أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52561 العمر : 72
| موضوع: إزدياد نشاط الدماغ عند الوفاة بين المكتشفات العلمية وما جاء به الإسلام الأحد 25 فبراير 2018, 12:50 am | |
| إزدياد نشاط الدماغ عند الوفاة بين المكتشفات العلمية وما جاء به الإسلام د. جورج ضاهر* ========== وجد باحثون أميركيون مستويات مرتفعة من الموجات الدماغية لحظة الاحتضار وما بعدها بقليل[1].
ففي دراسة نشرت في دورية الأكاديمية الوطنية للعلوم [2]، أن هذا الأمر يعني ظهور حالة شديدة من الوعي عند البشر. وقالت الباحثة الرئيسية في هذه الدراسة، جيمو بورجيغن، من جامعة ميتشيغان: “هناك الكثير من الأشخاص الذين كانوا يعتقدون أن الدماغ بعد الوفاة السريرية يصبح غير نشط، أو قاصر النشاط، مع وجود نشاط أقل من حالة اليقظة، ولكننا أظهرنا أن الأمر ليس كذلك.”
وأضافت: “بل إنه يكون أكثر نشاطاً بكثير خلال عملية الاحتضار حتى من حالة اليقظة”.
ولمعرفة المزيد حول هذا الأمر في الحيوانات، قام علماء في جامعة متشيغان بمراقبة تسعة فئران عند الاحتضار.
وفي غضون فترة 30 ثانية بعد توقف قلب الحيوان عن النبض، سجل العلماء وجود زيادة حادة في موجات الدماغ عالية التردد والتي تسمى ذبذبات غاماً.
وعند البشر تُعد هذه النبضات إحدى السّمات العصبية التي يعتقد أنها تعزز الوعي الإنساني، وخاصةً عندما تساعد في “ربط” المعلومات القادمة من أجزاء مختلفة من الدماغ.
وقد وجدت هذه النبضات الكهربائية في مستويات أعلى عقب توقف القلب مما كانت عليه في حالة اليقظة والصحة الجيدة.
وقال جاسون بريثويت من جامعة برمنغهام: إن هذه الظاهرة يبدو أنها “آخر صيحة” يطلقها الدماغ.
وقال: ”إن ذلك مثل اشتعال النيران في الدماغ، حيث يمكن أن يزيد النشاط في جميع أجزاء الدماغ المرتبطة بالخبرات الواعية، مما يعزز من جميع التصورات الناتجة مع وجود مشاعر وعواطف أكثر من واقعية.”
وقال: “تقدم هذه النتائج الجديدة المزيد من الدعم للفكرة القائلة إن الدماغ هو مَنْ يقود هذه المشاهدات المذهلة واللافتة للنظر.”
وقال الدكتور كريس تشامبرز من جامعة كارديف: “هذه دراسة مثيرة للاهتمام، وقد أجريت بشكل جيد، ونحن لا نعرف إلا القليل حول نشاط الدماغ خلال الموت، فضلاً عن نشاط الدماغ أثناء الوعي.
وتفتح هذه النتائج الباب أمام المزيد من الدراسات على البشر.” (إنتهى التقرير).
ويتراوح عدد خلايا الدماغ البشري، كما هو معروف، بين 10 بلايين و100 مليار عصبون، يكتمل عددها خلال الأشهر القليلة الأولى من الولادة.
ويتعرَّض الدماغ اعتباراً من سن العشرين لفقدان بعض العصبونات، بنسبة لا تتعدى 10%، بحيث تموت ولا يمكن تعويضها بعد ذلك.
في عدد من الدراسات الطبية السابقة، التي تتناول روايات بعض الذين أشرفوا على الموت ثم عادوا إلى الحياة، أنهم شاهدوا أو عُرِضَتْ عليهم مراحل حياتهم وأحداثها خلال فترة الاحتضار.
مما قد يفسر هذا النشاط الدماغي المكثف الذي يتعرَّض له الدماغ أثناء الوفاة وبُعَيْدها.
ويعزو بعض الروحانيين بأن هذا النشاط الدماغي المكثف سببه أن الروح تستحضر ملف أعمال الإنسان بكاملها وتصطحبه معها عند خروجها من جسم المُتَوَفَّي.
ومع أن الإنسان لا يُعتبر مُتَوَفِيّاً من الناحية الطبية إلا إذا توقف قلبه، فإن أبحاثاً طبية أجراها أطباء من روسيا وأوكرانيا، أظهرت أن التوقف النهائي للحياة لا يصدر عن القلب بل عن موضع في الدماغ لا يزال غير مُحَدَّد، بدليل أن بعض الذين تتوقف قلوبهم عن الخفقان، تعود إليهم الحياة بعد وقت مُعَيَّن أثناء صدمة تغسيلهم أو بُعيد دفنهم.
ويمكن استشفاف ذلك من كلام الله عز وجلً، بحيث قدم البصر، الذي هو أقرب إلى الدماغ، على السمع الذي هو أقرب إلى القلب في مرحلة ما بعد الوفاة، في قوله تعالى: {وَلَوْ تَرَى إِذِ الْمُجْرِمُونَ نَاكِسُو رُءُوسِهِمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ رَبَّنَا أَبْصَرْنَا وَسَمِعْنَا فَارْجِعْنَا نَعْمَلْ صَالِحًا إِنَّا مُوقِنُونَ (12)} [السجدة: 12].
بينما قدَّم السمع على البصر وفق ترتيب الخلق، كقوله تعالى: {وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (78)} [النحل: 78].
لكن أغلب أمور الروح تبقى غيبية ويصعب الخوض فيها، لقول الله عزّ وجلّ: {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا (85)} [الإسراء: 85].
وسنتقصى عن ذلك بما ورد في الكتاب الكريم وفي الحديث الشريف وما ورد عن السلف الصالح: تلتقي البحوث والدراسات العلمية مع شرح الإسلام للحظة الاحتضار وما بعدها، ومما جاء في ذلك، قوله تعالى: {لَقَدْ كُنْتَ فِي غَفْلَةٍ مِنْ هَذَا فَكَشَفْنَا عَنْكَ غِطَاءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ } [ق: 22].
وفي تفسير هذه الآية يقول الإمام الشعراوي رحمه الله: (ذلك لمجرد أن تحضره سكرات الموت ويُوقِن أنه ميّت تتكشف له الحقائق ويرى ما لا نراه نحن، كما جاء في قوله تعالى: {فَكَشَفْنَا عَنكَ غِطَآءَكَ فَبَصَرُكَ اليوم حَدِيدٌ}.
فيتمنَّى الإنسان أن يرجع إلى الدنيا وهو ما يزال يحتضر، لماذا؟ لأنه رأى الحقيقة التي كان يُنكرها ويُكذِّبُ بها، والذين يشاهدون حال الموتى ساعة الاحتضار يَرَوْنَ منهم إشارات تدلُّ على أنهم يَرَوْنَ أشياءَ لا نراها نحن، كُلٌّ حَسْبَ حاله وخاتمته.
وأذكر حين مات أبي، وكان على صدري ساعتها أنه قال لي: يا أمين –وهذا اسمي في بلدي– كيف تبني كل هذه القصور ولا تخبرني بها؟) [3].
وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ”كُلُّ أَهْلِ النَّارِ يَرَى مَقْعَدَهُ مِنَ الْجَنَّةِ فَيَقُولُ: لَوْ أَنَّ اللَّهَ هَدَانِي فَتَكُونُ عَلَيْهِ حَسْرَةٌ، وَكُلُّ أَهْلِ الْجَنَّةِ يَرَى مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ فَيَقُولُ: لَوْلَا أَنَّ اللَّهَ هَدَانِي فَيَكُونُ لَهُ شُكْرٌ، ثُمَّ تَلَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ يَا حَسْرَتَا عَلَى مَا فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ} [4].
مما يُعَزّزُ ما يرويه عدد من المرضى الذين أشرفوا على الموت ثم تعافوا من أنهم يرون شريط حياتهم يتوالى أمامهم.
وعن سُفْيَانَ الثَّوْرِيَّ، يَقُولُ: «النَّاسُ نِيَامٌ, فَإِذَا مَاتُوا انْتَبَهُوا»[5].
وقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ -رضي الله عنه-: مَوْتُ الْمُؤْمِنِ بِعَرَقِ الْجَبِينِ، تَبْقَى عَلَيْهِ الْبَقِيَّةُ مِنَ الذُّنُوبِ، فَيُحَارَفُ بِهَا عِنْدَ الْمَوْتِ، أَيْ: يُجازى بِهَا [6].
وفي الحديث الشريف: ”الْمُؤْمِنُ يَمُوتُ بِعَرَقِ الْجَبِينِ”.
قِيلَ هُوَ لِمَا يُعَالِجُ مِنْ شِدَّةِ الْمَوْتِ فَقَدْ تَبْقَى عَلَيْهِ بَقِيَّةٌ مِنْ ذُنُوبٍ فَيُشَدَّدُ عَلَيْهِ وَقْتَ الْمَوْتِ لِيَخْلُصَ عَنْهَا وَقِيلَ هُوَ مِنَ الْحَيَاءِ فَإِنَّهُ إِذَا جَاءَتْهُ الْبُشْرَى مَعَ مَا كَانَ قَدِ اقْتَرَفَ مِنَ الذُّنُوبِ حَصَلَ لَهُ بِذَلِكَ خَجَلٌ وَحَيَاءٌ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى فَعَرِقَ لِذَلِكَ جَبِينُهُ[7].
ويَصِفُ رسول الله صلى الله عليه وسلم اللحظة الحرجة والخطيرة عند الوفاة، بحيث يتركَّز انتباه العبد على مصيره الختامي، فيقول عليه الصلاة والسلام: ”إذا مات أحدكم عُرضَ عليه مِقعده بالغداة والعشى إن كان من أهل الجنة فمن أهل الجنة وإن كان من أهل النار فمن أهل النار يقال هذا مقعدك حتى يبعثك الله إليه يوم القيامة” [8].
في الختام لا يزال أمام العلم والأبحاث العلمية، على تقدمهما، الكثير لاكتشاف قدرات الأدمغة البشرية والتي سبق إليها وبقرون عديدة ما جاء في القرآن الكريم وفي الحديث الشريف. ________________________________________ *طبيب عضو منتدى الإعجاز العلمي في القرآن والسنة.
الهوامش: [1] BBC – الجمعة 16 آب 2013. [2] http://www.pnas.org/content/early/2013/08/08/1308285110.full.pdf+html [3] تفسير الشعراوي (16/ 10148). [4] المستدرك على الصحيحين للحاكم (2/ 473) حَدِيثٌ صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ البخاري ومسلم. [5] حلية الأولياء وطبقات الأصفياء (7/ 52). [6] شرح السنة للبغوي (5/ 298). [7] حشية السندي على سنن ابن ماجه (1/ 444). [8] أخرجه البخارى، ومسلم، والترمذى، وابن ماجه عن ابن عمر.) البخارى(5/2388، رقم 6150)، ومسلم (4/2199، رقم 2866)، والترمذى (3/384، رقم 1072، وقال : حسن صحيح) . وابن ماجه (2/1427، رقم 4270 ).
المصدر: http://www.iijazforum.org/sample-page/ |
|