بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
سُورَةُ الْمُرْسَلَاتِ
قَوْلُهُ تَعَالَى: هَذَا يَوْمُ لَا يَنْطِقُونَ وَلَا يُؤْذَنُ لَهُمْ فَيَعْتَذِرُونَ.
هَذِهِ الْآيَةُ الْكَرِيمَةُ تَدُلُّ عَلَى أَنَّ أَهْلَ النَّارِ لَا يَنْطِقُونَ وَلَا يَعْتَذِرُونَ.

وَقَدْ جَاءَتْ آيَاتٌ تَدُلُّ عَلَى أَنَّهُمْ يَنْطِقُونَ وَيَعْتَذِرُونَ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى: وَاللَّهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ (6 \ 23)، وَقَوْلِهِ: فَأَلْقَوُا السَّلَمَ مَا كُنَّا نَعْمَلُ مِنْ سُوءٍ (16 \ 28)، وَقَوْلِهِ: بَلْ لَمْ نَكُنْ نَدْعُو مِنْ قَبْلُ شَيْئًا (40)، وَقَوْلِهِ: تَاللَّهِ إِنْ كُنَّا لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ إِذْ نُسَوِّيكُمْ بِرَبِّ الْعَالَمِينَ وَمَا أَضَلَّنَا إِلَّا الْمُجْرِمُونَ (26 \ 97 - 99)، وَقَوْلِهِ: رَبَّنَا هَؤُلَاءِ أَضَلُّونَا (7 \ 38)، إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْآيَاتِ.

وَالْجَوَابُ عَنْ هَذَا مِنْ أَوْجُهٍ:
الْأَوَّلُ: أَنَّ الْقِيَامَةَ مُوَاطِنُ فَفِي بَعْضِهَا يَنْطِقُونَ وَفِي بَعْضِهَا لَا يَنْطِقُونَ.

الثَّانِي: أَنَّهُمْ لَا يَنْطِقُونَ بِمَا لَهُمْ فِيهِ فَائِدَةٌ وَمَا لَا فَائِدَةَ فِيهِ كَالْعَدَمِ.

الثَّالِثُ: أَنَّهُمْ بَعْدَ أَنْ يَقُولَ اللَّهُ لَهُمْ: اخْسَئُوا فِيهَا وَلَا تُكَلِّمُونِ (23 108).

يَنْقَطِعُ نُطْقُهُمْ وَلَمْ يَبْقَ إِلَّا الزَّفِيرُ وَالشَّهِيقُ.

قَالَ تَعَالَى: وَوَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ بِمَا ظَلَمُوا فَهُمْ لَا يَنْطِقُونَ (27 85)، وَهَذَا الْوَجْهُ الثَّالِثُ رَاجِعٌ لِلْوَجْهِ الْأَوَّلِ.