منتديات إنما المؤمنون إخوة (2024 - 2010) The Believers Are Brothers

(إسلامي.. ثقافي.. اجتماعي.. إعلامي.. علمي.. تاريخي.. دعوي.. تربوي.. طبي.. رياضي.. أدبي..)
 
الرئيسيةالأحداثأحدث الصورالتسجيل
(وما من كاتب إلا سيبلى ** ويبقى الدهر ما كتبت يداه) (فلا تكتب بكفك غير شيء ** يسرك في القيامة أن تراه)

IZHAR UL-HAQ

(Truth Revealed) By: Rahmatullah Kairanvi
قال الفيلسوف توماس كارليل في كتابه الأبطال عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "لقد أصبح من أكبر العار على أي فرد مُتمدين من أبناء هذا العصر؛ أن يُصْغِي إلى ما يظن من أنَّ دِينَ الإسلام كَذِبٌ، وأنَّ مُحَمَّداً -صلى الله عليه وسلم- خَدَّاعٌ مُزُوِّرٌ، وآنَ لنا أنْ نُحارب ما يُشَاعُ من مثل هذه الأقوال السَّخيفة المُخْجِلَةِ؛ فإنَّ الرِّسَالة التي أدَّاهَا ذلك الرَّسُولُ ما زالت السِّراج المُنير مُدَّةَ اثني عشر قرناً، لنحو مائتي مليون من الناس أمثالنا، خلقهم اللهُ الذي خلقنا، (وقت كتابة الفيلسوف توماس كارليل لهذا الكتاب)، إقرأ بقية كتاب الفيلسوف توماس كارليل عن سيدنا محمد -صلى الله عليه وسلم-، على هذا الرابط: محمد بن عبد الله -صلى الله عليه وسلم-.

يقول المستشرق الإسباني جان ليك في كتاب (العرب): "لا يمكن أن توصف حياة محمد بأحسن مما وصفها الله بقوله: (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِين) فكان محمدٌ رحمة حقيقية، وإني أصلي عليه بلهفة وشوق".
فَضَّلَ اللهُ مِصْرَ على سائر البُلدان، كما فَضَّلَ بعض الناس على بعض والأيام والليالي بعضها على بعض، والفضلُ على ضربين: في دِينٍ أو دُنْيَا، أو فيهما جميعاً، وقد فَضَّلَ اللهُ مِصْرَ وشَهِدَ لها في كتابهِ بالكَرَمِ وعِظَم المَنزلة وذَكَرَهَا باسمها وخَصَّهَا دُونَ غيرها، وكَرَّرَ ذِكْرَهَا، وأبَانَ فضلها في آياتٍ تُتْلَى من القرآن العظيم.
المهندس حسن فتحي فيلسوف العمارة ومهندس الفقراء: هو معماري مصري بارز، من مواليد مدينة الأسكندرية، وتخرَّجَ من المُهندس خانة بجامعة فؤاد الأول، اشْتُهِرَ بطرازهِ المعماري الفريد الذي استمَدَّ مَصَادِرَهُ مِنَ العِمَارَةِ الريفية النوبية المَبنية بالطوب اللبن، ومن البيوت والقصور بالقاهرة القديمة في العصرين المملوكي والعُثماني.
رُبَّ ضَارَّةٍ نَافِعَةٍ.. فوائدُ فيروس كورونا غير المتوقعة للبشرية أنَّه لم يكن يَخطرُ على بال أحَدِنَا منذ أن ظهر وباء فيروس كورونا المُستجد، أنْ يكونَ لهذه الجائحة فوائدُ وإيجابيات ملموسة أفادَت كوكب الأرض.. فكيف حدث ذلك؟!...
تخليص الإبريز في تلخيص باريز: هو الكتاب الذي ألّفَهُ الشيخ "رفاعة رافع الطهطاوي" رائد التنوير في العصر الحديث كما يُلَقَّب، ويُمَثِّلُ هذا الكتاب علامة بارزة من علامات التاريخ الثقافي المصري والعربي الحديث.
الشيخ علي الجرجاوي (رحمه الله) قَامَ برحلةٍ إلى اليابان العام 1906م لحُضُورِ مؤتمر الأديان بطوكيو، الذي دعا إليه الإمبراطور الياباني عُلَمَاءَ الأديان لعرض عقائد دينهم على الشعب الياباني، وقد أنفق على رحلته الشَّاقَّةِ من مَالِهِ الخاص، وكان رُكُوبُ البحر وسيلته؛ مِمَّا أتَاحَ لَهُ مُشَاهَدَةَ العَدِيدِ مِنَ المُدُنِ السَّاحِلِيَّةِ في أنحاء العالم، ويُعَدُّ أوَّلَ دَاعِيَةٍ للإسلام في بلاد اليابان في العصر الحديث.

أحْـلامٌ مِـنْ أبِـي (باراك أوباما) ***

 

 سورة الإسراء الآيات من 086-090

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 52644
العمر : 72

سورة الإسراء الآيات من 086-090 Empty
مُساهمةموضوع: سورة الإسراء الآيات من 086-090   سورة الإسراء الآيات من 086-090 Emptyالسبت 01 فبراير 2020, 6:46 pm

وَلَئِنْ شِئْنَا لَنَذْهَبَنَّ بِالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ ثُمَّ لَا تَجِدُ لَكَ بِهِ عَلَيْنَا وَكِيلًا (٨٦)
تفسير الأية: خواطر محمد متولي الشعراوي (ت 1418 هـ)

الحق سبحانه في هذه الآية يريد أنْ يُربِّي الكفار ويُؤنّبهم، ويريد أن يُبَرّئ ساحة رسوله -صلى الله عليه وسلم- ويتحمل عنه المسئولية، فهو مجرد مُبلّغ عن الله، وإياكم أن تقولوا عنه مُفْترٍ، أو أتى بشيء من عنده، بدليل أنني لو شِئْتُ لسلبتُ ما أوحيتُه إليه وقرأه عليكم وسمعتموه أنتم وكتبه الصحابة.        

فإنْ سأل متسائل: وكيف يذهب الله بوحي مُنزِّل على رسوله، وحفظه وكتبه الصحابة، وسمعه الكفار؟         

نقول: أولاً: سياق الآية يدلُّنا على أن هذه العملية لم تحدث؛ لأن الحق سبحانه يقول: (وَلَئِن شِئْنَا) (الإسراء: 86) بمعنى: لو شِئْنا فعلنا ذلك، فالفعل لم يحدث، والمراد بيان إمكانية ذلك ليُبَرِّئ موقف رسول الله، وأنه ليس له من الأمر شيء.        

والغريب أن يفهم البعض من قوله تعالى: (لَيْسَ لَكَ مِنَ ٱلأَمْرِ شَيْءٌ..) (آل عمران: 128) أنها ضد رسول الله، وقَدْح في شخصه، وليس الأمر كذلك؛ لأنه ربه تبارك وتعالى يريد أنْ يتحمّل عنه ما يمكن أن يُفسِد العلاقة بينه وبين قومه، وكأنه يقول لهم: لا تغضبوا من محمد فالأمر عندي أنا، وشبَّهنا هذا الموقف بالخادم الذي فعل شيئاً، فيأتي سيده ليدافع عنه، فيقول: أنا الذي أمرته.        

ثانياً: لماذا نستبعد في قدرة الخالق سبحانه أن يسلب مِنَّا ما أوحاه لرسوله وحفظناه وكتبناه، ونحن نرى فاقد الذاكرة مثلاً لا يكاد يذكر شيئاً من حياته، فإذا ما أرادوا إعادة ذاكرته يقومون بإجراء عملية جراحية مثلاً، فما أشبه هذه بتلك.        

ونلاحظ في الآية جملة شرطية، أداة الشرط فيها "إنْ"، وهي تستخدم للأمر المشكوك في حدوثه، على خلاف "إذا" فتأتي للأمر المحقق.        

ثم يُوضِّح لنا الحق سبحانه أنه إنْ ذهب بما أوحاه لرسوله، فلن يستطيع أحد إعادته (ثُمَّ لاَ تَجِدُ لَكَ بِهِ عَلَيْنَا وَكِيلاً) (الإسراء: 86).        

ثم يقول الحق سبحانه: (إِلاَّ رَحْمَةً مِّن رَّبِّكَ إِنَّ فَضْلَهُ...).



سورة الإسراء الآيات من 086-090 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 52644
العمر : 72

سورة الإسراء الآيات من 086-090 Empty
مُساهمةموضوع: رد: سورة الإسراء الآيات من 086-090   سورة الإسراء الآيات من 086-090 Emptyالخميس 06 فبراير 2020, 11:26 pm

إِلَّا رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ إِنَّ فَضْلَهُ كَانَ عَلَيْكَ كَبِيرًا (٨٧)
تفسير الأية: خواطر محمد متولي الشعراوي (ت 1418 هـ)

قوله تعالى: (إِلاَّ رَحْمَةً مِّن رَّبِّكَ) (الإسراء: 87) أي: أنك لا تجد لك وكيلاً في أيِّ شيء إلا من جانب رحمتنا نحن، لأن فَضْلنا عليك كبير.

ثم يخاطب الحق سبحانه رسوله -صلى الله عليه وسلم- ليعلن تحديه للعالمين: (قُل لَّئِنِ ٱجْتَمَعَتِ ٱلإِنْسُ وَٱلْجِنُّ عَلَىٰ أَن يَأْتُواْ بِمِثْلِ هَـٰذَا ٱلْقُرْآنِ...).



سورة الإسراء الآيات من 086-090 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 52644
العمر : 72

سورة الإسراء الآيات من 086-090 Empty
مُساهمةموضوع: رد: سورة الإسراء الآيات من 086-090   سورة الإسراء الآيات من 086-090 Emptyالخميس 06 فبراير 2020, 11:27 pm

قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَىٰ أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَٰذَا الْقُرْآنِ لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا (٨٨)
تفسير الأية: خواطر محمد متولي الشعراوي (ت 1418 هـ)

(قُلْ) لا يقولها الحق سبحانه بينه وبين رسوله، بل المراد: أعلنها يا محمد على الملأ، وأسمِعْ بها الناس جميعاً؛ لأن القضية قضية تَحَدٍّ للجميع.

(لَّئِنِ ٱجْتَمَعَتِ ٱلإِنْسُ وَٱلْجِنُّ) (الإسراء: 88) وهما الثَّقَلان اللذان يكونان أمة التكليف لما منحهما الله من نعمة الاختيار الذي هو منَاطُ التكليف.

وقد أرسل النبي -صلى الله عليه وسلم- إليهما جميعاً، وقد استمعت الجن إلى القرآن كما استمعت إليه البشر: (قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ ٱسْتَمَعَ نَفَرٌ مِّنَ ٱلْجِنِّ فَقَالُوۤاْ إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآناً عَجَباً * يَهْدِيۤ إِلَى ٱلرُّشْدِ فَآمَنَّا بِهِ..) (الجن: 1-2).

والتحدِّي معناه الإتيان بآية معجزة يعجز عنها المعارض، لكن من جنس ما نبغ فيه المعارض، فلا يتحدّاهم بشيء لا عِلْم لهم به، ولا خبرة لهم فيه؛ لأنه لا معنى للتحدي في هذه الحالة ولا جدوى منه، كما لو تحدَّيْتَ إنساناً عادياً برفع الأثقال ولم يسبق له أن ارتاض هذه الرياضة، إنما تتحدَّى بها بطلاً معروفاً عنه ممارسة هذه العملية.

لذلك جاءت كل معجزات الرسل من جنس ما نبغ فيه القوم ليكون التحدِّي في محلِّه، ولا يعترضون عليه بأنه خارج عن نطاق علمهم ومقدرتهم، فكانت معجزة موسى -عليه السلام- العصا واليد، وهي من جنس ما نبغ فيه قومه من السِّحْر، وجاءت معجزة عيسى -عليه السلام- إحياء الموتى بإذن الله، وإبراء الأكمه والأبرص؛ لأن قومه نبغوا في الطب، وكانت معجزته -صلى الله عليه وسلم- في البلاغة والفصاحة التي نبغ فيها العرب.

وقد اقترح كفار مكة على رسول الله آيات معينة لإثبات صِدْق رسالته، لكن الآيات لا تُقترح على الله تعالى؛ لأنه سبحانه هو الذي يختار الآيات التي تناسب الطباع وتكون معجزة تثبت صِدْق رسوله، وقد اقترحوا على رسول الله آيات ومعجزاتٍ في مجالات لا عِلْم لهم بها، فكيف يتحدّاهم الله في مجال لا نبوغَ لهم فيه، وليس لهم دراية به؟

والحق سبحانه أنزل القرآن، وجعله المعجزة الوحيدة لصدق محمد -صلى الله عليه وسلم-، وهو المعجزة الوحيدة لكل أمة الإسلام من لَدُن رسول الله إلى قيام الساعة.

وهذا لا يمنع أن توجد معجزات كونية حدثتْ لرسول الله ليراها القوم الذين عاصروه، ومِثْل هذه المعجزات لا نطالب بها نحن، ولا نطالب بالإيمان بها، إلا إذا وردتْ من صادق معصوم؛ لأن الهدف من هذه المعجزات تثبيت الإيمان برسول الله في نفوس مَنْ شاهدوها، فنُبوع الماء من بين أصابعه -صلى الله عليه وسلم-، وكَوْنُ الشجرة تسعى إليه والحيوان يُكلِّمه، فالمقصود بهذه المعجزات مَنْ شاهدها وعاصرها، لا مَنْ أتى بعد عصره -صلى الله عليه وسلم-.

وفي القرآن خاصية تفرّد بها عن الكتب السابقة، حيث نزل جامعاً بين أمرين: أنه منهج سماوي يُنظِّم حركة الحياة، وهو في الوقت نفسه معجزة مصاحبة للمنهج لا تنفكّ عنه إلى قيام الساعة.أما الكتب السابقة فكانت تأتي بمنهج فقط، أما المعجزة فشيء آخر منفصل عن الكتاب، فمعجزة موسى العصا واليد وكتابه التوراة، ومعجزة عيسى إبراء الأكمه والأبرص، وكتابه الإنجيل، أما محمد -صلى الله عليه وسلم- فقد انفرد بأن تكون معجزته هي منهجه.

لذلك لما طلب كفار مكة من رسول الله أنْ يُفسِح لهم جبال مكة، ويُوسِّع عليهم الأرض، وأنْ يُحيي لهم موتاهم ليشهدوا بصدقه، خاطبهم الحق سبحانه بقوله: (وَلَوْ أَنَّ قُرْآناً سُيِّرَتْ بِهِ ٱلْجِبَالُ أَوْ قُطِّعَتْ بِهِ ٱلأَرْضُ أَوْ كُلِّمَ بِهِ ٱلْمَوْتَىٰ بَل للَّهِ ٱلأَمْرُ جَمِيعاً..) (الرعد: 31).

أي: كان في القرآن غَنَاءٌ لكم عن كُلِّ هذه المسائل.

وقد اعترض المستشرقون على هذه القضية، فقالوا: إنْ كانت الرسالة المحمدية للناس كافة، وجاءت معجزته في البلاغة والفصاحة ليتحدَّى بها قومه من العرب، فما لَوْنُ الإعجاز لغير العرب؟

نقول: أولاً: إذا كان العرب الذين ارتاضوا على الملَكَة العربية وأساليبها قد عجزوا أمام هذا التحدي، فغيرهم مِمَّنْ اتخذ العربية صناعة لا شكَّ أعجز.

ثانياً: مَنْ قال إن المعجزة في القرآن في فصاحته وبلاغته فقط؟

لقد جاءت بلاغة القرآن وفصاحته للأمة المتلقِّية للدعوة الأولى، هؤلاء الذين سيحملون عِبْءَ الدعوة، ويَسِيحُون بها في شتى بقاع الأرض، فإذا ما انتشرت الدعوة كانت المعجزة للناس الآخرين من غير العرب شيئاً آخر.

فالغيبيات التي يخبرنا بها، والكونيات التي يُحدّثنا عنها، والتي لم تكُنْ معلومة لأحد نجدها موافقة تماماً لما جاء به القرآن، وهو مُنزِّل على نبي أُميٍّ، وفي أُمة أُميّة غير مثقفة، فهذه كلها نواحي إعجاز للعرب ولغيرهم، وما زِلْنا حتى الآن نقف أمام آيات، وننتظر من العلم أنْ يكشفَ لنا عن معناها.

وفي الماضي القريب توصّل العلم إلى أن الذرة أصغر شيء في الوجود، وقد ذكر القرآن الذرة في مثل قوله: (فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ * وَمَن يَعْـمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرّاً يَرَهُ) (الزلزلة: 7-8).

وبتقدُّم وسائل البحث توصَّلوا إلى تفتيت الذرة أو شطرها، ووجدنا في الكون ما هو أقل من الذرة، فظنّ البعض أن هذه لا ذِكْر لها في القرآن، وظنوا أنهم تصيَّدوا على القرآن مأخذاً، ولو أمعنوا النظر في كتاب الله لوجدوا لهذا التطور العلمي رصيداً في كتاب الله حيث قال تعالى: (وَمَا يَعْزُبُ عَن رَّبِّكَ مِن مِّثْقَالِ ذَرَّةٍ فِي ٱلأَرْضِ وَلاَ فِي ٱلسَّمَآءِ وَلاَ أَصْغَرَ مِن ذٰلِكَ وَلاۤ أَكْبَرَ إِلاَّ فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ) (يونس: 61).

والقرآن يقول (أَصْغَرَ) لا صغير، فلو فتَّتْنَا أجزاء الذرة لوجدنا لها رصيداً واحتياطاً في كتاب الله، أَلاَ ترى في ذلك إعجازاً؟

إذن: تحدَّاهم الحق سبحانه بقوله: (قُل لَّئِنِ ٱجْتَمَعَتِ ٱلإِنْسُ وَٱلْجِنُّ) (الإسراء: 88) وأُدخِل الجنّ في مجال التحدي؛ لأن العرب كانوا يعتقدون أن لكل شاعر نابغ، أو أديب مُفوَّه، أو عبقري عنده نبوغ بياني شيطاناً يلهمه، وهذه الشياطين تسكن وادياً عندهم يسمونه "وادي عَبْقَر"، لذلك لم يكتَف القرآن بتحديهم هم، بل تحدى أيضاً مَنْ يُلهمونهم، أو مَنْ ينسبونَ إليهم القوة في هذا الأمر.

ثم يقول تعالى: (عَلَىٰ أَن يَأْتُواْ بِمِثْلِ هَـٰذَا ٱلْقُرْآنِ) (الإسراء: 88) فالتحدِّي أنْ يأتوا (بمثله) لأنه لا يمكن أنْ يأتوا به نفسه؛ لأنه نزل من عند الله وانتهى الأمر، فمستحيل أنْ يأتُوا به نفسه مرة أخرى؛ لأنْ الواقع لا يقع مرتين.

إذن: المتصوَّر في مجال التحدي أنْ يأتوا بمثله، فلو قلت: هذا الشيء مثل هذا الشيء، فلا شَكَّ أن المشبّه به أقوى وأصدق من المشبه، ولا يرتقي المشبه ليكون هو المشبه به بل مثله، فإذا انتفى المثل فقد انتفى الأصل من باب أَوْلَى.

فالحق سبحانه في قوله: (لاَ يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ) (الإسراء: 88) لا ينفي عنهم أن يأتُوا بقرآن، بل بمثل القرآن، فإذا كانوا لا يأتون بالصورة، فهل يقدرون على الأصل؟!          

ثم يقول تعالى زيادةً في التحدِّي: (وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيراً) (الإسراء: 88).

والظهير: هو المعاون والمساعد والمعين على الأمر، ومنه قوله تعالى: (وَإِن تَظَاهَرَا عَلَيْهِ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ مَوْلاَهُ وَجِبْرِيلُ وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمَلاَئِكَةُ بَعْدَ ذَلِكَ ظَهِيرٌ) (التحريم: 4).

لأنه قد يقول قائل: إن هذه المهمة لا يقوم بها فرد واحد، فقال لهم سبحانه: بل هاتوا كل ما لديكم من طاقات إبداعية وعبقريات بيانية، واستعينوا بما تزعمون من إلهام الجن، وتعاونوا جميعاً في سبيل هذا التحدّي، حتى إذا كان في أحدكم نقص أكمله الآخر.

لكن، هل ظَلَّ التحدي قائماً على أنْ يأتُوا بمثل القرآن؟

المتتبع لهذا الموضوع في القرآن الكريم يجد الحق تبارك وتعالى يتنزَّل معهم في القدر المطلوب للتحدِّي، وهذا التنزُّل يدل على ارتقاء التحدِّي، فبعد أنْ تحدّاهم بأنْ يأتوا بمثل القرآن، تحدّاهم بعشْر سُور، ثم تحدّاهم بسورة واحدة، وكلما تنزل معهم درجة ارتقى بالتحدي، فلا شكَّ أن تحديهم بسورة واحدة أبلغ من تحديهم بمثل هذا القرآن.

وهذا التنزُّل الذي يفيد الارتقاء كما نجمع مثلاً بين المتناقضات، فنقول: صعد إلى الهاوية، وانحدر إلى القمة.

ومع هذا التنزُّل لم يستطيعوا الإتيان بمثل آية واحدة من كتاب الله.

ويجب أن نلتفت إلى مغزى آخر من وراء هذا التحدّي، فليس الهدف منه تعجيز القوم، بل أن نثبت لهم السواسية بين الخَلْق، فالجميع أمام الإله الواحد سواء، وهذه هي القضية التي تُزعجهم وتقضّ مضاجعهم، والقرآن سيثبت لهم صِدْق محمد، وسيرفع من مكانته بين القوم، وهم الذين يحاولون إيذاءه ويُدبِّرون لقتله.

ولذلك من غبائهم أن قالوا: (لَوْلاَ نُزِّلَ هَـٰذَا ٱلْقُرْآنُ عَلَىٰ رَجُلٍ مِّنَ ٱلْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ) (الزخرف: 31).

إذن: فاعتراضهم ليس على القرآن في حَدِّ ذاته، بل على محمد الذي نزل القرآن عليه، فهم يحسدونه على هذه المكانة، كما قال تعالى: (أَمْ يَحْسُدُونَ ٱلنَّاسَ عَلَىٰ مَآ آتَاهُمُ ٱللَّهُ مِن فَضْلِهِ..) (النساء: 54).

وسبحان الله، إذا كان الخَلْق يختلفون أمام رحمة الله في مسائل الدنيا التي لهم فيها أسباب وسَعْي واجتهاد، فكيف بالأمر الذي ليس في أيديهم؟

كيف يريدون التدخُّل فيه: (أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَتَ رَبِّكَ نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُمْ مَّعِيشَتَهُمْ فِي ٱلْحَيَاةِ ٱلدُّنْيَا وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ..) (الزخرف: 32).

ثم يتحدث الحق سبحانه عن طبيعة الأداء القرآني، فيقول: (وَلَقَدْ صَرَّفْنَا لِلنَّاسِ فِي هَـٰذَا ٱلْقُرْآنِ مِن كُلِّ مَثَلٍ...).



سورة الإسراء الآيات من 086-090 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 52644
العمر : 72

سورة الإسراء الآيات من 086-090 Empty
مُساهمةموضوع: رد: سورة الإسراء الآيات من 086-090   سورة الإسراء الآيات من 086-090 Emptyالخميس 06 فبراير 2020, 11:28 pm

وَلَقَدْ صَرَّفْنَا لِلنَّاسِ فِي هَٰذَا الْقُرْآنِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ فَأَبَىٰ أَكْثَرُ النَّاسِ إِلَّا كُفُورًا (٨٩)
تفسير الأية: خواطر محمد متولي الشعراوي (ت 1418 هـ)

التصريف: هو التحويل والتنويع بأساليب مختلفة لزيادة البيان، والمراد أن القرآن الكريم لا يعالج القضايا بأسلوب رتيب جامد، بل يُحوِّل الكلام بين أساليب متعددة؛ لأنه يخاطب طباعاً متعددة، ويتعرض أيضاً لموضوعات متعددة ومعاني مختلفة، فلابُدَّ أن يصرف الأسلوب ويَقلِبه على أكثر من وجه، فالذي لا يفهم هذه يفهم هذه، فيعرض المعنى الواحد بأساليب متعددة وأمثال مختلفة.

ونأخذ مثالاً على ذلك قضية القمة، وهي الألوهية ووحدانية الله تعالى، فنرى القرآن يعرضها في معارض مختلفة هكذا: (لَوْ كَانَ فِيهِمَآ آلِهَةٌ إِلاَّ ٱللَّهُ لَفَسَدَتَا..) (الأنبياء: 22).

أي: في السماء والأرض.

وهذا الأسلوب قد لا يفهمه غير العربي؛ لأنه يفتقد الملَكَة اللغوية التي يتلقّى بها كلام الله، وقد يعترض فيقول: (إلا) أداة استثناء.

فالمعنى: لو كان فيهما آلهة خارج منهم الله لَفَسدتَا، فلو كانت هناك آلهة ومعهم الله فهذه لا تجوز؛ لأنها مشاركة، لكنها تفيد أن الله تعالى موجود، وإنْ كان معه آخرون، والمنطق في هذه الحالة يقول: لو كان في السماء والأرض آلهة ومعهم الله لا تفسد.

لكن الحقيقة أن (إِلاَّ) هنا ليس للاستثناء، بل هي اسم بمعنى (غير).

فالمعنى إذن: لو كان فيهما آلهة غير الله لَفسدَتا.

ثم يعرضها بأسلوب آخر، فيقول تعالى: (مَا ٱتَّخَذَ ٱللَّهُ مِن وَلَدٍ وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ إِلَـهٍ إِذاً لَّذَهَبَ كُلُّ إِلَـٰهٍ بِمَا خَلَقَ وَلَعَلاَ بَعْضُهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ..) (المؤمنون: 91).

فالحق تبارك وتعالى مُنزّه عن الولد والشريك، إذ لو كان معه إله آخر لَذهبَ كل إله بما خلق، واختصّ نفسه بمنطقة معينة، ولعلا بعضُهم على بعض، فإن أرادوا إبراز شيء للوجود، فأيّهما يبرزه؟

إنْ قدر على إبراز واحد فالآخر عاجز، وإنْ لم يقدر عليه واحد بمفرده، فهما عاجزان لا يصلحان للألوهية.

ثم يعرض نفس القضية بأسلوب آخر، فيقول: (قُلْ لَّوْ كَانَ مَعَهُ آلِهَةٌ كَمَا يَقُولُونَ إِذاً لاَّبْتَغَوْاْ إِلَىٰ ذِي ٱلْعَرْشِ سَبِيلاً) (الإسراء: 42).

أي: إنْ كان مع الله آلهة كما يدَّعي المشركون لَذهَب هؤلاء الآلهة إلى ذي العرش يُعاتبونه أو يُؤدِّبونه، أو يُعاقبونه؛ لأنه انفرد بالملْك من دونهم.

وبأسلوب آخر يقول تعالى: (شَهِدَ ٱللَّهُ أَنَّهُ لاَ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ..) (آل عمران: 18).

ولم يَأْتِ مَنْ ينازعه هذه المكانة، أو يدَّعيها لنفسه، إذن: فقد ثبتتْ له هذه القضية إلى أنْ يُوجَد معارض، فالمختلف فيه يتفق عليه إنْ لم يظهر له معارض.

وسبق أن ضربنا لذلك مثلاً، ولله المثل الأعلى: هَبْ أن جماعة انصرفوا من مجلس، ثم وجد صاحب البيت حافظة نقود في مكان مجلسهم فعرضها عليهم، فلم يدَّعها أحد لنفسه إلا رجل واحد قال: هي لي، أيشكُّ صاحب البيت أنها له؟

نرى هذا التصريف أيضاً في أسلوب القرآن في مسألة ادعاء أن لله تعالى ولداً،تعالى الله عَمَّا يقول المبطلون عُلُواً كبيراً، فيعرضها القرآن هكذا: (وَقَالَتِ ٱلْيَهُودُ عُزَيْرٌ ٱبْنُ ٱللَّهِ وَقَالَتْ ٱلنَّصَارَى ٱلْمَسِيحُ ٱبْنُ ٱللَّهِ..) (التوبة: 30) فيردُّ القرآن هذا الزعْم بقوله تعالى: (بَدِيعُ ٱلسَّمَاوَاتِ وَٱلأَرْضِ أَنَّىٰ يَكُونُ لَهُ وَلَدٌ وَلَمْ تَكُنْ لَّهُ صَاحِبَةٌ..) (الأنعام: 101).

وفي موضع آخر يعرض المسألة هكذا: (وَيَجْعَلُونَ لِلَّهِ ٱلْبَنَاتِ سُبْحَانَهُ وَلَهُمْ مَّا يَشْتَهُونَ) (النحل: 57).

أي: فإن كنتم تريدون مقاسمة الخالق سبحانه، فهل يليق أنْ تأخذوا أنتم البنين؛ لأنهم المفضلون حَسْب زعمكم، وتتركون له تعالى البنات: (أَلَكُمُ ٱلذَّكَرُ وَلَهُ ٱلأُنْثَىٰ * تِلْكَ إِذاً قِسْمَةٌ ضِيزَىٰ) (النجم: 21-22) أي: قسمة جائرة.

وهكذا يُصرِّف القرآن أسلوبه، ويُحوّله ليقنع به جميع العقول؛ ليناسب كل الطباع.

وتمتاز لغة العرب بالمثل والحكمة؛ لذلك كان من التصريف في أسلوب القرآن استخدام المثل، وهو تعبير مُوجَز، يحمل المعاني الكثيرة وتتعشق لفظه، وتقوله كما هو دون تغيير إذا جاءت مناسبته.

فإذا أرسلتَ أحداً في مهمة أو جماعة، فيمكنك حين عودتهم تقول لهم مستفهماً: (ماذا وراءكِ يا عصام؟) هكذا بصيغة المؤنثة المفردة، لأن المثل قيل هكذا، حيث أرسل أحدهم امرأة تسمى عصام لتخطب له إحدى النساء وحينما أقبلت عليه خاطبها بهذه العبارة، فصارت مثلاً.

وكما تقول لصاحبك الذي يتعالى عليك: (إن كنت ريحاً فقد لاقيت إعصاراً) إذن: المثل يمتاز بأنه يثبت على لفظه الأول ولا يتغير عنه.

أما الحكمة فهي: قول شارد يقوله كل واحد، وهو كلام يقلُّ لفظه، ويجِلُّ معناه.

كما تقول: "رُبَّ أخ لك لم تَلِدْهُ أمك”.

"لا تُعلِّم العَوانُ الخِمْرة”.

"إن المنبتَّ لا أرضاً قطع، ولا ظهراً أبقى" أي: أن الذي يُجهِد دابته في السير لن يصل إلى ما يريد؛ لأنها ستنقطع به ولا تُوصِّله.

ومن الحكمة هذه الأبيات الشعرية التي صارت حكمة متداولة:
وَمَنْ يكُ ذا فَمٍ مُــرٍّ مَريضٍ     يَجِدْ مُرّاً بِهِ المَاءَ الزُّلاَلاَ

وقوله:
وَأَتْعَس النَّاسِ حَظَّاً مَنْ تكونُ لَه  نَفْسُ الملُوكِ وحالاتُ المسَاكين

وهَبْ أن ولدك أهمل دروسه طوال العام وعند الامتحان أخذ يجدّ ويَجْتهد ويُرهِق نفسه، هنا يمكنك أن تقول له: (قبل الرماء تُملأُ الكنائن) والكنانة هي المخلاة التي تُوضَع بها السهام، وهذه لابُدَّ أنْ يُعِدّها الصياد قبل صَيْده لا وقت الصيد.

إذن: لأهمية المثل في لغة العرب جعله القرآن لَوْناً أسلوبياً، وأداةٍ للإقناعٍ، كما في قوله تعالى: (إِنَّ ٱللَّهَ لاَ يَسْتَحْى أَن يَضْرِبَ مَثَلاً مَّا بَعُوضَةً فَمَا فَوْقَهَا..) (البقرة: 26).

لأن الله تعالى يخاطب بالقرآن عقولاً مختلفة وطبائع متعددة؛ لذلك لا يستحي أن يضرب المثل بأحقر مخلوقاته لِيُقنِعَ الجميع كُلاً بما يناسبه.

وقوله: (فَمَا فَوْقَهَا) قد يقول قائل: ولماذا قال (فَمَا فَوْقَهَا)، فالعجيب هنا مسألة الصِّغَر؟

نقول: المُراد بما فوقها.

أي: في المعنى المُراد، وهو الصِّغر.

أي: ما فوقها في الصِّغر لا أكبر منها.

ثم يأتي بالمعنى في صورة أخرى: (يٰأَيُّهَا ٱلنَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ فَٱسْتَمِعُواْ لَهُ إِنَّ ٱلَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ لَن يَخْلُقُواْ ذُبَاباً وَلَوِ ٱجْتَمَعُواْ لَهُ وَإِن يَسْلُبْهُمُ ٱلذُّبَابُ شَيْئاً لاَّ يَسْتَنقِذُوهُ مِنْهُ ضَعُفَ ٱلطَّالِبُ وَٱلْمَطْلُوبُ) (الحج: 73).

وفي آية أخرى يقول سبحانه: (مَثَلُ ٱلَّذِينَ ٱتَّخَذُواْ مِن دُونِ ٱللَّهِ أَوْلِيَآءَ كَمَثَلِ ٱلْعَنكَبُوتِ ٱتَّخَذَتْ بَيْتاً وَإِنَّ أَوْهَنَ ٱلْبُيُوتِ لَبَيْتُ ٱلْعَنكَبُوتِ لَوْ كَانُواْ يَعْلَمُونَ) (العنكبوت: 41).

إذن: يُصرِّف الله الأمثال ويُحوِّلها ليأخذ كل طَبْع ما يناسبه وما يقتنع به، وليس القرآن على وتيرة واحدة أو مزيج واحد يعطي للجميع.

بل يُشخّص الداءات ويُحلِّلها ويعالجها بما يناسبها؛ لذلك يأتي الأسلوب مختلفاً.

وهذه المسألة واضحة في الحديث النبوي الشريف، حيث كان الصحابة يسألون رسول الله -صلى الله عليه وسلم- السؤال الواحد، وتأتي الإجابة مختلفة من شخص لآخر، فقد سُئِل -صلى الله عليه وسلم- كثيراً: "ما أفضل الأعمال يا رسول الله؟ فقال للسائل: "الصلاة لوقتها”.

وقال لآخر: "بر الوالدين".

وقال لآخر: "أنْ تلقىَ أخاك بوجه طَلْق“.

وهكذا جاءت الإجابة مختلفة من شخص لآخر؛ لأن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يُراعي حال سائله، ويحاول أنْ يعالج نقطة الضعف فيه، فالأمر ليس (أكلشيه) ثابتاً يعطيه للجميع، بل هي مراعاة الأحوال والطباع.

ثم يقول تعالى: (فَأَبَىٰ أَكْثَرُ ٱلنَّاسِ إِلاَّ كُفُوراً) (الإسراء: 89).

نعرف أن (إلاّ) أداة استثناء، تُخرِج ما بعدها من حكم ما قبلها، كما تقول: جاء القوم إلا زيداً، ولو طبَّقْنَا هذه القاعدة على الآية لا يستقيم معناها، كما لو قلت: ضربت إلا زيدا، والآية أسلوب عربي فصيح.

نقول: لأن معنى أبى: لم يقبل ولم يَرْضَ، فالمراد: لم يَرْضَ إلا الكفور، فلابُدَّ للاستثناء المفرّغ أنْ يُسبق بنفي.

ثم يقول الحق سبحانه: (وَقَالُواْ لَن نُّؤْمِنَ لَكَ حَتَّىٰ تَفْجُرَ لَنَا...).



سورة الإسراء الآيات من 086-090 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 52644
العمر : 72

سورة الإسراء الآيات من 086-090 Empty
مُساهمةموضوع: رد: سورة الإسراء الآيات من 086-090   سورة الإسراء الآيات من 086-090 Emptyالخميس 06 فبراير 2020, 11:29 pm

وَقَالُوا لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّىٰ تَفْجُرَ لَنَا مِنَ الْأَرْضِ يَنْبُوعًا (٩٠)
تفسير الأية: خواطر محمد متولي الشعراوي (ت 1418 هـ)

(لَنْ) تفيد تأبيد نَفْي الفعل في المستقبل، تقول: أنا لم أصنع هذا، ولن أصنعه.

أي: في المستقبل.

ومعلوم أن الإنسان ابن أغيار، لا يحكمه حال واحد بل هو مُتقلِّب بين أحوال شتى طوال حياته، والله تعالى وحده هو الذي لا يتغيّر، وما دام الإنسان ابنَ أغيار ويطرأ عليه حال بعد حال، فليس له أنْ يحكمَ على شيء حُكْماً قاطعاً في مستقبل هو لا يملكه، فالذي يملك الحكم القاطع هو الحق سبحانه الذي لا تتناوله الأغيار.

لذلك فالإنسان مثلاً إذا صعد حتى القمة نخاف عليه الهبوط؛ لأنه من أهل الأغيار، ولا يدوم له حال، إذن: فماذا بعد القمة؟

وقد عَبَّر الشاعر عن هذا المعنى بقوله:
إذَا تَمَّ شَيءٌ بَدَا نَقْصُهُ    تَرقَّبْ زَوَالاً إذَا قِيل تَمّ

والعجيب أن الناس يتطلعون في نعمة الله إلى التمام، فيقول أحدهم: يا حبَّذا، لو حدث كذا لَتَمتْ هذه النعمة، وهم لا يدرون أن هذا النقص في النعمة سبب بقائها، فلو تَمَّتْ لك النعمة وأنت من أهل الأغيار، فماذا تنتظر إلا زوالها؟

فَلْيَرْضَ كلُّ صاحب نعمة بما فيها من نقص، فلعل هذا النقص يردُّ عنه عَيْن حاسد، أو حقد حاقد.

فبعض الناس يرزقه الله بالأولاد ويُعينه على تربيتهم، ولحكمة يفشل أحدهم فيحزن لذلك ويألم أشد الألم، ويقول: لو أن هذا الولد.       

وهو لا يدرك حكمة الله من وراء هذا النقص، وأنه حارسٌ للنعمة في الآخرين، وأنه التميمة التي تحميه وتردُّ عنه ما يكره.

لذلك لما أراد المتنبي أن يمدح سيف الدولة قال له:
شَخِصَ الأَنامُ إلى كَمَالِكَ فَاسْتَعِذْ     مِنْ شَرِّ أَعْيُنِهِمْ بعَيْبٍ وَاحِد

أي: نظروا إليك معجبين بما فيك من كمال، فاعمل عملاً سيئاً واحداً يصد عنك شرَّ أعينهم.

إذن: (لن) تفيد تأبيد النفي في المستقبل، وهذا أمر لا يملكه إلا مالك الأحداث سبحانه وتعالى، أمّا صاحب الأغيار فليس له ذلك، والذين آمنوا فيما بعد برسول الله ممَّنْ قالوا هذه المقولة: (لَن نُّؤْمِنَ لَكَ حَتَّىٰ تَفْجُرَ لَنَا مِنَ ٱلأَرْضِ يَنْبُوعاً) (الإسراء: 90).

نستطيع أن نقول لهم: لقد أوقعتْكم (لن) في الكذب؛ لأنكم أبَّدتُم نَفْي الإيمان، وها أنتم مؤمنون، ولم يُفجِّر لكم النبي ينبوعاً من الأرض.

وعند فتح مكة وقف عكرمة بن أبي جهل وقال في الخَنْدَمَة ما قال، ثم رجع إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- مؤمناً معتذراً وخرج محارباً مع خالد بن الوليد في اليرموك، وحين طُعِن الطعنة المميتة، وحمله خالد، فإذا به يقول له: أهذه ميتة تُرضِي عني رسول الله؟

إذن: مَنْ يقول كلمة عليه أن يكون قادراً على تنفيذها، مالكاً لزمامها، ضامناً لنفسه أَلاَّ يتغير، وأَلاَّ تتناوله الأغيار، ولا يملك ذلك إلا الله سبحانه وتعالى والمتدبّر لأسلوب القرآن في سورة (الكافرون) يجد هذه المسألة واضحة، حيث يقول تعالى: (قُلْ يٰأَيُّهَا ٱلْكَافِرُونَ * لاَ أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ * وَلاَ أَنتُمْ عَابِدُونَ مَآ أَعْبُدُ * وَلاَ أَنَآ عَابِدٌ مَّا عَبَدتُّمْ) (الكافرون: 1-4).

هكذا نفتْ الآية عبادة كل منهما لإله الآخر في الزمن الحاضر، ثم يقول تعالى: (وَلاَ أَنَآ عَابِدٌ مَّا عَبَدتُّمْ * وَلاَ أَنتُمْ عَابِدُونَ مَآ أَعْبُدُ) (الكافرون: 4-5) لينفي أيضاً احتمال العبادة في المستقبل، إذن: فليس في الآية تكرار، كما يرى بعض قِصَار النظر.

ولك الآن أنْ تسألَ: كيف نفى القرآن الحدث في المستقبل؟

نقول: لأن المتكلّم هنا هو الحق سبحانه وتعالى الذي يملك الأحداث ولا تُغيِّره الأغيار، ولا تتسلط عليه، فحكم على المستقبل هذا الحكم القاطع وأبَّد النَّفي فيه.

ثم يقول تعالى: (حَتَّىٰ تَفْجُرَ لَنَا مِنَ ٱلأَرْضِ يَنْبُوعاً) (الإسراء: 90).

وفي آية أخرى قال: (وَفَجَّرْنَا ٱلأَرْضَ عُيُوناً..) (القمر: 12).

فالتفجير: أن تعمل في الأرض عملية تُخرِج المستتر في باطنها على ظهرها، وعين الماء تُخرِج لك الماء من الأرض، وتأخذ منه حاجتك فلا ينقص؛ لأنها تعوض ما أُخِذ منها بقانون الاستطراق، وقد يحدث أن يغيض الماء فيها قليلاً.

أما الينبوع فتراه يفيض باستمرار دون أن ينقص فيه منسوب الماء، كما في زمزم مثلاً، ولا شكَّ أن هذا المطلب منهم جاء نتيجة حرمانهم من الماء، وحاجتهم الشديدة إليه.

ويذكر الحق سبحانه أنهم واصلوا حديثهم للرسول -صلى الله عليه وسلم-، فقالوا: (أَوْ تَكُونَ لَكَ جَنَّةٌ مِّن نَّخِيلٍ وَعِنَبٍ...).



سورة الإسراء الآيات من 086-090 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
 
سورة الإسراء الآيات من 086-090
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» سورة الإسراء الآيات من 041-045
» سورة الإسراء الآيات من 046-050
» سورة الإسراء الآيات من 091-095
» سورة الإسراء الآيات من 096-100
» سورة الإسراء الآيات من 051-055

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات إنما المؤمنون إخوة (2024 - 2010) The Believers Are Brothers :: (العربي) :: الشيخ محمد متولي الشعـراوي :: الإسراء-
انتقل الى: