| صلاة التسابيح | |
|
|
كاتب الموضوع | رسالة |
---|
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52644 العمر : 72
| |
| |
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52644 العمر : 72
| موضوع: رد: صلاة التسابيح الخميس 13 يونيو 2019, 2:15 am | |
| دليلها: وردت صلاة التسابيح عن أكثر من عشرة من الصحابة -رضوان الله عنهم أجمعين-.
ونذكر هاهنا ثلاثة طرق لها، ومَنْ أراد التفصيل فليراجع الدراسات الحديثية الملحقة بهذا الكتاب. أولاً: حديث عبد الله بن عباس: روي عنه من طرق كثيرة، أهمها: ما رواه أبو داود (1297)، وابن ماجه (1387)، والحاكم (1/ 308) وغيرهم من طريق: موسى بن عبد العزيز، عن الحكم بن أبان، عن عكرمة، عن ابن عباس به وهذا سند حسن.
فموسى بن عبد العزيز: قال ابن معين والنسائي عنه: لا بأس به، وتُكلم فيه من حيث حفظه، ولذا قال الحافظ في التقريب ((صدوق سيء الحفظ)).
والحكم بن أبان: اتفق الجمهور على توثيقه، منهم الأئمة: ابن معين وابن المديني وأحمد بن حنبل، وحسبك بهم.
وعكرمة: تابعي جليل، ثقة معروف، وكان مولى لابن عباس.
ثانياً: حديث عبد الله بن عمرو بن العاص: ورد حديث عبد الله بن عمرو من طرق عن أبي الجوزاء به.
الأولى: عن مسلم بن إبراهيم، عن المستمر بن الريان، عن أبي الجوزاء، عن عبد الله بن عمرو به، رواه أبو داود (2/ 30)، ورجاله كلهم ثقات عدول.
والثانية: عن محمد بن سفيان، عن حبان بن هلال، عن مهدي بن ميمون، عن عمرو بن مالك، عن أبي الجوزاء، عن عبد الله بن عمرو مرفوعًا.
أخرجه أبو داود (2/ 30)، والبيهقي (3/ 52). وهذا سند رجاله كلهم ثقات إلا محمد بن سفيان، فإنه صدوق.
ثالثًا: حديث الأنصاري: أخرجه أبو داود (1299)، ومن طريقه البيهقي (3/ 52). ثنا أبو توبة، ثنا محمد بن مهاجر، عن عروة بن رويم، قال: حدثني الأنصاري -فذكر الحديث-.
وهذا سند رجاله رجال الشيخين غير عروة وهو ثقة.
والأنصاري: صحابي. فهذا -إذن- سند صحيح، ومن قبله سندان عن عبد الله بن عمرو، أحدهما: صحيح، والآخر حسن.
ومن قبلهما حديث ابن عباس مقارب للحسن في أقل أحواله. فهذه ثلاثة أسانيد يحتج بواحد منها لو انفرد في رواية الصلاة فكيف وقد وردت من عشرة طرق.
ومازلت متعجبًا -بعد هذا- ممن ذهب إلى تضعيف هذه الصلاة، ممن لم يبحث المسألة بحثًا مستفيضاً، ولم يتتبع أسانيدها وطرقها، واكتفى بتقليد من ضعفها، رغم أن الأكثر والأعلم من أئمة الحديث والفقه، قد صححها وصلاّها كثير من أئمة الإسلام.
وممَّن كان يصليها: أبو الجوزاء وهو تابعي عابد مشهور، وعبد الله بن المبارك الإمام العظيم، والمجاهد الكبير، وغيرهم.
وممن صححها أو حسّنها: أحمد بن حنبل، وأبو داود، والحاكم، وأبو موسى المديني، والخطيب البغدادي، وابن الصلاح، والبغوي، والمنذري، والنووي في ((تهذيب الأسماء واللغات)) و ((الأذكار))، وابن حجر العسقلاني، والسيوطي، وأخيرًا محدث زماننا شيخنا الألباني غفر الله لهم جميعًا.
ودعوى بعضهم: أنها مخالفة لهيئة الصلاة، دعوى غير صحيحة عند التأمل، فهي تمامًا كالصلوات الأخَر، غير أن فيها زيادة تسبيح وتحميد، وقد قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن الصلاة: ((إنما هو التسبيح والتكبير)) (1)
فأي شيء فيها مخالف..؟! قالوا: جلسة الاستراحة.
قلت: أقل ما يقال في جلسة الاستراحة: أنها مختلف فيها، والصواب أنها سنة، لثبوتها في حديث مالك بن الحويرث رضي الله عنه في صحيح البخاري وغيره، فمثل هذا لا يكون البتة شبهة لإبطال ثابت.
ثم هل إذا خالفت هيئةُ صلاة صلاة أخرى بطلت إحداهما.؟ أين هذا التأصيل من كتاب الله وسنة رسوله -صلى الله عليه وسلم-، وقد خالفت صلاة الكسوف الصلوات فهل تبطل؟!؟
قالوا: لا يعقل أن يكون بهذه الصلاة -وهي عمل قليل- هذا الأجر العظيم، والغفران الكبير!
قلت: أتحجير لرحمة الله، وتضييق لغفرانه، وتحكيم للعقل في النصوص الثابتة؟!! ألم يغفر لعاهرة -وليس لزانية فحسب- لأنها سقت كلبًا (2).. ألم يدخل رجل الجنة لإزاحته عودًا من طريق المسلمين!؟ (2) أيليق بطالب علم فضلاً عن عالم أن يرد النصوص بمثل هذه الدعاوى.؟ أليس في هذا فتح باب للعقلانيين الذين يردون النصوص بالعقل.؟ إن هذا ليس بمسلك المتبعين.
ومن أحب التوسع فيراجع الأصل، حيث فصّلنا فيه القول، ورددنا ما أثير حولها من شبهات، والله الموفق لكل خير، وصلّ اللهم على محمد وعلى آله وصحبه وسلم. ---------------------------------------- (1) رواه مسلم (537) من حديث معاوية بن الحكم السلمي رضي الله عنه وهو المعروف بحديث الجارية. (2) سيأتي تفصيل الرد وتخريج الأحاديث في باب الرد على الشبهات. ---------------------------------------- بيان صحة صلاة التسابيح مع دراسة حديثية لأسانيدها قال الحافظ في ((نتائج الأفكار)): (1) ((وردت صلاة التسابيح من حديث عبد الله بن عباس، وأخيه الفضل، وأبيهما العباس، وعبد الله بن عمر، وعبد الله بن عمرو، وأبي رافع، وعلي بن أبي طالب، وأخيه جعفر، وابنه عبدالله بن جعفر، وأم سلمة، والأنصاري غير مسمى، وقد قيل إنه جابر)) وقد وردت من طرق: صحيحة، وحسنة، وضعيفة، وإليك أهم هذه الطرق.
أما حديث ابن عباس: فقد روي عنه أكثر من عشر طرق، نتكلم عن أهمها. الطريق الأولى: أخرجها أبو داود (1297)، وابن ماجه (1387)، والحاكم (1/ 318)، والبيهقي (3/ 51)، وابن خزيمة (1216)، والطبراني في ((الكبير)) (11622)، وعزاه الحاكم للنسائي، والعسقلاني للدارقطني، وعزاه في ((نتائج الأفكار)) 2 للحسن بن علي المعمري، وابن شاهين. ---------------------------------------- (1) نقلاً عن ((الآثار المرفوعة)) للكنوي (126). ---------------------------------------- كلهم من طريق: موسى بن عبد العزيز ثنا الحكم بن أبان عن عكرمة عن ابن عباس مرفوعًا به.
وموسى بن عبد العزيز: قال النسائي: لا بأس به، وكذا قال ابن معين، وذكره ابن حبان في ((الثقات))، وقال ابن المديني: ضعيف، وقال السليماني: منكر الحديث. (1)
وقال الذهبي في ((الميزان)) (4/ 212):
((ولم يذكره أحد في كتب الضعفاء أبدًا، ولكن ما هو بالحجة.. وحديثه من المنكرات)).
واقتصر في ((الكاشف)) على قول النسائي وابن معين: ((لا بأس به)).
وختم الحافظُ هذه الأقوال في ((التقريب)) بحكمه: ((صدوق سيء الحفظ)).
قلت: إذا كان ضعفه في مخالفته لسوء حفظه، فهو هنا لم يخالف.
والحكم بن أبان: وثقه ابن معين والنسائي والعجلي، وذكره ابن حبان في ((الثقات)) وقال: ربما أخطأ.
وقال يوسف بن يعقوب: سيد أهل اليمن.
وقال سفيان بن عيينة: لم أر مثله.
وحكى ابن خلفون توثيقه عن ابن نمير وابن المديني وأحمد.
قال الذهبي في ((الكاشف)) (1/ 180): ((ثقة)). ---------------------------------------- (1) التهذيب (10/ 356). ---------------------------------------- |
|
| |
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52644 العمر : 72
| موضوع: رد: صلاة التسابيح الخميس 13 يونيو 2019, 2:23 am | |
| غير أن الحافظ قال في ((تقريبه)): ((صدوق له أوهام)).
قلت: مازلت متعجبًا من قول الحافظ هذا، فهو غير ما يفهمه الباحث من توثيق هؤلاء الأعلام له، ولعله أخذه من قول ابن المبارك عن بعض الرواة: (ارم بهؤلاء)، ومنهم الحكم، لكن الجرح مقدم على التوثيق إن كان مفسرًا: وهاهنا قول ابن المبارك غير مفسر، مع كثرة الموثقين، وعلو منزلتهم.
وأغرب من هذا قول ابن الجوزي: مجهول!! وهو قول لا يلتفت إليه مع توثيق هؤلاء الأئمة له، وسيأتي الرد على ابن الجوزي مفصلاً إن شاء الله تعالى.
وعلى كل حال: فإن حديث مثل هذا مقارب درجة الحسن، وبخاصة إذا انعدم المخالف.
كيف وله متابعات تامة وقاصرة وشواهد منها: متابعة إبراهيم بن الحكم بن أبان: رواها البيهقي (3/ 52)، والحاكم (1/ 319) عن عكرمة مرسلاً، ورواها الحاكم موصولة (1/ 319).
وعزاها الحافظ في ((نتائج الأفكار)) (1) لإسحاق بن راهويه، وإبراهيم هذا: قال في ذيل ((الكاشف)): ضعيف.
وكذا قال الحافظ في ((التقريب))، غير أن التحقيق العلمي يقتضي أن يكون ضعيفًا جدًا.
وقد جاء من طرق كثيرة، كادت تبلغ مبلغ التواتر، كما ستراه مبيناً في هذا التحقيق إن شاء الله تعالى. ---------------------------------------- (1) الآثار (127). ---------------------------------------- الطريق الثانية عن ابن عباس: رواه الطبراني في ((الأوسط)) (2900) قال: حدثنا إبراهيم قال: حدثنا محرز بن عون قال: حدثنا يحيى بن عقبة بن أبي العَيزار عن محمد بن جحادة عن أبي الجوزاء قال: قال لي ابن العباس: (يا أبا الجوزاء! ألا أخبرك، ألا أتحفك، ألا أعطيك؟! قلت: بلى، فقال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: ((من صلّى أربع ركعات..)) ثم ذكر هيئة الصلاة.
قال في ((مجمع الزوائد)) (2/ 285): فيه يحيى بن عقبة وهو ضعيف.
قلت: كنت أريد الإعراض عن هذه الطريق، كما أعرضت عن كل طريق فيها متروك أو متهم؛ فإن يحيى هذا ضعيف جدًا، بل متهم، كما في ((الميزان)) (4/ 397) لولا أن توبع متابعة قاصرة وهي:
الطريق الثالثة عن ابن عباس: قال أبو داود (2/ 30) رقم (1298): رواه المستمر بن ريان عن أبي الجوزاء عن عبد الله بن عمرو موقوفاً: ورواه روح بن المسيب وجعفر بن سليمان عن عمرو بن مالك النّكري عن أبي الجوزاء عن ابن عباس قوله، وقال في حديث روح: فقال حديث النبي -صلى الله عليه وسلم-.
قلت: هذه من أحسن طرق حديث صلاة التسابيح، فهي من طريقين عن أبي الجوزاء، كل واحدة منهما صحيحة.
أما الأولى: فالمستمر بن الريان وأبو الجوزاء: تابعيان جليلان ثقتان بالإجماع.
وقد أقرّ الإمام أحمد بصحة هذا السند، وقد حكاه عنه الحافظ في ((أماليه)) (1)، وسيأتي الكلام عنه مفصلاً إن شاء الله. ---------------------------------------- (1) قال الحافظ في النكت الظراف (4/ 367) في تحفة الأشراف: وصل طريق روح الدارقطني في كتاب ((التسبيح)) من طريق يحيى بن يحيى النيسابوري وهو إمام ثقة ثبت. ---------------------------------------- وأما الطريق الثاني عن أبي الجوزاء: ففيها روح وهو متروك، لكن لا يضر تركه بالكلية، لأنه إنما ذُكر مقرونًا بجعفر بن سليمان، ولم ينفرد بالرواية.
وجعفر قال فيه أحمد: ((لا بأس به))، ووثقه ابن معين وابن المديني، وقد غمز به بعضهم لتشيعه، وحسبك توثيق هؤلاء الأئمة الفحول له، فليس كل شيعي مرفوض الرواية، وليس كل شيعي رافضياً، وتفصيل ذلك يراجع في مظانه، ولهذا قبله الإمام أحمد.
وعمرو بن مالك النُّكري: قال الذهبي في ((الميزان)) (3/ 286): ((ثقة)).
ووهم الحافظ في ((التقريب)) فقال: ((صدوق له أوهام)). كما ستراه مبينًا قريبًا إن شاء الله تعالى.
وأبو الجوزاء: هو أوس بن عبد الله الربعي: ثقة بالاتفاق.
فهذا السند صحيح واضح كالشمس، رواته كلهم ثقات عدول بالاتفاق.
والنُّكري: لم أر أحداً وصفه بما وصفُه به الحافظ، غير قول ابن حبان في ((الثقات)) (7/ 228):
((ويعتبر حديثه إلا ما كان من رواية ابنه عنه)).
قلت: وهذه الرواية ليست من رواية ابنه عنه، فصحّ السند، والحمد لله تعالى.
ثم هب أننا سلمنا للحافظ بتوهيم النُّكري، فإنه لا يضر وهمه هاهنا؛ لأنه لم يتفرد بهذه الصلاة، حتى يتخوف من وهمه؛ بل تابعه على ذلك أكثر من راوٍ مقبول الرواية.
وليس كل من كان عنده وهم، فهو ضعيف.
ثم هب النُّكري كان ضعيفاً -ولم يضعفه أحدٌ أبدًا- فإن هذا الضعف اليسير ينجبر بمتابع أو شاهد، فكيف وهناك متابعات وشواهد.
وبهذه الطرق والمتابعات يكون حديث ابن عباس صحيحا، ومن كان عنده طلب في علم الحديث يدرك ذلك.
وقد صححه لغيره شيخنا في صحيح الترغيب (677).
شبهات على طريق ابن عباس وردها: لم أقف على علّة توجب ترك هذا السند، إلا ما كان من كلام أبي داود السابق، الذي يشير به إلى أن الحديث روي موقوفًا ومرفوعًا، وأن فيه اختلافًا في اسم الصحابي، فتارة يروى عن ابن عباس، وأخرى عن عبد الله بن عمرو.
قلت: كل هذا لا يضر، وليس هذا من الاضطراب المردود في شيء.
وشبهة الوقف لا محل لها هاهنا لأن الوقف في مثل هذا المقام له حكم الرفع، لأن هذا لا يقال من قبل الرأي، لأنه تشريع وغيب.
أما التشريع: فهو الصلاة.
وأما الغيب: فهو الإخبار بغفران الذنوب.
وحاش أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن يقدموا بين يدي الله ورسوله، بل هذا محال على عالم عامل؛ فكيف بأصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم-؟
وقد تقرر هذا في علم الأصول: ومن ذلك قول السخاوي في ((فتح المغيث)) (1/ 124): ((ومنه -أي من الموقوف الذي له حكم الرفع-.. ولا مجال للرأي فيه، كتفسير مغيب عن أمر الدنيا، أو الآخرة، أو الجنة والنار، وتعيين ثواب أو عقاب، ونحو ذلك))
وهذا كله لو كان الحديث موقوفًاً لم يرفعه أحد، كيف وقد رفعه الكثير من الثقات؛ بل الأكثر على رفعه!
وحكم الرفع حكم زيادة الثقة.
وزيادة الثقة مقبولة.
كيف وقد رفعه ثقات..؟
وأما شبهة الخلاف في اسم الصحابي فلا تضر أبدًاً، ماداموا -كلهم- عدولاً وثقاتاً، فأي شيء يضر!.. إن كان الحديث عن ابن عباس، أو عن ابن عمر أو عن أي صحابي آخر، ولو كان مجهول الاسم عندنا؟ !
والحقيقة أن هذه الطريق متابعة جيدة لرجال الطريق السابقة عن أبي الجوزاء، وارتفعت بذلك العهدة عن يحيى بن عقبة.
وللحديث طريق أخرى عن أبي الجوزاء.
أخرجها أبو داود (2/ 30)، ومن طريقه البيهقي (3/ 52) عن محمد بن سفيان الأبلي، ثنا حبان بن مالك، عن أبي الجوزاء قال: حدثني رجل كانت له صحبة - يرون أنه عبد الله بن عمرو - مرفوعاً بنحوه.
غير أنه زاد فيه: ((إذا زال النهار فقم فصل أربع ركعات))
قلت: إبهام اسم الصحابي لا يضر، ومحمد بن سفيان: صدوق.
وحبان بن هلال: ثقة ثبت.
ومهدي بن ميمون: ثقة.
كذا قال الحافظ عن الجميع.
وعمرو بن مالك هو: النُّكري سبق الكلام فيه وفي أبي الجوزاء، وهما ثقتان.
فهذا سند جيد بيّن كالشمس.
وهو صحيح لولا وصف محمد بن سفيان بالصدوق.
فينزل إلى درجة الحسن [لذاته].
وهذا ما فعله المنذري، فقد حسن هذه الطريق في ((الترغيب)) (1/ 470)
إجابة صاحب كتاب التوضيح على شبهاته. غفر الله لصاحب التوضيح، فقد قال عقب هذه الطريق صـ 190: -أعني طريق روح وجعفر عن النُّكري عن أبي الجوزاء- قال: ((وفي هذا الطريق اثنان: أحدهما: متروك، وهو روح بن المسيب.
والثاني: ضعيف، وهو عمرو بن مالك.
وفيه راوٍ رابع، وهو أبو الجوزاء، وقد سمعنا ما قاله فيه البخاري وما قاله فيه ابن حجر)).
ولنا على هذا الكلام مؤاخذات: الأولى: لا طائلة وراء الطعن بروح بن المسيب؛ لأنه لم يتفرد به، وإنما ذكر مقرونًا بجعفر، وهو متابع له، وما دام جعفر صدوقاً، فما معنى التركيز على روح..؟ !
وهبهُ من أكذب خلق الله، ألا يكفينا أن جعفر صدوق!؟ (1)
ولو ذهب أهل الحديث مذهب صاحب التوضيح، لما صحّ عن الرسول -صلى الله عليه وسلم- إلا النزر اليسير، إذ ما من رواية رواها ثقة إلا وقد رواها ضعيف أو كذاب، فلا يضر صدق الراوي رواية الكذاب لروايته.
والحقيقة أن هذه غريبة! بل عجيبة! أن تصدر من طالب علم فضلاً عن محقق، لأنها تخالف الفطرة والعقل، فضلاً عن الشرع وإجماع أهل العلم والفهم.
عمرو بن مالك النكري ثقة والرد على من توهم ضعفه: المؤاخذة الثانية على صاحب ((التوضيح)): إطلاق الضعف على عمرو بن مالك النُّكري، والأمر ليس كذلك. فقد وثقه الذهبي في ((الميزان)). وقال في ((الكاشف)): ((وثق)). ---------------------------------------- (1) بعد تبييض ما سبق وقعت على كلام الحافظ السابق في النكت الظراف (4/ 367) يذكر متابعين آخرين لروح، وهما عباد بن عباد المهلبي ويحيى بن عمرو بن مالك النكري، والأول: ثقة، والآخر ضعيف. ---------------------------------------- والذي وقع للأخ صاحب التوضيح عدم تمييزه بين عمرو بن مالك النكري، وعمرو بن مالك الراسبي.
فهذا الأخير هو الضعيف، وهو الذي كان يسرق الحديث؛ ولم يسبق المؤلفَ أحدٌ على الإطلاق في تضعيف النُّكري.
كيف! وقد وثِّق من قبل الإمامين: ابن حبان، والذهبي.
وعدّله الحافظ، ولم يذكره أحدّ بضعف!
ثم عجيب أن يقع هذا من الأخ الدكتور!
فإن النكري -أبا مالك- تابعي، لم يرو إلا عن أبيه وأبي الجوزاء.
ومن الطبقة السابعة، والراسبي من التاسعة. |
|
| |
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52644 العمر : 72
| موضوع: رد: صلاة التسابيح الخميس 13 يونيو 2019, 2:29 am | |
| ثم أدركت سبب وقوع الدكتور في هذا الخطأ: وهو وهم وقع في ((الكامل في الضعفاء)) لابن عدي في ترجمة عمرو بن مالك وهو الراسبي، فوهم من وهم، وقد نبه الحافظ في التهذيب على وهم ابن عدي فكتب: النكري.
ويتبين هذا من الأمور التالية: 1 - أن أحدًا من الذين ترجموا للنكري، لم يذكروا ما ذكره ابن عدي في الترجمة ولا حرفًا منه، فالله أعلم ممن وقع الوهم.
2 - أن الأحاديث التي سيقت في ترجمتة إنما هي للراسبي، ويتبين هذا من مراجعة ترجمة الاثنين في ((تهذيب الكمال)).
فإن النُّكري لم يرو كما سبق إلا عن أبيه وأبي الجوزاء، وهذا قد روى عن الوليد بن مسلم والفضيل بن سليمان وغيرهم.
3 - إن ترجمة الراسبي في ((التهذيب)) توافق ترجمته في ((الكامل))، من أنه كان يسرق الحديث، وأن أبا يعلى ضعفه، وقد كان الراسبي من شيوخه.
وأما النُّكري فليس من شيوخ أبي يعلى، وبين أبي يعلى وبينه مفاوز.
4 - في ترجمة الراسبي في ((التهذيب)): ((قال ابن عدي: منكر الحديث عن الثقات، ويسرق الحديث... ))
وهذا هو كلام ابن عدي نفسه في ترجمة عمرو بن مالك النُّكري.. مما يدل على وهْم من وَهِم.
ثم لما تابعت قراءة ترجمة الراسبي، وجدت الحافظ يقول منبهًا على ترجمة الراسبي عند ابن عدي: ((إلا أنه قال في صدر الترجمة عمرو بن مالك النُّكري، فوهم؛ فإن النُّكري متقدم على هذا)).
ففرحت بها لتوفيق الله تعالى إياي، بما توصلت إليه بهذا الشأن، وذلك فضل منه ونعمة.
ثم لما راجعت كتاب الثقات لابن حبان (8/ 487)، وجدت الوهم فيه كذلك.
5 - زلة قلم للحافظ في النكري: لا يسلم للحافظ قوله عن النكري: ((يغرب ويخطئ)).
بل هي سبق قلم منه، كما قال الأخ محقق كتاب ((الترجيح))؛ وأنكر هذا صاحب كتاب ((التوضيح)).
والصواب عند تتبع المسألة أنها سبق قلم من الحافظ، وذلك لعدم وجودها في ((تهذيب الكمال)) للمزي ولعل سبب هذا الخطأ أنه نقله من ترجمة ابن حبان للراسبي، وهو يلقبه النكري، فتبعه الحافظ هنا دون أن يتنبه..
ولا وجود لها في كتاب الثقات لابن حبان في ترجمة عمرو التي نُقلت منه الترجمة.
فدّل ذلك على أنها سبق قلم منه رحمه الله، وإلا فليرشدنا إليها صاحب كتاب ((التوضيح))، من أين أتى بها الحافظ؟
ثم عثرت على الكلمة نفسها ((يغرب ويخطئ)) في ترجمة عمرو بن مالك الراسبي، الأمر الذي أكد وهم الحافظ رحمه الله تعالى: وبناء على وهمه هذا، قال في ((التقريب)) عن النُّكري: ((صدوق له أوهام)).
والصواب أنه ثقة، كما قال الأئمة الموثقون، ولم أجد أحدًا وصفه بالوهم غير الحافظ.
6 - أنكر صاحب التوضيح أن يكون الذهبي قد وثق النكري. والصحيح أن الذهبي قد وثّق النُّكري في ((الميزان)) (3/ 286)، السطر الثالث، الكلمة الثانية!
وسر خفاء توثيق الذهبي على صاحب ((التوضيح)): أن الذهبي ذكر عمرو بن مالك النكري، ولم يذكر شيئاً عقبه، ثم أعقبه بعمرو بن مالك الجنبي، ثم قال: ((ثقتان)).
فلما راجع الأخ ترجمة النكري في ((الميزان)) لم يجد شيئًا فيها، ولم يتابع كلام الذهبي، فأنكر توثيق الذهبي للنكري! وجلّ مَنْ لا يسهو. (1)
المؤاخذة الثالثة على صاحب ((التوضيح)): غمْزهُ بأبي الجوزاء، وهو ثقة مشهور:
قلت: رغم اتفاقهم على ثقته وفضله، وهذا أمر عجيب صدوره من محقق.
فأما قول البخاري: ((في إسناده نظر): فإنما كان عن إسناد بعينه كان في سنده أبو الجوزاء -لا على أبي الجوزاء نفسه- وشتان ما بين الكلام على الإسناد، والكلام على الرجل.
وقد ذكر هذا الحافظ في ((التهذيب)) (1/ 384) قال: ((وقول البخاري: في إسناده نظر.. إنما قاله عقب حديث رواه له لا أنه ضعيف عنده)).
وبالرجوع إلى ترجمة أبي الجوزاء في ((التاريخ الكبير)) (2/ 16): (قال لنا مسدد: عن جعفر بن سليمان عن عمرو بن مالك النكري عن أبي الجوزاء قال: أقمت مع ابن عباس وعائشة اثنتي عشرة سنة ليس في القرآن آية إلا سألتهم عنها، قال محمد: في إسناده نظر) اهـ بلفظه. ---------------------------------------- (1) بعد كتابة هذا أخبرني أحد الإخوة أن الأخ صاحب التوضيح ضرير لا يُبصر، فلذلك يُعذر -عفا الله عنه- ونرجو الله أن يجعله بصير القلب وأن يعوضه الجنة. ---------------------------------------- وبتتبع ألفاظ البخاري: نجد أنه إذا أراد ترجمة الراوي قال: فيه نظر، وإذا أراد الحكم على السند قال: في إسناده نظر.
ففي ترجمة أوس بن عبيد الله بن بريدة بن حصيب الأسلمي (2/ 17) قال: فيه نظر.
وفي ترجمة بكر بن قرواش (2/ 94) قال أيضًا: وفيه نظر.
أو قال: فيه بعض النظر، كما في ترجمة أحمد بن الحارث الغساني (2 ـ 2).
أو قال مفصلاً: في حديثه واسمه وسماعه من أبيه نظر، كما في ترجمة أسامة بن مالك بن قهطم.
وإذا أراد الإسناد لا الراوي قال: في إسناده نظر، كما في ترجمة أبي الجوزاء.
وبهذا يتبيَّن أن البخاري لم يطعن بأبي الجوزاء كما أشار إلى ذلك صاحب ((التوضيح)).
وإلى هذا ذهب الحافظ ووجّه كلام البخاري. فقال: ((وقول البخاري: في إسناده نظر، إنما قاله عقب حديث له، لا أنه ضعيف عنده)) كما سبق ذكره.
ورغم نقل صاحب التوضيح لكلام الحافظ هذا، ووقوفه على اتفاقهم على توثيقه، قال غامزًا بهذا الراوي الذي لم يسبقه إلى ذلك فيه أحد: ((وقد سمعنا ما قاله فيه البخاري)) ألا ينبغي بعد ذلك أن نقول: غفر الله له.
وأشد من هذا وأغرب: أنه أشعر القارئ أن الحافظ نفسه يضعف الرجل إذ قال: ((وما قاله فيه ابن حجر)).
ولم يقل الحافظ إلا بتوثيقه بل ودافع عنه، ووجّه كلام البخاري وصرّح بعدم تضعيفه له فكيف يقال بعد هذا ((وما قاله فيه ابن حجر))؟ !
نعم قال (يرسل كثيرًا)، وهذا ليس طعناً بالرجل.
وكان الواجب على الأخ صاحب ((التوضيح)) أن ينقل تتمة كلام الحافظ الذي وجه به كلام البخاري وهو: ((لا أنه ضعيف عنده)).
فهل من الأمانة العلمية، أن تسقط هذه اللفظة، وهي قول الحافظ في توجيه كلام البخاري.
وقد سبق الحافظ إلى هذا ابن عدي في ((الكامل)).
خلاصة القول في طريق ابن عباس.. أما بعد: فهذه أربعة طرق عن ابن عباس، اخترتها من أكثر من عشر طرق، وقد أعرضت عن كل رواية فيها متهم أو متروك.
وما زلت متعجبًا -بعد هذا البيان- ممن يصرّ على تضعيف هذه الصلاة، بله إنكارها، رغم ورودها بهذه الأسانيد التي ذكرنا!!!
ولو لم يكن هناك غير هذين الطريقين، لكان الحديث بهما صحيحًا لغيره، أو حسنًا لغيره على أقل أحواله؛ فكيف إذا انضم إليهما روايتان عن ابن عباس واحدة منهما حسنة؟
تناقض الحافظ والتوفيق بين أقواله: ومنه تعلم غرابة قول الحافظ في ((التلخيص)) (2/ 482): ((.. وإن كان حديث ابن عباس يقرب من شرط الحسن، إلا أنه شاذ لشدة الفردية فيه، وعدم المتابع والشاهد من وجه معتبر)).
قلت: هذا كلام معتبر لو لم يكن عن ابن عباس تلك الطرق التي ذكرنا.
أما وقد ذكرنا من المتابعات ما ذكرنا، فغريب جدًا قول الحافظ: ((وعدم المتابع والشاهد من وجه معتبر)).
فإن أراد بالاعتبار، عدم وجود وضاعين وكذابين أو متروكين في الأسانيد، فالأمر كذلك، بشهادته هو وشهادة غيره، كما هو واضح من التحقيق السابق.
ثم عجيب قوله: (لشدة الفردية فيه) إذ لم يتفرد بهذه الصلاة أحد على الاطلاق، بشهادة كبار الحفاظ، وبشهادته هو نفسه في كتابه (الخصال المكفرة)، فقد قال عقب الطريق الأول: (1) (رجال إسناده لا بأس بهم) وهذا هو الحق الذي تقتضيه الدراسة الحديثية.
فلعل الحافظ لم يقف على هذه الطرق، وهذا بعيد على مثل الحافظ، فهي عند أبي داود والبيهقي والطبراني وغيره، وربما تكون سبق قلم منه -رحمه الله-، أو ذهولاً ووهماً.
وأغلب الظن، أن هذا كان منه قبل أن يطلع على تلك الشواهد والمتابعات التي ساقها، ثم لما اطلع عليها ساقها على كثرتها.
وَزَعْم بعضهم أنه تراجع عن هذا، لأن كتاب ((الخصال المكفرة)) ألّفه قبل كتاب ((تلخيص الحبير)): مردود بما قاله الحافظ نفسه في ((نتائج الأفكار)) (2): (وهذا إسناد حسن).
وبإقراره بوجود المتابع الصالح: إذ قال في ((النتائج)) -بعد أن حسّن أكثر من طريق- عن حديث العباس: ((فيصلح في المتابعات)) (3)
ففي ((التلخيص)) نفى وجود المتابع الذي يصلح للاعتبار، مما يدل على أنه لم يقف أول الأمر على تلك المتابعات الكثيرة التي ساقها هو نفسه في ((النتائج)). ---------------------------------------- (1) نقله عن السيوطي في اللآلئ (2/ 38). (2) الآثار (127). (3) الآثار (128). ---------------------------------------- ولما استقرأها، ووقف عليها، صرّح بتحسين بعضها، وبصلاحية بعضها للمتابعة والاستشهاد، فقد قال عن الطريق الأولى: (وهذا إسناد حسن) كما سبقتْ الإشارة إلى ذلك.
ومعلوم أن الأمر المُثْبَت مقدم على المنفي (1).
ففي ((التلخيص)) نَفَى، وفي ((النتائج)) أثبت -يعني وجود المتابع- وهذا ما تقتضيه الصناعة الحديثية.
فكثير من الطرق والشواهد التي سقنا بعضها، وسنسوق الباقي -إن شاء الله-، صالحة للاعتبار، لخلوها من الرواة المتهمين أو المتروكين. |
|
| |
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52644 العمر : 72
| موضوع: رد: صلاة التسابيح الخميس 13 يونيو 2019, 2:36 am | |
| وقال السيوطي في ((اللآلئ)) (2/ 38): ((قال الحافظ: رجال إسناده لا بأس بهم وقال النسائي مثل ذلك، وقال ابن المديني (2): فهذا الإسناد من شرط الحسن فإن له شواهد تقويه))
وهذا هو الحق، الذي يتبين لكل منصف نظر في هذه الأسانيد بعيدًا عن كل تعصب أو تساهل.
والحقيقة: أني كنت قد حكمت على السند من قبل أن أرى أقوال هؤلاء الأئمة.
فلما وقفت على أقوالهم فرحت بذلك، وبخاصة قول ابن المديني، والنسائي لما اشتهر عنهما من التشدد والتثبت.
وكذلك قول الحافظ الذي عرف بسعة الاطلاع والإنصاف. ---------------------------------------- (1) فإذا نفى عالم وجود حديث في كتاب ما، ثم أثبته مفصلاً في موضع آخر، ثم تأكدنا من ثبوته. فهل يقال: ((تراجع عن الإثبات -الذي فيه زيادة علم ينبغي المصير إليها- إلى النفي؟ (إن هذا لشيء عجاب). وهل هي مسألة اجتهادية حتى يصح قولنا: أنه تراجعَ. أم هي مسألة عَلِمَ أم لم يعلم بمعنى أنها مسألة إخبارية، ففي نفيه عدم علم بالمتابع، وفي إثباته زيادة علم يلزم المصير إليها. وهذا مقتضى التجرد في التحقيق العلمي. والله الموفق. (2) لم أر أحدًا ذكر ابن المديني في مسألة تحسين حديث صلاة التسبيح غير السيوطي، هل عنى الإمام علي بن المديني المعروف؟ أو أنه أراد المديني الآخر، وهو أبو موسى المديني، وهو الذي له كتاب في صلاة التسبيح ما يزال مخطوطًا؟ فالله أعلم بالصواب. ---------------------------------------- قال الحافظ المنذري (1/ 468): (وقد صححه -أي حديث عكرمة عن ابن عباس- جماعة منهم: الحافظ أبو بكر الآجري، وشيخنا أبو محمد عبد الله المصري، وشيخنا الحافظ أبو الحسن المقدسي -رحمهم الله- وقال أبو بكر ابن أبي داود سمعت أبي يقول: ((ليس في صلاة التسبيح حديث صحيح غير هذا))).
الحديث الثاني في صلاة التسابيح: حديث الأنصاري أخرجه أبو داود (1299)، ومن طريقه البيهقي (3/ 52) قال: ثنا أبو توبة الربيع بن نافع ثنا محمد بن مهاجر عن عروة بن رويم قال: حدثني الأنصاري أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال لجعفر.. فذكر نحوه))
قلت: وهذا سند رجاله رجال الشيخين غير عروة بن رويم فهو ثقة، وثقه أبو نعيم والنسائي. وقال الدارقطني: لابأس به (1). وقال الحافظ في ((التقريب)): صدوق. وقال في ((النتائج)): ثقة (2). وقال المزي في ((تهذيب الكمال)) (7/ 179):
((والأنصاري: قيل إنه جابر))
قلت: سواء كان جابرًا أو غيره، فإن جهالة الصحابي لا تضر، فكلهم ثقات عدول والحمد لله.
واحتمل الحافظ في ((النتائج)) (3) أن يكون الأنصاري هو الأنماري قال: ((فلعل الميم كبرت قليلاً، فأشبهت الصاد، فإن يكن كذلك، فيكون هذا. ---------------------------------------- (1) التهذيب (7/ 179). (2) نقل ذلك اللكنوي في ((الآثار)) (128) (3) ((الآثار)) (130). ---------------------------------------- حديث أبي كبشة الأنماري. وعلى التقديرين: فسند الحديث لا ينحط عن درجة الحسن)) اهـ
شبهات غريبة لصاحب ((التوضيح)) والرد عليها: على رغم صحة هذا السند، فقد حاول صاحب التوضيح التفلت من التصريح بصحته بأمور غريبة، فبعد أن نقل عن الأئمة توثيقهم لرجال السند كافة قال: ((أما الأنصاري، فقد حقق ابن حجر أنه أبو كبشة الأنماري، وليس الأنصاري، وهذه الطرق فيها من وصف بالصدق، وفي علم الجرح أهل هذه المرتبة لا يحتج بحديثهم، ولكن يكتب للاعتبار فقط)) (1)
قلت: لنا على هذا الكلام المؤاخذات التالية: الأولى: أشعرَ القارئ من قوله: أن ((الأنصاري)) هو ((الأنماري)) أن في الحديث شيئًا ما كالاضطراب أو غيره.
أو أن الأنماري راوٍ فيه ضعف.
والأنماري -أبو كبشة- صحابي جليل، وقد تقدمت الإشارة إلى أن الاختلاف في اسم الصحابي لا يضر، فسواء كان الأنصاري أو الأنماري، فكلاهما صحابي جليل، فأي فائدة -إذن- من هذه الغمزة؟ !
ولذا قال الحافظ: فعلى التقديرين فسند الحديث لا ينحط عن درجة الحسن)) وهذا هو الإنصاف والعدل.
المؤاخذة الثانية: عدم إتمام كلام الحافظ كان الواجب أن ينقل كلام الحافظ برمته، حتى لا يقع في نفس القارئ منه شيء، فإن تتمة كلامه: ((فعلى التقديرين.. فسند الحديث لا ينحط عن درجة الحسن، فكيف إذا ضم إلى رواية أبي الجوزاء عن عبد الله بن عمرو التي أخرجها أبو داود وحسنها المنذري)) ---------------------------------------- (1) التوضيح (200). ---------------------------------------- ففي هذا الكلام المتين أربع فوائد: الأولى: أن الاختلاف في اسم الصحابي لا يضر، فقوله: ((على التقديرين)) أي: على تقدير أنه الأنصاري، أو على تقدير أنه الأنماري. الثانية: أن السند المشار إليه، وهو حديث الأنصاري حسن لذاته في أقل الأحوال. الثالثة: أنه موافق للطرق الأخرى فهو غير شاذ ولا منكر. الرابعة: إقراره تحسين المنذري لرواية أبي الجوزاء عن عبد الله بن عمرو.
المؤاخذة الثالثة: عدم ضبط عباراته، وصفه الثقة بالصدق إن كافة رجال السند ثقات، بل هم من رجال الشيخين إلا عروة وهو ثقة أيضًا، فأي معنى لقوله: ((فيها من وصف بالصدق.
قال صاحب ((التوضيح)): ((وهذه الطرق فيها من وصف بالصدق))
قلت: ثم هي طريق واحدة، وليست طرقاً! وقد وصِفوا كلهم بـ ((الثقة)) بما نقله هو نفسه عن الأئمة.
ثم لا يضر الراوي وصفه بالصدق من بعض أهل النقد، مع وصفه بالثقة من آخرين، ولا ينزل هذا من منزلته، ولا يحط من قدره؛ بخاصة إذا كان الواصفون له بالثقة أعلى درجة من أولئك وأكثر.
ألا يكفي أن يصف النسائي عروة بالثقة، ولا مطعن عليه من أحد؟
المؤاخذة الرابعة: دعواه أن أهل الصدق لا يحتج بحديثهم إن قواعد مصطلح الحديث تشهد أن هذه الطريق صحيحة السند لأن رواتها موثقون، وقد وصف بعضهم بالصدق مع وصفه بالثقة، فادعى صاحب ((التوضيح)) أن من وصف بالصدق لا يحتج بحديثهم ((ولكن يكتب حديثهم للاعتبار)).
قلت: هب أننا سلّمنا جدلاً أن فيها رجلاً وصف بالصدق دون وصفه بالثقة، فإن السند لا ينزل بحال عن درجة الحسن.
ولذلك صرّح الحافظ -وهو الذي أطلق صفة الصدق عليه- بحسن إسناده!
والصدوق عند الحافظ: حديثه حسن، فمن أين لصاحب ((التوضيح)) هذا الادعاء.
ومن أراد التثبت، فليراجع مراتب التعديل عند الحافظ في مقدمة التقريب.
وإذا سلمنا بمسألة الاختبار هذه التي ذكرها صاحب التوضيح، فإن روايته هذه توافق رواية الضابطين المتقنين، فضلاً عن أن أحدًا من الأئمة المختصين لم يصفه بالمخالفة، فضلاً عن النكارة، فكان هذا اختباراً لها.
قال ابن الصلاح في ((مقدمته)) (106): ((يعرف كون الراوي ضابطًا، بأن نعتبر رواياته بروايات الثقات المعروفين بالضبط والإتقان، فإن وجدنا رواياته موافقة ولو من حيث المعنى لرواياتهم، أو موافقة لها في الأغلب والمخالفة نادرة، عرفنا حينئذ كونه ضابطًا ثبتًا)).
خامسًا: هبنا سلمنا أن وصْف الراوي بالصدق يجعل السند للاعتبار لا للاحتجاج.
فقد سبق مثل هذا السند للاعتبار أيضًا.
فإذا جمعت هذه الطرق التي نصّ صاحب التوضيح نفسه على أنها صالحة للاعتبار؛ مع ما سبقها من الطرق الصالحة للاعتبار، صار الحديث حسنًا لغيره، كما هو معلوم عند من له أدنى اطلاع على هذا العلم الشريف.
قال ابن الصلاح في مقدمته (34) ((.. إنه ليس كل ضعف في الحديث يزول بمجيئه من وجوه، بل ذلك يتفاوت فمنه ضعف يزيله ذلك، بأن يكون ضعفه ناشئاً من ضعف حفظ راويه مع كونه من أهل الصدق والديانة، فإذا رأينا ما رواه قد جاء من وجه آخر، عرفنا أنه مما حفظه، ولم يختل ضبطه له، وكذلك إذا كان ضعفه من حيث الإرسال زال بنحو ذلك)) اهـ
الحديث الثالث: حديث أبي رافع -رضي الله عنه - مولى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- رواه الترمذي (482)، وابن ماجه (1386)، وعزاه الحافظ في ((النتائج)) لأبي نعيم في ((القربان))
كلهم من طريق: زيد بن الحباب ثنا موسى بن عبيدة ثنا سعيد بن أبي سعيد مولى أبي بكر بن حزم عن أبي رافع به مرفوعًا.
زيد بن الحباب: قال علي بن المديني وابن معين: ثقة (1) وقال الحافظ: صدوق يخطئ في حديث الثوري. (2)
قلت: وهذا ليس من حديث الثوري.
وموسى بن عبيدة: ضعيف لاسيما في عبد الله بن دينار. وسعيد بن أبي سعيد: ذكره ابن حبان في ((الثقات)). وقال الحافظ: مجهول.
فهذا السند ضعيف، لكنه يصلح في الشواهد والمتابعات؛ لخلوه من الوضّاعين والمتروكين.
وقد صححه لغيره شيخنا في صحيح الترغيب (678)
الحديث الرابع: حديث العباس رضي الله عنه قال الحافظ في ((النتائج)) (3): ((أما حديث العباس فقد أخرجه أبو نعيم في ((القربان))، وابن شاهين في ((الترغيب))، والدارقطني في ((الأفراد))، من طريق موسى بن أعين، عن أبي رجاء، عن صدقة، عن عروة بن رويم، عن ابن (1) الديلمي، عن العباس به مرفوعًا، ورجاله ثقات إلا صدقة الدمشقي كما بينته بعض الروايات. ---------------------------------------- (1) ((التهذيب)) (3/ 403). (2) ((التقريب)) (222). (3) نقلة اللكنوي في ((الآثار)) (128) ---------------------------------------- |
|
| |
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52644 العمر : 72
| موضوع: رد: صلاة التسابيح الخميس 13 يونيو 2019, 4:40 am | |
| قال الدارقطني: صدقة هذا، هو ابن يزيد الخراساني، ونقل كلام الأئمة فيه.
ووهم في ذلك، فالدمشقي هذا هو ابن عبد الله ويعرف بالسمين (2).
ضعيف من قبل حفظه، ووثقه جماعة فيصلح في المتابعات)) انتهى كلام الحافظ.
قلت: لم أجد في شيوخ الاثنين -الخراساني والدمشقي- عروة بن رويم.
والراجح عندي: أن صدقة هذا هو ابن المنتصر، وهو الذي من شيوخه عروة بن رويم.
ثم وجدت: أن هذا هو ما ذهب إليه المزي في ((التهذيب)) وسكت عنه الحافظ في ((تهذيبه))، ومن قبلهما ابن أبي حاتم في ((الجرح والتعديل)) (4/ 434/ (1903).
ثم رجعت إلى من روى عن عروة، لأتثبت مما توصلت إليه، فوجدت في ((التهذيب)) (7/ 179) في ترجمة عروة؛ في من روى عنه؛ صدقة بن المنتصر، فزدت يقينًا على يقين، وعجبت من صنيع من لم يتوصل إلى هذا، والله يغفر لي ولهم.
وبهذا يكون السند حسنًا، لأجل صدقة هذا.
قال أبو زرعة: لا بأس به، وذكره ابن حبان في ((الثقات)) والباقون كلهم ثقات، كما صرح بذلك الحافظ.
وهو من الأدلة البينة على صحة صلاة التسابيح، حتى ولو لم يكن هناك غيره، فكيف وقد مرَّ بك ما تقدّم من الأسانيد الحسان، ومن الطرق التي تصلح للمتابعات. ---------------------------------------- (1) الأصل، أبي الديلمي - وهو خطأ ـ، والتصويب من التقريب وغيره. (2) الأصل، السميم - وهو خطأ ـ، والتصويب من التقريب وغيره. ---------------------------------------- وقفات مع صاحب ((التوضيح)): وقبل مغادرة هذا الطريق، نحب أن نقف بعض الوقفات مع الأخ الفاضل صاحب ((التوضيح)) عند ترجمته لصدقة (203) قال: ((.. والذين أرادوا تصحيح الحديث قالوا: إنه صدقة الدمشقي، فقد جاء مصرحًا به في بعض الروايات)).
الوقفة الأولى: أن في قوله ((الذين أرادوا تصحيح الحديث)) غمز شديد بنية الذين صححوا، وأنهم أرادوا التصحيح قبل التثبت والتحقيق، ولا يليق بمسلم أن يظن بأخيه المسلم ظن السوء بلا دليل ولا برهان، حتى ولا قرينه.
ويزداد عجب القارئ؛ إذا علم أن هؤلاء ((الذين يريدون تصحيح الحديث)) هم أئمة أعلام، وعلماء كرام، وهم أبعد منا عن الهوى، وعن إرادة التصحيح والتضعيف، قبل التثبت والتحقيق.
تالله لو كانت هذه الكلمة في المعاصرين لحملت على كره، فكيف وهي تعني أئمة الإسلام: كالثوري والعسقلاني والمنذري وغيرهم ممن ذهبوا إلى صحة الحديث.
أفيليق بمسلم بله محقق، أن يقول عن مثل هؤلاء الأعلام، أنهم أرادوا التصحيح، وعقدوا له النية قبل البحث والتحقيق، ثم جاء بحثهم لإثبات ما عقدوا العزم عليه.
كنا نتمنى ألا يقع أخونا الفاضل في أمثال هؤلاء الأعلام، ولعله سبق قلم منه -عفا الله عنا وعنه-.
الوقفة الثانية: قد جاء هؤلاء ((الذين أرادوا تصحيح الحديث)) بقرينة على أن صدقة هذا هو الدمشقي، وليس الخراساني، وهي أنه جاء ذلك مصرحا في بعض الروايات.
فما هو جواب الأخ الفاضل عما استدل به هؤلاء الأعلام؟
الحديث الخامس: حديث عبدالله بن عمرو بن العاص
وله عنه طرق: أولاً: طريق أبي الجوزاء: الأولى: قال أبو داود (2/ 30): رواه المستمر بن الريّان عن أبي الجوزاء عن عبد الله بن عمرو موقوفًا.
قلت: وهذا سند صحيح. قال الحافظ: المستمر ثقة عابد. وأبو الجوزاء: ثقة معروف. ولذلك قال المنذري: ((رواة هذا الحديث ثقات)) (1)
قلت: لا شك أن قول القائل: ((رواته ثقات))، لا تعني تصحيح السند - كما هو معروف في قواعد هذا العلم الشريف.
لكني لم أعثر على علة معتبرة تمنع من القول بصحته، غير أن المنذري نفسه قال: ((لكن اختلف فيه على أبي الجوزاء، فقيل: عنه عن ابن عباس، وقيل: عنه عن عبد الله بن عمرو، وقيل: عنه عن ابن عمر مع الاختلاف عليه في رفعه ووقفه)) (2)
قلت: كل هذا لا يضر، فالاختلاف في أسماء الصحابة لا يضر؛ فكلهم عدول، وكذلك الوقف والرفع، فإن هذا لا يقال من قبل الرأي، وليس هو من باب الاضطراب المردود، وكم من حديث ثبت موقوفاً ومرفوعاً.
وقد سبق الإجابة عن مثل هذا بشيء من التفصيل. ---------------------------------------- (1) ((الآثار)) (128). (2) ((الآثار)) (128). ---------------------------------------- ثم إن أحدًا من السابقين واللاحقين لم يطعن بهذا السند إلا ما ذكروه من مسألة الوقف على عبد الله بن عمرو.
وحاشَ أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم- الابتداع في الدين؛ بخاصة في مسألة تعبدية كالصلاة.
ثم إن الحديث قد روي مرفوعًا من أكثر من طريق، وعن عبد الله بن عمرو كذلك.
وزيادة الثقة مقبولة.
وأقرّ الإمام أحمد صحة هذا السند، كما سيمر معك مفصلاً.
ومما يزيد هذا الطريق قوة على قوة؛ متابعة أبي جناب للمستمر عن أبي الجوزاء عن عبد الله بن عمرو مرفوعًا.
وهو الطريق الثانية عن أبي الجوزاء رواها البيهقي (2/ 52)
وأبو جناب: صدوق لكنه كان مدلسًا، فهو يصلح أن يكون متابعًا للمستمر.
ولثبوت الحديث عن أبي الجوزاء من غير طريق، فلا تضر عنعنة أبي جناب هاهنا، ولا تدليسه.
الطريق الثالثة: قال المنذري (1/ 470): ورواه قتيبة بن سعيد عن يحيى بن سليم عن عمران بن مسلم عن أبي الجوزاء قال نزل عليّ عبد الله بن عمرو بن العاص فذكر الحديث)) قتيبة بن سعيد: ثقة ثبت. يحيى بن سليم: صدوق سيء الحفظ.
وعمران: هو القصير، وهو الذي روى عنه يحيى بن سليم، وهو صدوق يهم، كذا قال الحافظ عن الجميع.
قلت: هذا إسناد جيد في المتابعات والشواهد، وبهذه الطريق الثالثة عن أبي الجوزاء يثبت الحديث عنه، والحمد لله على توفيقه.
الطريق الرابعة: ما أخرجه أبو داود (2/ 30)، ومن طريقه البيهقي (3/ 52) عن محمد بن سفيان ثنا حبان بن هلال ثنا مهدي بن ميمون أخبرنا عمرو بن مالك عن أبي الجوزاء قال: حدثني رجل كانت له صحبة يرون أنه عبد الله بن عمرو به.
وقد سبق الكلام عن هذه الطريق في حديث ابن عباس ورواتها -كلهم- ثقات غير محمد بن سفيان، فإنه صدوق، فالسند حسن لذاته.
الطريق الخامسة: قال ابن ناصر الدين الدمشقي في ((الترجيح)) (63): (قال أبو شيبة -داود بن إبراهيم روزبة- حدثنا محمد بن حميد الرازي عن أبي الجوزاء عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال: قال لي النبي -صلى الله عليه وسلم-..) ثم ذكر الحديث.
قلت: هذا سند ضعيف، فيه علتان: الأولى: محمد بن حميد اختلف فيه أئمة الجرح والتعديل اختلافًا شديداً ما بين مكذب وموثق، والنفس تميل إلى تضعيفه؛ لكثرة المضعفين؛ بل الطاعنين! ولأن معهم حجة، والجرح مقدم على التعديل، إذا كان الجرح مفسراً ولذا قال الحافظ:((حافظ ضعيف، وكان ابن معين حسن الرأي فيه))
الثانية: الانقطاع بين محمد بن حميد وأبي الجوزاء، فإن الأول كان مولده سنة ((160)) هجرية.
بينما كانت وفاة أبي الجوزاء ((83 هـ))، ولم أر أحدًا ممن حقق في ذلك أشار إلى هذه العلة.
ومع ذلك، فإن هذا الطريق لا ينزل عن رتبة المتابعات.
قلت: ثم وقفت على سند الحديث في حاشية الترجيح، نقلاً عن أمالي الأذكار، فتبين أن بين محمد بن حميد وأبي الجوزاء راويين هما: جرير بن عبد الحميد، وأبو جناب الكلبي والظاهر أن في كتاب ((الترجيح)) سقط.
أما جرير: فقد قال الحافظ: ثقة صحيح الكتاب، قيل كان في آخر عمره يهم من حفظه.
وأبو جناب: هو يحيى بن أبي حية، قال الحافظ: ضعفوه لكثرة تدليسه.
ثانيًا: طريق عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده. قال الحافظ في ((النتائج)) (1) ((ولحديث ابن عمرو طريق آخر أخرجه الدارقطني عن عبد الله بن سليمان بن الأشعث عن محمود بن خالد عن الثقه عن عمر بن عبد الله الواحد عن ثوبان عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده)).
قلت: عبد الله ومحمود: ثقتان.
عمر بن عبد الله الواحد: تصحيف، والصواب: عمر بن عبد الواحد.
والتصحيح من ((الجرح والتعديل)) (8/ 292)، (6/ 122)، و ((التهذيب)) (10/ 61) في ترجمة محمود و (7/ 479)، وهو ثقة.
وثوبان: لم أعرفه، وأخشى أنه تصحيف من ابن ثوبان؛ فإن كتاب الدارقطني ليس بين أيدينا، وكتاب ((الآثار)) للكنوي مليء بالتصحيفات؛ فلا تكاد تجد صفحة بلا أخطاء.
فإن كان ثوبان هذا هو ابن ثوبان، فهو: عبد الرحمن بن ثابت بن ثوبان، هو من شيوخ عمر بن عبد الواحد، ومن بلده دمشق.
قال الحافظ: صدوق يخطئ.
ثم وقفت على السند من كتاب ((الترجيح)) لابن ناصر الدين الدمشقي صـ 64 وفيه التصويبات كما توقعت، والحمد لله على توفيقه.
فعمر بن عبد الله: هو: عمر بن عبد الواحد.
وثوبان: هو: ابن ثوبان.
وهذا إسناد جيد، لولا جهالة ((الثقة)) ومع ذلك فهو صالح للمتابعات والشواهد؛ لخلوه من الوضاعين والمتروكين. ---------------------------------------- (1) ((الآثار)) (129). ---------------------------------------- |
|
| |
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52644 العمر : 72
| موضوع: رد: صلاة التسابيح الخميس 13 يونيو 2019, 4:46 am | |
| مناقشة صاحب ((التوضيح)) في عدم طمأنينته: أقرّ (صـ 197) بصحةً سند رواية المستمر بن الريان عن أبي الجوزاء عن عبد الله بن عمرو موقوفاً.
ثم قال: ((فإن هذه الطريق لا تمنحنا الطمأنينة لإثبات هذه الصلاة))، أي لأنها موقوفة.
قلت: كيف لا تمنحنا الطمأنينة، وهي عن صحابي أبعد ما يكون عن الابتداع في الدين.
أليس في هذا غفلة شديدة عن أن الصحابة لا يُحْدِثُون صلاة مبتدعة.
كما أن فيه غفلة عن قاعدة (الحديث الموقوف له حكم الرفع، إذا كان لا يقال من قبل الرأي).
ومسألتنا هذه من هذا الباب قطعًا.
فمحال على عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما أن يقول هذا من رأيه، وأن يخترع صلاة من عند نفسه.
كل هذا؛ لو لم تُرْوَ هذه الصلاة إلا عنه موقوفة، كيف وقد رويت عنه مرفوعة، ومن طرق حسان!!؟ وقبل أسطر، كان الأخ صاحب ((التوضيح)) قد ساق طريق محمد بن سفيان من طريقه عن عبد الله بن عمرو مرفوعًا.
وكلهم ثقات إلا محمد بن سفيان، فقد وصف بالصدق، فلا تنزل هذه الطريق عن رتبة الحسن.
أفلا يكون هذا شاهدًا للطريق الموقوفة.
سبحان الله! إن أي طالب علم، حتى ولو كان مبتدئًا، يدرك هذا!
طريقان: إحداهما صحيحة موقوفة ولها حكم الرفع. وأخرى حسنة مرفوعة. أفلا تشهد إحداهما للأخرى؟
تالله، إن إحداهما تكفي لإثبات هذا الأمر، فكيف وقد اجتمعتا.. وكيف بك إذا علمت أن هناك طرقًا أخرى عن اثني عشر من أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بعضها حسن بذاته، وغالبها يصلح للاعتبار..؟
الحديث السادس: حديث علي رضي الله عنه وقد روي عنه من أكثر من طريق: الأولى: قال الحافظ في ((النتائج)) (1) وأما حديث علي. فأخرجه الدارقطني من طريق عمر مولى غفرة قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لعلي بن أبي طالب: ((يا علي ألا أهدي لك.. فذكر الحديث، وفي سنده ضعف وانقطاع)).
قلت: لم أجد الحديث في ((سنن الدارقطني)) ولعله في كتاب ((الأفراد)).
وعمر هذا: هو ابن عبد الله المدني مولى غفرة، قد اختلفوا فيه. قال أحمد: لابأس به. (2) وقال ابن معين: ضعيف. (3) ---------------------------------------- (1) ((الآثار)) (129). (2) ((الميزان)) (3 - 210). (3) ((الميزان)) (1 - 178). ---------------------------------------- ومال الحافظ إلى تضعيفه في التقريب وهو تابعي، وقد أرسله ثم وقفت على سند الحديث في ((الترجيح)) صـ 51، قال: قال الدارقطني: حدثنا محمد بن أحمد بن الحسن بن إسحاق؛ حدثنا بشر بن موسى حدثنا إبراهيم بن محمد الأرقمي: حدثنا إسحاق بن إبراهيم بن نسطاس، عن عمر بن عبد الله - مولى غفرة - قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لعلي بن أبي طالب.. )) الحديث.
وفيه: إسحاق بن إبراهيم، وهو ضعيف)) (1).
وهو طريق لا تنزل عن رتبة المتابعات، لخلوها من الكذابين والمتروكين.
قلت: هذه هي أهم طرق هذا الحديث، وقد أعرضت عن أسانيد كثيرة لعدم توفر شرط الصحة فيها أو الحسن أو المتابعة.
مناقشة هذه الطرق مما لا شك فيه عند كل محقق منصف وقف على ما ذكرنا، وعنده إلمام بمصطلح الحديث، أن يجزم بثبوت صلاة التسابيح، فإن من المقرر في هذا العلم الشريف: أن الحديث الحسن من القسم الذي تقوم به الحجة.
وأن الحديث إذا روي من طريقين ضعيفين ضعفًا غير شديد، ارتفع إلى رتبة الحسن لغيره، وصار مما يحتج به، وهذا أمر متفق عليه.
قال ابن كثير في اختصار علوم الحديث صـ 33: ((قال أبو عمرو -يعني ابن الصلاح-... ومنه ضعف يزول بالمتابعة، كما إذا كان راويه سيء الحفظ، أو رُوي الحديث مرسلاً، فإن المتابعة تنفع حينئذ، ويرفع الحديث عن حضيض الضعف إلى أوج الحسن أو الصحة والله أعلم))
ثم إن الحسن إذا تعددت طرقه صار صحيحًا لغيره. ---------------------------------------- (1) ((الآثار)) (131) نقلاً عن أمالي الحافظ. ---------------------------------------- قال ابن الصلاح في ((مقدمته)) صـ 34: ((إذا كان راوي الحديث متأخرًا عن درجة الحفظ والإتقان، غير أنه من المشهورين بالصدق والستر، وروي مع ذلك حديثه من غير وجه فقد اجتمعت له القوة من الجهتين، وذلك يرقي حديثه من درجة الحسن إلى درجة الصحيح)).
وقد أعرضت عند كتابة الشجرة عن ذكر المخرجين، حيث أوردتهم بالتفصيل عند التحقيق.
فهذه ثلاث عشرة طريقاً عن خمسة من أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم- ليس في واحد منها كذاب ولا متروك.
إلا ما كان من اختلاف شديد بين أهل العلم في يحيى بن عقبة، ومحمد بن حميد الرازي.
وهب أننا أسقطنا هذين الروايتين فإن: الطريق الأولى: قريبة من الحسن، أو تصلح للاعتبار للكلام في الحكم بن أبان وفي موسى.
وقد حسن هذا الطريق كل من: ابن المبارك، وأبو داود -صاحب السنن- وابن منده، والآجري، والخطيب، وأبي سعد السمعاني، وأبي موسى المديني، وأبي الحسن المنذري، وابن الصلاح، والنووي في ((تهذيب الأسماء واللغات))، والديلمي، والحاكم، وابن عابدين، والحافظ ابن حجر في ((النتائج)) و ((الخصال المكفرة))، واللكنوي.
نقلاً عن ((الآثار المرفوعة)) (125 - 127) باختصار.
الطريق الثالثة: رجال سندها –كلهم- ثقات، غير كلام يسير في جعفر لا يضر، فأقل أحواله أن يكون حسنًا.
الطريق الرابعة: رجال سندها -كلهم- ثقات بالإجماع إلا محمد بن سفيان، فقد وصف بالصدق، فأقل أحواله أن يكون حسنًا، فإن أبى بعضهم؛ فهو من أعلى درجات الحديث المعتبر.
الطريق الخامسة: رجال سندها -كلهم- ثقات بالإجماع، وليس فيها علة إلا أنها موقوفة، وقد سبق الكلام عن هذا على وجه التفصيل، وأن لها حكم الرفع.
الطريق السادسة: رجال سندها ثقات، غير أبي جناب: فيه اختلاف شديد لتدليسه، فهو لا ينزل عن رتبة الاعتبار على كل حال.
الطريق السابعة: فيه محمد بن حميد الرازي: مختلف فيه اختلافًا شديدًا، ورجّح الحافظ ضعفه، فهو يصلح للمتابعات والشواهد.
الطريق الثامنة: فيها يحيى بن سليم، وعمران بن مسلم، وقد وصفوا بالصدق مع سوء الحفظ، فحديثهم لا ينزل عن رتبة المتابعات والشواهد.
الطريق التاسعة: ليس فيها إلا جهالة الثقة.
الطريق العاشرة: كلهم ثقات، ليس فيها علة، ولم يذكر أحدٌ من السابقين واللاحقين فيها مقدحاً، غير جهالة ((الأنصاري)) وهو صحابي رضي الله عنه ولا يضر عدم معرفة اسمه شيئاً. واحتمل بعض أهل العلم أنه جابر أو أبو كبشة الأنماري رضي الله عنهم، وأيّاً ما كان، فمن كان يرى أن من الصحابة من كذب على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فله عذره في رد هذه الصلاة! ومن كان لا يرى ذلك فهذا سند حجة على من أنكر هذه الصلاة.
فكل رجاله حجة بالإجماع، وليس فيهم ضعيف ولا ذو وهم أو خطأ.
الطريق الحادية عشرة: إسناده حسن لذاته، فرجاله -كلهم- ثقات، غير صدقة، فإنه صدوق.
الطريق الثانية عشرة: إسناده ضعيف لجهالة سعيد، فهي تصلح للمتابعات والشواهد.
الطريق الثالثة عشرة: فيها إسحاق: ضعيف، وعمر بن عبد الله: مختلف في توثيقه وتضعيفه.
وعلى الاحتمال الأسوأ، فإن السند لا ينزل عن رتبة المتابعات والشواهد؛ لخلوه من الوضاعين والمتروكين.
وأخيراً: فإن الناظر المنصف في هذه الطرق، لا يتردد أبداً في الحكم بثبوت هذه الصلاة، بل قد ثبتت عبادات وأحكام بأحاديث هي أقل درجة من هذه الطرق، وأقل عدداً.
فهؤلاء خمسة من أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- رواها عنهم خمسة من كبار التابعين الثقات على رأسهم العابد المشهور أبو الجوزاء.
وقد رواها عنه ستة: ثلاثة منهم ثقات، وثلاثة وصفوا بالصدق.
وقد رواها عن أحد هؤلاء الثقات خمسة كل منهم يتابع الآخر؛ ثلاثة منهم ثقات.
وصححها من ذكرنا، ومن سنذكر من الأئمة الأعلام.
وعمل بها من ذكرنا، ومن سنذكر من علماء الإسلام
فهل يشك مطلع على هذا، بهذه الصلاة؟!
|
|
| |
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52644 العمر : 72
| موضوع: رد: صلاة التسابيح الخميس 13 يونيو 2019, 4:54 am | |
| المبحث الأخير في ذِكْرِ مَنْ صحَّحَ الصلاة وضعَّفها، وذِكْرِ شُبُهَاتِ المُضَعِّفِين اختلف أهل العلم في ثبوت هذه الصلاة اختلافًا شديداً، والمذهب الحق عند الاختلاف، هو الرجوع إلى التحقيق العلمي النزيه لمعرفة الرَّاجح من أقوالهم، فهو الفيصل في ذلك لا أشخاصهم وذواتهم، وإن ذُكرت أقوال الرجال في التصحيح والتضعيف، وذكرت اجتهاداتهم، فإنما يجب أن تُذكر على سبيل التوضيح والاستشهاد، لاعلى أنها دليل بنفسها.
فأما الذين ضَعَّفُوهَا فهم: الترمذي، والعقيلي، وابن الجوزي، وابن العربي، وابن تيمية، والشوكاني وغيرهم.
وأما الذين صَحَّحُوهَا: فمعظم أهل الحديث نذكر منهم: ابن المبارك، وأحمد، وأبا داود، وابن منده، والآجري، والخطيب، والسمعاني، وأبا موسى المديني، والمنذري صاحب الترغيب والترهيب، وأبا الحسن المنذري، وابن الصلاح، والديلمي، والحاكم، والعلائي، والزركشي، والمحاملي، وأبا الحسن المقدسي، والجويني، وابنه، والبغوي، والرافعي، وابن حجر الهيتمي المكي، والسيوطي، واللكنوي، وابن عابدين، ومحدث العصر شيخنا الألباني وغيرهم.
واختلفت الرواية عن: النووي، والعسقلاني، والراجح عندي تصحيحهم لها، وسيأتي هذا تفصيلاً.
قول الإمام أحمد: أما الإمام أحمد، فكان يضعف سند الحديث من طريق عمرو بن مالك، ولا يخفى على الباحث أن ضعف السند لا يعني ضعف الحديث، لاحتمال ورود الحديث من طريق آخر بسند صحيح، أو بسند عاضد للسند الأول، أو له شاهد فيصير الحديث حسنًا أو صحيحًا لغيره.
وهذا ما كان مع الإمام أحمد فقد قال: ((إسنادها ضعيف؛ كل يروي عن عمرو بن مالك -يعني وفيه مقال-)) ففي عبارته هذه؛ دلالة على أنه يضعف أحد طرقها، لا أصل الصلاة.
ومع أن هذا لا يسلم للإمام أحمد في عمرو بن مالك لما أثبتناه من قبل.
وقد أجابه علي بن سعيد -وهو أحد تلاميذه- فقال: ((قلت له: قد رواه المستمر بن الريان عن أبي الجوزاء. قال: مَنْ حدَّثك؟ قلت: مسلم (يعني ابن إبراهيم) فقال: المستمر: شيخ ثقة. فكأنه أعجبه)).
قال الحافظ: ((فكأن الإمام أحمد لم يبلغه إلا من طريق عمرو بن مالك -وهو النكري- فلما بلغه متابعة المستمر أعجبه)). نقلاً عن الآثار ((131))
أقوال الحافظ ابن حجر: فقد قال في ((تلخيص الحبير)) (2/ 7) ((والحق أن طرقه -كلها- ضعيفة، وإن كان حديث ابن عباس يقرب من شرط الحسن، إلا أنه شاذ؛ لشدة الفردية فيه، وعدم المتابع والشاهد من وجه معتبر))
وقال في ((الخصال المكفرة)) بعد أن أورد حديث ابن عباس (1): ((رجاله إسناده لا بأس بهم... فهذا من شرط الحسن، فإن له شواهد تقوّيه)). ---------------------------------------- (1) نقلاً عن ((الآثار)). ---------------------------------------- قلت: هذا كلام في ظاهره متناقض! وقد حاول بعض الإخوة أن يثبتوا: أن تحسينه للحديث كان أولاً، ثم كان تضعيفه؛ وذلك من ناحية زمن كتابة النصين.
والواقع: لا يسلم لهم هذا، وإن جهدوا في إثباته؛ لأن كثيراً من المؤلفين يكتب الكتاب ثم يعدّل فيه بعد عشرات السنين، كما هو حال من عاين ذلك.
من أمعن النظر في النصين، أدرك من الناحية العلمية، أن التضعيف كان أولاً، ثم كان منه التحسين، وذلك أن النص الأول تضمن: أولاً: إقراراً بالتحسين ((يقرب من شرط الحسن)) ثانيًا: شذوذه لشدة الفردية فيه. ثالثًا: إنعدام المتابع والشاهد من وجه معتبر. فما دام أن الحافظ قد أقرّ بالتحسين فلنبحث مسألة الشذوذ والمتابع والشاهد.
أما الشذوذ فتعريفه: مخالفة الراوي الثقة لمن هو أوثق منه أو لمن هم أكثر عدداً.
وهذا منتف هاهنا تماماً، فإن حديث ابن عباس لم يخالَف في سنده ولا في متنه، وإلا فمن هم المخالفون..؟
وأما دعواه: شدة الفردية، وانعدام الشاهد والمتابع، فمردود بتلك الروايات المتوافرة وبشهادة أهل هذا الفن؛ بل بشهادة الحافظ نفسه في ((نتائج الأفكار)): ((فإن له شواهد تقوّيه))
فهذا إثبات، والآخر نفي، والإثبات مقدم على النفي كما هو معلوم.
ثم إن قوله: ((لشدة الفردية فيه)) غريب! إذ كيف يكون هذا، وهناك أكثر من عشرة أسانيد... معظمها حسنة أو قريبة من الحسن، فأين الفردية؟
بل إن الحافظ نفسه قد أورد في ((أماليه)) المسماة بـ ((نتائج الأفكار)) أكثر من عشرين طريقًا، ما بين معتبر وغير معتبر.. فلتراجع، فإن مما قال فيها (نقلاً عن الآثار ((127))): ((وردت صلاة التسبيح من حديث ابن عباس، وأخيه الفضل، وأبيهما، العباس، وعبد الله بن عمر، وعبد الله بن عمرو، وأبي رافع، وعلي بن أبي طالب، وأخيه جعفر، وابنه عبدالله بن جعفر، وأم سلمة، والأنصاري، وقيل: إنه جابر؛ وأما حديث ابن عباس - ثم خرجّه وذكر السند ثم قال - إسناد حسن.. ثم ذكر صدقة، وهو أحد الرواة في سند العباس، وقال: ضعيف من قبل حفظه، ووثقه جماعة فيصلح في المتابعات - ثم ذكر سند الأنصاري ثم قال - فسند الحديث لا ينحط عن درجة الحسن، فكيف إذا ضم إلى رواية أبي الجوزاء..)).
ثم ذكر الذين صححوا الحديث.. وقد ذكر في النكت الظراف (4/ 367) من تحفة الأشراف عدة متابعات مقبولة فلتراجع.
فهذا -كله- يدل على أن هذا هو كلامه الأخير، لأنه -كله- مثبت مبيّن، وما سبق نافٍ ومجمل.
فتبيَّن أن الحافظ مِمَّنْ ذهب إلى تحسينه من أكثر من طريق، فضلاً عن الشواهد والمتابعات التي ذكرها، وإقراره أنها جاءت من وجه معتبر.
وهب أننا سلمنا أن كلامه في ((التلخيص)) هو الأخير، فإن كلامه فيه إنما كان عن سند ابن عباس فقط، لا على بقية الأسانيد تفصيلاً.
وهذا كلام مفصل مبين في تحسين غير طريق ابن عباس، والله الهادي إلى سواء السبيل.
وقد يقول قائل: قد أطلتم في ترجيح قول الحافظ -وهو عالم من العلماء- ولم نتعبد بقول الحافظ، ولا بغيره، وإنما تعبدنا الله بما صح.
قلت: نعم.. كل هذا صحيح، وإنما أردنا الرد على من قال: إن الحافظ ضعّف الحديث، لا على أن قول الحافظ هو القول الفصل، والحجة الدامغة، وإنما القول الفصل، والحجة الدامغة بالحق، والمبني على التحقيق العلمي، الذي يكون الرجال عليه شهودًا، ونوراً يستضاء بهم.
والحق في مثل هذه القضية الهامة -قضية الرجال والدليل-: أن لا يكون الرجال بذواتهم حجة، وأن لا يستغنى عنهم في معرفة الطريق، وبيان الحق.
ولقد ضلّ الخوارج عندما استغنوا عن العلماء، وضلّ الصوفيون عندما تعلقوا بالعلماء، واستغنوا بهم عن النصوص وعن التحقيق العلمي.
خلاصة هذا مبحث المصححين والمضعفين: أولاً: إن التحقيق العلمي الحديثي يؤيد مذهب المثبتين لهذه الصلاة. ثانياً: إن الذين صححوا، هم أعلى درجة في التخصص بهذا العلم الشريف، والفن العظيم من الذين ضعفوها. ثالثاً: إن الذين صححوا، إنما صححوا بناءً على تحقيق علمي، واستقصاء للطرق، واستقراء للأسانيد.
ومعظم الذين صححوها جعلوا لها مؤلفًا خاصاً، أو بحثًا مستفيضًا، ثم صححوها بناءً على دراسة وتمحيص، ونتيجة لتحقيق.
ـ فقد ألف فيها الحافظ السمعاني كتابًا سماه ((فضائل صلاة التسبيح)) وصححها. (1) ـ وألف الحافظ محمد بن عمر المديني كتابًا سماه ((تصحيح صلاة التسبيح)) وصححها. (2) ـ وألف الحافظ ابن ناصر الدين الدمشقي كتاباً سماه ((الترجيح لصلاة التسبيح)) (3) وأثبتها. ـ وألف الحافظ السيوطي كتابًا سماه ((تصحيح حديث صلاة التسبيح)) (4) وأثبتها. ---------------------------------------- (1) هو الحافظ أبو سعيد بن عبد الكريم بن محمد بن منصور السمعاني صاحب كتاب الأنساب (562) هـ ((طبقات الشافعية)) (7 - 183) (2) هو الحافظ أبو موسى محمد بن عمر بن أحمد المديني الأصبهاني صاحب التصانيف (501 - 581) هـ ((سير أعلام النبلاء)) (21 - 152) (3) هو العلامة الحافظ المحدث أبو عبد الله محمد بن عبد الله المعروف بابن ناصر الدين الدمشقي (842 هـ) (4) هو الحافظ أبو الفضل جلال الدين عبد الرحمن بن أبي بكر السيوطي، المعروف بكثرة التصانيف، ترجم له السخاوي قبل موته في ((الضوء اللامع))، وله ترجمة وافية في مقدمة كتابه ((تدريب الراوي)). ---------------------------------------- ـ وألف الحافظ عبد الوهاب السبكي كتابًا سماه ((الترشيح لصلاة التسبيح)) وصححها (1) ـ وألف محمد بن طولون كتاباً سماه ((ثمرة الترشيح لصلاة التسبيح)) وصححها. (2) ـ وفصّل ابن علان الصديقي القول فيها تفصيلاً جيداً في كتابه ((الفتوحات الربانية على الأذكار النووية)) وصححها. ـ وفصل اللكنوي القول فيها، وتتبع طرقها في كتابة (الآثار المرفوعة) وصححها.
وغير هؤلاء من السابقين واللاحقين ممن ألف فيها أو بحث عنها، كلهم ذهب إلى تصحيحها، والرد على من ضعفها.
رابعًا: الذين ضعفوا، ليس لديهم دراسة مستفيضة، وغاية ما عندهم إطلاقات عامة، وشبه واهية، ولم يبحث أحد منهم المسألة من كل أطرافها، ولم يستقص ذيولها، ويجمع طرقها، ولم يؤلف أحدُ منهم كتابًا خاصاً فيها.
ثم إنهم لم يذكروا أمرًا يمكن مناقشته سوى إطلاق التضعيف..! سوى ابن الجوزي مناقشة ابن الجوزي: ابن الجوزي من أكثر المضعفين تفصيلاً لهذه الصلاة، وأشدهم تضعيفًا، فقد أورد الحديث في موضوعاته -وكم من حديث صحيح أورده في موضوعاته- وقد انتقده الأئمة على تضعيفه لها، وإيرادها في الموضوعات، وليس ها هنا مجال للاستقصاء والتتبع، ومن أراد الوقوف على شيء من هذا فليرجع إلى ((اللآلئ المصنوعة)) للسيوطي. ---------------------------------------- (1) هو الحافظ تاج الدين أبو نصر عبد الوهاب بن علي السبكي. توفي (771) هـ ((طبقات الشافعية)) (7 - 183). (2) هو العلامة محمد بن طولون الدمشقي المتوفي (953) هـ ذكر كتابه العلامة ابن عابدين في ((حاشيته على الدر المختار)) (2 - 28). ---------------------------------------- وقد حكم على طريق ابن عباس بالوضع، وليس فيها حتى ولا ضعيف ضعفًا مطلقًا، أو شديداً.
وكل رواتها مشهود لهم بالصدق، وغاية ما فيها: راو واحد عنده بعض الأوهام، التي تنجبر وتزول بمجيء الرواية من طرق أخرى.
وأكبر دليل على وهم ابن الجوزي، ما قاله في حق موسى بن عبد العزيز: قال: ((موسى بن عبد العزيز مجهول عندنا)).
والحقيقة: أني ما زلت متعجباً من صنيع ابن الجوزي هذا، ولا أدري كيف قال هذا، وقد أطبق الأئمة على معرفته كما مر معك، كابن معين، والنسائي، وابن المديني، والذهبي، وابن حجر.
فهل يعقل أن تترك أقوال هؤلاء الأئمة، وشهاداتهم لكلام ابن الجوزي منفردًا، فضلاً عن أنه نافٍ وهم مثبتون، والمثبت مقدم على النافي، كما هو معلوم ومشهور، ثم هم أقدم منه وأعرف بالرجل، وقد ردّ العلماء على ابن الجوزي، وشنعوا عليه لإيراده هذا الحديث في الموضوعات، غفر الله له.
قال ابن حجر الهيتمي المكي: ((ذكرها ابن الجوزي في ((موضوعاته))، وشنع عليه الحفاظ في ذلك تشنيعًا بليغاً، والحاصل أن أحاديثها حسنة، إن لم تكن صحيحة؛ لكثرة الطرق، وانتفاء القوادح التي ذكرها ابن الجوزي تساهلاً منه، ومن ضعف نظر إلى كثرة الطرق من غير انضمام بعضها إلى بعض.
ومن صحّح أو حسّن نظر إلى كثرة الطرق، واطلع بعضها على مقتضى الصحيح، فكان المعتمد أن حديثها حسن أو صحيح وأنها سنة كما ذكرها مع كيفيتها أئمتنا في كتبهم))
قال الحافظ: (أساء ابن الجوزي بذكر هذا الحديث في ((الموضوعات)))
وقال في ((نتائج الأفكار)) (وأفرط ابن الجوزي فذكر الحديث في الموضوعات)
وقال السيوطي: (أفرط ابن الجوزي فأورد هذا الحديث في كتاب الموضوعات)
وقال الزركشي في تخريج أحاديث ((الشرح الكبير)): (غلط ابن الجوزي بلا شك في إخراج حديث صلاة التسبيح في الموضوعات) (1)
قول شيخ الإسلام ابن تيمية: قال رحمه الله: ((فإن فيها قولين لهم، وأظهر القولين أنها كذب..)) ثم ذكر بعض من أخذ بها وبعض من لم يأخذ بها ((منهاج السنة (7/ 434))).
وهذا كلام عام في معرض تفصيل، ونفيٌ مطلق في مورد إثبات، لا يثبت أمام التحقيق العلمي، ولم يذكر شبهة حتى ترد، ولا علة حتى تُبين، غاية ما قال، هو حكاية ما عليه الناس في هذه الصلاة، وأن الراجح لديه عدم ثبوتها..
لكن؛ ما جوابه عن تلك الأسانيد الحسان، والشواهد والمتابعات، التي تؤكد صحة هذه الصلاة وثبوتها؟ سوى ما ذكره من النفي عن الأئمة لمعارضة ما أثبته غيره عن الأئمة، مثل ثبوتها عن عبد الله بن المبارك وغيره، كما سبق نقله عن الحاكم وغيره.
والحقيقة: أن كلام شيخ الإسلام فيها مستغرب، وهو مجمل، وكلام المصححين مفسر ومفصل، وقد جاءوا بزيادة علم ينبغي قبولها، والمصير إليها -بخاصة- وأن شيخ الإسلام لم يتعرض لنقدها، ولا لشيء منها، بله لم يحقق المسألة، ولم يتتبع ما ورد فيها!! كما هو ظاهر من كلامه هذا. ---------------------------------------- (1) ذكر كل هذه الأقوال اللكنوي في ((الآثار)) (125 - 137). ---------------------------------------- مناقشة قول الترمذي: (وقد روي عن النبي -صلى الله عليه وسلم- غير حديث في صلاة التسابيح، ولا يصح منه كبير شيء) [رقم 481].
قلت: هذا نفي، والآخرون مثبتون، وحسب قواعد مصطلح هذا العلم الشريف، وبشهادة أئمة حفاظ قد ذكرنا شهاداتهم، يرد هذا القول ولا يقبل، فقد اطلع أولئك الحفاظ على طرق أخرى، وأسانيد لم يقف عليها الترمذي، وهي زيادة علم ينبغي المصير إليها ((وفوق كل ذي علم عليم))
وهكذا معظم أقوال المضعفين لحديث هذه الصلاة، النافين لها، أطلقوا عبارات التَضعيف ولم يجيبوا عن الأسانيد التي حسنها بعض الأئمة. |
|
| |
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52644 العمر : 72
| موضوع: رد: صلاة التسابيح الخميس 13 يونيو 2019, 4:58 am | |
| المبحث الأخير: شبهات المانعين والرَّد عليها الأولى: قال الشوكاني: ((وكل من له ممارسة لكلام النبوة لابد أن يجد في نفسه من هذا الحديث ما يجد)) (1)
قلت: إذا صحّ السند، وثبت الأمر، فلا يصح لمسلم أن يقول: إن في نفسه شيئاً من هذا الأمر.
فإن وجد المسلم في نفسه شيئاً على أمر قد ثبت، وعبادة قد صحّت، فعليه إزالته، والخضوع لأوامر الله تعالى، وسنة رسوله -صلى الله عليه وسلم- والتسليم لها وإلا؛ فلو فتح هذا الباب، لقال قوم ما قالوا، ولعطلت شرائع الإسلام وأحكامه.
ومن عجيب الأمر: أن الشوكاني نفسه في معرض الرد على أولئك الذين يعترضون على النصوص بآرائهم يقول: ((ونصب مثل هذا الكلام في مقابلة الأدلة الصحيحة الصريحة من الغرائب التي يتعجب منها))!! (نيل الأوطار الجزء الرابع صـ 25)
وها نحن نتعجب ممن يردون النصوص بمثل هذا الكلام، كما تعجب هو!!
الشبهة الثانية: قولهم: ((إن في متن الروايات اختلافاً وزيادات))
والجواب عن هذا: أن ليس كل حديث فيه زيادات في بعض رواياته، أو اختلاف في بعض ألفاظه، يكون حديثاً باطلاً مردوداً.
وإنما تعامل هذه الروايات، وتناقش هذه الزيادات، حسب علم مصطلح الحديث، وأصوله، ولا يرد الحديث بمجرد وجود اختلاف في بعض ألفاظه، وزيادات في رواياته؛ وإلا لما صحّ من أحاديث المصطفى إلا النزر اليسير. ---------------------------------------- (1) ((السيل الجرار)) (1 - 382). ---------------------------------------- فإن كثيراً من الأحاديث فيها زيادات، وفي بعض ألفاظها اختلاف، ولا أحب أن أسهب في تفصيل هذا الأمر، وضرب الأمثلة عليه لوضوحه.
وحسبك أن تعلم أن زيادة الثقة مقبولة، ومخالفته شاذة، ومخالفة الضعيف منكرة.
لكن هذا لا يؤثر في أصل الحديث، إذا صحّ لذاته أو لغيره، فكم من حديث في صحيح البخاري له زيادات منكرة في مستدرك الحاكم وغيره، وكم من حديث في ((صحيح مسلم)) له زيادات باطلة في ((مسند الفردوس)) للديلمي وغيره.
ومع ذلك؛ لم يقل أحد من أهل العلم: إن هذا يؤثر في أصل الحديث وثبوته.
وهكذا صلاة التسبيح: فما وجد من زيادة من ثقة قبلت، وما وجد من مخالفة من ثقة لمن هو أوثق منه ردّت، وما وجد من مخالفة من ضعيف أُنكرت.
والذي فعله بعضهم وبخاصة: ((صاحب التوضيح)) أنه أتى إلى بعض زيادات في الحديث غير صحيحة، فعلّق عليها، وحاول إبطال أصل الحديث لورود زيادة غير صحيحة في بعض الطرق، وهذا أمر غريب وعجيب! !
الشبهة الثالثة: إن صلاة التسابيح تخالف هيئة الصلاة، فلذلك لا يجوز صلاتها..
وهذه من أعجب الشبه وأغربها وذلك لما يلي: أولاً: هل لدى القائلين بهذا نص من كتاب أو سنة أو إجماع؛ أن كل صلاة تخالف في هيئتها الصلاةَ الأصلية فهي باطلة.. حتى نقول بقولهم.. ثانياً: هب أنهم أتوا بالمحال، وأثبتوا أن كل صلاة تخالف في هيئتها الصلاة الأصلية فهي مردودة.
أقول: هب..، وإلا فإن دون ذلك خرط القتاد، ولمس السحاب.
فإن أتوا -ولن يأتوا- فإن صلاة التسبيح -عند إمعان النظر- لا تخالف هيئتها هيئة الصلاة أبداً.
وغاية ما فيها: زيادة عدد التسبيحات في أعمال الصلاة نفسها، دون زيادة ركن، أو إنقاص واجب، أو تغيير هيئة.
والتسبيح والذكر هو لب الصلاة وأسّها، وقد قال -صلى الله عليه وسلم- ((إن هذه الصلاة لا يصلح فيها شيء من كلام الناس إنما هي التسبيح، والتكبير)) الحديث.
فهل يعتبر الإكثار من التسبيح والتحميد مخالفة لهيئة الصلاة؟!؟
وأما الجلسة التي بعد السجود الثاني قبل القيام الثاني، فليست غريبة!
وإنما هي جلسة الاستراحة التي ثبتت بالسنة الصحيحة من فِعْلِ النبي -صلى الله عليه وسلم- في سائر صلاته..
وإذن فأين الهيئة المخالفة..؟ !!
هل في صلاة التسبيح ركوعان وقيامان؟
أو قيام من غير ركوع ولا سجود ولا تشهد؟
فالأولى: الخسوف، والثانية الجنازة.
فهل هي أعظم مخالفة لهيئة الصلاة، من هاتين الصلاتين، وكذلك صلاة العيد.
أفلا ردوا -إذن- هذه الصلوات المخالفة لهيئة الصلاة بدعوى المخالفة للهيئة!!
قال صاحب ((التوضيح)): ((إذا بحثنا في الصلوات المفروضة، والمسنونة، فإننا لن نجد واحدة منها تشبه هذه الصلاة))
قلت: وكذلك بحثنا في الصلوات المفروضة والمسنونة، فلم نجد صلاة تشبه صلاة الخسوف.. أفنردها إذن؟
إن المسألة ليست مسألة مخالفة هيئة أو عدمها.
إنما هي مسألة صحة هذه العبادة وثبوتها من عدمه، ووجوب الانقياد بعد ذلك لما صحّ، سواء خالف هيئة أم لم يخالف، وسواء وُجد في النفس منه شيء أم لم يوجد.
وخلاصة ردّ هذه الشبهة: أن صلاة التسبيح لا تخالف هيئة الصلاة، وإن خالفتها فلا تعتبر هذه المخالفة؛ لعدم وجود ما يمنع هذه المخالفة.
ولأن الله تعالى -يشرع ما يشاء، كيف شاء- {إن الله يحكم ما يريد} [المائدة 1].
فقد شُرعت صلاة التسبيح كما شُرعت، وشُرعت صلاة الجنازة كما شُرعت.
وشُرعت سجدتا الشكر والتلاوة كما شرعتا، وما علينا إلا السمع والتسليم.
قال ابن عابدين (1): ((ما دامت هذه الصلاة قد ثبت حديثها في السنة، فينبغي أن يقبل، ولا يعبأ بأي اعتراض)).
ثم إن الغرابة الحقيقية، والمخالفة الواضحة لهيئة الصلاة، إنما هي في صلاة الخوف والجنازة والكسوف والعيد، لا في صلاة التسابيح التي لا يتعدى أمرها سوى زيادة التسبيحات ضمن أركان الصلاة نفسها كما سبق بيانه.
وما دمنا قبلنا تلك الهيئات المخالفة لأصل الصلاة، لثبوتها بهيئاتها عن المعصوم، فمن باب أولى قبول هذه الصلاة. وما كان جواباً عن تلك الصلوات فهو جوابنا عن صلاة التسبيح، والله الهادي إلى سواء السبيل.
الشبهة الرابعة: ((استعظام الأجر الكبير الذي ورد في الحديث مقابل هذه الصلاة وهي عمل صغير)) وهذه كذلك من أعجب الشبه وأغربها، فهل يستقيم لباحث أن يرد عبادة لكثرة أجرها، مع قلة العمل فيها. يا سبحان الله..!! ---------------------------------------- (1) ((الحاشية)) (2 - 27). ---------------------------------------- أفلا استعظموا أجر تفطير الصائم، وتجهيز الغازي. فردّوا قوله -صلى الله عليه وسلم-: ((من فطر صائمًا أو جهز غازيًا فله مثل أجره)) (1)
رجل يصوم النهار كله، ويعاني ما يعانيه من الجهد والعطش والجوع..
وآخر له الأجر نفسه؛ رغم أنه لم يصم ولم يجع ولم يعطش، سوى أنه فطّر صائماً على تمرة واحدة.
والمجاهد الذي يقطع الفيافي، ويفترش الأرض، ويلتحف السماء، ويعاني ما يعانيه من الجهد، والنصب، ومقابلة أعداء الله، ثم يكون لمجهزه مثل أجره من غير أن ينقص من أجر المجاهد شيء.
أفلا ردوا حديث النبي -صلى الله عليه وسلم- عن بغية من بغايا بني إسرائيل، غفر الله لها لأنها سقت كلباً.
وعن رجل دخل الجنة، لرفعه عوداً من الطريق، كان يؤذي المسلمين.
ورجل علّم حديثاً واحداً، خمسين مسلماً في مجلس واحد، ثم علّم كل واحد منهم خمسين مسلماً أو أقل أو أكثر.
وهكذا إلى يوم القيامة، فله مثل أجر مئات الألوف من المسلمين، الذي تعلموا هذا الحديث بسببه، دون أن ينقص من أجورهم شيء.
أفلا نستعظم فضل الله وكرمه وأجره.. وهو الذي يجعل سيئات التائب حسنات.
{فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات} الآية [الفرقان: 70].
فهل هناك أغرب من أن يعصي المرء خالقه، ثم يجعل الله تلك الذنوب والآثام حسنات لصاحبها؛ إذا هو تاب وأناب ورجع إلى الله. ---------------------------------------- (1) رواه البيهقي (7929) وصححه شيخنا في صحيح الجامع. ---------------------------------------- شبهة أخرى عجيبة: يقولون: إن الناظر في الصلوات الأخرى لا يجد أي أثر للعد.
قلت: إذا أراد الله أن نعد في هذه الصلاة، ولا نعد في غيرها، فماذا يكون..؟
أفنقول: له يا رب، لا نصلي هذه الصلاة لأن فيها عداً، ونصلي بقية الصلوات، لأنه ليس فيها عد..
أيليق بمسلم أن يقول هذا، فضلاً عن طالب علم بله عالم؟ !!
وعليهم -إذن- أن يردُّوا صلاة العيد؛ لأن فيها عداً للتكبيرات، وكذلك صلاة الجنازة.
ثم رأيت أن لا أستطرد في ذكر الشُّبَهِ كلها، والرَّدِّ عليها، نظراً لبُعدها عن البحث العلمي السليم، ولأن ذكر الشُّبَهِ -أحياناً- والرَّدِّ عليها قد يقويها وأحياناً أخرى يكون رَدُّ الشُّبَهِ من البداهة بمكان يعجز العاقل عن صياغة الرَّدِّ، ومن أصعب الأمور إثبات المسلّماًت، والرَّدِّ على الشُّبَهِ التي لا تبنى على أسس علمية.
وهذه الشُّبَهِ من هذا القبيل، فهم يردُّون هذه الصلاة لاستعظام أجرها؟ أو لذكر العَدِّ فيها!
ومن تلك الشُّبَهِ التي يغني ذكرها عن الرَّدِّ عليها قولهم: إن هذه الصلاة سهلة ميسورة، فكيف يخبر الرسول -صلى الله عليه وسلم- المؤمنين عن صلاتها (ولو في السنة مرة)!
وقولهم: إن الصحابة أصحاب عبادة.. فكيف استثقلها العباس، حتى قال له الرسول -صلى الله عليه وسلم-: في الأسبوع مرة.. في السنة مرة.. في العمر مرة.
قلت: العباس رضي الله عنه لم يستثقلها، إنما علّق النبي -صلى الله عليه وسلم- بالاستطاعة.. ثم هذه غفلة عن أن هذا الإرشاد هو للأمة كلها، وليس خاصاً بالصحابة أو بالعباس.
وفي الأمة من يموت ولا يركع ركعة واحدة، ومراجعة العباس رضي الله عنه الرسول -صلى الله عليه وسلم- هو من باب التشريع لهذه الأمة، كما أن جبريل جاء يسأل النبي -صلى الله عليه وسلم- عن الإسلام والإيمان والإحسان في الحديث المشهور.
وكما كان حذيفة يسأل النبي -صلى الله عليه وسلم- عن الشر ويقول: فإن أدركني فماذا أفعل..؟
وعلى حد قولهم، يمكن لقائل أن يقول: إن حديث جبريل في سؤال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن أركان الإسلام غير صحيح، إذ كيف يسأل جبريل وهو يعلم؟!
الخلاصة إن صلاة التسابيح؛ قد ثبتت من أكثر من وجه، وعن أكثر من صحابي، وبشهادة أكثر من إمام مختص، وما أثير حولها من شبه مردود لأنه: إذا صحت العبادة.. وجب التسليم.. وإذا صح الأثر.. بطل النظر.. هذا هو مذهب أهل السنة والجماعة.
وليس من مذهبهم تعطيل النصوص بالعقل، ورد العبادات الصحيحة بالشبهات، وإبطال الصلوات الثابتة بالاحتمالات، والله الموفق للخير.. وهو الهادي إلى سواء السبيل.. وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.. |
|
| |
| صلاة التسابيح | |
|