منتديات إنما المؤمنون إخوة (2024 - 2010) The Believers Are Brothers

(إسلامي.. ثقافي.. اجتماعي.. إعلامي.. علمي.. تاريخي.. دعوي.. تربوي.. طبي.. رياضي.. أدبي..)
 
الرئيسيةالأحداثأحدث الصورالتسجيل
(وما من كاتب إلا سيبلى ** ويبقى الدهر ما كتبت يداه) (فلا تكتب بكفك غير شيء ** يسرك في القيامة أن تراه)

IZHAR UL-HAQ

(Truth Revealed) By: Rahmatullah Kairanvi
قال الفيلسوف توماس كارليل في كتابه الأبطال عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "لقد أصبح من أكبر العار على أي فرد مُتمدين من أبناء هذا العصر؛ أن يُصْغِي إلى ما يظن من أنَّ دِينَ الإسلام كَذِبٌ، وأنَّ مُحَمَّداً -صلى الله عليه وسلم- خَدَّاعٌ مُزُوِّرٌ، وآنَ لنا أنْ نُحارب ما يُشَاعُ من مثل هذه الأقوال السَّخيفة المُخْجِلَةِ؛ فإنَّ الرِّسَالة التي أدَّاهَا ذلك الرَّسُولُ ما زالت السِّراج المُنير مُدَّةَ اثني عشر قرناً، لنحو مائتي مليون من الناس أمثالنا، خلقهم اللهُ الذي خلقنا، (وقت كتابة الفيلسوف توماس كارليل لهذا الكتاب)، إقرأ بقية كتاب الفيلسوف توماس كارليل عن سيدنا محمد -صلى الله عليه وسلم-، على هذا الرابط: محمد بن عبد الله -صلى الله عليه وسلم-.

يقول المستشرق الإسباني جان ليك في كتاب (العرب): "لا يمكن أن توصف حياة محمد بأحسن مما وصفها الله بقوله: (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِين) فكان محمدٌ رحمة حقيقية، وإني أصلي عليه بلهفة وشوق".
فَضَّلَ اللهُ مِصْرَ على سائر البُلدان، كما فَضَّلَ بعض الناس على بعض والأيام والليالي بعضها على بعض، والفضلُ على ضربين: في دِينٍ أو دُنْيَا، أو فيهما جميعاً، وقد فَضَّلَ اللهُ مِصْرَ وشَهِدَ لها في كتابهِ بالكَرَمِ وعِظَم المَنزلة وذَكَرَهَا باسمها وخَصَّهَا دُونَ غيرها، وكَرَّرَ ذِكْرَهَا، وأبَانَ فضلها في آياتٍ تُتْلَى من القرآن العظيم.
المهندس حسن فتحي فيلسوف العمارة ومهندس الفقراء: هو معماري مصري بارز، من مواليد مدينة الأسكندرية، وتخرَّجَ من المُهندس خانة بجامعة فؤاد الأول، اشْتُهِرَ بطرازهِ المعماري الفريد الذي استمَدَّ مَصَادِرَهُ مِنَ العِمَارَةِ الريفية النوبية المَبنية بالطوب اللبن، ومن البيوت والقصور بالقاهرة القديمة في العصرين المملوكي والعُثماني.
رُبَّ ضَارَّةٍ نَافِعَةٍ.. فوائدُ فيروس كورونا غير المتوقعة للبشرية أنَّه لم يكن يَخطرُ على بال أحَدِنَا منذ أن ظهر وباء فيروس كورونا المُستجد، أنْ يكونَ لهذه الجائحة فوائدُ وإيجابيات ملموسة أفادَت كوكب الأرض.. فكيف حدث ذلك؟!...
تخليص الإبريز في تلخيص باريز: هو الكتاب الذي ألّفَهُ الشيخ "رفاعة رافع الطهطاوي" رائد التنوير في العصر الحديث كما يُلَقَّب، ويُمَثِّلُ هذا الكتاب علامة بارزة من علامات التاريخ الثقافي المصري والعربي الحديث.
الشيخ علي الجرجاوي (رحمه الله) قَامَ برحلةٍ إلى اليابان العام 1906م لحُضُورِ مؤتمر الأديان بطوكيو، الذي دعا إليه الإمبراطور الياباني عُلَمَاءَ الأديان لعرض عقائد دينهم على الشعب الياباني، وقد أنفق على رحلته الشَّاقَّةِ من مَالِهِ الخاص، وكان رُكُوبُ البحر وسيلته؛ مِمَّا أتَاحَ لَهُ مُشَاهَدَةَ العَدِيدِ مِنَ المُدُنِ السَّاحِلِيَّةِ في أنحاء العالم، ويُعَدُّ أوَّلَ دَاعِيَةٍ للإسلام في بلاد اليابان في العصر الحديث.

أحْـلامٌ مِـنْ أبِـي (باراك أوباما) ***

 

 87- اسم الله: "الحـافــظ"

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 52644
العمر : 72

87- اسم الله: "الحـافــظ" Empty
مُساهمةموضوع: 87- اسم الله: "الحـافــظ"   87- اسم الله: "الحـافــظ" Emptyالأربعاء 02 مايو 2018, 6:24 am

87- اسم الله: "الحـافــظ" Untit143
87- اسم الله: "الحـافــظ"
بسم الله الرحمن الرحيم
مع الاسم السابع والثمانين من أسماء الله الحُسنى، والاسم هو الحافظ.
الحافظ اسمٌ من أسماء الله الحُسنى وهو اسمٌ زائدٌ على الأسماء التسعة والتسعين التي وردت فيها الأحاديث الصحيحة، الحافظ في اللُغة هو الحارس، وحفِظَه حفظاً أي حرسه حراسةً، وحَفِظَ المال أي رعاه، وحَفِظَ القرآن أي استظهره، وهذا حافظٌ من قومٍ حُفَّاظ أي من الذين رُزِقوا حفظ ما سمعوا.

 والحقيقة من نعم الله الكبرى على الإنسان أن تكون له حافظةٌ قويّة أو ذاكرةٌ قويَّة، لأنَّ الإنسان إذا استمع كثيراً ونسي الذي استمعه، فماذا يستفيد منه؟ حينما تجلس في مجلس، أو حينما تُلقي كلمة، أو حينما تتحدَّث إلى صديق، فإذا خانتك ذاكرتك فلم تحفظ النصوص ولا القصص، ولا الوقائع، ولا الأفكار، ولا التحليلات، ولا التعليقات كيف تستطيع أن تصول وتجول؟

لذلك نعمة الذاكرة القويَّة من أعظم النعم على الإنسان، إلا أنَّ العلماء يرون أنَّ الذاكرة متعلِّقةٌ بالاهتمام، وهذا تعلُّقٌ عادل فالشيء الذي تهتمُّ به تحفظه.

 ادخل إلى محلٍ تجاري فيه خمسون ألف قطعة وكل قطعة لها اسم ولها قياس، ولها سعر، ولها وضع معيَّن، ولها مصدر، ولها منشأ، فتجد صاحب المحل لأنَّ رزقه متعلِّقٌ بهذه البضاعة يحفظها جميعاً، يحفظ حالاتها وأنواعها، وقياساتها، ومصدرها، ومنشأها، وأسعارها كل ذلك في ذاكرته، بل قد يقول أحياناً لغلامٍ في المحل: اصعد تجد قطعةً واحدةً بقيت من هذا الصِنف فائتني بها.. معنى ذلك أنَّ المحل كلَّه في ذاكرته.

 فقل لي ما الذي تهتمُّ له، أَقُل لك إنَّك تحفظه، ففي ذلك عدل فقد قال الله تعالى: "سَنُقْرِئُكَ فَلَا تَنْسَى (6) إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ إِنَّهُ يَعْلَمُ الْجَهْرَ وَمَا يَخْفَى (7)" (سورة الأعلى).

 كان عليه الصلاة والسلام إذا أنزل الله على قلبه الشريف سورةً من كتاب الله حفظها من أوَّل مرة، والذي يحفظ دليل أنَّه مهتم بما يحفظ، فالأشياء التي لا تعنيك لا تحفظها بل إنك تنساها، بل إنَّ الذاكرة صُممت بشكلٍ عجيب، فالذاكرة كما قال لي بعضُ الإخوةِ العلماءِ المختصُّين في علم التشريح والفيزيولوجيا -علم وظائف الأعضاء- "أنَّ مكان الذاكرة في الدماغ يتَّسع لسبعين مليار صورة، وهذه الصور مبوَّبة ومصنَّفة، والذواكر أنواع كثيرة لا حصر لها، منها الذاكرة السمعية، والذاكرة الشمِّية، والذاكرة البصريّة، وذاكرةٌ للألوان، وذاكرة للوجوه، وذاكرة للأسماء، وذاكرة للأرقام، وأنَّ هذه الصور مرتَّبة ترتيباً زمنياً".

فالذي تحتاجه كلَّ يوم موضوع في أقرب مكان، والذي تحتاجه قليلاً يوضع في مكان متوسِّط، والذي تحتاجه نادراً في مكان بعيد، والذي لا تحتاجه أبداً يُمحَى من الذاكرة، بل إنَّ طريقة الحاسوب في قراءة المعلومات تقليدٌ لطريقة الذاكرة في استرجاع المعلومات.

 أنت إذا شممت رائحةً تحاول أن تتعرَّف إلى هذه الرائحة، فما الذي يحدث في الذاكرة؟ أنَّ أثر هذه الرائحة يمرُّ على كلِّ ذاكرات الشم أكثر من مائة ذاكرة شمِّية، فحيثما يكن التوافق تقل: إنها رائحة الياسمين، أو الفل.. وإلى آخره من الروائح.

 الذاكرة وحدها من آيات الله العجيبة الدالة على عظمته، وأنت تتذكَّر الشيء الذي تهتمُّ به، وهذا عدلٌ من الله عزَّ وجلَّ.

 قد تجد إنساناً، أنا أسمِّيه نسَّاء، كثير النسيان في موضوعات لا تعنيه، أما في الموضوعات التي تعنيه كأنَّ ذهنه مُسَجِّل، سريعاً ما يحفظ، فلذلك إذا اهتمَّ أحدنا بكتاب الله عزَّ وجلَّ يحفظه، وإذا اهتمَّ أحدنا بالحديث الشريف يحفظه، وإذا اهتمَّ أحدنا بالمعاني الدقيقة التي هي كنزٌ ثمين والمتعلَّقة بكتاب الله يحفظها.

 وقد يقول أحدهم:
والله ما سمعت معنىً دقيقاً متعلِّقاً بكتاب الله إلا حفظته، وهذا الإنسان نفسه قد ينسى أشياء واضحة جداً وقريبة جداً لأنَّها لا تعنيه، فالمؤمن مشغول بموجبات الإيمان.

 قلنا: هذا حافظ من قومٍ حفَّاظ، أي من الذين رزقوا حفظ ما سمعوا، والقاعدة: أُكتب أجمل ما قرأت، وأحفظ أجمل ما كتبت.

 لذلك، فالإنسان أحياناً يأتي إلى مجلس علم، فلماذا يطرب لما سمع؟ لأنَّ هذا الذي أُلقي شفاهاً من الذاكرة أجمل ما كُتب، والذي كُتب أجمل ما قُرىء، والذي قُريء أجمل ما سمع.. فهناك كلام يسمع، وهذا المسموع كلام فيه الشيء الحسن، فيه أيضاً كلام يلقى على عواهنه، ولكن المكتوب أرقى لأنَّه مدروس وهو خلاصة المسموع، وخلاصة المكتوب يُحْفَظ.

فأحياناً تجد إنساناً يصغي إلى درس إصغاءً تاماً، لأنَّ الأمور كلَّها التي تطرح في الدرس هي أجملُ ما تحويه ذاكرة المتحدث، وهي أجمل التحليلات، وأجمل التعليقات، وأجمل الإرشادات.

 فقد حدثني أخ قال لي:
كنت في أمريكا وهم الآن يسجلون الكتب الثمينة على أشرطة بصوت يحبونه، فالإنسان أحياناً يكون لديه وقت ميت؛ وهذا تعريف للوقت الضائع بالتعبير الاقتصادي، وهذا الوقت هو وقت انطلاقه بمركبته إلى عمله، ووقت الرياضة أيضاً، فأصبح هناك بين كل الناس سلوكٌ شائعٌ، وهو أن يمضي هذا الوقت في طريقه إلى عمله وفي عودته من عمله وفي ساعات الرياضة في سماع شيءٍ ثمين، وهذا الشريط من نعمة الله على الناس، فيمكنك أن تستمع إلى درس علم، أو إلى تفسير، أو حديث، أو إلى درس سيرة، وأنت في بيتك، أو وأنت تعمل، أو وأنت في مركبتك، أو وأنت في السفر، المؤمن الموفَّق لا يُضيِّع ثانيةً من وقته، فبإمكانه حتى في الأوقات الميِّته أن يستفيد منها في طلب العلم.

 قالوا: هناك رجلٌ حافظُ العين، أي لا يغلبه النوم لأنَّ العين تحفظ صاحبها " فهو أثناء جلوسه في مكان، يكون هذا المكان تحت سيطرة عينيه، أما في الليل فالمكان يصبح تحت سيطرة أُذنيه، أرأيتم إلى نعم الله عزَّ وجلَّ، لذلك أصغِ بسمعك للآيات التي قال الله تعالى فيها: "قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ اللَّيْلَ سَرْمَداً إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُمْ بِضِيَاءٍ أَفَلَا تَسْمَعُونَ (71) قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ النَّهَارَ سَرْمَداً إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُمْ بِلَيْلٍ تَسْكُنُونَ فِيهِ أَفَلَا تُبْصِرُونَ (72)" (سورة القصص).

"اللَّيْلَ".

 إن الحاسَّة الأولى فيه السمع.

"أَفَلا تَسْمَعُونَ" والعكس.. الحاسة الأولى في "النَّهَارَ" هي العين.

"أَفَلا تُبْصِرُونَ"
 أنت في النهار مسيطرٌ بعينيك.. وفي الليل مسيطرٌ بأُذنيك، فإذا دخلت فويسقة إلى بيتك -الفأرة- وقد سمَّاها النبي فويسقة، وماتت تحت السرير فلا تراها عينك ولا تسمعها أُذنك، فالحاسة الثالثة التي تكتشفها لك حاسة الشم، فأنت بالحواس الخمس مُسيطرٌ على العالم الخارجي، والآلات الحديثة استطالةٌ للحواس.. فالمجهر.. استطالةٌ للعينين، وكذلك المنظار -التليسكوب-.

رجلٌ حُفَظَة أي كثير الحفظ.
 فمن منكم اطلّع على كتاب الإحياء وهو من أعظم الكُتب التي تركها الغزالي، هذا الإمام العظيم، فالإحياء يُعَدُّ أوَّل كتاب في علم النفس الإسلامي، ففيه أحوال النفس، ودقائق النفس، وأمراض النفس، وفضائل النفس، ومناهج لتحلية النفس بالكمال، وهو من أروع ما كُتب ولكن هل تصدِّقون أيها القراء الكرام أنَّ الإحياء كتبه الإمام الغزالي من ذاكرته وهو في بلاد الشام؟!!

إذاً مَنْ أوتي حافظةً جيِّدةً فقد أوتي خيراً كثيراً.. وقد علَّمُونا ونحن في الجامعة أنَّ الذكاء شيء والذاكرة شيءٌ آخر، فما كلُّ ذكيٍ ذا ذاكرةٍ قويَّة، وما كلُّ ذي ذاكرةٍ قوية ذكي.. قالوا: إلاّ أنَّ هناك منطقةً مشتركةً بين دائرتين متداخلتين وهذه المنطقة هي القاسم المشترك بين الذكاء والذاكرة، فكل إنسان يتمتَّع بذكاء فلابدَّ من أن يستعين بذاكرة، وكل إنسان عنده ذاكرة جيِّدة لابدَّ من أن يكون على حدٍ ما من الذكاء، إلا أنَّ الذاكرة شيء، والذكاء شيءٌ آخر.

 قيل مرةً للإمام الغزالي فيما أذكر:
إنَّ فلاناً حفظ كتاب الأُم للشافعي..

فتبسَّم وقال:
زادت نُسَخُهُ نُسْخَةً.

فالحفظ وحده لا يقدِّم ولا يؤخِّر، لكنَّ العقل والتدبُّرَ والفهم العميق هو الذي يرقى بالإنسان.

 الحافظ:
هو الذي يثبّتك على الطريق البَيّنْ المستقيم الذي لا ينقطع، ويحفظك على المواظبة عليه، أمّا الحَفَظَةُ الذين يحصون أعمال العباد ويكتبونها عليهم هم من الملائكة، والمحافظة المواظبة على الأمر..

أحبُّ الأعمال إلى الله أدومها وإن قَل.

 المحافظة تصنع تراكم المعلومات أو غيرها، والإنسان بلا تراكم لمعلوماته لا يحقق شيئاً..

((عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ سَدِّدُوا وَقَارِبُوا وَاعْلَمُوا أَنْ لَنْ يُدْخِلَ أَحَدَكُمْ عَمَلُهُ الْجَنَّةَ وَأَنَّ أَحَبَّ الأَعْمَالِ إِلَى اللَّهِ أَدْوَمُهَا وَإِنْ قَلَّ)) (صحيح البخاري)،  فلو ثَبَتَّ على المجيء لحضور درس ما من دروس العلم فاثْبُتْ عليه تتراكم لديك الحقائق، وإذا ثبتَّ على صلاة أو على صدقة، أو ثبتَّ على ذكر، أو على تلاوة.. فأحبُّ الأعمال إلى الله أدومها وإن قل.

 المحافظة..
أي المواظبة على الأمر ومنه قوله تعالى: "حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ (238)" (سورة البقرة).

 وقيل:
المحافظة هي المراقبة، والمحافظة الذَبُّ عن المحارم، أي: الدفاع عن المحارم، والمحافظة على العهد الوفاء به والتمسُّك بالودِّ.. هذه اللُغة، فإذا قلنا الله جلَّ جلاله هو الحافظ، فقد حفظ خلقه وعباده من كلِّ سوء، وحفظ عليهم ما يعملون، وحفظ السماوات والأرض بقدرته.

"وَلا يَئُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ".

 فقد قال تعالى:
"اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلَا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِمَا شَاءَ وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَلَا يَئُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ (255)" (سورة البقرة).

 أحياناً يقول أحدهم:
هذا الأمر فوق طاقتي، لا أستطيع ان أستوعبه، ولا أن أُحيط به، ولا أن أديره فهو يحتاج إلى خمسة أشخاص لإنجازه، ولكن الله جل يقول: "وَلا يَئُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ".

 وقد قال تعالى في سورة يوسف:
"قَالَ هَلْ آَمَنُكُمْ عَلَيْهِ إِلَّا كَمَا أَمِنْتُكُمْ عَلَى أَخِيهِ مِنْ قَبْلُ فَاللَّهُ خَيْرٌ حَافِظاً وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ (64)" (سورة يوسف).

وإذا العناية لاحظتك جفونها  نَمْ فالمخاوف كلُّهُنَّ أمانُ.
***
 إذا حفظك الله عزَّ وجلَّ سخَّر لك كل شيء حتى أعداءك هم في خدمتك.

"فَاللَّهُ خَيْرٌ حَافِظًا وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ".
 فالإنسان قد يُحكم الأقفال.. كما حَدَّثُونِي عن أحد الصَّاغة وهو يُعَدُّ الأول في صنعته وليس له شبيهٌ قام بتصميم صندوقٍ وصنعه من الحديد بحيث لا يمكن أن يُفتح، وبقدرة قادر دخل اللصوص وفتحوه وأخذوا كلَّ ما فيه..

فهو قد ظنَّ أنَّ هذا الصندوق "خَيْرٌ حَافِظًا".

 لكنَّ الله هو خير حافظ.

"فَاللَّهُ خَيْرٌ حَافِظًا وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ".
 الإنسان كثيراً ما يأخذ بالأسباب إلى حدّ غير معقول ويعتمد عليها، وينسى أنَّ الله هو "خَيْرٌ حَافِظًا" فيؤتى من مأمنه، يُؤتى وهو في أعلى درجات اليقظة، يُؤتى الحَذِرُ من المنطقة المطمئن إليها، وهذا من آيات الله فقد قيل: عرفتُ اللهَ من نقض العزائم..

جميلٌ جداً أن تأخذ بالأسباب وأن تأخذ الاحتياط، ولكنَّ الأجمل من ذلك أن تأخذ بالأسباب وأن تعتمد على الله الواحد القهَّار، أن يكون اعتمادك على الله حقاً مع الأخذ بالأسباب.

 أحياناً يقولون:
قمنا بعمل مراجعة كاملة على السيارة فاطمَئِنْ، فتقطعه في الطريق، وأحياناً تُجرى عليها مراجعة كاملة ويقول صاحبها أنت يا رب المُسَلِّمُ وأنت الحافظ.. فالقضية قضية دقيقة؛ فاعقل وتوكل.

فيجب أن تأخذ بكلِّ الأسباب وألاّ تعتمد في حفظها لك إلا على الله عزَّ وجلَّ.

"فَاللَّهُ خَيْرٌ حَافِظًا".

 إعراب حافظاً:
تمييز.. أي: اللهُ خيرٌ، خيرٌ معطياً، خيرٌ آخذاً، خيرٌ حافظاً و"خيرٌ" لفظٌ مُبهم، لولا التمييز لصدق على أشياء كثيرة.

"فَاللَّهُ خَيْرٌ حَافِظًا وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ".

 أي: حفظٌ مطلق.
 قد يُسافر الإنسان؛ فَهلْ في الأرض جهةٌ يمكن أن ترافقه وأن تخلفه في بيته وسفره معًا وفي وقت واحدٍ؟ مستحيل ذلك إلا على الله، فإذا سافر الإنسان يقول: اللهمَّ أنت الرفيق في السفر، والخليفة في الأهل والمال والولد.

 وقد يتعرض طفل صغير لحادث؛ كأن يقع على رأسه إبريقٌ من الشاي الساخن قليلاً ويشوَّه وجهه، وكلَّما ألقى الأب على ابنه نظرةً شعر بحُرقةٍ في قلبه، فالإنسان أثناء سفره يفكر هل أهله بخير، ويضرع لله ألاّ تكون هناك مشكلة لديهم، ويتساءل هل هم مستقرّون في البيت، وهل حدث لهم حادث مزعج.. فمَنْ الذي يحفظ أهلك في غيبتك؟ الله جلَّ جلاله.

فأنت إذا سافرت حتى تكون مطمئناً فوّض الأمر إلى الله وادعُ بهذا الدعاء: اللهمَّ أنت الرفيق في السفر، والخليفة في الأهل والمال والولد.

كلام ربنا كلام رائع جداً:
"فَاللَّهُ خَيْرٌ حَافِظًا".

 يحفظ لك صحَّتك، ويحفظ لك مالك.. وقد يسافر المَرْءُ إلى بلد بعيد ومعه أموال طائلة وفيه يقظة وحرص وانتباه ولا ينقصه شيء فتُسرق محفظته وفيها كل لوازمه الشخصيَّة من جواز للسفر، للشيكات المصرفية، والمعاملات والوثائق الضرورية وبطاقة الطائرة فيصبح شريداً متسكِّعاً في الطرقات.

"فَاللَّهُ خَيْرٌ حَافِظًا".
 أي يحفظ لك صحَّتك، ويحفظ لك أهلك وأولادك، ومالك، وبيتك، ومحلَّك، ومستودعك، وبضاعتك، وسمعتك، ومكانتك.



87- اسم الله: "الحـافــظ" 2013_110


عدل سابقا من قبل أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn في الخميس 29 أبريل 2021, 4:28 pm عدل 2 مرات
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 52644
العمر : 72

87- اسم الله: "الحـافــظ" Empty
مُساهمةموضوع: رد: 87- اسم الله: "الحـافــظ"   87- اسم الله: "الحـافــظ" Emptyالأربعاء 02 مايو 2018, 6:27 am

"فَاللَّهُ خَيْرٌ حَافِظًا".
 كُنْ لي كما أريد أكُنْ لك كما تريد.. كن لي كما أريد ولا تُعْلِمني بما يُصلحك.

 وهذه الآية الكريمة وردت على لسان سيدنا يعقوب فقد قال تعالى: "قَالَ هَلْ آمَنُكُمْ عَلَيْهِ إِلا كَمَا أَمِنتُكُمْ عَلَى أَخِيهِ مِنْ قَبْلُ فَاللَّهُ خَيْرٌ حَافِظًا وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ".

 أي فالله خيرٌ حافظاً يحفظ ابني يوسف، وسيرحم كِبَرِي وضعفي ووجدي بولدي، وأرجو من الله أن يردَّه علي ويجمع شملي به إنَّه أرحم الراحمين.

 لذلك فاليأس من رَوْح الله كُفر، اليأس والقنوط يساويان الكُفر، قال تعالى: "إِنَّهُ لَا يَيْئَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ".

 وقال تعالى:
"إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ (9)" (سورة الحجر).

 هذا قرآننا الكريم الذي نزل على سيِّد المرسلين هو هو الذي بين أيدينا، ليس فيه حرفٌ زائدٌ ولا حرفٌ ناقصٌ، وجميع المحاولات التي جرت لتغيير كلماته أخفقت، فقد طُبع في العهد العثماني خمسون ألف نسخة حذفت منها كلمة واحدة من سورة آل عمران في قوله تعالى: "وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِيناً فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآَخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ (85)" (سورة آل عمران).

وقد حذفوا كلمة واحدة ولم يطبعوها وهي كلمة "غَيْرَ" فأصبحت الآية: "وَمَنْ يَبْتَغِ... الإِسْلامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنْ الْخَاسِرِينَ"، فأتلفت النسخ وأحرقت، فاللهُ عزَّ وجلَّ تولَّى بذاته حفظ كلامه، فلا يمكن لجهةٍ في الأرض أن تُبَدِّلَ أو أن تغيِّر فيه، وليس معنى هذا أنَّه لا تجري محاولات بل تجري وما أكثر ما تجري، ولكنَّها لا تنجح، ولن تنجح بإذن الله.

 وقد قال العلماء أيضاً:
"من لوازم حفظ القرآن الكريم حفظ سنَّة رسول الله لأنَّها مُبَيِّنَة"، فالقرآن قانون والسُّنَّةُ معه كمرسوم تفسيري تشريعي، إذا حافظنا على القانون ولم نحافظ على المرسوم فلم نستفد من ذلك شيئاً لأنَّ القانون مُقنِّنٌ والمرسوم مُفَسِّر.. فمن لوازم حفظ كلامه حفظ سنَّة نبيِّه..

 لذلك هؤلاء العلماء الأجلاَّء أمثال البخاري ومسلم وابن ماجة والترمذي والإمام مالك وغيرهم، هؤلاء العلماء الذين شمَّرُوا ودرسوا حديث رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ودرسوا أحوال الرجال، وصنَّفوا، وعدَّلوا وجرّحوا، واعتمدوا قواعد دقيقة جداً لتدوين الحديث، هؤلاء أعانهم الله على أعمالهم، ويسَّر اللهُ لهم عملهم، لأنَّه تولَّى بنفسه حفظ كتابه وحفظ سُنَّةَ نبيِّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.. لقوله تعالى: "إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ".

 وفي سورة الأنبياء، يقول الله عزَّ وجلَّ:
"وَمِنَ الشَّيَاطِينِ مَنْ يَغُوصُونَ لَهُ وَيَعْمَلُونَ عَمَلاً دُونَ ذَلِكَ وَكُنَّا لَهُمْ حَافِظِينَ (82)" (سورة الأنبياء) أي مدققين فيما يعملون ومراقبين لهم.

والحفظ له معنيان:
إما أن أحفظ كلَّ ما تفعله وكلَّ ما تقوله، وأسجل عليك كلَّ ما تفعله وكلَّ ما تقوله، وإما أن أحفظك من كلِّ مكروه..
فالمعنى الأول هو العلم، والمعنى الثاني هو التربية، أي حفظٌ في الذاكرة وإحصاء، وحفظٌ من كل مكروه وأذيّة.

 قال الله تعالى:
"لَهُ مُعَقِّبَاتٌ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ وَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِقَوْمٍ سُوءاً فَلَا مَرَدَّ لَهُ وَمَا لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَالٍ (11)" (سورة الرعد).

"لَهُ مُعَقِّبَاتٌ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ" من كل سوء.

"يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ"
 يعني أن هؤلاء الحفظة يؤدون عملهم بأمر من الله.

 وفي سورة البروج، قال الله تعالى:
"بَلْ هُوَ قُرْآَنٌ مَجِيدٌ (21) فِي لَوْحٍ مَحْفُوظٍ (22)" (سورة البروج).

 فهذا اللوح المحفوظ، اختلف العلماء في تفسيره، فأقرب ما يكون أن المبادئ الكبرى التي خلق الله الخلق وَفقها، والسُّنَنُ العظمى التي سنَّها الله في تعامله مع خلقه، هي في اللوح المحفوظ، ومن باب التقريب والتوضيح؛ أن أمةً عظيمةً لها دولةٌ كبيرة ولها أجهزةٌ بالغة الدقة، لا بد لها من دستورٍ فيه كلُّ الأمور الأساسية، ويصدر مع هذا الدستور قوانين كثيرة ومراسيم تشريعية، ومراسيم تفسيرية، ومراسيم تنظيمية، إلا أن الأصل أن كلَّ القوانين تنطلق من الدستور، مثلاً حرية الكلمة، حرية العمل، حرية التعلُّم، حرية التعبير هذه كلها في الدستور، ثم القوانين تفسرها وتوضّح كيفية الأخذ بها، فاللوح المحفوظ يضم المبادئ العظمى، والسُّنَنُ الكبرى التي يتعامل الله بها مع خلقه في اللوح المحفوظ.

 الإمام الحسن البصري يقول:
"إن هذا القرآن المجيد عند الله في لوحٍ محفوظ يُنَزِّل منه ما يشاء على مَنْ يشاء من خلقه".

 ويقول الله تعالى في سورة النساء عندما يتحدث عن الأسرة وقوامة الرجل في بيته وأهلِهِ: "الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلاً إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيّاً كَبِيراً (34)؟ (سورة النساء).

 فأرقى صفة في المرأة أنها تحفظ زوجها، تحفظ عرضها في غيبة زوجها، وتحفظ مال زوجها في غيبته، وتحفظ سرَّ زوجها، وتحفظ نفسها.

 المرأة الصالحة تحفظ نفسها، لا تسمح لأجنبيٍ أن ينظر إليها، لا تلين ولا تخضع بالقول للبائع إذا اشترت، لا تضرب برجلها ليظهر ما يَخْفى من زينتها، كلامها جاد، مشيتها جادة، نظراتها مستقيمة لا يزيغ بصرها، لا تسمح لأحداً أن يطمع فيها.. فقد قال تعالى: "يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلاً مَعْرُوفاً (32)" (سورة الأحزاب).

"وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آَبَائِهِنَّ أَوْ آَبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاءِ"

"وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعاً أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (31)" (سورة النور).

 أمَّا هذه التي تبدو بأجمل زينة، تُثير كُلَّ الناس حولها، لسان حالها يدعو الآخرين إلى التحرُّش بها، هذه المُتبرجة، المُتفلِّتة التي لا ترعى حقَّ الله في خروجها، فلسان حالها يدعو الناس إلى الدنو منها والطمع فيها، فالمرأة المؤمنة تحفظ نفسها، وتحفظ مال زوجها، وتحفظ سرَّ زوجها.

 يقول عليه الصلاة والسلام:
((إني أكره المرأة تخرج من بيتها تشتكي على زوجها)).

((عَنْ ثَوْبَانَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ الْمُخْتَلِعَاتُ هُنَّ الْمُنَافِقَاتُ قَالَ أَبُو عِيسَى هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ وَلَيْسَ إِسْنَادُهُ بِالْقَوِيِّ.

وَرُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ أَيُّمَا امْرَأَةٍ اخْتَلَعَتْ مِنْ زَوْجِهَا مِنْ غَيْرِ بَأْسٍ لَمْ تَرِحْ رَائِحَةَ الْجَنَّةِ)) (سنن الترمذي).

 وأخرج البزار والحاكم وصححه عن ابن عمرو قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لا ينظر اللهُ إلى امرأة لا تشكر لزوجها وهي لا تستغني عنه)).

 فالآية الكريمة:
"الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ وَاللاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ".

 حَدَّثَنِي أخ يعمل في طلاء البيوت قال لي:
كنا مجموعة من العمال نعمل في البيت وبه غرفة مُغلقةٌ من الدَّاخل، الرَّجُل حريص على أهل بيته وفي تلك الغرفة زوجته، قال: "سبحان الله" في أثناء غيبته خرجت بثيابٍ لا يُعقل أن يراها فيها إلا زوجها، ثياب شفَّافة، إنها مُتَفَلِّتَةٌ خرجت بين الشباب في غيبة زوجها، فإن هذا السُّلوك لا يكون من مؤمنة.

المؤمنة تحفظ نفسها وتحفظ سرَّ زوجها وتحفظ مال زوجها وتحافظ على سمعته وكرامته من خلال حشمتها وصونها لذاتها.

وقد قال عليه الصلاة والسلام:
((عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (خير النساء التي إذا نظرت إليها سرتك وإذا أمرتها أطاعتك وإذا غبت عنها حفظتك في نفسها ومالك) قال: وتلا هذه الآية: "الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ" إلى آخر الآية)).

 والحفظ أيضاً ورد في القرآن الكريم:
"إِنَّا زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِزِينَةٍ الْكَوَاكِبِ (6) وَحِفْظاً مِنْ كُلِّ شَيْطَانٍ مَارِدٍ (7)" (سورة الصافات).

 أي إذا استرق الشيطان السمع أتبعه شهابٌ ثاقب.

 أيها الإخوة القراء...
ما مِنَّا واحدٌ إلا ويتمنَّى أن يحفظه الله.. إلا أن النَّبِيّ عليه الصلاة والسلام كان أديباً مع الله كان يدعو ويقول: ((عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أَوْفَى الأَسْلَمِيِّ قَالَ خَرَجَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ مَنْ كَانَتْ لَهُ حَاجَةٌ إِلَى اللَّهِ أَوْ إِلَى أَحَدٍ مِنْ خَلْقِهِ فَلْيَتَوَضَّأْ وَلْيُصَلِّ رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ لِيَقُلْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ الْحَلِيمُ الْكَرِيمُ سُبْحَانَ اللَّهِ رَبِّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ مُوجِبَاتِ رَحْمَتِكَ وَعَزَائِمَ مَغْفِرَتِكَ وَالْغَنِيمَةَ مِنْ كُلِّ بِرٍّ وَالسَّلامَةَ مِنْ كُلِّ إِثْمٍ أَسْأَلُكَ أَلا تَدَعَ لِي ذَنْبًا إِلا غَفَرْتَهُ وَلا هَمًّا إِلا فَرَّجْتَهُ وَلا حَاجَةً هِيَ لَكَ رِضًا إِلا قَضَيْتَهَا لِي ثُمَّ يَسْأَلُ اللَّهَ مِنْ أَمْرِ الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ مَا شَاءَ فَإِنَّهُ يُقَدَّرُ)) (سنن ابن ماجة).

 والحفظ له موجبات:
احفظ الله يحفظك، هذا هو أهم ما في البحث الذي نحن بصدده، احفظ أمر الله يحفظك الله عزَّ وجلَّ.. إذا سألت فاسأل الله، وإن استعنت فاستعن بالله.. أما الأساس أنَّك لن تستطيع أن تصل إلى حفظ الله عزَّ وجلَّ إلا إذا حفظت أمره، يراك حيث أمرك ويفتقدك حيث نهاك.

إن حفظت أمر الله عزَّ وجلَّ فالله يحفظك، وحفظ الله شامل يحفظ لك عقلك من أن يصيبه الخلل، يحفظ لك حواسَّك وأعضاءك، يحفظ لك زوجتك وأولادك، يحفظ لك بناتك، يحفظ لك مالك، يحفظ لك سُمْعتك، يحفظ لك دينك، يحفظ لك كرامتك.

 يا ابن عمر لا يغرنَّكَ ما سبق لأبويك من قبل، فإن العبد لو جاء يوم القيامة بالحسنات كأمثال الجبال الرواسي ظن أنه لا ينجو من أهوال ذلك اليوم، يا ابن عمر دينك دينك إنما هو لحمك ودمك، فانظر عَمَّنْ تأخذ، خذ الدين عن الذين استقاموا، ولا تأخذ عن الذين مالوا.

 أيضاً هذا الاسم محبب للإنسان.. فالإنسان حينما يرى كل شيء له محفوظاً فهذه هي الاستقامة، وعزة الاستقامة، الاستقامة عين الكرامة، أنت إذا استقمت على أمر الله حفظ الله لك كلِّ شيء، أنت في ظلِّ الله.

"فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا"

 فقد قال الله تعالى:
"وَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ حِينَ تَقُومُ (48)" (سورة الطور).

 هذه الآية موجَّهةٌ للنبي عليه الصلاة والسلام، وكلٌ آيةٍ موجهةٍ للنبي عليه الصلاة والسلام، للمؤمن منها نصيبٌ على قدر استقامته وإيمانه وإخلاصه.

"فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا".
 وإذا كان الله معك فمَنْ عليك، وإذا كان عليك فمَنْ معك، وحِفْظُ اللهِ يُغني عن كُلِّ شيء.

 فالنبي عليه الصلاة والسلام وهو في غار ثور كان دمه مهدوراً، مائتا ناقة لِمَنْ يأتي به حياً أو ميتاً، ودخلا إلى غار ثور، قال الصديق: لو نظر أحدهم إلى موطيء قدمه لرآنا، قال النبي الكريم: يا أبا بكر لا تحزن إن الله معنا.

 نظروا إليه فوقعت أعينهم على عينه، قال: يا رسول الله لقد رأونا، قال يا أبا بكر ألم تقرأ قوله تعالى: "وَتَرَاهُمْ يَنظُرُونَ إِلَيْكَ وَهُمْ لا يُبْصِرُونَ".

 قال تعالى:
"وَإِنْ تَدْعُوهُمْ إِلَى الْهُدَى لَا يَسْمَعُوا وَتَرَاهُمْ يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ وَهُمْ لَا يُبْصِرُونَ (198)" (سورة الأعراف).

 حَفِظَهُ اللهُ، فقد تبعه سُرَاقةُ على حصانه، غاصت قوائمه في الرَّمل، طلب الأمان لكنه عاد ثانيةً فغاصت قوائم فرسه في الرَّمل ثانيةً فاستسلم لأمر النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

 فإذا كان اللهُ معك فمَنْ عليك؟ إذا حفظك الله فأي شيء يضرُّك.. واللهِ ليس في الأرض كلها جهةٌ مهما قويت تستطيع أن تصل إليك، وإذا تَخلّىَ الله عنك، فقد أسلمك لعدوك، فقد قال الله تعالى: "لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ فِي مَوَاطِنَ كَثِيرَةٍ وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنْكُمْ شَيْئاً وَضَاقَتْ عَلَيْكُمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُمْ مُدْبِرِينَ (25)" (سورة التوبة).

 أرجو الإخوة القراء أن يُصغوا إليَّ وأنا أنهي البحث بهذه الحقيقة.. أنت في كلِّ يوم لك حالان مع الله، حال التَّولِّي، وحال التَّخلِّي، إذا قلت: أنا، أصابك التخلِّي، وإذا قلت: الله؛ نالك التولِّي، أي إذا وحَّدتَ اللهَ تولاَّكَ اللهُ، إذا اعتددتَ بنفسكَ، بمالكَ، بقوتكَ، بعلمكَ، بذكائكَ، بخبرتكَ تَخَلَّى اللهُ عنكَ، تخلَّى عن أصحاب رسول الله يوم حنين وفيهم النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

"لَقَدْ نَصَرَكُمْ اللَّهُ فِي مَوَاطِنَ كَثِيرَةٍ وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنْكُمْ شَيْئًا وَضَاقَتْ عَلَيْكُمْ الأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُمْ مُدْبِرِينَ".

 بينما في بدر قال الله تعالى:
"وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ بِبَدْرٍ وَأَنْتُمْ أَذِلَّةٌ فَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (123)" (سورة آل عمران).

 فقد كانوا يوم بدر في غاية الضَّراعة والذِّلَّة بين يدي الله عزَّ وجلَّ فنصرهم وأيَّدهم.

 أمّا ملخص الملخص...
فإنه ما مِنَّا واحدٌ من دون استثناء إلا ويتمنَّى أن يحفظه الله، أن يحفظ له صحته، هناك أمراض عُضالٌ إذا ألمَّتْ بالإنسان جعلت حياته جحيماً لا يُطاق، يتمنَّى كلٌ مِنَّا أن يحفظ الله له صحته، وأهله وأولاده وبناته وأصهاره وبيته وماله وتجارته وسُمعته ومكانته.

 قد تسمع أخباراً كأنها الصاعقة يرتجف منها كل إنسان عاقل.. قال لي رجل ابنتي حاملة والأصح أن نقول حامل، إذا قلنا امرأةٌ حاملة أي على ظهرها، أما حاملٌ في بطنها، ابنتي حاملٌ من ابني.

أين مكانته أمام الأسرة، الابن في السجن والبنت في المشفى هذه مشكلة، مشكلة كبيرة جداً، وإني أعقّب على هذا فأقول: لقد قصَّر في تربية أولاده ومراقبتهم والالتجاء إلى الله ليُعينه على توجيههم، وتخلَّى عن اللهِ، فتخلّى اللهُ عنهم وعنه!

بينما هنالك إنسان سُمعته طيبة بيته نظيف، علاقاته كلها إيجابية، وعمله جيد، محفوظ في مكانته وسُمعته، موَّفَّقٌ في عمله ولعل هذا حَفِظَ اللهَ فحفظ اللهُ عليه بيته وأهله فقد قال يعقوب لأولاده كما حكى الله عنه: "قَالَ هَلْ آمَنُكُمْ عَلَيْهِ إلا كَمَا أَمِنتُكُمْ عَلَى أَخِيهِ مِنْ قَبْلُ فَاللَّهُ خَيْرٌ حَافِظًا وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ".

 لا تعتمد على غير الله في الحفظ ولا في أيّ أمر من أمورك، أمَّا القول الفيْصل: احفظ الله يحفظك، أي كُن لي كما أريد، أكُن لك كما تريد، عبدي أنت تريد وأنا أريد، فإذا سلّمت لي فيما أريد كفيتك ما تريد، وإن لم تسلّم لي فيما أريد أتعبتك فيما تريد ثم لا يكون إلا ما أريد.

 اللهمَّ أعطنا ولا تحرمنا، أكرمنا ولا تهنا، آثرنا ولا تؤثر علينا، وارضنا وارضَ عنَّا، وصلَّي اللهُمَّ على سيِّدنا مُحَمَّدٍ النَّبِيِّ الأمِّيِّ وعلى آلِهِ وصَحْبِهِ وَسَلَّمْ.
والحَمْدُ للهِ رَبِّ العَالَمِينْ.



87- اسم الله: "الحـافــظ" 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
 
87- اسم الله: "الحـافــظ"
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات إنما المؤمنون إخوة (2024 - 2010) The Believers Are Brothers :: (العربي) :: أسمـاء الله الحُسنى :: أسمــاء الله الحُســـنى-
انتقل الى: