أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52644 العمر : 72
| |
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52644 العمر : 72
| موضوع: رد: 97- اسم الله: "الْـعَـالِـمْ" السبت 05 مايو 2018, 11:20 pm | |
|
والشيء الدقيق أنَّه: "وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ (76)" (سورة يوسف).
يُرْوى قبل ستِّين عاماً فيما أذْكر وفيما سَمِعْت أنَّ أحد شيوخ الأزهر قَدِم إلى الشَّام وشَيْخ الأزهر في مِصْر يُساوي مَرْتَبَةً علمية وله أيضاً مرتبة إدارية مرموقة عالِيَةً جداً فَجَلَسَ في بعض مجالِس الشيوخ في دمشق وهو الشيخ بدْر الدين وكان يَمْلأ هذا الكرسي لأنّ مرْتَبَتَهُ العلمية العالية، ومرتبته الإدارية تسمحان له بذلك، فلما سَمِع عِلْم الشيخ بدْر الدين غَيَّر من جَلْسَتِهِ إلى أنْ تطامَنَ.
"وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ" وأحْياناً يكون الإنسان في مجَلْس لا يسْتطيع أحدٌ أنْ يرُدّ عليه فَيَتَكَلَّم بما يشاء فإذا اكْتَشَفَ أنّ في المجْلِس مَنْ هو أعْلم منه يسْكُت ولسان حاله يقول: سكَتُّ إجْلالاً لِعِلْمِك والإنسان من حِكْمَتِهِ البالِغة أنَّه إنْ كان في المجْلِس مَنْ هو أَعْلم منه عليهِ أنْ يلْزم الصمْت فإذا تكلَّم في حضْرة مَنْ يعْلم فقد أسَاءَ الأدبَ ولكن الذي يعلم قد زانه أدَبُ العلم، فتراهُ يُصْغي للحديث بِسَمْعِهِ وبِقَلْبِهِ ولَعَلَّهُ أدْرى بِهِ.
من الآيات التي وردت فيها كلِمة العالِم قوله تعالى: "عالم الغيب فلا يُظهر على غيْبه أحداً إلا من ارْتضى من رسول"، والنبيُ عليه الصلاة والسلام حَدَّثنَا عن آخر الزمان قال: ((إِذَا رَأَيْتَ شُحًّا مُطَاعًا وَهَوًى مُتَّبَعًا وَدُنْيَا مُؤْثَرَةً وَإِعْجَابَ كُلِّ ذِي رَأْيٍ بِرَأْيِهِ فَعَلَيْكَ بِخَاصَّةِ نَفْسِكَ وَدَعِ الْعَوَامَّ فَإِنَّ مِنْ وَرَائِكُمْ أَيَّامًا الصَّبْرُ فِيهِنَّ مِثْلُ الْقَبْضِ عَلَى الْجَمْرِ لِلْعَامِلِ فِيهِنَّ مِثْلُ أَجْرِ خَمْسِينَ رَجُلا يَعْمَلُونَ مِثْلَ عَمَلِكُمْ)) [رواه الترمذي].
وإذا وُسِّدت الأمور لِغَيْر أهْلِها فانتَظِر الساعة، ومن علامات قيام الساعة أنْ يكون المطر قيْظاً والولَد غيْظاً ويفيض اللِّئام فيْضاً ويغيض الكِرام غيْضاً، ومن علامات قيام الساعة أنْ يُصَدَّق الكاذِب ويُكَذَّب الصادِق وأنْ يؤْتَمَنَ الخائن ويُخَوَّن الأمين.
أحاديث كثيرة نبَّأنا بِها النبي صلى الله عليه وسلّم قال: ((عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صِنْفَانِ مِنْ أَهْلِ النَّارِ لَمْ أَرَهُمَا قَوْمٌ مَعَهُمْ سِيَاطٌ كَأَذْنَابِ الْبَقَرِ يَضْرِبُونَ بِهَا النَّاسَ وَنِسَاءٌ كَاسِيَاتٌ عَارِيَاتٌ مُمِيلاتٌ مَائِلاتٌ رُءُوسُهُنَّ كَأَسْنِمَةِ الْبُخْتِ الْمَائِلَةِ لا يَدْخُلْنَ الْجَنَّةَ وَلا يَجِدْنَ رِيحَهَا وَإِنَّ رِيحَهَا لَيُوجَدُ مِنْ مَسِيرَةِ كَذَا وَكَذَا)) [رواه مسلم].
كيف أنَّها كاسِيَة عارِيَة؟ إما إنَّ ثِيابَها تشِفُّ عمَّا تحْتها هي كاسِيَة فيما يبدو ولكِنها عارِيَة لما يَشِفُّ عمَّا تحت ثيابها أو أنَّها ضَيِّقة تصِفُ حجْمَ أعْضائِها فهي كاسِيَةٌ عارِيَةٌ ومائِلةٌ مُميلَةٌ فَالْعَنُوهُنَّ لأنَّهُنَّ مَلْعُونَات كما قال عليه الصلاة والسلام.
قال تعالى: "عَالِمُ الْغَيْبِ فَلَا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَداً (26)" (سورة الجن).
((عن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ قَالَ أَقْبَلَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ يَا مَعْشَرَ الْمُهَاجِرِينَ خَمْسٌ إِذَا ابْتُلِيتُمْ بِهِنَّ وَأَعُوذُ بِاللَّهِ أَنْ تُدْرِكُوهُنَّ: لَمْ تَظْهَرِ الْفَاحِشَةُ فِي قَوْمٍ قَطُّ حَتَّى يُعْلِنُوا بِهَا إِلا فَشَا فِيهِمُ الطَّاعُونُ وَالأَوْجَاعُ الَّتِي لَمْ تَكُنْ مَضَتْ فِي أَسْلافِهِمِ الَّذِينَ مَضَوْا، وَلَمْ يَنْقُصُوا الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ إِلا أُخِذُوا بِالسِّنِينَ وَشِدَّةِ الْمَئُونَةِ وَجَوْرِ السُّلْطَانِ عَلَيْهِمْ، وَلَمْ يَمْنَعُوا زَكَاةَ أَمْوَالِهِمْ إِلا مُنِعُوا الْقَطْرَ مِنَ السَّمَاءِ وَلَوْلا الْبَهَائِمُ لَمْ يُمْطَرُوا، وَلَمْ يَنْقُضُوا عَهْدَ اللَّهِ وَعَهْدَ رَسُولِهِ إِلا سَلَّطَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ عَدُوًّا مِنْ غَيْرِهِمْ فَأَخَذُوا بَعْضَ مَا فِي أَيْدِيهِمْ، وَمَا لَمْ تَحْكُمْ أَئِمَّتُهُمْ بِكِتَابِ اللَّهِ وَيَتَخَيَّرُوا مِمَّا أَنْزَلَ اللَّهُ إِلا جَعَلَ اللَّهُ بَأْسَهُمْ بَيْنَهُمْ)) [رواه ابن ماجة].
أليس هذا الحديث من دلائل نُبُوَّة النبي عليه الصلاة والسلام؟ فهذا الحديث من أرْوَعِ الأحاديث وكأنَّ النبي عليه الصلاة والسلام معناَ.
أيها الإخوة الكِرام: هذا الاسْم العالِم ورد كثيراً مع الغيب والشهادة فقد قال عز وجل: "وَلَهُ مَا سَكَنَ فِي اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (13)" (سورة الأنعام).
عالِم الغيب والشهادة فكُلّ ما هو واقِع هو من عالم الشهادة وكلُّ ما لم يقع هو من عالَم الغيب فالله سبحانه وتعالى عالم الغيب وعالِم الشهادة؛ عالِم الغيب والشهادة فَهُناكَ شيءُ يغيب عنك لِبُعْد مكانِه وهناك شيءٌ يغيب عنك لِبُعْد زمانِهِ.
فأنت الآن في الشام لا تدْري ما هو الآن كائِنٌ بِحلب وفي الساحة الفُلانِيَّة وفي المكان الفلاني لا تدْري ما يكون في حلب هو من عالم الشهادة ولكنّه بعيدٌ عنك فالذي بيْنك وبيْنه مسافاتٌ طويلة لكن عالم الغيب الزَّمني؛ الماضي السحيق أو المُسْتقْبل البعيد فَهُناك غَيْب الماضي هو بُعْد زماني وغيْبُ المُسْتَقْبل بُعْد زماني ولكنّ غيْب الحاضِر بُعدٌ مكاني فالله سُبْحانه وتعالى عالِم الغيب والشهادة.
ومن هنا كان سيِّدنا علي ابن أبي طالب رضي الله عنه أو رسول الله صلى الله عليه وسلّم إذا سافر دعا بِهذا الدعاء: "اللهم أنت الرفيق في السَّفر والخليفة في الأهل والمال والولد".
هو معك لأنه عالِم الشهادة وهو مع أهْلِك لأنه عالم الغيب فإذا دعا الإنسان بِهذا الدعاء قبل أنْ يُسافر يُلْقي الله في قلْبِهِ الطُّمأنينة والسَّكينة لأنّ الله تعالى كما يقول: "قَالَ هَلْ آَمَنُكُمْ عَلَيْهِ إِلَّا كَمَا أَمِنْتُكُمْ عَلَى أَخِيهِ مِنْ قَبْلُ فَاللَّهُ خَيْرٌ حَافِظاً وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ (64)" (سورة يوسف).
تَرْوي بعض الأحاديث: أنّ الله يوقِفُ عَبْدَيْن يوم القِيامة؛ عبْداً أعْطاه مالاً فَيَقول له: قد أَعْطيْتُك مالاً فماذاَ صنعْتَ فيه؟ يقول: يا رب لم أُنْفِق منه شيئاً مخافَة الفقْر على أولادي من بعْدي يقول الله عز وجل: ألم تعْلم أني أنا الرَّزَّاقُ ذو القوة المتين؟ إنَّ الذي خشيتَهُ على أوْلادِك من بعْدِك قد أنْزَلْتُهُ بهم، ويقول لِعَبْدٍ آخر قد أَعْطيْتُك مالاً فماذاَ صنعْتَ فيه؟ يقول يا رب أنْفَقْتُهُ على كلِّ مُحْتاجٍ ومِسْكين لِثِقَتي أنَّك خيْرٌ حافِظاً وأنت أرْحم الراحِمين يقول الله عز وجل: أنا الحافِظ لأوْلادِك من بعْدِك.
وفي قوْلِه تعالى: "قُلِ اللَّهُمَّ فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ عَالِمَ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ أَنْتَ تَحْكُمُ بَيْنَ عِبَادِكَ فِي مَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ (46)" (سورة الزُمر).
بِإمْكانِك أنْ تُسافِر وأنت مُطْمَئِنٌ على أهْلِك لأنَّك دعَوْت الله وهو الذي يعْلم الغَيْب والشهادة أنْ يحْفَظهم في غَيْبَتِك، قال تعالى: "وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ وَسَتُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (105)" (سورة التوبة).
وقال تعالى: "وَإِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَهَيْنِ مِنْ دُونِ اللَّهِ قَالَ سُبْحَانَكَ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ مَا لَيْسَ لِي بِحَقٍّ إِنْ كُنْتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلَا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ إِنَّكَ أَنْتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ (116)" (سورة المائدة).
أحد مصادر قوة المؤمن أنّ الله تعالى عالِم الغيب والشهادة فقد يُلْهِمُهُ أنْ يأْخذ الاحْتِياط من عدُوِّهِ لأنَّ الله يعْلم الغيب والشهادة؛ يعْلم الشهادة التي يشْهَدُها المؤمن ويعْلم ما يغيب عن المؤمن مثلاً لو كان هناك فريقاْنِ وكلاهما يكيد للآخر وكلا أعضاء الفريقين لا يعلم ما يفْعل خصْمُهُ فإذا كان أحد الفريقَيْن مع الله فالله يعْلم ما يَفْعل أعْضاء الفريق الآخر فَيُلْهِم الأوّل أنْ يفْعل كذا وكذا.
قال تعالى: "إِنَّ اللَّهَ يُدَافِعُ عَنِ الَّذِينَ آَمَنُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ خَوَّانٍ كَفُورٍ (38)" (سورة الحج).
فإذا كنت مع الله فمَنْ يسْتطيع أن يكون عليْك؟ وإذا كان الله معك فَمَنْ عليْك؟ لأن الله مع خصْمِك يَعْلَمُ سِرَّهُ ونَجْواه ويُلْهِمُك الصَّواب في كلِّ مَوْقِف وتأخذ لنفسك الحيطة والحذر.
قال تعالى: "عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ الْكَبِيرُ الْمُتَعَالِ (9)" (سورة الرعد).
الله جلّ جلاله هو العَلِيّ الأعلى الوهاب، قال تعالى: "عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ (92)" (سورة المؤمنون).
وقال تعالى: "يَعْلَمُ مَا يَلِجُ فِي الْأَرْضِ وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا وَمَا يَنْزِلُ مِنَ السَّمَاءِ وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا وَهُوَ الرَّحِيمُ الْغَفُورُ (2)" (سورة سبأ).
فإذا توَلَّى إنسانٌ أمْراً وغاب عن عِلْمِهِ فيجري فيُقال عنه جاهِل وسَيَّبَ عملَهُ وضعيف الضبط وما استطاع أنْ يضْبِط أمورهُ، أما الله سبحانه فَكُلُّ شيءٍ يدْخل إلى الأرض يعْلَمُهُ وكلُّ شيءٍ يخْرُجُ منها يعْلَمُهُ ولا تخفى عليه خافية، وقال تعالى: "وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَا تَأْتِينَا السَّاعَةُ قُلْ بَلَى وَرَبِّي لَتَأْتِيَنَّكُمْ عَالِمِ الْغَيْبِ لَا يَعْزُبُ عَنْهُ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ وَلَا أَصْغَرُ مِنْ ذَلِكَ وَلَا أَكْبَرُ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ (3)" (سورة سبأ).
وقال تعالى: "وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُهَا وَلَا حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الْأَرْضِ وَلَا رَطْبٍ وَلَا يَابِسٍ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ (59)" (سورة الأنعام).
تَصَوَّر أنَّكَ تمْشي في بُسْتان أيام الخريف؛ كم من ورقة تسْقط في الخريف؟ إذا كان أرْبَعَةُ أَخْماسِ الأشْجار أَشْجارٌ مُتَساقِطة الأوْراق فَكَم ورقَةً تسْقُط في الخريف؟ عددها كبير جداً والصيغَةُ صيغة قصْرٍ لو قال سبحانه يعْلم سُقوط الأوْراق كان له معنى معين، وإنما قال: "وما تسْقط من ورقة إلا يعْلمها" فإذا كان يعْلم سُقوط ورقة ألا يعْلم ما يدور في ذِهْنِك؟ وما تنْوي أنْ تفْعَل؟.
لِذلك أيها الإخوة: من الآيات التي تلْفِت النظر أنَّ الحجّ كلّهُ من أجْل أنْ تعْلم أنّ الله يعْلم أن المؤمنين سيملئون جنبات هذا المكان المُقَدَّسِ ويكونون مصدر رزق لسكانه الذي سكنوه وهو غير ذي زرع، والكَونُ كُلُّهُ من أجْل أنْ تعْلمَ أنَّ اللهَ يعْلم.
قال تعالى: "اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَوَاتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ الْأَمْرُ بَيْنَهُنَّ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْماً (12)" (سورة الطلاق).
وقال تعالى: "وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لا تَأْتِينَا السَّاعَةُ قُلْ بَلَى وَرَبِّي لَتَأْتِيَنَّكُمْ عَالِمِ الْغَيْبِ لا يَعْزُبُ عَنْهُ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلا فِي الأَرْضِ وَلا أَصْغَرُ مِنْ ذَلِكَ وَلا أَكْبَرُ إِلا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ".
وقال تعالى: "إِنَّ اللَّهَ عَالِمُ غَيْبِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ (38)" (سورة فاطر).
إن الله سبحانه يعلم ما تنطوي عليه النفْسُ البشرِيَّة وما تُكِنُّ وما تُسِرّ وما يَخْفى عليها وما تَحْلم به وما يدْفَعُها وبواعِثُها: "إِنَّ اللَّهَ عَالِمُ غَيْبِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ"، وهو سبحانه لا يخفى عليه شيء في الأرض ولا في السماء
وفي الزُّمُر قال تعالى: "قُلْ اللَّهُمَّ فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ عَالِمَ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ أَنْتَ تَحْكُمُ بَيْنَ عِبَادِكَ فِي مَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ" (سورة الزُّمُر).
وفي سورة الحشر قال تعالى: "هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ (22)" (سورة الحشر).
وفي سورة الجمعة، قال تعالى: "قُلْ إِنَّ الْمَوْتَ الَّذِي تَفِرُّونَ مِنْهُ فَإِنَّهُ مُلَاقِيكُمْ ثُمَّ تُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (8)" (سورة الجمعة).
وفي سورة التغابن، قال تعالى: "عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (18)" (سورة التغابن).
وفي سورة الجنّ، قال تعالى: "عَالِمُ الْغَيْبِ فَلَا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَداً (26)" (سورة الجن).
وقال تعالى: "وَلَقَدْ آَتَيْنَا إِبْرَاهِيمَ رُشْدَهُ مِنْ قَبْلُ وَكُنَّا بِهِ عَالِمِينَ (51)" (سورة الأنبياء).
آياتٌ كثيرةٌ جداً وردَتْ فيها كلِمة عالِم وهناك علاّم وعليم؛ علام الغيوب سميع عليم، أما الدرس اليوم العالِم اسْمٌ من أسْماء الله الحُسْنى ويَبْدو أنّ أكثر الآيات التي وردت فيها كلِمة العالِم وهو اسْمٌ من أسْماء الله الحُسْنى ورَدَت هذه الكلِمة مُقْتَرِنة بِعالِم الغيب والشهادة أيْ أنَّ الغيب ما غاب عنك والشهادة ما تشْهَدُهُ فإذا وكَّلْتَ أمْرك إلى الله فهُو يُدافِعُ عنك فيما تشْهَدُهُ وفيما هو غائِبٌ عنك.
أيها الإخوة الكِرام: مُلَخَّصُ هذا الدرس أو التطبيق العملي له هو كما يلي: راقِبْ نفْسَك؛ لو طرق بابك إنْسان كريم له هَيْبَة ومكانة وعالِم ووَقور ودخل إلى البيت كيْفَ سَتَتَصَرَّف؟
تَصَرُّفٌ حكيم تَنْتقي أجْمل الألْفاظ وتَرْتَدي أجْمل الثِّياب وتَجْلِس أمامهُ جلْسَةً مُؤَدّبة فإذا كنت تهابُ رجلاً من بني جِلْدَتِك له مكانةٌ في قوْمِهِ وتتأدَّبُ في مَجْلِسِه... فَكَيْف إذا علِمْت أنْ الله يعْلم؟ وكيْف إذا علِمْت أنّ الله علاّم الغيوب؟ وكيف إذا علِمت أنّ الله لا يخْفى عليه شيءٌ في الأرض ولا في السماء؟ وكيف إذا علِمت أنّ الله أقْرب إليك من حبْل الوريد؟ وكيْفَ إذا علِمْتَ أنَّ الله يحولُ بين المرْء وقَلْبِهِ؟ وكيف إذا علِمْت أنَّهُ يعْلم السِّر وأخفى؟ وكيف إذا علِمْت أنّ الله يعْلم ما كان وما يكون وما سَيَكون ويعْلم ما لم يكن لو كان كيف كان يكون.
لذلك يقول عليه الصلاة والسلام: ((أفْضل إيمان المَرْءِ أنْ يعْلمَ أنَّ اللهَ معه حيثما كان))، وهذا يخفر المؤمن أن يعرف قدر ربه فيها به ويستجدي رحمته وتوفيقه.
هل يُمْكِن أنّهُ إذا كنت ترْكب مرْكَبَةً والإشارة حمْراء والشرْطي واقِف والضابِط موجود والذين على الدراجة جاهِزون؛ هل يُمكن أن تتجاوز الإشارة الحمراء؟
لأنك تعْلم أنَّك لن تنْجُوَ منهم جميعاً فكيْف إذا علِمت أنّ الله معك دائِماً وأنَّك في قبْضَتِهِ ولن تسْتطيع أنْ تتفلَّت من عِقابِهِ أبداً.
فيجب أنْ تعْلم أنّ الله يعْلم فإذا علِمْت أنّ الله يعْلم اسْتَقَمْتَ على أمْرِهِ وإنْ اسْتَقَمْتَ على أمْرِهِ سَعِدْتَ بِقُرْبِهِ في الدنيا والآخرة. والحمد لله رب العالمين. |
|