منتديات إنما المؤمنون إخوة (2024 - 2010) The Believers Are Brothers

(إسلامي.. ثقافي.. اجتماعي.. إعلامي.. علمي.. تاريخي.. دعوي.. تربوي.. طبي.. رياضي.. أدبي..)
 
الرئيسيةالأحداثأحدث الصورالتسجيل
(جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي المنتدى)
(وما من كاتب إلا سيبلى ** ويبقى الدهر ما كتبت يداه)

(فلا تكتب بكفك غير شيء ** يسرك في القيامة أن تراه)

IZHAR UL-HAQ

(Truth Revealed) By: Rahmatullah Kairanvi
قال الفيلسوف توماس كارليل في كتابه الأبطال عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "لقد أصبح من أكبر العار على أي فرد مُتمدين من أبناء هذا العصر؛ أن يُصْغِي إلى ما يظن من أنَّ دِينَ الإسلام كَذِبٌ، وأنَّ مُحَمَّداً -صلى الله عليه وسلم- خَدَّاعٌ مُزُوِّرٌ، وآنَ لنا أنْ نُحارب ما يُشَاعُ من مثل هذه الأقوال السَّخيفة المُخْجِلَةِ؛ فإنَّ الرِّسَالة التي أدَّاهَا ذلك الرَّسُولُ ما زالت السِّراج المُنير مُدَّةَ اثني عشر قرناً، لنحو مائتي مليون من الناس أمثالنا، خلقهم اللهُ الذي خلقنا، (وقت كتابة الفيلسوف توماس كارليل لهذا الكتاب)، إقرأ بقية كتاب الفيلسوف توماس كارليل عن سيدنا محمد -صلى الله عليه وسلم-، على هذا الرابط: محمد بن عبد الله -صلى الله عليه وسلم-.

يقول المستشرق الإسباني جان ليك في كتاب (العرب): "لا يمكن أن توصف حياة محمد بأحسن مما وصفها الله بقوله: (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِين) فكان محمدٌ رحمة حقيقية، وإني أصلي عليه بلهفة وشوق".
فَضَّلَ اللهُ مِصْرَ على سائر البُلدان، كما فَضَّلَ بعض الناس على بعض والأيام والليالي بعضها على بعض، والفضلُ على ضربين: في دِينٍ أو دُنْيَا، أو فيهما جميعاً، وقد فَضَّلَ اللهُ مِصْرَ وشَهِدَ لها في كتابهِ بالكَرَمِ وعِظَم المَنزلة وذَكَرَهَا باسمها وخَصَّهَا دُونَ غيرها، وكَرَّرَ ذِكْرَهَا، وأبَانَ فضلها في آياتٍ تُتْلَى من القرآن العظيم.
المهندس حسن فتحي فيلسوف العمارة ومهندس الفقراء: هو معماري مصري بارز، من مواليد مدينة الأسكندرية، وتخرَّجَ من المُهندس خانة بجامعة فؤاد الأول، اشْتُهِرَ بطرازهِ المعماري الفريد الذي استمَدَّ مَصَادِرَهُ مِنَ العِمَارَةِ الريفية النوبية المَبنية بالطوب اللبن، ومن البيوت والقصور بالقاهرة القديمة في العصرين المملوكي والعُثماني.
رُبَّ ضَارَّةٍ نَافِعَةٍ.. فوائدُ فيروس كورونا غير المتوقعة للبشرية أنَّه لم يكن يَخطرُ على بال أحَدِنَا منذ أن ظهر وباء فيروس كورونا المُستجد، أنْ يكونَ لهذه الجائحة فوائدُ وإيجابيات ملموسة أفادَت كوكب الأرض.. فكيف حدث ذلك؟!...
تخليص الإبريز في تلخيص باريز: هو الكتاب الذي ألّفَهُ الشيخ "رفاعة رافع الطهطاوي" رائد التنوير في العصر الحديث كما يُلَقَّب، ويُمَثِّلُ هذا الكتاب علامة بارزة من علامات التاريخ الثقافي المصري والعربي الحديث.
الشيخ علي الجرجاوي (رحمه الله) قَامَ برحلةٍ إلى اليابان العام 1906م لحُضُورِ مؤتمر الأديان بطوكيو، الذي دعا إليه الإمبراطور الياباني عُلَمَاءَ الأديان لعرض عقائد دينهم على الشعب الياباني، وقد أنفق على رحلته الشَّاقَّةِ من مَالِهِ الخاص، وكان رُكُوبُ البحر وسيلته؛ مِمَّا أتَاحَ لَهُ مُشَاهَدَةَ العَدِيدِ مِنَ المُدُنِ السَّاحِلِيَّةِ في أنحاء العالم، ويُعَدُّ أوَّلَ دَاعِيَةٍ للإسلام في بلاد اليابان في العصر الحديث.

أحْـلامٌ مِـنْ أبِـي (باراك أوباما) ***

 

 فوائد من فقه الألباني في مسائل الحج والعمرة

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 52879
العمر : 72

فوائد من فقه الألباني في مسائل الحج والعمرة Empty
مُساهمةموضوع: فوائد من فقه الألباني في مسائل الحج والعمرة   فوائد من فقه الألباني في مسائل الحج والعمرة Emptyالثلاثاء 09 يوليو 2019, 11:46 pm

 (3)
فوائد من فقه الألباني في مسائل الحج والعمرة
من كتاب”نظم الفرائد مما في سلسلتي الألباني من فوائد"

باب: أفضلية الحجّ راكباً
يُـذكَر عن ابن عباس -رضي الله عنهما- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (إنَّ للحاج الراكِبِ بكل خَطْوةٍ تَخْطوها راحلته سبعين حسنةً، والماشي بكل خطوةٍ يخطوها سبع مئةِ حسنَةٍ). ضعيف.”الضعيفة”برقم (496).


* فائدة:
قلتُ:... وكيف يكون (الحديث) صحيحاً وقد صح أنه -عليه الصلاة والسلام- حج راكباً، فلو كان الحج ماشيا أفضل؛ لاختاره الله لنبيه -صلى الله عليه وسلم-؛ ولذلك ذهب جمهور العلماء إلى أن الحج راكباً أفضل؛ كما ذَكَره النووي في”شرح مسلم"، وراجع رسالتي”حِجّة النبي -صلى الله عليه وسلم- كما رواها جابر -رضي الله عنه-”(ص16) من الطبعة الأولى، والتعليق (16) من طبعة المكتب الإسلامي.


باب: وجوب الإحرام من الميقات
1 - حديث: (من تمام الحج أن تُـحْرِمَ من دُوَيــْرَةِ أهلِكَ). منكر.”الضعيفة”برقم (210).


* فائدة:
وقد روى البيهقي كراهة الإحرام قبل الميقات عن عمر، وعثمان -رضي الله عنهما- وهو الموافق لحكمة تشريع المواقيت.
وما أحسن ما ذَكَرَ الشاطبي -رحمه الله- في”الاعتصام” (1: 167)، ومن قبله الهروي في”ذم الكلام” (3: 54: 1) عن الزبير بن بْكَّار قال: حدثني سفيان بن عيينة قال: (سمعت مالك بن أنس، وأتاه رجل، فقال: يا أبا عبد الله! من أين أُحرِم؟
قال: من ذي الحليفة، من حيثُ أحْرمَ رسول الله -صلى الله عليه وسلم-.
فقال: إني أريد أن أُحْرِم من المسجد من عند القبر.
قال: لا تفعل، فإني أخشَى عليك الفِتنة.
فقال: وأيُّ فتنة في هذهِ؟ إنما هي أميال أزيدها!
قال: وأيُّ فتنة أعْظَمُ من أنْ ترى أنك سبقتَ إلى فضيلةٍ قصَّر عنها رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم-؟! إني سمعتُ الله يقول:(فَلْيَحْذَرِ الذينَ يُخالِفون عنْ أمْرِهِ أنْ تُصيبَهُمْ فِتْنَةٌ أو يُصِيبَهُم عذابٌ أليمٌ)  (النور:63)!

فانظر مبلغ أثر الأحاديث الضعيفة في مخالفة الأحاديث الصحيحة والشريعة المستقرة، ولقد رأيتُ بعض مشايخ الأفغان هنا في دمشق في إحرامه، وفهمت منه أنه أحْرَم من بلده! فلما أنكرتُ ذلك عليه احتج عليَّ بهذا الحديث! ولم يدْرِ المسكين أنه ضعيف لا يُحتَجّ به، ولا يجوز العمل به لمخالفته سنّة المواقيت المعروفة، وهذا مما صرّح به الشوكاني في”السيل الجرّار”(2: 168).

2 - يُـذكَر عن أم سلمة -رضي الله عنها- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (مَنْ أهَلَّ بـحَجَّةٍ أو عُمْرةٍ من المسجدِ الأقصى إلى المسجد الحرام؛ غُفِرَ له ما تقدمَ من ذنبه وما تأخر، أو وجَبَتْ لهُ الجنة). ضعيف.”الضعيفة”برقم (211).

 
* فائدة:
ثم إن الحديث؛ قال السندي، وتبعه الشوكاني: (يدل على جواز تقديم الإحرام على الميقات).
قلتُ: كلا، بل دِلالته أخصّ من ذلك، أعني أنه إنما يدل على أن الإحرام من بيت المقدس خاصة أفضل من الإحرام من المواقيت، وأما غيره من البلاد؛ فالأصْل الإحرام من المواقيت المعروفة، وهو الأفضلُ؛ كما قرره الصنعاني في”سبل السلام”(2: 268-269)، وهذا على فرض صحة الحديث، أما وهو لم يصح كما رأيتَ؛ فبيت المقدس كغيره في هذا الحكم.


باب: وجوب التمتع في الحج
1 - عن عائشة -رضي الله عنها- قالت: دخل عليّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لأربع ليال خَلوْنَ أو خمس من ذي الحجة وهو غضبان، فقلتُ: يا رسول الله! مَنْ أغضبك أدخله الله النار؟! فقال: (أما شَعَرْتِ أني أمَرتُهم بأمْرٍ فَهُمْ يترددون، ولو كنتُ استقبلتُ من أمري ما اسْتَدْبَرْتُ ما سُقْتُ الهَدْيَ ولا اشتريته حتى أحِـلَ كما حلُّوا). صحيح.”الصحيحة”برقم (2593).


* فائدة:
قلت: وهذا الحديث مثل أحاديث كثيرة ذكرها ابن القيم في”زاد المعاد"، فيها كلها أَمْره -صلى الله عليه وسلم- المفرِدِين والقارنين الذين لم يسوقوا الهدي بفسخ الحج إلى العمرة، وأَثرتُ هذا منها بالذكر هنا لعزة مخرجه الأول:”مسند إسحاق"، وحكاية عائشة غَضَبه -صلى الله عليه وسلم- بسبب تردّد أصحابه في تنفيذ الأمر بالفسخ، عِلْماً أن ترددهم -رضي الله عنهم- لم يكن عن عصيان منهم، فإن ذلك ليس من عادتهم، وإنما هو كما قال راويه الحكم عند أحمد وغيره: (كأنهم هابوا)، وذلك لأنهم كانوا في الجاهلية لا يعرفون العُمْرة في أيام الحج كما جاء في بعض الأحاديث الصحيحة، هذا من جهة.
ومن جهة أخرى: أنهم رأوا النبي -صلى الله عليه وسلم- لم يَحِـلّ معهم، فظنوا أن في الأمر سَعَة فترددوا، فلما عَرَفوا منه السبب وأكد لهم الأمر بادروا إلى تنفيذه -رضي الله عنهم-.
وإذا كان الأمر كذلك فما بال كثير من المسلمين اليوم -وفيهم بعض الخاصة- لا يتمتعون، وقد عَرَفوا ما لم يكن قد عرفه أولئك الأصحاب الكرام في أول الأمر، ومن ذلك قوله -صلى الله عليه وسلم- في بعض تلك الأحاديث: (دخلت العمرة في الحج إلى يومِ القيامة)، ألا يخشون أن تصيبهم دعوة عائشة -رضي الله عنها-؟!
2 - يُـذكَر عن بلال بن الحارث المزني -رضي الله عنه-؛ أنه قال: قلت: (يا رسول الله! فَسْخ الحج لنا خاصة؟ أم للناس عامة؟ قال: (بل لنا خاصة). يعني فسخ الحج إلى العمرة). ضعيف.”الضعيفة”برقم (1003).


* فائدة:
قال أبو داود في”المسائل”(ص302): (قلتُ لأحمد: حديث بلال بن الحارث في فَسْخ الحج؟ قال: ومن بلال بن الحارث أو الحارث بن بلال؟! ومن روى عنه؟! ليس يصح حديث في أن الفسخ كان لهم خاصة، وهذا أبو موسى يُفتي به في خلافة أبي بكر، وصدر من خلافة عمر).
وقال ابن القيم في”زاد المعاد”(1: 288): (وأما حديث بلال بن الحارث، فلا يُـكتَب، ولا يُعارض بمثله تلك الأساطين الثابتة.
قال عبد الله بن أحمد: كان أبي يَرَى للمُهِلّ بالحج أن يفسخ حَجَّة إنْ طاف بالبيت وبين الصفا والمروة.
وقال في المتعة: هو آخر الأمرين من رسول الله -صلى الله عليه وسلم-.
وقال -صلى الله عليه وسلم-: (اجْعلُوا حجكم عُمْرة) (1).
قال عبد الله: فقلتُ لأبي: فحديث بلال بن الحارث في فسخ الحج؟ يعني قوله: (لنا خاصة) قال: لا أقول به، لا يُـعرَف هذا الرجل (قلتُ: يعني ابنه الحارث)، هذا حديث ليس إسناده بالمعروف، ليس حديث بلال بن الحارث عندي يثَـبْت).
قال ابن القيم: (ومما يدل على صحة قول الإمام أحمد، وأن هذا الحديث لا يصح، أن النبي -صلى الله عليه وسلم- أخبر عن تلك المتعة التي أَمَرهم أن يَفسخوا حجهم إليها أنه لأبد الأبد، فكيف يثبت عنه بَعْدَ هذا أنها لهم خاصة؟! هذا من أمْحل المحال، وكيف يأمرهم بالفسخ، ويقول:(دَخَلَتِ العمرة في الحج إلى يوم القيامة) (2)، ثم يثبت عنه أن ذلك مختص بالصحابة، دون من بعدهم؟ فنحن نشهد بالله أن حديث بلال بن الحارث هذا لا يصح عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وهو غلط عليه).
وأما ما رواه مسلم في”صحيحه”وأصحاب”السنن”وغيرهم عن أبي ذر أنّ المتعة في الحج كانت لهم خاصة، فهذا مع كَوْنه موقوفاً، إن أريد به أصل المتعة، فهذا لا يقول به أحد من المسلمين، بل المسلمون متفقون على جوازها إلى يوم القيامة، ولذلك قال الإمام أحمد: (رحِمَ اللهُ أبا ذرّ هي في كتاب الرحمن: (فَمَنْ تمتّع بالعُمرِة إلى الحجَّ) (البقرة: 196)).
وإن أريد به مُتْعة فسخ الحج، احتمل ثلاثةَ وجوه من التأويل، ذَكَرها ابن القيم، فليراجعها من شاء، فإن غرضنا هنا التنبيه على ضعف هذا الحديث الذي يحتج به من لا يذهب إلى أفضلية متعة الحج ويرى الإفراد أو القِرَانَ أفضل، مع أن ذلك خلاف الثابت عنه -صلى الله عليه وسلم- في أحاديث كثيرة استقصاها ابن القيم في”الزاد”فلتُـطلبْ من هناك.
وقال ابن حزم في”المحلى”(7: 108): (والحارث بن بلال مجهول، ولم يخرج أحد هذا الخبر في صحيح الحديث، وقد صح خلافه بيقين، كما أوردنا من طريق جابر بن عبد الله أن سُراقة بن مالك قال لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- إذ أمرهم بفسخ الحج إلى العمرة: يا رسولَ الله ألعامنا هذا أم لأبد؟ فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (بل لأبَد الأبَد). رواه مسلم).


وبهذه المناسبة أقول:
من المشهور الاستدلال في رد دِلالة حديث جابر هذا وما في معناه على أفضلية التمتع، بل وُجوبه بما ثبت عن عمر وعثمان من النهي عن مُتعة الحج، بل ثبت عن عمر أنه كان يضرب على ذلك، ورُوي مثله عن عثمان (1)، حتى صار ذلك فتنة لكثير من الناس وصادّاً لهم عن الأخذ بحديث جابر المذكور وغيره، ويَدْعَمون ذلك بقوله -صلى الله عليه وسلم-: (عليكم بسنّتي وسنّة الخلفاء الراشدين)، وقوله: (اقتدوا باللذين من بعدي، أبي بكر وعمر)، ونحن نجيب عن هذا الاستدلال غَيْرة على السنة المحمدية من وُجوه:
الأول: أن هذين الحديثين لا يراد بهما قطعاً اتباع أحد الخلفاء الراشدين في حالة كونه مخالفاً لسنته -صلى الله عليه وسلم- باجتهاده، لا قصداً لمخالفتها، حاشاه من ذلك، ومن أمثله هذا ما صح عن عمر-رضي الله عنه- أنه كان ينهى من لا يجد الماء أن يتيمم ويصلي (1)!! وإتمام عثمان الصلاة في مِنَى مع أن السنّة الثابتة عنه -صلى الله عليه وسلم- قَصرُها كما هو ثابت مشهور، فلا يشك عاقل، أنهما لا يُـتَّبعان في مثل هذه الأمثلة المخالفة للسنّة، فينبغي أن يكون الأمر هكذا في نَهْيِهما عن المتعة للقطع بثبوت أمْرِه -صلى الله عليه وسلم- بها.
لا يُقال: لعل عندهما علماً بالنهي عنها، ولذلك نَهَيَا عنها، لأننا نقول: قد ثَبَت من طرق أن نهيَهما إنما كان عن رأي واجتهادٍ حادث، فقد روى مسلم (4: 46) وأحمد (1: 50) عن أبي موسى أنه كان يفتي بالمتعة، فقال له رجل: رُويدَك ببعض فُـتياك، فإنك لا تدري ما أحدث أمير المؤمنين في النُّسك بعدُ، حتى لقيه بعدُ، فسأله عمر: قد علمتُ أنّ النبي -صلى الله عليه وسلم- قد فعله وأصحابه، ولكن كرِهتُ أن يظلوا مُعَرَّسين بهنّ في الأراك، ثم يروحون في الحج تقطر رؤوسهم). ورواه البيهقي أيضاً (5: 20).
وهذا التعليل من عمر -رضي الله عنه- إشارة منه إلى أن المُتعة التي نهى عنها هي التي فيها التحلل بالعمرة إلى الحج كما هو ظاهر، ولكن قد صح عنه تعليل آخر يشمل فيه مُتعة القِرَانَ أيضاً فقال جابر -رضي الله عنه-: تمتعنا مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فلما قام عمر قال: (إن الله كان يُحِـلّ لرسوله ما شاء بما شاء، وإن القُـرْآن قدْ نَزَل منازله، فأتموا الحج والعمرة لله كما أمركم الله، فافْصِلوا حجكم عن عُمرتكم؛ فإنه أتمّ لحِجّتكم، وأتمّ لعُمْرتكم).أخرجه مسلم والبيهقي (5: 21).
فثبت مما ذكرنا أن عمر -رضي الله عنه- تأول آية من القرآن بما خالف به سنّته -صلى الله عليه وسلم- فأمر بالإفراد، وهو -صلى الله عليه وسلم- نهى عنه، ونهى عمر عن المُتعة، وهو -صلى الله عليه وسلم- أمرَ بها، ولهذا يجب أن يكون موقفنا من عمر هنا كموقفنا منه في نهيه الجنب الذي لا يجد الماء أن يتيمم ويصلي، ولا فَرْقَ.
الثاني: أن عمر -رضي الله عنه- قد ورد عنه ما يمكن أن يُؤخَذ منه أنه رجع عن نهيه عن المُتعة. فروى أحمد (5: 143) بسند صحيح عن الحسن أن عمر -رضي الله عنه- أراد أن ينهى عن مُتعة الحج، فقال له أُبَيّ: ليس ذاك لك، قد تمتعنا مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، ولم ينهنا عن ذلك، فأضربَ عنْ ذلك عمر.
قلتُ: الحسن -وهو البصري- لم يسمع من أُبَيًّ، ولا من عمر،كما قال الهيثمي(3: 236) ولولا ذاك لكان سنده إلى عمر صحيحاً، لكن قد جاء ما يشهد له، فَرَوى الطحاوي في "شرح المعاني”(1: 375) بسند صحيح عن ابن عباس قال: (يقولون: إن عمر -رضي الله عنه- نهى عن المُتعة، قال عمر -رضي الله عنه-: لو اعتمرتُ في عام مرتين ثم حججتُ لجعلتُها مع حِجتي). رواه من طريق عبد الرحمن بن زياد قال: ثنا شعبة عن سلمة بن كُهيل قال: سمعتُ طاوساً يحدّث عن ابن عباس.
قلتُ: وهذا سند جيد رجاله ثقات معروفون، غير عبد الرحمن بن زياد وهو الرصاصي، قال أبو حاتم: صدوق، وقال أبو زُرعة: لا بأس به. ولم يتفرد به، فقد أخرجه الطحاوي أيضاً من طريق أخرى عن سفيان عن سلمة بإسناده عنه قال: قال عمر: فذكر مثله. وسنده جيد أيضاً، وقد صححه ابن حزم فقال (7: 107) في صدد الرد على القائلين بمفضولية المتعة، المحتجين على ذلك بنهي عمر عنها: (هذا خالفه الحنفيون والمالكيون والشافعيون؛ لأنهم متفقون على إباحة مُتعة الحج، وقد صح عن عمر الرجوع إلى القول بها في الحج، رُوَّينا من طريق شُعبة عن سلمة بن كُهيل عن طاوس عن ابن عباس قال: قال عمر بن الخطاب: لو اعتمرتُ في سنة مرتين ثم حججتُ لجعلتُ مع حِجّتي عُمرة. ورُوَّيناه أيضاً من طريق سفيان عن سلمة بن كُهيل به. ورُويناه أيضاً من طُرُق).
فقدْ رَجَع عمر -رضي الله عنه- إلى القول بالمُتعة اتباعاً للسنّة، وذلك هو الظنّ به -رضي الله عنه- فكان ذلك من جملة الأدلة الدالّة على ضَعْف حديث الترجمة.
والحمد لله رب العالمين.



فوائد من فقه الألباني في مسائل الحج والعمرة 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 52879
العمر : 72

فوائد من فقه الألباني في مسائل الحج والعمرة Empty
مُساهمةموضوع: رد: فوائد من فقه الألباني في مسائل الحج والعمرة   فوائد من فقه الألباني في مسائل الحج والعمرة Emptyالثلاثاء 09 يوليو 2019, 11:53 pm

باب: يُجتَنَب في العُمرة ما يُجتَنَبُ في الحجّ
عن صفوان بن أمية (عن أبيه)، قال: جاء رجل إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- مُـتَـضَمَّخٌ بالخَلُوق، عليه مقطعات قد أحرم بعمرة، قال: كيف تأمرني يا رسول الله في  عمرتي؟ فأنزل الله -عز وجل-: (وأتّموا الحجّ والعُمْرةَ للهِ) (البقرة: 196). فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (أين السائل عن العمرة؟!).
فقال: (ها) أنا (ذا). فقال: (ألقِ (عنك) ثِيابَكَ واغْتَسِل، واستنقِ ما استطعتَ، وما كنتَ صانعاً في حجتك، فاصنعه في عمرتك).
صحيح.”الصحيحة”برقم (2765).


* فائدة:
قال في”الفتح”(3: 394): (قال ابن المُنَيَّر في”الحاشية": قوله: (وأصنع) معناه: اتْرُكْ؛ لأن المراد بيان ما يجتنبه المُحْرِم، فيؤخذ منه فائدة، وهي أن التَّرْك فِعْل).


باب: نهي الـمُحْرِمة عن تغطية وجهها بالـخِمار
عن عُقْبة بن عامر الجُهنيّ -رضي الله عنه- قال: نَذَرتْ أختي أنْ تمشيَ إلى الكعبة حافية حاسرة، فأتى عليها رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فقال: (ما بالُ هذهِ)؟ قالوا: نذرتْ أن تمشي إلى الكعبة حافية حاسرة! فقال: (مُروها فَلْتَرْكب وَلْتَخْتَمِرْ (وَلْتَحُحَّ)، (وَلْتَهْدِ هَدْياً)).
صحيح.”الصحيحة”برقم (2930).


* فائدة:
وفي الحديث فوائد هامة منها: أنّ إحرام المرأة في وجهها، فلا يجوز لها أن تضرب بـخِمَارها عليه، وإنما على الرأس والصدر، فهو كحديث: (لا تنتقب المرأة المُحْرِمة، ولا تلبس القفازين). أخرجه الشيخان (1).

 
باب: جواز تغطية المحرم وجهه للحاجة
عن عثمان بن عفان -رضي الله عنه-؛ أن النبي -صلى الله عليه وسلم-:
(1) (كان يُخَمرُ وجهه وهو محرم).
صحيح.”الصحيحة”برقم (2899).
عن عبد الله بن عامر بن ربيعة أنه
(2) رأىْ عثمان بن عفان بـ (العَرْج) مخمراً وجهه بقطيفة أُرْجُوان في يوم صائف وهو مُحْرِم.
صحيح.”الصحيحة”تحت حديث الترجمة.


* فائدة:
وإذا عرفت صحة (إسناد الحديث)، فلا تعارض بينه وبين الموقوف على عثمان كما هو ظاهر، إذ لا شيء يمنع من القول بجواز أن عثمان فعل ما يمكن أن يكون -صلى الله عليه وسلم- فعله.
هذا خير من نسبة الخطأ إلى الثقة لمجرد فعل عثمان بما رواه عن النبي-عليه الصلاة والسلام-.
ألا ترى معي أنه لا فرق بين تصويب الدارقطني -رحمه الله- للموقوف على المرفوع، وبين من لو عكس عليه الأمر، فصوب المرفوع على الموقوف. فالحق أن كلا منهما صحيح، فلا يُعارَضُ أحدهما بالآخر.
وقد جاء آثار كثيرة عن الصحابة والتابعين والأئمة المجتهدين بجواز تغطية المحرم لوجهه للحاجة، وبها استدل ابن حزم في”المحلى”(7: 91 - 93) مؤيداً بها الأصل، وخرَّج بعضها البيهقي (5: 54).
ولا يخالف ذلك قوله -صلى الله عليه وسلم- فيمن مات مُحْـرِماً: (اغسلوه بماء وسدر، وكفنوه في ثوبه، ولا تُـخمروا وجهه ورأسه).
رواه مسلم وغيره، وهو مخرج في”الإرواء”(4: 198- 199).
فإن هذا حكم خاص فيمن مات مُحْرِماً، وحديث الترجمة في الأحياء، فاختلفا.
أنظر لتمام البحث”المحلى".


باب: علة شرعية الرَّمَل في الطواف
عن ابن عباس -رضي الله عنهما-: (أن قريشاً قالت: إن محمداً وأصحابه قد وَهَـنَـتْـهُمْ حُمَّى يثرب، فلما قَدِمَ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- العام الذي اعتمر فيه قال لأصحابه: (ارمُلوا بالبيت؛ ليرى المشركون قُـوَّتَـكُمْ). فلما رَمَلوا قالت قريش ما وهنتهم).
صحيح.”الصحيحة”برقم (2573).


* فائدة:
قد يقول القائل: إذا كان علة شرعية الرمل إنما هي إراءة المشركين قوة المسلمين، أفلا يقال: قد زالت العلة فيزول شرعية الرمل؟
والجواب: لا؛ لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- رَمَـل بعد ذلك في حجة الوداع كما جاء في حديث جابر الطويل وغيره مثل حديث ابن عباس هذا في رواية أبي الطفيل المتقدمة. ولذلك قال ابن حبان في”صحيحه”(6: 47 - الإحسان): (فارتفعت هذه العلة، وبقي الرَّمَل فرضاً على أمة المصطفى -صلى الله عليه وسلم- إلى يوم القيامة).


باب: تحية البيت -لغير المُحْرِم- ركعتان
حديث: (تحية البيت الطواف).
لا أصل له.”الضعيفة”برقم (1012).


* فائدة:
قلتُ: ولا أعلم في السنّة القولية أو العملية ما يشهد (لمعنى هذا الحديث)، بل إن عموم الأدلة الواردة في الصلاة قبل الجلوس في المسجد تشمل المسجد الحرام أيضاً، والقول بأن تحيته الطواف مخالف للعموم المشار إليه، فلا يُـقْـبَل إلا بعد ثبوته وهيهات، لاسيما وقد ثبت بالتجربة أنه لا يمكن للداخل إلى المسجد الحرام الطواف كلما دخل المسجد في أيام المواسم، فالحمد لله الذي جعل في الأمر سعة، (وما جَعلَ عليكم في الدّين مِنْ حَرَج) (الحج: 78).
وإن مما ينبغي التنبّه له أن هذا الحكم إنما هو بالنسبة لغير المُـحرِم، وإلا فالسنّة في حقه أن يبدأ بالطواف ثم بالركعتين بعده. انظر بدع الحج والعمرة في رسالتي”مناسك الحج والعمرة”رقم البدعة (37).

 
باب: المبيت بالأبطح ليلة التاسع من ذي الحجة
عن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- قال: (من السنّة النزول بــ (الأبطحِ) عشية النَّـفْرِ).
صحيح.”الصحيحة”برقم (2675).


* فائدة:
ولقد بادرت إلى تخريج هذه الحديث فور حصولي على نسخة مصورة من ”المعجم الأوسط” لعزته، وقلة مَنْ أورده من المخرجين وغيرهم، ولكونه شاهداً قوياً لما رواه مسلم. (4: 85) عن نافع أن ابن عمر كان يرى التحصيب سنة.
قلتُ: فكأنّ ابن عمر تلقى ذلك من أبيه -رضي الله عنهما- فتقوى رأيه بهذا الشاهد الصحيح عن عمر.
وليس بخاف على أهل العلم أنه أقوى في الدلالة على شرعية التحصيب من رأي ابنه؛ لِما عُـرف عن هذا من توسعه في الاتباع له -صلى الله عليه وسلم- حتى في الأمور التي وقعت منه -صلى الله عليه وسلم- اتفاقاً لا قصداً، والأمثلة على ذلك كثيرة، وقد ذكر بعضها المنذري في أول”ترغيبه"، بخلاف أبيه عمر كما يدل على ذلك نهيه من اتباع الآثار، فإذا هو جزم أن التحصيب سنة، اطمأن القلب إلى أنه يعني أنها سنة مقصودة أكثر من قول ابنه بذلك، لاسيما ويؤيده ما أخرجه الشيخان عن أبي هريرة قال: قال لنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ونحن بمِنَى: (نحن نازلون غداً بـخَيْف بني كنانة حيث تقاسموا على الكفْر).
وذلك أن قريشاً وبني كنانة تحالفت على بني هاشم وبني المطلب أن لا يناكحوهم ولا يبايعوهم حتى يسلّموا إليهم رسول الله -صلى الله عليه وسلم-. يعني بذلك التحصيب. والسياق لمسلم.
قال ابن القيم في”زاد المعاد": (فقصد النبي -صلى الله عليه وسلم- إظهار شعائر الإسلام في المكان الذي أظهروا فيه شعائر الكفر، والعداوة لله ورسوله. وهذه كانت عادته -صلوات الله وسلامه عليه-: أن يقيم شعار التوحيد في مواضع شعائر الكفر والشرك كما أمر -صلى الله عليه وسلم- أن يُبَنى مسجد الطائف موضع اللات والعزى).
وأما ما رواه مسلم عن عائشة أن نزول الأبطح ليس بسنة، وعن ابن عباس أنه ليس بشيء. فقد أجاب عنه المحققون بجوابين:
الأول: أن المُثبِت مقدّم على النافي.
والآخر: أنه لا منافاة بينهما، وذلك أن النافي أراد أنه ليس من المناسك فلا يلزم بتركه شيء، والمثبت أراد دخوله في عموم التأسي بأفعاله -صلى الله عليه وسلم-، لا الإلزام بذلك.
قال الحافظ عَقِبه (3: 471): (ويستحب أن يصلي به الظهر والعصر والمغرب والعشاء، ويبيت به بعض الليل كما دل عليه حديث أنس وابن عمر). قلتُ: وهما في”مختصري لصحيح البخاري”(كتاب الحج: 83 - باب و (148 - باب).
(الأبطح): يعني أبطح مكة، وهو مسيل واديها، ويجمع على البطاح والأباطح، ومنه قيل: قريش البِطاح، هم الذين ينزلون أباطح مكة وبطحاءها.”نهاية".
و (التحصيب): النزول بــ (المحَصَّب) وهو الشَّعب الذي مَخْرَجُه إلى الأبطح بين مكة ومِنَى. وهو أيضاً (خَيْف بني كنانة).

 
باب: التقاط الجمرات من مِنَى لا المزدلفة
عن الفضل بن عباس -رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- للناس حين دفعوا عشية عرفة وغداة جَـمْع: (عليكم بالسَّـكِينة) وهو كافٌّ ناقَـتَـه، حتى إذا دخل مِنَى، فهبط حين هبط مُحَسراً قال: (عليكم بحصى الخَـذْفِ الذي ترمى به الجمرة).
قال: والنبي -صلى الله عليه وسلم- يشير بيده كما يخذف الإنسان.
صحيح”الصحيحة”برقم (2144).


* فائدة:
ترجم النسائي لهذا الحديث بقوله: (من أين يلتقط الحصى؟)، فأشار بذلك إلى أن الالتقاط يكون من مِنَى، والحديث صريح في ذلك؛ لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- إنما أمرهم به حين هبط مُحسراً، وهو من مِنَى كما في رواية مسلم والبيهقي، وعليه يدل ظاهر حديث ابن عباس قال: قال لي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- غداة العَـقَـبة وهو على راحلته: (هات القُـطْ لي)، فلقطتُ لهُ حَصَبات هن حَصَى الخذف، فلما وضعتهن في يده قال: (بأمثال هؤلاء، وإياكم والغلو في الدين، فإنما أهلك من كان قبلكم الغلو في الدين). أخرجه النسائي والبيهقي وأحمد (1: 215و247) بسند صحيح.
ووجه دلالته إنما هو قوله: (غَداة العَـقَبة) فإنه يعني غداة رمي جمرة العقبة الكبرى، وظاهره أن الأمر بالالتقاط كان في مِنَى قريباً من الجمرة، فما يفعله الناس اليوم من التقاط الحَصَبَات في المزدلفة مما لا نعرف له أصلاً في السنة، بل هو مخالف لهذين الحديثين، على ما فيه من التكلف والتحمل بدون فائدة!?
باب: هل يرمي الحاج الجمار ماشياً؟
عن ابن عمر -رضي الله عنهما- أن النبي -صلى الله عليه وسلم-: (كان إذا رمى الجمار مشى إليها ذاهباً وراجعاً).
صحيح.”الصحيحة”برقم (2072).


* فائدة:
قال الترمذي عقب الحديث: (والعمل على هذا عند أكثر أهل العلم، وقال بعضهم: يركب يوم النحر ويمشي في الأيام التي بعد يوم النحر، (قال أبو عيسى) وكأنه من قال هذا إنما أراد اتباع النبي -صلى الله عليه وسلم- في فعله، لأنه إنما رُوِيَ عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه ركب يوم النحر حيث ذهب يرمي الجمار، ولا يرمي يوم النحر إلا جمرة العقبة).
قلتُ: رميه -صلى الله عليه وسلم- جمرة العقبة راكباً هو في حديث جابر الطويل في”حجة النبي -صلى الله عليه وسلم-“من رواية مسلم وغيره (ص 82 - الطبعة الثانية)، ولذلك فحديث ابن عمر يُـفسَّـر على أنه أراد الجمار في غير يوم النحر توفيقاً بينه وبين حديث جابر. والله أعلم.
ثم رأيت ما يؤيد ذلك من رواية عبد الله بن عمر عن نافع بلفظ: (عن ابن عمر أنه كان يأتي الجمار في الأيام الثلاثة بعد يوم النحر ماشياً ذاهباً وراجعاً، ويخبر أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يفعل ذلك). أخرجه أبو داود (1969)، وأحمد (2: 156)، وفي رواية له (2: 114 و 138): (كان ابن عمر يرمي جمرة العقبة على دابته يوم النحر، وكان لا يأتي سائرها بعد ذلك إلا ماشياً ذاهباً وراجعاً، وزعم أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان لا يأتيها إلا ماشياً ذاهباً وراجعاً).



فوائد من فقه الألباني في مسائل الحج والعمرة 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 52879
العمر : 72

فوائد من فقه الألباني في مسائل الحج والعمرة Empty
مُساهمةموضوع: رد: فوائد من فقه الألباني في مسائل الحج والعمرة   فوائد من فقه الألباني في مسائل الحج والعمرة Emptyالثلاثاء 09 يوليو 2019, 11:59 pm

باب: رمي جمرة العقبة يُحلّ كل شيء إلا النساء
عن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (إذا رميتم الجمرة؛ فقد حل كل شيء إلا النساء).
صحيح،”الصحيحة”برقم (239).


* فائدة:
وفي الحديث دلالة ظاهرة على أن الحاج يحلُّ له بالرمي لجمرة العقبة كل محظور من محظورات الإحرام إلا الوطء للنساء؛ فإنه لا يحل له بالإجماع.
وما دل عليه الحديث عزاه الشوكاني (5: 60) للحنفية والشافعية والعِترة، والمعروف عن الحنفية أن ذلك لا يحلُّ إلا بعد الرمي والحلق، واحتج لهم الطحاوي بحديث عمرة عن عائشة (المتقدم)، ((وهو) مثل حديث ابن عباس هذا، لكن بزيادة (وذبحتم وحلقتم))، وقد عرفت ضعفه؛ فلا حجة فيه، لاسيما مع مخالفته لحديثها الصحيح (حلّ كل شيء إلا النساء)  الذي احتجت به على قول عمر (“إذا رميتم الجمرة بسبع حصيات، وذبحتم وحلقتم فقد حلّ لكم كل شيء إلا النساء والطيب”) الموافق لمذهبهم.
نعم؛ ذكر ابن عابدين في”حاشيته”على”البحر الرائق”(2: 373) عن أبي يوسف ما يوافق ما حكاه الشوكاني عن الحنفية؛ فالظاهر أن في مذهبهم خلافاً، وقول أبي يوسف هو الصواب؛ لموافقته للحديث.
ومن الغرائب قول الصنعاني في شرح حديث عائشة الضعيف: (والظاهر أنه مُجْمَعٌ على حلّ الطيب وغيره -إلا الوطء- بعد الرمي، وإن لم يحلق).
فإن هذا وإن كان هو الصواب؛ فقد خالف فيه عمر وغيره من السلف، وحكى الخلاف فيه غير واحد من أهل العلم؛ منهم ابن رشد في”البداية”(1: 295)، فأين الإجماع؟!
لكن الصحيح ما أفاده الحديث، وهو مذهب ابن حزم في”المحلى”(7: 139)، وقال: (وهو قول عائشة وابن الزبير وطاوس وعلقمة وخارجة بن زيد بن ثابت).


باب: لمن تُشرع عمرة التنعيم؟!
1 - عن عبدالرحمن بن أبي بكر -رضي الله عنهما-؛ أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال له: (أَرْدِفْ أختك عائشة فَأَعْمِرها من التنعيم، فإذا هَبَـطْتَ الأَكَـمَـةَ فَمُرْها فَـلْـتُـحْرِم، فإنها عمرة متقبلة).
صحيح.”الصحيحة”برقم (2626).


* فائدة:
وكذلك (أخرج البخاري ومسلم) من حديث عائشة نفسها وفي رواية لهما عنها قالت: (فاعتمرت، فقال: (هذه مكان عمرتك). وفي أخرى: بنحوه قال: (مكان عمرتي التي أدركني الحج ولم أحصل منها). وفي أخرى: (مكان عمرتي التي أمسكتُ عنها). وفي أخرى: (جزاءً بعمرة الناس التي اعتمروا) رواها مسلم.
وفي ذلك إشارة إلى سبب أمره -صلى الله عليه وسلم- لها بهذه العمرة بعد الحج.


وبيان ذلك:
أنها كانت أهلّت بالعمرة في حجتها مع النبي -صلى الله عليه وسلم-، إما ابتداءً أو فسخاً للحج إلى العمرة (على الخلاف المعروف) (1)، فلما قدمتْ (سرف) - مكان قريب من مكة -، حاضت، فلم تتمكن من إتمام عمرتها والتحلل منها بالطواف حول البيت، لقوله -صلى الله عليه وسلم- لها - وقد قالت له: إني كنت أهللت بعمرة فكيف أصنع بحجتي؟ قال: (انقضي رأسك، وامتشطي، وأمسكي عن العمرة، وأهلي بالحج، واصنعي ما يصنع الحاج غير أن لا تطوفي ولا تصلي حتى تطهري). (وفي رواية: (فكوني في حجك، فعسى الله أن يرزقكيها)) - ففعلتْ، ووقفتْ المواقف، حتى إذا طهرتْ طافت بالكعبة والصفا والمروة، وقال لها -صلى الله عليه وسلم- كما في حديث جابر: (قد حللت من حجك وعمرتك جميعاً)، فقالت: (يا رسول الله إني أجد في نفسي أني لم أطف بالبيت حتى حججت، وذلك يوم النفر، فأبت، وقالت: أيرجع الناس بأجرين وأرجع بأجر؟ وفي رواية عنها - يصدر الناس بنسكين وأصدر بنسك واحد؟ وفي أخرى: يرجع الناس (وعند أحمد (6: 219): صواحبي، وفي أخرى له (6: 165 و 266): نساؤك) بعمرة وحجة، وأرجع أنا بحجة؟
وكان -صلى الله عليه وسلم- رجلاً سهلاً إذا هَوِيَتِ الشيء تابعها عليه، فأرسلها مع أخيها عبد الرحمن، فأهلت بعمرة من التنعيم (2).
فقد تبين مما ذكرنا من هذه الروايات - وكلها صحيحة - أن النبي -صلى الله عليه وسلم- إنما أمرها بالعمرة عقب الحج بديل ما فاتها من عمرة التمتع بسبب حيضها، ولذلك قال العلماء في تفسير قوله -صلى الله عليه وسلم- المتقدم: (هذه مكان عمرتك) أي: العمرة المنفردة التي حصل لغيرها التحلل منها بمكة، ثم أنشأوا الحج مُفْرداً (3).
إذا عرفت هذا، ظهر لك جلياً أن هذه العمرة خاصة بالحائض التي لم تتمكن من إتمام عمرة الحج، فلا تشرع لغيرها من النساء الطاهرات، فضلاً عن الرجال.
ومن هنا يظهر السر في إعراض السلف عنها، وتصريح بعضهم بكراهتها، بل إن عائشة نفسها لم يصح عنها العمل بها، فقد كانت إذا حجت تمكث إلى أن يهلَّ المحرم ثم تخرج إلى الجحفة فتحرم منها بعمرة، كما في”مجموع الفتاوى”لابن تيمية (26: 92).
وقد أخرجه البيهقي في”السنن الكبرى”(4: 344) بمعناه عن سعيد بن المسيب أن عائشة -رضي الله عنها- كانت تعتمر في آخر ذي الحجة من الجحفة.وإسناده صحيح.
وأما ما رواه مسلم (4: 36) من طريق مطر: قال أبو الزبير: فكانت عائشة إذا حجت صنعت كما صنعت مع نبي الله -صلى الله عليه وسلم-.
ففي ثبوته نظر، لأن مطراً هذا هو الوراق؛ ففيه ضعف من قِبَل حفظه، لاسيما وقد خالفه الليث بن سعد وابن جريج كلاهما عن أبي الزبير عن جابر بقصة عائشة، ولم يذكرا فيها هذا الذي رواه مطر، فهو شاذ أو منكر، فإن صح ذلك فينبغي أن يحمل على ما رواه سعيد بن المسيب، ولذلك قال شيخ الإسلام ابن تيمية في”الاختيارات العلمية”(ص119): (يكره الخروج من مكة لعمرة تطوع، وذلك بدعة لم يفعله النبي -صلى الله عليه وسلم-، ولا أصحابه على عهده، لا في رمضان ولا في غيره، ولم يأمر عائشة بها، بل أذن لها بعد المراجعة تطييباً لقلبها، وطوافه بالبيت أفضل من الخروج اتفاقاً، ويخرج عند من لم يكرهه على سبيل الجواز).
وهذا خلاصة ما جاء في بعض أجوبته المذكورة في”مجموع الفتاوى"(26: 252 - 263)، ثم قال (26: 264): (ولهذا كان السلف والأئمة ينهون عن ذلك، فروى سعيد بن منصور في”سننه”عن طاوس -أجَلَّ أصحاب ابن عباس- قال: (الذين يعتمرون من التنعيم ما أدري أيؤجرون عليها أم يعذبون؟ قيل: فَلِمَ يُعذَّبون؟ قال: لأنه يدع الطواف بالبيت، ويخرج إلى أربعة أميال ويجيء، وإلى أن يجيء من أربعة أميال (يكون) قد طاف مائتي طواف، وكلما طاف بالبيت كان أفضل من أن يمشي في غير شيء). وأقره الإمام أحمد. وقال عطاء بن السائب: (اعتمرنا بعد الحج، فعاب ذلك علينا سعيد بن جبير) وقد أجازها آخرون، لكن لم يفعلوها...).
وقال ابن القيم -رحمه الله- في”زاد المعاد”(1: 243): (ولم يكن -صلى الله عليه وسلم- في عُمْرة واحدة خارجاً من مكة كما يفعل كثير من الناس اليوم، وإنما كانت عُمَرُهُ كلها داخلاً إلى مكة، وقد أقام بعد الوحي بمكة ثلاث عشرة سنة، لم ينقل عنه أنه اعتمر خارجاً من مكة في تلك المدة أصلاً، فالعمرة التي فعلها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وشرعها فهي عمرة الداخل إلى مكة، لا عمرة من كان بها فيخرج إلى الحل ليعتمر، ولم يفعل هذا على عهد أحد قط إلا عائشة وحدها من بين سائر من كان معه، لأنها كانت قد أهلت بالعمرة فحاضت، فأمرها فأدخلت الحج على العمرة وصارت قارنة، وأخبرها أن طوافها بالبيت وبين الصفا والمروة قد وقع عن حجتها وعمرتها، فوجدت في نفسها أن ترجع صواحباتها بحج وعمرة مُسْـتَـقِلَّـيْنِ فإنهن كن متمتعات ولم يحضن ولم يَقْرِنَ، وترجع هي بعمرة في ضمن حجتها، فأمر أخاها أن يُعْمِرَها من التنعيم تطييباً لقلبها، ولم يعتمر هو من التنعيم في تلك الحجة ولا أحد ممن كان معه) اهـ.
قلتُ: قد يشكل على نفيه في آخر كلامه، ما في رواية للبخاري (3: 483 - 484) من طريق أبي نعيم: حدثنا أفلح بن حميد عن القاسم عن عائشة، -فذكر القصة-، وفيه: (فدعا عبد الرحمن فقال: (أخرج بأختك الحرم فلتهل بعمرة، ثم افرغا من طوافكما)).
لكن أخرجه مسلم (4: 31 - 32) من طريق إسحاق بن سليمان عن أفلح به؛ إلا أنه لم يذكر: (ثم أفرغا من طوافكما). وإنما قال: (ثم لتطف بالبيت).
فأخشى أن يكون تثنية الطواف خطأ من أبي نعيم، فقد وجدت له مخالفاً آخر عند أبي داود (1: 313 - 314) من رواية خالد -وهو الحذّاء- عن أفلح به نحو رواية مسلم، فهذه التثنية شاذة في نقدي؛ لمخالفة أبي نعيم وتفرده بها دون إسحاق بن سليمان وخالد الحذّاء وهما ثقتان حُجّتان.
ثم وجدت لهما متابعاً آخر وهو أبو بكر الحنفي عند البخاري (3: 328) وأبي داود.
ويؤيد ذلك أنها لم ترد لفظاً ولا معنى في شيء من طرق الحديث عن عائشة، وما أكثرها في”مسند أحمد”(6: 43 و 78 و 113 و 122 و 124 و 163 و 165 و 177 و 191 و 219 و 233 و 245 و 266 و 273)، وبعضها في”صحيح البخاري”(3: 297 و 324 و 464 و 477 - 478 و 482 و 4: 99 و 8: 84)، ومسلم (4: 27 - 34)، وكذا لم ترد في حديث جابر عند البخاري (3: 478 - 480)، ومسلم (4: 35 - 36)، وأحمد (3: 309 و 366)، وكذلك لم ترد في حديث الترجمة لا من الوجه المذكور أولاً، ولا من الطريق الأخرى عند الشيخين وغيرهما.
نعم، في رواية لأحمد (1: 198) من طريق ابن أبي نجيح أن أباه حدثه أنه أخبره من سمع عبد الرحمن بن أبي بكر يقول: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-... فذكره نحوه.
إلا أنه قال: (فأهلا وأقبلا، وذلك ليلة الصدر)، لكن الواسطة بين أبي نجيح وعبد الرحمن لم يُسَمَّ، فهو مجهول، فزيادته منكرة، وإن سكت الحافظ في”الفتح”(3: 479) على زيادته التي في آخره: (وذلك ليلة الصدر)، ولعل ذلك لشواهدها. والله أعلم.
وجملة القول أنه لا يوجد ما ينفي قول ابن القيم انه لم يعتمر بعد الحج أحد ممن كان مع النبي -صلى الله عليه وسلم- سوى عائشة،ولذلك لما نَقَـل كلامه مختصراً الحافظ في"الفتح"لم يتعقبه إلا بقوله (3: 478): (وبعد أن فعلته عائشة بأمره دل على مشروعيته)!
ومن تأمل ما سقناه من الروايات الصحيحة، وما فيها من بيان سبب أمره -صلى الله عليه وسلم- إياها بذلك؛ تجلى له يقيناً أنه ليس فيه تشريع عام لجميع الحجاج،ولو كان كما توهم الحافظ لبادر الصحابة إلى الإتيان بهذه العمرة في حجته -صلى الله عليه وسلم- وبعدها، فعدم تعبدهم بها، مع كراهة من نص على كراهتها من السلف كما تقدم لأكبر دليل على عدم شرعيتها. اللهم إلا من أصابها ما أصاب السيدة عائشة -رضي الله عنها- من المانع من إتمام عمرتها. والله -تعالى- ولي التوفيق.
وإن مما ينبغي التنبه له أن قول ابن القيم المتقدم: (إنما كانت عُـمَرُهُ كلها داخلاً إلى مكة)، لا ينافيه اعتماره -صلى الله عليه وسلم- من (الجعرانة)، كما توهم البعض؛ لأنها كانت مَرْجِعُه من الطائف، فنزلها، ثم قَسَمَ غنائم حُنَيْن بها، ثم اعتمر منها.
2 - عن عائشة -رضي الله عنها- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال لها: (طوافك بالبيت، وبين الصفا والمروة يكفيك لحجك وعمرتك).
صحيح.”الصحيحة”برقم (1984).



فوائد من فقه الألباني في مسائل الحج والعمرة 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 52879
العمر : 72

فوائد من فقه الألباني في مسائل الحج والعمرة Empty
مُساهمةموضوع: رد: فوائد من فقه الألباني في مسائل الحج والعمرة   فوائد من فقه الألباني في مسائل الحج والعمرة Emptyالأربعاء 10 يوليو 2019, 12:02 am

* فائدة:
قلتُ: فالعمرة بعد الحج إنما هي للحائض التي لم تتمكن من الإتيان بعمرة الحج بين يدي الحج، لأنها حاضت، كما علمت من قصة عائشة هذه، فمثلها من النساء إذا أهلت بعمرة الحج كما فعلت هي -رضي الله عنها-، ثم حال بينها وبين إتمامها الحيض، فهذه يشرع لها العمرة بعد الحج، فما يفعله اليوم جماهير الحجاج من تهافتهم على العمرة بعد الحج، مما لا نراه مشروعاً؛ لأن أحداً من الصحابة الذين حجُّوا معه -صلى الله عليه وسلم- لم يفعلها.
بل إنني أرى أن هذا من تشبه الرجال بالنساء، بل الحُيَّضِ منهن! ولذلك جريت على تسمية هذه العمرة بــ (عمرة الحائض) بياناً للحقيقة.


باب: كيفية الاستفادة من لحوم الهدايا والضحايا في مِنَى.
عن جابر بن عبد الله -رضي الله عنهما- قال: (كنا نتزوّدُ لحوم الأضاحي على عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إلى المدينة).
صحيح.”الصحيحة”برقم (805).
* تنبيه:
لقد شاع بين الناس الذين يعودون من الحج التذمر البالغ مما يرونه من ذهاب الهدايا والضحايا في مِنَى طُعْماً للطيور وسباع الوحوش، أو لقماً للخنادق الضخمة التي تحفرها الجرافات الآلية ثم تقبرها فيها، حتى لقد حمل ذلك بعض المفتين الرسميين على إفتاء بعض الناس بجواز -بل وجوب- صرف أثمان الضحايا والهدايا في مِنَى إلى الفقراء، أو يشتري بها بديلها في بلاد المكلفين بها، ولست الآن بصدد بيان ما في مثل هذه الفتوى من الجَوْر، ومخالفة النصوص الموجبة لِمَا استيسر من الهدي دون القيمة، وإنما غرضي أن أنبه أن التذمر المذكور يجب أن يُعلَم أن المسؤول عنه إنما هم المسلمون أنفسهم، لأسباب كثيرة لا مجال لذكرها الآن، وإنما أذكر هنا سبباً واحداً منها؛ وهو عدم اقتدائهم بالسلف الصالح -رضي الله عنهم- في الانتفاع من الهدايا بذبحها وسلخها وتقطيعها، وتقديمها قِطَعاً إلى الفقراء، والأكل منها، ثم إصلاحها بطريقة فِطْرية؛ كتشريقه وتقديده تحت أشعة الشمس بعد تمليحه، أو طبخه مع التمليح الزائد ليصْلُح للادخار، أو بطريقة أخرى علمية فنية إن تيسرت، لو أن المسلمين صنعوا في الهدايا هذا وغيره مما يمكن استعماله من الأسباب والوسائل؛ لزالت الشكوى بإذن الله، ولكن إلى الله المشتكى من غالب المسلمين الذين يحجون إلى تلك البلاد المقدسة وهم في غاية من الجهل بأحكام المناسك الواجبة؛ فضلاً عن غيرها من الآداب والثقافة الإسلامية العامة. والله المستعان.


باب: توسيع الكعبة وفتح باب آخر لها
عن عائشة -رضي الله عنها-؛ أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال لها: (يا عائشة! لولا أن قومك حديثو عهد بشرك، (وليس عندي من النفقة ما يُقوي على بنائه)؛ (لأنفقت كنز الكعبة في سبيل الله، و) لهدمت الكعبة، فألزقتها بالأرض، (ثم لبنيتها على أساس إبراهيم)، وجعلت لها بابين (موضوعين في الأرض)؛ باباً شرقياً (يدخل الناس منه)، وباباً غربياً (يخرجون منه)، وزدت فيها ستة أذرع من الحِجْرِ (وفي رواية: ولأدخلت فيها الحِجْرَ)؛ فإن قريشاً اقتصرتها حيث بنت الكعبة، (فإن بدا لقومك من بعدي أن يبنوه؛ فهلمي لأريك ما تركوا منه، فأرها قريباً من سبعة أذرع)).
(وفي رواية عنها قالت: سألت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن الجَدْرِ (أي: الحِجْر)؛ أمِنَ البيت هو؟ قال: (نعم). قلت: فلم لم يدخلوه في البيت؟ قال: (إن قومك قصَّرَتْ بهم النفقة). قلت: فما شأن بابِهِ مرتفعاً؟ قال: (فعل ذلك قومك ليُدْخِلوا من شاؤوا، ويمنعوا من شاؤوا (وفي رواية: تعززاً أن لا يدخلها إلا من أرادوا،فكان الرجل إذا أراد أن يدخلها يَدَعونَه يرتقي؛ حتى إذا كاد أن يدخل؛ دفعوه، فسقط)،ولولا أن قومك حديثٌ عَهْدُهُم في الجاهلية،فأخاف أن تنكر قلوبهم ؛ لَنَظَرْتُ أن أُدخل الجَدْرَ في البيت، وأن أُلـْزِقَ بابه بالأرض)).
(فلما مَلَكَ ابن الزبير، هدمها، وجعل لها بابين) (وفي رواية: فذلك الذي حمل ابن الزبير على هدمه. قال يزيد بن رومان: وقد شهدت ابن الزبير حين هَدَمَهُ وبناه وأدخل فيه الحِجْرَ، وقد رأيتُ أساس إبراهيم عليه السلام حجارةً مُتلاحِمَةً كأسنمة الإبل مُتلاحِكَةً).
صحيح.”الصحيحة”برقم (43).


* (من فقه الحديث):
يدل هذا الحديث على أمرين:
الأول: أن القيام بالإصلاح إذا ترتب عليه مفسدة أكبر منه؛ وجب تأجيله، ومنه أخذ الفقهاء قاعدتهم المشهورة: (دفع المفسدة قَبْل جَلْب المصلحة).
الثاني: أن الكعبة المشرفة بحاجة الآن إلى الإصلاحات التي تضمنها الحديث؛ لزوال السبب الذي من أجله ترك رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ذلك، وهو أن تنفر قلوب من كان حديث عهد بشرك في عهده -صلى الله عليه وسلم-، وقد نقل ابن بطال عن بعض العلماء: (أن النفرة التي خشيها -صلى الله عليه وسلم-: أن ينسبوه إلى الانفراد بالفَـخْر دونهم).
ويمكن حصر تلك الإصلاحات فيما يلي:
1 - توسيع الكعبة وبناؤها على أساس إبراهيم - عليه الصلاة والسلام -، وذلك بضم نحو ستة أذرع من الحِجْر.
2 - تسوية أرضها بأرض الحَرَم.
3 - فتح باب آخر لها من الجهة الغربية.
4 - جعل البابين منخفضين مع الأرض لتنظيم وتيسير الدخول إليها والخروج منها لكل من شاء.
ولقد كان عبد الله بن الزبير -رضي الله عنهما- قد قام بتحقيق هذا الإصلاح بكامله إبّان حكمه في مكة، ولكن السياسة الجائرة أعادت الكعبة بعده إلى وَضْعها السابق!
وهاك تفصيل ذلك كما رواه مسلم وأبو نعيم بسندهما الصحيح عن عطاء قال: (لما احترق البيت زمن يزيد بن معاوية حين غزاها أهل الشام، فكان من أمره ما كان؛ تركه ابن الزبير حتى قدم الناس الموسم؛ يريد أن يجرئهم -أو يُحَربَهُم- على أهل الشام، فلما صدر الناس؛ قال: يا أيها الناس! أشيروا عليَّ في الكعبة؛ أنْـقُـضُـها ثم أبني بناءها أو أُصْلحُ ما وَهَى منها؟ قال ابن عباس: فإني قد فُرِقَ لي رأيٌ فيها: أرى أن تصلح ما وَهَى منها، وتَدَع بيتاً أسلم الناس عليه، وأحجاراً أسلم الناس عليها، وبُعِثَ عليها النبي -صلى الله عليه وسلم-.
فقال ابن الزبير: لو كان أحدكم احترق بيتُـه ما رضي حتى يُجِدَّه؛ فكيف ببيت ربكم؟!
إني مستخيرٌ ربي ثلاثاً، ثم عازم على أمري. فلما مضى الثلاث؛ أجمعَ رأيه على أن ينقضها، فتحاماه الناس أن ينزل بأوّل الناس يصعد فيه أمرٌ من السماء! حتى صَعِدَه رجلٌ، فألقى منه حجارة، فلما لم يره الناس أصابه شيء؛ تتابعوا فنقضوه حتى بلغوا به الأرض، فجعل ابن الزبير أعمدة، فستر عليها الستور حتى ارتفع بناؤه، وقال ابن الزبير: إني سمعت عائشة تقول: إن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (فذكر الحديث بالزيادة الأولى، ثم قال): فأنا اليوم أجدَ ما أنفق، ولست أخاف الناس، فزاد فيه خمس أذرع مِن الحِجْر، حتى أبدى أٌسّاً نظر الناس إليه، فبنى عليه البناء، وكان طول الكعبة ثماني عشرة ذراعاً، فلما زاد فيه، استقصره، فزاد في طوله عشر أذرع، وجعل له بابين: أحدهما يُدْخَل منه، والآخر يُخْرَجُ منه، فلما قُـتِـل ابن الزبير، كتب الحجاج إلى عبد المالك يخبره بذلك، ويخبره أن ابن الزبير قد وضع البناء على أُس نظر إليه العدول من أهل مكة، فكتب إليه عبد الملك: إنّا لسنا من تلطيخ ابن الزبير في شيء، أما ما زاد في طوله، فأقِرَّهُ، وأما ما زاد فيه من الحِجْر، فرُدَّ إلى بنائه، وسدَّ الباب الذي فتحه، فنقضه وأعاده إلى بنائه).
ذلك ما فعله الحجاج الظالم بأمْر عبد الملك الخاطئ، وما أظن أنه يُسَوغ له خطأه ندمه فيما بعد، فقد روى مسلم وأبو نعيم أيضاً عن عبد الله بن عُبيد؛ قال: (وَفَد الحارث بن عبد الله على عبد الملك بن مروان في خلافته، فقال عبد الملك: ما أظن أبا خُبَيْب (يعني: ابن الزبير) سمع من عائشة ما كان يزعم أنه سمعه منها. قال الحارث: بَلَى؛ أنا سمعته منها.
قال: سمعتها تقول ماذا؟ قال: قالت: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (قلتُ: فذكر الحديث). قال عبدالملك للحارث: أنت سمعتها تقول هذا؟ قال: نعم. فنَـكَتَ ساعة بعصاه، ثم قال: ودِدتُ أني تركته وما تحمَّل).
وفي رواية لهما عن أبي قَزْعة: (أن عبد الملك بن مروان بينما هو يطوف بالبيت؛ إذ قال: قاتل الله ابن الزبير حيث يكذب على أم المؤمنين؛ يقول سمعتها تقول: (فذكر الحديث) فقال الحارث ابن عبد الله بن أبي ربيعة: لا تقل هذا يا أمير المؤمنين؛ فأنا سمعت أم المؤمنين تحدثُ هذا. قال: لو كنتُ سمعته قبل أن أهدمه لتركته على  ما بنى ابن الزبير).
أقول: كان عليه أن يتثبت قبل الهدم، فيسأل عن ذلك أهل العلم؛ إن كان يجوز له الطعن في عبد الله بن الزبير واتهامه بالكذب على رسول الله -صلى الله عليه وسلم-! وقد تبين لعبد الملك صدقُه -رضي الله عنه- بمتابعة الحارث إيّاه؛ كما تابعه جماعة كثيرة عن عائشة -رضي الله عنها-، وقد جمعت رواياتهم بعضها إلى بعض في هذا الحديث، فالحديث مستفيض عن عائشة، ولذلك فإني أخشى أن يكون عبد الملك على عِلْم سابق بالحديث قبل أن يهدم البيت، ولكنه تظاهر بأنه لم يسمع به إلاّ من طريق ابن الزبير، فلما جابهه الحارث ابن عبد الله بأنه سمعه من عائشة أيضاً؛ أظهر الندم على ما فَعَل، ولاتَ حين مَنْدَم.
هذا؛ وقد بلغنا أن هناك فكرة أو مشروعاً لتوسيع المطاف حول الكعبة، ونقل مقام إبراهيم - عليه الصلاة والسلام - إلى مكان آخر، فأقترح بهذه المناسبة على المسؤولين أن يبادروا إلى توسيع الكعبة قبل كل شيء، وإعادة بنائها على أساس إبراهيم - عليه السلام ؛ تحقيقاً للرغبة النبوية الكريمة المتجلية في هذا الحديث، وإنقاذاً للناس من مشاكل الزحام على باب الكعبة الذي يُشاهد في كل عام، ومن سيطرة الحارس على الباب، الذي يمنع من الدخول من شاء ويسمح لمن شاء؛ من أجل دريهمات معدودات (1)!



فوائد من فقه الألباني في مسائل الحج والعمرة 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 52879
العمر : 72

فوائد من فقه الألباني في مسائل الحج والعمرة Empty
مُساهمةموضوع: رد: فوائد من فقه الألباني في مسائل الحج والعمرة   فوائد من فقه الألباني في مسائل الحج والعمرة Emptyالأربعاء 10 يوليو 2019, 12:27 am

باب: مشروعية زيارة قبر النبي -صلى الله عليه وسلم-
1 - عن عاصم بن حُميد السَّـكونيّ -رحمه الله-: أن معاذاً لما بعثه النبي -صلى الله عليه وسلم- إلى اليمن، خرج معه النبي -صلى الله عليه وسلم- يوصيه، ومعاذ راكب، والرسول -صلى الله عليه وسلم- يمشي تحت راحلته، فلما فرغ قال: (يا معاذ! إنك عسى أنْ لا تلقاني بعد عامي هذا، (أ) ولعلك أن تمر بمسجدي (هذا أ) وقبري).
صحيح، ”الصحيحة” برقم (2497).


* (تنبيه):
هذا الحديث استدل به الدكتور البوطي في آخر كتابه: ”فقه السيرة”على شرعية زيارة قبره -صلى الله عليه وسلم- التي زعم أن ابن تيمية ينكرها! ونحن وإنْ كنّا لا نخالفه في هذا الاستدلال، فإنه ظاهر، ولكنّا ننبه القراء بأنّ هذا الزعم باطل وافتراء على ابن تيمية -رحمه الله- فإن كتبه طافحة بالتصريح بشرعيتها، بل وتوسع في بيان آدابها، وإنما ينكر ابن تيمية قَصْدَها بالسفر إليها؛ المعنيّ بحديث: (لا تُـشَـدُّ الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد..). الحديث؛ كما كنتُ بيّنتُ ذلك، وبسطتُ القول فيه من أقوال ابن تيمية نفسه في ردي على البوطي المسمى: ”دفاع عن الحديث النبوي"، فما معنى إصرار الدكتور على هذه الفِرْية حتى الطبعة الأخيرة من كتابه؟!
الجواب عند القراء الألبَّاء.


* فائدة:
ومما يدل على وضعه أن جفاء النبي -صلى الله عليه وسلم- من الكبائر؛ إن لم يكن كفراً، وعليه فمَنْ ترك زيارته -صلى الله عليه وسلم- يكون مُرتكباً لذنب كبير، وذلك يستلزم أن الزيارة واجبة كالحج، وهذا مما لا يقوله مسلم؛ ذلك لأن زيارته -صلى الله عليه وسلم- وإن كانت من القُـربات، فإنها لا تتجاوز عند العلماء حدود المُستحبَّات، فكيف يكون تاركها مُجافياً للنبي -صلى الله عليه وسلم- ومُعْرِضاً عنه؟!


باب: هل زُوّار قبر النبي -صلى الله عليه وسلم- بمنزلة الصحابة؟!
1 - حديث: (مَنْ حَجَّ، فزار قبري بعد موتي؛ كان كمَنْ زارني في حياتي).
موضوع ”الضعيفة” برقم (47).


* فائدة:
واعلم أنه قد جاءت أحاديث أخرى في زيارة قبره -صلى الله عليه وسلم-، وقد ساقها كلها السبكي في ”الشفاء” وكلها واهية، وبعضها أوهى من بعض، وهذا أجودها كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية في كتابه الآتي ذكره، وقد تولى بيان ذلك الحافظ ابن عبد الهادي في الكتاب المشار إليه آنفاً بتفصيل وتحقيق لا تراه عند غيره، فليرجع إليه من شاء (1).
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية في ”القاعدة الجليلة” (ص57): (وأحاديث زيارة قبره -صلى الله عليه وسلم- كلها ضعيفة، لا يعتمد على شيء منها في الدين، ولهذا لم يَرْوِ أهل الصحاح والسنن شيئاً منها، وإنما يرويها من يروي الضعاف، كالدارقطني، والبزار، وغيرهما).
ثم ذكر هذا الحديث، ثم قال: (فإن هذا كذبه ظاهر، مخالف لدين المسلمين، فإن مَنْ زاره في حياته، وكان مؤمناً به، كان من أصحابه، لاسيما إن كان من المُهاجرين إليه، المُجاهدين معه، وقد ثبت عنه -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (لا تسُبُّوا أصحابي، فوالذي نفسي بيده لو أنفق أحدكم مثل جبل أٌحُدٍ ذهباً، ما بلغ مُدَّ أحدهم ولا نَصيفَـه). خرجاه في الصحيحين.
والواحد من بعد الصحابة لا يكون مثل الصحابة بأعمال مأمور بها واجبة كالحج، والجهاد، والصلوات الخمس، والصلاة عليه -صلى الله عليه وسلم-، فكيف بعمل ليس بواجب باتفاق المسلمين (يعني زيارة قبره -صلى الله عليه وسلم-)، بل ولا شُرِع السفر إليه، بل هو منهيٌ عنه، وأمَّا السَّفر إلى مسجده للصلاة فيه، فهو مُستحب).


* (تنبيه):
يظن كثير من الناس أن شيخ الإسلام ابن تيمية ومَنْ نَحَى نحوه من السلفيين يمنع من زيارة قبره -صلى الله عليه وسلم-، وهذا كذبٌ وافتراءٌ، وليست هذه أول فريةٍ على ابن تيمية -رحمه الله تعالى- وعليهم، وكل مَنْ له اطلاع على كتب ابن تيمية يعلم أنه يقول بمشروعية زيارة قبره -صلى الله عليه وسلم- واستحبابها إذا لم يقترن بها شيء من المخالفات والبدع، مثل شد الرحال، والسفر إليها، لعموم قوله -صلى الله عليه وسلم-: (لا تُشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد).
والمُستثنَى منه في هذا الحديث ليس هو المساجد فقط -كما يظن كثيرون- بل هو كل مكان يُقصَد للتقرب إلى الله فيه، سواء كان مسجداً، أو قبراً أو غير ذلك، بدليل ما رواه أبو هريرة قال (في حديث له): فلقيت بَصْرة بن أبي بَصْرة الغفاري، فقال: من أين أقبلت؟ فقلتُ: من الطور.
فقال: لو أدركتُـكَ قبل أن تخرج إليه ما خرجت! سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: (لا تُـعْـمَل المطِيُّ إلاّ إلى ثلاثة مساجد...) الحديث.
أخرجه أحمد وغيره بسند صحيح، وهو مخرج في”أحكام الجنائز”(ص226).
فهذا دليل صريح على أن الصحابة فَهِموا الحديث على عمومه، ويؤيده أنه لم يُنقَـل عن أحد منهم أنه شد الرحال لزيارة قبر ما، فهم سلف ابن تيمية في هذه المسألة فمَنْ طعن فيه، فإنما يطعن في السَّلف الصّالح -رضي الله عنهم-.
ورحم الله مَنْ قال:
وكل خير في اتباع مَنْ سلف    وكل شر في ابتداع مَنْ خلف
2 - حديث: (مَنْ زارني بعد موتي، فكأنَّما زراني في حياتي).
باطل.”الضعيفة”برقم (1021).


* فائدة:
وأما متن الحديث فهو كذب ظاهر، كما بينه شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله تعالى-، ونقلنا كلامه في ذلك عند حديث ابن عمر المشار إليه، فلا نعيده.
ومما سبق تعلم أن ما جاء في بعض كتب التربية الدينية التي تدرّس في سورية تحت عنوان: (زيارة قبر النبي -صلى الله عليه وسلم-): (أن هذا الحديث رواه الدارقطني وابن السكن والطبراني وغيرهم بروايات مختلفة تبلغ درجة القبول).
لم يصدر عن بحث علمي في إسناده، ولا نظر دقيق في متنه، الذي جعل مَنْ زار قبره -صلى الله عليه وسلم-، بمنزلة مَنْ زراه في حياته، ونال شرف صُحبته التي من فضائلها ما تحدَّث عنه -صلى الله عليه وسلم-: (لا تسُبُّوا أصحابي، فوالذي نفسُ مُحَمَّدٍ بيده، لو أنفق أحدكم مثل جبل أٌحُدٍ ذهباً، ما بلغ مُدَّ أحدهم ولا نَصيفَـه)! فمن كان بينه وبين هؤلاء الصحابة -رضي الله عنهم- هذا البَوْن الشاسع في الفضل والتفاوت، كيف يُعقل أن يجعله -صلى الله عليه وسلم- مثل واحد منهم، بمجرد زيارة قبره -صلى الله عليه وسلم-، وهي لا تعدو أن تكون من المُستحبات؟!


باب: زيارة قبر النبي -صلى الله عليه وسلم- وما ذُكرِ معها لا يُسقط الواجبات الأخرى
حديث: (مَنْ حَجَّ حَجَّةَ الإسلام، وزار قبري، وغزا غزوة، وصلَّى عليَّ في المقدس؛ لم يسأله الله فيما افترض عليه).
موضوع.”الضعيفة”برقم (204).


* فائدة:
قلت: لقد تساهل السخاوي -رحمه الله- (لقوله - بعد إيراده إياه في”القول البديع" (ص102)ـ:”.. وفي ثبوته نظر”)؛ فالحديث موضوع ظاهر البطلان، فكان الأحرى به أن يقول فيه -كما قال في حديث آخر قبله -: (لوائح الوضع ظاهرة عليه، ولا أستبيح ذِكْره إلا مع بيان حاله).
ذلك لأنه يوحي بأن القيام بما ذُكِر فيه من الحج والزيارة والغزو يسقط عن فاعله المؤاخذة على تساهله بالفرائض الأخرى، وهذا ضلال، وأيُّ ضلال! حاشا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن ينطق بما يُوهِم ذلك، فكيف بما هو صريح فيه؟!
*****



فوائد من فقه الألباني في مسائل الحج والعمرة 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
 
فوائد من فقه الألباني في مسائل الحج والعمرة
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» من فقه الإمام الألباني في مسائل الحج (1)
» من فقه الإمام الألباني في مسائل الحج (2)
» بدع الحج والعمرة والزيارة للإمام الألباني
» الاختيارات الفقهية في مسائل الحج والعمرة
» التحقيق والإيضاح لكثير من مسائل الحج والعمرة والزيارة

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات إنما المؤمنون إخوة (2024 - 2010) The Believers Are Brothers :: (العربي) :: فـضــــائل الـشهـــور والأيـــام :: منتدى الحج والعمرة :: الثُمُرُ الدَّانِي من فتاوى الحَجِّ والعُمْرَةِ-
انتقل الى: