منتديات إنما المؤمنون إخوة (2024 - 2010) The Believers Are Brothers

(إسلامي.. ثقافي.. اجتماعي.. إعلامي.. علمي.. تاريخي.. دعوي.. تربوي.. طبي.. رياضي.. أدبي..)
 
الرئيسيةالأحداثأحدث الصورالتسجيل
(وما من كاتب إلا سيبلى ** ويبقى الدهر ما كتبت يداه) (فلا تكتب بكفك غير شيء ** يسرك في القيامة أن تراه)

soon after IZHAR UL-HAQ (Truth Revealed) By: Rahmatullah Kairanvi
قال الفيلسوف توماس كارليل في كتابه الأبطال عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "لقد أصبح من أكبر العار على أي فرد مُتمدين من أبناء هذا العصر؛ أن يُصْغِي إلى ما يظن من أنَّ دِينَ الإسلام كَذِبٌ، وأنَّ مُحَمَّداً -صلى الله عليه وسلم- خَدَّاعٌ مُزُوِّرٌ، وآنَ لنا أنْ نُحارب ما يُشَاعُ من مثل هذه الأقوال السَّخيفة المُخْجِلَةِ؛ فإنَّ الرِّسَالة التي أدَّاهَا ذلك الرَّسُولُ ما زالت السِّراج المُنير مُدَّةَ اثني عشر قرناً، لنحو مائتي مليون من الناس أمثالنا، خلقهم اللهُ الذي خلقنا، (وقت كتابة الفيلسوف توماس كارليل لهذا الكتاب)، إقرأ بقية كتاب الفيلسوف توماس كارليل عن سيدنا محمد -صلى الله عليه وسلم-، على هذا الرابط: محمد بن عبد الله -صلى الله عليه وسلم-.

يقول المستشرق الإسباني جان ليك في كتاب (العرب): "لا يمكن أن توصف حياة محمد بأحسن مما وصفها الله بقوله: (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِين) فكان محمدٌ رحمة حقيقية، وإني أصلي عليه بلهفة وشوق".
فَضَّلَ اللهُ مِصْرَ على سائر البُلدان، كما فَضَّلَ بعض الناس على بعض والأيام والليالي بعضها على بعض، والفضلُ على ضربين: في دِينٍ أو دُنْيَا، أو فيهما جميعاً، وقد فَضَّلَ اللهُ مِصْرَ وشَهِدَ لها في كتابهِ بالكَرَمِ وعِظَم المَنزلة وذَكَرَهَا باسمها وخَصَّهَا دُونَ غيرها، وكَرَّرَ ذِكْرَهَا، وأبَانَ فضلها في آياتٍ تُتْلَى من القرآن العظيم.
(وما من كاتب إلا سيبلى ** ويبقى الدهر ما كتبت يداه) (فلا تكتب بكفك غير شيء ** يسرك في القيامة أن تراه)

المهندس حسن فتحي فيلسوف العمارة ومهندس الفقراء: هو معماري مصري بارز، من مواليد مدينة الأسكندرية، وتخرَّجَ من المُهندس خانة بجامعة فؤاد الأول، اشْتُهِرَ بطرازهِ المعماري الفريد الذي استمَدَّ مَصَادِرَهُ مِنَ العِمَارَةِ الريفية النوبية المَبنية بالطوب اللبن، ومن البيوت والقصور بالقاهرة القديمة في العصرين المملوكي والعُثماني.
رُبَّ ضَارَّةٍ نَافِعَةٍ.. فوائدُ فيروس كورونا غير المتوقعة للبشرية أنَّه لم يكن يَخطرُ على بال أحَدِنَا منذ أن ظهر وباء فيروس كورونا المُستجد، أنْ يكونَ لهذه الجائحة فوائدُ وإيجابيات ملموسة أفادَت كوكب الأرض.. فكيف حدث ذلك؟!...
تخليص الإبريز في تلخيص باريز: هو الكتاب الذي ألّفَهُ الشيخ "رفاعة رافع الطهطاوي" رائد التنوير في العصر الحديث كما يُلَقَّب، ويُمَثِّلُ هذا الكتاب علامة بارزة من علامات التاريخ الثقافي المصري والعربي الحديث.
الشيخ علي الجرجاوي (رحمه الله) قَامَ برحلةٍ إلى اليابان العام 1906م لحُضُورِ مؤتمر الأديان بطوكيو، الذي دعا إليه الإمبراطور الياباني عُلَمَاءَ الأديان لعرض عقائد دينهم على الشعب الياباني، وقد أنفق على رحلته الشَّاقَّةِ من مَالِهِ الخاص، وكان رُكُوبُ البحر وسيلته؛ مِمَّا أتَاحَ لَهُ مُشَاهَدَةَ العَدِيدِ مِنَ المُدُنِ السَّاحِلِيَّةِ في أنحاء العالم، ويُعَدُّ أوَّلَ دَاعِيَةٍ للإسلام في بلاد اليابان في العصر الحديث.


 

 سورة الإسراء الآيات من 026-030

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 48337
العمر : 71

سورة الإسراء الآيات من 026-030 Empty
مُساهمةموضوع: سورة الإسراء الآيات من 026-030   سورة الإسراء الآيات من 026-030 Emptyالجمعة 24 يناير 2020, 11:26 pm

وَآتِ ذَا الْقُرْبَىٰ حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَلَا تُبَذِّرْ تَبْذِيرًا (٢٦)
تفسير الأية: خواطر محمد متولي الشعراوي (ت 1418 هـ)

الحق سبحانه بعد أنْ حنَّن الإنسان على والديْه صعَّد المسألة فحنَّنه على قرابة أبيه وقرابة أمه، فقال: (وَآتِ ذَا ٱلْقُرْبَىٰ حَقَّهُ) (الإسراء: 26).

(حَقَّهُ) لأن الله تعالى جعله حَقّاً للأقارب إنْ كانوا في حاجة، وإلا فلو كانا غير محتاجين، فالعطاء بينهما هدية متبادلة، فكل قريب يُهادي أقرباءه ويهادونه.

والحق سبحانه وتعالى يريد أن يُشيعَ في المجتمع روح التكافل الاجتماعي.

لذلك كان بعض فقهاء الأندلس إذا منع الرجل زكاةً تقرُب من النِّصاب أمر بقطع يده، كأنه سرقه؛ لأن الله تعالى أسماه (حقاً) فمَنْ منع صاحب الحق من حقه، فكأنه سرقه منه.

وقد سلك فقهاء الأندلس هذا المسلك، لأنهم في بلاد ترف وغنى، فتشدّدوا في هذه المسألة؛ لأنه لا عُذْر لأحد فيها.

لذلك، لما جاء أحد خلفائهم إلى المنذر بن سعيد، وقال: لقد حلفتُ يميناً، وأرى أن أُكفِّر عنه فأفتاه بأن يصوم ثلاثة أيام، فقال أحدهم: لقد ضيّقتَ واسعاً فقد شرع الله للكفارة أيضاً إطعامَ عشرة مساكين أو كسوتهم أو تحرير رقبة، فرد عليه المنذر قائلاً: أو مثلُ أمير المؤمنين يُزْجَر بإطعام عشرة مساكين أو كسوتهم؟

إنه يفعل ذلك في اليوم لألْف وأكثر، وإنما يزجره الصوم، وهكذا أخذوا الحكم بالروح لا بالنص؛ ليتناسب مع مقدرة الخليفة، ويُؤثِّر في رَدْعه وزَجْره.

وكلمة (حق) وردت في القرآن على معنيين: الأول: في قوله تعالى: (وَٱلَّذِينَ فِيۤ أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَّعْلُومٌ) (المعارج: 24).

والحق المعلوم هو الزكاة.

أما الحق الآخر فحقٌّ غير معلوم وغير موصوف، وهو التطوع والإحسان، حيث تتطوَّع لله بجنس ما فرضه عليك، كما قال تعالى: (إِنَّهُمْ كَانُواْ قَبْلَ ذَلِكَ مُحْسِنِينَ * كَانُواْ قَلِيلاً مِّن ٱللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ * وَبِٱلأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ * وَفِيۤ أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ لَّلسَّآئِلِ وَٱلْمَحْرُومِ) (الذاريات: 16-19).

ولم يقل: "معلوم": لأنه إحسان وزيادة عَمَّا فرضه الله علينا.

ويجب على من يُؤْتِى هذا الحق أن يكون سعيداً به، وأن يعتبره مَغْنماً لا مَغْرماً؛ لأن الدنيا كما نعلم أغيار تتحول وتتقلب بأهلها، فالصحيح قد يصير سقيماً، والغني قد يصير فقيراً وهكذا، فإعطاؤك اليوم ضمانٌ لك في المستقبل، وضمان لأولادك من بعدك، والحق الذي تعطيه اليوم هو نفسه الذي قد تحتاجه غداً، إنْ دارتْ عليك الدائرة.

إذن: فالحق الذي تدفعه اليوم لأصحابه تأمين لك في المستقبل يجعلك تجابه الحياة بقوة، وتجابه الحياة بغير خور وبغير ضعف، وتعلم أن حقك محفوظ في المجتمع، وكذلك إنْ تركتَ أولادك في عوزٍ وحاجة، فالمجتمع مُتكفِّل بهم.

وصدق الله تعالى حين قال: (وَلْيَخْشَ ٱلَّذِينَ لَوْ تَرَكُواْ مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعَافاً خَافُواْ عَلَيْهِمْ فَلْيَتَّقُواّ ٱللَّهَ وَلْيَقُولُواْ قَوْلاً سَدِيداً) (النساء: 9).

ولذلك، فالناس أصحاب الارتقاء والإثراء لورعهم لا يعطون الأقارب من أموال الزكاة، بل يخصُّون بها الفقراء الأباعد عنهم، ويُعْطون الأقارب من مالهم الخاص مساعدة وإحساناً.

و (ٱلْمِسْكِينَ) هو الذي يملك وله مال، لكن لا يكفيه، بدليل قول الحق سبحانه: (أَمَّا ٱلسَّفِينَةُ فَكَانَتْ لِمَسَاكِينَ يَعْمَلُونَ فِي ٱلْبَحْرِ..) (الكهف: 79).

أما الفقير فهو الذي لا يملك شيئاً، وقد يعكس البعض في تعريف المسكين والفقير، وهذا فهم خاطئ.

و (وَٱبْنَ ٱلسَّبِيلِ) (الإسراء: 26).

السبيل هو الطريق، والإنسان عادةً يُنْسَب إلى بلده، فنقول: ابن القاهرة، ابن بورسعيد، فإنْ كان منقطعاً في الطريق وطرأتْ عليه من الظروف ما أحوجه للعون والمساعدة، وإن كان في الحقيقة صاحب يسارٍ وَغِنىً، كأن يُضيع ماله فله حَقٌّ في مال المسلمين بقدر ما يُوصّله إلى بلده.

وابن السبيل إذا طلب المساعدة لا تسأله عن حقيقة حاله، لأن له حقاً واجباً فلا تجعله في وضع مذلّة أو حرج.

(وَلاَ تُبَذِّرْ تَبْذِيراً) (الإسراء: 26).

كما قال تعالى في آية أخرى: (وَآتُواْ حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ وَلاَ تُسْرِفُوۤاْ إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ ٱلْمُسْرِفِينَ) (الأنعام: 141).

فالتبذير هو الإسراف، مأخوذ من البذر، وهو عملية يقوم بها الفلاح فيأخذ البذور التي يريد زراعتها، وينثرها بيده في أرضه، فإذا كان متقناً لهذه العملية تجده يبذر البذور بنسب متساوية، بحيث يوزع البذور على المساحة المراد زراعتها، وتكون المسافة بين البذور متساوية.

وبذلك يفلح الزرع ويعطي المحصول المرجو منه، أما إنْ بذرَ البذور بطريقة عشوائية وبدون نظام نجد البذور على مسافات غير متناسبة، فهي كثيرة في مكان، وقليلة في مكان آخر، وهذا ما نُسمِّيه تبذيراً، لأنه يضع الحبوب في موضع غير مناسب؛ فهي قليلة في مكان مزدحمة في آخر فَيُعاق نموّها.

لذلك، فالحق سبحانه آثر التعبير عن الإسراف بلفظ (التبذير) ؛ لأنه يضع المال في غير موضعه المناسب، وينفق هكذا كلما اتفق دون نظام، فقد يعطي بسخاء في غير ما يلزم، في حين يمسك في الشيء الضروري.

إذن: التبذير: صَرْف المال في غير حِلِّه، أو في غير حاجة، أو ضرورة.

والنهي عن التبذير هنا قد يُراد منه النهي عن التبذير في الإيتاء، يعني حينما تعطي حَقّ الزكاة، فلا تأخذك الأريحية الإيمانية فتعطي أكثر مما يجب عليك، وربما سمعتَ ثناء الناس وشكرهم فتزيد في عطائك، ثم بعد ذلك وبعد أن تخلوَ إلى نفسك ربما ندمتَ على ما فعلتَ، ولُمْتَ نفسك على هذا الإسراف.

وقد يكون المعنى: أعْطِ ذا القربى والمساكين وابن السبيل، ولكن لا تُبذِّر في الأمور الأخرى، فالنهي هنا لا يعود إلى الإيتاء، بل إلى الأمور التافهة التي يُنفَق فيها المال في غير ضرورة.

ثم يقول الحق سبحانه: (إِنَّ ٱلْمُبَذِّرِينَ كَانُوۤاْ إِخْوَانَ ٱلشَّيَاطِينِ...).



سورة الإسراء الآيات من 026-030 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 48337
العمر : 71

سورة الإسراء الآيات من 026-030 Empty
مُساهمةموضوع: رد: سورة الإسراء الآيات من 026-030   سورة الإسراء الآيات من 026-030 Emptyالجمعة 24 يناير 2020, 11:27 pm

إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُورًا (٢٧)
تفسير الأية: خواطر محمد متولي الشعراوي (ت 1418 هـ)

كلمة (أخ) تُجمع على إخْوة وإخْوان.

وإخوة: تدلّ على أُخوّة النسب، كما في قوله تعالى: (وَجَآءَ إِخْوَةُ يُوسُفَ..) (يوسف: 58).

وتدل أيضاً على أخوة الخير والورع والتقوى، كما في قوله تعالى: (إِنَّمَا ٱلْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ..) (الحجرات: 10).

ومنها قوله تعالى عن السيدة مريم: (يٰأُخْتَ هَارُونَ..) (مريم: 28).

والمقصود: هارون أخو موسى -عليهما السلام- وبينهما زمن طويل يقارب أحد عشر جيلاً، ومع ذلك سماهما القرآن إخوة أي أخوّة الورع والتقوى.

أما: إخوان، فتدل على أن قوماً اجتمعوا على مبدأ واحد، خيراً كان أو شراً، فقد تدلّ على الاجتماع في الخير، كما في قوله تعالى: (وَٱذْكُرُواْ نِعْمَتَ ٱللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَآءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَاناً..) (آل عمران: 103).

وقد تدل على الاجتماع في الشر، كما في قوله تعالى: (إِنَّ ٱلْمُبَذِّرِينَ كَانُوۤاْ إِخْوَانَ ٱلشَّيَاطِينِ) (الإسراء: 27).

فكأن المبذرين اجتمعوا مع الشياطين في هوية واحدة، ووُدٍّ واحد، وانتظمتهما صفات واحدة من الشر.

إذن: كلمة (إخْوَة) تدل على أُخُوّة النسب، وقد تتسامى لتدل على أُخوّة الإيمان التي تنهار أمام قوتها كل الأواصر.

ونذكر هنا ما حدث في غزوة بدر بين أخويْنِ من أسرة واحدة هما "مصعب بن عمير" بعد أن آمن وهاجر إلى المدينة وخرج مع جيش المسلمين إلى بدر وأخوه "أبو عزيز" وكان ما يزال كافراً، وخرج مع جيش الكفار من مكة، والتقى الأخوان: المؤمن والكافر.       

ومعلوم أن "مصعب بن عمير" كان من أغنى أغنياء مكة، وكان لا يرتدي إلا أفخر الثياب وألينها، ويتعطر بأثمن العطور حتى كانوا يسمونه مُدلَّل مكة، ثم بعد أنْ آمنَ تغيّر حاله وآثر الإيمان بالله على كل هذا الغنى والنعيم، ثم بعثه الرسول -صلى الله عليه وسلم- إلى المدينة ليعلّم الناس أمور دينهم، وفي غزوة أحد رآه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يرتدي جلد شاة، فقال: "انظروا ما فعل الإيمان بأخيكم".       

فماذا حدث بين الأخويْنِ المؤمن والكافر؟

وأيّ الصلات كانت أقوى: صلة الإيمان بالله، أم صلة النسب؟

لما دارتْ المعركة نظر مصعب، فإذا بأخيه وقد أَسَرَهُ أحد المسلمين اسمه "أبو اليَسرَ" فالتفتَ إليه.

وقال: يا أبا اليَسَر اشدد على أسيرك، فأُمّه غنية، وسوف تفديه بمال كثير.

فنظر إليه "أبو عزيز" وقال: يا مصعب، أهذه وصاتك بأخيك، فقال له مصعب: هذا أخي دونك.

فأخوة الدين والإيمان أقوى وأمتن من أخوة النسب، وصدق الله تعالى حين قال: (إِنَّمَا ٱلْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ..) (الحجرات: 10).

قوله: (إِخْوَانَ ٱلشَّيَاطِينِ) (الإسراء: 27).

أي: أن الحق تبارك وتعالى جعلهما شريكين في صفة واحدة هي التبذير والإسراف، فإنْ كان المبذّر قد أسرف في الإنفاق ووَضْع المال في غير حِلِّه وفي غير ضرورة.

فإن الشيطانَ أسرف في المعصية، فلم يكتفِ بأن يكون عاصياً في ذاته، بل عدّى المعصية إلى غيره وأغوى بها وزيّنها؛ لذلك وصفه الحق سبحانه بقوله: (وَكَانَ ٱلشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُوراً) (الإسراء: 27).

ليس كافراً فحسب، بل (كفور) وهي صيغة مبالغة من الكفر؛ لأنه كَفر وعمل على تكفير غيره.

ثم يقول الحق سبحانه: (وَإِمَّا تُعْرِضَنَّ عَنْهُمُ ٱبْتِغَآءَ رَحْمَةٍ مِّن رَّبِّكَ تَرْجُوهَا...).



سورة الإسراء الآيات من 026-030 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 48337
العمر : 71

سورة الإسراء الآيات من 026-030 Empty
مُساهمةموضوع: رد: سورة الإسراء الآيات من 026-030   سورة الإسراء الآيات من 026-030 Emptyالجمعة 24 يناير 2020, 11:27 pm

وَإِمَّا تُعْرِضَنَّ عَنْهُمُ ابْتِغَاءَ رَحْمَةٍ مِنْ رَبِّكَ تَرْجُوهَا فَقُلْ لَهُمْ قَوْلًا مَيْسُورًا (٢٨)
تفسير الأية: خواطر محمد متولي الشعراوي (ت 1418 هـ)

ولنا أنْ نسأل: عَمَّنْ يكون الإعراض؟

فقد سبق الحديث عن الوالدين والأقارب والمسكين وابن السبيل، والإعراض عن هؤلاء لا يتناسب مع سياق الآية لأنه إعراض عن طاعة الله، بدليل قوله: (ٱبْتِغَآءَ رَحْمَةٍ مِّن رَّبِّكَ تَرْجُوهَا) (الإسراء: 28).

فالله تعالى في ذهنك، وتبتغي من وراء هذا الإعراض رحمة الله ورزقه وسِعَته.

إذن: الإعراض هنا ليس معصية أو مخالفة.

فماذا إذن الغرض من الإعراض هنا؟

نقول: قد يأتيك قريب أو مسكين أو عابر سبيل ويسألك حاجة وأنت لا تملكها في هذا الوقت فتخجل أنْ تواجهه بالمنع، وتستحي منه، فما يكون منك إلا أنْ تتوجه إلى ربّك عز وجل وتطلب منه ما يسدُّ حاجتك وحاجة سائلك، وأن يجعل لك من هذا الموقف مَخْرجاً.

فالمعنى: إما تُعرضنّ عنهم خجلاً وحياءً أنْ تواجههم، وليس عندك ما يسدُّ حاجتهم، وأنت في هذا الحال تلجأ إلى الله أنْ يرحمك رحمةً تسعك وتسعهم.

وقوله تعالى: (فَقُل لَّهُمْ قَوْلاً مَّيْسُوراً) (الإسراء: 28).

كما قال في موضع آخر في مثل هذا الموقف: (قَوْلٌ مَّعْرُوفٌ وَمَغْفِرَةٌ خَيْرٌ مِّن صَدَقَةٍ يَتْبَعُهَآ أَذًى..) (البقرة: 263).

فحتى في حال المنع يجب على المسلم أن يلتزم الأدب، ولا يجرح مشاعر السائل، وأنْ يردّه بلين ورِفْق، وأنْ يُظهر له الحياء والخجل، وألاّ يتكبر أو يتعالى عليه، وأن يتذكر نعمة الله عليه بأنْ جعله مسئولاً لا سائلاً.

إذن: فالعبارات والأعمال الصالحة في مثل هذا الموقف لا يكفي فيها أن تقول: ما عندي، فقد يتهمك السائل بالتعالي عليه، أو بعدم الاهتمام به، والاستغناء عنه، وهنا يأتي دور الارتقاءات الإيمانية والأريحية للنفس البشرية التي تسمو بصاحبها إلى أعلى المراتب.

وتأمل هذا الارتقاء الإيماني في قوله تعالى عن أصحاب الأعذار في الجهاد: (وَلاَ عَلَى ٱلَّذِينَ إِذَا مَآ أَتَوْكَ لِتَحْمِلَهُمْ قُلْتَ لاَ أَجِدُ مَآ أَحْمِلُكُمْ عَلَيْهِ تَوَلَّوْا وَّأَعْيُنُهُمْ تَفِيضُ مِنَ ٱلدَّمْعِ حَزَناً أَلاَّ يَجِدُواْ مَا يُنْفِقُونَ) (التوبة: 92).

هذه حكاية بعض الصحابة الذين أتوا رسول الله ليخرجوا معه إلى الجهاد، ويضعوا أنفسهم تحت أمره وتصرّفه، فإذا برسول الله -صلى الله عليه وسلم- يعتذر لهم، فليس لديه من الركائب ما يحملهم عليه إلى الجهاد.

فماذا كان من هؤلاء النفر المؤمنين؟

هل انصرفوا ولسان حالهم يقول: لقد فعلنا ما علينا ويفرحون بما انتهوا إليه؟

لا. 

بل: (تَوَلَّوْا وَّأَعْيُنُهُمْ تَفِيضُ مِنَ ٱلدَّمْعِ حَزَناً أَلاَّ يَجِدُواْ مَا يُنْفِقُونَ) (التوبة: 92).

وهكذا يرتقي الإيمان بأهله، ويسمو بأصحابه، فإذا لم يقدروا على الأعمال النزوعية، فالأعمال القولية، فإذا لم يقدروا على هذه أيضاً فلا أقلّ من الانفعال العاطفي المعبِّر عن حقيقة الإيمان الذي يفيض دمع الحزْن لضيق ذات اليد.

ثم يقول الحق سبحانه: (وَلاَ تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَىٰ عُنُقِكَ وَلاَ تَبْسُطْهَا كُلَّ ٱلْبَسْطِ...).



سورة الإسراء الآيات من 026-030 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 48337
العمر : 71

سورة الإسراء الآيات من 026-030 Empty
مُساهمةموضوع: رد: سورة الإسراء الآيات من 026-030   سورة الإسراء الآيات من 026-030 Emptyالجمعة 24 يناير 2020, 11:28 pm

وَلَا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَىٰ عُنُقِكَ وَلَا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُومًا مَحْسُورًا (٢٩)
تفسير الأية: خواطر محمد متولي الشعراوي (ت 1418 هـ)

تحدّث الحق سبحانه وتعالى في آية سابقة عن المبذِّرين، وحذّرنا من هذه الصفة، وفي هذه الآية يقيم الحق سبحانه موازنة اقتصادية تحفظ للإنسان سلامة حركته في الحياة.

فقوله تعالى: (وَلاَ تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَىٰ عُنُقِكَ) (الإسراء: 29).

واليد عادة تُستخدم في المنْح والعطاء، نقول: لفلان يد عندي، وله عليَّ أيادٍ لا تُعَد، أي: أن نعمه عليَّ كثيرة؛ لأنها عادة تُؤدّي باليد، فقال: لا تجعل يدك التي بها العطاء (مَغْلُولَة) أي: مربوطة إلى عنقك، وحين تُقيّد اليد إلى العنق لا تستطيع الإنفاق، فهي هنا كناية عن البُخْل والإمساك.

وفي المقابل: (وَلاَ تَبْسُطْهَا كُلَّ ٱلْبَسْطِ) (الإسراء: 29).

فالنهي هنا عن كل البَسْط، إذن: فيُباح بعض البسْط، وهو الإنفاق في حدود الحاجة والضرورة.

وبَسْط اليد كناية عن البَذْل والعطاء، وهكذا يلتقي هذا المعنى بمعنى كل من بذَر ومعنى بذَّر الذي سبق الحديث عنه.

فبذّر: أخذ حفنة من الحبِّ، وبَسَط بها يده مرة واحدة، فأحدثتْ كومةً من النبات الذي يأكل بعضه بعضاً، وهذا هو التبذير المنهيّ عنه، أما الآخر صاحب الخبرة في عملية البذْر فيأخذ حفنة الحبِّ، ويقبض عليها بعض الشيء بالقدر الذي يسمح بتفلّت حبات التقاوي واحدة بعد الأخرى، وعلى مسافات متقاربة ومتساوية أي (بَذَرَ).

وهذا هو حدّ الاعتدال المرغوب فيه من الشرع الحكيم، وهو الوسط، وكلا طرفيه مذموم.

وقد أتى هذا المعنى أيضاً في قول الحق سبحانه وتعالى: (وَٱلَّذِينَ إِذَآ أَنفَقُواْ لَمْ يُسْرِفُواْ وَلَمْ يَقْتُرُواْ وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَاماً) (الفرقان: 67).

أي: اعتدال وتوسُّط.

إذن: لا تبسط يدك كل البَسْط فتنفق كل ما لديْك، ولكن بعض البَسْط الذي يُبقِى لك سيئاً تدخره، وتتمكن من خلاله أنْ ترتقيَ بحياتك.

وقد سبق أنْ أوضحنا الحكمة من هذا الاعتدال في الإنفاق، وقلنا: إن الإنفاق المتوازن يُثري حركة الحياة، ويُسهِم في إنمائها ورُقيّها، على خلاف القَبْض والإمساك، فإنه يُعرقِل حركة الحياة، وينتج عنه عطالة وبطالة وركود في الأسواق وكساد يفسد الحياة، ويعرق حركتها.

إذن: لابُدَّ من الإنفاق لكي تساهم في سَيْر عجلة الحياة، ولا بُد أن يكون الإنفاق معتدلاً حتى تُبقِي على شيء من دَخْلك، تستطيع أن ترتقي به، وترفع من مستواك المادي في دنيا الناس.

فالمبذر والمسْرف تجده في مكانه، لا يتقدم في الحياة خطوة واحدة، كيف وهو لا يُبقِي على شيء؟

وبهذا التوجيه الإلهي الحكيم نضمن سلامة الحركة في الحياة، ونُوفِّر الارتقاء الاجتماعي والارتقاء الفردي.

ثم تأتي النتيجة الطبيعية للإسراف والتبذير: (فَتَقْعُدَ مَلُوماً مَّحْسُوراً) (الإسراء: 29).

وسبق أنْ أوضحنا أن وَضْع القعود يدلّ على عدم القدرة على القيام ومواجهة الحياة، وهو وَضْع يناسب مَنْ أسرف حتى لم يَعُدْ لديه شيء.

وكلمة (فَتَقْعُدَ) تفيد انتقاص حركة الحياة؛ لأن حركة الحياة تنشأ من القيام عليها والحركة فيها؛ لذلك قال تعالى: (لاَّ يَسْتَوِي ٱلْقَاعِدُونَ مِنَ ٱلْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُوْلِي ٱلضَّرَرِ وَٱلْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ..) (النساء: 95).

(مَلُوماً) أي: أتى بفعل يُلاَم عليه، ويُؤنَّب من أجله، وأول مَنْ يلوم المسرفَ أولادهُ وأهلُه، وكذلك الممسِك البخيل، فكلاهما مَلُوم لتصرُّفه غير المتزن.

(مَّحْسُوراً) أي: نادماً على ما صِرْتَ فيه من العدم والفاقة، أو من قولهم: بعير محسور.

أي: لا يستطيع القيام بحمله.

وهكذا المسرف لا يستطيع الارتقاء بحياته، أو القيام بأعبائها وطموحاتها المستقبل له ولأولاده من بعده.

فإنْ قبضتَ كل القَبْض فأنت مَلُوم، وإنْ بسطتَ كُلَّ البسْط فتقعد محسوراً عن طموحات الحياة التي لا تَقْوى عليها.

إذن: فكلا الطرفين مذموم، ويترتب عليه سوء لا تُحمد عُقْباه في حياة الفرد والمجتمع.

إذن: فما القصد؟

القصد أن يسير الإنسان قواماً بين الإسراف والتقتير، كما قال تعالى: (وَٱلَّذِينَ إِذَآ أَنفَقُواْ لَمْ يُسْرِفُواْ وَلَمْ يَقْتُرُواْ وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَاماً) (الفرقان: 67).

فالقرآن يضع لنا دستوراً حاسماً وَسَطاً ينظّم الحركة الاقتصادية في حياة المجتمع، فابْسُط يدك بالإنفاق لكي تساهم في سَيْر عجلة الحياة وتنشيط البيع والشراء، لكن ليس كل البسط، بل تُبقِي من دخلك على شيء لتحقق طموحاتك في الحياة، وكذلك لا تمسك وتُقتّر على نفسك وأولادك فيلومونك ويكرهون البقاء معك، وتكون عضواً خاملاً في مجتمعك، لا تتفاعل معه، ولا تُسهم في إثراء حركته.

والحق سبحانه وتعالى وهو صاحب الخزائن التي لا تنفذ، وهو القائل: (مَا عِندَكُمْ يَنفَدُ وَمَا عِندَ ٱللَّهِ بَاقٍ..) (النحل: 96).

ولو أعطى سبحانه جميع خَلْقه كُلّ ما يريدون ما نقص ذلك من مُلْكه سبحانه، كما قال في الحديث القدسي: "يا عبادي، لو أن أولكم وآخركم، وحيّكم وميتكم، وشاهدكم وغائبكم، وإنسكم وجنكم، اجتمعوا في صعيد واحد، فسألني كُلٌّ مسألته فأعطيتها له ما نقص ذلك مما عندي إلا كمغرز إبرة أحدكم إذا غمسه في البحر، ذلك أَنِّي جَوَاد واجد ماجد، عطائي كلام وعذابي كلام، إنما أمري لشيء إذا أردته أن أقول له كن فيكون“.       

ثم يقول الحق سبحانه: (إِنَّ رَبَّكَ يَبْسُطُ ٱلرِّزْقَ لِمَن يَشَآءُ وَيَقْدِرُ...).



سورة الإسراء الآيات من 026-030 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 48337
العمر : 71

سورة الإسراء الآيات من 026-030 Empty
مُساهمةموضوع: رد: سورة الإسراء الآيات من 026-030   سورة الإسراء الآيات من 026-030 Emptyالجمعة 24 يناير 2020, 11:29 pm

إِنَّ رَبَّكَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَقْدِرُ إِنَّهُ كَانَ بِعِبَادِهِ خَبِيرًا بَصِيرًا (٣٠)
تفسير الأية: خواطر محمد متولي الشعراوي (ت 1418 هـ)

الله الذي لا تنفد خزائنه يعطي خلْقه بقدَرٍ، فلا يبسط لهم الرزق كل البَسْط، ولا يقبضه عنهم كُلَّ القَبْض، بل يبسط على قوم، ويقبض على آخرين لتسير حركة الحياة؛ لأنه سبحانه لو بسط الرزق ووسَّعه على جميع الناس لاستغنى الناس عن الناس، وحدثت بينهم مقاطعة تُفسد عليهم حياتهم.

إنما حركة الحياة تتطلب أنْ يحتاج صاحب المال إلى عمل، وصاحب العمل إلى مال، فتلتقي حاجات الناس بعضهم لبعض، وبذلك يتكامل الناس، ويشعر كل عضو في المجتمع بأهميته ودوره في الحياة.

وسبق أن ذكرنا أن الحق سبحانه لم يجعل إنساناً مَجْمعاً للمواهب، بل المواهب مُوزَّعة بين الخَلْق جميعهم، فأنت صاحب موهبة في مجال، وأنا صاحب موهبة في مجال آخر وهكذا، ليظل الناس يحتاج بعضهم لبعض.

فالغني صاحب المال الذي ربماتعالى بماله وتكبَّر به على الناس يُحوِجه الله لأقل المهن التي يستنكف أن يصنعها، ولابُدّ له منها لكي يزاول حركة الحياة.

والحق سبحانه لا يريد في حركة الحياة أن يتفضّل الناس على الناس، بل لابُدَّ أن ترتبط مصالح الناس عند الناس بحاجة بعضهم لبعض.

فإذا كان الحق تبارك وتعالى لا يبسط لعباده كل البَسْط، ولا يقبض عنهم كل القَبْض، بل يقبض ويبسط، فوراء ذلك حكمة لله تعالى بالغة؛ لذلك ارتضى هذا الاعتدال منهجاً لعباده ينظم حياتهم، وعلى العبد أن يرضى بما قُسِم له في الحالتين، وأن يسير في حركة حياته سَيْراً يناسب ما قدَّره الله له من الرزق.

يقول تعالى: (وَمَن قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنفِقْ مِمَّآ آتَاهُ ٱللَّهُ..) (الطلاق: 7).

أي: مَنْ ضُيّق عليه الرزق فلينفق على قَدْره، ولا يتطلع إلى ما هو فوق قدرته وإمكاناته، وهذه نظرية اقتصادية تضمن للإنسان الراحة في الدنيا، وتوفر له سلامة العيش.

ورحم الله امرءاً عرف قَدْر نفسه؛ لأن الذي يُتْعِب الناس في الحياة ويُشقيهم أن ترى الفقير الذي ضُيِّق عليه في الرزق يريد أنْ يعيشَ عيشة الموسَّع عليه رزقه، ويتطلّع إلى ما فضّل الله به غيره عليه.

فلو تصورنا مثلاً زميلين في عمل واحد يتقاضيان نفس الراتب: الأول: غنيٌّ وفي سَعَةٍ من العيش قد يأخذ من أبيه فوق راتبه.

والآخر: فقير ربما يساعد أباه في نفقات الأسرة.

فإذا دخلا محلاً لشراء شيء ما، فعلى الفقير ألاَّ ينظر إلى وَضْعه الوظيفي، بل إلى وَضْعه ومستواه المادي، فيشتري بما يتناسب معه، ولا يطمع أن يكون مثل زميله؛ لأن لكل منهما قدرةً وإمكانية يجب ألاَّ يخرج عنها.

هذه هي النظرة الاقتصادية الدقيقة، والتصرُّف الإيماني المتزن؛ لذلك فالذي يحترم قضاء الله ويَرْضَى بما قَسَمه له ويعيش في نطاقه غير متمرد عليه، يقول له الحق سبحانه: لقد رضيت بقدري فيك فسوف أرفعك إلى قدري عندك، ثم يعطيه ويُوسِّع عليه بعد الضيق.

وهذا مُشَاهَد لنا في الحياة، والأمثلة عليه واضحة، فكم من أُناس كانوا في فقر وضيق عيش، فلما رَضُوا بما قَسَمه الله ارتقتْ حياتهم وتبدّل حالهم إلى سَعَة وتَرَف.

فالحق سبحانه يبسط الرزق لمَنْ يشاء ويقدر؛ لأنه سبحانه يريد أن يضع الإنسانُ نفسه دائماً في مقام الخلافة في الأرض، ولا ينسى هذه الحقيقة، فيظن أنه أصيل فيها.

والخيبة كل الخيبة أن ينسى الإنسان أنه خليفة لله في الأرض، ويسير في حركة الحياة على أنه أصيل في الكون، فأنت فقط خليفة لمن استخلفك، مَمْدود مِمَّنْ أمدّك، فإياك أنْ تغتر، وإياك أنْ تعيش في مستوى فوق المستوى الذي قدّره الله لك.

فإن اعتبرتَ نفسك أصيلاً ضَلَّ الكون كله؛ لأن الله تعالى جعل الدنيا أغياراً وجعلها دُوَلاً، فالذي وُسِّع عليه اليوم قد يُضيَّق عليه غداً، والذي ضُيِّق عليه اليوم قد يُوسَّع عليه غداً.وهذه سُنة من سُنَن الله في خَلْقه لِيَدكّ في الإنسان غرور الاستغناء عن الله.

فلو متَّع اللهُ الإنسانَ بالغنى دائماً لما استمتع الكون بلذة: يا رب ارزقني، ولو متَّعة بالصحة دائماً لما استمتع الكون بلذة: يا رب اشفني.

لذلك يظل الإنسان موصولاً بالمنعِم سبحانه محتاجاً إليه داعياً إياه.

وقد قال تعالى: (كَلاَّ إِنَّ ٱلإِنسَانَ لَيَطْغَىٰ * أَن رَّآهُ ٱسْتَغْنَىٰ) (العلق: 6-7).

فالحاجة هي التي تربط الإنسان بربه، وتُوصله به سبحانه فالبَسْط والتضييق من الله تعالى له حكمة، فلا يبسط لهم الرزق كل البسط، فيعطيهم كُلَّ ما يريدون، ولا يقبض عنهم كل القبض فيحرمهم ويُريهم ما يكرهون، بل يعطي بحساب وبقدر؛ لتستقيم حركة الحياة، كما قال تعالى في آية أخرى: (وَلَوْ بَسَطَ ٱللَّهُ ٱلرِّزْقَ لِعِبَادِهِ لَبَغَوْاْ فِي ٱلأَرْضِ وَلَـٰكِن يُنَزِّلُ بِقَدَرٍ مَّا يَشَآءُ..) (الشورى: 27).

وقوله تعالى: (إِنَّهُ كَانَ بِعِبَادِهِ خَبِيراً بَصِيراً) (الإسراء: 30).

لأن الحق سبحانه لو لم يُوزّع الرزق هذا التوزيع الحكيم لاختلَّ ميزان العالم، فَمنْ بُسِط له يستغني عن غيره فيما بُسِط له فيه، ومَنْ ضُيّق عليه يتمرد على الكون ويحقد على الناس، ويحسدهم ويعاديهم.

إنما إذا علم الجميع أن هذا بقدر الله وحكمته فسوف يظل الكون المخلوق موصولاً بالمُكوِّن الخالق سبحانه وفي قوله: (إِنَّ رَبَّكَ) (الإسراء: 30).

ملمح لطيف: أي ربك يا محمد وأنت أكرم الخلق عليه، ومع ذلك بَسَط لك حتى صِرْت تعطي عطاء مَنْ لا يخشى الفقر، وقبض عنك حتى تربط الحجر على بطنك من الجوع.

فإن كانت هذه حاله -صلى الله عليه وسلم- فلا يستنكف أحد منا إنْ ضيّق الله عليه الرزق، ومَنْ منّا ربط الحجر على بطنه من الجوع؟!

وبعد أنْ حدَّثنا الحق سبحانه عن فرع من فروع الحياة وهو المال، ورسم لنا المنهج الذي تستقيم الحياة به ويسير الإنسان به سَيْراً يُحقّق له العيش الكريم والحياة السعيدة، ويضمن له الارتقاءات والطموحات التي يتطلع إليها.

أراد سبحانه أن يُحدّثنا عن الحياة في أصلها، فأمر باستبقاء النسل، ونهى عن قتله فقال تعالى: (وَلاَ تَقْتُلُوۤاْ أَوْلادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلاقٍ...).



سورة الإسراء الآيات من 026-030 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
 
سورة الإسراء الآيات من 026-030
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» سورة الإسراء الآيات من 051-055
» سورة الإسراء الآيات من 101-105
» سورة الإسراء الآيات من 056-060
» سورة الإسراء الآيات من 061-065
» سورة الإسراء الآيات من 001-005

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات إنما المؤمنون إخوة (2024 - 2010) The Believers Are Brothers :: (العربي) :: الـقــــــــــــــرآن الـكـــــــــــــــريـم :: مجمـــوعــة تفاســـــير :: خواطر الشعراوي :: الإسراء-
انتقل الى: