أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52561 العمر : 72
| موضوع: الباب الحادي والأربعون في ذكر أسماء الشجعان وذكر الأبطال وطبقاتهم وأخبارهم وذكر الجبناء وأخبارهم وذم الجبن الثلاثاء 11 ديسمبر 2018, 11:53 pm | |
| الباب الحادي والأربعون في ذكر أسماء الشجعان وذكر الأبطال وطبقاتهم وأخبارهم وذكر الجبناء وأخبارهم وذم الجبن الطبقة الاولى الذين أدركوا الجاهلية والإسلام حمزة بن عبد المطلب رضي الله عنه عم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أسد الله وأسد رسوله قتل في غزوة أحُدٍ رماه وحشي مولى جبير بن مطعم بحربة فقتله وكان فارس قريش غير مدافع وبطلها غير ممانع وعظم قتله على النبي -صلى الله عليه وسلم- ونذر أن يقتل به سبعين رجلاً من قريش وكبر عليه في الصلاة سبعين تكبيرة.
أمير المؤمنين علي بن طالب رضي الله عنه وكرم وجهه آية من آيات الله ومعجزة من معجزات رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ومؤيد بالتأييد الإلهي كاشف الكروب ومجليها ومثبت قواعد الإسلام ومرسيها وهو المتقدم على ذوي الشجاعة كلهم بلا مرية ولا خلاف روي عنه رضي الله عنه أنه قال والذي نفس ابن ابي طالب بيده لألف ضربة بالسيف أهون علي من موته على فراش وقال بعض العرب ما لقينا كتيبه فيها علي بن ابي طالب رضي الله عنه إلا اوصى بعضنا على بعض وقال رضي الله عنه لمعاوية قد دعوت الناس إلى الحرب فدع الناس جانبا واخرج إلي ليعلم اينا المران على قلبه والمغطى على بصره وأنا أبو الحسن قاتل جدك وخالك وأخيك شدخا يوم بدر وذلك السيف معي وبذلك القلب ألقى عدوي وقيل له كرم الله وجهه إذا جالت الخيل فأين نطلبك قال حيث تركتموني وقيل له كيف تقتل الابطال قال لأني كنت القي الرجل فأقدر أني اقتله ويقدر هو اني قتلته فأكون أنا ونفسه عونا عليه وقال مصعب بن الزبير كان علي رضي الله عنه حذرا في الحروب شديد الروغان لا يكاد أحد يتمكن منه وكانت درعه صدرا لا ظهر لها فقيل له أما تخاف أن تؤتي من قبل ظهرك فقال إذا مكنت عدوي من ظهري فلا أبقى الله عليه إن ابقي علي قتله عبد الرحمن بن ملجم المرادي لعنه الله تعالى عليه غدره وهو في صلاة الصبح وسبب ذلك أن عبدالرحمن بن ملجم لعنه الله تزوج بقطام بن علقمة وكانت خارجية فقالت له لا أقنع إلا بصداق أسميه وهو ثلاث آلاف درهم وعبد وأمة وأن تقتل علي بن أبي طالب فقال لها لك ما سألت إلا علي بن أبي طالب وكيف لي به قالت تغتاله فإن سلمت أرحت الناس من شره وأقمت مع أهلك وإن اصبت دخلت الجنة...
فقال: ( ثلاثة آلاف وعبد وقينة ... وضرب علي بالحسام المخذم ) ( فلا مهر أغلى من علي وإن علا ... ولا فتك إلا دون فتك ابن ملجم)
قيل أنه طعنه وهو داخل المسجد في الغلس وذلك في تاسع عشر رمضان المعظم سنة اربعين كفن رضي الله عنه في ثلاثة أثواب ودفن في الرحبة مما يلي باب كندة من أبواب المسجد قالوا ولما ضربه ابن ملجم لعنه الله ثار الحسن والحسين وعبدالله بن جعفر رضي الله عنهم فاحتضنوه وقام المغيرة بن نوفل بن الحرث بن عبد المطلب فاخذه فأومأ علي رضي الله عنه إلى المغيرة أن صل بالناس فصلى بهم الفجر وأقبلت همدان فدخلوا على علي فقالوا يا امير المؤمنين لا تقوم لهم قائمة إن شاء الله تعالى فقال لا تفعلوا إنما النفس بالنفس قال ثم إن الحسن رضي الله عنه صلى الفجر وصعد المنبر فأراد الكلام فخنقته العبرة ثم نطق فقال الحمد لله على ما أحببنا وكرهنا وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله وأني احتسب عند الله عز و جل مصابي بأفضل الآباء رسول الله -صلى الله عليه وسلم- القائل من أصيب بمصيبة فليتسل بمصيبته في فإنها اعظم المصائب والله الذي لا إله إلا هو الذي أنزل على عبده الفرقان لقد قبض في هذه الليلة رجل ما سبقه الأولون بعد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ولا يدركه الآخرون فعند الله نحتسب ما دخل علينا وعلى جميع أمة محمد فوالله لا أقول اليوم إلا حقا لقد دخلت مصيبة اليوم على جميع العباد والبلاد والشجر والدواب ولقد قبض في الليلة الني رفع فيها عيسى بن مريم عليهما السلام إلى السماء وقبض فيها موسى بن عمران ويوشع بن نون عليهما السلام وأنزل فيها القرآن على محمد ولقد كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يبعثه في السرية ويسير جبريل عن يمينه وميكائيل عن يساره فما يرجع حتى يفتح الله عز و جل على يديه وما ترك صفراء ولا بيضاء إلا سبعمائة درهم أراد ان يبتاع بها خادما لأهله إلا أن امور الله تعالى تجري على احوالها فما احسنها من الله وأسوأها من انفسكم إلا ان قريشا أعطت أزمتها شياطينها فقادتها بأعنتها إلى النار فمنهم من قاتل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حتى اظهره الله تعالى عليه ومنهم من اسر الضغينة حتى وجد عن النفاق أعوانا رفع الكتاب وجف القلم وأمور تقضي في كتاب قد خلا ثم أطرق الحسن فبكى الناس بكاء شديدا ثم نزل فجرد سيفه ودعا بابن ملجم فأقبل يخطر واضعا شعره على اذنيه حتى قام بين يديه فقال يا حسن إني ما عاهدت الله تعالى على عهد قط إلاوفيت به عاهدت الله تعالى على ان اقتل أباك وقد قتلته فإن تخلني أقتل معاوية فإن أنا قتلته أضع يدي على يدك وإن أقتل فهو الذي تريد فقال الحسن رضي الله عنه أما والله لا سبيل إلى بقائك ثم قام إليه فضربه بالسيف فاتقاه ابن ملجم بيد ثم أسرع بالسيف فيه فقتله.
ومن الأبطال خالد بن الوليد بن المغيرة المخذومي رضي الله عنه سيف الله وسيف رسوله بطل مذكور وفارس مشهور في الجاهلية والإسلام قتل مالك بن نويرة وقتل مسيلمة الكذاب لعنه الله وكان الفتح لخالد يوم اليمامة وهو الذي فتح دمشق وأكثر بلاد الشام وله وقائع عظيمة في الروم أيد الله بها الإسلام مات على فراشه وكان يقول لقد شهدت كذا وكذا أزحفا وما في جسدي موضع شبر إلا وفيه أثر طعنة أو ضربة أو رمية وها انا اموت على فراشي لا نامت عين الجبناء.
وكان ينشد ويرتجز ويقول ( لا ترعبونا بالسيوف المبرقه ... إن السهام بالردى مفرقة ) ( والحرب دونها العقال مطلقة ... وخالد من دينه على ثقة ) رضي الله عنه.
الزبير بن العوام رضي الله عنه حواري رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وابن عمته بطل شجاع لا يُماري وشهم لا يحاول قتله عمرو بن جرموز اغتاله وهو في الصلاة.
عمرو بن معد يكرب الزبيدي فارس من فرسان الجاهلية وله مواقف مذكورة ومواطن مشهورة وأسلم ثم ارتد ثم عاد إلى الإسلام وشهد حروب الفرس وكان له فيها أفعال عظيمة وأحوال جسيمة وكان أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه إذا رآه قال الحمد لله الذي خلقنا وخلق عمرا روي عنه رضي الله عنه أنه سأله يوماً فقال له يا عمرو أي السلاح أفضل في الحرب قال فعن أيها تسأل قال ما تقول في السهام قال منها ما يخطيء ويصيب قال فما تقول في الرمح قال اخوك وربما خانك قال فما تقول في الترس قال هو الدائر وعليه تدور الدوائر قال فما تقول في السيف قال ذلك العدة عند الشدة وقيل إنه نزل يوم القادسية على النهر فقال لأصحابه إنني عابر على هذا الجسر قال فإن أسرعتم مقدار جزر الجزور وجدتموني وسيفي بيدي أقاتل به تلقاء وجهي وقد عرفني القوم أنا قائم بينهم وإن بطأتم وجدتموني قتيلاً بينهم ثم انغمس فحمل على القوم فقال بعضهم لبعض يا بني زبيد علام تدعون صاحبكم والله ما نظن أنكم تدركونه حياً فحلوه فانتبهوا إليه وقد صرع عن فرسه وقد أخذ برجل فرس رجل من العجم فأمسكها والفارس يضرب فرسه فلم تقدر أن تتحرك فلما رآنا أدركناه رمى الرجل نفسه وخلّى فرسه فركبه عمرو وقال أنا أبو ثور كدتم والله تفقدونني فقالوا أين فرسك فقال رمى بنشابة فغار وشب فصرعني ويروي أنه حمل يوم القادسية على رستم وهو الذي كان قدمه يزدجرد ملك الفرس يوم القادسية على قتال المسلمين فاستقبله عمرو وكان رستم على فيل فضرب عمرو الفيل فقطع عرقوبه فسقط رستم وسقط الفيل عليه مع خرج كان فيه أربعون ألف دينار فقتل رستم وانهزمت العجم وقتل عمرو بنهاوند في وقعة الفرس بعد أن عمر حتى ضعف وكان من الشعراء المعدودين.
وفيه يقول العباس بن مرداس ( إذا مات عمرو قلت للخيل اوطئي ... زبيدا فقد اودى بنجدتها عمرو )
ومنهم طلحة الأسدي رضي الله عنه كان من أكبر الشجعان جاهلية وإسلاما ثم ارتد وتنبأ وجمع جمعا عظيما قفل خالد بن الوليد جمعه وكان يتكهن ثم عاد إلى الإسلام وشهد حرب القادسية وغيرها من الفتوح والمقداد بن الاسود رضي الله عنه كان من اشجع الفرسان شديد البأس قوي الجنان رابط الجأش وله في الشجعان اسم مشهور ووصف مذكور يعجز الواصف عن وصف صفاته رضي الله عنه وأرضاه وسعد بن أبي وقاص الزهري الأنصاري رضي الله عنه كان فارسا بطلا راميا وهو اول من رمى في سبيل الله بسهم ولما قتل عثمان ابن عفان رضي الله عنه اعتزل ولم يشهد الحرب بعده ومات حتف انفه.
أبو دجانة الانصاري رضي الله عنه الذي خرج يتبختر بين الصفين فقال عليه الصلاة و السلام إنها لمشية يبغضها الله تعالى إلا في هذا الموضع والمثنى بن حارثة الشيباني رضي الله عنه هو أول من فتح حرب الفرس وأبو عبيد بن مسعود الثقفي رضي الله عنه قاتل القوم يوم قس الناطف في حرب القادسية وعمار بن ياسر رضي الله عنه صاحب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الذي قال فيه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الحق يدور مع عمار حيث دار وأخبر أنه تقتله الفئة الباغية فقتل بصفين مع علي رضي الله عنه هاشم بن عتبة رضي الله عنه من اكابر الشجعان صاحب راية علي رضي الله عنه مات مسموما في شربه من عسل فقال معاوية إن لله جنودا منها العسل القمقاع بن عمرو طاعن الفيل في عشية القادسية رضي الله عنه.
عدل سابقا من قبل أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn في الأربعاء 12 ديسمبر 2018, 12:09 am عدل 1 مرات |
|
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52561 العمر : 72
| موضوع: رد: الباب الحادي والأربعون في ذكر أسماء الشجعان وذكر الأبطال وطبقاتهم وأخبارهم وذكر الجبناء وأخبارهم وذم الجبن الأربعاء 12 ديسمبر 2018, 12:09 am | |
| الطبقة الثانية عبد الله بن الزبير بن العوام رضي الله عنه قاتل جرجير ملك افريقية الذي كان يرى أنه أشجع اهل عصره قال عمر بن عبد العزيز لابن أبي مليكة صف لي عبد الله بن الزبير فقال والله ما رأيت جلداً قط ركب على لحم ولا لحماً على عصب ولا عصباً على عظم مثل جلده ولحمه وعصبه ولا رأيت نفساً بين جنبين مثل نفس ركبت بين جنبيه ولقد قام يوماً إلى الصلاة فمر حجر من حجارة المنجنيق بين لحييه وصدره فوالله ما خشع له بصره وقطع له قراءته ولا ركع دون الركوع كان يركع قتله الحجاج بعد أن حوصر بمكة وأسلمه أصحابه وعشيرته وصلبه الحجاج إلا إلى الله تصير الامور.
ابو هاشم محمد بن علي بن ابي طالب بن الحنفية رضي الله عنه كان أبوه يلقيه في الوقائع ويتقي به العظائم وهو شديد البأس ثابت الجنان قيل له يوما ما بال أمير المؤمنين علي كرم الله وجهك علي كرم الله وجهك يقحمك الحروب دون الحسن والحسين رضي الله عنهما فقال لأنهما كانا عينة حذف وكنت أنا يديه فكان يتقي عينيه بيديه وقيل إن اباه عليا رضي الله عنه اشتري درعا فاستطالها فأراد ان يقطع منها فقال له محمد ياأبت علم موضع القطع فعلم على موضع منها فقبض محمد بيده اليمنى على ذيلها وبالأخرى على موضع العلامة ثم جذبها فقطعها من الموضع الذي حده ابوه وكان عبد الله بن الزبير مع تقدمه في الشجاعة يحسده على قوته وإذا حدت بهذا الحديث غضب مات حتف أنفه بشعب رضوى.
عبد الله بن حازم السلمي رضي الله عنه وإلي خراسان شجيع مضر وفارسها في عصره قتله وكيع بن أبي سويد بخراسان في الفتنة وكيع بن أبي سويد قاتل عبد الله بن حازم المتقدم ذكره شجاع فاتك اهوج ولي خراسان قيل لما قتل عبد الله بن حازم ولم يتم امره لهوجه مات حتف أنفه مصعب بن الزبير بن العوام شجاع بطل جواد جاد بماله وبنفسه قتله عبيد الله بن زياد في الحروب التي كانت بينه وبين عبدالملك بن مروان عمير بن الحباب السلمي فارس الإسلام قتله بنو تغلب في الحرب التي كانت بينهم وبين قيس مسلمة بن عبدالملك ابن مروان فحل بني أمية وفارسها ووالي حروبها قيل أنه جلس يوما ليقضي بين الناس بمصر فكلمته امرأة فلم يقبل عليها فقالت ما رأيت أقل حياء من هذا قط فكشف عن ساقه فإذا فيها اثر تسع طعنات فقال لها هل ترين أثر هذا الطعن والله لو أخرت رجلي قيد شبر ما أصابتني واحدة منهن وما منعني من تأخيرها إلا الحياء وأنت تنحليني قلته المعتصم بطل شجاع فارس صنديد لم يكن في بني العباس أشجع منه ولا أشد قلبا قال ابن أبي داود كان المعتصم يقول لي ياأبا عبد الله عض على ساعدي بأكثر قوتك فأقول والله يا أمير المؤمنين ما تطيب تفسي بذلك فيقول أنه لا يضرني فأروم ذلك فإذا هو لا تعمل فيه الاسنة فكيف تعمل فيه الأسنان ويقال أنه طعنه بعض الخوارج وعليه درع فأقام المعتصم ظهره فقصم الرمح نصفين وكان يشد يده على كتابة الدينار فيمحوها ويأخذ عمود الحديد فيلويه حتى يصير طوقا في العنق.
إبراهيم بن الاشتر النخعي كان من الشجعان المعدودين حارب عبيد الله بن زياد وهو في أربعة آلاف وعبيد الله في سبعين الفا فظهر به وقتله بيده وهزم جيشه عبد الله بن الحر الجعفي شجاع شاعر فاتك له وقائع عظيمة هائلة وأخباره في الشجاعة مشهورة جحدر بن ربيعة العكلي كان بطلا شجاعا فاتكا مغيرا شاعرا قهر أهل اليمامة وأبادهم فبلغ ذلك الحجاج بن يوسف فكتب إلى عامله يوبخه بتغلب جحدر عليه ويأمر بالتجرد له حتى يقتله أو يحمله إليه أسيرا فوجه العامل إليه فتية من بني حنظلة وجعل لهم جعلا عظيما إن هم قتلوا جحدرا أو اتوا به اسيرا فتوجه الفتية في طلبه حتى إذا كانوا قريبا منه ارسلوا يقولون له أنهم يريدون الإنقطاع إليه والأرتفاق به فوثق بذلك منهم وسكن إلى قولهم فبينما هو معهم يوما إذ وثبوا عليه فشدوه وثاقا وقدموا به على العامل فوجه بهإلى الحجاج معهم فلما قدموا به عليه ومثل بين يديه قال له أنت جحدر قال نعم أصلح الله الامير قال ما جرأك على ما بلغني عنك قال اصلح الله الامير كلب الزمان وجفوة السلطان وجرأة الجنان قال وما بلغ من أمرك قال لو ابتلاني الامير وجعلني مع الفرسان لرأي منى ما يعجبه قال فتعجب الحجاج من ثبات عقله ومنطقه ثم قال يا جحدر إني قاذف بك في حاجر فيه أسد عظيم فإن قتلك كفانا مؤنتك وإن قتلته عفونا عنك قال اصلح الله الأمير قرب الفرج إن شاء الله تعالى فأمر به فصفدوه بالحديد ثم كتب إلى عامله أن يرتاد له أسدا ويحمله إليه فتحيل العامل وارتاد له اسداً كان كاسراً خبيثاً قد أفنى عامة المواشي فتحيّلوا حتى أخذوه وصيروه في تابوت وسحبوه على عجل فلما قدموا به على الحجاج أمر به فألقى في الحاجر ولم يطعم شيئاً ثلاثة ايام حتى جاع واستكلب ثم أمر بجحدر ان ينزلوه إليه فأعطوه سيفاً وأنزلوه إليه مقيداً وأشرف الحجاج والناس حوله ينظرون إلى الاسد ما هو صانع بجحدر فلما نظر الأسد إلى جحدر نهض ووثب وتمطّى وزعق زعقة دويت منها الجبال وارتاعت أهل الأرض.
فشد عليه جحدر وهو ينشد ويقول: ( ليث وليث في مجال ضنك ... كلاهما ذو قوة وسفك ) ( وصولة وبطشة وفتك ... إن يكشف الله قناع الشك ) ( فأنت لي في قبضتي وملكي )
ثم دنا منه وضربه بسيفه ففلق هامته فكبَّر الناس وأعجب الحجاج ذلك وقال لله درك ما أنجبك ثم أمر به فأخرج من الحاجز وفك عنه قيوده وقال له اختر إما أن تقيم معنا فنكرمك ونقرب من منزلتك وإما أن نأذن لك فتلحق ببلادك وأهلك على أن تضمن لنا أن لا تحدث بها حدياً ولا تؤذي بها أحداً قال بل اختار صحبتك أيها الأمير فجعله من سماره وخواصه ثم لم يلبث أن ولاه على اليمامة وكان من أمره ما كان.
المهلب بن ابي صفرة كان من الشجعان ومن الابطال المعدودة وأولاده كلهم أنجاد ابطال إلا أن المغيرة من بينهم كان أشد تمكنا وكان المهلب يقول ما شهد معي المغيرة حربا إلا رأيت البشرى في وجهه وحمل عليه بعض الشجعان وفي يديه شجرة فلما رآها نكس رأسه على قربوس السرج وحمل من تحتها فبراها بسيفه وكان المهلب يقول اشجع الناس ثلاثة ابن الكليبة وأحمر قريش وراكب البغلة فابن الكليبة مصعب بن الزبير وأحمر قريش عمر بن عبيد الله بن معمر ما لقي خيلا قط إلا فرقها وراكب البغلة عباد بن الحصين ما كان قط في كربة إلا فرجها وهو من الإسلام وكان للمهلب في الحروب مكايد مشهورة ووقائعه أبادت الخوارج بعد ان كانوا قد استولوا على المسلمين وكان سيدا كريما مات حتف أنفه وكذلك ابنه المغيرة.
وفيه يقول زياد الاعجم ( مات المغيرة بعد طول تعرض ... للقتل بين اسنة وصفائح )
وكان في الخوارج فوارس مشهورة لا تثبت لهم الرجال وذكرهم يطول ويخرج عما أردناه فمنهم أبو بلال مرداس خرج في اربعين فهزم ألفين وشبيب الخارجي الذي غرق في الفرات نذرت امرأته غزالة أن تصلي في جامع الكوفة ركعتين تقرأ في الأولى البقرة وفي الثانية آل عمران فعبر بها جسر الفرات وأدخلها الجامع ووقف على بابه يحميها حتى وفت بنذرها والحجاج في الكوفة في خمسين ألفا ومنهم قطري بن الفجاءة كان رأس الخوارج وخاطبوه بأمير المؤمنين وعظموه وبجلوه وأشعاره في الشجاعة تدل على مكانه منها قتل في بعض وقائع الخوارج. |
|
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52561 العمر : 72
| موضوع: رد: الباب الحادي والأربعون في ذكر أسماء الشجعان وذكر الأبطال وطبقاتهم وأخبارهم وذكر الجبناء وأخبارهم وذم الجبن الأربعاء 12 ديسمبر 2018, 12:13 am | |
| الطبقة الثالثة معن بن زائدة الشيباني قتله الخوارج بسجستان في ايام المهدي الوليد بن طريف الشيباني قتله يزيد بن مزيد عمرو بن حنيف كان من الفرسان المعدودة نقل عنه أنه كان يتصيد فتتبع حمار وحش وما زال يركض إلى أن حاذاه فجمع رجليه ووثب من على فرسه وصار على ظهر حمار الوحش وصار يحز عنقه بسيف أو سكين في يده حتى قتله أبو دلف القاسم بن عيسى العجلي فارس بطل شاعر نديم جامع لما تفرق في غيره طعن فارسين رديفين فأنفذ الرمح من ظهريهما وحمل برمحه أربعة نفر.
وفيه يقول بكر بن النطاح: ( قالوا وينظم فارسين بطعنه ... يوم اللقاء ولا يراه جليلا ) ( لا تعجبوا لو كان مد قناته ... ميلا إذا نظم الفوراس ميلا )
وسأله يوماً رجل شيئاً فقال له أتسأل وجدك القائل: ( ومن يفتقر منا يعش بحسامه ... ومن يفتقر من سائر الناس يسأل ) ( وإنا لنلهو بالسيوف كما لهت ... فتاة بعقد أو سحاب قرنفل )
فخرج الرجل فجرد سيفه فلم يصادفه في طريقه إلا وكيل لأبي دلف ومعه مال جزيل فاستلبه منه وقتله فبلغ الخبر أبا دلف فقال دعوه فإني علمته على نفسي بكر بن النطاح بطل شجاع فارس فاتك له اشعار مشهورة واخبار مذكورة.
ومما جاء في مدح السيف: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الخير في السيف والخير مع السيف والخير بالسيف وكان صمصام عمرو أشهر سيوف العرب وممن تمثل به نهشل فقال: ( أخ ماجد ما خانني يوم مشهد ... كما سيف عمرو لم تخنه مضاربة )
ولما وهبه عمرو لخالد بن سعيد بن العاص عامل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على اليمن قال: ( خليلي لم أخنه ولم يخني ... إذا ما صاب أوساط العظام ) ( خليلي لمأهبه من قلاه ... ولكن المواهب للكرام ) ( حبوت به كريما من قريش ... فسر به وصين عن اللئام ) ( وودعت الصفي صفي نفسي ... على الصمصام أضعاف السلام )
ولم يزل في آل سعيد حتى اشتراه خالد بن عبد الله القسري بمال جزيل لهشام وكان قد كتب إليه فيه فلم يزل عند بني مروان ثم طلبه السفاح والمنصور والمهدي فلم يجدوه فجد الهادي في طلبه حتى ظفر به.
وكان مكتوبا عليه هذا البيت: ( ذكر على ذكر يصول بصارم ... ذكر يمان في يمين يماني )
وقال ابن الرومي: ( لم أر شيئا حاضرا نفعه ... للمرء كالدرهم والسيف ) ( يقضي له الدرهم حاجاته ... والسيف يحميه من الحيف )
وقال زيد بن علي رضي الله عنهما: ( السيف يعرف عزمي عند هزته ... والرمح بن خبر والله لي وزر ) ( إنا لنأمل ما كانت أوائلنا ... من قبل تأمله إن ساعد القدر )
وقال عبدالله بن طاهر: ( يبيت ضجيعي السيف طورا وتارة ... يعض بهامات الرجال مضاربة ) ( أخو ثقة أرضاه في الروع صاحبا ... وفوق رضاه إنني أنا صاحبه ) ( وليس أخو العلياء إلا فتى له ... بها كلف ما تستقر ركائبه )
وقدم عروة بن الزبير على عبد الملك بن مروان بعد قتل أخيه عبد الله فطلب منه سيف الزبير وقال له رده علي فإنه السيف الذي أعطاه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- له يوم حنين فقال له عبد الملك أو تعرفه قال نعم قال بماذا قال أعرفه بما لا تعرف به سيف أبيك...
أعرفه بقول الشاعر: ( ولا عيب فيهم غير أن سيوفهم ... بهن فلول من قراع الكتائب )
وقال الاجدع الهمداني: ( لقد علمت نسوان همدان أنني ... لهن غداة الروع غير خذول ) ( وأبذل في الهجاء وجهي وإنني ... له في سوى الهيجاء غير بذول )
وقال آخر: ( عشرون الف فتى ما منهم أحد ... إلا كالف فتى مقدامة بطل ) ( راحت مزاودهم مملوءة أملا ... ففرغوها وأوكوها من الاجل )
ومن أخبار الشجعان ما حكاه الفضل بن يزيد: قال نزل علينا بنو ثعلب في بعض السنين وكنت مشغوفاً بأخبار العرب أن اسمعها وأجمعها فبينما أنا أدور في بعض احيائهم إذا أنا بامرأة واقفة في فناء خبائها وهي آخذة بيد غلام قلّما رأيت مثله في حُسنه وجماله له ذؤابتان كالسبج المنظوم وهي تعاتبه بلسان رطب وكلام عذب تحن إليه الأسماع وترتاح له القلوب وأكثر ما أسمع منها اي بني وهو يبتسم في وجهها قد غلب عليه الحياء والخجل كأنه جارية بكر لا يرد جواباً فاستحسنت ما رأيت واستحليت ما سمعت فدنوت منه وسلّمت فرد عليَّ السلام فوقفت أنظر إليها فقالت يا حضري ما حاجتك فقلت الاستكثار مما أسمع والإستمتاع بما أرى من هذا الغلام فقالت يا حضري إن شئت سقت إليك من خبره ما هو أحسن من منظره فقلت قد شئت يرحمك الله فقالت حملته والرزق عسر والعيش نكد حملاً خفيفاً حتى مضت له تسعة أشهر وشاء الله عز و جل أن اضعه فوضعته خلقاً سوياً فوربك ما هو إلا أن صار ثالث أبويه حتى أفضل الله عز و جل وأعطى وأتى من الرزق بما كفى وأغنى ثم أرضعته حولين كاملين فلما استتم الرضاع نقلته من خرق المهد إلى فراش أبيه فربي كأنه شبل أسد أقيه برد الشتاء وحر الهجير حاتى اذا مضت له خمس سنين أسلمته إلى المؤدب فحفظه القرآن فتلاه وعلمه الشعر فرواه ورغب في مفاخر قومه وآبائه وأجداده فلما أن بلغ الحلم واشتد عظمه وكمل خلقه حملته على عتاق الخيل فتفرس وتمرس ولبس السلاح ومشى بين بويتات الحي الخيلاء فأخذ في قرى الضيف وإطعام الطعام وأنا عليه وجلة أشفق عليه من العيون أن تصيبه فاتفق أن نزلنا بمنهل من المناهل بين أحياء العرب فخرج فتيان الحي في طلب ثأر لهم وشاء الله تعالى أن أصابته وعكة شغلته عن الخروج حتى إذا أمعن القوم ولم يبق في الحي غيره ونحن آمنون وادعون ما هو إلا أن أدبر الليل وأسفر الصباح حتى طلعت علينا غرر الجياد وطلائع العدو فما هو إلا هنيهة حتى أحرزوا الأموال دون أهلها وهو يسألني عن الصوت وأنا استر عنه الخبر إشفاقا عليه وضناً به حتى إذا علت الاصوات وبرزت المُخدرات رمى دثاره وثار كما يثور الأسد وأمر بإسراج فرسه ولبس لأمة حربه وأخذ رمحه بيده ولحق حماة القوم فطعن أدناهم منه فرمى به ولحق أبعدهم منه فقتله فانصرفت وجوه الفرسان فرأوه صبياً صغيراً لا مدد وراءه فحملوا عليه فأقبل يؤم البيوت ونحن ندعو الله عز وجل له بالسلامة حتى إذا مدهم وراءه وامتدوا في أثره عطف عليهم ففرَّق شملهم وشتَّت جمعهم وقلَّل كثرتهم ومزَّقهم كل ممزَّق ومرق كما يمرق السهم وناداهم خلوا عن المال فوالله لا رجعت إلا به أو لأهلكن دونه فانصرفت إليه الأقران وتمايلت نحوه الفرسان وتميَّزت له الفتيان وحملوا عليه وقد رفعوا إليه الأسنة وعطفوا عليه بالأعنة فوثب عليهم وهو يهدر كما يهدر الفحل من وراء الإبل وجعل لا يحمل على ناحية إلا حطمها ولا كتيبة إلا مزَّقها حتى لم يبق من القوم إلا مَنْ نجا به فرسه ثم ساق المال وأقبل به فكبَّر القوم عند رؤيته وفرح الناس بسلامته فوالله ما رأينا قط يوماً كان أسمح صباحاً وأحسن رواحاً من ذلك اليوم...
ولقد سمعته يقول في وجوه فتيان الحي هذه الأبيات: ( تأملن فعلي هل رأيتن مثله ... إذا حشرجت نفس الجبان من الكرب ) ( وضاقت عليه الأرض حتى كأنه ... من الخوف مسلوب العزيمة والقلب ) ( ألم اعط كلا حقه ونصيبه ... من السمهري اللدن والمرهف العضب ) ( أنا ابن أبي هند بن قيس بن مالك ... سليل المعالي والمكارم والسيب ) ( أبي لي أن اعطي الظلامة مرهف ... وطرف قوي الظهر والجوف والجنب ) ( وعزم صحيح لو ضربت بحده الجبال ... الرواسي لانحططن إلى الترب ) ( وعرض نقي اتقى أن اعيبه ... وبيت شريف في ذرى ثعلب الغلب ) ( فإن لم أقاتل دونكن واحتمي لكن وأحميكن بالطعن والضرب ) ( فلا صدق اللاتي مشين إلى أبي ... يهنيه بالفارس البطل الندب)
وقال الشاعر: ( آراؤهم ووجوههم وسيوفهم ... في الحادثات إذا دجون نجوم ) ( منها معالم للهدى ومصابح ... تجلو الدجى والأخريات رجوم )
وقال آخر: ( فوارس قوالون للخيل اقدمي وليس على غير الرءوس مجال ) ( بأيديهم سمر العوالي كأنما ... تشيب على أطرافهن ذبال )
وقال آخر: ( قوم إذا اقتحموا العجاج رأيتهم ... شمسا وخلت وجوههم أقمارا ) ( لا يعدلون برفدهم عن سائل ... عدل الزمان عليهم أو جارا ) ( وإذا الصريخ دعاهم لملمة ... بذلوا النفوس وفارقوا الاعمارا )
ذكر الجُبن والجُبناء وأخبارهم وما جاء عنهم: قد استعاذ سيدنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من الجُبن فقال اللهم إني أعوذ بك من الهم والحزن وأعوذ بك من العجز والكسل وأعوذ بك من الجُبن والبخل وأعوذ بك من غلبة الدين وقهر الرجال نعوذ بالله مما استعاذ منه سيد الخلق رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ويكفيك ان يُقال في وصف الجبان إن أحس بعصفور طار فؤاده وإن طنت بعوضة طال سُهاده يفزع من صرير الباب ويقلق من طنين الذباب إن نظر إليه شزرا أغمي عليه شهرا يحسب خفوق الرياح قعقعة الرماح...
قال الشاعر: ( إذا صوت العصفور طار فؤاده ... وليث حديد الناب عند الثرائد )
وكان حسان بن ثابت رضي الله عنه من الجبناء روي عن ابن الزبير أنه قال كان حسان في قاع أطم مع النساء يوم الخندق فأتاهم في ذلك اليوم يهودي يطوف بالحصن فقالت صفية بنت عبد المطلب رضي الله عنها يا حسان إن هذا اليهودي كما ترى يطوف بالحصن وإني والله ما آمنه أن يدل على عوراتنا من وراءه من اليهود فانزل إليه فاقتله فقال يغفرُ اللهُ لكِ يا بنت عبد المطلب لقد عرفتِ ما أنا بصاحب هذا قال فاعتجرت صفية ثم أخذت عموداً ونزلت من الحصن فضربته بالعمود حتى قتلته ورجعت إلى الحصن فقالت يا حسان قم إليه فاسلبه فإنه ما منعني من سلبه إلا أنه رجل فقال مالي بسلبه من حاجة.
وقيل كان لفتى من قريش جارية مليحة الوجه حسنة الأدب وكان يحبها حباً شديداً فأصابته ضاقة وفاقه فاحتاج إلى ثمنها فحملها إلى العراق وكان ذلك في زمن الحجاج بن يوسف فابتاعها منه الحجَّاج فوقعت منه بمنزلة فقدم عليه فتى من ثقيف من أقاربه فأنزله قريباً منه وأحسن إليه فدخل على الحجاج والجارية تكبسه وكان الفتى جميلاً فجعلت الجارية تسارقه النظر ففطن الحجاج بها فوهبها له فأخذها وانصرف فباتت معه ليلتها وهربت بغلس فأصبح لا يدري أين هي وبلغ الحجاج ذلك فأمر منادياً أن ينادي برئت الذمة ممن رأى وصيفة من صفتها كذا وكذا أو لم يحضرها فلم يلبث أن أتي له بها فقال لها الحجاج يا عدوة الله كنت عندي من أحب الناس إلي فاخترت ابن عمي شاباً حسن الوجه ورأيتك تسارقينه النظر فعلمت أنك شغفت به فوهبتك له فهربت من ليلتك فقالت يا سيدي اسمع قصتي ثم اصنع بي ما شئت قال هاتي ولا تخفى شيئاً قالت كنت للفتى القرشي فاحتاج إلي ثمني فحملني إلى الكوفة فلما قربنا منها دنا مني فوقع علي فسمع زئير الأسد فوثب واخترط سيفه وحمل عليه وضربه فقتله وأتى برأسه ثم أقبل علي وما برد ما عنده ثم قضى حاجته وإن ابن عمك هذا الذي اخترته لي لَمَّا أظلم الليل قام إليَّ فلما علا بطني وقعت فأرة من السَّقف فضرط ثم غشي عليه فمكث زماناً طويلاً وأنا أرش عليه الماء وهو لا يفيق فخفت أن يموت فتتهمني به فهربت فزعاً منك فما ملك الحجاج نفسه من شدة الضحك وقال ويحك اكتمي هذا ولا تعلمي به أحداً قالت على أن لا تردني إليه قال لك ذلك.
وحدث جار لأبي حنيفة النميري قال كان لأبي حنيفة سيف ليس بينه وبين العصا فرق وكان يسميه لعاب المنية فأشرفت عليه ذات ليلة وقد انتضاه وهو واقف على باب بيته وقد سمع حساً في دراه وهو يقول أيها المغتر بنا المجتريء علينا بئس والله ما اخترت لنفسك خير قليل وسيف صقيل وهو لعاب المنية الذي سمعت به أخرج بالعفو عنك قبل أن ادخل بالعقوبة عليك ثم فتح الباب على وجل فإذا كلب قد خرج فقال الحمد لله الذي مسخك كلباً وكفانا حرباً.
وخرج المعتصم يوماً إلى بعض متصيداته فظهر له أسد فقال لرجل من أصحابه أعجبه قوامه وسلاحه وتمام خلقه أفيك خيراً يا رجل قال لا فضحك المعتصم وقال قبَّح الله الجبان ورأى الإسكندر سمياً له لا يزال ينهزم فقال له يا رجل إما أن تغير فعلك وإما أن تغير إسمك ووقع في بعض العساكر ضجة فوثب خراساني إلى دابته ليلجمها فصير اللجام في الذنب من الدهش وقال يخاطب الفرس هب جبهتك عرضت فناصيتك كيف طالت.
وخرج أسلم بن زرعة الكلابي في الفين لمحاربة أبي بلال مرداس وكان مرداس في أربعين فانهزم أسلم منه فلاموه على ذلك وذمَّهُ ابن أبي زياد فقال لأن يذمني ابن أبي زياد حياً أحَبُّ إليَّ من أن يمدحني ميتاً وكان أسلم بعد ذلك إذا خرج إلى السوق ومَرَّ بصبيان صاحوا به أبو بلال وراءك فكبُر ذلك عليه فشكاهم إلى ابن أبي زياد فأمر صاحب الشرطة أن يكفهم عنه.
وفي ذلك يقول بعضهم شعراُ: ( يقول جبان القوم في حال سكره ... وقد شرب الصهباء هل من مبارز ) ( وأين الخيول الاعوجيات في الوغى ... أنازل منهم كل ليث مناهز ) ( ففي السكر قيس وابن معدي وعامر ... وفي الصحو تلقاء كبعض العجائز )
هذا ما انتهى إلينا من هذا الباب والحمد لله الكريم الوهاب وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه الطاهرين والحمد لله رب العالمين. |
|