منتديات إنما المؤمنون إخوة (2024 - 2010) The Believers Are Brothers

(إسلامي.. ثقافي.. اجتماعي.. إعلامي.. علمي.. تاريخي.. دعوي.. تربوي.. طبي.. رياضي.. أدبي..)
 
الرئيسيةالأحداثأحدث الصورالتسجيل
(وما من كاتب إلا سيبلى ** ويبقى الدهر ما كتبت يداه) (فلا تكتب بكفك غير شيء ** يسرك في القيامة أن تراه)

IZHAR UL-HAQ

(Truth Revealed) By: Rahmatullah Kairanvi
قال الفيلسوف توماس كارليل في كتابه الأبطال عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "لقد أصبح من أكبر العار على أي فرد مُتمدين من أبناء هذا العصر؛ أن يُصْغِي إلى ما يظن من أنَّ دِينَ الإسلام كَذِبٌ، وأنَّ مُحَمَّداً -صلى الله عليه وسلم- خَدَّاعٌ مُزُوِّرٌ، وآنَ لنا أنْ نُحارب ما يُشَاعُ من مثل هذه الأقوال السَّخيفة المُخْجِلَةِ؛ فإنَّ الرِّسَالة التي أدَّاهَا ذلك الرَّسُولُ ما زالت السِّراج المُنير مُدَّةَ اثني عشر قرناً، لنحو مائتي مليون من الناس أمثالنا، خلقهم اللهُ الذي خلقنا، (وقت كتابة الفيلسوف توماس كارليل لهذا الكتاب)، إقرأ بقية كتاب الفيلسوف توماس كارليل عن سيدنا محمد -صلى الله عليه وسلم-، على هذا الرابط: محمد بن عبد الله -صلى الله عليه وسلم-.

يقول المستشرق الإسباني جان ليك في كتاب (العرب): "لا يمكن أن توصف حياة محمد بأحسن مما وصفها الله بقوله: (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِين) فكان محمدٌ رحمة حقيقية، وإني أصلي عليه بلهفة وشوق".
فَضَّلَ اللهُ مِصْرَ على سائر البُلدان، كما فَضَّلَ بعض الناس على بعض والأيام والليالي بعضها على بعض، والفضلُ على ضربين: في دِينٍ أو دُنْيَا، أو فيهما جميعاً، وقد فَضَّلَ اللهُ مِصْرَ وشَهِدَ لها في كتابهِ بالكَرَمِ وعِظَم المَنزلة وذَكَرَهَا باسمها وخَصَّهَا دُونَ غيرها، وكَرَّرَ ذِكْرَهَا، وأبَانَ فضلها في آياتٍ تُتْلَى من القرآن العظيم.
المهندس حسن فتحي فيلسوف العمارة ومهندس الفقراء: هو معماري مصري بارز، من مواليد مدينة الأسكندرية، وتخرَّجَ من المُهندس خانة بجامعة فؤاد الأول، اشْتُهِرَ بطرازهِ المعماري الفريد الذي استمَدَّ مَصَادِرَهُ مِنَ العِمَارَةِ الريفية النوبية المَبنية بالطوب اللبن، ومن البيوت والقصور بالقاهرة القديمة في العصرين المملوكي والعُثماني.
رُبَّ ضَارَّةٍ نَافِعَةٍ.. فوائدُ فيروس كورونا غير المتوقعة للبشرية أنَّه لم يكن يَخطرُ على بال أحَدِنَا منذ أن ظهر وباء فيروس كورونا المُستجد، أنْ يكونَ لهذه الجائحة فوائدُ وإيجابيات ملموسة أفادَت كوكب الأرض.. فكيف حدث ذلك؟!...
تخليص الإبريز في تلخيص باريز: هو الكتاب الذي ألّفَهُ الشيخ "رفاعة رافع الطهطاوي" رائد التنوير في العصر الحديث كما يُلَقَّب، ويُمَثِّلُ هذا الكتاب علامة بارزة من علامات التاريخ الثقافي المصري والعربي الحديث.
الشيخ علي الجرجاوي (رحمه الله) قَامَ برحلةٍ إلى اليابان العام 1906م لحُضُورِ مؤتمر الأديان بطوكيو، الذي دعا إليه الإمبراطور الياباني عُلَمَاءَ الأديان لعرض عقائد دينهم على الشعب الياباني، وقد أنفق على رحلته الشَّاقَّةِ من مَالِهِ الخاص، وكان رُكُوبُ البحر وسيلته؛ مِمَّا أتَاحَ لَهُ مُشَاهَدَةَ العَدِيدِ مِنَ المُدُنِ السَّاحِلِيَّةِ في أنحاء العالم، ويُعَدُّ أوَّلَ دَاعِيَةٍ للإسلام في بلاد اليابان في العصر الحديث.

أحْـلامٌ مِـنْ أبِـي (باراك أوباما) ***

 

 سورة الإسراء الآيات من 036-040

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 52644
العمر : 72

سورة الإسراء الآيات من 036-040 Empty
مُساهمةموضوع: سورة الإسراء الآيات من 036-040   سورة الإسراء الآيات من 036-040 Emptyالأحد 26 يناير 2020, 6:19 am

وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَٰئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا (٣٦)
تفسير الأية: خواطر محمد متولي الشعراوي (ت 1418 هـ)

ينتقل الحق سبحانه وتعالى إلى قضية أخرى تُنظِّم حركة الحياة والإنسان الذي استخلفه الله في الأرض ووهَبه الحياة وأمدَّه بالطاقات وبمُقَوِّمَات الحياة وضرورياتها.

وبعد أنْ تكفّل له بالضروريات، دَلّه على الترقِّي في الحياة بالبحث والفكر، واستخدام العقل المخلوق لله، والمادة المخلوقة لله بالطاقات المخلوقة لله، فيُرقِّي ويُثري حياته ومجتمعه.

وحركة الترقِّي والإثراء هذه لا تتمّ إلا على قضية ثابتة واضحة، فإذا تحركتَ في الحياة بناءً على هذه القضية فسوف تصل إلى النتيجة المرجوّة.

فمثلاً، الطالب الذي يرغَب في دخول كلية الحقوق مثلاً، لديه قضية واضحة مجزوم بها، فعندما يلتحق بالحقوق يجتهد، ويصل من خلالها إلى طموحاته؛ لأنه سار على ضَوْء قضية اقتنع بها.

إذن: لابُدَّ أن تُبْنَى حركة الحياة على قضايا ثابتة، هذه القضايا الثابتة تجعل المتحرِّك في أيِّ حركة واثقاً من أن حركته ستُؤدِّي إلى النتيجة المطلوبة، فلو أردتَ مثلاً الذهاب إلى الإسكندرية أو إلى أسوان، فلن تتحرّك إلا إذا تأكدتَ أن هذا الطريق هو الموصِّل إلى غايتك، وكذلك حركة الحياة لا يمكن أنْ تتمَّ إلا بناءً على قضايا حقيقية مضبوطة في الكون، وهذا ما نسميه (العلم).

وقد سبق أن أوضحنا معنى القضية، وأنها المقولة التي يُحكَم على قائلها بالصدق أو بالكذب، كأن نقول: الأرض كُروية، أو الشمس مضيئة، أو القمر منير، وهذه القضايا تعطيني قضية علمية مجزوماً بها وواقعة، ويمكن أنْ نُدلِّل عليها.

وهذا هو العلم.

أما الجهل فأنْ تجزم بقضية ليست واقعية فهي قضية كاذبة، وليس الجهل عدم العلم كما يعتقد البعض؛ لأن عدم العلم أمية، والأميّ ليس عنده قضية لا صادقة ولا كاذبة.

لذلك تجد الأميّ أطوعَ في التعلم من الجاهل؛ لأن الأمي بمجرد أنْ تُعلِّمه قضية ما يأخذها ويتعلمها، أما الجاهل فيلزمك أولاً أن تُخرِج من ذهنه القضية المخالفة، ثم تُعلّمه القضية الصادقة.

وقضايا الحياة يمكن أنْ تُقسَّم إلى قسمين: قضايا تختلف فيها الأهواء.

وقضايا تتفق فيها الأهواء.

فالقضايا التي تختلف فيها الأهواء: هي القضية التي يخدم بها كل قائل لها فكرةً عنده فقط، وإنْ كانت ضارة بغيره، فما دام الأمر قائماً على الأهواء فلابُدَّ أنْ تختلفَ، فكُلٌّ له هواه الخاص، فلو أن لكل واحد قضية ما التقينا على شيء أبداً.

وصدق الحق تبارك وتعالى حين قال: (وَلَوِ ٱتَّبَعَ ٱلْحَقُّ أَهْوَآءَهُمْ لَفَسَدَتِ ٱلسَّمَاوَاتُ وَٱلأَرْضُ..) (المؤمنون: 71).

إذن: فما المخرج من هذا الاختلاف والتبايُن؟

المخرَج أن يخرج كل واحد مِنَّا من هوى نفسه أولاً، ثم نرد القضية التي اختلفتْ فيها أهواؤنا إلى مَنْ لا هوى له.

وربُّكَ سبحانه وتعالى هو وحده الذي لا هَوى له، ونحن جميعاً خَلْقه، وكلنا عنده سواء، ليس منا مَنْ بينه وبين الله نسب أو قرابة، فشرع الله واحد للجميع، ولا غضاضة فالكل خاضع لهذا الشرع مُتّبِع له؛ لأنه شَرْع الخالق سبحانه لا شَرْع أحد من الناس.

لذلك اشتهر قولهم: "اللي الشرع يقطع صباعه مَيْخُرش دم”.

فأنا لم أخضع لك، وأنت لم تخضع لي، بل الجميع خاضع لله تعالى مُنصَاع لأمره.

إذن: اتركوا قضايا الأهواء لله تعالى يُشرّعها لكم لكي ترتاحوا من تسلُّط بعضكم على بعض.

أما القضايا التي تتفق فيها الأهواء فهي القضايا المادية القائمة على المادة الصمَّاء التي لا تُجامِل أحداً على حساب أحد، ولا مانعَ أن تتبعوا الآخرين فيها؛ لأنكم سوف تلتقون عليها قَهْراً ورَغْماً عنكم، فالمعمل الذي تدخله لتجري التجارب التي توصلك لقضية ما مادية أو كيماوية معمل محايد لا يجامل أحداً.

وقد سبق أن قلنا: إن الكهرباء أو الكيمياء ليس فيها روسي وأمريكي؛ لأن هذه أشياء مادية لا خلافَ عليها، أما الذي جعل المعسكر الشرقي يختلف والمعسكر الغربي هي القضايا الأهوائية، فهذا شيوعي، وهذا رأسمالي.

لذلك، فالنبي -صلى الله عليه وسلم- وضع بنفسه هذا المبدأ في الوجود الإيماني حينما رأى الناس يُؤبّرون النخل، فأشار عليهم بعدم تأبيره، فأطاعوه ولم يؤبروا النخل في هذا العام، وكانت النتيجة أن شاص النخل ولم يثمر، وأثبتتْ التجربة الطبيعية أن ما أشار به رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ليس صواباً.

يأتي هذا مِمَّنْ؟

من محمد بن عبد الله نبي الله ورسوله، الذي يحرص على أن تأتي كل قضاياه صادقة صائبة، وما كان منه إلا أن قال: "أنتم أعلم بشئون دنياكم“.       

ليضع بذلك أُسْوة لعلماء الدين ألاَّ يضعوا أنوفهم في قضايا الماديات، وقد قال الحق تبارك وتعالى: (قَدْ عَلِمَ كُلُّ أُنَاسٍ مَّشْرَبَهُمْ..) (البقرة: 60).

ويقول -صلى الله عليه وسلم-: "لا يؤمن أحدكم حتى يكون هواه تبعاً لما جئت به“.       

فإنْ أردتَ أنْ تتحرَّك في الحياة حركة سليمة مجدية، وحركة متساندة مع إخوانك غير متناقضة؛ فالحق سبحانه يقول: (وَلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ) (الإسراء: 36) لكي تسير في حركة الحياة على هُدىً وبصيرة.

(لاَ تَقْفُ) أي: لا تتبع ولا تتدخل فيما لا عِلْم لك به، كمَنْ يدَّعي مثلاً العلم بإصلاح التليفزيون وهو لا يعلم، فربما أفسد أكثر مما يُصلح.

ومن هنا قال أهل الفقه: مَنْ قال لا أدري فقد أفتى؛ لأنه بإعلان عدم معرفته صرف السائل إلى مَنْ يعلم، أما لو أجاب خطأ، فسوف يترتّب على إجابته مَا لا تُحمد عُقْباه، والذي يسلك هذا المسلك في حياته تكون حركته في الحياة حركة فاشلة.

والفعل (يَقفُو) مأخوذ من القفا وهو المؤخرة، وقد قال تعالى في آية أخرى: (ثُمَّ قَفَّيْنَا عَلَىٰ آثَارِهِم بِرُسُلِنَا..) (الحديد: 27) أي: أتبعناهم.

ويقفو أثره أي: يسير خَلْفه.

وحينما نصح أحدهم رجلاً يريد أنْ يتزوج قال له: لا تتخذها حنَّانة، ولا منَّانة، ولا عُشْبة الدار، ولا كبة القفا.

فالحنانة التي لها ولد من غيرك يُذكِّرها دائماً بأبيه فتحِنّ إليه، والمنّانة التي لديها مال تَمنُّ به عليك، وعُشْبة الدار هي المرأة الحسناء في المنبَتِ السوء والمستنقع القذر، وكبَّة القفا هي التي لا تعيب الإنسان في حضوره، وتعيبه وتذمه في غيبته.

والعلم هنا يُراد به العلم المطلق؛ لأن الكثير من الناس كان يعتقد أن العلم يعني العلم الديني فقط، لكن العلم هو كل ما يُثري حركة الحياة، والعلم علمان:

علم ديني، وهو الذي يقضي على الأهواء، ويُوحِّدهَا إلى هوىً واحد هو الهَوى الإيماني.

وهذا العلم يتولاّه الخالق سبحانه، وليس لنا دَخْل فيه؛ لأن الصانع أَدْرى بصنعته، وهو الذي يضع لها قانون صيانتها؛ لأنه يعلم مَا يصلحها ومَا يفسدها.

وكما أنك لا تذهب إلى الجزار ليضع لك قانون صيانة التلفاز مثلاً؛ كذلك لا تطلب قانون صيانة الإنسان إلا من خالقه عز وجل: (أَلاَ يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ ٱللَّطِيفُ ٱلْخَبِيرُ) (الملك: 14).

وهذا النوع من العلم قال الله تعالى عنه: (وَمَآ آتَاكُمُ ٱلرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَٱنتَهُواْ..) (الحشر: 7).

فليس لنا أنْ نتدخَّلَ فيه، أو نزيد عليه؛ لأنه منهج الله الذي جاء بـ "افعل ولا تفعل"، وهو منهج لا يقبل الزيادة أو التعديل، فما كان فيه أمر ونهي فعليك الالتزام به، وإلا لو خرجت عن هذا الإطار الذي رسمه لك ربك وخالقك فسوف تحدث في الكون فساداً بترك الأمر أو بإتيان النهي.أما الأمور التي تركها الخالق سبحانه ولم يرد في شأنها أمر أو نهي فأنت حر فيها، تفعل أو لا تفعل.

والمتأمل في شرع الخالق سبحانه يجد أمور التكليف بافعل ولا تفعل قليلة إذا ما قيست بالأمور التي ترك لك الحرية فيها، إذن: فدع لربك وخالقك والأعلم بك مجالاً يحكم من خلاله حياتك وينظمها لك، ألا يجدر بنا ونحن عباده وصنعته أن نُحكّمه في أمور ديننا، ونُخرِج أنوفنا مما اختص به سبحانه؟

أما النوع الآخر من العلم، فهو العلم المادي التجريبي الذي لا يخضع للأهواء، فقد جعله الخالق سبحانه مجالاً للبحث والتسابق، ومضماراً يجري فيه الجميع؛ لأنهم في النهاية سيلتقون فيه قَهْراً ورَغْماً عنهم.

وقد أعطانا الحق سبحانه وتعالى مثالاً لهذا النوع من العلم، فقال تعالى: (أَلَمْ تَرَ أَنَّ ٱللَّهَ أنزَلَ مِنَ ٱلسَّمَآءِ مَآءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ ثَمَرَاتٍ مُّخْتَلِفاً أَلْوَانُهَا

وَمِنَ ٱلْجِبَالِ جُدَدٌ بِيضٌ وَحُمْرٌ مُّخْتَلِفٌ أَلْوَانُهَا وَغَرَابِيبُ سُودٌ * وَمِنَ ٱلنَّاسِ وَٱلدَّوَآبِّ وَٱلأَنْعَامِ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ كَذَلِكَ..) (فاطر: 27-28).فذكر الحق سبحانه أجناس الوجود كلها: الإنسان، والحيوان، والنبات، والجماد.

ثم ختم ذلك بقوله: (إِنَّمَا يَخْشَى ٱللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ ٱلْعُلَمَاءُ..) (فاطر: 28).

فهذه ظواهر الكون، ارْبَع فيها كما شئت بحثاً ودراسة، وإنْ أحسنتَ الإمعان فيها فسوف تُوصِّلك إلى ظواهر أخرى تُثري حياتك وتُرقّيها، فالذي اكتشف عصر البخار، والذي اكتشف العجلة والكهرباء والجاذبية وغيرها لم يخلق جديداً في كَوْن الله، إنما أحسن النظر والتأمّل فتوصّل إلى ما يُريح المجتمع ويُسعده.

لذلك، فالحق سبحانه وتعالى يُحذّرنا أن نمرَّ على ظواهر الكون في إعراض وغفلة ودون تمعُّن فيها: (وَكَأَيِّن مِّن آيَةٍ فِي ٱلسَّمَاوَاتِ وَٱلأَرْضِ يَمُرُّونَ عَلَيْهَا وَهُمْ عَنْهَا مُعْرِضُونَ) (يوسف: 105).

والذين عبَّروا عن هذه الإنجازات العلمية بكلمة (الاكتشافات) كانوا أمناء في التعبير عن الواقع الفعلي، فهم لم يخلقوا جديداً في الكون، فكلُّ هذه الأشياء موجودة، والفضل لهم في الاهتداء إليها واكتشافها، ومن هنا فكلمة (اختراع) ليست دقيقةً في التعبير عن هذه الاكتشافات.

فإذا كان الحق سبحانه نهانا عن تتبُّع ما ليس لنا به علم، فماذا نتبع؟

نتبع ما نعلمه وما نتيقن منه من علوم، فإنْ كانت في الدين تركناها للخالق سبحانه يُقنّنها لنا، وإنْ كانت في أمور الدنيا أعملنا فيها عقولنا بما ينفعنا ويُثرِي حياتنا؛ لذلك تكلّم الحق سبحانه بعد ذلك عن وسائل إدراك العلم، فقال: (إِنَّ ٱلسَّمْعَ وَٱلْبَصَرَ وَٱلْفُؤَادَ كُلُّ أُولـٰئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً) (الإسراء: 36).

وما دام الحق سبحانه قد نهانا عن تتبع مَا لا نعلم، وأمرنا أن نسير على ضوء ما نعلم من العلم اليقيني فلا بُدّ أنْ يسأل المرءُ عن وسائل العلم هذه، لأنه لولا وسائل الإدراك هذه ما عَلِم الإنسانُ شيئاً، وهذا واضح في قول الحق تبارك وتعالى: (وَٱللَّهُ أَخْرَجَكُم مِّن بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لاَ تَعْلَمُونَ شَيْئاً وَجَعَلَ لَكُمُ ٱلْسَّمْعَ وَٱلأَبْصَارَ وَٱلأَفْئِدَةَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) (النحل: 78).

وهل يشكر الإنسان إلا على حصيلة أخذها؟

هذه الحصيلة هي العلم.

وهذه الحواس تُؤدِّي عملها في الإنسان بمجرد أنْ تنشأ فيه، وبعد أنْ يخرجَ إلى الحياة، والبعض يظنّ أن الطفل الصغير لا يفهم إلا عندما يكبر ويستطيع الكلام والتفاهم مع الآخرين، والحقيقة أن الطفل يدرك ويَعِي من الأيام الأولى لولادته.

ولذلك، فإن علماء وظائف الأعضاء يقولون: إن الطفل يُولَد ولديْه ملكَاتٌ إدراكية سمّاها العلماء احتياطاً "الحواس الخمس الظاهرة"، وقد كان احتياطهم في محله لأنهم اكتشفوا بعد ذلك حواس أخرى، مثل حاسة العضل مثلاً التي نُميِّز بها بين الخفيف والثقيل.

وإنْ كانت حواس الإنسان كثيرة فإن أهمها: السمع والبصر، وقد وردت في القرآن بهذا الترتيب، السمع أولاً، ثم البصر لأن السمع يسبق البصر، فالإنسان بمجرد أنْ يُولَد تعمل عنده حاسّة السمع، أما البصر فإنه يتخلّف عن السمع لعدة أيام من الولادة، إذن: فهو أسبق في أداء مهمته، هذه واحدة.

الأخرى: أن السمع هو الحاسَّة الوحيدة التي تُؤدّي مهمتها حتى حال النوم، وفي هذا حكمة بالغة للخالق سبحانه، فبالسمع يتم الاستدعاء من النوم.

وقد أعطانا الخالق سبحانه صورة واضحة لهذه المسألة في قصة أهل الكهف، فلما أراد سبحانه أن يناموا هذه السنين الطوال ضرب على آذانهم وعطّل حاسة السمع لديهم، وإلاّ لَمَا تمكَّنوا من النوم الطويل، ولأزعجتهم الأصوات من خارج الكهف.

فقال تعالى: (فَضَرَبْنَا عَلَىٰ آذَانِهِمْ فِي ٱلْكَهْفِ سِنِينَ عَدَداً) (الكهف: 11).

ولم يسبق البصر السمع إلا في آية واحدة في كتاب الله تعالى وهي: (رَبَّنَآ أَبْصَرْنَا وَسَمِعْنَا..) (السجدة: 12).

والحديث هنا ليس عن الدنيا، بل عن الآخرة، حيث يفزع الناس من هَوْلها فيقولون: (رَبَّنَآ أَبْصَرْنَا وَسَمِعْنَا فَٱرْجِعْنَا نَعْمَلْ صَالِحاً) (السجدة: 12) لأنهم في الآخرة أبصروا قبل أن يسمعوا.

فالسمع أوّل الحواس، وهو أهمها في إدراك المعلومات، حتى الذي يأخذ معلوماته بالقراءة سمع قبل أن يقرأ، فتعلّم أولاً بالسماع ألف باء، فالسمع أولاً في التعلُّم، ثم يأتي دَوْر البصر.

والذي يتتبع الآيات التي ورد فيها السمع والبصر سيجدها جاءت بإفراد السمع وجمع البصر، مثل قوله سبحانه: (وَجَعَلَ لَكُمُ ٱلسَّمْعَ وَٱلأَبْصَارَ..) (السجدة: 9).

إلا في هذه الآية التي نحن بصدد الحديث عنها جاءت: (إِنَّ ٱلسَّمْعَ وَٱلْبَصَرَ وَٱلْفُؤَادَ كُلُّ أُولـٰئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً) (الإسراء: 36).

لماذا؟

وما الحكمة من إفرادها هنا بالذات؟

وقبل أن نُوضِّح الحكمة هنا يجب أن نعي أن المتكلم هو الله تعالى، وما دام المتكلم هو الله فلابُدَّ أن تجد كل كلمة دقيقة في موضعها، بليغة في سياقها.

فالسمع جاء بصيغة الإفراد؛ لأنه لا يتعدد فيه المسموع بالنسبة للسامع، فإذا حدث الآن صوت نسمعه جميعاً، فهو واحد في جميع الآذان.

أما البصر فهو خلاف ذلك؛ لأن أمامنا الآن مرائيَ متعددة ومناظر مختلفة، فأنت ترى شيئاً، وأنا أرى شيئاً آخر، فَوحْدة السمع لا تنطبق على البصر؛ لذلك أفرد السمع وجاء البصر بصيغة الجمع.

أما في قوله تعالى: (إِنَّ ٱلسَّمْعَ وَٱلْبَصَرَ) (الإسراء: 36) فقد ورد البصر هنا مفرداً؛ لأن الحق سبحانه وتعالى يتحدث عن المسئولية، مسئولية كل إنسان عن سَمْعه وبصره، والمسئولية أمام الحق سبحانه وتعالى فردية لا يُسأل أحد عن أحد، بل يُسأل عن نفسه فحَسْب، فناسب ذلك أنْ يقول: السمع والبصر؛ لأنه سيُسأل عن بصر واحد وهو بصره.

فالإنسان -إذن- مسئول عن سَمْعه وبصره وفؤاده من حيث التلقِّي، تلقّي القضايا العلمية التي سنسير عليها في حركة حياتنا، وكذلك من حيث الإعطاء، فكأن الحق سبحانه وتعالى يقول للأذن: لا تسمعي إلا خيراً، ولا تتلقيْ إلا طيّباً، ويا مُربِّي النشء لا تُسْمِعه إلا ما يدعو إلى فضيلة، ولا تعط لأذنه إلا ما يصلح حياته ويُثريها.

ويقول للعين: لا ترَىْ إلا الحلال لا يهيج غرائزك إلى الشهوات، ويا مُربِّي النشء احجب عنه ما يثير الغرائز ويفسد الحياة؛ وبذلك نربي في المجتمع المعلومات الصحيحة التي تنبني عليها حركة حياته.

وما دُمْتَ مسئولاً عن أعضائك هذه المسئولية، ومحاسباً عنها، فإياك أنْ تقولَ: سمعت وأنت لم تسمع، وإياك أنْ تقولَ: رأيت وأنت لم تَرَ، إياك أنْ تتعرّض لشهادة تُدلي فيها بغير ما تعلم وتتيقن.

أو تتبنّى قضية خاطئة وتبني عليها حركة حياتك؛ لأن المبنّي على مقدمات فاسدة ينتج عنه نتائج فاسدة، وما بُنِي على مقدمات صحيحة أنتج النتيجة الصحيحة.

وجماع هذا كله في قوله تعالى: (وَلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ) (الإسراء: 36) لماذا؟

لأنك محاسب على علمك هذا وعلى وسائل إدراكه لديك: (إِنَّ ٱلسَّمْعَ وَٱلْبَصَرَ وَٱلْفُؤَادَ كُلُّ أُولـٰئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً) (الإسراء: 36).

ثم يقول الحق سبحانه: (وَلاَ تَمْشِ فِي ٱلأَرْضِ مَرَحاً إِنَّكَ لَن تَخْرِقَ ٱلأَرْضَ...).



سورة الإسراء الآيات من 036-040 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 52644
العمر : 72

سورة الإسراء الآيات من 036-040 Empty
مُساهمةموضوع: رد: سورة الإسراء الآيات من 036-040   سورة الإسراء الآيات من 036-040 Emptyالأحد 26 يناير 2020, 6:20 am

وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا إِنَّكَ لَنْ تَخْرِقَ الْأَرْضَ وَلَنْ تَبْلُغَ الْجِبَالَ طُولًا (٣٧)
تفسير الأية: خواطر محمد متولي الشعراوي (ت 1418 هـ)

ما زالت الآيات تسير في خطٍّ واحد، وترسم لنا طريق التوازن الاجتماعي في مجتمع المسلمين، فالمجتمع المتوازن يصدر في حركته عن إله واحد، هو صاحب الكلمة العليا وصاحب التشريع.

والمتتبع لهذه الآيات يجد بها منهجاً قويماً لبناء مجتمع متماسك ومتوازن، يبدأ بقوله تعالى: (لاَّ تَجْعَل مَعَ ٱللَّهِ إِلَـٰهاً آخَرَ..) (الإسراء: 22).

وهذه قضية القمة التي لا تنتظم الأمور إلا في ظلّها، ثم قسّم المجتمع إلى طبقات، فأوصى بالطبقة الكبيرة التي أدَّت مهمتها في الحياة، وحان وقت إكرامها وردِّ الجميل لها، فأوصى بالوالدين وأمر ببّرهما.

ثم توجّه إلى الطبقة الصغيرة التي تحتاج إلى رعاية وعناية، فأوصى بالأولاد، ونهى عن قتلهم خَوْفَ الفقر والعَوز، وخَصَّ بالوصية اليتيم؛ لأنه ضعيف يحتاج إلى مزيد من الرعاية والعناية والحنو والحنان.

ثم تكلم عن المال، وهو قوام الحياة، واختار فيه الاعتدال والتوسُّط، ونهى عن طرفَيْه: الإسراف والإمساك.

ثم نهى عن الفاحشة، وخصَّ الزنا الذي يُلوِّث الأعراض ويُفسد النسل، ونهى عن القتل وسَفْك الدماء.

ثم تحدث عمَّا يحفظ للإنسان ماله، ويحمي تعبه ومجهوداته، فأمر بتوفية الكيل والميزان، ونهى عن الغش فيهما والتلاعب بهما، ثم حَثَّ الإنسان على الأمانة العلمية، حتى لا يقول بما لا يعلم، وحتى لا يبني حياته على نظريات خاطئة.

ألم تَرَ أنه منهج وأسلوب حياة يضمن سلامة المجتمع، وسلامة المجتمع ناشئة من سلامة حركة الإنسان فيه، إذن: الإنسان هو مدار هذه الحركة الخلافية في الأرض؛ لذلك يريد الحق سبحانه وتعالى أنْ يضع له توازناً اجتماعياً.

وأوّل شيء في هذا التوازن الاجتماعي أننا جميعاً عند الله سواء، وكلنا عبيده، وليس منا مَنْ بينه وبين الله قرابة أو نَسَب، فالجميع عند الله عبيد كأسنان المشط، لا فَرْق بينهم إلا بالتقوى والعمل الصالح.

وإنْ تفاوتت أقدارنا في الحياة فهو تفاوت ظاهري شكلي؛ لأنك حينما تنظر إلى هذا التفاوت لا تنظر إليه من زاوية واحدة فتقول مثلاً: هذا غني، وهذا فقير.

ومعظم الناس يهتمون بهذه الناحية من التفاوت، ويَدَعُون غيرها من النواحي الأخرى، وهذا لا يصح، بل انظر إلى الجوانب الأخرى في حياة الإنسان، وإلى الزوايا المختلفة في النفس الإنسانية، ولو سلكتَ هذا المسلك فسوف تجد أن مجموع كل إنسان يساوي مجموع كل إنسان، وأن الحصيلة واحدة، وصدق الله العظيم القائل: (إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عَندَ ٱللَّهِ أَتْقَاكُمْ..) (الحجرات: 13).

وما دام المجتمع الإيماني على هذه الصورة فلا يصح لأحد أنْ يرفعَ رأسه في المجتمع ليعطي لنفسه قداسةً أو منزلة فوق منزلة الآخرين، فقال تعالى: (وَلاَ تَمْشِ فِي ٱلأَرْضِ مَرَحاً) (الإسراء: 37).

أي: فخراً واختيالاً، أو بَطَراً وتعالياً؛ لأن الذي يفخر بشيء ويختال به، ويظن أنه أفضل من غيره، يجب أن يضمن لنفسه بقاء مَا افتخر به، بمعنى أن يكون ذاتياً فيه، لا يذهب عنه ولا يفارقه، لكن من حكمة الله سبحانه وتعالى أنْ جعل كل ما يمكن أن يفتخر به الإنسان هِبةً له، وليست أصيلة فيه.

كل أمور الإنسان بداية من إيجاده من عدم إلى الإمداد من عُدم هي هبة يمكن أنْ تسترد في يوم من الأيام، وكيف الحال إذا تكبَّرْتَ بمالك، ثم رآك الناس فقيراً، أو تعاليت بقوتك ثم رآك الناس عليلاً؟

إذن: فالتواضع والأدب أليَقُ بك، والتكبُّر والتعالي لا يكون إلا للخالق سبحانه وتعالى، فكيف تنازعه سبحانه صفة من صفاته؟

وقد نهانا الحق سبحانه عن ذلك؛ لأنه لا يستحق هذه الصفة إلا هو سبحانه وتعالى، وكَوْنُ الكبرياء لله تعالى يعصمنا من الاتضاع للكبرياء الكاذب من غيرنا.

ومَنْ أحب أن يرى مساواة الخَلْق أمام الخالق سبحانه، فلينظر إلى العبادات، ففيها استطراق العبودية في الناس، فحينما يُنادَى للصلاة مثلاً ترى الجميع سواسية: الغني والفقير، والرئيس والمرؤوس، الوزير مثلاً والخفير، الكل راكع أو ساجد، الكل خاضع لله مُتذلّل لله فقير لله، الكل عبيد لله بعد أنْ خلعوا أقدارهم، عندما خلعوا نعالهم، ففي ساحة الرحمن يتساوى الجميع، وتتجلى لنا هذه المساواة بصورة أوضح في مناسك الحج.

والأهم من هذا أن الرئيس أو الكبير لا يأنف، ولا يرى غضاضة في أن يراه مرؤوسه وهو في هذا الموقف وفي هذا الخضوع والتذلُّل، لماذا؟

لأن الخضوع هنا والتذلُّل لله، وهذا عين العِزَّة والشرف والكرامة.

ثم يقول تعالى: (إِنَّكَ لَن تَخْرِقَ ٱلأَرْضَ وَلَن تَبْلُغَ ٱلْجِبَالَ طُولاً) (الإسراء: 37).

في هذه العبارة نلحظ إشارة توبيخ وتقريع، كأن الحق سبحانه وتعالى يقول لهؤلاء المتكبرين، ولأصحاب الكبرياء الكاذب: كيف تتكبرون وتسيرون فخراً وخُيلاء بشيء موهوب لكم غير ذاتي فيكم؟

فأنتم بهذا التكبُّر والتعالي لن تخرقوا الأرض، بل ستظل صلبة تتحداكم، وهي أدنى أجناس الوجود وتُدَاس بالأقدام، وكذلك الجبال وهي أيضاً جماد ستظل أعلى منكم قامةً ولن تطاولوها.

والحق سبحانه وتعالى يُوبِّخ عبده المؤمن المكرم ليبقى له على التكريم في: (وَلاَ تَمْشِ فِي ٱلأَرْضِ مَرَحاً) (الإسراء: 37).

وحينما أراد الحق سبحانه وتعالى أن يُوبِّخ أهل التكبُّر الكاذب أتى بأَدْنى أجناس الوجود بالأرض والجبال وهي جماد؛ لكنه قد يسمو على الإنسان ويفضُل عليه.

والناظر لأجناس الكون: الجماد والنبات والحيوان والإنسان، يجد الإنسان ينتفع بكل هذه الأجناس، فالجماد ينفع النبات، والحيوان والنبات ينفع الحيوان والإنسان، والحيوان ينفع الإنسان، وهكذا جميع الأجناس مُسخّرة في خدمة الإنسان، فما وظيفتك أنت أيها الإنسان؟

ومَنْ تخدم؟

لابُدَّ أنْ يكون لك دَوْر في الكون ووظيفة في الحياة، وإلا كانت الأرض والحجر أفضل منك، فابحثْ لك عن مهمة في الوجود.

وفي فلسفة الحج أمر عجيب، فالجماد الذي هو أَدْنى الأجناس نجد له مكانة ومنزلة، فالكعبة حجر يطوف الناس من حوله، وفي ركنها الحجر الأسعد الذي سَنَّ لنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- تقبيله وهو حجر، وعليه يتزاحم الناس ويتشرَّفون بتقبيله والتمسُّح به.

وهذا مظهر من مظاهر استطراق العبودية في الكون، فالإنسان المخدوم الأعلى لجميع الأجناس يرى الشرف والكرامة في تقبيل حجر.

وكذلك النبات يحْرُم قطعه، وإياك أن تمتدَّ يدك إليه، وكذلك الحيوان يحرُم صَيْده، فهذه الأشياء التي تخدمني أتى الوقت الذي أخدمها وأُقدِّسها، وجعلها الحق سبحانه وتعالى مرة في العمر لنلمح الأصل، ولكي لا يغترَّ الإنسان بإنسانيته، وليعلم أن العبودية لله تعالى تَسْري في الكون كله.

فإياك أيها الإنسان أن تخدش هذا الاستطراق العبوديّ في الكون بمرح أو خُيَلاء أو تعالٍ.

ثم يقول الحق تبارك وتعالى: (كُلُّ ذٰلِكَ كَانَ سَيِّئُهُ...).



سورة الإسراء الآيات من 036-040 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 52644
العمر : 72

سورة الإسراء الآيات من 036-040 Empty
مُساهمةموضوع: رد: سورة الإسراء الآيات من 036-040   سورة الإسراء الآيات من 036-040 Emptyالأحد 26 يناير 2020, 6:21 am

كُلُّ ذَٰلِكَ كَانَ سَيِّئُهُ عِنْدَ رَبِّكَ مَكْرُوهًا (٣٨)
تفسير الأية: خواطر محمد متولي الشعراوي (ت 1418 هـ)

أي: كُلِّ ما تقدّم من وصايا وتوجيهات بداية من قوله تعالى: (لاَّ تَجْعَل مَعَ ٱللَّهِ إِلَـٰهاً آخَرَ..) (الإسراء: 22).

وهذه الأمور التي تقدَّمَتْ، والتي تحفظ للمجتمع توازنه وسلامته فيها السيء وفيها الحسن، والسيء هو المكروه من الله تعالى، والله تعالى لا يكره إلا ما خالفَ منهج العبودية له سبحانه، أما الإنسان فيكره ما يخالف هواه، ولا يتفق ومزاجه.

وهذه الأوامر والنواهي التي تقدَّمتْ يقولون: إنها الوصايا العَشْر التي نزلت على موسى -عليه السلام- والمقصودة في قوله تعالى: (وَكَتَبْنَا لَهُ فِي ٱلأَلْوَاحِ مِن كُلِّ شَيْءٍ مَّوْعِظَةً وَتَفْصِيلاً لِّكُلِّ شَيْءٍ فَخُذْهَا بِقُوَّةٍ وَأْمُرْ قَوْمَكَ يَأْخُذُواْ بِأَحْسَنِهَا..) (الأعراف: 145).

ولذلك يقول الحق سبحانه: (ذَلِكَ مِمَّآ أَوْحَىٰ إِلَيْكَ رَبُّكَ مِنَ ٱلْحِكْمَةِ...).



سورة الإسراء الآيات من 036-040 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 52644
العمر : 72

سورة الإسراء الآيات من 036-040 Empty
مُساهمةموضوع: رد: سورة الإسراء الآيات من 036-040   سورة الإسراء الآيات من 036-040 Emptyالأحد 26 يناير 2020, 6:22 am

ذَٰلِكَ مِمَّا أَوْحَىٰ إِلَيْكَ رَبُّكَ مِنَ الْحِكْمَةِ وَلَا تَجْعَلْ مَعَ اللَّهِ إِلَٰهًا آخَرَ فَتُلْقَىٰ فِي جَهَنَّمَ مَلُومًا مَدْحُورًا (٣٩)
تفسير الأية: خواطر محمد متولي الشعراوي (ت 1418 هـ)

(ذَلِكَ) أي: ما تقدّم من الوصايا.

(ٱلْحِكْمَةِ) هي: وَضعْ الشيء في مَوْضِعه المؤدّي للغاية منه، لِتظلَّ الحكمة سائدة في المجتمع تحفظه من الخلل والحمْق والسَّفَه والفساد.


وقوله: (وَلاَ تَجْعَلْ مَعَ ٱللَّهِ إِلَـٰهاً آخَرَ) (الإسراء: 39).

لسائل أنْ يسأل: لماذا كرَّر هذا النهي، وقد سبق أنْ ذُكِر في استهلال المجموعة السابقة من الوصايا؟

الحق سبحانه وتعالى وضع لنا المنهج السليم الذي يُنظِّم حياة المجتمع، وقد بدأه بأن الإله واحد لا شريكَ له، ثم عدّل نظام المجتمع كله بطبقاته وطوائفه وأَرْسى قواعد الطُّهْر والعِفّة ليحفظ سلامة النسل، ودعا إلى تواضع الكُلِّ للكُلِّ.

فالحصيلة النهائية لهذه الوصايا أنْ يستقيم المجتمع، ويسعد أفراده بفضل هذا المنهج الإلهي.

إذن: فإياك أنْ تجعلَ معه إلهاً آخر، وكرَّر الحق سبحانه هذا النهي: (وَلاَ تَجْعَلْ مَعَ ٱللَّهِ إِلَـٰهاً آخَرَ) (الإسراء: 39).

لأنه قد يأتي على الناس وقتٌ يُحْسنون الظن بعقول بعض المفكرين، فيأخذون بأقوالهم ويسيرون على مناهجهم، ويُفضّلونها على منهج الحق تبارك وتعالى، فيفتنون الناس عن قضايا دينهم الحق إلى قضايا أخرى يُوهِمون الناس أنها أفضل مما جاء به الدين.

إذن: لا يكفي أن تؤمن أولاً، ولكن احذر أنْ يُزحزحك أحد عن دينك فلا تجعل مع الله إلهاً آخر يفتنك عن دينك، فتكون النتيجة: (فَتُلْقَىٰ فِي جَهَنَّمَ مَلُوماً مَّدْحُوراً) (الإسراء: 39).

(مَلُوماً): لأنك أتيتَ بما تُلاَم عليه، (مَّدْحُوراً): أي: مطرود مُبْعَداً من رحمة الله، وهذا الجزاء في الآخرة.

أما الذي لا يؤمن بها، فلابُدَّ لكي نستطيع العيش معه في الدنيا، أن يُذيقه الله بعض العذاب، ويُعجِّله له في الدنيا قبل عذاب الآخرة، كما قال تعالى: (فَمَنِ ٱتَّبَعَ هُدَايَ فَلاَ يَضِلُّ وَلاَ يَشْقَىٰ * وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكاً..) (طه: 123-124) أي: في الدنيا.

وقد ذكر الحق سبحانه وتعالى في قصة ذي القرنين: (حَتَّىٰ إِذَا بَلَغَ مَغْرِبَ ٱلشَّمْسِ وَجَدَهَا تَغْرُبُ فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ وَوَجَدَ عِندَهَا قَوْماً قُلْنَا يٰذَا ٱلْقَرْنَيْنِ إِمَّآ أَن تُعَذِّبَ وَإِمَّآ أَن تَتَّخِذَ فِيهِمْ حُسْناً * قَالَ أَمَّا مَن ظَلَمَ فَسَوْفَ نُعَذِّبُهُ ثُمَّ يُرَدُّ إِلَىٰ رَبِّهِ فَيُعَذِّبُهُ عَذَاباً نُّكْراً) (الكهف: 86-87) فقوله: (فَسَوْفَ نُعَذِّبُهُ..) (الكهف: 87) لأنه مُمكَّن في الأرض، ومَنُوط به حِفْظ ميزان الحياة واستقامتها، حتى عند الذين لا يُؤمنون بالآخرة، وإلا فلو أخَّرْنا العذاب عن هؤلاء إلى الآخرة لأفسدوا على الناس حياتهم، وعاثوا في الأرض يُعربِدون ويُفسِدون.

ولذلك لا يموت ظلوم في الكون حتى ينتقمَ الله منه، ويذيقه عذاب الدنيا قبل عذاب الآخرة، ولابُدَّ أنْ يراه المظلوم ليعلم أن عاقبة الظلم وخيمة، في حين أن المظلوم في رعاية الله وتأييده ينصره بما يشاء من نعمه وفضله، حتى إن الظالم لو علم بما أعدَّه الله للمظلوم لَضَنَّ عليه بالظلم.

ثم يقول الحق سبحانه: (أَفَأَصْفَاكُمْ رَبُّكُم بِٱلْبَنِينَ وَٱتَّخَذَ مِنَ ٱلْمَلاۤئِكَةِ إِنَاثاً...).



سورة الإسراء الآيات من 036-040 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 52644
العمر : 72

سورة الإسراء الآيات من 036-040 Empty
مُساهمةموضوع: رد: سورة الإسراء الآيات من 036-040   سورة الإسراء الآيات من 036-040 Emptyالأحد 26 يناير 2020, 6:23 am

أَفَأَصْفَاكُمْ رَبُّكُمْ بِالْبَنِينَ وَاتَّخَذَ مِنَ الْمَلَائِكَةِ إِنَاثًا إِنَّكُمْ لَتَقُولُونَ قَوْلًا عَظِيمًا (٤٠)
تفسير الأية: خواطر محمد متولي الشعراوي (ت 1418 هـ)

لما جعل بعض المشركين لله ولداً، فمنهم مَنْ قالوا: المسيح ابن الله، ومنهم مَنْ قالوا: عزير ابن الله، ومنهم مَنْ قالوا: الملائكة بنات الله، فوبَّخهم الله تعالى: كيف تجعلون للخالق سبحانه البنات ولكم البنين، إنها قسمة جائرة، كما قال الحق سبحانه في آية أخرى: (أَلَكُمُ ٱلذَّكَرُ وَلَهُ ٱلأُنْثَىٰ * تِلْكَ إِذاً قِسْمَةٌ ضِيزَىٰ) (النجم: 21-22).

أي: قسمة جائرة ظالمة.

قوله: (أَفَأَصْفَاكُمْ) (الإسراء: 40) أي: اصطفاكم واختار لكم البنين، وأخذ لنفسه البنات؟

ويقول في آية أخرى: (وَجَعَلُواْ لَهُ مِنْ عِبَادِهِ جُزْءًا..) (الزخرف: 15).

لذلك قال تعالى بعدها: (إِنَّكُمْ لَتَقُولُونَ قَوْلاً عَظِيماً) (الإسراء: 40) فوصف قولهم بأنه عظيم في القُبْح والافتراء على الله، كما قال في آية أخرى: (وَقَالُواْ ٱتَّخَذَ ٱلرَّحْمَـٰنُ وَلَداً * لَّقَدْ جِئْتُمْ شَيْئاً إِدّاً) (مريم: 88-89).

ثم يقول الحق سبحانه: (وَلَقَدْ صَرَّفْنَا فِي هَـٰذَا ٱلْقُرْآنِ لِيَذَّكَّرُواْ وَمَا يَزِيدُهُمْ إِلاَّ نُفُوراً).      



سورة الإسراء الآيات من 036-040 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
 
سورة الإسراء الآيات من 036-040
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» سورة الإسراء الآيات من 041-045
» سورة الإسراء الآيات من 046-050
» سورة الإسراء الآيات من 091-095
» سورة الإسراء الآيات من 096-100
» سورة الإسراء الآيات من 051-055

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات إنما المؤمنون إخوة (2024 - 2010) The Believers Are Brothers :: (العربي) :: الشيخ محمد متولي الشعـراوي :: الإسراء-
انتقل الى: