بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
سُورَةُ الدُّخَانِ
قَوْلُهُ تَعَالَى: ثُمَّ صُبُّوا فَوْقَ رَأْسِهِ مِنْ عَذَابِ الْحَمِيمِ ذُقْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ.
هَذِهِ الْآيَةُ الْكَرِيمَةُ يُتَوَهَّمُ مِنْ ظَاهِرِهَا ثُبُوتُ الْعِزَّةِ وَالْكَرَمِ لِأَهْلِ النَّارِ، مَعَ أَنَّ الْآيَاتِ الْقُرْآنِيَّةَ مُصَرِّحَةٌ بِخِلَافِ ذَلِكَ كَقَوْلِهِ: سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ (40 \ 60)، أَيْ صَاغِرِينَ أَذِلَّاءَ وَكَقَوْلِهِ: وَلَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ (3 178)، وَكَقَوْلِهِ هُنَا: خُذُوهُ فَاعْتِلُوهُ إِلَى سَوَاءِ الْجَحِيمِ (44 \ 47).

وَالْجَوَابُ أَنَّهَا نَزَلَتْ فِي أَبِي جَهْلٍ لَمَّا قَالَ: أَيُوعِدُنِي مُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَيْسَ بَيْنَ جَبَلَيْهَا أَعَزُّ وَلَا أَكْرَمُ مِنِّي، فَلَمَّا عَذَّبَهُ اللَّهُ بِكُفْرِهِ قَالَ لَهُ: ذُقْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ: فِي زَعْمِكَ الْكَاذِبِ، بَلْ أَنْتَ الْمُهَانُ الْخَسِيسُ الْحَقِيرُ، فَهَذَا التَّقْرِيعُ نَوْعٌ مِنْ أَنْوَاعِ الْعَذَابِ.