَّة، أو للأمَّة عموماً، وهذه الآية أمر فيها الرسول بالخصوص في قوله: (فَوَلِّ وَجْهَكَ)، والأمَّة عموماً في قوله: (فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ).
ومنها: أنه رَدَّ فيه جميع الاحتجاجات الباطلة التي أوردها أهل العناد، وأبطلها شُبهةً، شُبهةً.
ومنها: أنه قطع الأطماع من اتّباع رسوله قِبْلَةَ أهل الكتاب.
ومنها: قوله تعالى: (وَإِنَّهُ لَلْحَقُّ مِن رَّبِكَ)، فمجرد إخبار الصادق العظيم كافٍ شافٍ، ولكن مع هذا قال: (وَإِنَّهُ).
ومنها: أنه أخبر، وهو العالم بالخفيَّات، أن أهل الكتاب متقرر عندهم صحة هذا الأمر، ولكنهم يكتمون هذه الشهادة مع العلم، فقد قرر الله -عز وجل- الأمر باستقبال المسجد الحرام، فقال -تعالى-: (قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ وَإِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِن رَّبِّهِمْ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا يَعْمَلُونَ).
(وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَيْكُمْ حُجَّةٌ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ فَلَا تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِي وَلِأُتِمَّ نِعْمَتِي عَلَيْكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ) (البقرة:150).
عن عبد الرحمن بن الحارث المخزومي قال: "اشتد وجع سعيد بن المسيب فدخل عليه نافع بن جبير يعوده، فأغمى عليه، فقال نافع: وجهوه! ففعلوا، فأفاق، فقال: مَنْ أمركم أن تحوِّلُوا فراشي إلى القبلة، أنافع؟ قال: نعم، قال له سعيد: لئن لم أكن على القبلة والمِلَّة، والله لا ينفعني توجيهُكم فِرَاشِي!"
فإذا لم تكن وجهة المسلم إلى الملة الحنيفية لا ينفعه أن يُوَجَّهَ بعد موته إلى القبلة.
فنسألُ الله -عز وجل- أن يُتِمَّ علينا النِّعمة، وأن يُميتنا على مِلَّةِ نبينا مُحَمَّدٍ -صلى الله عليه وسلم-.
المصدر:
https://khutabaa.com/khutabaa-section/corncr-speeches/183820