منتديات إنما المؤمنون إخوة (2024 - 2010) The Believers Are Brothers

(إسلامي.. ثقافي.. اجتماعي.. إعلامي.. علمي.. تاريخي.. دعوي.. تربوي.. طبي.. رياضي.. أدبي..)
 
الرئيسيةالأحداثأحدث الصورالتسجيل
(وما من كاتب إلا سيبلى ** ويبقى الدهر ما كتبت يداه) (فلا تكتب بكفك غير شيء ** يسرك في القيامة أن تراه)

IZHAR UL-HAQ

(Truth Revealed) By: Rahmatullah Kairanvi
قال الفيلسوف توماس كارليل في كتابه الأبطال عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "لقد أصبح من أكبر العار على أي فرد مُتمدين من أبناء هذا العصر؛ أن يُصْغِي إلى ما يظن من أنَّ دِينَ الإسلام كَذِبٌ، وأنَّ مُحَمَّداً -صلى الله عليه وسلم- خَدَّاعٌ مُزُوِّرٌ، وآنَ لنا أنْ نُحارب ما يُشَاعُ من مثل هذه الأقوال السَّخيفة المُخْجِلَةِ؛ فإنَّ الرِّسَالة التي أدَّاهَا ذلك الرَّسُولُ ما زالت السِّراج المُنير مُدَّةَ اثني عشر قرناً، لنحو مائتي مليون من الناس أمثالنا، خلقهم اللهُ الذي خلقنا، (وقت كتابة الفيلسوف توماس كارليل لهذا الكتاب)، إقرأ بقية كتاب الفيلسوف توماس كارليل عن سيدنا محمد -صلى الله عليه وسلم-، على هذا الرابط: محمد بن عبد الله -صلى الله عليه وسلم-.

يقول المستشرق الإسباني جان ليك في كتاب (العرب): "لا يمكن أن توصف حياة محمد بأحسن مما وصفها الله بقوله: (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِين) فكان محمدٌ رحمة حقيقية، وإني أصلي عليه بلهفة وشوق".
فَضَّلَ اللهُ مِصْرَ على سائر البُلدان، كما فَضَّلَ بعض الناس على بعض والأيام والليالي بعضها على بعض، والفضلُ على ضربين: في دِينٍ أو دُنْيَا، أو فيهما جميعاً، وقد فَضَّلَ اللهُ مِصْرَ وشَهِدَ لها في كتابهِ بالكَرَمِ وعِظَم المَنزلة وذَكَرَهَا باسمها وخَصَّهَا دُونَ غيرها، وكَرَّرَ ذِكْرَهَا، وأبَانَ فضلها في آياتٍ تُتْلَى من القرآن العظيم.
المهندس حسن فتحي فيلسوف العمارة ومهندس الفقراء: هو معماري مصري بارز، من مواليد مدينة الأسكندرية، وتخرَّجَ من المُهندس خانة بجامعة فؤاد الأول، اشْتُهِرَ بطرازهِ المعماري الفريد الذي استمَدَّ مَصَادِرَهُ مِنَ العِمَارَةِ الريفية النوبية المَبنية بالطوب اللبن، ومن البيوت والقصور بالقاهرة القديمة في العصرين المملوكي والعُثماني.
رُبَّ ضَارَّةٍ نَافِعَةٍ.. فوائدُ فيروس كورونا غير المتوقعة للبشرية أنَّه لم يكن يَخطرُ على بال أحَدِنَا منذ أن ظهر وباء فيروس كورونا المُستجد، أنْ يكونَ لهذه الجائحة فوائدُ وإيجابيات ملموسة أفادَت كوكب الأرض.. فكيف حدث ذلك؟!...
تخليص الإبريز في تلخيص باريز: هو الكتاب الذي ألّفَهُ الشيخ "رفاعة رافع الطهطاوي" رائد التنوير في العصر الحديث كما يُلَقَّب، ويُمَثِّلُ هذا الكتاب علامة بارزة من علامات التاريخ الثقافي المصري والعربي الحديث.
الشيخ علي الجرجاوي (رحمه الله) قَامَ برحلةٍ إلى اليابان العام 1906م لحُضُورِ مؤتمر الأديان بطوكيو، الذي دعا إليه الإمبراطور الياباني عُلَمَاءَ الأديان لعرض عقائد دينهم على الشعب الياباني، وقد أنفق على رحلته الشَّاقَّةِ من مَالِهِ الخاص، وكان رُكُوبُ البحر وسيلته؛ مِمَّا أتَاحَ لَهُ مُشَاهَدَةَ العَدِيدِ مِنَ المُدُنِ السَّاحِلِيَّةِ في أنحاء العالم، ويُعَدُّ أوَّلَ دَاعِيَةٍ للإسلام في بلاد اليابان في العصر الحديث.

أحْـلامٌ مِـنْ أبِـي (باراك أوباما) ***

 

 سورة النحل الآيات من 061-065

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 52644
العمر : 72

سورة النحل الآيات من 061-065 Empty
مُساهمةموضوع: سورة النحل الآيات من 061-065   سورة النحل الآيات من 061-065 Emptyالثلاثاء 07 يناير 2020, 2:13 am

وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِظُلْمِهِمْ مَا تَرَكَ عَلَيْهَا مِنْ دَابَّةٍ وَلَٰكِنْ يُؤَخِّرُهُمْ إِلَىٰ أَجَلٍ مُسَمًّى فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ لَا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلَا يَسْتَقْدِمُونَ (٦١)
تفسير الأية: خواطر محمد متولي الشعراوي (ت 1418 هـ)

قول الحق تبارك وتعالى: (وَلَوْ يُؤَاخِذُ ٱللَّهُ ٱلنَّاسَ) (النحل: 61).

عندنا هنا: الأخْذ والمؤاخذة.

الأخْذ: هو تحصيل الشيء واحتواؤه، ويدل هذا على أن الآخذ له قدرةٌ على المستمسك بنفسه أو بغيره، فمثلاً تستطيع حَمْل حصاة، لكن لا تستطيع حمل حجر كبير، وقد يكون شيئاً بسيطاً إلا أنه مربوط بغيره ومستمسك به فيُؤخَذ منه قوة.

فمعنى الأخذ: أن تحتوي الشيء، واحتواؤك له معناه أنك أقوى من تماسكه في ذاته، أو استمساك غيره به، وقد يكون الأَخْذ بلا ذنب.

أما المؤاخذة فتعني: هو أخذَ منك فأنت تأخذُ منه.

ومنه قَوْل أحدنا لأخيه "لا مؤاخذة" في موقف من المواقف.

والمعنى: أنني فعلتُ شيئاً أستحق عليه الجزاء والمؤاخذة، فأقول: لا تؤاخذني.

لم أقصد.

لذلك؛ فالحق تبارك وتعالى يقول هنا: (وَلَوْ يُؤَاخِذُ ٱللَّهُ ٱلنَّاسَ) (النحل: 61).

ولم يَقُلْ: يأخذ الناس.

وفي آية أخرى قال تعالى: (وَكَذٰلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ ٱلْقُرَىٰ وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ) (هود: 102).

لماذا أخذها الله؟

أخذها لأنها أخذتْ منه حقوقه في أن يكون إلهاً واحداً فأنكرتها، وحقوقه في تشريع الصالح فأنكرنها.

ويُبيِّن الحق سبحانه أن هذه المؤاخذة لو حدثت ستكون بسبب من الناس أنفسهم، فيقول سبحانه: (بِظُلْمِهِمْ) (النحل: 61).

أول الظلم أنهم أنكروا الوحدانية، يقول تعالى: (إِنَّ ٱلشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ) (لقمان: 13).

فكأنهم أخذوا من الله تعالى حقّه في الوحدانية، وأخذوا من الرسول -صلى الله عليه وسلم-، فقالوا كذاب، وأخذوا من الكتاب فقالوا "سحر مبين".

كل هذا ظلم.

فالحق تبارك وتعالى لو آخذهم بما أخذوا، أخذوا شيئاً فأخذ الله شيئاً، لو عاملهم هذه المعاملة ما ترك على ظهرها من دابة.

لذلك نجد في آيات الدعاء: (رَبَّنَا لاَ تُؤَاخِذْنَا إِن نَّسِينَآ أَوْ أَخْطَأْنَا) (البقرة: 286).

أي: أننا أخذنا منك يا ربّ الكثير بما حدث مِنّا من إسراف وتقصير وعمل على غير مقتضى أمرك، فلا تؤاخذنا بما بدر منا.

فلو آخذ الله الناس بما اقترفوا من ظلم.

(مَّا تَرَكَ عَلَيْهَا مِن دَآبَّةٍ) (النحل: 61).

قد يقول قائل: الله عز وجل سَيُؤاخذ الناس بظلمهم، فما ذنب الدابة؟

ماذا فعلت؟

نقول: لأن الدابة خُلِقَتْ من أجلهم، وسُخِّرتْ لهم، وهي من نعم الله عليهم، فليست المسألة إذن نكايةً في الدابة، بل فيمَنْ ينتفع بها، وقد يُراد العموم لكل الخلق.

فإذا لم يؤاخذ الله الناس بظلمهم في الدنيا فهل يتركهم هكذا؟

لا بل: (وَلٰكِن يُؤَخِّرُهُمْ إلَىٰ أَجَلٍ مُّسَمًّىٰ) (النحل: 61).

هذا الأجل انقضاء دُنيا، وقيام آخرة، حتى لو لم يؤمنوا بالآخرة، فإن الله تعالى يُمهلهم في الدنيا، كما قال تعالى في آية أخرى: (وَإِنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُواْ عَذَاباً دُونَ ذَلِكَ) (الطور: 47).

وقد يكون في هذا الأجل المسمى خير للحق، فكثير من الصحابة كانوا يدخلون المعارك، ويُحبون أنْ يقتلوا أهل الكفر فلاناً وفلاناً، ثم لا يتمكنون من ذلك ولا يصيبونهم، فيحزنون لذلك.

ولكن أَجَل هؤلاء لم يَأْتِ بَعْد، وفي علم الله تعالى أن هؤلاء الكفار سيؤمنون، وأن إيمانهم سينفع المسلمين، وكأن القدر يدّخرهم: إما أنْ يؤمنوا، وإما أن تؤمنَ ذرياتهم.

وقد آمن عمرو بن العاص، وعكرمة بن أبي جهل وغيرهم.

ومن هؤلاء الذين نَجَوْا كان خالد بن الوليد سيف الله المسلول.

(فَإِذَا جَآءَ أَجَلُهُمْ لاَ يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلاَ يَسْتَقْدِمُونَ) (النحل: 61).

أي: إذا جاءت النهاية فلا تُؤخَّر، وهذا شيء معقول، ولكن كيف: ولا يستقدمون؟

إذا جاء الأجل كيف لا يستقدِمون؟

المسألة -إذن- ممتنعة مستحيلة.

كيف إذا جاء الأجل يكون قد أتى قبل ذلك؟..

هذا لا يستقيم، لكن يستقيم المعنى تماماً على أن: (وَلاَ يَسْتَقْدِمُونَ) (النحل: 61).

ليست من جواب إذا، بل تم الجواب عند (ساعة) ، فيكون المعنى: إذا جاء أجلهم لا يستأخرون ساعة، وإذا لم يجيء لا يستقدمون. والله أعلم.

ثم يقول الحق سبحانه: (وَيَجْعَلُونَ لِلَّهِ...).



سورة النحل الآيات من 061-065 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 52644
العمر : 72

سورة النحل الآيات من 061-065 Empty
مُساهمةموضوع: رد: سورة النحل الآيات من 061-065   سورة النحل الآيات من 061-065 Emptyالثلاثاء 07 يناير 2020, 2:13 am

وَيَجْعَلُونَ لِلَّهِ مَا يَكْرَهُونَ وَتَصِفُ أَلْسِنَتُهُمُ الْكَذِبَ أَنَّ لَهُمُ الْحُسْنَىٰ لَا جَرَمَ أَنَّ لَهُمُ النَّارَ وَأَنَّهُمْ مُفْرَطُونَ (٦٢)
تفسير الأية: خواطر محمد متولي الشعراوي (ت 1418 هـ)

قوله تعالى: (وَيَجْعَلُونَ لِلَّهِ مَا يَكْرَهُونَ) (النحل: 62).

الأليق أن الذي يُخرج لله يجب أن يكون من أطيب ما أعطاه الله، فإذا أردت أن تتصدقَ تصدَّقْ بأحسن ما عندك، أو على الأقل من أوسط ما عندك.

لكن أنْ تتصدَّق بأخسِّ الأشياء وأرذلها.

أن تتصدق مما تكرهه، كالذي يتصدق بخبز غير جيد أو لحم تغيَّر، أو ملابس مُهَلْهَلة، فهذا يجعل لله ما يكره.

والحقيقة أن الناس إذا وثِقوا بجزاء الله على ما يعطيه العبد لأَعطَوْا ربهم أفضل ما يُحبون.

لماذا؟

لأن ذلك دليلٌ على حبّك للآخرة، وأنك من أهلها، فأنت تعمرها بما تحب، أما صاحب الدنيا المحبّ لها فيعطي أقل ما عنده؛ لأن الدنيا في نظره أهمّ من الآخرة.

وبهذا يستطيع الإنسان أنْ يقيسَ نفسه: أهو من أهل الآخرة، أم من أهل الدنيا بما يعطي لله عز وجل؟

قوله تعالى: (وَيَجْعَلُونَ لِلَّهِ مَا يَكْرَهُونَ) (النحل: 62).

أي: مما ذكر في الآيات السابقة من قولهم: (لِلَّهِ ٱلْبَنَاتِ) (النحل: 57).

وأن الملائكة بنات الله، وجعلوا بينه وبين الجنَّة نسباً، إلى غير ذلك من أقوالهم، وجعلوا لله البنات وهم يكرهون البنات؛ لذلك: (وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِٱلأُنْثَىٰ ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدّاً وَهُوَ كَظِيمٌ) (النحل: 58).

والمسألة هنا ليستْ مسألة جَعْل البنات لله، بل مُطْلق الجَعْل منهم مردود عليهم، فلو جعلوا لله ما يحبون من الذكْران ما تُقبّل منهم أيضاً؛ لأنهم جعلوا لله ما لم يجعل لنفسه.

فالذين قالوا: عزير ابن الله.

والذين قالوا: المسيح ابن الله.

لا يُقبَل منهم؛ لأنهم جعلوا لله سبحانه ما لم يجعلْه لنفسه، فهذا مرفوض، وذلك مرفوض؛ لأننا لا نجعل لله إلا ما جعله الله لنفسه سبحانه فنحن نجعل لله ما نحب مما أباح الله، كما جاء في قوله تعالى: (لَن تَنَالُواْ ٱلْبِرَّ حَتَّىٰ تُنْفِقُواْ مِمَّا تُحِبُّونَ) (آل عمران: 92).

وقوله: (وَيُطْعِمُونَ ٱلطَّعَامَ عَلَىٰ حُبِّهِ) (الإنسان: 8).

ولذلك قال الحق سبحانه لرسوله -صلى الله عليه وسلم-: (قُلْ إِن كَانَ لِلرَّحْمَـٰنِ وَلَدٌ فَأَنَاْ أَوَّلُ ٱلْعَابِدِينَ) (الزخرف: 81).

فلو كان له ولد لآمنتُ بذلك، لكن الحقيقة أنه ليس له ولد.

إذن: ليست المسألة في جَعْل ما يكرهون لله بل في مُطْلَق الجعلْ، ذلك لأننا عبيد نتقرّب إلى الله بالعبادة، والعابد يتقرّب إلى المعبود بما يحب المعبود أن يتقرّب به إليه، فلو جعل الله لنفسه شيئاً فهو على العين والرأس، كما في أمره أن ننفق مما نُحب، ومن أجود ما نملك.

ولذلك قوله تعالى: (لَن تَنَالُواْ ٱلْبِرَّ حَتَّىٰ تُنْفِقُواْ مِمَّا تُحِبُّونَ) (آل عمران: 92).

رَاعِ حق الفقير وضرورة أنْ تجعله كنفسك، لا يكُنْ هيِّناً عليك فتعطيه أردأ ما عندك.

والحق تبارك وتعالى لما أراد أن نتقرّب إليه بالنّسُك وذَبْح الهَدْي والأضاحي قال: (فَكُلُواْ مِنْهَا وَأَطْعِمُواْ ٱلْبَآئِسَ ٱلْفَقِيرَ) (الحج: 28).

لأنك إذا علمتَ أنك ستأكل منها سوف تختار أجود ما عندك.

وقوله تعالى: (وَتَصِفُ أَلْسِنَتُهُمُ ٱلْكَذِبَ) (النحل: 62).

الكذب: قضية ينطق بها اللسان ليس لها واقع في الوجود، أي مخالفة للواقع المشهود به من القلب.

ولماذا يشهد عليه القلب؟

قالوا: لأنه قد يطابق الكلام الواقع، ونحكم عليه مع ذلك بالكذب، كما جاء في قوله تعالى: (إِذَا جَآءَكَ ٱلْمُنَافِقُونَ قَالُواْ نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ ٱللَّهِ وَٱللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَٱللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ ٱلْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ) (المنافقون: 1).

بالله، أهذه القضية صِدْق أم لا؟

إنها قضية صادقة.

أنت رسول الله وقد وافق كلامهم ما يعلمه الله.

فلماذا شهد عليهم الحق تبارك وتعالى أنهم (كاذبون) ؟

وفي أيِّ شيء هم كاذبون؟

قالوا: الحقيقة أنهم صادقون في قولهم: إنك لرسول الله، ولكنهم كذبوا في شهادتهم: (نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ ٱللَّهِ) (المنافقون: 1).

لأنهم لا يشهدون فعلاً؛ لأن الشهادة تحتاج أنْ يُواطئَ القلبُ اللسانَ ويسانده، وهذه الشهادة منهم من اللسان فقط لا يساندها القلب.

الإنسان عُرْضة لأنْ يقول الصدق مرة والكذب مرة، لكن هؤلاء بمجرد أن يقولوا (نشهد) فهم كاذبون، وهذا معنى: (وَتَصِفُ أَلْسِنَتُهُمُ ٱلْكَذِبَ) (النحل: 62).

لأنهم حينما يقولون مثلاً: العزير ابن الله، المسيح ابن الله، الملائكة بنات الله.

هذه كلها قضايا باطلة ليس لها واقع يوافق منطوق اللسان.

فألسنتهم تصف الكذب.

وإنْ أردتَ أن تعرف الكذب الذي لا يطابق الواقع فاستمع إليه فبمجرد أنْ يُقال تعلم أنه كذب.

مثل ما حدث مع مُسيْلمة الذي ادَّعى النبوة، مجرد أنْ قال: أنا نبي قلنا: مسيلمة الكذاب.

ويقول الحق سبحانه: (أَنَّ لَهُمُ ٱلْحُسْنَىٰ) (النحل: 62).

أي: أن الكذب في قولهم (لهم الحسنى) فهذا اغترار وتمنٍّ على الله دون حق، ومثل هذه المقولة في سورة الكهف، في قصةِ أصحاب الجنتين، يقول تعالى: (وَدَخَلَ جَنَّتَهُ وَهُوَ ظَالِمٌ لِّنَفْسِهِ قَالَ مَآ أَظُنُّ أَن تَبِيدَ هَـٰذِهِ أَبَداً * وَمَآ أَظُنُّ ٱلسَّاعَةَ قَائِمَةً وَلَئِن رُّدِدتُّ إِلَىٰ رَبِّي لأَجِدَنَّ خَيْراً مِّنْهَا مُنْقَلَباً) (الكهف: 35-36).

فهذه مقولات ثلاث كاذبة: قوله: (مَآ أَظُنُّ أَن تَبِيدَ هَـٰذِهِ أَبَداً) (الكهف: 35).

هذه الأولى، فكم من أشياء تغيَّرت، ومَنْ يضمن لك بقاء ما أنت فيه، والحق تبارك وتعالى يقول في آية أخرى: (إِنَّا بَلَوْنَاهُمْ كَمَا بَلَوْنَآ أَصْحَابَ ٱلْجَنَّةِ إِذْ أَقْسَمُواْ لَيَصْرِمُنَّهَا مُصْبِحِينَ * وَلاَ يَسْتَثْنُونَ * فَطَافَ عَلَيْهَا طَآئِفٌ مِّن رَّبِّكَ وَهُمْ نَآئِمُونَ * فَأَصْبَحَتْ كَٱلصَّرِيمِ) (القلم: 17-20).

الكذبة الثانية: (وَمَآ أَظُنُّ ٱلسَّاعَةَ قَائِمَةً) (الكهف: 36).

فقد أنكر الساعة.

الكذبة الثالثة: (وَلَئِن رُّدِدتُّ إِلَىٰ رَبِّي لأَجِدَنَّ خَيْراً مِّنْهَا مُنْقَلَباً) (الكهف: 36).

وهذا هو الشاهد في الآية هنا، ففيها اغترار وتمنٍّ على الله دون حقٍّ، كمن ادعوْا أن لهم الحسنى، وهم ليسوا أهلاً لها.

وفي موضع آخر تأتي نفس المقولة: (لاَّ يَسْأَمُ ٱلإِنْسَانُ مِن دُعَآءِ ٱلْخَيْرِ وَإِن مَّسَّهُ ٱلشَّرُّ فَيَئُوسٌ قَنُوطٌ * وَلَئِنْ أَذَقْنَاهُ رَحْمَةً مِّنَّا مِن بَعْدِ ضَرَّآءَ مَسَّتْهُ لَيَقُولَنَّ هَـٰذَا لِي وَمَآ أَظُنُّ ٱلسَّاعَةَ قَآئِمَةً وَلَئِن رُّجِعْتُ إِلَىٰ رَبِّيۤ إِنَّ لِي عِندَهُ لَلْحُسْنَىٰ) (فصلت: 49-50).

وهكذا الإنسان في طَبْعه أنه لا يسأم من طلب الخير، وكلما وصل فيه إلى مرتبة تمنّى أعلى منها، يقنط إنْ مسَّه شر، وإنْ رفع الله عنه ورحمه قال: هذا لي.

أنا استحقه، وأنا جدير به.

ألاَ قلتَ: هذا فضل من الله ونعمة، ثم بعد ذلك هو يتمنى على الله الأماني ويقول: (إِنَّ لِي عِندَهُ لَلْحُسْنَىٰ) (فصلت: 50).

ويُروى أن سيدنا داود -عليه السلام- مع ما أعطاه الله من الملْك والعظمة أنه صعد يوماً سطح منزله، فابتلاه الله بسِرْب من الجراد الذهب، فحينما رآه داود جعل يجمع منه في ثوبه، فقال له ربه: ألم أُغْنِك يا داود؟

قال: نعم ولكن لا غِنَى لي عن فضلك.

وقوله تعالى: (لاَ جَرَمَ أَنَّ لَهُمُ ٱلْنَّارَ) (النحل: 62).

لا جرم: أي حقاً أن لهم النار على ما تقدم منهم أن جعلوا لله ما يكرهون، وتصف ألسنتهم الكذب، وهذه أفعال يستحقّون النار عليها.

وكلمة (لاَ جَرَمَ) منها جارم بمعنى مجرم، فالمعنى: لا جريمة في عقاب هؤلاء، لأنه لا يُقال على عقوبة الجريمة أنها جريمة.

إذن: لها معنيان، لابُدَّ أن لهم النار، أو لا جريمة في أن لهم النار جزاء أعمالهم.

(وَأَنَّهُمْ مُّفْرَطُونَ) (النحل: 62).

جاءت في كلمة مُفْرطون عدة قراءات: مفرَطون، مفرِطون، مفرِّطون، مفرَّطون.

وجمعيها تلتقي في المعنى.

نحن حينما نصلي على جنازة مثلاً، إذا كان الميت مكلّفاً نقول في الدعاء له: "اللهم اغفر له، اللهم ارحمه، اللهم إنْ كان مُحسناً فزِدْ في إحسانه، وإنْ كان مُسِيئاً فتجاوز عن سيئاته".

فإنْ كان صغيراً غير مُكلَّف قُلْنا في الدعاء له "اللهم اجعله فرَطاً وذخراً".

فما معنى فرَطاً هنا؟

معناه: أن يكون الطفل فَرَطاً لأبويه ومُقدّمة لهما إلى الجنة.

يمرُّ بين يديْ والديْه ويسبقهما إلى الجنة، وكأنه يقدم عليهما لِيُمهد لهما الطريق ليغفر الله لهما.

إذن: معنى مُفْرطون أي مُقدَّمون.

ولكن إلى النار.

ومنه قوله تعالى عن فرعون: (يَقْدُمُ قَوْمَهُ يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ) (هود: 98).

أي: يتقدمهم إلى النار.

كما كنتَ مُقدّماً عليهم، وإماماً لهم في الدنيا، فسوف تتقدمهم هنا وتسبقهم إلى النار.



سورة النحل الآيات من 061-065 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 52644
العمر : 72

سورة النحل الآيات من 061-065 Empty
مُساهمةموضوع: رد: سورة النحل الآيات من 061-065   سورة النحل الآيات من 061-065 Emptyالثلاثاء 07 يناير 2020, 2:14 am

تَاللَّهِ لَقَدْ أَرْسَلْنَا إِلَىٰ أُمَمٍ مِنْ قَبْلِكَ فَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَهُوَ وَلِيُّهُمُ الْيَوْمَ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (٦٣)
تفسير الأية: خواطر محمد متولي الشعراوي (ت 1418 هـ)

نعلم أن الحق سبحانه وتعالى يُقسِم بما يشاء على ما يشاء، أما نحن فلا نقسم إلا بالله، وفي الحديث الشريف: "مَنْ كان حالفاً، فليحلف بالله أو ليصمت".

والحق تبارك وتعالى هنا يحلف بذاته سبحانه (تَٱللَّهِ) ، مثل: والله وبالله.

وقد جاء القسم لتأكيد المعنى؛ ولذلك يقول أحد الصالحين: من أغضب الكريم حتى ألجأه أن يقسم؟

 وقد يؤكد الحق سبحانه القسم بذاته، أو القسم ببعض خَلْقه، وقد ينفي القسم وهو يُقسِم، كما في قوله تعالى: (لاَ أُقْسِمُ بِهَـٰذَا ٱلْبَلَدِ) (البلد: 1).

وقوله: (فَلاَ أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ ٱلنُّجُومِ * وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَّوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ) (الواقعة: 75-76).

ومعنى: لا أقسم أن هذا الأمر واضح جَليّ وضوحاً لا يحتاج إلى القسم، ولو كنت مُقسِماً لأقسمتُ به، بدليل قوله: (وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَّوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ) (الواقعة: 76).

إذن: الحق سبحانه يُقسِم بذاته ليؤكد لنا الأمر تأكيداً، وتأكيد الأمر عند الحكم في القضاء مَثلاً: إما بالإقرار، وإما باليمين.

فإذا ما أقسمت له وحلفتَ فقد سددْتَ عليه منافذ التكذيب.

والحق سبحانه يقول: (لَقَدْ أَرْسَلْنَآ إِلَىٰ أُمَمٍ مِّن قَبْلِكَ) (النحل: 63).

أي: لسْتَ بِدْعاً في أنْ تُكذَّب من قومك، فهذه طبيعة الذين يستقبلون الدعوة من الله على ألسنة الرسل؛ لأن الرسل لا يرسلهم الله إلا حينما يطمّ الفساد ويعُم.

ومعنى إرسال الرسل -إذن- أنه لا حَلَّ إلا أنْ تتدخلَ السماء؛ ذلك لأن الإنسان فيه مناعات يقينية في ذاته، وهي نفسه اللوامة التي تلومه إذا أخطأ وتُعدِّل من سلوكه، فهي رادع له من نفسه.

فإذا ما تبلَّدتْ هذه النفس، وتعوَّدتْ على الخطأ قام المجتمع من حولها بهذه المهمة، فمَنْ لا تُردِعه نفسه اللوامة يُردعه المجتمع من حوله.

فإذا ما فسدَ المجتمع أيضاً، فماذا يكون الحل؟

الحل أن تتدخل السماء لإنقاذ هؤلاء.

إذن: تتدخل السماء بإرسال الرسل حينما يعُمّ الفسادُ المجتمعَ كله؛ ولذلك فأمة محمد -صلى الله عليه وسلم- من شرفها عند ربها أنْ قال لهم: أنتم مأمونون على رعاية منهجي في ذواتكم، لوَّامون لأنفسكم، آمرون بالمعروف، ناهون عن المنكر في غيركم؛ لذلك لن أرسل فيكم رسولاً آخر، فأنتم سوف تقومون بهذه المهمة.

لذلك قال الحق سبحانه: (كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِٱلْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ ٱلْمُنْكَرِ) (آل عمران: 110).

فقد آمن أمة محمد -صلى الله عليه وسلم- على أن تكون حارسة لمنهجه، إما بالنفس اللوامة، وإما بالمجتمع الآمر بالمعروف الناهي عن المنكر، وهذا شرف عظيم لهذه الأمة.

إذن: يأتي الرسول حينما يعُمُّ الفساد.

فما معنى الفساد؟.

الفساد: أن تُوجد مصالح طائفة على حساب طائفة أخرى، فأهل الفساد والمنتفعون به إذا جاءهم رسول ليُخلِّص الناس من فسادهم، كيف يقابلونه؟

أيقابلونه بالترحاب؟

بالطبع لا.

لابُدَّ وأن يقابلوه بالكراهية والإنكار، ويعلنوا عليه الحرب دفاعاً عن مصالحهم.

ويُتبع الحق سبحانه هذا بقوله: (فَزَيَّنَ لَهُمُ ٱلشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ) (النحل: 63).

هنا يتدخل الشيطان، ويُزيّن لأهل الفساد أعمالهم، ويحثّهم على محاربة الرسل؛ فهؤلاء الذين سيقضون على نفوذكم، سوف يأخذون ما في أيديكم من مُتَع الدنيا، سوف يهزُّون مراكزكم، ويحطُّون من مكانتكم بين الناس.

هؤلاء سوف يرفعون عليكم السِّفْلة والعبيد.

وهكذا يتمسَّك أهل الفساد والظلم بظلمهم، ويعضون عليه بالنواجذ، ويقفون من الرسل موقف العداء، فوطِّنْ نفسك على هذا، فلن تُقابلَ من السادة إلا بالجحود وبالإنكار وبالمحاربة.

ثم يقول تعالى: (فَهُوَ وَلِيُّهُمُ ٱلْيَوْمَ) (النحل: 63).

أي: في الآخرة، فما دام الشيطان تولاَّهم في الدنيا، وزيَّن لهم، وأغراهم بعداء الرسل، فَلْيتولَّهم الآن، وليدافع عنهم يوم القيامة.

وقد عرض لنا القرآن الكريم هذا الموقف في قوله تعالى: (كَمَثَلِ ٱلشَّيْطَانِ إِذْ قَالَ لِلإِنسَانِ ٱكْفُرْ فَلَمَّا كَفَرَ قَالَ إِنِّي بَرِيۤءٌ مِّنكَ إِنِّيۤ أَخَافُ ٱللَّهَ رَبَّ ٱلْعَالَمِينَ) (الحشر: 16).

وفي جدالهم يوم القيامة مع الشيطان يقولون له: أنت أغويتَنا وزيَّنْتَ لنا.

ماذا يقول؟

يقول: (وَمَا كَانَ لِيَ عَلَيْكُمْ مِّن سُلْطَانٍ إِلاَّ أَن دَعَوْتُكُمْ فَٱسْتَجَبْتُمْ لِي فَلاَ تَلُومُونِي وَلُومُوۤاْ أَنفُسَكُمْ) (إبراهيم: 22).

والسلطان هنا: إمّا بالحجة التي تُقنع، وإما بالقهر والغلبة والقوة التي تفرض ما تريد، وليس للشيطان شيء من ذلك.

لا يملك حُجة يُقنعك بها لتفعل، ولا يملك قوة يُجبرك بها أنْ تفعل وأنت كاره.

وهكذا يجادلهم الشيطان ويردُّ عليهم دعواهم، فليس له عليكم سلطان، بل مجرد الإشارة أوقعتْكم في المعصية.

وفي آية أخرى يقول الحق سبحانه: (وَإِذْ زَيَّنَ لَهُمُ ٱلشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ وَقَالَ لاَ غَالِبَ لَكُمُ ٱلْيَوْمَ مِنَ ٱلنَّاسِ وَإِنِّي جَارٌ لَّكُمْ فَلَمَّا تَرَآءَتِ ٱلْفِئَتَانِ نَكَصَ عَلَىٰ عَقِبَيْهِ وَقَالَ إِنِّي بَرِيۤءٌ مِّنْكُمْ إِنَّيۤ أَرَىٰ مَا لاَ تَرَوْنَ إِنَّيۤ أَخَافُ ٱللَّهَ) (الأنفال: 48).

وقوله: (وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ) (النحل: 63).

يَصف العذاب هنا بأنه أليم شديد مُهلِك، وقد وصف الله العذاب بأنه أليم، عظيم، مُهين، شديد.

والعذاب شعور بالألم وإحساسٌ به، وقد توصَّل العلماء إلى أن الإحساس كله في الجلد؛ لذلك قال الحق سبحانه لِيُديمَ على هؤلاء العذاب: (كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُوداً غَيْرَهَا لِيَذُوقُواْ ٱلْعَذَابَ) (النساء: 56).

وهكذا يستمر العذاب باستمرار الجلود وتبديلها.

ثم يقول الحق سبحانه: (وَمَآ أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ ٱلْكِتَابَ...).



سورة النحل الآيات من 061-065 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 52644
العمر : 72

سورة النحل الآيات من 061-065 Empty
مُساهمةموضوع: رد: سورة النحل الآيات من 061-065   سورة النحل الآيات من 061-065 Emptyالثلاثاء 07 يناير 2020, 2:15 am

وَمَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ إِلَّا لِتُبَيِّنَ لَهُمُ الَّذِي اخْتَلَفُوا فِيهِ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (٦٤)
تفسير الأية: خواطر محمد متولي الشعراوي (ت 1418 هـ)

فالكتاب هو القرآن الكريم.

وقَوْل الحق سبحانه: (لِتُبَيِّنَ لَهُمُ ٱلَّذِي ٱخْتَلَفُواْ فِيهِ) (النحل: 64).

دليل على أن أتباع الرسل السابقين نشأ بينهم خلاف، فأيُّ خلاف هذا طالما أنهم تابعون لنبي واحد؟

ما سببه؟

قالوا: سبب هذا الخلاف ما يُسمُّونه بالسلطة الزمنية.

ولتوضيح معنى السلطة الزمنية نضرب مثلاً بواحد كان شيخاً لطريقة مثلاً، فلما مات تنازع الخلافة أبناؤه من بعده.

كُلٌ يريدها له، وأخذ يجمع حوله مجموعة من أتباع أبيه.

فلو كانت مسألة الخلافة هذه واضحة في أذهانهم ما حدث هذا الخلاف.

وكذلك السلطة الزمنية حدثت في أتباع الرسل الذين أخذوا يكتبون الصكوك، ويذكرون ما يحبون وما يرونه صواباً من وجهة نظرهم، كل هؤلاء كان لهم نفوذ بما نُسميه السلطة الزمنية.

فكيف -إذن- يتركون محمداً -صلى الله عليه وسلم- يأخذ منهم هذه السلطة، ويُضيع عليهم ما هم فيه من سيادة، فقد جاء الرسول -صلى الله عليه وسلم- لِيُبيّن لهم.

أي: يردّهم إلى جَادّة الحق، وإلى الطريق المستقيم.

وقوله تعالى: (وَهُدًى وَرَحْمَةً) (النحل: 64).

الهدى: معناه بيان الطريق الواضح للغاية النافعة، والطريق لا يكون واضحاً إلا إذا خَلا من الصِّعاب والعقبات، وخلا أيضاً من المخاوف، فهو طريق واضح مأمون سهل، وأيضاً يكون قصيراً يُوصّلك إلى غايتك من أقصر الطرق.

وضد الهدى: الضلال.

وهو أنْ يُضلّك، فإنْ أردتَ طريقاً وجَّهك إلى غيره، ودَلّك على سواه، أو دَلّك على طريق به مخاوف وعقبات.

أما الرحمة، فقد وصف الحق تبارك وتعالى القرآن بأنه رحمة فقال: (وَنُنَزِّلُ مِنَ ٱلْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَآءٌ وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ) (الإسراء: 82).

فكيف يكون القرآن شفاءً؟

وكيف يكون رحمة؟

الشفاء: إذا أصابنا داء ربنا سبحانه وتعالى يقول: طيّبوا داءكم وداووا أمراضكم بكذا وكذا، ورُدُّوا الحكم إلى الله.

هذا شفاء.

أما الرحمة: فهي أن يمنع أن يأتي الداء مرة أخرى، فتكون وقاية تقتلع الداء من أصله فلا يعود.

ومِثْل هذا يحدث في عالم الطب، فقد تذهب إلى طبيب لِيُعالجك من داء معين.

بثور في الجلد مثلاً، فلا يهتم إلا بما يراه ظاهراً، ويصف لك ما يداوي هذه البثور.

ثم بعد ذلك تُعاودك مرة أخرى.

أما الطبيب الحاذق الماهر فلا ينظر إلى الظاهر فقط، بل يبحث عن سببه في الباطن، ويحاول أن يقتلع أسباب المرض من جذورها، فلا تُعاودك مرة أخرى.

ولذلك، لو نظرنا إلى قصة أيوب -عليه السلام- وما ابتلاه الله به نرى فيها مثالاً رائعاً لعلاج الظاهر والباطن معاً، فقد ابتلاه ربُّه ببلاء ظهر أثره على جسمه واضحاً، ولما أذن له سبحانه بالشفاء قال له: (ٱرْكُضْ بِرِجْلِكَ هَـٰذَا مُغْتَسَلٌ بَارِدٌ وَشَرَابٌ) (ص: 42).

(مُغْتَسَلٌ): أي يغسل ويُزيل ما عندك من آثار هذا البلاء.

(وَشَرَابٌ): أي.

شراب يشفيك من أسباب هذا البلاء فلا يعود.

وكذلك الحال في علاج المجتمع، فقد جاء القرآن الكريم وفي العَالَم فساد كبير، وداءاتٌ متعددة، لابُدَّ لها من منهج لشفاء هذه الداءاتِ، ثم نعطيها مناعاتٍ تمنع عودة هذه الداءات مرة أخرى.

وقوله تعالى: (لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ) (النحل: 64).

أي: أن هذا القرآن فيه هدى ورحمة لمَنْ آمن بك وبرسالتك؛ لأن الطبيب الذي ضربناه مثلاً هنا لا يعالج كل مريض، بل يعالج مَنْ وثق به، وذهب إليه وعرض عليه نفسه ففحصه الطبيب وعرف عِلّته.

وهكذا القرآن الكريم يسمعه المؤمن به، فيكون له هدىً ورحمة، ويترك في نفسه إشراقاتٍ نورانية تتسامى به وترتفع إلى أعلى الدرجات، في حين يسمعه آخر فلا يَعي منه شيئاً، ويقول كما حكى القرآن الكريم: (وَمِنْهُمْ مَّن يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ حَتَّىٰ إِذَا خَرَجُواْ مِنْ عِندِكَ قَالُواْ لِلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْعِلْمَ مَاذَا قَالَ آنِفاً) (محمد: 16).

وقال: (قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُواْ هُدًى وَشِفَآءٌ) (فصلت: 44).

(وَٱلَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ فِيۤ آذَانِهِمْ وَقْرٌ وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمًى) (فصلت: 44).

إذن: فالقرآن واحد، ولكن الاستقبال مختلف.

ثم يقول الحق سبحانه: (وَٱللَّهُ أَنْزَلَ مِنَ...).



سورة النحل الآيات من 061-065 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 52644
العمر : 72

سورة النحل الآيات من 061-065 Empty
مُساهمةموضوع: رد: سورة النحل الآيات من 061-065   سورة النحل الآيات من 061-065 Emptyالثلاثاء 07 يناير 2020, 2:15 am

وَاللَّهُ أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَسْمَعُونَ (٦٥)
تفسير الأية: خواطر محمد متولي الشعراوي (ت 1418 هـ)

الحق تبارك وتعالى في هذه الآية ينقلنا إلى آية مادية مُحسّة لا ينكرها أحد، وهي إنزال المطر من السماء، وإحياء الأرض الميتة بهذا المطر؛ ليكون ذلك دليلاً محسوساً على قدرتهتعالى، وأنه مأمون على خَلْقه.

وكأنه سبحانه يقول لهم: إذا كنتُ أنا أعطيكم كذا وكذا، وأُوفّر لكم الأمر المادي الذي يفيد عنايتي بكم، فإذا أنزلتُ لكم منهجاً ينفعكم ويُصلح أحوالكم فصدّقوه.

فهذا دليل ماديّ مُحَسّ يُوصِّلهم إلى تصديق المنهج المعنوي الذي جاء على يد الرسول -صلى الله عليه وسلم- في قوله تعالى: (وَنُنَزِّلُ مِنَ ٱلْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَآءٌ وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ) (الإسراء: 82).

وقوله: (وَٱللَّهُ أَنْزَلَ مِنَ ٱلْسَّمَآءِ مَآءً) (النحل: 65).

هذه آية كونية مُحسَّة لا ينكرها أحد.

ثم يقول: (فَأَحْيَا بِهِ ٱلأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَآ) (النحل: 65).

موت الأرض، أي حالة كَونْها جدباء مُقفرة لا زرعَ فيها ولا نبات، وهذا هو الهلاك بعينه بالنسبة لهم، فإذا ما أجدبتْ الأرض استشرفوا لسحابة، لغمامة، وانتظروا منها المطر الذي يُحيي هذه الأرض الميتة.

يُحييها بالنبات والعُشْب بعد أنْ كانت هامدة ميتة.

فلو قبض ماء السماء عن الأرض لَمُتُّمْ جوعاً، فخذوا من هذه الآية المحسَّة دليلاً على صدق الآية المعنوية التي هي منهج الله إليكم على يد رسوله -صلى الله عليه وسلم-، فكما أمِنْتَنِي على الأولى فأْمَنِّي على الثانية.

وقوله: (إِنَّ فِي ذٰلِكَ لآيَةً لِقَوْمٍ يَسْمَعُونَ) (النحل: 65).

مع أن هذه الآية تُرَى بالعين ولا تُسْمع، قال القرآن: (لِقَوْمٍ يَسْمَعُونَ) (النحل: 65).

لماذا؟

قالوا: لأن الله سبحانه أتى بهذه الآية لِيلْفتَهم إلى المنهج الذي سيأتيهم على يد الرسول -صلى الله عليه وسلم-، وهذا المنهج سَيُسمع من الرسول المبلّغ لمنهج الله.

ومثال ذلك أيضاً في قوله تعالى: (قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِن جَعَلَ ٱللَّهُ عَلَيْكُمُ ٱلْلَّيْلَ سَرْمَداً إِلَىٰ يَوْمِ ٱلْقِيَامَةِ مَنْ إِلَـٰهٌ غَيْرُ ٱللَّهِ يَأْتِيكُمْ بِضِيَآءٍ أَفَلاَ تَسْمَعُونَ) (القصص: 71).

فالضياء يُرى لا يُسمع.

لكنه قال: (أَفَلاَ تَسْمَعُونَ) لأنه يتكلم عن الليل، ووسيلة الإدراك في الليل هي السمع.

ثم يقول الحق تبارك وتعالى: (وَإِنَّ لَكُمْ فِي...).




سورة النحل الآيات من 061-065 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
 
سورة النحل الآيات من 061-065
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات إنما المؤمنون إخوة (2024 - 2010) The Believers Are Brothers :: (العربي) :: الشيخ محمد متولي الشعـراوي :: النَّحل-
انتقل الى: