(حرف الواو و)
وأبيك:
عن عمر -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((إن الله ينهاكم أن تحلفوا بآبائكم)) قال عمر -رضي الله عنه-: والله ما حلفت بها منذ سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ينهى عنها.
رواه البخاري ومسلم، وأحمد، وابن أبي الدنيا.
وأبيه:
مضى في حرف الألف: أفلح وأبيه إن صدق.
واجب الوجود:
في إطلاقه على الله تعالى إجمال مانع من فهم المُراد، وبيان مفصلاً لدى شيخ الإسلام ابن تيمية –رحمه الله تعالى– في مواضع من كتبه.
واجد:
مضى في حرف السين: سائر
الواحد لا يصدر عنه إلا واحد:
قال شيخ الإسلام ابن تيمية –رحمه الله تعالى– في معرض رده على القدرية، والجبرية فاسد أقاويلهم: ( ومن هذا الباب تنازع الناس في (( الأمر والإرادة )) هل يأمر بما لا يريد أو لا يأمر إلا بما يريد ؟ فإن الإدارة لفظ فيه إجمال، ويُراد بالأرادة الإرادة الكونية: الشاملة لجميع الحوادث كقول المسلمين: ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن.
وكقوله تعالى: { فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلإِسْلامِ وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقاً حَرَجاً كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاءِ } وقول نوح عليه السلام: {وَلا يَنْفَعُكُمْ نُصْحِي إِنْ أَرَدْتُ أَنْ أَنْصَحَ لَكُمْ إِنْ كَانَ اللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يُغْوِيَكُمْ} ولا ريب أن الله يأمر العباد بما لا يريد بهذا التفسير، والمعنى كما قال تعالى: {وَلَوْ شِئْنَا لَآتَيْنَا كُلَّ نَفْسٍ هُدَاهَا } فدل على أنه لم يؤت كل نفس بهداها، وكما اتفق العلماء على أن من حلف بالله ليقضين دين غريمه غداً إن شاء الله، أو ليردن وديعته أوغصبه، أو ليصلين الظهر أو العصر إن شاء الله، أو ليصومن رمضان إن شاء الله، ونحو ذلك مما أمره الله به، فإنه إذا لم يفعل المحلوف عليه لا يحنث مع أن الله أمره به لقوله: إن شاء الله، فعلم أن الله لم يشأه مع أمره به.
وأما الإرادة الدينية فهي بمعنى المحبة والرضى، وهي ملازمة للأمر كقوله تعالى: { يُرِيدُ اللَّهُ لِيُبَيِّنَ لَكُمْ وَيَهْدِيَكُمْ سُنَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَيَتُوبَ عَلَيْكُمْ } ومنه قول المسلمين: هذا يفعل شيئاً لا يريده الله، إذا كان يفعل بعض الفواحش، أي أنه لا يحبه ولا يرضاه، بل ينهى عنه ويكرهه.
وكذلك لفظ (( الجبر )) فيه إجمال يُراد به إكراه الفاعل على الفعل بدون رضاه.
كما يُقال: أن الأب يجبر المرأة على النكاح، والله تعالى أجل وأعظم من أن يكون مجبراً بهذا التفسير، فإنه يخلق للعبد الرضا والاختيار بما يفعله، وليس ذلك جبراً بهذا الاعتبار، ويُراد بالجبر: خلق ما في النفوس من الاعتقادات والإرادات كقول محمد بن كعب القرظي: الجبار الذي جبر العباد على ما أراد.
وكما في الدعاء المأثور عن علي رضي الله عنه: (( جبار القلوب على فطراتها: شقيها وسعيدها )) والجبر ثابت بهذا التفسير.
فلما كان لفظ الجبر مجملاً نهى الأئمة الأعلام عن إطلاق إثباته أو نفيه.
وكذلك لفظ (( الرزق )) فيه إجمال، فقد يُراد بلفظ الرزق ما أباحه أو ملكه، فلا يدخل الحرام في مسمى هذا الرزق كما في قوله تعالى: { وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ} وقوله تعالى {وَأَنْفِقُوا مِنْ مَا رَزَقْنَاكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ } وقوله: {وَمَنْ رَزَقْنَاهُ مِنَّا رِزْقاً حَسَناً فَهُوَ يُنْفِقُ مِنْهُ سِرّاً وَجَهْراً } وأمثال ذلك.
وقد يراد بالرزق ما ينتفع به الحيوان وإن لم يكن هناك إباحة ولا تمليك، فيدخل فيه الحرام، كما في قوله تعالى: { وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا }، وقوله عليه السلام في الصحيح: (( فيكتب رزقه وعمله وأجله وشقي أو سعيد )).
ولما كان لفظ الجبر والرزق ونحوهما فيها إجمال؛ منع الأئمة من إطلاق ذلك نفياً أو إثباتاً كما تقدم عن الأوزاعي وأبي إسحاق الفزاري وغيرهما من الأئمة.
وكذا لفظ (( التأثير )) فيه إجمال، فإن القدرة مع مقدورها كالسبب مع المسبب، والعلة مع المعلول، والشرط مع المشروط، فإن أُريد بالقدرة: القدرة الشرعية المصححة للفعل المتقدمة عليه؛ فتلك شرط للفعل وسبب من أسبابه وعلة ناقصة له.
وإن أُريد بالقدرة: القدرة المقارنة للفعل المستلزمة له فتلك علة للفعل وسبب تام، ومعلوم أنه ليس في المخلوقات شيء هو وحده علة تامة وسبب تام للحوادث بمعنى أن وجوده مستلزم لوجود الحوادث، بل ليس هذا إلا مشيئة الله تعالى خاصة فما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن.
وأما الأسباب المخلوقة كالنار في الإحراق، والشمس في الإشراق، والطعام والشراب في الإشباع والإرواء ونحو ذلك، فجميع هذه الأُمور سبب لا يكون الحادث به وحده، بل لابد من أن ينضم إليه سبب آخر، ومع هذا فلها موانع تمنعها عن الأثر، فكل سبب فهو موقوف على وجود الشروط وانتفاء الموانع وليس في المخلوقات واحد يصدر عنه وحده شيء.
وهذا مما يبين لك خطأ المتفلسفة الذين قالوا: الواحد لا يصدر عنه إلا واحد، واعتبروا ذلك بالآثار الطبيعة كالمسخن والمبرد ونحو ذلك، فإن هذا غلط، فإن التسخين لا يكون إلا بشيئين ( أحدهما ) فاعل كالنار ( والثاني ) قابل كالجسم القابل للسخونة والاحتراق، وإلا فالنار إذا وقعت على السمندل والياقوت لم تحرقه، وكذلك الشمس فإن شعاعها مشروط بالجسم المقابل للشمس الذي ينعكس عليه الشعاع، وله موانع من السحاب والسقوف وغير ذلك، فهذا الواحد الذي قدروه في أنفسهم لا وجود له في الخارج، وقد بسط هذا في غير هذا الموضع.
فإن الواحد العقلي الذي يثبته الفلاسفة كالوجود المجرد عن الصفات، وكالعقول المجردة، وكالكليات التي يدعون تركب الأنواع منها، وكالمادة والصور العقليين وأمثال ذلك لا وجود لها في الخارج، بل إنما توجد في الأذهان لا في الأعيان، وهي أشد بعداً عن الوجود من الجوهر الفرد الذي يثبته من يثبته من أهل الكلام، فإن هذا الواحد لا حقيقة له في الخارج، وكذلك الجوهر كما قد بسط في موضعه.
والمقصود هنا أن التأثير إذا فسر بوجود شرط الحدث أو سبب يتوقف حدوث الحادث به على سبب آخر وانتفاء موانع –وكل ذلك بخلق الله تعالى– فهذا حق، وتأثير قدرة العبد في مقدورها ثابت بهذا الاعتبار.
وإن فسر التأثير بأن المؤثر مستقل بالأثر من غير مشارك معاون ولا معاوق مانع فليس شيء من المخلوقات مؤثراً، بل الله وحده خالق كل شيء لا شريك له ولا ند له فما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن { مَا يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ فَلا مُمْسِكَ لَهَا وَمَا يُمْسِكْ فَلا مُرْسِلَ لَهُ مِنْ بَعْدِهِ }، { قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ لا يَمْلِكُونَ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلا فِي الْأَرْضِ وَمَا لَهُمْ فِيهِمَا مِنْ شِرْكٍ وَمَا لَهُ}.. ) إلى آخر كلامه -رحمه الله تعالى-.
واصل:
مضى في حرف السين: سائر.
وفي حرف التاء: التصوف.
وفينا نبي يعلم ما في الغدِ:
في حديث الرُّبيِّع بنت مُعوِّذ –رضي الله عنها– في غناء الجويريات، قال إحداهن: وفينا نبي يعلم ما في الغد فقال -صلى الله عليه وسلم-: (( دعي هذه، وقولي الذي كنت تقولين )).
رواه البخاري، وأبو داود، والترمذي، وابن ماجه.
والله على ( ما ) يشاء قدير:
في ترجمة الشيخ عبدالرحمن بن حسن -رحمه الله تعالى- من كتاب: عنوان المجد، قال:
( هذه الكلمة اشتهرت على الألسن من غير قصد وهي قول الكثير إذا سأل الله تعالى: (( وهو القادر على ما يشاء )) وهذه الكلمة يقصد بها أهل البدع شراً، وكل ما في القرآن: (( وهو على كل شيء قدير ))، وليس في القرآن والسنة ما يخالف ذلك أصلاً؛ لأن القدرة شاملة كاملة، وهي والعلم: صفتان شاملتان تتعلقان بالموجودات والمعدومات، وإنَّما قصد أهل البدع بقولهم: (( وهو على ما يشاء )) أن القدرة لا تتعلق إلا بما تعلقت به المشيئة ) ا هـ.
وفي جواب للشيخ محمد بن إبراهيم –رحمه الله تعالى– قال: ( الأولى أن لا يطلق، ويُقال: إن الله على كل شيء قدير؛ لشمولة قدرة الله عز وجل لما يشاؤه ولما لا يشاؤه ) ا هـ.
هذا ما رأيته مسطراُ في المنع.
وقد جاء إطلاقها في حديث ابن مسعود الطويل:
في آخره أهل النار خروجاً، في صحيح مسلم.
ترجم عليه النووي بقوله:
باب إثبات الشفاعة وإخراج الموحدين من النار: وجاء في آخر الحديث: ( قالوا ممّ تضحك يا رسول الله؟ قال: (( من ضحك رب العالمين حين قال: أتستهزئ مني وأنت رب العالمين، فيقول: إني لا أستهزء منك ولكني على ما أشاء قدير )) ) ا هـ.
وفي الرواية في: كتاب السنة لابن أبي عاصم 1 / 245 وفي كتاب: الإيمان لابن منده بلفظ: (( ولكن على ما أشاء قادر )) ا هـ.
لكن هذا الإطلاق مقيد بأفعال معينة كهذا الحديث، وكذلك في الآية: {وَهُوَ عَلَى جَمْعِهِمْ إِذَا يَشَاءُ قَدِيرٌ} معلقة بالجمع؛ وعليه فإن إطلاق هذا اللفظ له حالتان.
الحالة الأُولى:
على وجه العموم، فهذا ممتنع لثلاثة وجوه:
1. لأن فيها تقييداً لما أطلقه الله.
2. لأنه موهم بأن ما لا يشاؤه لا يقدر عليه.
3. لأنه موح بمذهب القدرية.
والحالة الثانية:
على وجه التقييد كما ذكر.
والله حيث كان:
عن ابن عمر –رضي الله عنهما– أنه: كان يكره أن يقول الرجل: (( والله حيث كان.... )) رواه عبدالرزاق.
والله لا يكون كذا:
هذا اللفظ من الإقسام على الله تعالى، وقد فصَّلت النصوص الواردة عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه على قسمين: جائز وممنوع:
1. أما الممنوع فهو في مقام التألِّي على الله –سبحانه– بدافع الجهل، والتكبر، والعُجب، والخِفَّة، والطيش.
وقد ثبت فيه عن النبي -صلى الله عليه وسلم- من حديث جندب بن عبدالله –رضي الله عنه– قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (( قال رجل: والله لا يغفر الله لفلان، فقال الله -عز وجل-: من ذا الذي يتألَّى عليَّ أن لا أغفر لفلان، قد غفرت له وأحبطت عملك )) رواه مسلم.
2. وأما الجائز، فهو من المسلم القانت لربه، الواثق بعطائه، المؤمن بقدره.
ويدُلُّ لهُ حديث: (( إن من عباد الله من لو أقسم على الله لأبره، منهم: البراء بن معرور )).
ومن هذا قول شيخ الإسلام ابن تيمية –رحمه الله تعالى– في بعض مغازيه لننْتصِرنَّ، فقيل له: قل: إن شاء الله، فقال: إن شاء الله تحقيقاً لا تعليقاً.