أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52644 العمر : 72
| موضوع: سورة آل عمران: الآيات من 151-155 الخميس 25 أبريل 2019, 8:55 pm | |
| سَنُلْقي في قُلُوب الَّذينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ بمَا أَشْرَكُوا باللَّه مَا لَمْ يُنَزّلْ به سُلْطَانًا وَمَأْوَاهُمُ النَّارُ وَبئْسَ مَثْوَى الظَّالمينَ [١٥١] تفسير الأية: خواطر محمد متولي الشعراوي (ت 1418 هـ)
وألقى الحق في قلوبهم الرعب بالفعل.
فساعة قالوا لأبي سفيان: إن محمداً قادم إليك بجيش كثيف من المدينة، وانضم له مقاتلون لم يحاربوا من قبل، وقادم إليكم في حمراء الأسد.
ماذا صنع أبو سفيان وقومه؟
ألقى الله الرعب في قلوبهم وفروا.
وكلمة "سنلقي" مأخوذة من "الإلقاء" وهو لا يكون إلا لمادة وعين.
ويبين لنا القرآن هذا الأمر حين يقول: "فألقى الألواح"، هذه حاجة مادية.
قال تعالى: {وَأَلْقَى ٱلأَلْوَاحَ وَأَخَذَ برَأْس أَخيه يَجُرُّهُ إلَيْه قَالَ ٱبْنَ أُمَّ إنَّ ٱلْقَوْمَ ٱسْتَضْعَفُوني} [الأعراف: 150].
إنه أمر مادي.
ونحن نقول: ألقى الحجر.
والحق سبحانه يقول: {فَأَلْقَوْاْ حبَالَهُمْ وَعصيَّهُمْ وَقَالُواْ بعزَّة فرْعَونَ إنَّا لَنَحْنُ ٱلْغَالبُونَ} [الشعراء: 44].
إنها حبال، أي أمر مادي.
وسبحانه وتعالى يقول عن الوحي لأم موسى: {وَأَوْحَيْنَآ إلَىٰ أُمّ مُوسَىٰ أَنْ أَرْضعيه فَإذَا خفْت عَلَيْه فَأَلْقيه في ٱليَمّ وَلاَ تَخَافي وَلاَ تَحْزَنيۤ إنَّا رَآدُّوهُ إلَيْك وَجَاعلُوهُ منَ ٱلْمُرْسَلينَ} [القصص: 7].
فالإلقاء أمر مادي، كأن الله يريد أن يجعل المعنى وهو الرعب شائعاً، فقال: أنا سأجمع الرعب وأضعه في القلب، ويكون عمله ماديًّا.
فإذا ما استقر الرعب في القلب جاء الخَور، وإذا سكن الخور القلب نضح على جميع الجوارح تخاذلاً، فيقول: {سَنُلْقي في قُلُوب ٱلَّذينَ كَفَرُواْ ٱلرُّعْبَ} [آل عمران: 151] فكأنه مثل لنا الرعب، والرعب أمر معنوي وهو التخوف من كل شيء، فأوضح: بأنه سيأتيهم بالرعب ويلقيه في القلب، فيبقى به ليصنع الخور والخذلان.
{سَنُلْقي في قُلُوب ٱلَّذينَ كَفَرُواْ ٱلرُّعْبَ} [آل عمران: 151] انظروا إلى التعابير الصادرة عن الله إنه هنا يأتي بـ "نون العظمة"، "سنلقي" ونلحظ أن الحق سبحانه وتعالى ساعة يتكلم عن أمر يحتاج إلى فعل فهو سبحانه يأتي بـ "نون العظمة" كقوله: {إنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا ٱلذّكْرَ وَإنَّا لَهُ لَحَافظُونَ} [الحجر: 9].
ولأن إنزال الذكر عملية عظيمة، فنأتي بـ "نون العظمة”.
لأننا سننزله بقدرة وسننزله بحكمة، وننزله بعلم وننزله بسمع، وننزله ببصر، وننزله بقيومية، وننزله بقبض, وننزله ببسط، فقوله: "إنا نحن" فكأن نون العظمة تأتي هنا، لكن ساعة يتكلم سبحانه عن الذات العلية فهو يقول: "إنني أنا الله”.
لم يقل إننا، ولكن في الإنزال يقول: {إنَّا أَنزَلْنَاهُ في لَيْلَة ٱلْقَدْر} [القدر: 1].
لأن هذه عملية عظيمة جليلة؛ فـ "نون العظمة" تأتي فيما يكون من شأنه حدث يُفعل؛ وهذا الحدث الذي يُفعل يحتاج لصفات كثيرة، ولذلك قلنا ساعة تبتدئ أيَّ عمل تقول: "بسم الله الرحمن الرحيم".
لماذا؟
لأن العمل الذي ستعمله يحتاج إلى قدرة علية، ويحتاج إلى علم قبل أن تعمله، ويحتاج إلى حكمة، أي أنه يحتاج إلى صفات كثيرة، فأنت تدخل على العمل باسم القادر الذي يُقْدرُك؛ وباسم العليم الذي يعلمك، وباسم الحكيم الذي يحكمك.
وكل هذه الصفات ستتكاتف في إبراز العمل كي يرحمك حتى في الاستعانة، فلا يقول لك: هات الصفات كلها التي يحتاج إليها فعلك؛ لأن هناك صفات أنت لا تعرفها، فيقول لك: هات الاسم الجامع لكل صفات الكمال.
قال: "باسم الله"، وهي تضم كل صفات الكمال.
إذن فأنت تلاحظ أنك إذا رأيت "نون العظمة" التي نسميها "نون الجمع" نجد أننا نقول: "نحن" للجماعة.
أو للمتكلم الواحد حين يعظم نفسه، ولذلك نلاحظها حتى في قانون البشر، ألم يقولوا في الملكية: "نحن الملك"، وهذه النون بالنسبة لله ليست نون الجماعة.
إنما هي "نون العظمة"، العظمة الجامعة لكل صفات الكمال التي يتطلبها أي فعل من الأفعال، لذلك قال سبحانه: {سَنُلْقي في قُلُوب ٱلَّذينَ كَفَرُواْ ٱلرُّعْبَ} [آل عمران: 151] فكل قلب به كفر يحتاج إلى إلقاء الرعب فيه.
إذن فتأتي نون العظمة لتستوعب كل هذه القلوب الكافرة.
وهو سبحانه لا يتجنى عليهم بإلقاء الرعب، ولكن هم الذين استحقوا أن يلقى في قلوبهم الرعب،
لماذا؟
"بما أشركوا”.
إن الإشراك بالله هو الذي جاء لهم بالرعب؛ لأن الله يفعل، والشركاء لا يفعلون.
ولو أن شركاءهم حق لما تخلوا عنهم.
فلماذا لم يأتوا بشركائهم لينصروهم؟
لقد جاءهم الرعب لأنهم ليس لهم مولى، ولو كان لهم آلهة قادرة -كما يدَّعون- لقالوا لتلك الآلهة: رب محمد يعمل معنا هكذا فلماذا لا تقفون له يا أربابنا؟
لكنهم أشركوا بالله ما لا يضر ولا ينفع، بل ضره أقرب من نفعه.
{بمَآ أَشْرَكُواْ بٱللَّه مَا لَمْ يُنَزّلْ به سُلْطَاناً} [آل عمران: 151] والسلطان هو القوة والحجة والبرهان مأخوذة من مادة "السين واللام والطاء" ونقول: فلان تسلط على فلان، أي أرغمه بقدرته عليه.
ويقولون: فلان سليط اللسان، أي قادر أن يسب، إذن فالسلطة هي: القهر، والقوة التي ترغم على الفعل، وفي المعنويات هي الحجة والبرهان، والمؤمنون دائماً ذوو سلطان من الله؛ لأنهم إن انتصروا مادياً فذلك سلطان القهر، وإن انهزموا مادياً فعندهم سلطان الحق والدليل؛ ولذلك قلنا سابقاً: إن إبليس يأتي يوم القيامة ويقول: {وَمَا كَانَ ليَ عَلَيْكُمْ مّن سُلْطَانٍ إلاَّ أَن دَعَوْتُكُمْ فَٱسْتَجَبْتُمْ لي فَلاَ تَلُومُوني وَلُومُوۤاْ أَنفُسَكُمْ} [إبراهيم: 22].
وقلنا إن السلطان نوعان: إما قوة تقهرنا على أن نفعل المعصية، وإما برهان ودليل يجعلنا نفعل المعصية.
والفرق بين القوة القاهرة وبين سلطان الدليل هو أن القوة القاهرة تجعلك تفعل وأنت مرغم غير راض عن الفعل.
أما سلطان الدليل فيقنعك بأن تفعل؛ فتكون قد فعلت برضاك، فمرة يأتي السلطان بمعنى: قوة تقهرك على أن تفعل الفعل وأنت مرغم.
إنما قوة الدليل تقنعك أن تفعل، فيأتي الشيطان ليقر على نفسه في الآخرة ويقول: "وما كان لي عليكم من سلطان" أي ليس معي قوة تقهركم على المعصية وليس معي دليل يقنعكم حتى تفعلوا المعصية، لا هذا ولا ذاك، فما الحكاية إذن؟
قال: "وما كان لي عليكم من سلطان إلا أن دعوتكم فاستجبتم لي”.
أي إنكم أطعتموني واستجبتم لدعوتي بلا سلطان قوة أقهركم به على شيء، ولا سلطان دليل أقنعكم به.
ويذيل الحق الآية بقوله: {وَمَأْوَاهُمُ ٱلنَّارُ وَبئْسَ مَثْوَىٰ ٱلظَّالمينَ} [آل عمران: 151] أي أن المرجع الذي يأوون إليه هو النار، والمأوى؛ هو الموضع الذي ترجع أنت إليه.
وكأن في هذا المرجع ذاتية من الكافر تلقيه على النار فهو -أي الكافر- مأواه ومثواه الذي يرجع إليه.
ولذلك يجب أن نفطن إلى قوله الحق في بعض الأساليب: "وإليه تَرجَعون" وقوله: "وإليه تُرجَعون”.
{وَبئْسَ مَثْوَىٰ ٱلظَّالمينَ} [آل عمران: 151].
أي مثوى لا مفر بعده أبداً، فكل مثوى من الجائز أننا نرحل عنه، لكن المثوى الذي سيبقى خلوداً للظالمين هو النار وهو بئس المثوى.
وبعد ذلك يقول الحق: {وَلَقَدْ صَدَقَكُمُ ٱللَّهُ وَعْدَهُ إذْ تَحُسُّونَهُمْ بإذْنه حَتَّىٰ إذَا فَشلْتُمْ وَتَنَازَعْتُمْ في ٱلأَمْر وَعَصَيْتُمْ مّن بَعْد مَآ أَرَاكُمْ مَّا تُحبُّونَ...}.
عدل سابقا من قبل أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn في السبت 27 أبريل 2019, 4:48 am عدل 1 مرات |
|
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52644 العمر : 72
| موضوع: رد: سورة آل عمران: الآيات من 151-155 الخميس 25 أبريل 2019, 8:56 pm | |
| وَلَقَدْ صَدَقَكُمُ اللَّهُ وَعْدَهُ إذْ تَحُسُّونَهُمْ بإذْنه حَتَّىٰ إذَا فَشلْتُمْ وَتَنَازَعْتُمْ في الْأَمْر وَعَصَيْتُمْ منْ بَعْد مَا أَرَاكُمْ مَا تُحبُّونَ منْكُمْ مَنْ يُريدُ الدُّنْيَا وَمنْكُمْ مَنْ يُريدُ الْآخرَةَ ثُمَّ صَرَفَكُمْ عَنْهُمْ ليَبْتَليَكُمْ وَلَقَدْ عَفَا عَنْكُمْ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْمُؤْمنينَ [١٥٢] تفسير الأية: خواطر محمد متولي الشعراوي (ت 1418 هـ)
ونعرف أن في {صَدَقَكُمُ ٱللَّهُ وَعْدَهُ} [آل عمران: 152] مفعولين: الأول هو ضمير المخاطبين في قوله: "صدقكم"، والثاني هو قوله "وَعْد" المضاف إليه الضمير العائد على لفظ الجلالة "الله" فهو -سبحانه- قد أحدث وعداً، والواقع جاء على وفق ما وعد.
لقد قال الحق: {إن تَنصُرُواْ ٱللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبّتْ أَقْدَامَكُمْ} [محمد: 7].
وقال سبحانه: {وَإنَّ جُندَنَا لَهُمُ ٱلْغَالبُونَ} [الصافات: 173].
والآيتان تؤكدان قضية وعدية، بعد ذلك جاء التطبيق العملي.
فهل وقع الوعد أو لم يقع؟
لقد وقع، ومتى؟
فهل يشير الحق في هذه الآية إلى موقعة بدر؟
{إذْ تَحُسُّونَهُمْ بإذْنه} [آل عمران: 152].
و"تحسونهم" أي تُذهبون الحس منهم، والحس: هو الحواس الخمس، ومعنى أذهبت حسه يعني أفقدته تلك الحواس.
"إذ تحسونهم" وقد حدث، وتمكنتم منهم؛ تقتلونهم وتأسرونهم، أو الحس: هو الصوت الذي يخرج من الإنسان، وما دام فقد الحس يعني انتهى، {إذْ تَحُسُّونَهُمْ بإذْنه} [آل عمران: 152] فحينما صدقتم لقاءكم لعدوكم على منهج الله صدق الله وعده؛ هذا في بدر.
أما هنا في أُحد فقد جاء فيكم قوله: {حَتَّىٰ إذَا فَشلْتُمْ} [آل عمران: 152] أي جبنتم.
{وَتَنَازَعْتُمْ في ٱلأَمْر وَعَصَيْتُمْ} [آل عمران: 152] أمر الرسول {مّن بَعْد مَآ أَرَاكُمْ مَّا تُحبُّونَ} [آل عمران: 152] وهي الغنائم، {منكُم مَّن يُريدُ الدُّنْيَا وَمنكُم مَّن يُريدُ ٱلآخرَةَ} [آل عمران: 152].
كأنه سبحانه يعطينا العبرة من معركتين: معركة فيها صدق وعد الله، وفعلاً انتصرتم، وأيضاً صدق وعد الله حينما تخليتم عن أمر الرسول فحدث لكم ما حدث.
إذن فالمسألة مبسوطة أمامكم بالتجربة الواقعية، ليس بالكلام النظري وليس بالآيات فقط، بل بالواقع.
أو أن الأمر كله دائر في أُحد، نقول فرضاً: هو يدور في أُحد ودع بدراً هذه، حينما دخلتم أيها المسلمون أول الأمر انتصرتم أم لم تنتصروا؟
لقد انتصرتم، وطلحة بن أبي طلحة الذي كان يحمل الراية للكفر قتل هو وبضعة وعشرون، الراية الكافرة قد سقطت في أول المعركة، وحامل الراية يقتل وهذا ما وضحه قوله تعالى: {وَلَقَدْ صَدَقَكُمُ ٱللَّهُ وَعْدَهُ إذْ تَحُسُّونَهُمْ بإذْنه حَتَّىٰ إذَا فَشلْتُمْ وَتَنَازَعْتُمْ في ٱلأَمْر} [آل عمران: 152] فجماعة تقول: لنبق في أرض المعركة، وجماعة تقول: ننسحب.
ورأيتم الغنائم فحدث منكم كذا وكذا.
فتأتي النكسة، ولو لم يحدث ما حدث لكان من حقكم أن تتشككوا في هذا الدين، إذن فما حدث دليل على صدق هذا الدين، وأنكم إن تخليتم عن منهج من مناهج الله فلابد أن يكون مآلكم الفشل والخيبة والهزيمة.
{حَتَّىٰ إذَا فَشلْتُمْ وَتَنَازَعْتُمْ في ٱلأَمْر} [آل عمران: 152]، فجماعة قالوا: نظل كما أمرنا الرسول، وجماعة قالوا: نذهب إلى الغنائم {منكُم مَّن يُريدُ الدُّنْيَا وَمنكُم مَّن يُريدُ ٱلآخرَةَ} [آل عمران: 152].
وما دمتم قد تنازعتم وقالت جماعة: لنتمسك بمواقعنا، وقالت جماعة أخرى: لنذهب إلى الغنائم، إذن فالذي أراد مواصلة القتال إنما يريد الآخرة ولم تلهه الغنائم، والقسم الذي أراد الدنيا قال: لنذهب إلى الغنائم.
وفي هذه المسألة قال ابن مسعود -رضي الله عنه-: والله ما كنت أعلم أن أحداً من صحابة رسول الله يريد الدنيا حتى نزل فينا ما نزل يوم أُحد.
أي أنه لم يكن يتصور أن من بين الصحابة من يريد الدنيا، بل كان يظن أنهم جميعاً يريدون الآخرة، فلما نزل قول الله: {منكُم مَّن يُريدُ الدُّنْيَا وَمنكُم مَّن يُريدُ ٱلآخرَةَ} [آل عمران: 152] عرف ابن مسعود أن من الصحابة من تتقلب به الأغيار.
وذلك لا يقدح فيهم؛ لأنهم رأوا النصر، فظنوا أن المسألة انتهت؛ لقد سقطت راية الكفر، وقتل المؤمنون عدداً من صناديد قريش.
ولقد عفا الله عن المؤمنين وغفر لهم ما بدر منهم من مخالفة لأمر رسوله -صلى الله عليه وسلم-.
{ثُمَّ صَرَفَكُمْ عَنْهُمْ ليَبْتَليَكُمْ} [آل عمران: 152] نعم لأنكم كنتم مشغولين بقتالهم قبل أن تنظروا إلى الغنائم، فلما نظرتم إلى الغنائم اتجه نظركم إلى مطلوب دنياكم، فانصرفتم عنهم، ولم تجهزوا عليهم ولم تتم لكم هزيمتهم وقهرهم، {ثُمَّ صَرَفَكُمْ عَنْهُمْ ليَبْتَليَكُمْ} [آل عمران: 152] وابتلاؤكم في هذه الغزوة إنما هو رياضة وتدريب على المنهج، كأنهم غزوة مقصودة للابتلاء، فترون منها كل ما حدث.
وبعد ذلك نجحت التجربة، فبعد هذه المعركة لم ينهزم المسلمون في معركة قط.
ولذلك يقولون: الدرس الذي يعلم النصر في الكثير لا يعتبر هزيمة في القليل.
والمثال على ذلك: لنفرض أن ولداً من الأولاد رسب سنة، ثم حمل ذلة الرسوب، نجده ينال بسبب ذلك مرتبة متميزة بعد ذلك بين العشرة الأوائل، إذن فالرسوب الأول له كان خيراً.
{وَلَقَدْ عَفَا عَنْكُمْ} [آل عمران: 152] لأنه كان لكم وجهة نظر أيضاً عندما تصورتم أن المعركة انتهت بسقوط راية الكفر ومقتل طلحة بن أبي طلحة ومقتل بعض من الصناديد في معسكر الكفر، فظننتم أن المسألة انتهت، لكن كان يجب أن تذكروا أن الرسول قال لكم: اثبتوا في مراكزكم وأماكنكم حتى لو رأيتمونا نتبع القوم إلى مكة، ولو رأيتموهم يدخلون المدينة.
أيوجد تحذير أكثر من ذلك!؟
{وَٱللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَلَى ٱلْمُؤْمنينَ} [آل عمران: 152] وسبحانه جل وعلا لم يخرجهم من الحظيرة الإيمانية بهذا القول الحكيم.
ويقول الحق من بعد ذلك: {إذْ تُصْعدُونَ وَلاَ تَلْوُونَ عَلَىٰ أحَدٍ وَٱلرَّسُولُ يَدْعُوكُمْ فيۤ أُخْرَاكُمْ...}. |
|
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52644 العمر : 72
| موضوع: رد: سورة آل عمران: الآيات من 151-155 الخميس 25 أبريل 2019, 8:58 pm | |
| إذْ تُصْعدُونَ وَلَا تَلْوُونَ عَلَىٰ أَحَدٍ وَالرَّسُولُ يَدْعُوكُمْ في أُخْرَاكُمْ فَأَثَابَكُمْ غَمًّا بغَمٍّ لكَيْلَا تَحْزَنُوا عَلَىٰ مَا فَاتَكُمْ وَلَا مَا أَصَابَكُمْ وَاللَّهُ خَبيرٌ بمَا تَعْمَلُونَ [١٥٣] تفسير الأية: خواطر محمد متولي الشعراوي (ت 1418 هـ)
{إذْ تُصْعدُونَ وَلاَ تَلْوُونَ عَلَىٰ أحَدٍ} [آل عمران: 153] هنا جاء لهم بلقطة من المعركة، حتى إذا سمع كل واحد منهم هذا الكلام يستحضر الصورة المخزية التي ما كان يصح أن تحدث، "إذ تصعدون"، فيه "تَصْعَد"، وفيه "تُصعد" وهنا "تُصْعدون" من "أَصْعَد"، و"أَصْعَد" أي ذهب في الصعيد، والصعيد الأرض المستوية حتى تعينه على سرعة الفرار.
إنما "صَعدَ" تحتاج إلى أن يكون هناك مكان عالٍ يصعدون إليه.
وهم ساعة أرادوا أن يفروا جَرَوْا إلى الأرض السهلة ومَشَوْا، فكل منهم لا يريد أن يتعثر هنا أو هناك، إذن فالمناسب لها {إذْ تُصْعدُونَ وَلاَ تَلْوُونَ عَلَىٰ أحَدٍ} [آل عمران: 153] والفَار لا ينظر هنا أو هناك؛ ليس أمامه إلا الأرض السهلة.
{وَلاَ تَلْوُونَ عَلَىٰ أحَدٍ} [آل عمران: 153] أي لا تعرجون على شيء، والأهم من ذلك أن هناك تنبيهاً من القائد الأعظم وهو الرسول -صلى الله عليه وسلم- الذي يدعوكم "والرسول يدعوكم في أخراكم" أي يناديكم من مؤخرتكم طالباً منكم العودة إلى ميدان القتال "فأثابكم غما بغم”.
أنتم غَمَمْتُم الرسول -صلى الله عليه وسلم- بأنكم خالفتم أوامره، فوقفكم الله هذا الموقف.
كلمة {فَأَثَابَكُمْ غَمّاً بغَمٍّ} [آل عمران: 153] كأنه يقول: عاقبكم.
ولكنه سبحانه يأتي بها مغلفة بحنان الألوهية "فأثابكم”.
إذن فهي ثواب.
أي أن الحق سبحانه وتعالى بربوبيته وبألوهيته؛ يعلم أن هؤلاء مؤمنون فلم يَقْسُ عليهم، قال: {فَأَثَابَكُمْ غَمّاً بغَمٍّ} [آل عمران: 153] فكأن ما حدث لكم تخليص حق.
{لّكَيْلاَ تَحْزَنُواْ عَلَىٰ مَا فَاتَكُمْ} [آل عمران: 153] ولو لم تحدث مسألة الحزن والخزي والذلة لشغلتكم مسألة أنكم فاتتكم الغنائم والنصر، ولظل بالكم في الغنائم؛ لأنها هي السبب في هذا.
كأن الغم الذي حدث إنما جاء ليخرج من قلبكم لقطة سيل اللعاب على الغنيمة.
وما أصابكم من القتل والهزيمة، {فَأَثَابَكُمْ غَمّاً بغَمٍّ لّكَيْلاَ تَحْزَنُواْ عَلَىٰ مَا فَاتَكُمْ وَلاَ مَآ أَصَابَكُمْ وَٱللَّهُ خَبيرٌ بمَا تَعْمَلُونَ} [آل عمران: 153] أي أنه سبحانه يقدر ما الذي استولى عليكم، لأن من الجائز {وَٱلرَّسُولُ يَدْعُوكُمْ فيۤ أُخْرَاكُمْ} [آل عمران: 153] أنهم لم يسمعوا النداء من هول المعركة، {وَٱللَّهُ خَبيرٌ بمَا تَعْمَلُونَ} [آل عمران: 153] وهو سبحانه خبير بكل فعل وإحساس.
ويقول الحق من بعد ذلك: {ثُمَّ أَنزَلَ عَلَيْكُمْ مّن بَعْد ٱلْغَمّ أَمَنَةً نُّعَاساً يَغْشَىٰ طَآئفَةً مّنْكُمْ وَطَآئفَةٌ قَدْ أَهَمَّتْهُمْ أَنْفُسُهُمْ يَظُنُّونَ بٱللَّه غَيْرَ ٱلْحَقّ ظَنَّ ٱلْجَاهليَّة...}. |
|
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52644 العمر : 72
| موضوع: رد: سورة آل عمران: الآيات من 151-155 الخميس 25 أبريل 2019, 9:11 pm | |
| ثُمَّ أَنْزَلَ عَلَيْكُمْ منْ بَعْد الْغَمّ أَمَنَةً نُعَاسًا يَغْشَىٰ طَائفَةً منْكُمْ وَطَائفَةٌ قَدْ أَهَمَّتْهُمْ أَنْفُسُهُمْ يَظُنُّونَ باللَّه غَيْرَ الْحَقّ ظَنَّ الْجَاهليَّة يَقُولُونَ هَلْ لَنَا منَ الْأَمْر منْ شَيْءٍ قُلْ إنَّ الْأَمْرَ كُلَّهُ للَّه يُخْفُونَ في أَنْفُسهمْ مَا لَا يُبْدُونَ لَكَ يَقُولُونَ لَوْ كَانَ لَنَا منَ الْأَمْر شَيْءٌ مَا قُتلْنَا هَاهُنَا قُلْ لَوْ كُنْتُمْ في بُيُوتكُمْ لَبَرَزَ الَّذينَ كُتبَ عَلَيْهمُ الْقَتْلُ إلَىٰ مَضَاجعهمْ وَليَبْتَليَ اللَّهُ مَا في صُدُوركُمْ وَليُمَحّصَ مَا في قُلُوبكُمْ وَاللَّهُ عَليمٌ بذَات الصُّدُور [١٥٤] تفسير الأية: خواطر محمد متولي الشعراوي (ت 1418 هـ)
وكلمة {أَنزَلَ} تدل على أن هذا عطاء عُلوي ليس له شأن بالأسباب المادية ولا بالقوانين البشرية؛ لأن النوم عرض من الأعراض التي تطرأ على الأحياء، هذا العرض تستوجبه عمليات كيماوية في نفسك، وهذه العمليات الكيماوية حتى الآن لا يعرفون ما هي، وأقصى ما فُهم منه أنه ردع ذاتي لجسم الإنسان.
فكأن الجهاز المتحرك المكون من مخ يعمل، وعين ترى، وأذن تسمع، وحواس وحركة هذا الجهاز له طاقة، ساعة تنتهي منه الطاقة، لا يقول لك: أنت الذي تترك العمل.
لا، بل يقول لك: أنا لم أعد صالحاً للعمل.
إنه ردع ذاتي، مثلما يريدون أن يصلوا إليه الآن في مجال الآلات بمجرد فصل تيار الكهرباء آلياً عن تلك الآلات فهي تتوقف.
فالردع الذاتي هو في النوم ويأتيك النعاس.
وتبيَّن بالبحث العلمي أن هناك أشياء في الجسم لا تخرج كفضلات.
بل تحتاج إلى التعادل والتوازن الكيميائي.
ونحن نعلم أن هناك بقايا كنتيجة للحركة، وهناك احتراق للطاقة، وكل حركة فيها احتراق، وبقايا هذا الاحتراق تخرج مرة على هيئة بول, ومرة يخرج غائطاً ومرة يخرج مخاطاً، وهكذا، إذن كثير من هذه الفضلات هي نتيجة عمليات الاحتراق، لكن هناك أشياء لا نريد لها أن تخرج ولكن نريدها أن تتعادل، فعندما تنام لا يوجد لك حركة وتبتدئ الكيماويات داخل الجسم في التعادل، وهذا هو ما يفعله لك النوم الذي تستوجبه أسبابك المادية.
وصاحب الهم والغم لا ينام أبداً؛ فهو يسهو عن نفسه ويرهق جسمه أكثر وتكون المصيبة كبيرة عليه، وهنا ينزل الحق فضله عليكم بالنوم لأن أسبابكم لا تساعد أياً منكم على أن ينام.
وأنتم تذكرون قديماً أننا قلنا: إن الإمام عليًّا -كرَّم الله وجهه- لما اشْتُهرَ بالفتيا، وكلما سألوه عن أمر أفتى فيه، فقالوا: نأتي له بمسألة معقدة ونرى كيف يأتي بالفتيا، وكأنهم نسوا أنه يُفتي لأنه تربى في حضن النبوة، فقد جاءت النبوة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وسيدنا علي ما زال صغيراً، أما الصحابة الآخرون فقد جاءت النبوة لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- وهم كبار في السن، فهناك معلومات دخلت عندهم من أيام الجاهلية، ولكن سيدنا عليًّا -كرَّم الله وجهه- لم تدخل عليه معلومة من معلومات الجاهلية.
كل المعلومات التي عنده نبوية، فكل هذا التفاعل ينشأ عنه فُتيا؛ لذلك كان سريعاً في الإفتاء.
على سبيل المثال، تأتي له امرأة فتقول: يا ابن أبي طالب كيف يعطونني ديناراً من ستمائة؟
مورثي خَلَّفَ ستمائة دينار فأعطوني ديناراً واحداً.
فقال لها: لعله مات عن زوجة، وعن بنتين، وعن أم، الزوجة تأخذ الثُمن (خمسة وسبعين ديناراً) والبنتان تأخذان الثلثين (أربعمائة دينار) وللأم السدس وهو مائة دينار، ولعل له اثني عشر أخاً وأختاً واحدة، أشقاء أو لأب، وأنت هذه الأخت وقد بقي من التركة خمسة وعشرون ديناراً توزع على الاثني عشر أخاً والأخت؛ فيكون نصيبك ديناراً.
كيف عرف ذلك؟
إنها دقة الحساب عند مَنْ تعلّم في بيت النبوة.
وفي الآية التي نحن بصدد خواطرنا عنها نجد أن الحق قد أنزل عليهم نعاساً ليؤمنهم فلم ينشأ النوم هنا من حركة الاختيار، ولكن الله أنزله، ومعنى "أنزله"؛ أنه بعث رحمة جديدة من السماء ليُخرج القوم الذين أصابهم الغم على ما فعلوا مما هم فيه.
ولذلك قال أبو طلحة: غشينا النعاس ونحن في مصافنا يوم أحد فكان السيف يسقط من أحدنا فيأخذه ثم يسقط فيأخذه.
إذن فهي عملية قسرية.
والنعاس حينما ينزل من الحق سبحانه وتعالى يكون عملية إنقاذ من حركة فاتت فرصتها على النفس البشرية فعوضها الله، ولكن القوم الذين نافقوا ماذا كان حالهم؟
لا شك أن الذين جاءوا نفاقاً لم يصبهم غم على ما حدث.
بل بالعكس، لابد أن يكون قد أصابهم فرح أو اطمئنان على ما حدث، وهؤلاء لا يكونون أهلاً لأن ينزل الله عليهم أمنة النعاس.
بل يتركهم الله لذواتهم؛ لأنهم لم يكونوا في حصن الله باتباع منهج الإسلام أو بالإخلاص -على الأقل- لفكرة الإسلام، هؤلاء يسلمهم الله لذواتهم.
إذن فلن يُنزل عليهم أمنة النعاس.
وما دام لن ينزل عليهم أمنة النعاس، فقد أصبحوا في قلق،
لماذا؟
لأن نفوسهم قد أهمتهم.
والإنسان حين يؤمن ويتقبل الإسلام من ربه يكون قد باع نفسه لربه، وما دام قد باع نفسه لربه فالصفقة الإيمانية لابد أن تستمر.
وإذا استيقظ المسلم مرة لنفسه نقول له: لقد رجعت في عقد الصفقة.
وما دمت قد رجعت في عقد الصفقة فالله الذي كان قد اشتراك يتركك لنفسك، فقوله: {أَهَمَّتْهُمْ أَنْفُسُهُمْ} [آل عمران: 154] أي خرجوا عن صفقة الإيمان؛ لأن الذي يعقد صفقة بالإيمان مع ربه، هو من قال الله فيه: {إنَّ ٱللَّهَ ٱشْتَرَىٰ منَ ٱلْمُؤْمنينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بأَنَّ لَهُمُ ٱلّجَنَّةَ يُقَاتلُونَ في سَبيل ٱللَّه فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْداً عَلَيْه حَقّاً في ٱلتَّوْرَاة وَٱلإنْجيل وَٱلْقُرْآن وَمَنْ أَوْفَىٰ بعَهْده منَ ٱللَّه فَٱسْتَبْشرُواْ ببَيْعكُمُ ٱلَّذي بَايَعْتُمْ به وَذَلكَ هُوَ ٱلْفَوْزُ ٱلْعَظيمُ} [التوبة: 111].
وما دام الله قد اشترى من المؤمن نفسه فيجب على المؤمن ألا تهمه نفسه، فيدخل المعركة بالصفقة الإيمانية، فإذا أهمته نفسه يبدأ القلق، والبلبلة، والاضطراب، وتوهم الأشياء، والشيء الواحد يتوهمه على ألف لون.
إذن فنفسه تكون غير مطمئنة، وما دام الإنسان قد شغله هم نفسه حتى لو كان النعاس استجابة لأمر طبيعي من ذات النفس فلا يأتي النعاس أبداً.
ولذلك نجد أن الإمام عليًّا -رضوان الله عنه وكرَّم الله وجهه- حينما سُئل عن أشد جنود الله؟
بسط يديه وقال: أشد جنود الله عشرة: الجبال الرواسي، والحديد يقطع الجبال، إذن فالحديد أشد من الجبال، والنار تذيب الحديد، والماء يطفئ النار، والسحاب المسخر بين السماء والأرض يحمل الماء، والريح يقطع السحاب، وابن آدم يغلب الريح يستتر بالثوب أو الشيء ويمضي لحاجته، والسُكر يغلب ابن آدم، والنوم يغلب السُكر، والهم يغلب النوم، فأشد جنود الله "الهم”.
فساعة يدخل الهم على النفس البشرية، هذا أشد جنود الله؛ لأن الهم يدخل على النفس البشرية بألوان متعددة للخطب الواحد، فيتصور أموراً معقدة في أمر واحد، وواقعة على لون واحد، ولكن الهم يجول به في كل لون؛ فهؤلاء قد أهمتهم أنفسهم وما داموا قد أهمتهم أنفسهم فقد خرجوا عن صفقة الإيمان.
وما داموا قد خرجوا عن صفقة الإيمان الذي بوساطته اشترى الله من المؤمنين أنفسهم، فالله يتخلى عنهم.
وما دام الله قد تخلى عنهم فعليهم مواجهة المصير.
إن القلق والاضطراب يستبدان بهم ويصابون بالفزع من كل شيء.
لكن حال الصنف الأول والطائفة الأولى يختلف؛ فالله سبحانه وتعالى يعاملهم معاملة من بقي في الصفقة الإيمانية وإن كانت نفوسهم البشرية قد فسرت الأحداث تفسيراً خاطئاً، فظنوا أن المسألة في المعركة انتهت، فذهبوا لأخذ الغنيمة, إن هؤلاء قد احترم الله بقاءهم على الإخلاص للإسلام، وأدبهم على تفسيرهم للأحداث تفسيراً غير حق، فأثابهم غما لما خالفوا فيه، وأنزل عليهم أمنه لإخلاصهم في قضية الإسلام.
{وَطَآئفَةٌ قَدْ أَهَمَّتْهُمْ أَنْفُسُهُمْ يَظُنُّونَ بٱللَّه غَيْرَ ٱلْحَقّ ظَنَّ ٱلْجَاهليَّة} [آل عمران: 154] وإذا سمعت كلمة "طائفة" فاعلم أنها جماعة، لكن هذه الجماعة لها مواصفات خاصة هي التي تجمعها على فكرة واحدة كأنهم يطوفون حولها، إنها ليست مطلق جماعة لكنها جماعة تدور حول فكرة واحدة, ويأتي القول الحكيم هنا ليبين لك ما قالوه في نفوسهم، وما داموا قد قالوا في نفوسهم، أسمعهم أحد؟
لا، ولكن الله أخبر به، وأخبر بما في نفوسهم جميعاً بقول واحد، مما يدل على أنهم يطوفون حول فكرة واحدة, فالنصح الوجداني يجعلهم يقولون جملة واحدة هي: {هَل لَّنَا منَ ٱلأَمْر من شَيْءٍ} [آل عمران: 154] وما داموا سيقولون في نفوسهم فمن الذي سمعهم وهم جماعة؟
إنه الله -سبحانه- {وَٱللَّهُ عَليمٌ بذَات ٱلصُّدُور} [آل عمران: 154].
وأنت إذا قلت "طائفة" تجد أنها في عرف اللفظ "مفرد"، وعندما تجمعها تقول: "طوائف"، لكن هي لفظ مفرد يدل على جمع، فمرة يلحظ المفرد، ومرة يلحظ ما يؤديه المفرد من الجمع.
وهذه لا يتنبه إليها إلا البليغ، فيفرق بينها كلفظ مفرد وبين ما تدل عليه كجمع، ولذلك تجد هذا في إعجاز القرآن، فالحق يقول: {وَإن طَآئفَتَان منَ ٱلْمُؤْمنينَ ٱقْتَتَلُواْ فَأَصْلحُواْ بَيْنَهُمَا فَإن بَغَتْ إحْدَاهُمَا عَلَىٰ ٱلأُخْرَىٰ فَقَاتلُواْ ٱلَّتي تَبْغي حَتَّىٰ تَفيۤءَ إلَىٰ أَمْر ٱللَّه فَإن فَآءَتْ فَأَصْلحُواْ بَيْنَهُمَا بٱلْعَدْل وَأَقْسطُوۤاْ إنَّ ٱللَّهَ يُحبُّ ٱلْمُقْسطينَ} [الحجرات: 9].
وحينما يقول: "وإن طائفتان من المؤمنين" فهو هنا يأتي بالخبر، اقتتلتا أو اقتتلوا؟
إنه سبحانه يقول: "اقتتلوا"، اللفظ طائفتان لكن الدقة البلاغية لاحظت أن كل طائفة مكونة من جماعة.
"وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا" فماذا نفعل؟
"فأصلحوا بينهما"، فمرة رجع للجماعة ومرة رجع للاثنتين، ففي ساعة الاقتتال لا تقف الطائفة بسيف واحد وتضرب ضربة واحدة، لا، ففي ساعة القتال كل فرد من الطائفة له عمل، إذن فالفردية المكونة للطائفة متعددة.
لكن عندما نصلح هل نأتي بكل فرد من هذه الطائفة وبكل فرد من الطائفة الأخرى أو نأخذ هذه الطائفة ممثلة في رؤوسها والطائفة الأخرى ممثلة في رؤوسها ونعقد الصلح بين الطائفتين؟
فدقة القرآن تقول: {وَإن طَآئفَتَان منَ ٱلْمُؤْمنينَ ٱقْتَتَلُواْ فَأَصْلحُواْ بَيْنَهُمَا} [الحجرات: 9] وبعد ذلك يعود الحق للتثنية فيقول: {فَإن بَغَتْ إحْدَاهُمَا عَلَىٰ ٱلأُخْرَىٰ فَقَاتلُواْ ٱلَّتي تَبْغي حَتَّىٰ تَفيۤءَ إلَىٰ أَمْر ٱللَّه فَإن فَآءَتْ فَأَصْلحُواْ بَيْنَهُمَا} [الحجرات: 9] والصُلح يكون بين جماعة ممثلة في قيادة وجماعة أخرى ممثلة في قيادة.
وقوله الحق: {وَطَآئفَةٌ قَدْ أَهَمَّتْهُمْ أَنْفُسُهُمْ يَظُنُّونَ بٱللَّه غَيْرَ ٱلْحَقّ ظَنَّ ٱلْجَاهليَّة يَقُولُونَ هَل لَّنَا منَ ٱلأَمْر من شَيْءٍ قُلْ إنَّ ٱلأَمْرَ كُلَّهُ للَّه يُخْفُونَ فيۤ أَنْفُسهم مَّا لاَ يُبْدُونَ لَكَ يَقُولُونَ لَوْ كَانَ لَنَا منَ ٱلأَمْر شَيْءٌ مَّا قُتلْنَا هَاهُنَا} [آل عمران: 154] هذا القول يدل على أنها طائفة تدور حول حركة واحدة، ويدل على أن النفاق نفاق متفق عليه، وليس كل واحد منهم ينافق في نفسه، لا إنها طائفة المنافقين، وقد كوَّنوا جماعة، ولهم سياسة مخصوصة، ولهم كلام مخصوص ولهم وحدة فكر، ولهم وحدة قول، تعرفهم من قول الحق {وَطَآئفَةٌ قَدْ أَهَمَّتْهُمْ أَنْفُسُهُمْ يَظُنُّونَ بٱللَّه غَيْرَ ٱلْحَقّ ظَنَّ ٱلْجَاهليَّة} [آل عمران: 154].
ونعرف أن الحق هو الشيء الثابت، وما دام ثابتاً فهو لا يتغير، وقضية الحق فيه تكون مطردة، فالله حق، خلق السماوات والأرض، وكل الكون بالحق، أنزل كتابه بالحق، كله حق، فهم يظنون بالله غير الحق مع أنه حق، ونشأ الكون منه بقانون حق، واستمرت سنن الله في الكون بالحق، وهو دائماً ينصر الحق، وهم يظنون بالله غير الحق، يقولون: ربنا لم ينصرنا على الرغم من أنه وعدنا بالنصر، وتناسوا العناصر التي جعلها الله أسباباً للنصر، إنها سُنَّة الله وسُنَّة الله تتحقق ولو على أحبابه، لقد خالفوا أمر الرسول، فلابد أن ينهزموا، فلا مجاملة لأحد، فالذي يخالف لابد أن يأخذ جزاءه؛ لأن هذا هو الحق.
كان يجب أن يقولوا إن الحق واضح لدرجة أن أحبابه ومعهم رسوله حينما خالفوا عن أمر الله الذي قاله الرسول -صلى الله عليه وسلم- طبق الله عليهم سُنته إذن فهي سنة بالحق، لكنهم ظنوا بالله ظن الجاهلية، والمقصود به إما ظن أهل الجاهلية؛ وإمَّا أن تكون الجاهلية عَلَماً على السَّفه كله، وهذا الظن له نضح سلوكي.
{يَقُولُونَ هَل لَّنَا منَ ٱلأَمْر من شَيْءٍ} [آل عمران: 154] أي هل انتصرنا أو ظفرنا أو غلبنا أو أخذنا غنائم؟
أو يكون قولهم: {هَل لَّنَا منَ ٱلأَمْر من شَيْءٍ} [آل عمران: 154] مقصودا به: أننا خرجنا إلى المعركة بدون رأينا؛ فقد كان من رأينا ألا نخرج وأن نظل في المدينة وعندما يدخلونها علينا نحاربهم.
{يَقُولُونَ هَل لَّنَا منَ ٱلأَمْر من شَيْءٍ قُلْ إنَّ ٱلأَمْرَ كُلَّهُ للَّه} [آل عمران: 154] هم لم يمتلكوا البصيرة الإيمانية ولم يعرفوا لماذا لم ينصرهم الله، هم فهموا أنهم لم ينتصروا؛ لكن في عرف الحق أنه انتصار.
لماذا؟
لأن المعركة أثبتت أن المبدأ إن خولف فلا نصر، إذن فالإسلام قد انتصر، ولكن الذي انهزم هم المتخاذلون عن منهج الإسلام، وهذا نصر للإسلام في ذاته.
ولذلك يجب أن نفرق دائماً بين المبدأ الإسلامي والمنسوبين للمبدأ.
إياك أن تأخذ الحكم على المبدأ من المنسوبين للمبدأ، فلا يكون المنسوبون للمبدأ حُجَّة على الحكم في ذاته إلا إذا كانوا ملتزمين به؛ لأن الله حينما شرع ديناً سمّاه الإسلام ليحكم حركة الحياة في الناس فهو قد قنّن وحرّم فيه أفعالاً، وما دام قد قنن وحرم فيه أفعالاً فمعناه أن المؤمنين المسلمين الذين انتسبوا له من الممكن أن يخالفوا بأفعالهم تلك الأحكام، فعندما يقرر الإسلام جلد أو رجم الزاني والزانية، وحينما يشرع الإسلام قطع يد السارق أو السارقة, وحين يشرع الإسلام تلك العقوبات للجرائم، فمعنى ذلك أنه من الجائز أن تحدث تلك الجرائم، فإذا ما حدثت فأنت لا تأخذها من واقع مُجَرَّم لتحكم به على الإسلام، لا تقل إن الإسلام أباح السرقة بل قل: سرق مسلم ووضع الإسلام عقوبة صارمة عليه وهي قطع يده.
{يُخْفُونَ فيۤ أَنْفُسهم مَّا لاَ يُبْدُونَ لَكَ يَقُولُونَ لَوْ كَانَ لَنَا منَ ٱلأَمْر شَيْءٌ مَّا قُتلْنَا هَاهُنَا} [آل عمران: 154] وهذه هي الفضيحة لهم، فماذا كانوا يريدون أن يكون لهم؟
كانوا يريدون ألا يخرجوا للمعركة فقالوا: لو كان لنا من الأمر شيء واتبعنا منطقنا، لما جئنا الموقعة هنا وحصل لنا ما حصل، هذه واحدة، أو لو كان لنا شيء من الظفر الذي وعد الله به محمداً وأصحابه ما قتلنا ها هنا، فعلى الرأيين يصح المعنى، فكأنهم أرادوا أن يعللوا القتل أو الموت بأسباب، ومن الذي قال: إن القتل أو الموت يتعلق بأسباب؟
إن الموت قضية تطرأ لإعدام الحياة، وهي مجهولة السبب ومجهولة الزمان ومجهولة المكان ومجهولة العمر.
إذن فما دامت المسألة مجهولة فلماذا ربطتم بين القتل والموقعة؟
وهل لم تروا إنساناً مات وليس في موقعة؟
ألم تروا إنساناً قد قُتل وليس في موقعة؟
لو أن القتل لا ينشأ إلا في مواقع قتال وحرب لكان لكم أن تقولوا هذا، وإنما القتل والموت قضية عامة لها واقع في حياتكم.
هذا الواقع لم يرتبط بأرض، ولم يرتبط بزمان، ولم يرتبط بسن، ولم يرتبط بسبب، وإنما الموت يأتي لأنك تموت، انتهت المسألة.
إذن فهم عندما ربطوا القتل والموت بالموقعة فهم قد خرجوا عن القضية الإيمانية.
ولذلك يأتي الرد من الحق بأمر واضح للرسول -صلى الله عليه وسلم-: {قُل لَّوْ كُنتُمْ في بُيُوتكُمْ لَبَرَزَ ٱلَّذينَ كُتبَ عَلَيْهمُ ٱلْقَتْلُ إلَىٰ مَضَاجعهمْ} [آل عمران: 154].
فكأنك أيها الميت قد تكون أَحْرَص على لقاء الموت من حرْص الموت عليك.
بدليل أننا قلنا: إن الإنسان يكون مريضاً، ويلح على أن تُجري له عملية جراحية فيعتذر الطبيب قائلاً: عندي عدد كبير من الجراحات فانتظر شهراً، فيأتي له المريض بوساطة لكي يقبل الطبيب إجراء العملية الجراحية ويلح عليه.
ويعلى أجر الطبيب وقد يموت المريض.
إذن فهو يلح على الموت أو لا؟
إنه يلح على الموت.
يقول الحق: {لَّوْ كُنتُمْ في بُيُوتكُمْ لَبَرَزَ ٱلَّذينَ كُتبَ عَلَيْهمُ ٱلْقَتْلُ إلَىٰ مَضَاجعهمْ} [آل عمران: 154] وكلمة "بَرَزَ" تدل على اندفاع حركي، فمعنى: بَرَزَ من الصف؛ يعني أن الصّف له التئام واقعي، والذي يبرُز إنما يقوم بحركة مخالفة للصف، هذه حركة.
{قُل لَّوْ كُنتُمْ في بُيُوتكُمْ لَبَرَزَ ٱلَّذينَ كُتبَ عَلَيْهمُ ٱلْقَتْلُ إلَىٰ مَضَاجعهمْ وَليَبْتَليَ ٱللَّهُ مَا في صُدُوركُمْ وَليُمَحّصَ مَا في قُلُوبكُمْ وَٱللَّهُ عَليمٌ بذَات ٱلصُّدُور} [آل عمران: 154] والذي يبرز إلى المضجع هو من يخرج من مكان الاستقرار، وإلاّ فكيف يكون الابتلاء لمن يقدر الله سبحانه أن يحملوا معركة الإسلام إلى أن تقوم الساعة إذا لم تكن هذه المسائل؟
لابد أن يكونوا قوماً قد عركتهم التجربة، مُمحصين بالأحداث حتى لا يكون مأموناً على حمل السلاح في الإسلام إلا هؤلاء الصفوة المختارة.
فساعة يقول الرسول -صلى الله عليه وسلم- بالخروج، وينتهي إلى أن يخرج إلى أحُد، نجد جماعة يتخاذلون بوساطة ابن أبي، هذه أول تصفية، وبعد ذلك ينقسم الرُماة، وهذه تصفية أخرى، فريق يظل وفريق ينزل للغنائم، وبعد ذلك يُشَاع أن الرسول -صلى الله عليه وسلم- قد قُتل، هذه تصفية ثالثة.
{وَليَبْتَليَ ٱللَّهُ مَا في صُدُوركُمْ وَليُمَحّصَ مَا في قُلُوبكُمْ وَٱللَّهُ عَليمٌ بذَات ٱلصُّدُور} [آل عمران: 154] وكلمة "ذات الصُدور" معناها صاحبة الصدور.
وفي الصدر يحرص الإنسان على إخفاء الأمر الذي يحب أن يحتفظ به لنفسه بحرْص كحرص الصاحب على صاحبه، كأن الصدر حريص على ألا يسلم ما فيه، ولكن الله سبحانه وتعالى يفضحهم أمام الناس، ويفضحهم أمام نفوسهم؛ فقد يجوز أن يكونوا مغشوشين في نفوسهم.
ويقول الحق من بعد ذلك: {إنَّ ٱلَّذينَ تَوَلَّوْاْ منكُمْ يَوْمَ ٱلْتَقَى ٱلْجَمْعَان إنَّمَا ٱسْتَزَلَّهُمُ ٱلشَّيْطَانُ ببَعْض مَا كَسَبُواْ...}. |
|
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52644 العمر : 72
| موضوع: رد: سورة آل عمران: الآيات من 151-155 الخميس 25 أبريل 2019, 9:33 pm | |
| إنَّ الَّذينَ تَوَلَّوْا منْكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَان إنَّمَا اسْتَزَلَّهُمُ الشَّيْطَانُ ببَعْض مَا كَسَبُوا وَلَقَدْ عَفَا اللَّهُ عَنْهُمْ إنَّ اللَّهَ غَفُورٌ حَليمٌ [١٥٥] تفسير الأية: خواطر محمد متولي الشعراوي (ت 1418 هـ)
وعندما نقرأ كلمة {ٱسْتَزَلَّهُمُ} [آل عمران: 155] نعرف أن (الهمزة والسين والتاء) للطلب، تطلب ما بعدها، مثل: استفهم أي طلب الفهم، استعلم يعني طلب العلم، استقوى يعني طلب القوة، و"اسْتَزَلَّ" يعني طلب الزّلل، ومعنى "الزَّلل" هو العثرة والهفوة، أي أن الإنسان يقع في الغلط، إذن فالشيطان طلب أن يزلوا، {ببَعْض مَا كَسَبُواْ} [آل عمران: 155].
كأن الشيطان لا يجترئ على أن يستزل أحداً ممن آمن إلا إذا صادف فيه تحللاً من ناحية، لكن الذي ليس عنده تحلل لا يقوى عليه الشيطان، ساعة يأتي الإنسان ويعطي لنفسه شهوة من الشهوات فالشيطان يرقمه ويضع عليه علامة ويقول: هذا ضعيف، هذا نقدر أن نستزلّه.
لكن الذي يراه لا يطاوع نفسه في شيء من التحلل لا يقترب ناحيته أبداً.
ولذلك فالنفس هي مطية الشيطان إلى الذنوب، وفي الحديث الشريف: "إن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم".
وعندما يرى الشيطان واحداً تغلبْه نفسه في حاجة فالشيطان يقول: هذا فيه أمل! وهو الذي يجري منه مجرى الدم كما سبق في الحديث، أما الملتزم الذي ساعة تُحدثه نفسه بشيء ويأبى فالشيطان يخاف منه، إذن فالشيطان لا يستزل إلا الضعيف، ولذلك فالذي يكون ربه على ذكْر منه دائماً لا يجترئ عليه الشيطان أبداً.
إن الله -سبحانه- قد سمى الشيطان "الوسواسَ الخناس"، إنه يوسوس للناس، لكنه خنَّاس فإذا ذُكر اللهُ يخنس، أي يتأخر ويختفي ولكنّه ينفرد بك حين يراك مُنعزلاً عن ربك، لكن حين تكون مع ربك فهو لا يقدر عليك بل يتوارى ويمتنع عن الوسوسة إذا استعذت عليه بالله.
إذن فقوله: {إنَّمَا ٱسْتَزَلَّهُمُ ٱلشَّيْطَانُ} [آل عمران: 155] يعني طلب منهم أن يزلوا نتيجة لأنه عرف أنهم فعلوا أشياء أَبْدَوا وأظهروا فيها ضعفهم، {إنَّمَا ٱسْتَزَلَّهُمُ ٱلشَّيْطَانُ ببَعْض مَا كَسَبُوا} [آل عمران: 155] وكلمة "ببعض ما كسبوا”.
كأن قول الله {وَلَقَدْ عَفَا ٱللَّهُ عَنْهُمْ} [آل عمران: 155]، أنّه لم يأخذهم بكل ما كسبوا؛ لأن ربنا يعفو عن كثير.
{إنَّمَا ٱسْتَزَلَّهُمُ ٱلشَّيْطَانُ ببَعْض مَا كَسَبُواْ وَلَقَدْ عَفَا ٱللَّهُ عَنْهُمْ إنَّ ٱللَّهَ غَفُورٌ حَليمٌ} [آل عمران: 155].
{عَفَا ٱللَّهُ عَنْهُمْ} [آل عمران: 155].
لماذا؟
عفا عنهم تكريماً لمبدأ الإسلام الذي دخلوا فيه بإخلاص، ولكن نفوسهم ضعُفت في شيء، فيُعطيهم عقوبة في هذه ولكنه يعفو عنهم فهذا هو حق الإسلام، {إنَّ ٱللَّهَ غَفُورٌ حَليمٌ} [آل عمران: 155].
ويقول الحق بعد ذلك: {يٰأَيُّهَا ٱلَّذينَ آمَنُواْ لاَ تَكُونُواْ كَٱلَّذينَ كَفَرُواْ وَقَالُواْ لإخْوَانهمْ إذَا ضَرَبُواْ في ٱلأَرْض أَوْ كَانُواْ غُزًّى لَّوْ كَانُواْ عنْدَنَا مَا مَاتُواْ وَمَا قُتلُواْ...}. |
|