80- اسم الله: "البــاقـــي"
بسم الله الرحمن الرحيم
مع الاسم الثمانين من أسماء الله الحُسنى، والاسم هو الباقي.
هو الحيُّ الباقي على الدوام، البقاء أخي القارئ الكريم ضدُّ الفناء، شأن الخلق الفناء، وشأن الله البقاء، شأن الخلق أن كلَّ من عليها فان، و شأن الخالق أنه باقٍ على الدوام، إلا أن كلمة (بقيَّة) تعني طاعة..
قال تعالى:
"بَقِيَّةُ اللَّهِ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ وَمَا أَنَا عَلَيْكُمْ بِحَفِيظٍ (86)" (سورة هود).
"بَقِيَّةُ اللَّهِ خَيْرٌ لَكُمْ".
أي طاعته خيرٌ لكم، من أين استنبطنا أن البقية هي الطاعة؟
الله جلَّ جلاله أودع في الإنسان الشهوات، هذه الشهوات حيادية يمكن أن نستخدمها وفق منهج الله وبخلاف منهج الله، إن مارست الشهوات وفق منهج الله فأنت أخذت بقية الله، كسب المال أنواعٌ كثيرة محرمة، يكون اغتصاباً، سرقةً، تدليساً، كذباً، غشاً، خداعاً، أما التجارةٌ الشرعيةٌ عن قبولٍ ورضىً وصدقٍ وأمانةٍ هذه بقية الله خيرٌ لكم، هذه المرأة الأجنبية محرمٌ أن تنظر إليها، وهذه وتلك، إلا أن الزوجة والمحارم بقيّة لك من النساء فلك أن تنظر إليهن.
فالبقيَّة هي الطاعة.. وسرُّ تسمية البقية الطاعة أن الله سبحانه وتعالى أودع في الإنسان شهوات يمكن أن نتحرك من خلالها بشكلٍ واسعٍ جداً، إلا أنّ من هذا التحرك الواسع تحركاً منهجياً، تحركاً شرعياً، تحركاً وفق ما أمر الله.
"بَقِيَّةُ اللَّهِ خَيْرٌ لَكُمْ".
لذلك المؤمن لو عرض عليه مالٌ كثير إن لم يكن شرعياً يركله بقدمه يقول الله هو الغني، ويسأل الله الغني أن يغنيه الله مالاً حلالاً من فضله.
أحياناً تدعو امرأةٌ ذات منصبٍ وجمال شاباً طائعاً لله يقول: معاذ الله إني أخاف الله رب العالمين، بقية الله لهذا الشاب زوجته.
إذاً البقاء ضدُّ الفناء، وبقية الله طاعته وانتظار ثوابه.. أحياناً الطاعة تكون مجهدةٌ ومتعبة وفيها كلفة، ماسمي التكليف تكليفاً إلا لأنه ذو كلفة، لكن هذه الكلفة تمضي ويبقى الثواب، أما المعصية ممتعة، والمتعة تمضي ويبقى العقاب، فهذا كله شيء عابر، متاعب الطاعة عابرة، متاعب المعاصي عابرة.. ماالذي يبقى إلى أبد الآبدين؟ ثواب الطاعة، وجزاء المعصية.
فالمؤمن يفكر فيما سيبقى، لا فيما سيفنى.
لذلك.. ألا يا رُبَّ شهوة ساعةٍ أورثت حزناً طويلاً.. أحياناً شهوة ساعةٍ تسبب مرضاً جلدياً مزمناً إن لم يكن قاتلاً فيصيب قلب هذا الإنسان المنحرف: الآلامِ والحزنِ والغمِّ والضيقِ والقلقِ والخوفِ ما لا سبيل إلى وصفه. اللَّذة انتهت في ربع ساعة، وبقيت الآلام إلى عشرين عاماً.
لذلك فالعاقل هو الذي يتحرَّك وفق منهج الله..
فلدينا آيةٌ دقيقة جداً في هذا المعنى وهي قول الله تعالى: "فَإِنْ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ فَاعْلَمْ أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهْوَاءَهُمْ وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنَ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِنَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (50)" (سورة القصص).
هناك معنى مخالف لهذا المعنى..
أي أنَّك إذا انطلقت وفق هدى الله عزَّ وجلَّ فلا شيء عليك، وفق منهج الله لا حرج عليك ولا إثم.
تتوق نفسك للنساء فتزوَّج، لا شيء عليك، يمكن أن يلتقي بأهله، وأن يصلي قيام الليل وأن يبكي في قيام الليل لأنَّه لم يفعل شيئاً خلاف منهج الله، يمكن أن تكسب مالاً حلالاً تشتري به طعاماً وشراباً وثياباً لنفسك ولأهلك ولأولادك ولزوجتك، ويمكن أن تستمتع بجمال الطبيعة وأنت تصلّي وتُقبَلُ لأنَّك وفق منهج الله، إنَّك تتبع الهوى وفق ما أمر الله عزَّ وجلَّ.. "وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِنْ اللَّهِ".
المشكلة أن تتبع الهوى من دون منهج الله، أن تتحرَّك حركةً عشوائيَّة، أن تنطلق إلى حيث تريد دون أن تنظر إلى قواعد الشرع.
وهناك معنى ثالث للباقيات:
وهي الباقيات الصالحات، وهي نتاج الاستقامة مع الله.. البقاء ضدُّ الفناء وهذا ورد في اللغة، وقد عرفت أيضاً أن بقيَّة الله طاعته أو انتظار ثوابه، أما الباقيات الصالحات: فالإنسان يجتهد ويجتهد ويؤدي امتحاناً وينتظر النتائج.. ينتظر التكريم، ينتظر احتفالاً تكريمياً له، ينتظر أن يدخل إلى الجامعة، ينتظر أن يصبح ذا مرتبة علمية عاليه، ينتظر أن يكون مرموقاً في المجتمع، هذا الذي ينتظره.. لذلك قال عليه الصلاة والسلام في كلام دقيق ولطيف جداً: ((أمَّا الأنصار فقد أدَّوا ما عليهم وبقي الذي لهم)).
وأنت كمؤمن تعيش في زمنٍ صعبٍ، في زمن الفتن، في زمن النساء الكاسيات العاريات، في زمن الشهوات المستعرة، في زمنٍ القابض على دينه كالقابض على جمر، في زمن ترى أنَّ كلَّ ما حولك يدعوك إلى المعصية، في زمن ترى أنَّ استقامة الإنسان على أمر الله مجهدة.
أنت إذا فعلت هذا وضبطت نفسك، وحملت نفسك على طاعة الله ماذا بقي لك؟ بقي لك ثواب الطاعة، بقي لك الإقبال على الله، بقي لك التوفيق.
ولنعلم جميعاً أن هناك خيراتٍ لا يعلمها إلا الله تنتظر المؤمن.. لذلك قال عليه الصلاة والسلام: ((عَنْ ثَوْبَانَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: اسْتَقِيمُوا وَلَنْ تُحْصُوا وَاعْلَمُوا أَنَّ خَيْرَ أَعْمَالِكُمُ الصَّلاةَ وَلا يُحَافِظُ عَلَى الْوُضُوءِ إِلا مُؤْمِنٌ)) (سنن ابن ماجة).
أي لن تستطيعوا أن تُحصوا الخيرات التي سوف تأتيكم من طاعتكم لله.
أنا أخصُّ بكلامي هذا الإخوة الشباب..
شاب في ريعان شبابه، لا أحد في الأرض يمنعه من أن يطلق بصره في الحرام، وأذكر في هذه النقطة الدقيقة أنَّ هناك في منهج الله عزَّ وجلَّ محرَّمات، وفي القوانين الوضعية لكلِّ مجتمعٍ محرَّمات، أحياناً تنطبق بنود المحرَّمات في منهج الله على بنود المحرَّمات في قوانين البلاد.
فالسرقة حرَّمها الشرع والقوانين الوضعية تحرِّمها، والرشوة حرَّمها الشرع والقوانين تحرِّمها، وهناك كثير من البنود تتفق فيها القوانين مع الشرع، فترك السرقة قد يكون خوفاً من الله وحده، وقد يكون ترك السرقة خوفاً من العقاب الأليم الذي ينتظر السارق بحسب القوانين، إلا أنَّ الله سبحانه وتعالى شاءت حكمته أن يبقي في الدين بنودٌ لا تتفق مع القوانين أبداً، منها غضُّ البصر..
فليس في الأرض كلِّها قانونٌ يمنعك أن تنظر إلى امرأةٌ لا تحلُّ لك.. فإذا غضضتَّ بصرك عن محارم الله فالدافع إلى هذا؟ خوف الله وحده.
فهناك حالات.. كأن تكون في البيت والنافذة مفتوحة، وامرأة الجار خرجت إلى الشرفة بثيابٍ متبذِّلة، ليس في الأرض كلِّها جهةٌ يمكن أن تحاسبك إذا نظرت إليها، لا هي تعلم ولا أحد يعلم، لكنَّك إذا قلت كما قال سيدنا يوسف..
قال تعالى:
"وَرَاوَدَتْهُ الَّتِي هُوَ فِي بَيْتِهَا عَنْ نَفْسِهِ وَغَلَّقَتِ الْأَبْوَابَ وَقَالَتْ هَيْتَ لَكَ قَالَ مَعَاذَ اللَّهِ إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوَايَ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ(23)" (سورة يوسف).
لو قلت:
"إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوَايَ".
وغضضتَّ البصر، فأنت بهذا تخاف مِمَّنْ؟ الذي يعلم خائنة الأعين وما تُخفي الصُّدُور.
ثق أيها القارئ الكريم ولا أتألى على الله أنه في هذا الزمن الصعب أنَّ كلَّ غضِّ بصرٍ يرقى بك إلى الله كالصلاة تماماً.
الباقيات الصالحات.. الأنصار أدَّوا الذي عليهم وبقي الذي لهم.. والشاب التائب قد أدَّى ما عليه من صلاةٍ وصيامٍ وزكاةٍ وطاعةٍ لله وتلاوةٍ وذكرٍ وغضٍ للبصر وصدقٍ في الحديث، وعفةٍ عن المحارم، وتحريرٍ في الدخل، وإنفاقٍ شرعيّ أدَّى الذي عليه.. والذي بقي له؟ كلُّ خير.. لذلك: "إستقيموا ولن تُحصوا".
أما الباقيات الصالحات هي الأعمال الصالحة التي تبقى، وما سواها يفنى.
بيتك مهما كان فخماً عند الموت تتركه، زوجتك مهما أحسنت اختيارها عند الموت تتركها، الإنسان في الدنيا له ثلاثة أشياء: ماله، وأهله، وعمله.. ماله يبقى في البيت، وأهله يشيِّعونه إلى شفير القبر ثم يرجعون، أما الذي يدخل معه عمله.
يا قُيَّيس إن لك قريناً تدفن معه وهو حي ويدفن معك وأنت ميِّت، فإن كان كريماً أكرمك، وإن كان لئيماً أسلمك، ألا وهو عملك.
قالوا: "القبر صندوق العمل، إن كان العمل كريماً أكرمك، وإن كان لئيماً أسلمك".
الآية الكريمة:
"الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَوَاباً وَخَيْرٌ أَمَلاً (46)" (سورة الكهف).
"الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا".
تقام وليمة فيقول لك: كلَّفتني ثمانين ألفاً.. شيء بالفعل نفيس، يدعو الناس ويفتخر بماله وبأذواقه، تشتري مركبةً فخمةً جداً يتيه بها على الناس، يسكن في بيت فخم ويعرضه على كلِّ زائر ويتكلَّم عن مساحته وأبهائه، وغرفه، وأثاثه.. المال والبنون، أولاد يرتدون أجمل الثياب متألِّقون، وهو يقول لك: هذا ابني، وهذه ابنتي.
"الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ".
فقد عرَّف اللهُ المال والبنين أما قوله تعالى: "وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ" فهي محط الرجاء.
وفي القرآن ما يسمَّى بمفهوم المخالفة.. فقد قال لك: "الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا" ولم يقل لك تبقى أو لا تبقى، فالغناء ضمني، فمادام زينة الحياة الدنيا فهذا يفنى لا محالة ولكن قال: "وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ" أي الذي يبقى الأعمال الصالحة.
أيُّها القارئ الكريم...
بعد أن تعرف الله حقاً، وبعد أن تستقيم عقيدتك، وبعد أن تستقِرَّ قناعاتك فليس أمامك إلا العمل الصالح، ويتفاوت الناس عند الله بأعمالهم الصالحة والدليل قول الله عزَّ وجلَّ: "وَلِكُلٍّ دَرَجَاتٌ مِمَّا عَمِلُوا وَمَا رَبُّكَ بِغَافِلٍ عَمَّا يَعْمَلُونَ (132)" (سورة الأنعام).
أنت لك عند الله درجة بقدر عملك الصالح.. أي أن حجمك عند الله بحجم عملك، وكلَّما كنت صادقاً في خدمة الخلق أجرى الله على يديك الأعمال الصالحة.
أقول مرةً ثانيةً وثالثة...
كلُّنا ضعفاء، كلُّنا فقراء، كلُّنا عاجزون، إلا أنَّ الله سبحانه وتعالى يمنحنا من الأعمال الصالحة بقدر سلامة توجهنا نحوه، وبقدر صدقنا، فقد قال تعالى: "مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلاً (23)" (سورة الأحزاب).
إنَّ الدنيا لها سقف، فمهما كان حجمك المالي كبيراً لا تستطيع أن تأكل إلا ما تملأ به معدتك، لا تستطيع أن ترتدي إلا ثوباً واحداً، لا تستطيع أن تنام إلا على فراشٍ واحد، لا تستطيع إلا أن تكون في مكانٍ واحد في وقتٍ واحد، ففي الدنيا سقف، إلا أنَّ العمل للآخرة بلا سقف، يمكن أن يهدي الله بك رجلاً، أو رجلين، أو ثلاثة، أو أربعة، أو خمسة، ولكل أجر فأنت في مزيد.
سيدنا محمد كان رحمةً للعالمين، سيدنا الصديق كان المؤسس الثاني للدولة الإسلاميَّة، حينما ظهرت حروب الرِّدة وقف الموقف الحازم فكان بحقٍّ المؤسس الثاني، سيدنا عمر أكثر هذه البلاد فُتِحَتْ في عهده، وكلُّ هؤلاء المسلمين في شتى أقطار البلاد في صحيفته، فأنت كن طموحاً فبإمكانك أن تصل إلى مراتب عالية، فإلههم إلهنا، وإلهنا إلههم، والمنهج واحد.. الكتاب واحد، والنبي واحد وما عليك إلا أن تسير في طريق الإيمان.
"وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ".
وهناك تفسير آخر ولكنه مركَّب.. الباقيات الصالحات هي: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، أي إذا سبَّحته، وحمدَّته، ووحدَّته، وكبَّرته، معنى ذلك فقد عرفته، وإن عرفته أطعته، إن أطعته سعدت بقربه.
أما التفسير الأول فهو أسهل.
"وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ".
الأعمال الصالحة.
"خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَوَابًا وَخَيْرٌ أَمَلًا".
أما الباقي حقيقة فهو الله عزَّ وجلَّ.. فسبحان من له البقاء، أما نحن فلنا الفناء.
فهل هناك أعظم من سيدنا رسول الله؟ فقد مات.. ماذا فعل الصدّيق؟ وأنا لا أعتقد أنَّ في الأرض إنسانين أحبا بعضهما كما أحبَّ الصديق رسول الله، وكما أحبَّ النبيَّ الكريم الصدّيق، أحبَّه حباً لا حدود له، إلا أنَّ هذا الحب ما حمله على أن يشرك به، حينما كشف عن وجهه الشريف وقبَّله، وقال: طِبت حياً وميِّتاً يا رسول الله، ثم خرج وقال: من كان يعبد محمداً فإنَّ محمداً قد مات، و من كان يعبد الله فإنَّ الله حيٌ لا يموت.
أرأيت إلى التوحيد !! فأعلى درجات الحب ما نقلت هذا الصديق إلى الشرك، فالتوحيد هو الأصل..
فالله سبحانه وتعالى له البقاء، والبقاء صفةٌ من صفات ذاته.. فنحن نعرف صفات الذَّات، وصفات الأفعال.. البقاء صفةٌ من صفات ذاته، الباقي أيضاً هو الواجب الوجود بذاته..
فأنا وأنت وأي شخص غيرنا باقٍ ولكن بإمداد الله له، فإذا قطع الله الإمداد حصلت الوفاة، فوازن بين إنسان حيّ ينظر ويتحرَّك، عيناه تتألَّقان، وينطلق لسانه، ويحرِّك يديه، ويمشي، وكلُّه آذان، وشعور وإحساس، يفكِّر، يلقي محاضرة، فإذا مات يصبح جثة هامدة، لا شيء، مسافةٌ كبيرةٌ جداً بين إنسان يتحرَّك أمامك وبين جثةٌ هامدة، إن لم تدفنها في أقرب وقت تتفسَّخ.
فأحياناً يدفع الإنسان مليون ليرة لإصلاح شريان بقلبه، أما إذا مات انتهى كل شيء، وبعد أيام تتفسخ هذه الأجهزة.