بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
سُورَةُ الِانْفِطَارِ
قَوْلُهُ تَعَالَى: عَلِمَتْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ وَأَخَّرَتْ.
هَذِهِ الْآيَةُ الْكَرِيمَةُ يُوهِمُ ظَاهِرُهَا أَنَّ الَّذِي يَعْلَمُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَا قَدَّمَ وَمَا أَخَّرَ نَفْسٌ وَاحِدَةٌ، وَقَدْ جَاءَتْ آيَاتٌ أُخَرُ تَدُلُّ عَلَى أَنَّ كُلَّ نَفْسِ تَعْلَمُ مَا قَدَّمَتْ وَأَخَّرَتْ كَقَوْلِهِ: هُنَالِكَ تَبْلُو كُلُّ نَفْسٍ مَا أَسْلَفَتْ (10)، وَقَوْلِهِ: وَكُلَّ إِنْسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَائِرَهُ فِي عُنُقِهِ وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كِتَابًا يَلْقَاهُ مَنْشُورًا (17 \ 13)، إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْآيَاتِ.

وَالْجَوَابُ أَنَّ الْمُرَادَ بِقَوْلِهِ: “نَفْسٌ”، كُلُّ نَفْسٍ، وَالنَّكِرَةُ وَإِنْ كَانَتْ لَا تَعُمُّ إِلَّا فِي سِيَاقِ النَّفْيِ أَوِ الشَّرْطِ أَوِ الِامْتِنَانِ كَمَا تَقَرَّرَ فِي الْأُصُولِ، فَإِنَّ التَّحْقِيقَ أَنَّهَا رُبَّمَا أَفَادَتِ الْعُمُومَ بِقَرِينَةِ السِّيَاقِ مِنْ غَيْرِ نَفْيٍ أَوْ شَرْطٍ أَوِ امْتِنَانٍ، كَقَوْلِهِ: عَلِمَتْ نَفْسٌ (81 \ 14)، فِي “التَّكْوِيرِ” وَ “الِانْفِطَارِ” وَقَوْلِهِ: أَنْ تُبْسَلَ نَفْسٌ، وَقَوْلِهِ: أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ يَاحَسْرَتَا وَالْعِلْمُ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى.