أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52561 العمر : 72
| موضوع: الباب الثالث والخمسون: في التلطف في السُّؤال وذِكْرُ مَنْ سُئِلَ فجَادَ السبت 05 أكتوبر 2019, 2:52 am | |
| الباب الثالث والخمسون: في التلطف في السُّؤال وذِكْرُ مَنْ سُئِلَ فجَادَ
روى الإمام مالك في الموطأ عن زيد بن أسلم رضي الله تعالى عنه أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "أعطوا السَّائِلَ ولو جاء على فرس".
وما سُئِلَ عليه السلام شيئاً قط فقال لا.
وأتى أعرابي إلى علي رضي الله تعالى عنه فسأله شيئاً فقال والله ما أصبح في بيتي شيء فضل عن قوتي، فولَّى الأعرابيُّ وهو يقول: والله ليسألنك الله عن موقفي بين يديك يوم القيامة، فبكى علي رضي الله تعالى عنه بكاءً شديداً، وأمَرَ بِرَدِّهِ، وقال يا قنبر ائتني بدرعي الفلانية فدفعها إلى الاعرابي وقال: لا نخدعن عنها فطالما كشفت بها الكروب عن وجه رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فقال قنبر: يا أمير المؤمنين كان يجزيه عشرون درهما، فقال: يا قنبر والله ما يسرني أن لي زنة الدنيا ذهباً وفضة فتصدَّقت به وقبل الله مِنِّي ذلك وإنه يسألني عن موقف هذا بين يدي.
وقال علي رضي الله تعالى عنه: إن لكل شيء ثمرة وثمرة المعروف تعجيل السراح.
وقال مسلمة لنصيب: سلني فقال كفك بالعطية أبسط من لساني بالمسألة، فقال لحاجبه: إدفع اليه ألف دينار.
وسأل رجلٌ الحسنَ رضي الله تعالى عنه فقال له: ما وسيلتك؟ قال: وسيلتي أني أتيتك عام أول فبررتني، فقال: مرحباً بمَنْ توسَّل إلينا بنا ثم وصله وأكرمه.
ويُقال: الكريمُ إذا سُئِلَ ارتاح واللئيمُ إذا سُئِلَ ارتاع.
ولَمَّا وفد المهدي من الري إلى العراق امتدحه الشعراء فقال أبو دلامة: (إني نذرت لئن رأيتك قادماً ... أرض العراق وأنت ذو وقر) (لتصلين على النبي -صلى الله عليه وسلم- محمد ... ولتملأن دراهماً حِجْرِي)
فقال المهدي: صلى الله على محمد، فقال أبو دلامة: ما أسرعك للأولى وأبطأك عن الثانية، فضحك وأمر ببدرة فصُبَّتْ في حِجْرِهِ.
وسمع الرشيد أعرابية بمكة تقول: (طحنتنا كلاكل الأعوام ... وبرتنا طوارق الأيام) (فأتيناكمو نمُدُ أكفاً ... لالتقام من زادكم والطعام) (فاطلبوا الأجر والمثوبة فينا ... أيها الزائرون بيت الحرام)
فبكى الرشيدُ وقال لمَنْ معه سألتكم بالله تعالى إلا ما دفعتم إليها صدقاتكم فألقوا عليها الثياب حتى واربها كثرةً وملئوا حِجْرَهَا دراهم ودنانير.
وسأل أعرابي بمكة وأحسن في سُؤَالِهِ فقال: أخ في الله وجار في بلد الله وطالب خير من عند الله فهل من أخ يواسيني في الله؟
قال الشاعر: (ليس في كل وهلة وأوان ... تتهيا صنائع الإحسان) (فإذا أمكنت فبادر إليها ... حذراً من تعذر الإمكان)
وقال البصري: (أضحت حوائجنا إليك مناخة ... معقولة برحابك الوصال) (أطلق فديتك بالنجاح عقالها ... حتى تثور بنا بغير عقال)
وعن علي رضي الله تعالى عنه قال: يا كميل مُرْ أهلك أن يروحوا في كسب المكارم ويدلجوا في حاجة من هو نائم فوالذي وسع سمعه الأصوات ما من أحد أودع قلباً سروراً إلا خلق الله تعالى من ذلك السُّرور لطفاً فإذا نابته نائبة جرى إليها كالماء في انحداره حتى يطردها عنه كما تطرد غريبة الإبل.
وقال لجابر بن عبد الله: يا جابر من كثرت نعم الله عليه كثرت حوائج الناس إليه فإذا قام بما يجب لله فيها فقد عَرَّضَهَا للدَّوام والبقاء ومَنْ لم يقُمْ بما يجب لله فيها عَرَّضَ نعمه لزوالها.
وكان لبيد رحمه الله تعالى آلى على نفسه كلما هبَّتْ الصبا أن ينحر ويُطعِم وربما ذبح العتاق إذا ضاق الخناق فخطب الوليد بن عتبة يوماً فقال قد علمت ما جعل أبو عقيل على نفسه فأعينوه على مروءته ثم بعث إليه بخمس من الإبل وبهذه الأبيات: (أرى الجزَّار يشحذ مديتيه ... إذا هبَّت رياح بني عقيل) (طويل الباع أبلج جعفري ... كريم الجد كالسيف الصقيل) (وفي ابن الجعبري بما نواه ... على العلات بالمال القليل)
فدعا لبيد بنتاً له خماسية وقال يا بنية إني تركت الشعر فأجيبي الأمير عني فقالت: (إذا هبَّت رياح بني عقيل ... تداعينا لهبَّتها الوليدا) (طويل الباع أبلج عبشمي ... أعان على مروءته لبيدا) (بأمثال الهضاب كأن رعياً ... عليها من بني حام قعودا) (أبا وهب جزاك الله خيراً ... نحرناها وأطعمنا الثريدا) (فعُد إن الكريم له معاد ... وظنِّي في ابن عتبة أن يعودا)
فقال: لقد أحْسَنْتِ والله يا بنية لولا أنكِ سألتِ وقلتِ عُدْ، فقالت: يا أبتِ إن الملوك لا يُستحيا منهم في المسئلة، فقال: والله لأنتِ في هذا أشعر مني.
ووفد رجل من بني ضبة على عبد الملك فأنشده: (والله ما ندري إذا ما فاتنا ... طلب إليك من الذي نتطلبُ) (ولقد ضربنا في البلاد فلم نجد ... أحداً سواك إلى المكارم يُنسبُ) (فاصبر لعادتك التي عوَّدتنا ... أو لا فأرشدنا إلى مَنْ نذهبُ)
فأمر له بألف دينار، فعاد إليه من قابل وقال يا أمير المؤمنين: إن الروي لينازعني وإن الحياء يمنعني، فأمر له بألف دينار وقال: والله لو قلت حتى تنفد بيوت الأموال لأعطيتك.
وقـيـــــل: إن رجلاً عَرَضَ للمنصور فسأله حاجة فلم يقضها، فعَرَضَ له بعد ذلك، فقال له المنصور: أليس قد كلمتني مرة قبل هذه؟ قال: نعم يا أمير المؤمنين ولكن بعض الأوقات أسعد من بعض وبعض البقاع أعز من بعض، فقال: صدقت وقضى حاجته وأحسن إليه.
وروي أن أبا دلامة الشاعر كان واقفاً بين يدي السَّفاح في بعض الأيام فقال له: سلني حاجتك، فقال: كلب صيد، فقال: أعطوه إياه، فقال: ودابة أصيد عليها، فقال: أعطوه دابة، فقال: وغلاماً يقود الكلب ويصيد به، قال: أعطوه غلاماً، قال: وجارية تصلح لنا الصيد وتطعمنا منه، قال: أعطوه جارية، فقال: هؤلاء يا أمير المؤمنين عيال ولابد لهم من دار يسكنونها، فقال أعطوه داراً تجمعهم، قال: فإن لم يكن لهم ضيعة فمن أين يعيشون؟ قال: قد أقطعته عشر ضياع عامرة وعشرة ضياع غامرة، فقال: ما الغامرة يا أمير المؤمنين؟ قال: ما لا نبات فيها، قال: قد أقطعتك يا أمير المؤمنين مائة ضيعة غامرة من فيافي بني أسد، فضحك، وقال: اجعلوها كلها عامرة.
فانظر إلى حذقه بالمسألة ولطفه فيها كيف ابتدأ بكلب صيد فسهل القضية وجعل يأتي بمسئلة بعد مسألة على ترتيب وفكاهة حتى سأل ما سأله ولو سأل ذلك بديهة لما وصل إليه.
وحُكِيَ عن المأمون: أنه قال ليحيى بن أكثم يوماً سِرْ بنا نتفرَّج، فسارا فبينما هما في الطريق وإذا بمقصبة خرج منها رجل بقصبة للمأمون يتظلم له فنفرت دابته فألقته على الأرض صريعاً فأمر بضرب عنق ذلك الرجل فقال يا أمير المؤمنين إن المُضطر يرتكب الصعب من الأمور وهو عالم به ويتجاوز حد الأدب وهو كاره لتجاوزه ولو أحسنت الأيام مطالبتي لأحسنت مطالبتك ولأنت علي ما لم تفعل أقدر مني على رد ما قد فعلت، قال: فبكى المأمون وقال: بالله أعد علي، قلت: فأعاده، فالتفت المأمون إلى يحيى بن أكثم وقال: أما تنظر إلى مخاطبة هذا الرجل بأصغريه؟ والنبي -صلى الله عليه وسلم- يقول: "المَرْءُ بأصغريه قلبه ولسانه"، والله لا وقفت لك إلا وأنا قائم على قدمي، فوقف وأمر له بصلة جزيلة واعتذر إليه، فلمَّا هَمَّ المأمون بالانصراف، قال الرجل: يا أمير المؤمنين بيتان قد حضراني...
ثم أنشد يقول: (ما جاد بالوفر إلا وهو مُعتذر ... ولا عفا قط إلا وهو مُقتدر) (وكلما قصدوه زاد نائله ... كالنار يوخذ منها وهي تستعر)
وقيل: إن بعض الحكماء لزم باب كسرى في حاجة دهراً فلم يوصل إليه فكتب أربعة أسطر في ورقة ودفعها للحاجب فكان في السطر الأول: العديم لا يكون معه صبر على المطالبة، وفي السطر الثاني: الضرورة والأمل أقدماني عليك، وفي السطر الثالث: الانصراف من غير فائدة شماتة الأعداء، وفي السطر الرابع: أما نعم فمثمرة وأما لا فمريحة، فلما قرأها كسرى دفع له في كل سطر ألف دينار.
وحُكِيَ أن رجلاً كان جاراً لابن عبيد الله فأصاب الناس قحط بالعراق حتى رحل أكثر الناس عنه فعزم جار ابن عبيد الله على الخروج من البلاد في طلب المعيشة وكانت له زوجة لا تقدر على السفر فلمَّا رأت زوجها تهيَّأ للسفر قالت له: إذا سافرت مَنْ الذي يُنفق علينا؟ قال إن لي على ابن عبيد الله دينار ومعي به أشهاد عليه شرعي فخُذِي الأشهاد وقدِّميه إليه فإذا قرأهُ أنفق عليكِ مِمَّا عنده حتى أحضر...
ثم ناولها رقعة كُتِبَ فيها هذه الأبيات يقول: (قالت وقد رأت الأحمال محدجة ... والبين قد جمع المشكو والشاكي) (مَنْ لي إذا غِبْتُ في ذا المَحَلِّ قلتُ لها ... الله وابن عبيد الله مولاكي)
فمضت إليه المرأة وحكت له ما قال زوجها وأخبرته بسفره وناولته الرقعة فقرأها، وقال: صدق زوجُكِ وما زال ينفق عليها بالبر والاحسان إلى أن قدم زوجها فشكره على فضله وإحسانه.
وحُكِيَ أن مطيع بن أياس مَدَحَ معن بن زائدة بقصيدة حسنة ثم أنشدها بين يديه، فلما فرغ من إنشاده، أراد معن أن يُباسِطَهُ فقال: يا مطيع إن شئتَ أعطيناك وإن شئت مدحناك كما مدحتنا، فاستحيا مطيع من اختيار الثواب وكره اختيار المدح وهو مُحتاج...
فلَمَّا خرج من عند معن أرسل إليه بهذين البيتين: (ثناء من أمير خير كَسْبٍ ... لصاحب نِعْمَةٍ وأخي ثراء) (ولكنَّ الزَّمان برى عِظامي ... ومالي كالدَّراهم من دواءِ)
فلما قرأها معن ضحك وقال: ما مثل الدراهم من دواء وأمر له بصلة جزيلة ومال كثير.
قال الشاعر: (هززتك لا إني جعلتك ناسيا ... لأمري ولا إني أردت التقاضيا) (ولكن رأيت السيف من بعد سله ... إلى الهز محتاجاً وإن كان ماضيا)
وقال آخر: (ماذا أقول إذا رجعت وقيل لي ... ماذا لقيت من الجراد الأفضل) (إن قلت أعطاني كذبتُ وإن أقل ... بخل الجواد بماله لم يجمل) (فاختر لنفسك ما أقول فإنني ... لابد أخبرهم وإن لم أسئل)
وقال آخر: (لنوائب الدنيا خبأتك فانتبه ... يا نائماً من جملة النوام) (أعلى الصراط تزيل لوعة كُربتي ... أم في المعاد تجود بالإنعام)
ومِمَّا يُستحسن إلحاقه بهذا الباب ذِكْرُ شيءٍ مِمَّا جاء في ذَمِّ السؤال والنهي عنه: روي عن عبد الرحمن بن عوف بن مالك الأشجعي رضي الله تعالى عنه قال: كنَّا عند رسول الله -صلى الله عليه وسلم- تسعة أو ثمانية أو سبعة فقال: ألا تبايعون رسول الله -صلى الله عليه وسلم-؟ فبسطنا أيدينا وكنا حديثي عهد بالمبايعة فقلنا قد بايعناك يا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فعلام يا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- نبايعك؟ قال: "أن تعبدوا الله ولا تشركوا به شيئاً وتقيموا الصلوات الخمس وتطيعوا الله وأسَرَّ كلمة خفية وهي ولا تسألوا الناس شيئاً" فلقد رأيت بعض أولئك النفر يسقط سوط أحدهم فما يسأل أحداً يناوله إياه. رواه مسلم.
وقال رَجُلٌ لابنهِ: إيَّاك أن تُريق ماء وجهك عند مَنْ لا ماءَ في وجهه.
وكان لقمان يقول لولده: يا بني إيَّاك والسُّؤال فإنه يُذهِبُ ماء الحياء من الوجه، وأعظم من هذا استخفافُ الناس بك.
وأوحى الله تعالى إلى موسى عليه السلام: لأن تدخل يدك فم التنين إلى المرفق خير لك من أن تبسطها إلى غني قد نشأ في الفقر.
وقيل لأعرابي: ما السّقم الذي لا يبرأ والجُرح الذي لا يندمل؟ قال: حاجة الكريم إلى اللئيم.
وقال أبو محلم السعدي: (إذا رماك الدهر في الضيق فانتجع ... قديم الغنى في الناس إنك حامده) (ولا تطلبن الخير ممن أفاده ... حديثاً ومن لا يورث المجد والده)
وقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "مسألة الناس من الفواحش ما أحل من الفواحش غيرها".
وقال عليه الصلاة والسلام: "لأن يأخذ أحدكم حبله فيحتطب على ظهره خير له من أن يأتي رجلاً فيسأله أعطاه أو منعه".
قال الشاعر: (ما اعتاض باذل وجهه بسؤاله ... عوضاً ولو نال الغني بسؤال) (وإذا السؤال مع النوال وزنته ... رجح السؤال وخف كل نوال)
وقال أحمد الأنباري: (لموت الفتى خير من البخل للغنى ... وللبخل خير من سؤال بخيل) (لعمرك ما شيء لوجهك قيمة ... فلا تلق إنساناً بوجه ذليل)
وقال سلم الخاسر: (إذا أذن الله في حاجة ... أتاك النجاح على رسله) (فلا تسأل الناس من فضلهم ... ولكن سل الله من فضله)
ويُقـال: أحَبُّ الناس إلى الله مَنْ سألهُ وأبغض الناس إلى الناس من احتاج إليهم وسألهم.
وفي هذا المعنى قيل: (لا تسألن من ابن آدم حاجة ... وسل الذي أبوابه لا تحجب) (اللهُ يغضبُ إن تركتَ سؤالهُ ... وبني آدم حين يُسئلُ يغضب)
وقال محمود الوراق: (شاد الملوك قصورهم وتحصنوا ... من كل طالب حاجة أو راغب) (فارغب إلى ملك الملوك ولا تكن ... يا ذا الضراعة طالباً من طالب)
وقال ابن دقيق العيد: (وقائلة مات الكرام فمن لنا ... إذا عضنا الدَّهر الشديد بنابه) (فقلت لها مَنْ كان غاية قصده ... سؤالاً لمخلوق فليس بنابه) (إذا مات مَنْ يُرجى فمقصودنا الذي ... ترجينه باق فلوذي ببابه)
وقال بعض أهل الفضل: (لما افتقرت لصحبي ما وجدتهمو ... لجأتُ للهِ لبَّانِي وأغناني) (واهاً على بذل وجهي للورى سفهاً ... فلو بذلت إلى مولاي والاني)
وسأل رَجٌلٌ رَجُلاً حاجة فلم يقضها فقال: سألت فلاناً حاجة أقل من قيمته فردَّنِي رَدًّ أقبح من خلقته.
وسأل عروة مُصعباً حاجة فلم يقضها فقال: عَلِمَ اللهُ تعالى أن لكل قوم شيخاً يفزعون إليه وأنا أفزع منك.
ويُقال: لا شيء أوجع للأخيار من الوقوف بباب الأشرار.
وقال الإمام الشافعي رحمه الله تعالى: (بلوت بني الدنيا فلم أر فيهم ... سوى من غدا والبخل ملء إهابه) (فجردت من غمد القناعة صارماً ... قطعت رجائي منهم بذبابه) (فلا ذا يراني واقفاً في طريقه ... ولا ذا يراني قاعداً عند بابه) (غني بلا مال عن الناس كلهم ... وليس الغنى إلا عن الشيء لا به) (إذا ظالماً يستحسن الظلم مذهباً ... ولج عتواً في قبيح اكتسابه) (فكله إلى صرف الليالي فإنها ... ستُبدِي له ما لم يكن في حسابه) (فكم قد رأينا ظالماً متمرداً ... يرى النجم تيهاً تحت ظل ركابه) (فعمَّا قليل وهو في غفلاته ... أناخت صروف الحادثات ببابه) (فأصبح لا مال ولا جاه يُرتجى ... ولا حسنات تلتقي في كتابه) (وجوزي بالأمر الذي كان فاعلاً ... وصَبَّ عليه الله سوط عذابه)
وقال آخر: (لا تسألن إلى صديق حاجة ... فيحول عنك كما الزمان يحول) (واستغن بالشيء القليل فإنه ... ما صان عرضك لا يقال قليل) (مَنْ عَفَّ خَفَّ على الصديق لقاؤه ... وأخو الحوائج وجهه مملول) (وأخوك مَنْ وفرت ما في كفه ... ومتى علقت به فأنت ثقيل)
وقال آخر: (ليس جوداً أعطيته بسؤال ... قد يهز السؤال غير جواد) (إنما الجود ما أتاك ابتداء ... لم تذق فيه ذلة الترداد)
وقال آخر: (لا تحسبن الموت موت البلى ... إنما الموت سؤال الرجال) (كلاهما موت ولكن ذا ... أخف من ذاك لذل السؤال)
وقال الشافعي رضي الله تعالى عنه: (قنعت بالقوت من زماني ... وصنت نفسي عن الهوان) (خوفاً من الناس أن يقولوا ... فضل فلان على فلان) (مَنْ كنت عن ماله غنياً ... فلا أبالي إذا جفاني) (ومَنْ رآني بعين نقص ... رأيته بالتي رآني) (ومَنْ رآني بعين تَمَّ ... رأيته كامل المعاني)
والله سبحانه وتعالى أعلم. وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم. |
|