أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52561 العمر : 72
| |
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52561 العمر : 72
| موضوع: رد: حوار الشيخ الألباني مع مؤيد للاحتفال بالمولد النبوي الأحد 18 نوفمبر 2018, 4:21 pm | |
| الشيخ الألباني: أنت تعرف قول الرسول صلى الله عليه وسلم -فيما أظن-: ((لا تَسُبُّوا أصحابي؛ فو الذي نفس محمد بيده لو أنفق أحدكم مثل جبل أُحُدٍ ذهباً ما بلغ مُدَّ أحدهم ولا نَصيفَهُ)).
أرأيت مدى الفرق بيننا وبينهم؟! لأنهم جاهدوا في سبيل الله تعالى، ومع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وتلقَّوا العلم منه غضاً طرياً بدون هذه الوسائط الكثيرة التي بيننا وبينه صلى الله عليه وسلم، كما أشار صلى الله عليه وسلم إلى مثل هذا المعنى في الحديث الصحيح: ((مَنْ أحَبَّ أن يقرأ القرآن غَضّاً طرياً فليقرأهُ على قراءة ابن أم عبد)) يعني عبد الله بن مسعود.
"غضاً طرياً" يعنى: طازج، جديد. هؤلاء السَّلف الصَّالح وعلى رأسهم الصَّحابة -رضي الله عنهم- لا يُمكننا أن نتصوَّر أنهم جهلوا خيراً يُقرِّبُهم إلى الله زُلفى وعرفناه نحن وإذا قلنا إنهم عرفوا كما عرفنا؛ فإننا لا نستطيع أن نتصوَّر أبداً أنهم أهملوا هذا الخير.
لعلها وضحت لك هذه النقطة التي أُدندنُ حولها إن شاء الله؟
محاور الشيخ: الحمد لله.
الشيخ الألباني: جزاك الله خيراً.
هناك شيء آخر، هناك آيات وأحاديث كثيرة تُبَيِّنُ أن الإسلام قد كَمُلَ، وأظن هذه حقيقة أنت متنبه لها ومؤمن بها ولا فرق بين عالم وطالب علم وعامِّي في معرفة هذه الحقيقة وهي: أن الإسلام كَمُلَ، وأنه ليس كدين اليهود والنصارى في كل يوم في تغيير وتبديل.
وأذكرك بمثل قول الله تعالى: ((الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإسْلامَ دِيناً)).
الآن يأتي سؤال: وهي طريقة أخرى لبيان أن الاحتفال بالمولد ليس خيراً غير الطريقة السابقة وهي أنه لو كان خيراً لسبقونا إليه وهم –أي السَّلف الصَّالح– أعلم منا وأعبد.
هذا المولد النبوي إن كان خيراً فهو من الإسلام؛ فنقول: هل نحن جميعاً من مُنكرين لإقامة المولد ومُقرِّين له هل نحن متفقون، كالاتفاق السابق أن هذا المولد ما كان في زمان الرسول صلى الله عليه وسلم، هل نحن متفقون الآن على أن هذا المولد إن كان خيراً فهو من الإسلام وإن لم يكن خيراً فليس من الإسلام؟
ويوم أُنزلت هذه الآية: ((الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ)) لم يكن هناك احتفال بالمولد النبوي؛ فهل يكون ديناً فيما ترى؟
أرجو أن تكون معي صريحاً، ولا تظن أني من المشايخ الذين يُسكِّتون الطلاب، بل عامة الناس: اسكت أنت ما تعلم أنت ما تعرف، لا.. خُذْ حريتك تماماً كأنما تتكلم مع إنسان مثلك ودونك سِنّاً وعِلْماً.
وإذا لم تقتنع قل: لم أقتنع.
فالآن إذا كان المولد من الخير فهو من الإسلام وإذا لم يكن من الخير فليس من الإسلام وإذا اتفقنا أن هذا الاحتفال بالمولد لم يكن حين أُنزلت الآية السابقة؛ فبديهي جداً أنه ليس من الإسلام.
وأؤكد هذا الذي أقوله بأحرف عن إمام دار الهجرة مالك بن أنس: قال: "مَنْ ابتدع في الإسلام بدعة –لاحظ يقول بدعة واحدة وليس بدعاً كثيرة– يراها حسنة فقد زعم أن محمداً صلى الله عليه وسلم خان الرسالة".
وهذا شيء خطير جداً، ما الدليل يا إمام؟
قال الإمام مالك: اقرءوا إن شئتم قول الله تعالى: ((الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإسْلامَ دِيناً)).
فما لم يكن يومئذٍ ديناً لا يكون اليوم ديناً. انتهى كلامه.
متى قال الإمام مالك هذا الكلام؟
في القرن الثاني من الهجرة، أحد القرون المشهود لها بالخيرية!
فما بالك بالقرن الرابع عشر؟!
هذا كلامٌ يُكتب بماء الذهب؛ لكننا غافلون عن كتاب الله تعالى، وعن حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعن أقوال الأئمة الذين نزعم نحن أننا نقتدي بهم وهيهات هيهات، بيننا وبينهم في القدوة بُعد المشرقين.
هذا إمام دار الهجرة يقول بلسانٍ عربيٍ مبين: "فما لم يكن يومئذٍ ديناً؛ فلا يكون اليوم ديناً".
اليوم الاحتفال بالمولد النبوي دين، ولولا ذلك ما قامت هذه الخصومة بين علماء يتمسَّكُون بالسُّنَّةِ وعلماء يدافعون عن البدعة.
كيف يكون هذا من الدين ولم يكن في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم ولا في عهد الصحابة ولا في عهد التابعين ولا في عهد أتباع التابعين؟!
الإمام مالك من أتباع التابعين، وهو من الذين يشملهم حديث: ((خير القرون قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم)).
يقول الإمام مالك: "ما لم يكن حينئذٍ ديناً لا يكون اليوم ديناً، ولا يَصلُح آخر هذه الأمة إلا بما صَلُح به أولها".
بماذا صلح أولها؟ بإحداث أمور في الدين والُتقرُّبِ إلى الله تعالى بأشياء ما تقرَّبَ بها رسول الله صلى الله عليه وسلم؟!
والرسول صلى الله عليه وسلم هو القائل: ((ما تركتُ شيئاً يُقربكم إلى الله إلا وأمرتكم به)).
لماذا لم يأمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نحتفل بمولده؟!
هذا سؤال وله جواب: هناك احتفال بالمولد النبوي مشروع ضد هذا الاحتفال غير المشروع, هذا الاحتفال المشروع كان موجوداً في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم بعكس غير المشروع، مع بَون شاسع بين الاحتفالين.
أول ذلك: أن الاحتفال المشروع عبادة مُتفقٌ عليها بين المسلمين جميعاً.
ثانياً: أن الاحتفال المشروع يتكرَّر في كل أسبوع مَرَّةً واحتفالهم غير المشروع في السَّنَةِ مَرَّةً.
هاتان فارقتان بين الاحتفالين: أن الأول عبادة ويتكرَّر في كل أسبوع بعكس الثاني غير المشروع فلا هو عبادة ولا يتكرَّر في كل أسبوع.
وأنا لا أقول كلاماً هكذا ما أنزل الله به من سلطان، وإنما أنقل لكم حديثاً من صحيح مسلم رحمه الله تعالى عن أبي قتادة الأنصاري قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله: ما تقول في صوم يوم الاثنين؟ قال: ((ذاك يومٌ وُلِدتُ فيه، وأُنزل القرآن عليَّ فيه)).
ما معنى هذا الكلام؟ كأنه يقول: كيف تسألني فيه والله قد أخرجني إلى الحياة فيه، وأنزل عليَّ الوحي فيه؟!
أي ينبغي أن تصوموا يوم الاثنين شكراً لله تعالى على خلقه لي فيه، وإنزاله الوحي عليَّ فيهِ.
وهذا على وزن صوم اليهود يوم عاشوراء، ولعلكم تعلمون أن صوم عاشوراء قبل فرض صيام شهر رمضان كان هو المفروض على المسلمين.
وجاء في بعض الأحاديث أن النبي صلى الله عليه وسلم لَمَّا هاجر إلى المدينة وجد اليهود يصومون يوم عاشوراء؛ فسألهم عن ذلك؛ فقالوا هذا يوم نَجَّا اللهُ فيه موسى وقومه من فرعون وجنده فصُمناه شُكراً لله؛ فقال صلى الله عليه وسلم: ((نحن أحَقُّ بموسى منكم)) فصامه وأمر بصومه فصار فرضاً إلى أن نزل قوله تعالى: ((شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدىً لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْه)).
فصار صوم عاشوراء سنة ونسخ الوجوب فيه.
الشاهد من هذا: أن الرسول صلى الله عليه وسلم شارك اليهود في صوم عاشوراء شكراً لله تعالى أن نَجَّا موسى من فرعون؛ فنحن أيضاً فَتَح لنا باب الشكر بصيام يوم الاثنين لأنه اليوم الذي وُلد فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم واليوم الذي أُوحيَ إليه فيه.
الآن أنا أسألك: هؤلاء الذين يحتفلون بالمولد الذي عرفنا أنه ليس إلى الخير بسبيل أعرف أن كثيراً منهم يصومون يوم الاثنين كما يصومون يوم الخميس؛ لكن تُرى أكثر المسلمين يصومون يوم الاثنين؟
لا، لا يصومون يوم الاثنين، لكن أكثر المسلمين يحتفلون بالمولد النبوي في كل عام مرة!
أليس هذا قلباً للحقائق؟!
هؤلاء يصدق عليهم قول الله تعالى لليهود: ((أَتَسْتَبْدِلُونَ الَّذِي هُوَ أَدْنَى بِالَّذِي هُوَ خَيْرٌ)).
هذا هو الخير: صيام متفق عليه بين المسلمين جميعاً وهو صيام الاثنين ومع ذلك فجمهور المسلمين لا يصومونه!!
نأتي لمن يصومه وهم قلة قليلة: هل يعلمون السر في صيامه؟ لا لا يعلمون.
فأين العلماء الذين يُدافعون عن المولد لماذا لا يُبينون للناس أن صيام الاثنين هو احتفال مشروع بالمولد ويحثونهم عليه بدلاً من الدفاع عن الاحتفال الذي لم يُشرع؟!!
وصدق الله تعالى: ((أَتَسْتَبْدِلُونَ الَّذِي هُوَ أَدْنَى بِالَّذِي هُوَ خَيْرٌ))
وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم حين قال: ((لَتَتَّبِعُنَّ سُنَنَ مَنْ قبلكم شبراً بشبر وذراعاً بذراع حتى لو دخلوا جُحرَ ضَبٍ لدخلتموه)).
وفي رواية أخرى خطيرة: ((حتى لو كان فيهم مَنْ يأتي أمَّهُ على قارعة الطريق لكان فيكم مَنْ يفعل ذلك)).
فنحن اتبعنا سُنَنَ اليهود؛ فاستبدلنا الذي هو أدنى بالذي هو خير، كاستبدالنا المولد النبوي الذي هو كل سنة وهو لا أصل له بالذي هو خير وهو الاحتفال في كل يوم اثنين وهو احتفال مشروع بأن تصومه مع ملاحظة السِّر في ذلك وهو أنك تصومه شكراً لله تعالى على أن خلق رسول الله صلى الله عليه وسلم فيه، وأنزل الوحي فيه.
وأختم كلامي بذكر قوله صلى الله عليه وسلم: ((أبَى اللهُ أن يقبل توبة مُبتدع)).
والله تعالى يقول: ((يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ)).
محاور الشيخ: قراءة سيرة النبي صلى الله عليه وسلم أليس تكريماً له؟
الشيخ الألباني: نعم.
محاور الشيخ: فيه ثواب هذا الخير من الله؟
الشيخ الألباني: كل الخير. ما تستفيد شيئاً من هذا السؤال؛ ولذلك أقاطعك بسؤال: هل أحد يمنعك من قراءة سيرته؟
أنا أسألك الآن سؤالاً: إذا كان هناك عبادة مشروعة، لكن الرسول صلى الله عليه وسلم ما وضع لها زمناً معيناً، ولا جعل لها كيفية معينة؛ فهل يجوز لنا أن نحدد لها من عندنا زمناً معيناً، أو كيفية معينة؟
هل عندك جواب؟
محاور الشيخ: لا، لا جواب عندي.
الشيخ الألباني: قال الله تعالى: ((أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ)).
وكذلك يقول الله تعالى: ((اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَاباً مِنْ دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا إِلَهاً وَاحِداً لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ)) التوبة: 31.
((لَمَّا سمع عدي بن حاتم رضي الله عنه هذه الآية –وقد كان قبل إسلامه نصرانياً– أشكلت عليه فقال: إنا لسنا نعبدهم قال: (أليس يُحَرِّمُونَ ما أحَلَّ اللهُ فتُحَرِّمُونَهُ ويُحِلُّونَ ما حَرَّمَ اللهُ، فتُحِلُّونَهُ؟)، فقال: بلى. قال: (فتلك عِبَادَتِهِمْ))).
وهذا يُبَيِّنُ خطورة الابتداع في دين الله تعالى. ========================= (*) مُفَرَّغٌ مع بعض الاختصار من أحد أشرطة سلسلة الهُدى والنّور للشيخ الألباني رحمه الله تعالى.
رقم الشريط 94/1.
والشريط موجود على الشبكة العنكبوتية في موقع طريق الإسلام
[1] المراد هو: محمد بن علوي المالكي، أحد ألقائلين بمشروعية الموالد.
المصدر: موقع صيد الفوائد جزاهم الله خير الجزاء
الرابط: http://www.saaid.net/mktarat/Maoled/26.htm#(*) |
|