منتديات إنما المؤمنون إخوة (2024 - 2010) The Believers Are Brothers

(إسلامي.. ثقافي.. اجتماعي.. إعلامي.. علمي.. تاريخي.. دعوي.. تربوي.. طبي.. رياضي.. أدبي..)
 
الرئيسيةالأحداثأحدث الصورالتسجيل
(وما من كاتب إلا سيبلى ** ويبقى الدهر ما كتبت يداه) (فلا تكتب بكفك غير شيء ** يسرك في القيامة أن تراه)

IZHAR UL-HAQ

(Truth Revealed) By: Rahmatullah Kairanvi
قال الفيلسوف توماس كارليل في كتابه الأبطال عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "لقد أصبح من أكبر العار على أي فرد مُتمدين من أبناء هذا العصر؛ أن يُصْغِي إلى ما يظن من أنَّ دِينَ الإسلام كَذِبٌ، وأنَّ مُحَمَّداً -صلى الله عليه وسلم- خَدَّاعٌ مُزُوِّرٌ، وآنَ لنا أنْ نُحارب ما يُشَاعُ من مثل هذه الأقوال السَّخيفة المُخْجِلَةِ؛ فإنَّ الرِّسَالة التي أدَّاهَا ذلك الرَّسُولُ ما زالت السِّراج المُنير مُدَّةَ اثني عشر قرناً، لنحو مائتي مليون من الناس أمثالنا، خلقهم اللهُ الذي خلقنا، (وقت كتابة الفيلسوف توماس كارليل لهذا الكتاب)، إقرأ بقية كتاب الفيلسوف توماس كارليل عن سيدنا محمد -صلى الله عليه وسلم-، على هذا الرابط: محمد بن عبد الله -صلى الله عليه وسلم-.

يقول المستشرق الإسباني جان ليك في كتاب (العرب): "لا يمكن أن توصف حياة محمد بأحسن مما وصفها الله بقوله: (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِين) فكان محمدٌ رحمة حقيقية، وإني أصلي عليه بلهفة وشوق".
فَضَّلَ اللهُ مِصْرَ على سائر البُلدان، كما فَضَّلَ بعض الناس على بعض والأيام والليالي بعضها على بعض، والفضلُ على ضربين: في دِينٍ أو دُنْيَا، أو فيهما جميعاً، وقد فَضَّلَ اللهُ مِصْرَ وشَهِدَ لها في كتابهِ بالكَرَمِ وعِظَم المَنزلة وذَكَرَهَا باسمها وخَصَّهَا دُونَ غيرها، وكَرَّرَ ذِكْرَهَا، وأبَانَ فضلها في آياتٍ تُتْلَى من القرآن العظيم.
المهندس حسن فتحي فيلسوف العمارة ومهندس الفقراء: هو معماري مصري بارز، من مواليد مدينة الأسكندرية، وتخرَّجَ من المُهندس خانة بجامعة فؤاد الأول، اشْتُهِرَ بطرازهِ المعماري الفريد الذي استمَدَّ مَصَادِرَهُ مِنَ العِمَارَةِ الريفية النوبية المَبنية بالطوب اللبن، ومن البيوت والقصور بالقاهرة القديمة في العصرين المملوكي والعُثماني.
رُبَّ ضَارَّةٍ نَافِعَةٍ.. فوائدُ فيروس كورونا غير المتوقعة للبشرية أنَّه لم يكن يَخطرُ على بال أحَدِنَا منذ أن ظهر وباء فيروس كورونا المُستجد، أنْ يكونَ لهذه الجائحة فوائدُ وإيجابيات ملموسة أفادَت كوكب الأرض.. فكيف حدث ذلك؟!...
تخليص الإبريز في تلخيص باريز: هو الكتاب الذي ألّفَهُ الشيخ "رفاعة رافع الطهطاوي" رائد التنوير في العصر الحديث كما يُلَقَّب، ويُمَثِّلُ هذا الكتاب علامة بارزة من علامات التاريخ الثقافي المصري والعربي الحديث.
الشيخ علي الجرجاوي (رحمه الله) قَامَ برحلةٍ إلى اليابان العام 1906م لحُضُورِ مؤتمر الأديان بطوكيو، الذي دعا إليه الإمبراطور الياباني عُلَمَاءَ الأديان لعرض عقائد دينهم على الشعب الياباني، وقد أنفق على رحلته الشَّاقَّةِ من مَالِهِ الخاص، وكان رُكُوبُ البحر وسيلته؛ مِمَّا أتَاحَ لَهُ مُشَاهَدَةَ العَدِيدِ مِنَ المُدُنِ السَّاحِلِيَّةِ في أنحاء العالم، ويُعَدُّ أوَّلَ دَاعِيَةٍ للإسلام في بلاد اليابان في العصر الحديث.

أحْـلامٌ مِـنْ أبِـي (باراك أوباما) ***

 

 تهذيب أحكام الحَجِّ فِي السَّفَرِ وشيءٍ مِنْ آدَابِهِ وأحْكَامِهِ

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 52691
العمر : 72

تهذيب أحكام الحَجِّ فِي السَّفَرِ وشيءٍ مِنْ آدَابِهِ وأحْكَامِهِ Empty
مُساهمةموضوع: تهذيب أحكام الحَجِّ فِي السَّفَرِ وشيءٍ مِنْ آدَابِهِ وأحْكَامِهِ   تهذيب أحكام الحَجِّ فِي السَّفَرِ وشيءٍ مِنْ آدَابِهِ وأحْكَامِهِ Emptyالثلاثاء 14 أغسطس 2018, 5:14 pm

تهذيب أحكام الحَجِّ فِي السَّفَرِ وشيءٍ مِنْ آدَابِهِ وأحْكَامِهِ 62010
تهذيب أحكام الحَجِّ فِي السَّفَرِ وشيءٍ مِــــنْ آدَابِهِ وأحْكَــامِهِ
الشيخ: عبد الرحمن بن محمد بن علي الهرفي
غَفَـــــرَ اللهُ له ولوالديه ولجميـــــع المسلمــين

السَّفَر:
هو مُفارقة الوطن، ويكون لأغراض كثيرة؛ دينية ودنيوية.

حُكْمُه:
حُكْمُ الغرض الذي أُنشىءَ من أجله:
فإن أُنشىءَ لعبادةٍ كان عبادة؛ كسفر الحج والجهاد، وإن أُنشىء لشيءٍ مُباح كان مُباحاً: كالسفر للتجارة المُباحة، وإن أُنشىئ لعملٍ مُحَرَّمٍ كان حراماً كالسَّفر للمعصية والفساد في الأرض، وهل له أن يترخَّص برُخص السَّفر أم لا؟ خلاف، والمذهب أنه لا يترخَّص.

وينبغي لِمَنْ سافر للحج أو غيره من العبادات أن يعتني بما يلي:
1.    إخلاص النية لله -عز وجل-، بأن ينوي التقرب إلى الله عز وجل في جميع أحواله لتكون أقواله وأفعاله ونفقاته مقربة له إلى الله سبحانه وتعالى، تزيد في حسناته، وتكفّر سيئاته، وترفع درجاته.

قال النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لسعد بن أبي وقاص -رضي الله عنه-: “إنك لن تُنفق نفقة تبتغي بها وجه الله إلا أُجِرْتَ عليها حتى ما تجعله في فِيِّ امرأتك»، مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

2.    أن يحرص على القيام بما أوجب الله عليه من الطاعات واجتناب المحرمات، فيحرص على إقامة الصلاة جماعةً في أوقاتها، وأما صلاة التطوع، فيتطوع المسافر بما يتطوع به المقيم، فيصلي صلاة الضحى وقيام الليل والوتر وغيرها من النوافل سوى راتبة الظهر والمغرب والعشاء فالسُّنَّة أن لا يُصليها.

3.    النصيحة لرفقائه وأمرهم بالمعروف ونهيهم عن المنكر، ودعوتهم إلى الله عز وجل بالحكمة والموعظة الحسنة.

4.    يحرص كذلك على اجتناب المُحَرَّمَاتِ القولية والفعلية، فيجتنب الكذب والغيبة والنميمة والغش والغدر، وغير ذلك من معاصي الله -عز وجل-، خاصة مع كثرة الحجاج والاختلاط بهم مما قد يثير الكثيرين.

5.    أن يتخلق بالأخلاق الفاضلة من الكرم بالبدن والعلم والمال، فيُعين من يحتاج إلى العون والمساعدة.

6.    ينبغي أن يكون في ذلك كله طَلْقَ الوجه، طيب النفس، رضي البال، حريصاً على إدخال السرور على رفقته ليكون أليفا مألوفا.

7.    ينبغي أن يصبر على ما يحصل من جفاء رفقته ومخالفتهم لرأيه، ويداريهم بالتي هي أحسن، ليكون محترماً بينهم، مُعظّماً في نفوسهم.

8.    أن يقول عند سفره وفي سفره ما ورد عن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-؛ فمن ذلك: إذا وضع رجله في مركوبه فليقل: بسم الله، فإذا ركب واستقر عليه فليذكر نعمة الله عليه بتيسير هذا المركوب له، ثم ليقل: الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر “سُبْحَـنَ الَّذِى سَخَّرَ لَنَا هَـذَا وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ * وَإِنَّآ إِلَى رَبِّنَا لَمُنقَلِبُونَ» اللهم إنا نسألك في سفرنا هذا البرَّ والتقوى، ومن العمل ما ترضى، اللهم هوِّن علينا سفرنا هذا واطو عنا بُعدَه، اللهم أنت الصاحب في السفر، والخليفة في الأهل، اللهم إني أعوذ بك من وعثاء السفر، وكآبة المنظر، وسوء المنقلب في المال والأهل.

9.    ينبغي أن يُكبر كلما صعد مكاناً عُلواً، ويُسبح إذا هبط مكاناً منخفضاً.

وإذا نزل منزلاً فليقل:
أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق فمن نزل منزلاً ثم قالها لم يضُرُّهُ شيءٌ حتى يرتحل من منزله ذلك.

تعريف الحج
قال الراغب الأصفهاني: أصل الحَجِّ القصد للزيارة...

قال للمخبل السَّعدي:
وأشهــد مــن عــون حلولاً كثيرةً
يحُجُّـونَ بيت الزَّبرقان المُعصفرا


خص في تعارف الشرع بقصد بيت الله تعالى إقامة للنسك، فقيل:
الحِجُّ والحَجُّ، فالحج مصدر، والحج اسم، ويوم الحج الأكبر يوم النحر، ويوم عرفة، وروي: (العمرة الحج الأصغر) (هذا مروي عن ابن عباس، وأخرجه عنه ابن أبي شيبة وابن أبي حاتم قال: العمرة الحجة الصغرى.

وأخرج الشافعي في الأم عن عبد الله بن أبي بكر أن في الكتاب الذي كتبه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لعمرو بن حزم: (إن العمرة هي الحج الأصغر) (1).

وقال شيخ الإسلام: الحج معناه في أصل اللغة قصد الشئ وإتيانه ومنه سمي الطريق محجة لأنه موضع الذهاب والمجئ ومنه الحجة والحاجة.

وقال بعض أهل اللغة:
هو القصد إلى من يعظم.

قال الشيخ:
ثم غلب في الاستعمال الشَّرعي والعُرفي على حَجِّ بيت الله فلا يُفهم على الإطلاق إلا هذا النوع الخاص من القصد (2).

قال ابن حجر:
الحج في الشرع القصد إلى البيت الحرام بأعمال مخصوصة (3).

حكم الحج:
فرض قوله تعالى: “لله على الناس حج البيت لمن استطاع له سبيلا» وقوله -صلى الله عليه وسلم- في حديث جبريل الطويل: “والحج لمن استطاع له سبيلا..”.

ونقل ابن المنذر الإجماع عليه إلا أن ينذر نذراً فيجب عليه الوفاء.

في مسلم عن أبي هريرة:
“خطبنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال: يا أيها الناس قد فرض الله عليكم الحَجَّ فحُجُّوا. فقال رجل: أكلّ عامٍ يا رسول الله؟ فسكت حتى قالها ثلاثاً فقال: لو قلت نعم لوجبت ولما استطعتم”، دل على أنه فرض وأن الأمر لا يفيد التكرار وأن النبي له أن يجتهد وكلامه شرع، وأن الأصل في أمره الوجوب والكلام مع الخطيب لمصلحة يجوز.

حكم تاركه:
ذكر ابن رجب في شرح الأربعين: ذهب طائفة من العلماء إلى أن من ترك شيئاً من أركان الإسلام عمداً أنه كافر، روي عن ابن جبير ونافع والحكم ورواية عن أحمد اختارها بعض أصحابه وهو قول ابن حبيب من المالكية.

روى الترمذي من طريق الحارث عن علي مرفوعاً من مَلَك زاداً وراحلة تبلغه إلى بيت الله ولم يحج فلا عليه أن يموت يهودياً أو نصرانياً.

قال أبو عيسى:
غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه وفي إسناده مقال وهلال بن عبد الله مجهول والحارث يضعف وله طرق ضعيفة؛ لكن جاء عند البيهقي وسعيد بن منصور عن عمر "لقد هممت أن أبعث رجالاً" وإذا جمعت هذا إلى ما قبله علمت أن له أصلاً ومحمله على من استحل الترك وتبين بذلك خطأ من ادعى أنه موضوع، قال ابن كثير 2/84 [ومن كفر] عن ابن عباس ومجاهد من جحد فريضة الحج، أما قول عمر فعند الإسماعيلي عنه بسند صحيح.

فرضه:
الأظهر أنه فرض سنة 9هـ، وهو رواية عن أحمد، قال الحافظ ابن حجر: ولم يحج النبي إلا حجة واحدة أما ما جاء عنه أنه حج حجتين بعد الهجرة فكلها منكرة جزم بنكارتها أحمد والبخاري والترمذي.

5- هل هو على الفور أم على التراخي؟
اختلفوا على قولين:
1.    على الفور ومن قدر بماله وبدنه ولم يحج فهو آثم وهذا مذهب مالك وأبو حنيفة وأحمد وهو قول أهل الظاهر.
2.    على التراخي وهو مذهب الشافعي ومذهب محمد بن الحسن لأن الحج فرض سنة 6هـ والنبي عليه الصلاة والسلام تأخر إلى عام 10هـ.


واستدل الجمهور بالعمومات والأصل في الأمر أنه على الفور ما لم يصرفه صارف وأن فرض الحج كان سنة 9هـ أو 10هـ، وعلى فرض أنه سنة 6هـ لم يتأخر النبي إلا لأجل أن يتمحض الحج للمسلمين.

واستدلوا بأحاديث الحث على التعجل للحج منها:
"من أراد الحج فليتعجل" رواه أحمد وأبو داوود والبيهقي.

ومن الأعذار في عدم المبادرة به لأن مكة لم تفتح يومئذ أو حتى يستدير الزمان كهيئته، والأوامر الشرعية والفرائض على الفور إلا قضاء رمضان فإنه موسع، ولأن المبادرة أبرأ للذمة، ورجح أنه على الفور شيخ الإسلام وابن القيم.

وقوله من أراد الحج فليتعجل ليست الإرادة هنا على التخيير مثل من أراد الصلاة فليتوضأ مثل: {لمن شاء منكم أن يستقيم}.

ومما يدل على الوجوب على الفورية أنه لو مات لأثم وقضي عنه فدل على أنه يبادر به لئلا يأثم.

قال الشيخ محمد الأمين الشنقيطي:
أظهر القولين عندي وأليقهما بعظمة خالق السموات والأرض هو وجوب الحج على الفور.

في شروط الحج
الشرط الأول: أن يكون مسلماً
بمعنى أن الكافر لا يجب عليه الحج قبل الإسلام، وإنما نأمره بالإسلام أولاً، ثم بعد ذلك نأمره بفرائض الإسلام، لأن الشرائع لا تُقبل إلا بالإسلام

الشرط الثاني: العقل
فالمجنون لا يجب عليه الحج ولا يصح منه لأن الحج لا بد فيه من نية وقصد، ولا يمكن وجود ذلك من المجنون.

قال الشيخ محمد بن إبراهيم:
الذي ولد مجنوناً؛ وعاش هكذا حتى مات لا يجب على وليه إقامة مَنْ يَحُجَّ عنه لقوله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- “رفع القلم عن ثلاث...” (4).

الشرط الثالث: البلوغ
ويحصل البلوغ في الذكور بواحد من أمور ثلاثة:
1 ـ الإنزال، أي إنزال المني لقوله تعالى: «وَإِذَا بَلَغَ الاٌّطْفَالُ مِنكُمُ الْحُلُمَ فَلْيَسْتَأْذِنُواْ كَمَا اسْتَأْذَنَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ كَذلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ ءَايَـتِهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ”، وقول النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: “غُسل الجمعة واجب على كل محتلم» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

2 ـ نباتُ شعر العانة، وهو الشعر الخشن يَنبت حول القُبل لقول عطية القرظي -رضي الله عنه-، عُرضنا على النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يوم قُريظة، فمن كان محتلماً أو أَنبتَ عانته قُتِل ومَنْ لا تُرِك.

3 ـ تمام خمس عشرة سنة، لقول عبدالله بن عمر -رضي الله عنهما-، عُرضت على النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يوم أُحد وأنا ابن أربعَ عشرة سنةٌ فلم يُجزني، زاد البيهقي وابن حبان: ولم يَرَني بلغتُ، وعُرضت عليه يوم الخندق وأنا ابن خمس عشرة سنة فأجازني، وفي رواية للبيهقي وابن حبان: ورآني بلغت.

قال نافع:
فَقدِمتُ على عمر بن عبدالعزيز وهو خليفة فحدّثته الحديث، فقال: “إن هذا الحد بين الصغير والكبير، وكتب لعماله أن يفرضوا -يعني من العطاء- لِمَنْ بلغ خمس عشرة سنة». رواه البخاري.

4 ـ ويحصل البلوغ في الإناث بما يحصل به البلوغ في الذكور، وزيادة أمر رابع، وهو الحيضُ، فمتى حاضت فقد بلغت وإن لم تبلغ عشر سنين.

فلا يجب الحج على من دون البلوغ لصغر سنه، وعدم تحمُّله أعباء الواجب غالباً، ولقول النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: “رُفع القلم عن ثلاثة؛ عن النائم حتى يستيقظ، وعن الصغير حتى يَكبُر، وعن المجنون حتى يفيق»، رواه أحمد وأبو داود والنسائي وصححه الحاكم.

لكن يصح الحج من الصغير الذي لم يبلغ لحديث ابن عباس -رضي الله عنهما- أن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لقي رَكباً بالروحاء -اسم موضع- فقال: «مَنْ القوم؟» قالوا: المسلمون، فقالوا: من أنت؟ قال: “رسول الله»، فرفعت إليه امرأة صبياً فقالت: ألهذا حج؟ قال: “نعم ولكِ أجر»، رواه مسلم، والأجر ثابت للصغير لذا لم يذكره النبي -صلى الله عليه وسلّم- وذكر للولي الأجر.

وإذا أثبت النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- للصبي حجاً ثبت جميع مقتضيات هذا الحج فليُجنَّب جميع ما يجتنبه المُحرم الكبير من محظورات الإحرام، إلا أن عمدَه خطأٌ، فإذا فعل شيئاً من محظورات الإحرام فلا فدية عليه ولا على وليِّه.

الشرط الرابع: الحرية
فلا يجب الحج على مملوك لعدم استطاعته.

الشرط الخامس: الاستطاعة بالمال والبدن
بأن يكونَ عنده مال يتمكن به من الحج ذهاباً وإياباً ونفقة، ويكون هذا المال فاضلاً عن قضاء الديون والنفقات الواجبة عليه، وفاضلاً عن الحوائج التي يحتاجها من المطعم والمشرب والملبس والمنكح والمسكن ومتعلقاته وما يحتاج إليه من مركوب وكُتبِ علمٍ وغيرها، لقوله تعالى: «وَللَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَـعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ الله غَنِىٌّ عَنِ الْعَـلَمِينَ».

ومن الاستطاعة أن يكون للمرأة مَحْرَمٌ، فلا يجب أداء الحج على من لا محرم لها لامتناع السفر عليها شرعاً، رماً لبناتها وإن نزلن.

فإن لم يكن الإنسان مستطيعاً بماله فلا حج عليه، وإن كان مستطيعاً بماله عاجزاً ببدنه؛ نظرنا.

فإن كان عجزاً يُرجى زواله كمرض يُرجى أن يزول، انتظر حتى يزول، ثم يُؤدي الحج بنفسه.

وإن كان عجزا لا يُرجى زواله، كالكبر والمرض المُزمن الذي لا يُرجى برؤه، فإنه يُنيب عنه من يقوم بأداء الفريضة عنه لحديث ابن عباس -رضي الله عنهما- أن امرأة من خثعم قالت: “يا رسول الله إن أبي أدركته فريضةُ الله في الحج شيخاً كبيراً لا يستطيع أن يستوي على ظهر بعيره، قال: “حجي عنه» رواه الجماعة.

فإن شفي بعد ذلك فلا يلزمه حج آخر وهو اختيار الشنقيطي: وقال الشيخ محمد الأمين الشنقيطي: قوله تعالى: “وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى” [البقرة: 197] دليل ظاهر على حرمة خروج الإنسان حاجاً بلا زاد ليسأل الناس، فقيراً كان أو غنياً.

قال الموفق ابن قدامة: متى أحج المريض عن نفسه، ثم عوفي، لم يجب عليه حج آخر لأنه أتى بما أمر به فخرج من العهدة.

هذه شروط الحج التي لابد من توافرها لوجوبه.


تهذيب أحكام الحَجِّ فِي السَّفَرِ وشيءٍ مِنْ آدَابِهِ وأحْكَامِهِ 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 52691
العمر : 72

تهذيب أحكام الحَجِّ فِي السَّفَرِ وشيءٍ مِنْ آدَابِهِ وأحْكَامِهِ Empty
مُساهمةموضوع: رد: تهذيب أحكام الحَجِّ فِي السَّفَرِ وشيءٍ مِنْ آدَابِهِ وأحْكَامِهِ   تهذيب أحكام الحَجِّ فِي السَّفَرِ وشيءٍ مِنْ آدَابِهِ وأحْكَامِهِ Emptyالثلاثاء 14 أغسطس 2018, 5:18 pm

في المواقيت وأنواع الأنساك
المواقيت نوعان: زمانية ومكانية.

فالزمانية للحج خاصة:
أما العمرة فليس لها زمن معين لقوله تعالى: «الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَّعْلُومَـتٌ فَمَن فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلاَ رَفَثَ وَلاَ فُسُوقَ وَلاَ جِدَالَ فِي الْحَجِّ وَمَا تَفْعَلُواْ مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللَّهُ وَتَزَوَّدُواْ فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِ يأُوْلِي الأَلْبَـبِ» وهي ثلاثةٌ شوال وذو القعدة وذو الحجة.

وأما المكانية فهي خمسة:
وقّتها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ففي “الصحيحين» من حديث ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: “وقّت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لأهل المدينة النبوية -شرفها الله- ذا الحُليفة، ولأهل الشام الجُحفة، ولأهل نجد قَرن المنازل، ولأهل اليمن يَلَملَم، فهنّ لهنّ ولمن أتى عليهنّ من غير أهلهنّ لمن كان يريد الحج والعمرة، فمن كان دونهنّ فمَهِلُّه من أهلِه، وكذلك حتى أهل مكة -حرسها الله- يُهلُّون منها».

وعن عائشة -رضي الله عنها- أن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وقّت لأهل العراق (ذات عِرْق) رواه أبو داود والنسائي.

فالأول: ذو الحليفة ويسمى (أبيار علي)
وهو ميقات أهل المدينة النبوية -شرَّفها الله- ومن مرّ به من غيرهم.

الثاني: الجحفة
وهي قرية قديمة، وقد خربت فصار الناس يُحرمون من رابغ، وهي ميقات أهل الشام ومن مر بها من غيرهم

الثالث: قرن المنازل؛ ويسمى (السيل)
وهو ميقات أهل نجد ومن مر به من غيرهم.

الرابع: يلملم
وهو جبل أو مكان بتهامة، بينه وبين مكة -حرسها الله- نحو مرحلتين، ويسمى (السعدية) وهو ميقات أهل اليمن ومن مر به من غيرهم.

الخامس: ذات عرق
ويسمى عند أهل نجد (الضريبة) (5)، وهي لأهل العراق ومن مر بها من غيرهم.

وَمَن كان أقربَ إلى مكة -حرسها الله- من هذه المواقيت فميقاته مكانه فَيُحرم منه، حتى أهل مكة -حرسها الله- يحرِمون من مكة -حرسها الله-، إلا في العمرة فيحرم من كان في الحَرَم من أدنى الحلّ لأن النبي -صلى الله عليه وسلّم- قال لعبدالرحمن بن أبي بكر: “اخْرُج بأُختِك -يعني عائشة لَمَّا طلبت منه العُمْرَةَ- من الحَرَم فَلتُهِل بعُمْرَة» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

ومن كان طريقه يميناً أو شمالاً من هذه المواقيت فإنه يحرم إذا حاذى أقرب المواقيت إليه، فإن لم يُحاذِ ميقاتاً مثل أهل سواكنَ في السودان ومن يمر من طريقهم فإنهم يحرمون من جُدّة.

ولا يجوز لمن مر بهذه المواقيت وهو يريد الحج أو العمرة أن يتجاوزها إلا محرماً أو يرجع لأحدها قال سماحة الشيخ عبدالعزيز ابن باز: (من جاوز الميقات بلا إحرام وجب عليه الرجوع فإن لم يرجع فعليه دم وهو سبع بقرة أو سبع بدنه أو رأس من الغنم يجزئ في الأضحية إذا كان حين مر على الميقات ناوياً الحج أو العمرة لحديث ابن عباس -رضي الله عنهما- الثابت في الصحيحين) وقال الشيخ محمد الأمين الشنقيطي: (من جاوز الميقات ثم عاد قبل الإحرام فلا شيء عليه، فإن عاد محرماً فعليه دمٌ لأنه أحرم بعد الميقات).

وعلى هذا فإذا كان في الطائرة وهو يُريد الحج أو العمرة، وجب عليه الإحرام إذا حاذى الميقات من فوقه، فيتأهب ويلبس ثياب الإحرام قبل محاذاة الميقات، فإذا حاذاه عقد نية الإحرام فوراً، فإن لم يستطع لبس الإحرام تخلص من أكبر قدر من الثياب ويكمل الباقي متى ما استطاع وهل عليه دم أم لا؟ فهي خلاف والأقرب أنه اذا لم يفرط فلا شيئ عليه، وإلا فعليه دم لعموم قول ابن عباس -رضي الله عنهما- (من نسي واجباً أو تركه فليهرق دماً).

ولا يجوز له تأخيره إلى الهبوط في جُدّة لغير عذر، لأن ذلك من تعدي حدود الله تعالى، وقد قال سبحانه: «وَمَن يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ”، «وَمَن يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَأُوْلَـئِكَ هُمُ الظَّـلِمُونَ اللَّهِ فَأُوْلَـئِكَ هُمُ الظَّـلِمُونَ فَأُوْلَـئِكَ هُمُ الظَّـلِمُونَ”، «وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَاراً خَـلِداً فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُّهِينٌ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَاراً خَـلِداً فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُّهِينٌ».

ومن مَرّ بالمواقيت وهو لا يريد حَجّاً ولا عمرة، ثم بدا له بعد ذلك أن يعتمر أو يحج فإنه يُحرم من المكان الذي عزم فيه على ذلك لأن في “الصحيحين» من حديث ابن عباس -رضي الله عنهما- في ذكر المواقيت قال: ومن كان دون ذلك فَمِن حيث أنشأ، وإذا مرّ بهذه المواقيت وهو لا يريد الحج ولا العمرة وإنما يريد مكة -حرسها الله- لغرض آخر كطلب علم، أو زيارة قريب، أو علاج مرض، أو تجارة أو نحو ذلك فإنه لا يجب عليه الإحرام إذا كان قد أدى الفريضة (6)، لحديث ابن عباس السابق وفيه: “هن لهن ولمن أتى عليهن من غير أهلهن لمن كان يريد الحج والعمرة»، فإن مفهومه أن من لا يريدهما لا يجب عليه الإحرام.

وإرادة الحج والعمرة غير واجبة على من أدى فريضتهما، وهما لا يجبان في العُمرِ إلا مرة واحدة، لقول النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حين سُئل هل يجب الحج كل عام؟ قال: “الحج مرة فما زاد فهو تطوع».

والعمرة كالحج لا تجب إلا مرة في العمر.

لكن الأولى لمن مر بالميقات أن لا يدع الإحرام بعمرة أو حج إن كان في أشهرهِ، وإن كان قد أدى الفريضة ليحصل له بذلك الأجر العظيم لقوله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: “العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة».

أنواع الأنساك ثلاثة:
الأول: التمتع بالعمرة إلى الحج
وهو أن يُحرم في أشهر الحج بالعمرة وحدها، ثم يفرغ منها بطواف والسعي وتقصير، ويحل من إحرامه، ثم يحرم بالحج في وقته من ذلك العام، بشرط ألا يرجع إلى أهله فإن رجع انقطع التمتع ثم عليه طواف وسعي آخر.

الثاني: القِرَان
وهو أن يحرم بالعمرة والحج جميعاً، أو يُحرم بالعمرة أولاً ثم يُدخل الحج عليها قبل الشروع في طوافها فإذا وصل إلى مكة -حرسها الله- طاف طواف القدوم، وسعى بين الصفا والمروة للعمرة والحج سعياً واحداً، ثم استمرّ على إحرامه حتى يُحل منه يوم العيد.

ويجوز أن يؤخر السعي عن طواف القدوم إلى ما بعد طواف الحج، لا سيما إذا كان وصوله إلى مكة -حرسها الله- متأخراً وخاف فوات الحج إذا اشتغل بالسعي.

الثالث: الإفراد
وهو أن يُحرم بالحج مفرداً، فإذا وصل مكة -حرسها الله- طاف طواف القدوم إن أراد، وسعى للحج، واستمر على إحرامه حتى يحل منه يوم العيد. ويجوز أن يؤخر السعي إلى ما بعد طواف الحج كالقارن.

وبهذا تبين أن عمل المُفرد والقارن سواء، إلا أن القارن عليه الهَدْي لحصول النُّسُكين له دون المفرد.

هذا وقد يُحرم الحاج بالعمرة متمتعاً بها إلى الحج، ثم لا يتمكن من إتمامها قبل الوقوف بعرفة، ففي هذه الحال يدخل الحج على العمرة قبل الشروع في طوافها ويصير قارناً...

ولذلك مثالان:
المثال الأول:
امرأةٌ أحرمت بالعمرة متمتعة بها إلى الحج، فحاضت أو نَفِست قبل أن تطوف، ولم تَطهر قبل وقت الوقوف بعرفة، فإنها تُحرم بالحج وتصير قارنة، وتفعل ما يفعله الحاج، غير أنها لا تطوف بالبيت، ولا تسعى بين الصفا والمروة حتى تطهر وتغتسل.

المثال الثاني:
شخص أحرم بالعمرة متمتعاً بها إلى الحج، فلم يتمكن من الدخول إلى مكة -حرسها الله- قبل وقت الوقوف بعرفة، فإنه يُدخِلُ الحج على العمرة ويصير قارناً لتعذُّر إكمال العمرة منه.

أفضل الأنساك:
أختلف أهل العلم في أفضل الأنساك فذهب ابن عباس -رضي الله عنهما- وابن القيم ومن المعاصرين الألباني -رحمهما الله- إلى وجوب التمتع، والصحيح خلافه، وذهب الحنابلة إلى أن التمتع أفضل والحنفية أن القِرَان أفضل والمالكية الشافعية أن الإفراد أفضل.

وقد رجَّحَ شيخ الإسلام قولاً لطيفاً جمع فيه بين الأقوال المروية عن أهل العلم فقال:
(فالتحقيق فى ذلك أنه يتنوع باختلاف حال الحاج فإن كان يسافر سفرة للعمرة وللحج سفرة أخري أو يسافر إلى مكة قبل أشهر الحج ويعتمر ويقيم بها حتى يحج فهذا الإفراد له أفضل باتفاق الأئمة الأربعة، وأما إذا فعل ما يفعله غالب الناس وهو أن يجمع بين العمرة والحج فى سفرة واحدة ويقدم مكة في أشهر الحج فهذا إن ساق الهَدْي فالقِرَان أفضل له، وإن لم يسق الهَدْي فالتحلل من إحرامه بعمرة أفضل) (7).

وذهب سماحة الشيخ محمد الأمين الشنقيطي:
للقول بأن الإفراد أفضل بأدلة وقد قال: (هذا فعل الخلفاء الراشدين الثلاثة أبي بكر وعمر وعثمان -رضي الله عنهم-  فقد حَجُّوا بالناس مُفردين، ومدة هؤلاء الخلفاء حول أربع وعشرين سنة وهم يَحُجُّونَ بالناس مُفردين، ولو لم يكن الإفراد أفضل من غيره لما واظبوا عليه هذه المدة الطويلة) (8) وقال بنحو قوله النووي (9) والقول بأن الإفراد أفضل قول قوي جداً.

فيما يجب به الهَدْي من الأنساك، وما صفة الهَدْي
1.    لا يجب الهَدْي على المتمتع والقارن إلا بشرط أن لا يكونا من حاضري المسجد الحرام، أي: لا يكونا من سكان مكة -حرسها الله- أو الحرم، فإن كانوا من سكان مكة -حرسها الله- أو الحرم فلا هدي عليهم لقوله تعالى: «ذَلِكَ لِمَن لَّمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِى الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَاتَّقُواْ اللَّهَ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ».

ويلزم الهَدْي أهل جُدّة إذا أحرموا بتمتع أو قِران، لأنهم ليسوا من حاضري المسجد الحرام.

ومَن كان مِن سُكان مكة -حرسها الله- ثم سافر إلى غيرها لطلب علم أو غيره، ثم رجع إليها متمتعاً أو قارناً فلا هدي عليه لأن العبرة بمحل إقامته ومسكنه وهو مكة -حرسها الله-.

أما إذا كان من أهل مكة -حرسها الله- ولكن انتقل للسكنى في غيرها ثم رجع إليها متمتعاً أو قارناً فإنه يلزمه الهَدْي، لأنه حينئذ ليس من حاضري المسجد الحرام.

ومتى عَدِمَ المتمتع والقارن الهَدْي أو ثمنه بحيث لا يكونُ معه من المال إلا ما يحتاجه لنفقته ورجوعه فإنه يسقط عنه الهَدْي، قال الشيخ الشنقيطي: (اعلم أن العاجز عن الهَدْي ينتقل للصوم ولو كان غنياً في بلده هذا هو الظاهر)، ويلزمه الصوم؛ لقوله تعالى: «فَمَن تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْىِ فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَـثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ تِلْكَ عَشَرَةٌ كَامِلَةٌ ذَلِكَ لِمَن لَّمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِى الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَاتَّقُواْ اللَّهَ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْىِ فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَـثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ تِلْكَ عَشَرَةٌ كَامِلَةٌ ذَلِكَ لِمَن لَّمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِى الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَاتَّقُواْ اللَّهَ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ».

قال سماحة الشيخ محمد الأمين: ( قد يترجح عند النظار عدم صوم أيام التشريق للمتمتع -الذي لم يجد الهَدْي- من وجهين: الأول: أن عدم صومها مرفوع رفعاً صريحاً، وصومها موقوف لفظاً ومرفوع حكماً على المشهور، والمرفوع صريحاً أولى بالتقديم من المرفوع حكماً، الآخر: أن الجواز والنهى إذا تعارضا قدم النهي).

ويجوز أن يصومها قبل ذلك، بعد الإحرام بالعمرة إذا كان يعرف من نفسه أنه لا يستطيع الهَدْي، لقول النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: “دخلت العمرة في الحج إلى يوم القيامة»، فمن صام الثلاثة في العمرة فقد صامها في الحج.

ويجوز أن يصوم هذه الثلاثة متوالية ومتفرقة، ولكن لا يؤخرها عن أيام التشريق فإن فعل قضاها.

وأما السبعة الباقية فيصومها إذا رجع إلى أهله إن شاء متوالية، وإن شاء متفرقة، لأن الله سبحانه أوجبها ولم يشرط أنها متتابعة.

قال سماحة الشيخ محمد الأمين:
الأظهر عندي أن من بدأ في صوم الثلاثة ثم وجد الهَدْي أنه لا يلزمه الرجوع للهدي لأنه دخل في الصوم بوجه جائز، وينبغي له أن ينتقل إلى الهَدْي (10).


تهذيب أحكام الحَجِّ فِي السَّفَرِ وشيءٍ مِنْ آدَابِهِ وأحْكَامِهِ 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 52691
العمر : 72

تهذيب أحكام الحَجِّ فِي السَّفَرِ وشيءٍ مِنْ آدَابِهِ وأحْكَامِهِ Empty
مُساهمةموضوع: رد: تهذيب أحكام الحَجِّ فِي السَّفَرِ وشيءٍ مِنْ آدَابِهِ وأحْكَامِهِ   تهذيب أحكام الحَجِّ فِي السَّفَرِ وشيءٍ مِنْ آدَابِهِ وأحْكَامِهِ Emptyالثلاثاء 14 أغسطس 2018, 5:28 pm

نوع الهَدْي:
فهو من الإبل أو البقر أو الغنم الضأن والمعز لقوله تعالى:
«وَلِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنسَكًا لِّيَذْكُرُواْ اسْمَ اللَّهِ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِّن بَهِيمَةِ الاٌّنْعَـمِ فَإِلَـهُكُمْ إِلَـهٌ وَحِدٌ فَلَهُ أَسْلِمُواْ وَبَشِّرِ الْمُخْبِتِينَ».

وبهيمة الأنعام هي الإبل والبقر والغنم.

وتجزئ الواحدة من الغنم في الهَدْي عن شخص واحد.

وتُجزئ الواحدة من الإبل أو البقر عن سبعة أشخاص لحديث جابر -رضي الله عنه- قال: “أَمَرَنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن نشتركَ في الإبل والبقر، كلُّ سبعةٍ منا في بَدَنة» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

وأما ما يجبُ أن يتوافر فيه:
فيجب أن يتوافر فيه شيئان:
1 ـ بلوغ السن الواجب وهو خمس سنين في الإبل، وسنتان في البقر، وسنة في المعز، وستة أشهر في الضأن، فما دون ذلك لا يُجزئ لقول النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: “لا تذبحوا إلا مُسنة إلا أن يَعسر عليكم فتذبحوا جذعةً من الضأن» رواه الجماعةُ إلا البخاري.

2 ـ السلامة من العيوب الأربعة التي أمر النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- باتقائها وهي:
ـ العوراء البيِّن عورها والعمياء أشد فلا تُجزىء.
ـ المريضة البيِّن مرضها بجرب أو غيره.
ـ العرجاء البيِّن ضلعها، والزمنى التي لا تمشي، ومقطوعة إحدى القوائم أشدُّ.
ـ الهزيلة التي لا مُخَّ فيها.


لما روى مالك في “الموطأ» عن البراء بن عازب -رضي الله عنه- أن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- سُئل: ماذا يُتقى من الضحايا، فأشار بيده وقال: أربعاً، وكان البراء يُشيُر بيده ويقولُ: يدي أقصر من يد رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، العرجاء البيِّن ضلعها، والعوراء البيِّن عَورها، والمريضة البيِّن مرضها، والعجفاء التي لا تُنقى.

فأما العيوب التي دون ذلك كعيب الأذن والقرن فإنها تُكره، ولا تمنع الإجزاء على القولِ الراجح.

وأما ما ينبغي أن يتوافر في الهَدْي، فينبغي أن يتوافر فيه السِّمَنُ والقوة وكبر الجسم وجمال المنظر، فكلما كان أطيب فهو أحب إلى الله عز وجل، وإن الله طيب لا يقبل إلا طيباً.

وأما مكان ذبح الهَدْي:
ففي منى، ويجوز في مكة -حرسها الله- وفي بقية الحرَم، لقول النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: “كل فجاج مكة -حرسها الله- منحرٌ وطريقٌ» رواه أبو داود.

وقال الشافعي رحمه الله:
الحرَم كله منحر؛ حيث نحر منه أجزأه في الحج والعمرة.

وعلى هذا فإذا كان ذبحُ الهَدْي بمكة -حرسها الله- أَفيد وأنفع للفقراء فإنه يذبح في مكة -حرسها الله-، إما في يوم العيد، أو في الأيام الثلاثة بعده.

ومَنْ ذبح الهَدْي خارج حدود الحرم في عرفة أو غيرها من الحِلِّ لم يُجزِئه على المشهور.

وأما وقت الذبح:
فهو يوم العيد إذا مضى قدر فعل الصلاة بعد ارتفاع الشمس قدرَ رُمحٍ إلى آخرِ أيام التشريق، لأن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- نحر هديه ضحى يوم العيد، ويُروى عنه صلى الله عليه وسلّم أنه قال: “كل أيام التشريق ذبح».

فلا يجوز تقديم ذبح هدي التمتع والقِرَان على يوم العيد ومن ذبح قبله فلا يجزئ، لأن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لم يذبح قبل يوم العيد وقال: «خُذوا عني مناسككم»، وكذلك لا يجوز تأخير الذبح عن أيام التشريق لخروج ذلك عن أيام النحر. ويجوز الذبح في هذه الأيام الأربعة ليلاً ونهاراً، ولكن النهار أفضل ويوم العيد أفضل وهكذا.

وأما كيفية توزيع الهَدْي:
فقد قال الله تعالى: «فَكُلُواْ مِنْهَا وَأَطْعِمُواْ الْبَآئِسَ الْفَقِيرَ»، (وأمر النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- في حجته من كل بدنة بقطعة فجُمعت في قدر فطبخت، فأكل من لحمها وشرب من مرقها) رواه مسلم.

فالسُّنَّة أن يأكل من هديه ويُطعم منه غيره ومال سماحة الشيخ محمد بن إبراهيم إلى وجوب الأكل منه وصرح به الشيخ محمد الأمين الشنقيطي -رحمهما الله-، ولا يجزئ أن يذبح الهَدْي ويرمي به بدون أن يتصدَّق منه وينتفع به، ولا يحصل به الإطعام الذي أمر الله به، إلا أن يكونَ الفقراء حوله فيذبحه ثم يُسلمه لهم، فحينئذ يبرأ منه.

في محظورات الإحرام
1.    مالا يجب فيها شيء:
•    عقد النكاح، لقول النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-:
«لا يَنكح المحرم ولا يُنكح ولا يخطب» رواه مسلم.

فلا يجوز للمُحرم أن يتزوج امرأةً ولا أن يعقدَ لها النكاحَ بولايةٍ ولا بوكالةٍ، ولا يخطبُ امرأةً حتى يُحِلَّ من إحرامه.

•    ولا تُزوَّج المرأةُ وهي محرمةٌ.
وعقدُ النكاح حالَ الإحرام فاسدٌ غير صحيح، لقول النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «مَن عمل عملاً ليس عليه أمُرنا فهو رد».

2.    ما يجب فيها المثل:
•    الصيد، قتل الصيد، والصيد:
كل حيوان بري حلال متوحش طبعاً كالظباء والأرانب والحمام، لقوله تعالى: «وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ مَا دُمْتُمْ حُرُماً وَاتَّقُواْ اللَّهَ الَّذِى إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ»، وقوله: «يَـأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُواْ لاَ تَقْتُلُواْ الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ وَمَن قَتَلَهُ مِنكُم مُّتَعَمِّداً فَجَزَآءٌ مِّثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِّنْكُمْ هَدْياً بَـلِغَ الْكَعْبَةِ أَوْ كَفَّارَةٌ طَعَامُ مَسَـكِينَ أَو عَدْلُ ذلِكَ صِيَاماً لِّيَذُوقَ وَبَالَ أَمْرِهِ عَفَا اللَّهُ عَمَّا سَلَف وَمَنْ عَادَ فَيَنْتَقِمُ اللَّهُ مِنْهُ وَاللَّهُ عَزِيزٌ ذُو انْتِقَامٍ» .

فلا يجوز للمُحْرِم اصطياد الصيد المذكور، ولا قتلُه بمباشرةٍ أو تسبب أو إعانةٍ على قتلهِ بدلالةٍ أو إشارةٍ أو مناولةِ سلاحٍ أو نحو ذلك.

وأما قطع الشجر فليس حراماً على المُحرم من أجل الإحرام، لأنه لا تأثير للإحرام فيه، وإنما يَحرمُ على من كان داخل حدود الحرَمِ سواءٌ أكان محرِماً أم غيرَ محرم، وعلى هذا يجوز قطع الشجر في عرفة للمُحرِم وغير المُحرِم، ويحرَّم في مزدلفة ومنى على المحرم وغير المحرم لأن عرفة خارجُ حدودِ الحرم، ومزدلفة ومنى داخل حدودِ الحرمِ.

3.    ما يجب فيها بدنة:
الجماع:
وهو ايلاج الحشفة أو مقدارها في فرج أصلي في قبل أو دبر من انسان أو حيوان أو جني عند من يقول بإمكانية ذلك (11)، «فَمَن فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلاَ رَفَثَ وَلاَ فُسُوقَ وَلاَ جِدَالَ فِي الْحَجِّ وَمَا تَفْعَلُواْ مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللَّهُ وَتَزَوَّدُواْ فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِ يأُوْلِي الأَلْبَـبِ».

والرفث الجماع ومقدماته، والجماع أشد محظورات الإحرام تأثيراً على الحج وله حالان:
الحال الأولى:
أن يكون قبلَ التحللِ الأول فيترتب عليه شيئان:
أ ـ وجوب الفدية وهي بَدنَة أو بقرة تُجزئ في الأضحية يذبحها ويُفرقها كلها على الفقراء، ولا يأكل منها شيئاً.
ب ـ فساد الحج الذي حصل فيه الجماع، لكن يلزم إتمامه وقضاؤه من السُّنَّة القادمة بدون تأخير.


قال مالك في “الموطأ»:
بلغني أن عمر وعلياً وأبا هريرة سُئلوا عن رجلٍ أصاب أهله وهو مُحرم؟ فقالوا: يَنفذان لوجههما حتى يقضيا حَجهما، ثم عليهما حجٌّ قابل والهَدْي.

قال:
وقال عليٌّ: وإذا أهلا بالحج من عامٍ قابلٍ تفرقا حتى يقضيا حَجّهما.

ولا يفسدُ النُّسُكُ في باقي المحظورات.

الحال الثانية:
أن يكونَ الجماع بعد التحلل الأول، أي بعد رمي جمرةِ العقبة والحلق، وقبل طواف الإفاضة...

فالحج صحيح، لكن يلزمه شيئان على المشهور من المذهب:
أ ـ فديةٌ شاة يذبحها ويُفرقها جميعاً على الفقراء، ولا يأكل منها شيئاً.

ب ـ أن يخرج إلى الحل، أي: إلى ما وراء حدود الحرم فَيُجدد إحرامه، ويلبس إزاراً ورداءً ليطوف للإفاضة مُحرماً.

4. ما يجب فيها دم على التخيير:
مَنْ فعل شيئاً منها فيُخيَّر بين ذبح شاة والذبح والتوزيع في الحرم ولا يأكل منها شيئاً، أو إطعام ستة مساكين توزع في الحرم، أو صوم ثلاثة أيام في أي مكان.

وهي:
•    تغطية رأس الرجل بملاصق
لقول النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- في المُحرِم الذي وقصته راحلته بعرفة: «اغسلوه بماء وسدر، وكفنوه في ثوبيه، ولا تُخَمِّروا رأسَه -أي لا تُغطوه-»، مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

فلا يجوز للرجل أن يُغطي رأسَه بما يلاصقه كالعمامة -والقُبع والطاقية والغُترة ونحوها-، فأما غير الملاصق كالشمسية وسقف السيارة والخيمة ونحوها فلا بأسَ به لقول أم حصين -رضي الله عنها-: “حجَجنا مع النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حجة الوداع فرأيته حين رمى جمرة العقبة وانصرف وهو على راحلته ومعه بلالٌ وأسامة أحدُهما يقود راحلته والآخر رافعٌ ثوبه على رأس النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يُظلله من الشمس» رواه مسلم.

ولا بأس أن يحمل متاعه على رأسه وإن تغطى بعض الرأس لأن ذلك لا يُقصد به الستر غالباً، ولا بأسَ أن يغوص في الماء ولو تغطى رأسه بالماء.

•    مس الطيب:
قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في المُحرم الذي وقَصَتْهُ راحلته وهو واقف بعرفة: «لا تُقربوه طيباً» وعلل ذلك بكونه يُبعث يوم القيامة مُلبياً، والحديث صحيح، فدل هذا على أن المُحرِم ممنوع من قُربان الطيب.

ولا يجوز للمحرم شمُّ الطيب عمداً إلا إن كان يريد شراء طيب فلا مانع والعبرة بالنيَّات، ولا يستعمل الصابون المُمَسك إذا ظهرت فيه رائحة الطيب، ويجوز استعمال الشانمبو والصابون والدهون ذوات الروائح الكيماوية.

وأما الطيب الذي تطيب به قبل إحرامه فلا يضُرُّ بقاؤه -سواء على جسده أو على إحرامه- بعد الإحرام لقول عائشة -رضي الله عنها-: “كنت أنظرُ إلى وبيص المسك في مفارق رسول الله -صلى الله عليه وسلم-وهو مُحرم» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

•    لبس ما خيط على هيئة عضوا للرجل
وهو أن يلبس ما يلبس عادةً على الهيئة المُعتادة، سواء كان شاملاً للجسم كله، كالبرنس والقميص، أو لجزء منه كالسراويل والفنايل والخفاف والجوارب وشراب اليدين والرجلين، لحديث ابن عمر -رضي الله عنهما- أن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- سُئل: ما يلبس المُحرِم من الثياب؟ قال: “لا يلبسُ القميص ولا العمامة ولا البرانس ولا السراويل ولا الخفاف ولا ثوباً مسّه زعفرانٌ ولا ورس» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

وإن لم يجد الإزار يلبس السراويل ولا يقطعهما وكذا إن لم يجد النعال يلبس الخفاف ولا يقطعهما أيضا لأن الأمر بالقطع منسوخ كما رجحه شيخ الإسلام.

•    تقليم الأظافر
(يجوز تقليم الظفر المكسور لأنه يؤذي).

•    مباشرة الزوجة
لشهوةٍ بتقبيل أو لمسٍّ أو ضمٍّ أو نحوه لقوله تعالى: «فَمَن فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلاَ رَفَثَ وَلاَ فُسُوقَ وَلاَ جِدَالَ فِي الْحَجِّ وَمَا تَفْعَلُواْ مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللَّهُ وَتَزَوَّدُواْ فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِ يأُوْلِي الأَلْبَـبِ».

ويدخل في الرّفث مقدمات الجماع كالتقبيل والغمز والمُداعبة لشهوة.

فلا يحل للمحرم أن يُقبّل زوجَته لشهوة، أو يمسها لشهوة، أو يغمزها لشهوة، أو يداعبها لشهوة.

ولا يحلُّ لها أن تمكنه من ذلك وهي مُحرمة، وإن أنزل أحدهما فدى.


تهذيب أحكام الحَجِّ فِي السَّفَرِ وشيءٍ مِنْ آدَابِهِ وأحْكَامِهِ 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 52691
العمر : 72

تهذيب أحكام الحَجِّ فِي السَّفَرِ وشيءٍ مِنْ آدَابِهِ وأحْكَامِهِ Empty
مُساهمةموضوع: رد: تهذيب أحكام الحَجِّ فِي السَّفَرِ وشيءٍ مِنْ آدَابِهِ وأحْكَامِهِ   تهذيب أحكام الحَجِّ فِي السَّفَرِ وشيءٍ مِنْ آدَابِهِ وأحْكَامِهِ Emptyالثلاثاء 14 أغسطس 2018, 5:32 pm

•    قص الشعر:
•    قال تعالى: «وَلاَ تَحْلِقُواْ رُءُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْىُ مَحِلَّهُ فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِّن رَّأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِّن صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ فَإِذَآ أَمِنتُمْ فَمَن تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْىِ فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَـثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ تِلْكَ عَشَرَةٌ كَامِلَةٌ ذَلِكَ لِمَن لَّمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِى الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَاتَّقُواْ اللَّهَ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ”.

وألحق جمهور أهل العلم رحمهم الله تعالى شعرَ بقية الجسم بشعر الرأس، وعلى هذا فلا يجوز للمحرمِ أن يُزيل أي شعر كان من بدنه.

وقد بَيَّنَ اللهُ سبحانه وتعالى فدية حلق الرأس بقوله: «فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِّن رَّأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِّن صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ فَإِذَآ أَمِنتُمْ فَمَن تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْىِ فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَـثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ تِلْكَ عَشَرَةٌ كَامِلَةٌ ذَلِكَ لِمَن لَّمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِى الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَاتَّقُواْ اللَّهَ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ».

وأوضح النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أن الصيام مقداره ثلاثة أيام، وأن الصدقة مقدارُها ثلاثة آصع من الطعام لستة مساكين، لكل مسكين نصف صاع، وأن النسك شاة، والمراد شاة تبلغ السن المعتبر في الهَدْي، وتكونُ سليمة من العيوب المانعة من الإجزاء.

وقد أجاز شيخ الإسلام الأخذ من الشعر لمن أراد الحجامة لما صح أن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- احتجم وهو محرم ولا تتم الحجامة إلا بالأخذ من الشعر.

وكل هذه الكفارات فيمَنْ تعمَّد فعلها أما مَنْ أخطأ فلا، قال الشيخ عبدالرحمن بن سعدي: (الصحيح أن مَنْ فعل محظوراً ناسياً فلا فدية عليه ولو كان إزالة شعر أو ظفر بل لو كان صيداً لقوله تعالى: «وَمَن قَتَلَهُ مِنكُم مُّتَعَمِّداً” وليس في ذلك اتلاف حق آدمي حتى يقال: الإتلاف يستوي فيه المتعمد وغيره، وإنما ذلك في أموال الآدميين ونفوسهم وأما حقوق الله فإنه يترتب على الإثم) (12).

وقال الشيخ محمد بن عثيمين:
وإذا فعل المُحرم شيئاً من المحظورات السابقة من الجماع أو قتلِ الصيد أو غيرهما فله ثلاث حالاتٍ:
الأولى:
أن يكون ناسياً أو جاهلاً أو مُكرَهاً أو نائماً، فلا شيء عليه، لا إثم ولا فدية ولا فساد نسك، لقوله تعالى: «رَبَّنَا لاَ تُؤَاخِذْنَآ إِن نَّسِينَآ أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلاَ تَحْمِلْ عَلَيْنَآ إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلاَ تُحَمِّلْنَا مَا لاَ طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَآ أَنتَ مَوْلَـنَا فَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَـفِرِينَ”، وقوله: «وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَآ أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَـكِن مَّا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَّحِيماً”، وقوله: «مَن كَفَرَ بِاللَّهِ مِن بَعْدِ إيمَـنِهِ إِلاَّ مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالإِيمَـنِ وَلَـكِن مَّن شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْرًا فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِّنَ اللَّهِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ بِالْكُفْرِ صَدْرًا فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِّنَ اللَّهِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ».

فإذا انتفى حُكم الكفر عمن أُكره عليه، فما دونه من الذنوب أولى.

وهذه نصوصٌ عامةٌ في محظورات الإحرام وغيرها، تفيدُ رفع الحكم عمن كان معذوراً بها.

وقال الله تعالى في خُصوص المحظورات في الصيد:
«وَمَن قَتَلَهُ مِنكُم مُّتَعَمِّداً فَجَزَآءٌ مِّثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِّنْكُمْ هَدْياً بَـلِغَ الْكَعْبَةِ أَوْ كَفَّارَةٌ طَعَامُ مَسَـكِينَ أَو عَدْلُ ذلِكَ صِيَاماً لِّيَذُوقَ وَبَالَ أَمْرِهِ عَفَا اللَّهُ عَمَّا سَلَف وَمَنْ عَادَ فَيَنْتَقِمُ اللَّهُ مِنْهُ وَاللَّهُ عَزِيزٌ ذُو انْتِقَامٍ”، فقيَّد وجوب الجزاء بكون القاتل متعمداً، والتعمد وصف مناسب للعقوبة والضمان، فوجب اعتباره وتعليق الحكم به وإن لم يكن متعمداً فلا جزاء عليه ولا إثم، لكن متى زال العذر فعلم الجاهل، وذكر الناسي، واستيقظ النائم، وزال الإكراه وجب عليه التخلي عن المحظور فوراً.

فإن استمر عليه مع زوال العذر كان آثماً، وعليه ما يترتب على فعله من الفدية وغيرها.

مثال ذلك:
أن يُغطي المُحرمُ رأسه وهو نائم، فلا شيء عليه ما دام نائماً، فإذا استيقظ لزمه كشف رأسه فوراً، فإن استمر في تغطيته مع علمه بوجوب كشفه كان آثما، وعليه ما يترتب على ذلك.

الثانية:
أن يفعل المحظور عمداً لكن لِعُذرٍ يبيحُه، فعليه ما يترتب على فعل المحظور ولا إثم عليه لقوله تعالى: «وَلاَ تَحْلِقُواْ رُءُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْىُ مَحِلَّهُ فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِّن رَّأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِّن صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ فَإِذَآ أَمِنتُمْ فَمَن تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْىِ فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَـثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ تِلْكَ عَشَرَةٌ كَامِلَةٌ ذَلِكَ لِمَن لَّمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِى الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَاتَّقُواْ اللَّهَ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ مِنكُم مَّرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِّن رَّأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِّن صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ فَإِذَآ أَمِنتُمْ فَمَن تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْىِ فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَـثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ تِلْكَ عَشَرَةٌ كَامِلَةٌ ذَلِكَ لِمَن لَّمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِى الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَاتَّقُواْ اللَّهَ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ».

الثالثة:
أن يفعل المحظور عَمداً بلا عُذرٍ يبيحه، فعليه ما يترتب على فعله مع الإثم.

في صفة العمرة
العمرةُ إحرامٌ وطوافٌ وسعيٌ وحلقٌ أو تقصيرٌ.

فأما الإحرامُ فهو نية الدخول في النسك والتلبس به.

والسُّنَّة لمريده أن يغتسل كما يغتسل للجنابة، ويتطيب بأطيب ما يجد في رأسه ولحيته بدهن عودٍ أو غيره، ولا يضرهُ بقاؤه بعد الإحرامِ لما في “الصحيحين» من حديث عائشة -رضي الله عنها- قالت: “كان النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إذا أراد أن يُحرم تطيب بأطيب ما يجد، ثم أرى وبيص المسكِ في رأسِه ولحيته بعد ذلك».

والاغتسال عند الإحرام سُنَّةٌ في حق الرجال والنساء، حتى المرأة الحائض والنفساء، لأن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أمر أسماء بنت عُميس حين ولدت محمد بن أبي بكر في ذي الحليفة في حَجّة الوداع أمرها فقال: “اغتسلي واستثفري بثوب وأحرمي» رواه مسلم من حديث جابر -رضي الله عنه-.

ومتى ما انتهى من لبس الإحرام يعين إحرامه فإن أراد التمتع قال: لبيك عمرة متمتع بها إلى الحج، وإن اراد القِرَان قال: لبيك عمرة وحجاً، وإن أراد الإفراد قال لبيك حجا.

ويجوز أن يشترط بقوله:
“إن حبسني حابس فمحلي حيث حبستني» وليس هو بسنة؛ فإن اشترط فله ما اشترط على ربه جل وعلا.

والنساء خاصة تعرض لهن العوارض الكثيرة خاصة مع ضعفهن في هذه الأزمنة فلو اشترطت المرأة فهو أحسن.

ثم يلبي بقوله:  لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك.

هذه تلبية النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، وربما زاد: لبيك إلـه الحق لبيك.

والسُّنَّة للرجال رفع الصوت بالتلبية لحديث السائب ابن خلاد -رضي الله عنه- أن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال: “أتاني جبريل فأمرني أن آمر أصحابي أن يَرفعوا أصواتهم بالإهلال والتلبية» أخرجه الخمسة.

ولأن رفع الصوت بها إظهارٌ لشعائر الله وإعلانٌ بالتوحيد.

وأما المرأة فلا ترفع صوتها بالتلبية ولا غيرها من الذكر لأن المطلوب في حقها التستر وتسمع من حولها من النساء.


تهذيب أحكام الحَجِّ فِي السَّفَرِ وشيءٍ مِنْ آدَابِهِ وأحْكَامِهِ 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 52691
العمر : 72

تهذيب أحكام الحَجِّ فِي السَّفَرِ وشيءٍ مِنْ آدَابِهِ وأحْكَامِهِ Empty
مُساهمةموضوع: رد: تهذيب أحكام الحَجِّ فِي السَّفَرِ وشيءٍ مِنْ آدَابِهِ وأحْكَامِهِ   تهذيب أحكام الحَجِّ فِي السَّفَرِ وشيءٍ مِنْ آدَابِهِ وأحْكَامِهِ Emptyالثلاثاء 14 أغسطس 2018, 5:35 pm

فـي صفـة الحـج
الإحرامُ بالحجّ: إذا كان ضُحى يومِ التروية -وهو اليومُ الثامنُ من ذي الحجة- أحرم من يريد الحجَّ بالحجِّ من مكانه الذي هو نازلٌ فيه.

ولا يُسَنّ أن يذهبَ إلى المسجد الحرام أو غيره من المساجد فَيُحرم منه، لأن ذلك لم يرد عن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، ولا عن أصحابه فيما نعلم.

ففي “الصحيحين» من حديث جابر -رضي الله عنه- أن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال لهم: “أقيموا حلالاً حتى إذا كان يومُ التروية فأهلوا بالحج... الحديث».

ولمسلمٍ عنه -رضي الله عنه- قال: “أمرنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لما أحللنا أن نُحرِم إذا توجهنا إلى منى فأهللنا من الأبطح» وإنما أهلوا من الأبطح لأنه مكان نزولهم.

ويفعل عند إحرامه بالحج كما فعل عند إحرامه بالعمرة، فيغتسل ويتطيب ويصلي سنة الوضوء، ويُهل بالحج بعدها، وصفة الإهلال والتلبية بالحج كصفتهما في العمرة، إلا أنه في الحج يقول: لبيك حجاً، بدل: لبيك عمرة، ويشترطُ أن مَحلِّي حيث حبستني، إن كان خائفاً من عائق يمنعه من إتمام نسكه، وإلا فلا يشترط.

الخروج إلى مِنَى:
ثم يخرج إلى منى فيُصلي بها الظهر والعصر والمغرب والعشاء والفجر قصراً من غير جمع؛ لأن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فعل كذلك، وهذا سنة ولا يجب.

وفي “صحيح البخاري» من حديث عبدالله بن عمر -رضي الله عنهما- قال: (صلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بمنى ركعتين وأبو بكر وعمر وعثمان صَدْراً من خلافته، ولم يكن صلى الله عليه وسلّم يجمع في منى بين الصلاتين في الظهر والعصر، أو المغرب والعشاء)، ولو فعل ذلك لنُقلَ كما نُقل جمعه في عرفة ومزدلفة.

ويقصر أهل مكة -حرسها الله- وغيرهم بمنى وعرفة ومزدلفة، لأن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كان يُصلي بالناس في حجة الوداع في هذه المشاعر ومعه أهل مكة -حرسها الله-، ولم يأمرهم بالإتمام، ولو كان الإتمام واجباً عليهم لأمرهم به كما أمرهم به عام الفتح حين قال لهم: “أتموا يا أهل مكة  فإنا قوم سفر» وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية والشنقيطي وغيرهم، ولكن هل القصر للنسك أو للسفر؟ فيه خلاف والصحيح أنه للنسك فيقصر حتى أهل العوالي اللذين هم بقرب منى.

الوقوف بعرفة:
فإذا طلعت الشمس من اليوم التاسع سارَ من منى إلى عرفة فنزل بنَمِرَة إلى الزوال إن تَيسر له، وإلا فلا حرج عليه؛ لأن النزول بنمرة سنةٌ لا واجب.

فإذا زالت الشمس صلى الظهر والعصر ركعتين ركعتين، يجمع بينهما جمعَ تقديم كما فعل رسول الله -صلى الله عليه وسلم-.

ففي “صحيح مسلم» من حديث جابر -رضي الله عنه- قال: وأمر ـ يعني رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بقُبة من شعر تُضرب له بنَمِرَة، فسار رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حتى أتى عرفة فوجد القُبَّةَ قد ضُربت له بنَمِرَةَ، فنزل بها حتى إذا زاغت الشمس أمر بالقصواء فرُحِلَت له فأتى بطن الوادي فخطب الناس، ثم أذن ثم أقام فصلى الظهر ثم أقام فصلى العصر، ولم يصل بينهما شيئاً.

ثم ركب حتى أتى الموقف فجعل بطن ناقته القصواء إلى الصخرات، وجعل جبل المشاة بين يديه واستقبل القبلة، فلم يزل واقفاً حتى غَرَبت الشمسُ “الحديث».

وإنما كان الجمع جمع تقديم ليتفرغ الناس للدعاء، ويجتمعوا على إمامهم، ثم يتفرقوا على منازلهم، فالسُّنَّة للحاج أن يتفرغ في آخر يوم عرفة للدعاء والذكر والقراءة ويحرص على الأذكار والأدعية الواردة عن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فإنها من أجمع الأدعية وأنفعها...

فيقول:
ـ اللَّهُمّ لا تجعلني بدعائك ربِّ شقياً، وكن بي رؤوفاً رحيماً يا خير المسؤولين ويا خيرَ المعطين.

ـ اللَّهُمّ اجعل في قلبي نوراً، وفي سَمعي نوراً وفي بصري نوراً.

ـ اللَّهُمّ اشرح لي صدري ويسر لي أمري، اللَّهُمّ إني أعوذ بك من شرِّ ما يلج في الليل، وشَرِّ ما يلجُ في النهار، وشرِّ ما تهبُّ به الرياحُ، وشرِّ بوائق الدهر.

ـ اللَّهُمّ ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الاخرة حسنة وقِنا عذابَ النار.

ـ اللَّهُمّ إني ظلمت نفسي فاغفر لي إنك أنت الغفور الرحيم.

ـ اللَّهُمّ إني أعوذ بك من جهد البلاء، ومن دَرك الشقاء، ومن سوء القضاء، ومن شماتةِ الأعداء.

ـ اللَّهُمّ إني أعوذ بك من الهمّ والحَزن، والعجز والكسل، والجُبن والبُخل، وضِلَعِ الدينِ وغَلبة الرجال، وأعوذُ بك من أن أُرَدَّ إلى أرذلِ العُمر، وأعوذ بك من فتنة الدنيا.

ـ اللَّهُمّ إني أعوذ بك من المأثم والمغرم، ومن شرِّ فتنة الغنى، وأعوذ بك من فتنة الفقر.

ـ اللَّهُمّ اغسل عني خطاياي بماء الثلج والبَرَد، ونقِّ قلبي من الخطايا كما نقيت الثوب الأبيض من الدنس، وباعد بيني وبين خطاياي كما باعدت بين المشرق والمغرب.

فالدعاء يومَ عرفة خيرُ الدعاء.
قال النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: “خير الدعاء دعاء يوم عرفة، وخيرُ ما قلتُ أنا والنبيُّون من قبلي: لا إلـه إلا الله وحده لا شريك له له المُلكُ وله الحمدُ وهو على كل شيء قدير».

وإذا لم يُحط بالأدعية الواردة عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، دعا بما يعرفُ من الأدعية المباحة. فإذا حصل له مَللٌ، وأراد أن يستجم بالتحدث مع رفقته بالأحاديث النافعة، أو مُدارسة القِرَان، أو قراءة ما تيسر من الكُتب المفيدة، خُصوصاً ما يتعلق بكرم الله تعالى وجزيل هباته، ليقوي جانب الرجاء في هذا اليوم، كان حَسنا ثم يعود إلى الدعاء والتضرع إلى الله، ويحرص على اغتنام آخر النهار بالدعاء.

وينبغي أن يكون حال الدعاء مستقبلاً القبلة، وإن كان الجبل خلفه أو يمينه أو شماله، لأن السُّنَّة استقبال القبلة، ويرفع يديه، فإن كان في إحداهما مانعٌ رفع السليمة، لحديث أُسامة بن زيد -رضي الله عنه- قال: “كنت رِدفَ النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بعرفات فرفع يديه يدعو، فمالت به ناقته فسقط خِطامها فتناول الخطام بإحدى يديه وهو رافعٌ الأخرى» رواه النسائي.

ويُظهر الافتقار والحاجة إلى الله عز وجل، ويُلح في الدعاء ولا يستبطئ الإجابة.

ولا يعتدي في دعائه بأن يسأل ما لا يجوز شرعاً، أو ما لا يُمكن قَدَراً، فقد قال الله تعالى: «ادْعُواْ رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ».

وليتجنب أكل الحرام فإنه من أكبر موانع الإجابة.

وإذا تيسر له أن يقف في موقف النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عند الصخرات فهو أفضل، وإلا وقف فيما تيسر له من عرفة، فعن جابر -رضي الله عنه- أن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال: “نحرتُ ههنا، ومنى كلها منحر فانحروا في رحالكم، ووقفت ههنا وعرفة كلها موقف، ووقفت ههنا وجَمعٌ -يعني مزدلفة- كلها موقف» رواه أحمد ومسلم.

ويجب على الواقف بعرفة أن يتأكد من حدودها، وقد نُصبت عليها علامات ظاهرة، فإن كثيراً من الحجاج يتهاونون بهذا فيقفون خارج حدود عرفة جهلاً منهم، وتقليداً لغيرهم، وهؤلاء الذين وقفوا خارج حدود عرفة ليس لهم حج؛ لأن الحج عرفة (13)، لما روى عبدالرحمن بن يَعمر: “أن أُناسا من أهل نجد أتوا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وهو واقفٌ بعرفة فسألوه فأمر مُنادياً ينادي: الحج عرفة، من جاء ليلة جمع قبل طلوع الفجر فقد أدرك أيام منى ثلاثةَ أيام، فمن تعجل في يومين فلا إثم عليه، ومن تأخر فلا إثم عليه، وأردف رجلاً ينادي بهن» رواه الخمسة.

فتجب العناية بذلك، وطلب علامات الحدود حتى يتيقن أنه داخل حدودها.

والسُّنَّة والوقوف بعرفة من الضحى وحتى غروب الشمس. ويَمتد وقتُ الوقوف بعرفة إلى طلوع الفجر يوم العيد، لقول النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: “من جاء ليلة جمعٍ قبل طلوع الفجر فقد أدركَ»، فمن وقف أي جزء منه صح حجه ولا يلزمه أي شيئ على الصحيح من أقوال أهل العلم وهو قول إمام أهل السُّنَّة الإمام أحمد واختاره الشنقيطي -رحمهما الله- قال الشنقيطي: ( أظهر الأقوال أنه يصح الوقوف بعرفة ليلاً أو نهاراً لو قبل الزوال لعموم حديث  عُرْوَةَ بْنِ مُضَرِّسِ -رضي الله عنه-: قَالَ رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ”مَنْ شَهِدَ صَلاتَنَا هَذِهِ وَوَقَفَ مَعَنَا حَتَّى نَدْفَعَ وَقَدْ وَقَفَ بِعَرَفَةَ قَبْلَ ذَلِكَ لَيْلا أَوْ نَهَارًا فَقَدْ أَتَمَّ حَجَّهُ وَقَضَى تَفَثَهُ” (14) ولا شك أن عدم الاقتصار على أول النهار أحوط).

فإن طلع الفجر يوم العيد قبل أن يقف بعرفة فقد فاته الحج.

فإن كان قد اشترط في ابتداء إحرامه إن حبسني حابس فمَحلِّي حيث حَبَستني تحلل من إحرامه ولا شيء عليه، وإن لم يكن اشترط فإنه يتحلل بعمرة فيذهب إلى الكعبة، ويطوف بالبيت ويسعى بين الصفا والمروة ويحلق، وإن كان معه هدي ذبحه، فإذا كان العام القادم قضى الحج الذي فاته، وأهدى هدياً، فإن لم يجد صام عشرة أيام ثلاثة في الحج وسبعة إذا رجع إلى أهله، لما روى مالك في “الموطأ» أن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- أمر أبا أيوب وهبّار بن الأسود حين فاتهما الحج فأتيا يوم النحر أن يُحِلا بعمرةٍ ثم يرجعا حلالاً ثم يَحجا عاماً قابلاً ويهديا، فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجع إلى أهله.

قال الموفق ابن قدامة: (إذا أخطأ الناس العدد فوقفوا في غير ليلة عرفة، أجزأهم ذلك، فإن اختلفوا فأصاب بعض وأخطأ بعض وقت الوقوف لم يجزئهم لأنهم غير مندوبين في هذا) (15).

المبيت بمزدلفة:
ثم بعد الغروب يدفع الواقف بعرفة إلى مزدلفة فَيُصلي بها المغرب والعشاء؛ يُصلي المغرب ثلاثاً والعشاء ركعتين.

وفي “الصحيحين» عن أُسامة بن زيد -رضي الله عنهما- قال: “دفع النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- من عرفة فنزل الشِّعب، فبال ثم توضأ ولم يُسبِغ الوضوء، فقلت: يا رسول الله الصلاة ! قال: “الصلاة أمامك» فجاء المزدلفة فتوضأ فأسبغ الوضوء، ثم أُقيمت الصلاة فصلى المغرب، ثم أناخ كلُّ إنسانٍ بعيره في منزله ثم أُقيمت العشاء فصلاها».

فالسُّنَّة للحاج أن لا يُصلي المغرب والعشاء إلا بمزدلفة اقتداءً برسول الله -صلى الله عليه وسلم-، إلا أن يخشى خروج وقت العشاء بمنتصف الليل فإنه يجب عليه أن يُصلي قبل خروج الوقت في أي مكانٍ كان.

ويبيت بمزدلفة، ولا يُحيي الليل بصلاة ولا بغيرها، لأن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لم يفعل ذلك.

وفي “صحيح البخاري» من حديث ابن عمر -رضي الله عنهما- قال: جمع النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بين المغرب والعشاء بِجَمعٍ ولم يُسَبح بينهما شيئاً ولا على إثر كل واحدة منهما.

وفي “صحيح مسلم» من حديث جابر -رضي الله عنه- أن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أتى المزدلفة فصلى بها المغرب والعشاء بأذانٍ واحد وإقامتين، ولم يُسبح بينهما شيئاً، ثم اضطجع حتى طلع الفجر.

ويجوز للضعفة من رجال ونساء أن يدفعوا من مزدلفة بعد مضى نصف الليل.

ففي “صحيح مسلم»:
عن ابن عباس -رضي الله عنهما- بعث بي رسول الله -صلى الله عليه وسلم-بسَحَرٍ من جَمعٍ في ثِقَلِ رسول الله -صلى الله عليه وسلم-.

وفي “الصحيحين»:
من حديث ابن عمر -رضي الله عنهما- أنه كان يُقَّدِّمُ ضَعفةَ أهله فيقفون عند المشعر الحرام بالمزدلفة بليل، فيذكرون الله ما بدا لهم ثم يدفعون، فمنهم من يَقدم منى لصلاة الفجر ومنهم من يقدم بعد ذلك، فإذا قدموا رَمَوا الجمرة، وكان ابن عمر يقول: أرخَصَ في أولئك رسول الله -صلى الله عليه وسلم-.

وأما مَن ليس ضعيفاً ولا تابعاً لضعيف، فإنه يبقى بمزدلفة حتى يُصلي الفجر اقتداءً برسول الله -صلى الله عليه وسلم-، ومن خرج قبل ذلك فقد أخطأ ولا شيء عليه.

وفي “صحيح مسلم»:
عن عائشة -رضي الله عنها- قالت: “استأذنت سودة رسول الله -صلى الله عليه وسلم-ليلة المزدلفة تدفع قَبله وقبل حَطمة الناس وكانت امرأة ثَبِطَةً، فأَذِنَ لها وحَبَسنا حتى أصبحنا فدفعنا بدفعه ولأن أكون استأذنتُ رسول الله -صلى الله عليه وسلم-كما استأذنت سَودةُ فأكون أدفعُ بإذنه أحبّ إلي من مَفروحٍ به».

وفي رواية أنها قالت:
“فليتني كنتُ استأذنتُ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كما استأذنته سودة».

فإذا صلى الفجر أتى المشعر الحرام فاستقبل القبلة فوحَّد الله وكبَّره وهلّله ودعا بما أحب حتى يُسفر جداً.

وإن لم يتيسر له الذهاب إلى المشعر الحرام دعا في مكانه لقول النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: “وقفتُ ههنا وجمعٌ كلها موقف».


تهذيب أحكام الحَجِّ فِي السَّفَرِ وشيءٍ مِنْ آدَابِهِ وأحْكَامِهِ 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 52691
العمر : 72

تهذيب أحكام الحَجِّ فِي السَّفَرِ وشيءٍ مِنْ آدَابِهِ وأحْكَامِهِ Empty
مُساهمةموضوع: رد: تهذيب أحكام الحَجِّ فِي السَّفَرِ وشيءٍ مِنْ آدَابِهِ وأحْكَامِهِ   تهذيب أحكام الحَجِّ فِي السَّفَرِ وشيءٍ مِنْ آدَابِهِ وأحْكَامِهِ Emptyالثلاثاء 14 أغسطس 2018, 8:48 pm

السَّيْرُ إلى مِنَى والنزول فيها:
ينصرف الحجاج المقيمون بمزدلفة إلى منى قبل طلوع الشمس عند الانتهاء من الدعاء والذكر.

فإذا وصلوا إلى منى عملوا ما يأتي:
1 ـ رمي جمرة العقبة وهي الجمرة الكبرى التي تلي مكة -حرسها الله- في منتهى منى، فيلقطُ سبع حصيات مثل حصا الخَذفِ، أكبر من الحمص قليلاً، ثم يرمي بهن الجمرة، واحدةً بعد واحدةٍ، ويرمي من بطن الوادي إن تيسر له فيجعل مكة عن يساره والجمرة الوسطى عن يمينه، لحديثِ ابن مسعود -رضي الله عنه- “أنه انتهى إلى الجمرة الكُبرى فجعل البيت عن يساره ومنى عن يمينه، ورمى بسبع وقال: هكذا رمى الذي أُنزلت عليه سورةُ البقرة» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

ويُكبر مع كل حصاةٍ فيقول: الله أكبر.

ولا يجوزُ الرمي بحصاة كبيرة ولا بالخفاف والنعال ونحوها وكل هذا من البدع والخرافات والضلال.

ويَرمي خاشعاً خاضعاً مُكبراً الله عز وجل، ولا يفعل ما يفعله كثيرٌ من الجهال من الصياح واللغط والسب والشتم؛ فإن رَمي الجمار من شعائر الله: «وَمَن يُعَظِّمْ شَعَـئِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ».

وفي الحديث عن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أنه قال:
“إنما جُعل الطواف بالبيت وبالصفا والمروة ورمي الجمارِ لإقامة ذكر الله»، ولا يندفع إلى الجمرة بعنف وقوة، فيؤذي إخوانه المسلمين أو يضرُّهم.

قال الشيخ عبد العزيز ابن باز –رحمه الله-:
(لا يجوز رمى جمرة العقبة قبل منتصف الليل من ليلة النحر وكذا طواف اَلإِفَاضَة).

2 ـ ثم يذبح الهَدْي إن كان معه هدي، أو يشتريه فيذبحه.
وقد تقدَّم بيان نوع الهَدْي الواجب وصفته ومكان ذبحه وزمانه وكيفية الذبح، فَليُلاحَظ.

3 ـ ثم يحلق رأسه إن كان رجلاً، أو يقصّره، والحلق أفضل، لأن الله قدمه فقال: «مُحَلِّقِينَ رُءُوسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ لاَ تَخَـفُونَ فَعَلِمَ مَا لَمْ تَعْلَمُواْ فَجَعَلَ مِن دُونِ ذَلِكَ فَتْحاً قَرِيباً» ولأنه فِعلُ النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فعن أنس بن مالك -رضي الله عنه- “أن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أتى منى، فأتى الجمرة، فرماها ثم أتى منزله بمنى ونَحَرَ ثم قال للحلاق: خُذ، وأشار إلى جانبه الأيمن ثم الأيسر ثم جعل يُعطيه الناس» رواه مسلم.

ولأن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- دعا للمُحَلقين بالرحمة والمغفرة ثلاثاً وللمُقَصرين مرة، ولأن الحلق أبلغ تَعظيماً لله عز وجل حيث يُلقي به جميعَ شعرِ رأسِه.

ويجب أن يكون الحلق أو التقصير شاملاً لجميع الرأس لقوله تعالى: «مُحَلِّقِينَ رُءُوسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ لاَ تَخَـفُونَ فَعَلِمَ مَا لَمْ تَعْلَمُواْ فَجَعَلَ مِن دُونِ ذَلِكَ فَتْحاً قَرِيباً».

وأما المرأة فتقصر من أطراف شعرها بقدر أُنملة فقط ولا تزيد على ذلك.

فإذا فعل ما سبق حَلَّ له جميع محظورات الإحرام ما عدا النساء فيحل له الطيب واللباس وقص الشعر والأظافر وغيرها من المحظورات ما عدا النساء، قال ابن قدامة: عن أحمد أنه إذا رمى الجمرة فقد حل... ولم يذكر الحلق، هذا يدل على أن الحل بدون الحلق، وهذا قول عطاء ومالك وأبي ثور وهو الصحيح إن شاء الله تعالى، لقوله في حديث أم سلمة -رضي الله عنها-: “إذا رميتم الجمرة فقد حل لكم كل شيء إلا النساء” وكذلك قال ابن عباس –رضي الله عنهما-) (16).

والسُّنَّة أن يتطيب لهذا الحِلِّ، لقول عائشة -رضي الله عنها-: “كنت أُطيب النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لإحرامه قبل أن يُحرم ولحلِّه قبل أن يطوف بالبيت». مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ واللفظ لمسلم.

وفي لفظ له: “كنت أطيب النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قبل أن يُحرم ويومَ النحر قبل أن يطوف بالبيت بطيبٍ فيه مِسكٌ».

4 ـ الطواف بالبيت وهو طواف الزيارة والإفاضة لقوله تعالى: «ثُمَّ لْيَقْضُواْ تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُواْ نُذُورَهُمْ وَلْيَطَّوَّفُواْ بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ».

وفي “صحيح مسلم» عن جابر -رضي الله عنه- في صفة حج النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال: ثم ركب صلى الله عليه وسلّم فأفاض إلى البيت فصلى بمكة -حرسها الله- الظهر... الحديث.

وعن عائشة -رضي الله عنها- قالت: حَجَجنا مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فأفضنا يومَ النحرِ... الحديث مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

وإن قطع طوافه لأمر مشروع كالصلاة الفرض أو الجنازة، أو شرب ماء أو استراح قليلا فيكمل من حيث توقف ولا يشترط أن يبدأ من أول الشوط، قال سماحة الشيخ الشنقيطي: (إن قطع الطواف لحاجة -كصلاة الجنازة أو حاجة ضرورية- فأظهر قولي العلماء عندي أنه يبتدىء من الموضع الذي وصل إليه ويعتد ببعض الشوط الذي فعله قبل القطع).

ولا يشترط للطواف طهارة وإن كانت هي الأكمل والأفضل ولا ينبغي من المؤمن أن يبدأ الطواف وهو على غير طهارة، قال سماحة الشيخ محمد بن عثيمين: (الذي تطمئن إليه النفس أنه لا يشترط في الطواف الطهارة من الحدث الأصغر، لكنها بلا شك أفضل وأكمل وأتبع للنبي -صلّى الله عليه وسلّم-، ولا ينبغي أن يخل بها الإنسان لمخالفة جمهور العلماء في ذلك، لكن أحياناً يضطر الإنسان إلى القول بما ذهب إليه شيخ الإسلام، مثل لو أحدث أثناء طوافه في زحام شديد، فالقول بأنه يلزمه أن يذهب ويتوضأ ثم يأتي في هذا الزحام الشديد لاسيما إذا لم يبق عليه إلا بعض شوط ففيه مشقة شديدة، وما كان فيه مشقة شديدة ولم يظهر فيها النص ظهوراً بيّناً، فإنه لا ينبغي أن نلزم الناس به، بل نتبع ما هو الأسهل والأيسر؛ لأن إلزام الناس بما فيه مشقة بغير دليل واضح منافٍ لقوله تعالى: {يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْر} [البقرة: 185].

سعي الحج:
وإذا كان مُتمتعا أتى بالسعي بعد الطواف، لأن سعيه الأول كان للعمرة، فلزمه الإتيان بسعي الحج.

وفي “الصحيحين» عن عائشة -رضي الله عنها- أنها قالت:
“فطاف الذين كانوا أهلُّوا بالعُمرة بالبيت وبين الصفا والمروة، ثم حلُّوا ثم طافوا طوافاً آخرَ بعد أن رجعوا من مِنى لحجهم، وأما الذين جَمَعوا الحج والعمرة فإنما طافوا طوافاً واحداً».

وفي “صحيح مسلم» عنها أنها قالت:
ما أتم الله حج امرئٍ ولا عُمرته لم يطف بين الصفا والمروة وذكره البخاري تعليقاً.

وفي “صحيح البخاري» عن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: “ثم أَمَرَنا - يعني رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عشية التروية أن نُهِلَّ بالحج، فإذا فَرغنا من المناسك جِئنا فَطُفنا بالبيت وبالصفا والمروة، وقد تم حَجُّنا وعلينا الهَدْي» ذكره البخاري في: (باب ذلك لمن لم يكن أهله حاضري المسجد الحرام).

وإذا كان مفرداً أو قارناً فإن كان قد سعى بعد طواف القدوم لم يُعِدِ السعي مرة أخرى لقول جابر -رضي الله عنه-: “لم يَطفُ النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ولا أصحابه بين الصفا والمروة إلا طوافاً واحداً، طوافَه الأول» رواه مسلم، وإن كان لم يَسْعَ وجب عليه السعي لأنه لا يتمُّ الحج إلا به كما سبق عن عائشة -رضي الله عنها-.

وإذا طاف طواف الإفاضة وسعى للحج بعده أو قبله إن كان مُفرداً أو قارناً فقد حلّ التحلل الثاني، وحلَّ له جميع المحظورات؛ لما في “الصحيحين» عن ابن عمر -رضي الله عنهما- في صفة حج النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال: “ونحر هَديَه يومَ النحر وأفاضَ فطافَ بالبيت ثم حلَّ من كل شيء حُرِمَ منه».

فإن قدّم بعض الأعمال على بعض فلا بأس لحديث ابن عباس -رضي الله عنهما- أن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قيلَ له في الذبح والحلق والرمي والتقديم والتأخير فقال: “لا حرج» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

وللبخاري عنه قال: “كان النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يُسأل يومَ النحر بمنى؟ فيقول: “لا حرج» فسأله رجلٌ فقال: حلقتُ قبل أن أذبحَ، قال: “اذبح ولا حرج» وقال: رميت بعد ما أمسيت قال: “لا حرج».

وفي “صحيح مسلم» من حديث عبدالله بن عمرو -رضي الله عنهما-: “أن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- سُئل عن تقديم الحلقِ على الرمي، وعن تقديم الذبح على الرمي، وعن تقديم الإفاضة على الرمي، فقال: “ارمِ ولا حرج»، قال: فما رأيته سُئل يومئذٍ عن شيء، إلا قال: “افعلوا ولا حَرَجَ».

وإذا لم يتيسر له الطواف يومَ العيد جاز تأخيره، والأَولى أن لا يتجاوزَ به أيامَ التشريق إلا من عُذرٍ كمرضٍ وحيضٍ ونفاسٍ، لأن أشهر الحج تنتهي بآخر أيام التشريق.


تهذيب أحكام الحَجِّ فِي السَّفَرِ وشيءٍ مِنْ آدَابِهِ وأحْكَامِهِ 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 52691
العمر : 72

تهذيب أحكام الحَجِّ فِي السَّفَرِ وشيءٍ مِنْ آدَابِهِ وأحْكَامِهِ Empty
مُساهمةموضوع: رد: تهذيب أحكام الحَجِّ فِي السَّفَرِ وشيءٍ مِنْ آدَابِهِ وأحْكَامِهِ   تهذيب أحكام الحَجِّ فِي السَّفَرِ وشيءٍ مِنْ آدَابِهِ وأحْكَامِهِ Emptyالثلاثاء 14 أغسطس 2018, 8:51 pm

الرجوعُ إلى منى للمبيت ورَميُ الجمار:
يرجع الحاج يوم العيد بعد الطواف والسعي إلى منى، فيمكثُ فيها بقيةَ يوم العيد وأيام التشريق ولياليها، لأن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كان يمكث فيها هذه الأيام والليالي، ويلزمه المبيت في منى ليلةَ الحادي عشر وليلة الثاني عشر وليلة الثالث عشر إن تأخر، لأن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- باتَ فيها، وقال: “لتأخذوا عني مناسككم».

ويجوز ترك المبيت لعذرٍ يتعلق بمصلحة الحج أو الحجاج؛ لما في “الصحيحين» من حديث عبدالله بن عمر -رضي الله عنهما- أن العباس بن عبدالمطلب -رضي الله عنه- استأذن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أن يبيت بمكة -حرسها الله- ليالي منى من أجل سقايته، فَأَذِنَ له.

وعن عاصم بن عدي أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- رَخَّصَ لرعاء الإبل في البيتوتة عن منى... الحديث. رواه الخمسة وصححه الترمذي.

ويرمي الجمرات الثلاث في كل يومٍ من أيام التشريق كل واحدة بسبع حصيات مُتعاقبات، يكبر مع كل حصاة ويرميها بعد الزوال (17).

فيرمي الجمرة الأولى التي تلي مسجد الخيف (الصغرى)، ثم يتقدم مستقبل القبلة قياماً طويلاً فيدعو وهو رافعٌ يديه.

ثم يرمي الجمرة الوسطى، ثم يأخذُ ذات الشمال فيسهّل فيقوم مستقبل القبلة قياماً طويلاً فيدعو وهو رافعٌ يديه.

ثم يرمي جمرةَ العقبةِ، ثم ينصرف ولا يقفُ عندها.

هكذا رواه البخاري عن ابن عمر -رضي الله عنهما- أن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كان يفعل كذلك.

وإذا لم يتيسر له طول القيام بين الجمار، وقَفَ بقدر ما يتيسر له ليحصل إحياء هذه السُّنَّة التي تركها أكثرُ الناس، إما جهلاً أو تهاوناً بهذه السُّنَّة.

ولا ينبغي ترك هذا الوقوف فتضيع السُّنَّة، فإن السُّنَّة كلما أُضيعت كان فعلها أوكد لحصول فضيلة العمل ونَشِر السُّنَّة بين الناس.

وإذا رمى الجمارَ في اليوم الثاني عشر فقد انتهى من واجب الحج فهو بالخيار إن شاء بقي في منى لليوم الثالث عشر ورمى الجمار بعد الزوال، وإن شاء نفر منها لقوله تعالى: «فَمَن تَعَجَّلَ فِى يَوْمَيْنِ فَلاَ إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَن تَأَخَّرَ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ لِمَنِ اتَّقَى وَاتَّقُواْ اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ».

والتأخرُ أفضلُ لأنه فعلُ النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، ولأنه أكثر عملاً حيث يحصل له المبيت ليلة الثالث عشر، ورمي الجمار من يومه.

لكن إذا غربت الشمس في اليوم الثاني عشر قبل نفره من منى فلا يتعجل حينئذٍ لأن الله سبحانه قال: «فَمَن تَعَجَّلَ فِى يَوْمَيْنِ فَلاَ إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَن تَأَخَّرَ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ لِمَنِ اتَّقَى وَاتَّقُواْ اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ» فقيّد التعجل في اليومين، ولم يُطلق فإذا انتهت اليومان فقد انتهى وقتُ التعجل، واليوم ينتهي بغروب شمسه.

وفي “الموطأ» عن نافع أن عبدالله بن عمر -رضي الله عنهما- كان يقول: (من غَرَبت له الشمس من أواسط أيام التشريق وهو بمنى فلا يَنفر حتى يرمي الجمار من الغد)، لكن إذا كان تأخره إلى الغروب بغير اختياره مثل أن يتأهب للنفر ويشد رحله فيتأخر خروجه من منى بسبب زحام السيارات أو نحو ذلك فإنه ينفرُ ولا شيء عليه ولو غربت الشمس قبل أن يخرج من منى.

الاستنابة في الرمي:
رمي الجمار نسك من مناسك الحج، وجزءٌ من أجزائه، فيجب على الحاج أن يقومَ به بنفسه إن استطاع إلى ذلك سبيلاً، سواءٌ كان حجه فريضة أم نافلة، لقوله تعالى: «وَأَتِمُّواْ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْىِ وَلاَ تَحْلِقُواْ رُءُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْىُ مَحِلَّهُ فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِّن رَّأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِّن صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ فَإِذَآ أَمِنتُمْ فَمَن تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْىِ فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَـثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ تِلْكَ عَشَرَةٌ كَامِلَةٌ ذَلِكَ لِمَن لَّمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِى الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَاتَّقُواْ اللَّهَ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ».

فالحج والعمرة إذا دخل فيهما الإنسان وجب عليه إتمامهما وإن كانا نفلاً.

ولا يجوز للحاج أن يُوكل مَنْ يرمي عنه إلا إذا كان عاجزاً عن الرمي بنفسه لمرضٍ أو كِبَر أو صِغَر أو نحوها، فيوكّل من يثق بعلمه ودينه فيرمي عنه سواء لقَطَ المُوَكل الحصا وسلمها للوكيل، أو لقطها الوكيلُ ورمى بها عن موكله.

وكيفية الرمي في الوكالة أن يَرمي الوكيل عن نفسه أولاً سبعَ حَصيات، ثم يَرمي عن موكله بعد ذلك، فَيُعينه بالنيةِ.

ولا بأس أن يَرمي عن نفسه وعمن وكله في موقفٍ واحدٍ، وهو اختيار الشيخ عبدالعزيز ابن باز والشيخ محمد ابن عثيمين.

طواف الوداع:
إذا نَفَرَ الحاج من منى وانتهت جميع أعمال الحج، وأراد السفر إلى بلده فإنه لا يخرجُ حتى يطوف بالبيت للوداع سبعةَ أشواط، لأن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- طاف للوداع وكان قد قال: “لتأخذوا عني مناسككم».

ويجبُ أن يكون هذا الطوافُ آخر شيء يفعلهُ بمكة -حرسها الله- لحديث ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: “كان الناس ينصرفون في كلِّ وجهٍ فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: “لا ينفرنِّ أحدٌ حتى يكون آخرَ عهده بالبيت» رواه مسلم.

فلا يجوز البقاء بعده بمكة -حرسها الله-، ولا التشاغل بشيء إلا ما يتعلق بأغراض السفر وحوائجه؛ كشد الرحل وانتظار الرفقة، أو انتظار السيارة، إذا كان قد وَعَدَهم صَاحبها في وقتٍ معين فتأخر عنه، ونحو ذلك.

فإن أقام لغير ما ذُكر وَجَبَ عليه إعادة الطواف ليكون آخرَ عهده بالبيتِ.

ولا يجب طواف الوداع على الحائض والنُّفساء لحديث ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: “أُمِرَ الناس أن يكون آخر عهدهم بالبيت، إلا أنه خفف عن الحائض» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

وفي “صحيح مسلم» عن عائشة -رضي الله عنها- قالت:
حاضت صفية بنت حُيَيّ بعدما أفاضت، قالت عائشة: فَذَكرت حَيضتها لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال: “أحابستنا هي؟» فقلت: يا رسول الله إنها قد كانت أفاضَت وطافت بالبيت ثم حاضت بعد الإفاضة، فقال النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: “فَلتنفر».

والمريض الذي لا يقدر على الطواف حكمه حكمهما.

وكتبه:
الشيخ: عبد الرحمن بن محمد بن علي الهرفي
الداعية بمركز الدعوة بالمنطقة الشرقية.


تهذيب أحكام الحَجِّ فِي السَّفَرِ وشيءٍ مِنْ آدَابِهِ وأحْكَامِهِ 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 52691
العمر : 72

تهذيب أحكام الحَجِّ فِي السَّفَرِ وشيءٍ مِنْ آدَابِهِ وأحْكَامِهِ Empty
مُساهمةموضوع: رد: تهذيب أحكام الحَجِّ فِي السَّفَرِ وشيءٍ مِنْ آدَابِهِ وأحْكَامِهِ   تهذيب أحكام الحَجِّ فِي السَّفَرِ وشيءٍ مِنْ آدَابِهِ وأحْكَامِهِ Emptyالثلاثاء 14 أغسطس 2018, 9:05 pm

الهــــــــــوامش
------------------
(1) المفردات.
(2) العمدة 2/73.
(3) الفتح 3/482.
(4) تخريج الحديث.
(5) رَجَّحَ الدكتور عبد الله الطيار أنها الخريبات.
(6) الممتع: 7/58 عناية المشيقح.
(7) مجموع الفتاوى: 26/98.
(8) منسك الشنقيطي: 1/166، وقد أطنب الشيخ في ذكر الأدلة.
(9) شرح المهذب: 7/163.
(10) سماحة الشيخ محمد الأمين.
(11) الذي يظهر لي أنه لا يمكن لختلاف الخلقة والله اعلم.
(12) المجموعة الكاملة: 4/2/139.
(13) سألني أحد الإخوة أن صاحب الحافلة أوقفهم خارج حدود عرفة وقريبا منهم، وقال فطلبت من الذهاب بنا لعرفة فقال: الوقف هنا يصح، فذهبت ومعي عدد يسر من الناس والأكثر بقوا في مكانهم فما حكم حجهم؟ وبلا ريب أن حجهم باطل.
(14) قال ابن حجر في التلخيص (3|888): أحمد وأصحاب السنن وابن حبان والحاكم والدارقطني والبيهقي بألفاظ مختلفة وصحح هذا الحديث الدارقطني والحاكم والقاضي  ابن العربي.
(15) المغنى: 5/429.
(16) المغني: 5/308.
(17) قال شيخنا الشيخ صالح الدرويش: (رمي الجمار للمتعجلين قبل الزوال جائز، وهو الأصل لأن النبي -صلى الله عليه وسلّم- رمي العقبة ضحى، ولا فرق بين العقبة وغيرها.

المصدر:
موقع صيد الفوائد

الرابط:
http://www.saaid.net/Doat/alharfi/56.htm


تهذيب أحكام الحَجِّ فِي السَّفَرِ وشيءٍ مِنْ آدَابِهِ وأحْكَامِهِ 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
 
تهذيب أحكام الحَجِّ فِي السَّفَرِ وشيءٍ مِنْ آدَابِهِ وأحْكَامِهِ
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات إنما المؤمنون إخوة (2024 - 2010) The Believers Are Brothers :: (العربي) :: فـضــــائل الـشهـــور والأيـــام :: منتدى الحج والعمرة :: كتـــابـــات فـي الـحــــج والـعـمـــــرة-
انتقل الى: