أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52691 العمر : 72
| موضوع: دواء قسـوة القـلب الجمعة 02 نوفمبر 2018, 7:13 am | |
| دواء قســـــــــــوة القــــــــــــلب للدكتور: محمد إسماعيل المقدم غفر الله له ولوالديه وللمسلمين
كما أن الإسلام وسط بين الأديان فإن أهل السنة وسط بين الفرق الإسلامية، وكما أن الإسلام قاض وحاكمٌ ومهيمنٌ على سائر الأديان، فكذلك منهج الصحابة والفرقة الناجية حاكمًا على طوائف الإسلام.
الحمد لله العظيم ذي الوجه الكريم والسلطان القديم والصلاة والسلام على محمد عبده ورسوله الذي أنعم الله على جميع أهل الأرض ببعثه وإرساله وعلى جميع صحبه وآله.
أما بعد: فإن كل إنسان يمر برحلة بُداءتها ميلاده، ونهايتها في دار التكليف مماته، وهو في ما بينهما ممتحن مبتلى، تعتريه الآفات وتلهيه الشهوات وتتناوشه الشبهات.
والمحفوظ من حفظ الله تعالى، ثم إن الموت ليس نهاية المطاف إنما هو بداية الرحلة الأبدية.
ولــو أنــا إذا متــنـا تُرِكْـنـــا *** لكان الموت غاية كل حي ولكنـــــا إذا متنــــا بُعِثنــــــا *** ونُسأل بعده عن كل شيء
فمن مات قامت قيامته بمعنى أنه دخل في حكم الآخرة ولذلك قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "القبر أول منازل الآخرة". الراوي: هانئ مولى عثمان | المحدث: أحمد شاكر | المصدر: مسند أحمد الصفحة أو الرقم: 1/225 | خلاصة حكم المحدث: إسناده صحيح.
فدارنا أمامنا وحياتنا بعد مماتنا، وقد سمى الله تعالى الموت مصيبة في قوله عز وجل: {فَأَصَابَتْكُم مُّصِيبَةُ الْمَوْتِ} [المائدة: 106] والموت أعظم حادث مما يمر على الجِبِلَّة، كيف لا؟!
وهو الخطب الأفظع؟ والأمر الأشنع وهو الأهدم للذات، والأقطع للراحات، والأجلب للكَرِهَات، كيف لا وهو فراق الأحباب؟! وانقطاع الأسباب ومواجهة الحساب.
لقد حثنا ناصحنا الأمين نبينا الكريم عن ذكر الموت بل والإكثار من ذكره فقال صلى الله عليه وسلم: "أكثروا ذكرَ هاذمِ اللَّذاتِ: الموتِ؛ فإنَّه لَم يذْكُرْه أحدٌ في ضيقٍ مِن العَيشِ إلَّا وسَّعَه علَيهِ، ولا ذَكرَه في سَعةٍ إلَّا ضيَّقَها عليهِ".
الراوي: أنس بن مالك وأبو هريرة | المحدث: الألباني | المصدر: صحيح الجامع الصفحة أو الرقم: 1211 | خلاصة حكم المحدث: حسن.
وقال صلى الله عليه وسلم: "من اسْتحيا من اللهِ حقَّ الحياءِ فلْيحفظِ الرأسَ وما وعى، ولْيحفظِ البطنَ وما حوى، ولْيذكرِ الموتَ والبلا، ومن أراد الآخرةَ ترك زينةَ الحياةِ الدنيا".
الراوي: عبدالله بن مسعود | المحدث: الألباني | المصدر: صحيح الجامع الصفحة أو الرقم: 935 | خلاصة حكم المحدث: حسن.
وعن البراء بن عازب -رضي الله تعالى عنه- قال: "بينما نحن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ بصُر بجماعة، فقال علام اجتمع عليه هؤلاء؟ قيل على قبر يحفرونه ففزع رسول الله صلى الله عليه وسلم فبدر بين يدي أصحابه مسرعًا حتى انتهى إلى قبر فجثا عليه، قال فاستقبلته من بين يديه لأنظر ما يصنع، فبكى حتى بلّ الثرى من دموعه ثم أقبل علينا فقال: أَيْ إخواني لمثل هذا اليوم فأعدوا".
الراوي: البراء بن عازب | المحدث: الألباني | المصدر: السلسلة الصحيحة الصفحة أو الرقم: 4/345 | خلاصة حكم المحدث: إسناده حسن، رجاله ثقات غير محمد بن مالك.
واقتدى به صلى الله عليه وسلم السلف الصالحون في الإلحاح على التذكير بالموت فهذا أويس القرني -رحمه الله- يخاطب أهل الكوفة قائلًا: "يا أهل الكوفة توسدوا الموت إذا نمتم واجعلوه نصب أعينكم إذا قمتم". وهذا الربيع بن خُثيم -رحمه الله- يقول: "أكثروا ذكر هذا الموت الذي لم تذوقوا قبله مثله".
وعن قبيصة بن عُتبة قال: "ما جلست مع سفيان الثوري مجلسًا إلا ذَكَر فيه الموت وما رأيت أحدًا كان أكثر ذِكرًا للموت منه".
وعن عطاء قال: "كان عمر بن عبد العزيز يجمع كل ليلة الفقهاء فيتذاكرون الموت والقيامة والآخرة ويبكون".
إنَّ لذكر الموت أعظم الأثر في إيقاظ النفس وانتشالها من وحل الغفلة إلى رياض الذكر والاستعداد ليوم المِعاد.
قيل لبعض الزهاد ما أبلغُ العظات؟ قال النظر إلى الأموات.
وقال الحسن بن عبد العزيز الجَرَوي: "من لم يردعه القرآن والموت فلو تناطحت الجبال بين يديه لم يرتدع".
وقال أبو الدرداء -رضي الله عنه-: "من أكثر ذكر الموت قلّ فرحُه وقلّ حسدُه".
إن ذكر الموت يردع عن المعاصي ويُلين القلب القاسي ويُذهب الولع بالدنيا ويُهون المصائب.
كتب عمر بن عبد العزيز إلى الأوزاعي: "أما بعد فإن من أكثر ذكر الموت رضي من الدنيا باليسير".
ويُرْوى أن امراة شكت إلى أم المؤمنين عائشة قساوة في قلبها فقالت لها: "أكثري من ذِكْر الموت يرق قلبك، ففعلت ذلك فرقّ قلبها".
وكان الرجل يأتي أم الدرداء -رضي الله عنها- يستنصحها فيقول إني لأجد في قلبي داءً لا أجد له دواء أجد قسوة شديدة وأملًا بعيدًا فتقول: "اطلع في القبور واشهد الموت".
وكان صالحًا المُرّي يقول: "إن ذكر الموت إذا فارقني ساعة فسد عليَّ قلبي".
وقال الدقاق: "من أكثر من ذكر الموت أُكرم بثلاثة: تعجيل التوبة وقناعة القلب ونشاط العبادة، ومن نسي الموت عُوجل بثلاثة: تسويف التوبة وترك الرضى بالكفاف والتكاسل في العبادة".
إن زيارة المقابر وشهود الجنائز ومشاهدة المحتَضَرين، وملاحظة سكرات الموت ونزعاته وتأمُلَ صورة الميت بعد مماته، مما يقطع على النفوس لذاتها ويطرد عن القلوب مسراتها ويمسح الأجفان من النوم والأبدان من الراحة ويبعث على العمل ويزيد في الاجتهاد.
ذُكر عن الحسن البصري -رحمه الله-: أنه دخل على مريض يعوده فوجده في سكرات الموت فنظر إلى كربه وشدة ما نزل به، فرجع إلى أهله بغير اللون الذي خرج به من عندهم، فقالوا له الطعام يرحمكم الله، فقال: "يا أهلاه! عليكم بطعامكم وشرابكم فوالله لقد رأيت مصرعا لا أزال أعمل له حتى ألقاه".
وقال اللبيدي: "وجدت بعد موت أبي إسحاق الجبنياني -رحمه الله- رُقعة تحت حصيرة مكتوبة بخطه: "رجل وقف له هاتف فقال له أحسن.. أحسن عملك فقد دنى أجلُك"، فقال لي ولده عبد الرحمن إنه كان إذا قصّر في العمل أخرج الرقعة فنظر فيها ورجع إلى جِدِّه".
مازال يلهج بالرحيل وذكره *** حتى أناخ ببابه الجمّـــــــال فأصابه متيقـظــا مـتـشـمرا *** ذا أهبة لم تلهه الآمــــــــال
إن الذي يعيش مترقبًا النهاية يعيش مستعدًا لها فيقِل عند الموت حسرته، قال شقيق البلخي -رحمه الله تعالى-: "استعد إذا جاءك الموت ألا تسأل الرجعة، وإن من لم يستعد للموت فموته موت فجأة وإن رقد على فراشه سنة".
وعن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن من أمارات الساعة أن يظهر موت الفجأة".
الراوي: أنس بن مالك | المحدث: الدارقطني | المصدر: البدر المنير الصفحة أو الرقم: 9/511 | خلاصة حكم المحدث: يرويه الشعبي مرسلا.
وكان مصداق هذا الحديث ما يشيع الآن في زماننا من انتشار موت الفجأة المسمى (بالسكتة القلبية)، حيث يفاجئ الموتُ كثيراً من الناس ومنهم شباب في ريعان شبابهم بغير سبب من مرض أو غيره، الأمر الذي يستدعي مزيداً من اليقظة والتأهب للقاء الله تعالى. اغتنم في الفراغ فضـــل ركوع *** فعسى أن يكون موتك بغتة كم صحيح رأيت من غير سقــم *** ذهبت نفسه الصحيحة فلتة ومــــشيـــدا دار ليسكــــن داره *** سكن القبور وداره لم يسكن
قال بعض العلماء: الشيب أذان والموت إقامة، ولست على طهارة، والعمر صلاة والموت تسليم.
نسأل الله أن يجعل خير عمرنا آخره وخير عملنا خواتمه، وخير أيامنا يوم نلقاه تبارك وتعالى.
أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم.
سبحانك اللهم ربنا وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك.
الرابط:
http://almukaddem.com/discharges/98 |
|