منتديات إنما المؤمنون إخوة (2024 - 2010) The Believers Are Brothers

(إسلامي.. ثقافي.. اجتماعي.. إعلامي.. علمي.. تاريخي.. دعوي.. تربوي.. طبي.. رياضي.. أدبي..)
 
الرئيسيةالأحداثأحدث الصورالتسجيل
(وما من كاتب إلا سيبلى ** ويبقى الدهر ما كتبت يداه) (فلا تكتب بكفك غير شيء ** يسرك في القيامة أن تراه)

soon after IZHAR UL-HAQ (Truth Revealed) By: Rahmatullah Kairanvi
قال الفيلسوف توماس كارليل في كتابه الأبطال عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "لقد أصبح من أكبر العار على أي فرد مُتمدين من أبناء هذا العصر؛ أن يُصْغِي إلى ما يظن من أنَّ دِينَ الإسلام كَذِبٌ، وأنَّ مُحَمَّداً -صلى الله عليه وسلم- خَدَّاعٌ مُزُوِّرٌ، وآنَ لنا أنْ نُحارب ما يُشَاعُ من مثل هذه الأقوال السَّخيفة المُخْجِلَةِ؛ فإنَّ الرِّسَالة التي أدَّاهَا ذلك الرَّسُولُ ما زالت السِّراج المُنير مُدَّةَ اثني عشر قرناً، لنحو مائتي مليون من الناس أمثالنا، خلقهم اللهُ الذي خلقنا، (وقت كتابة الفيلسوف توماس كارليل لهذا الكتاب)، إقرأ بقية كتاب الفيلسوف توماس كارليل عن سيدنا محمد -صلى الله عليه وسلم-، على هذا الرابط: محمد بن عبد الله -صلى الله عليه وسلم-.

يقول المستشرق الإسباني جان ليك في كتاب (العرب): "لا يمكن أن توصف حياة محمد بأحسن مما وصفها الله بقوله: (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِين) فكان محمدٌ رحمة حقيقية، وإني أصلي عليه بلهفة وشوق".
فَضَّلَ اللهُ مِصْرَ على سائر البُلدان، كما فَضَّلَ بعض الناس على بعض والأيام والليالي بعضها على بعض، والفضلُ على ضربين: في دِينٍ أو دُنْيَا، أو فيهما جميعاً، وقد فَضَّلَ اللهُ مِصْرَ وشَهِدَ لها في كتابهِ بالكَرَمِ وعِظَم المَنزلة وذَكَرَهَا باسمها وخَصَّهَا دُونَ غيرها، وكَرَّرَ ذِكْرَهَا، وأبَانَ فضلها في آياتٍ تُتْلَى من القرآن العظيم.
(وما من كاتب إلا سيبلى ** ويبقى الدهر ما كتبت يداه) (فلا تكتب بكفك غير شيء ** يسرك في القيامة أن تراه)

المهندس حسن فتحي فيلسوف العمارة ومهندس الفقراء: هو معماري مصري بارز، من مواليد مدينة الأسكندرية، وتخرَّجَ من المُهندس خانة بجامعة فؤاد الأول، اشْتُهِرَ بطرازهِ المعماري الفريد الذي استمَدَّ مَصَادِرَهُ مِنَ العِمَارَةِ الريفية النوبية المَبنية بالطوب اللبن، ومن البيوت والقصور بالقاهرة القديمة في العصرين المملوكي والعُثماني.
رُبَّ ضَارَّةٍ نَافِعَةٍ.. فوائدُ فيروس كورونا غير المتوقعة للبشرية أنَّه لم يكن يَخطرُ على بال أحَدِنَا منذ أن ظهر وباء فيروس كورونا المُستجد، أنْ يكونَ لهذه الجائحة فوائدُ وإيجابيات ملموسة أفادَت كوكب الأرض.. فكيف حدث ذلك؟!...
تخليص الإبريز في تلخيص باريز: هو الكتاب الذي ألّفَهُ الشيخ "رفاعة رافع الطهطاوي" رائد التنوير في العصر الحديث كما يُلَقَّب، ويُمَثِّلُ هذا الكتاب علامة بارزة من علامات التاريخ الثقافي المصري والعربي الحديث.
الشيخ علي الجرجاوي (رحمه الله) قَامَ برحلةٍ إلى اليابان العام 1906م لحُضُورِ مؤتمر الأديان بطوكيو، الذي دعا إليه الإمبراطور الياباني عُلَمَاءَ الأديان لعرض عقائد دينهم على الشعب الياباني، وقد أنفق على رحلته الشَّاقَّةِ من مَالِهِ الخاص، وكان رُكُوبُ البحر وسيلته؛ مِمَّا أتَاحَ لَهُ مُشَاهَدَةَ العَدِيدِ مِنَ المُدُنِ السَّاحِلِيَّةِ في أنحاء العالم، ويُعَدُّ أوَّلَ دَاعِيَةٍ للإسلام في بلاد اليابان في العصر الحديث.


 

 مواقف من السَّلف الصَّالح في العقيدة والمنهج

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 48337
العمر : 71

مواقف من السَّلف الصَّالح في العقيدة والمنهج Empty
مُساهمةموضوع: مواقف من السَّلف الصَّالح في العقيدة والمنهج   مواقف من السَّلف الصَّالح في العقيدة والمنهج Emptyالأربعاء 14 فبراير 2018, 7:28 am

مواقف من السَّلف الصَّالح في العقيدة والمنهج Saleh
مواقف من السَّلف الصَّالح في العقيدة
والـمنهــــج والتــربيــة حــتى 30 هـ

=======================
حمزة بن عبد المطلب
سعد بن معاذ
موقف السلف من مسيلمة
عكرمة بن أبي جهل
أمير المؤمنين أبو بكر الصِّدِّيق
ابن أم مكتوم
أبو عبيدة بن الجراح
معاذ بن جبل
أبيّ بن كعب
بلال بن رباح
أم المؤمنين زينب بنت جحش
خالد بن الوليد
أمير المؤمنين عمر بن الخطاب
===================

حمزة بن عبد المطلب

مواقف من السَّلف الصَّالح في العقيدة والمنهج Images?q=tbn:ANd9GcRmvkq86P2xnsFShKX_gKivz1-Or_E4RNx8k_CVF6DvayY37fCG
حمزة بن عبد المطلب (1) (3 هـ)
حمزة بن عبد المطلب بن هاشم، عم النبي -صلى الله عليه وسلم- وأخوه من الرضاعة، وكان يقال له أسد الله، وأسد رسوله، يكنى أبا عمارة، وأبا يعلى أيضاً لابنيه عمارة ويعلى،

الإمام البطل الضرغام البدري الشهيد،

قال ابن إسحاق:
لمَّا أسلم حمزة، علمت قريش أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قد امتنع، وأن حمزة سيمنعه، فكفُّوا عن بعض ما كانوا ينالون منه،

وأخرج الحاكم وصححه عن جابر عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "سيد الشهداء حمزة بن عبد المطلب" (2) كان أسن من رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بأربع سنين،

قتله وحشي يوم أحُد بطلب من هند بنت عتبة انتقاماً لأبيها ومثلَّت به،

موقفه من المشركين:
عن ابن إسحاق قال: فحدثني رجل من أسلم، وكان واعية، أن أبا جهل اعترض رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عند الصفا، فآذاه وشتمه ونال منه ما يكره من العيب لدينه والتضعيف له، فلم يكلمه رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، ومولاة لعبدالله بن جدعان التيمي في مسكن لها فوق الصفا تسمع ذلك، ثم انصرف عنه، فعمد إلى ناد لقريش عند الكعبة فجلس معهم،
__________
(1) الإصابة (2/121-123) والاستيعاب (1/369-375) وطبقات ابن سعد (3/8-19) والعقد الثمين (4/227-228) ومجمع الزوائد (9/269-271) وشذرات الذهب (1/10-11) وسير أعلام النبلاء (1/171-174) والمستدرك للحاكم (3/192-196)،
(2) أخرجه الحاكم (2/119-120)و(3/195) والطبراني في الأوسط (1/501-502/922) والخطيب في تاريخه (6/377) من طرق عن جابر رضي الله عنه، وفي الباب عن علي بن أبي طالب وابن عباس رضي الله عنهم، وقد صححه الشيخ الألباني رحمه الله في الصحيحة (374)،


ولم يلبث حمزة بن عبد المطلب أن أقبل متوشحاً قوسه، راجعاً من قنص له، كان صاحب قنص يرميه، ويخرج له، فكان إذا رجع من قنصه لم يرجع إلى أهله حتى يطوف بالكعبة، وكان إذا فعل ذلك لا يمر على ناد من قريش إلا وقف وسلّم وتحدَّث معهم، وكان أعز قريش وأشدها شكيمة، وكان يومئذ مشركاً على دين قومه، فلمَّا مَرَّ بالمولاة، وقد قام رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فرجع إلى بيته، فقالت له: يا أبا عمارة، لو رأيت ما لقي ابن أخيك من أبي الحكم آنفاً قبيل، وجده هاهنا فآذاه وشتمه وبلغ منه ما يكره، ثم انصرف عنه، ولم يكلمه محمد، فاحتمل حمزة الغضب لَمَّا أراد الله عز وجل به من كرامته، فخرج سريعاً لا يقف على أحد، كما كان يصنع، يريد الطواف بالبيت، معداً لأبي جهل أن يقع به، فلما دخل المسجد، نظر إليه جالساً في القوم،

فأقبل نحوه حتى إذا قام على رأسه، رفع القوس وضربه بها ضربة شجه بها شجةً منكرةً، وقامت رجال من قريش من بني مخزوم إلى حمزة لينصروا أبا جهل منه، فقالوا: ما نراك يا حمزة إلا قد صبأت، قال حمزة: وما يمنعني منه، وقد استبان لي منه ذلك، وأنا أشهد أنه رسول الله، وأن الذي يقول حق، فوالله لا أنزع، فامنعوني إن كنتم صادقين، فقال أبو جهل: دعوا أبا عمارة، فإني والله لقد سببت ابن أخيه سباً قبيحاً، وتم حمزة على إسلامه وعلى ما تابع عليه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من قوله، فلمَّا أسلم حمزة عرفت قريش أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قد عَزَّ وامتنع، وأن حمزة سيمنعه، فكفُّوا عن بعض ما كانوا يتناولون منه، فقال في ذلك شعراً حين ضرب أبا جهل وأسلم:

ذق يا أبا جهل ما عسيت عن أمرك الظالم إذ عنيت
ستسعط الرغم بما أتيت ولا تركت الحق إذ دعيت
حتى تذوق الخوى قد لقيت من أمرك الظالم إذ مشيت
لو كنت ترجو الله ما شقيت تؤذي رسول الله إذ نهيت
ولا هويت بعد ما هويت فقد شفيت النفس وأشفيت (1)

"التعليق:
هذا أحد مواقف حمزة رضي الله عنه، وكانت كلها في نصرة عقيدة التوحيد الخالصة، فهو أسد الله يوم بدر، قتل طاغوتاً من أكبر طواغيت الشرك: شيبة بن ربيعة، وشارك في قتل عتبة بن ربيعة، وقتل طعيمة بن عدي، وأبلى البلاء الحسن يوم أحُد، واستشهد في تلك المعركة الخالدة، وسمَّاه النبي -صلى الله عليه وسلم-: "سيد الشهداء" (2): فرضي الله عنه وأرضاه.
-------------------------------
(1) سيرة ابن إسحاق (ص،151-152)،
(2) تقدم تخريجه،


مواقف من السَّلف الصَّالح في العقيدة والمنهج 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 48337
العمر : 71

مواقف من السَّلف الصَّالح في العقيدة والمنهج Empty
مُساهمةموضوع: رد: مواقف من السَّلف الصَّالح في العقيدة والمنهج   مواقف من السَّلف الصَّالح في العقيدة والمنهج Emptyالأربعاء 14 فبراير 2018, 7:34 am

سعد بن معاذ
مواقف من السَّلف الصَّالح في العقيدة والمنهج Image_74170_ar
سعد بن معاذ (1) (5 هـ)
سعد بن معاذ بن النعمان بن امرئ القيس، أبو عمرو الأنصاري الأوسي الأشهلي البدري، أسلم على يد مصعب بن عمير، قال ابن إسحاق: لما أسلم وقف على قومه، فقال: يا بني عبد الأشهل كيف تعلمون أمري فيكم؟ قالوا: سيدنا فضلاً، وأيمننا نقيبة، قال: فإن كلامكم عليَّ حرام، رجالكم ونساؤكم حتى تؤمنوا بالله ورسوله.
__________
(1) السير (1/279-297) والاستيعاب (2/602-605) وتهذيب الكمال (10/300-304) وأسد الغابة (2/461-464) والإصابة (4/171-172) وشذرات الذهب (1/11)،


قال:
فوالله ما بقي في دار بني عبد الأشهل رجل ولا امرأة إلا وأسلموا.

قال ابن إسحاق:
آخى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بين سعد وأبي عبيدة بن الجراح.

وقال ابن إسحاق:
حدثني أبو ليلى عبدالله بن سهل أن عائشة كانت في حصن بني حارثة يوم الخندق وأم سعد معها، فعبر سعد عليه درع مقلصة، قد خرجت منه ذراعه كلها وفي يده حربة يرفل بها ويقول:

لبث قليلاً يشهد الهيجا حمل ،،، لا بأس بالموت إذا حان الأجل

فقالت أم سعد: الحق يا بني، قد والله أخرت، فقالت عائشة: يا أم سعد لوددت أن درع سعد كانت أسبغ مما هي، فرمي سعد بسهم قطع منه الأكحل، رماه ابن العرقة، فلما أصابه قال: خذها مني وأنا ابن العرقة، فقال: عرق الله وجهك في النار، اللهم إن كنت أبقيت من حرب قريش شيئا فأبقني لها، فإنه لا قوم أحَبَّ إليَّ من أن أجاهدهم فيك من قوم آذوا نبيك وكذبوه وأخرجوه، اللهم إن كنت وضعت الحرب بيننا وبينهم، فاجعلها لي شهادة ولا تُمتني حتى تقر عيني من بني قريظة،

ثم أبلغه أمنيته بأن أمكن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- والمؤمنين منهم، فنزلت بنو قريظة على حكم سعد فوافق حكم الله تعالى فيهم، (1)

رمي رضي الله عنه يوم الخندق بسهم فعاش بعد ذلك شهراً ثم انتقض جرحه فمات منه، وذلك سنة خمس للهجرة،
__________
(1) سيأتي الحديث وتخريجه.

عن جابر قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: "اهتز عرش الرحمن لموت سعد بن معاذ" (1)،

وعن أنس قال: لَمَّا حُمِلَتْ جنازة سعد ابن معاذ، قال المنافقون: ما أخف جنازته، وذلك لحكمه في بني قريظة، فبلغ ذلك النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال: "إن الملائكة كانت تحمله" (2)،

موقفه من المشركين:
عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: "لَمَّا نزلت بنو قريظة على حكم سعد [هو ابن معاذ] بعث رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وكان قريبا منه - فجاء على حمار، فلما دنا قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: قوموا إلى سيدكم، فجاء فجلس إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فقال له: إن هؤلاء نزلوا على حكمك، قال: فإني أحكم أن تُقتل المقاتلة، وأن تُسبى الذرية، قال: لقد حكمت فيهم بحكم الملك"، (3)
__________
(1) أحمد (3/316) والبخاري (7/155/3803) ومسلم (4/1915/2466[124]) وابن ماجة (1/56/158)،
(2) الترمذي (5/647/3849) وصححه الحاكم (3/207) ووافقه الذهبي،
(3) أحمد (3/22) والبخاري (6/202-203/3043) ومسلم (3/1388-1389/1768) وأبو داود (5/390/5215) والنسائي في الكبرى (5/62/8222)،


مواقف من السَّلف الصَّالح في العقيدة والمنهج 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 48337
العمر : 71

مواقف من السَّلف الصَّالح في العقيدة والمنهج Empty
مُساهمةموضوع: رد: مواقف من السَّلف الصَّالح في العقيدة والمنهج   مواقف من السَّلف الصَّالح في العقيدة والمنهج Emptyالأربعاء 14 فبراير 2018, 7:39 am

موقف السَّلف من مُسيلمة
مواقف من السَّلف الصَّالح في العقيدة والمنهج %D9%85%D8%B3%D9%8A%D9%84%D9%85%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D9%83%D8%B0%D8%A7%D8%A8
موقف السَّلف من مُسيلمة الكذَّاب (12 هـ)
قال شيخ الإسلام في المنهاج: وقرآنه الذي قرأه قد حفظ الناس منه سوراً إلى اليوم، مثل قوله: يا ضفدع بنت ضفدعين، نقي كم تنقين، لا الماء تكدرين، ولا الشارب تمنعين، رأسك في الماء وذنبك في الطين،

ومثل قوله:
الفيل، وما أدراك ما الفيل، له زلوم طويل، إن ذلك من خلق ربنا لقليل،

ومثل قوله:
إنا أعطيناك الجماهر، فصل لربك وهاجر، ولا تطع كل ساحر وكافر،

ومثل قوله:
والطاحنات طحناً، والعاجنات عجناً، والخابزات خبزاً، إهالةً وسمناً، إن الأرض بيننا وبين قريش نصفين، ولكن قريشاً قوم لا يعدلون، (1)

وقال أيضاً:
وكان مسيلمة قد كتب إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- في حياته: "من مسيلمة رسول الله إلى محمد رسول الله، أما بعد فإني قد أشركت في الأمر معك"،

فكتب إليه النبي -صلى الله عليه وسلم-:
"من محمد رسول الله إلى مسيلمة الكذاب،،،" (2) ولما جاء رسوله إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- قال له: أتشهد أن مسيلمة رسول الله؟ قال: نعم، قال: لولا أن الرُّسُلَ لا تُقتل لضربت عنقك، ثم بعد هذا أظهر أحد الرَّسُولين الرِّدَةَ بالكوفة، فقتله ابن مسعود، وذَكَّرَهُ بقول النبي -صلى الله عليه وسلم- هذا،

وكان مسيلمة قد قدم في وفد بني حنيفة إلى النبي -صلى الله عليه وسلم-، وأظهر الإسلام، ثم لمَّا رجع إلى بلده قال لقومه: "إن محمداً قد أشركني في الأمر معه" واستشهد برجلين: أحدهما الرَّجَّال (3) بن عنفوة، فشهد له بذلك،

ويروى عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال لثلاثة أحدهم أبو هريرة، والثاني الرَّجَّال هذا: "إن أحدكم ضرسه في النار أعظم من كذا وكذا" (4) فاستُشهد الثالث في سبيل الله، وبقي أبو هريرة خائفاً، حتى شهد هذا لمسيلمة بالنبوة، واتبعه، فعلم أنه هو كان المراد بخبر النبي -صلى الله عليه وسلم-،

وكان مؤذن مسيلمة يقول:
أشهد أن محمداً ومسيلمة رسولا الله (1)،
__________
(1) المنهاج (8/321-322)،
(2) ذكره ابن إسحاق بدون سند وعنه ابن هشام في السيرة (4/600-601)،
(3) ويروى أيضاً بالحاء المهملة، والأكثر على ضبطه بالجيم،
(4) ذكره سيف بن عمر في الفتوح نقلا عن الاستيعاب (3/1258) والإصابة (5/358) عن مخلد بن قيس العجلي عن أحمد بن فرات بن حيان قال: خرج فرات والرجال ،،، الحديث، وهذا إسناد واه لا يصح، وذكره السهيلي في الروض الأنف (4/225) بدون إسناد، وعنه ابن كثير في السيرة (4/97)،


ذكر مقتله لعنه الله:
جاء في الكامل لابن الأثير: فلما مات النبي -صلى الله عليه وسلم-، وبعث أبو بكر السرايا إلى المرتدين، أرسل عكرمة بن أبي جهل في عسكر إلى مسيلمة وأتبعه شرحبيل بن حسنة، فعجل عكرمة ليذهب بصوتها، فواقعهم فنكبوه، وأقام شرحبيل بالطريق حين أدركه الخبر، وكتب عكرمة إلى أبي بكر بالخبر، فكتب إليه أبو بكر: لا أرينك ولا تراني، لا ترجعن فتوهن الناس، امض إلى حذيفة وعرفجة فقاتل أهل عُمان ومهرة، ثم تسير أنت وجندك تستبرون الناس حتى تلقى مهاجر بن أبي أمية باليمن وحضرموت، فكتب إلى شرحبيل بالمقام إلى أن يأتي خالد، فإذا فرغوا من مسيلمة تلحق بعمرو بن العاص تعينه على قضاعة،

فلما رجع خالد من البطاح إلى أبي بكر واعتذر إليه قبل عذره ورضي عنه ووجهه إلى مسيلمة وأوعب معه المهاجرين والأنصار وعلى الأنصار ثابت بن قيس بن شماس، وعلى المهاجرين أبو حذيفة وزيد بن الخطاب، وأقام خالد بالبطاح ينتظر وصول البعث إليه، فلما وصلوا إليه سار إلى اليمامة وبنو حنيفة يومئذ كثيرون كانت عدتهم أربعين ألف مقاتل، وعجل شرحبيل بن حسنة، وبادر خالداً بقتال مسيلمة، فنكب، فلامه خالد، وأمد أبو بكر خالداً بسليط ليكون ردءاً له لئلا يؤتَى من خلفه،
__________
(1) المنهاج (8/322-323)،

وكان أبو بكر يقول:
لا أستعمل أهل بدر، أدعهم حتى يلقوا الله بصالح أعمالهم، فإن الله يدفع بهم وبالصالحين أكثر مما ينتصر بهم، وكان عمر يرى استعمالهم على الجند وغيره،

وكان مع مسيلمة نهار الرجال بن عنفوة، وكان قد هاجر إلى النبي -صلى الله عليه وسلم-، وقرأ القرآن، وفقه في الدين، وبعثه معلماً لأهل اليمامة وليشغب على مسيلمة، فكان أعظم فتنة على بني حنيفة من مسيلمة، شهد أن محمداً -صلى الله عليه وسلم- يقول: إن مسيلمة قد أشرك معه، فصدَّقُوه واستجابوا له، وكان مسيلمة ينتهي إلى أمره، وكان يؤذن له عبدالله بن النواحة، والذي يقيم له حجير بن عمير، فكان حجير يقول: أشهد أن مسيلمة يزعم أنه رسول الله، فقال له مسيلمة: أفصح حجير، فليس في المجمجمة خير، وهو أول مَنْ قالها، (1)

عن عروة قال:
سار بنا خالد إلى اليمامة إلى مسيلمة، وخرج مسيلمة بمجموعة فنزلوا بعقرباء فحل بها خالد عليهم، وهي طرف اليمامة، وجعلوا الأموال خلفها كلها وريف اليمامة وراء ظهورهم،

وقال شرحبيل بن مسيلمة:
يا بني حينفة اليوم يوم الغيرة، اليوم إن هزمتم ستردف النساء سبيات وينكحن غير حظيات، فقاتلوا عن أحسابكم، فاقتتلوا بعقرباء قتالاً شديداً، فجال المسلمون جولة، ودخل ناس من بني حنيفة فسطاط خالد وفيه مجاعة أسير، وأم تميم امرأة خالد، فأرادوا أن يقتلوها فقال مجاعة: أنا لها جار، ودفع عنها،
__________
(1) الكامل في التاريخ (2/360-361)،


وقال ثابت بن قيس حين رأى المسلمين مدبرين: أف لكم ولما تعملون، وكَرَّ المسلمون فهزم اللهُ العدو، ودخل نفر من المسلمين فسطاط خالد فأرادوا قتل مجاعة، فقالت أم تميم: والله لا يُقتل وأجارته،

وانهزم أعداء الله حتى إذا كانوا عند حديقة الموت اقتتلوا عندها، أشد القتال،

وقال محكم بن الطفيل:
يا بني حنيفة ادخلوا الحديقة فإني سأمنع أدباركم، فقاتل دونهم ساعة وقُتل، وقال مسيلمة: يا قوم قاتلوا عن أحسابكم، فاقتتلوا قتالاً شديداً، حتى قتل مسيلمة، (1)

استشهد في هذه الوقعة عدة من سادات الصحابة رضوان الله عليهم منهم أبو حذيفة بن ربيعة ومولاه سالم وزيد بن الخطاب وعبدالله بن سهيل وعبَّاد بن بشر وثابت بن قيس بن شمَّاس وأبو دُجانة وعبدالله بن أبَيّ وغيرهم كثير، أوصلهم خليفة بن خياط إلى ثمانية وخمسين رجلاً، (2).
----------------------------------------------
(1) تاريخ الإسلام (عهد الخلفاء الراشدين ص،38-39)،
(2) تاريخ خليفة (ص،115) وانظر الكامل في التاريخ (2/366-367) وتاريخ الإسلام (عهد الخلفاء الراشدين ص،53-73)،


مواقف من السَّلف الصَّالح في العقيدة والمنهج 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 48337
العمر : 71

مواقف من السَّلف الصَّالح في العقيدة والمنهج Empty
مُساهمةموضوع: رد: مواقف من السَّلف الصَّالح في العقيدة والمنهج   مواقف من السَّلف الصَّالح في العقيدة والمنهج Emptyالأربعاء 14 فبراير 2018, 7:45 am

عكرمة بن أبي جهل
مواقف من السَّلف الصَّالح في العقيدة والمنهج Image25
عكرمة بن أبي جهل (1) (13 هـ)
عِكْرِمَة بن أبي جهل عمروبن هشام بن المغيرة، أبو عثمان القرشي المخزومي المكي أسلم عام الفتح، وحَسُنَ إسلامه وخرج إلى المدينة، ثم إلى قتال أهل الرّدَّة ووجَّهَهُ أبو بكر الصديق إلى جيش نعمان، فظهر عليهم، ثم إلى اليمن ثم رجع،
__________
(1) السير (1/323-324) والإصابة (4/538-539) وأسد الغابة (4/67-70) والاستيعاب (3/1082-1085)،

وذكر الطبري أن النبي -صلى الله عليه وسلم- استعمله على صدقات هوازن عام وفاته،

قال الشافعي:
كان محمود البلاء في الإسلام، رضي الله عنه،

قال ابن أبي مليكة:
كان عكرمة إذا اجتهد في اليمين قال: لا والذي نجاني يوم بدر،

ذكر الطبري أنه قتل يوم أجنادين، وقال الواقدي: لا اختلاف بين أصحابنا في ذلك، وقيل قتل يوم اليرموك في خلافة عمر،

موقفه من الجهمية:
جاء في السنة لعبدالله: عن ابن أبي مليكة قال كان عكرمة بن أبي جهل يأخذ المصحف فيضعه على وجهه ويقول كلام ربي كلام ربي، (1).
------------------------------------------------
(1) السنة لعبدالله (ص،26)،


مواقف من السَّلف الصَّالح في العقيدة والمنهج 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 48337
العمر : 71

مواقف من السَّلف الصَّالح في العقيدة والمنهج Empty
مُساهمةموضوع: رد: مواقف من السَّلف الصَّالح في العقيدة والمنهج   مواقف من السَّلف الصَّالح في العقيدة والمنهج Emptyالأربعاء 14 فبراير 2018, 7:56 am

أمير المؤمنين أبو بكر الصِّدِّيق
مواقف من السَّلف الصَّالح في العقيدة والمنهج Z
أمير المؤمنين أبو بكر الصِّدِّيق (2) (13 هـ)
عبدالله بن عثمان بن عامر القرشي التيمي، أبو بكر الصِّدِّيق بن أبي قُحَافَة، خليفة رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، أمه أم الخير، سلمى بنت صخر،

ولد بعد الفيل بسنتين وستة أشهر،

كان أول مَنْ آمن من الرجال، لقب بعتيق، أنفق أمواله على النبي -صلى الله عليه وسلم- وفي سبيل الله، قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "ما نفعني مال ما نفعني مال أبي بكر" (1)،

وقال عمرو بن العاص:
يا رسول الله أي الرجال أحَبَّ إليك؟ قال: "أبو بكر" (2)،

وقال -صلى الله عليه وسلم-:
"لو كنت متخذاً خليلاً لاتخذت أبا بكر خليلاً" (3)،

وهو المشار إليه في قوله تعالى: "ثَانِيَ  اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ" (4)،

أول خليفة بعد رسول الله -صلى الله عليه وسلم-،

أَمَّ المسلمين في مرض موت رسول الله -صلى الله عليه وسلم-،

شهد له النبي -صلى الله عليه وسلم- على التعيين بالجنة،

صَحِبَ النبي -صلى الله عليه وسلم- سنة قبل البعثة وسبق إلى الإيمان به واستمر معه طول إقامته بمكة، ورافقه في الهجرة، وفي الغار وفي المشاهد كلها، وكانت الرَّاية معه يوم تبوك،

قال ابن حجر في الإصابة:
ومناقب أبي بكر رضي الله عنه، كثيرة جداً، ومن أعظم مناقبه قول الله تعالى: "إِلَّا تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِن اللَّهَ مَعَنَا" (5)،

كانت خلافته رضي الله عنه سنتين،

قاتل أهل الردة الذين منعوا الزكاة،
__________
(1) أحمد (2/253 و366) والترمذي (5/568-569/3661) وقال: "هذا حديث حسن غريب"، ابن ماجة (1/36/94) والنسائي في الكبرى (5/37/8110)،
(2) أحمد (4/203) والبخاري (8/93/4358) ومسلم (4/1856/2384) والترمذي (5/663/3885)،
(3) أحمد (1/389 و433) ومسلم (4/1856/2383) والترمذي (5/566/3655) وابن ماجة (1/36/93) وفي الباب عن أبي سعيد وأبي هريرة وابن الزبير وابن عباس رضي الله عنهم،
(4) التوبة الآية (40)،
(5) التوبة الآية (40)،


وقال: "والله لأقاتلن مَنْ فَرَّقَ بين الصَّلاة والزَّكاة" (1)،

تُوفِّيَ رضي الله عنه في ذي القعدة سنة ثلاث عشرة للهجرة،

موقفه من المبتدعة:
- روى الدارمي عن قيس بن أبي حازم قال: دخل أبو بكر على امرأة من أخمس، يقال لها: زينب: قال: فرآها لا تتكلم، فقال: مالها لا تتكلم، قالوا: نَوَتْ حَجَّةً مُصمتة فقال لها: تكلّمي فإن هذا لا يحل، هذا من عمل الجاهلية، قال: فتكلّمت فقالت: مَنْ أنت؟ قال: أنا امرؤٌ من المهاجرين، قالت: من أي المهاجرين؟ قال: من قريش، قالت: فمن أي قريش أنت؟ قال: إنكِ لسؤول، أنا أبو بكر، قالت: ما بقاؤنا على هذا الأمر الصالح الذي جاء الله به بعد الجاهلية، فقال: بقاؤكم عليه ما استقامت بكم أئمتكم، قالت: وأيما الأئمة؟ قال: أما كان لقومك رؤساء وأشراف يأمرونهم فيطيعونهم؟ قالت: بلى، قال: فهم مثل أولئك على الناس، (2)

- عن ابن أبي مُليكة قال:
سُئِلَ أبو بكر الصديق رضي الله عنه عن آية من كتاب الله؟ فقال: أية أرض تُقلني أو أية سماء تُظلني، أو أين أذهب، وكيف أصنع؟ إذا أنا قلت في آية من كتاب الله بغير ما أراد الله بها، (3)
__________
(1) أحمد (1/19) والبخاري (13/311/7284-7285) ومسلم (1/51-52/20) وأبو داود (2/198/1556) والترمذي (5/5-6/2607) والنسائي (5/16/2442)،
(2) سنن الدارمي (1/71)،
(3) رواه سعيد بن منصور في سننه (1/168/39) ومن طريقه البيهقي في المدخل (2/260/792)،


- جاء في الإبانة عنه قال:
لست تاركاً شيئاً كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يعمل به إلا عملت به وإني لأخشى إن تركت شيئاً من أمره أن أزيغ، (1)

" التعليق:
قال ابن بطة عقبه: هذا يا إخواني الصّدّيق الأكبر يتخوَّف على نفسه الزيغ إن هو خالف شيئاً من أمر نبيه -صلى الله عليه وسلم-، فماذا عسى أن يكون من زمان أضحى أهله يستهزئون بنبيهم وبأوامره، ويتباهون بمخالفته، ويسخرون بسُنَّته، نسأل الله عصمة من الزلل ونجاة من سوء العمل،

- قال شيخ الإسلام:
كان صِدِّيقُ الأمَّة وأفضلها بعد نبيها يقول: أطيعوني ما أطعتُ اللهَ، فإذا عصيت الله فلا طاعة لي عليكم، (2)

موقفه من المشركين:
اختار الله محمد بن عبدالله -صلى الله عليه وسلم- لرسالته، واختار أبا بكر لصُحبته، لم تعرف البشرية بعد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- مثل أبي بكر، ومواقفه في نصرة عقيدة التوحيد الخالصة تكفي أن تكون نموذجاً لكل سلفي مخلص لعقيدته، كان شوكة في حلق كل مشرك منذ أسلم إلى أن تُوفِّيَ، ضَحَّى بالمال والولد والنفس، جمع بين اللين والقوة، وبين العلم والشجاعة،

أجمع الصحابة كلهم على حبه والاعتراف بفضله، وبعدهم التابعون لهم بإحسان إلى يوم الدين، إلا مَنْ أصيب بداء الرفض الذي لا دواء له إلا السَّيف، فرضي اللهُ عنك يا خليفة رسول الله،
__________
(1) الإبانة (1/1/245-246/77)،
(2) مجموع الفتاوى (20/210) وقد ذكرها ابن كثير في البداية والنهاية (6/305-306) وصحح إسنادها،


أول خطيب بكلمة التوحيد الخالصة بعد رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: كان هذا الموقف من أعظم المواقف للصديق رضي الله عنه، حيث واجه جبال الشرك بمعاول عقيدة التوحيد الخالصة، وحاولت هذه الجبال أن تتردى عليه، وإن كان أصابه بعض شرره، ولكنه صبر واستيقن أن ما عليه هو الحق، وأن يوما ستتلاشى خيوط العنكبوت، التي ربما ظهرت لضعفاء الإيمان مظهر القوة وهي لا شيء، وهكذا يكون الأمر في كل زمان، فإنه مهما ظهر رؤوس الشرك والبدع، ومهما علا شأنهم وقويت شوكتهم، فإنهم كما قال الله تعالى: "مَثَلُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْلِيَاءَ كَمَثَلِ الْعَنْكَبُوتِ اتَّخَذَتْ بَيْتًا وَإِنَّ أَوْهَنَ الْبُيُوتِ لَبَيْتُ الْعَنْكَبُوتِ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ"، (1)

نص الموقف:
عن القاسم بن محمد بن أبي بكر عن عائشة رضي الله عنها قالت: خرج أبو بكر يريد رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وكان له صديقاً في الجاهلية: فلقيه فقال: يا أبا القاسم فقدت من مجالس قومك واتهموك بالعيب لآبائها وأمهاتها، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: إني رسول الله أدعوك إلى الله، (2) الخ،

وبالسند نفسه عن عائشة قالت:
لما اجتمع أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم- وكانوا ثمانية وثلاثين رجلاً ألَحَّ أبو بكر على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في الظهور، فقال: يا أبا بكر إنا قليل، فلم يزل أبو بكر يُلِحُّ حتى ظهر رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وتفرق المسلمون في نواحي المسجد كل رجل في عشيرته،
__________
(1) العنكبوت الآية (41)،
(2) البداية والنهاية (3/29)،


وقام أبو بكر في الناس خطيباً، ورسول الله -صلى الله عليه وسلم- جالس، فكان أول خطيب دعا إلى الله وإلى رسوله -صلى الله عليه وسلم-، وثار المشركون على أبي بكر وعلى المسلمين، فضربوا في نواحي المسجد ضرباً شديداً، وَوُطِئَ أبو بكر وضُرِبَ ضرباً شديداً، ودنا منه الفاسق عتبة بن ربيعة، فجعل يضربه بنعلين مخصوفتين، ويحرفهما لوجهه، ونزا على بطن أبي بكر حتى ما يُعرف وجهه من أنفه، وجاء بنو تيم يتعادون فأجلت المشركين عن أبي بكر وحملت بنو تيم أبا بكر في ثوب حتى أدخلوه منزله، ولا يَشُكُّونَ في موته،

ثم رجعت بنو تيم فدخلوا المسجد وقالوا:
والله لئن مات أبو بكر لنقتلن عتبة بن ربيعة، فرجعوا إلى أبي بكر، فجعل أبو قحافة وبنو تيم يُكلِّمُونَ أبا بكر حتى أجاب، فتكلّم آخر النهار، فقال: ما فعل رسول الله -صلى الله عليه وسلم-؟ فمسُّوا منه بألسنتهم، وعذلوه، ثم قاموا وقالوا لأمِّهِ أم الخير، انظري أن تطعميه شيئاً أو تسقيه إياه، فلما خلت به ألحَّت عليه وجعل يقول: ما فعل رسول الله -صلى الله عليه وسلم-؟ فقالت: والله ما لي علم بصاحبك، فقال: اذهبي إلى أم جميل بنت الخطاب فاسأليها عنه،

فخرجت حتى جاءت أم جميل، فقالت: إن أبا بكر يسألك عن محمد بن عبدالله، فقالت: ما أعرف أبا بكر ولا محمد بن عبدالله، وإن كنت تحبين أن أذهب معك إلى ابنك، قالت: نعم فمضت معها حتى وجدت أبا بكر صريعاً دنفاً، فدنت أم جميل وأعلنت بالصياح، وقالت: والله إن قوماً نالوا هذا منك لأهل فسق وكفر، وإني لأرجو أن ينتقم الله لك منهم،

قال: فما فعل رسول الله -صلى الله عليه وسلم-؟ قالت: هذه أمُّك تسمع،
قال: فلا شيء عليكِ منها، قالت: سالم صالح،

قال: أين هو، قالت: في دار ابن الأرقم، قال: فإن لله عليَّ أن لا أذوق طعاماً ولا أشرب شراباً أو آتي رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فأمهلتا حتى إذا هدأت الرّجْلُ وسكن الناس، خرجتا به يتكئُ عليهما حتى أدخلتاه على رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، قال: فأكَبَّ عليه رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فقبَّله،

وأكَبَّ عليه المسلمون، ورق له رسول الله -صلى الله عليه وسلم- رقة شديدة، فقال أبو بكر: بأبي وأمي يا رسول الله، ليس بي بأس إلا ما نال الفاسق من وجهي، وهذه أمِّي برة بولدها، وأنت مبارك، فادعُها إلى الله وادعُ اللهَ لها عسى الله أن يستنقذها بك من النار، قال: فدعا لها رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، ودعاها إلى الله، فأسلمت، وأقاموا مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في الدار شهراً، وهم تسعة وثلاثون رجلاً وقد كان حمزة بن عبد المطلب أسلم يوم ضرب أبو بكر،، الخ، (1)

كان هذا الموقف من أشرف مواقف الصديق رضي الله عنه، حَفِظَ اللهُ به الإسلام والأمَّةَ الإسلامية، وحقَّق اللهُ به وعده في حفظ دينه، ومهما قلنا ووصفنا، فإن القلم يعجز عن التعبير عن مدح الصِّدِّيق وما قدَّمه للإسلام والمسلمين، فجزاه الله عن عقيدة التوحيد الخالصة خيراً،

انتقل الرسول -صلى الله عليه وسلم- إلى الرفيق الأعلى، وظهر كل مَنْ كان في قلبه مرض، أبدى النفاق عنقه صريحاً، ومَنْ كانوا يطمعون في الرئاسة وحُبِّ الظهور، قلبوها إلى دعوى النبوة، وارتد مَنْ ارتد من الأعراب الذين جُبِلُوا على الفساد في الأرض، واجتمعت المصائب على الصِّدِّيق، ولكن الصِّدِّيق لم يكن ذلك الرجل الضعيف، الذي يتأثر بالكلمة أو الكلمتين، ولكنه الرجل المُوَّفَقُ الذي صمد لها وجعل عقيدة التوحيد الخالصة ترفرف فوق أبراج المشركين، الذين ولوا وأدبروا خاسئين،
__________
(1) رواه أبو الحسن خيثمة الأطرابلسي كما في البداية والنهاية (3/29-30)،

واسمع ما يذكره الحافظ ابن كثير في بدايته في هذا المقام:
قد تقدَّم أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لَمَّا توفي، ارتدت أحياءٌ كثيرة من الأعراب، ونجم النفاق بالمدينة، وانحاز إلى مسيلمة الكذاب بنو حنيفة وخلق كثير باليمامة، والتفت على طليحة الأسدي بنو أسد وطيء وبشر كثير أيضاً، وادَّعى النبوة أيضاً، كما ادَّعاها مسيلمة الكذاب، وعظم الخطب واشتدت الحال، وأنفذ الصِّدِّيق جيش أسامة، فقلَّ الجُند عند الصِّدِّيق، فطمعت كثير من الأعراب في المدينة، وراموا أن يهجموا عليها فجعل الصِّدِّيقُ على أنقاب المدينة حُراساً يبيتون بالجيوش حولها، فمن أمراء الحرس: علي بن أبي طالب والزبير بن العوام وطلحة بن عبيدالله وسعد بن أبي وقاص وعبدالرحمن بن عوف وعبدالله بن مسعود، وجعلت وفود العرب تقدم المدينة يقرون بالصلاة ويمتنعون من أداء الزكاة، ومنهم مَنْ امتنع من دفعها إلى الصِّدِّيق، وذكر أن منهم مَنْ احتجَّ بقوله تعالى: " خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلَاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ" (1) قالوا: فلسنا ندفع زكاتنا إلا إلى مَنْ صلاته سَكَنٌ لنا، (2)

- عن أبي هريرة قال:
لَمَّا تُوفِّيَ رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، واستخلف أبو بكر بعده،
__________
(1) التوبة الآية (103)،
(2) البداية والنهاية (6/315)،


وكفر مَنْ كفر من العرب، قال عمر لأبي بكر، كيف تقاتل الناس، وقد قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله، فمَنْ قال لا إله إلا الله عصم مني ماله ونفسه إلا بحقه، وحسابه على الله" فقال: والله لأقاتلن مَنْ فَرَّقَ بين الصلاة والزكاة، فإن الزكاة حق المال، والله لو منعوني عقالاً كانوا يؤدُّونه إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، لقاتلتهم على منعه، فقال عمر: فوالله ما هو إلا أن رأيت اللهَ قد شرح صدر أبي بكر للقتال فعرفت أنه الحق، (1)

- جاء في المنهاج:
والصِّدِّيقُ قاتلهم -أي المشركين- حتى قال له ابنه عبدالرحمن: قد رأيتك يوم بدر فصدفت عنك، فقال: لكني لو رأيتك لقتلتك، (2)

- جاء في الشريعة:
عن عروة قال: سعى رجال من المشركين إلى أبي بكر رضي الله عنه فقالوا له: هذا صاحبك يزعُمُ أنه قد أسري به الليلة إلى بيت المقدس، ثم رجع من ليلته، فقال أبو بكر رضي الله عنه: أو قال ذاك؟ قالوا: نعم، قال أبو بكر رضي الله عنه: فأنا أشهد إن كان قال ذاك لقد صدق، قالوا: تصدقه أنه قد جاء الشام في ليلة واحدة ورجع قبل أن يُصبح؟ فقال أبو بكر رضي الله عنه: نعم أنا أصدقه بأبعد من ذلك، أصدقه بخبر السماء غدوة وعشية، فلذلك سُمِّيَ أبو بكر رضي الله عنه: الصِّدِّيق، (3)
__________
(1) البخاري (13/311/7284و7285) ومسلم (1/51-52/20) وأبو داود (2/198/1556) والترمذي (5/5-6/2607) والنسائي (7/88/3980)،
(2) المنهاج (8/540)،
(3) الشريعة (2/312/1089)،


-وعن عائشة رضي الله عنها زوج النبي -صلى الله عليه وسلم- قالت: لم أعقل أبوي قط إلا وهما يدينان الدين، ولم يمر علينا يوم إلا يأتينا فيه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- طرفي النهار: بكرة وعشية، فلما ابتلي المسلمون، خرج أبو بكر مهاجراً نحو أرض الحبشة حتى بلغ برك الغماد لقيه ابن الدغنة -وهو سيد القارة- فقال: أين تريد يا أبا بكر؟ فقال أبو بكر: أخرجني قومي فأريد أن أسيح في الأرض وأعبد ربي، قال ابن الدغنة: فإن مثلك يا أبا بكر لا يَخرج ولا يُخرج، إنك تُكسب المعدوم، وتصل الرَّحم، وتحمل الكَلَّ، وتُقري الضيف، وتُعين على نوائب الحق، فأنا لك جار، ارجع واعبد ربك ببلدك،

فرجع، وارتحل معه ابن الدغنة، فطاف ابن الدغنة عشية في أشراف قريش فقال لهم: إن أبا بكر لا يخرج مثله ولا يخرج، أتخرجون رجلاً يُكسب المعدوم، ويصل الرَّحم، ويحمل الكَلَّ ويُقري الضيف، ويُعين على نوائب الحق؟ فلم تكذب قريش بجوار ابن الدغنة، وقالوا لابن الدغنة: مُرْ أبا بكر فليعبد ربه في داره، فليصل فيها وليقرأ ما شاء، ولا يؤذينا بذلك ولا يستعلن به، فإنا نخشى أن يفتن نساءنا وأبناءنا،

فقال ذلك ابن الدغنة لأبي بكر، فلبث أبو بكر بذلك يعبد ربه في داره ولا يستعلن بصلاته ولا يقرأ في غير داره، ثم بدا لأبي بكر فابتنى مسجداً بفناء داره وكان يصلي فيه ويقرأ القرآن فينقذف عليه نساء المشركين وأبناؤهم وهم يعجبون منه وينظرون إليه،

وكان أبو بكر رجلاً بكَّاءً لا يملك عينيه إذا قرأ القرآن، فأفزع ذلك أشراف قريش من المشركين، فأرسلوا إلى ابن الدغنة، فقدم عليهم، فقالوا: إنا كنا أجرنا أبا بكر بجوارك على أن يعبد ربه في داره، فقد جاوز ذلك فابتنى مسجداً بفناء داره فأعلن بالصلاة والقراءة فيه، وإنا قد خشينا أن يفتن نساءنا وأبناءنا، فانهه، فإن أحَبَّ أن يقتصر على أن يعبد ربه في داره فعل، وإن أبى إلا أن يعلن بذلك فسله أن يرد إليك ذمتك، فإنَّا قد كرهنا أن نخفرك، ولسنا مقرّين لأبي بكر الاستعلان،

قالت عائشة:
فأتى ابن الدغنة إلى أبي بكر فقال: قد علمت الذي عاقدت لك عليه، فإما أن تقتصر على ذلك وإما أن تُرجع إليَّ ذمتي، فإني لا أحب أن تسمع العرب أني أخفرت في رجل عقدت له،

فقال أبو بكر:
فإني أرد إليك جوارك، وأرضى بجوار الله عز وجل،
والنبي -صلى الله عليه وسلم- يومئذ بمكة، (1)

- جاء في مجموع الفتاوى:
وذلك أن مذهب هؤلاء الملاحدة فيما يقولونه من الكلام، وينظمونه من الشعر بين حديث مُفترى، وشعر مُفتعل، واليهما أشار أبو بكر الصديق رضى الله عنه لما قال له عمر بن الخطاب في بعض ما يخاطبه به: يا خليفة رسول الله تألف الناس، فأخذ بلحيته وقال: يا ابن الخطاب، أجبَّاراً في الجاهلية خواراً في الإسلام؟ علام أتألفهم؟ أعلى حديث مُفترى؟ أم شعر مُفتعل؟ يقول: إني لست أدعوهم إلى حديث مفترى كقرآن مسيلمة، ولا شعر مفتعل كشعر طليحة الأسدي، (2)

- عن أبي برزة، قال:
كنت عند أبي بكر رضي الله عنه فتغيَّظ على رجل فاشتد عليه، فقلت: تأذن لي يا خليفة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أضرب عنقه؟ قال: فأذهبت كلمتي غضبه، فقام فدخل فأرسل إليَّ فقال: ما الذي قلت آنفاً؟ قلت: ائذن لي أضرب عنقه، قال: أكنت فاعلاً لو أمرتك؟ قلت: نعم،
__________
(1) أحمد (6/198) والبخاري (1/741-742/476)،
(2) الفتاوى (2/136)،


قال: لا والله، ما كانت لبشر بعد محمد -صلى الله عليه وسلم-، (1)

- ذكر سيف بن عمر التميمي في كتاب 'الردة والفتوح' عن شيوخه، قال: ورفع إلى المهاجر -يعني المهاجر بن أبي أمية، وكان أميراً على اليمامة ونواحيها- امرأتان مغنيتان غنَّت إحداهما بشتم النبي -صلى الله عليه وسلم-، فقطع يدها، ونزع ثنيتيها، وغنَّت الأخرى بهجاء المسلمين، فقطع يدها، ونزع ثنيتيها، فكتب إليه أبو بكر: بلغني الذي سرت به في المرأة التي تغنَّت وزمزمت بشتم النبي -صلى الله عليه وسلم-، فلولا ما قد سبقتني لأمرتك بقتلها، لأن حَدَّ الأنبياء ليس يشبه الحُدود، فمَنْ تعاطى ذلك من مسلم فهو مُرتد أو معاهد فهو محارب غادر، (2)

موقفه من الصوفية:
عن حنظلة الأسيدي -قال: وكان من كُتَّاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: لقيني أبو بكر فقال: كيف أنت يا حنظلة؟ قال: قلت نافق حنظلة‍، قال سبحان الله ما تقول قال قلت نكون عند رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يُذَكِّرُنَا بالنار والجنة، حتى كأنَّا رأي عين فإذا خرجنا من عند رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عافسنا الأزواج والأولاد والضَّيعات فنسينا كثيراً، قال أبو بكر: فوالله إنا لنلقى مثل هذا فانطلقت أنا وأبو بكر حتى دخلنا على رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، قلت: نافق حنظلة يا رسول الله، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: وما ذاك؟ قلت: يا رسول الله نكون عندك تُذَكِّرُنَا بالنار والجنة حتى كأنَّا رأي عين فإذا خرجنا من عندك عافسنا الأزواج والأولاد والضَّيعات نسينا كثيراً،
__________
(1) أحمد (1/10) وأبو داود (4/530-531/4363) والنسائي (7/124-126/4082-4088)،
(2) الصارم المسلول (ص،208)،


فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: والذي نفسي بيده إن لو تدومون على ما تكونون عندي وفي الذِّكر لصافحتكم الملائكة على فُرُشِكُمْ وفي طُرُقِكُمْ ولكن يا حنظلة ساعة وساعة ثلاث مرات، (1)

قال القرطبي في المفهم (2):
وقول أبي بكر رضي الله عنه: 'والله إنا لنلقى مثل هذا' رَدٌ على غُلاة الصُّوفية الذين يزعمون دوام مثل تلك الحال، ولا يُعرجون بسببها على أهل ولا مال، ووجه الرَّد أن أبا بكر رضي الله عنه أفضل الناس كلهم بعد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إلى يوم القيامة، ومع ذلك فلم يدَّع خروجاً عن جبلة البشرية، ولا تعاطى من دوام الذِّكر وعدم الفترة ما هو خاصة الملائكة، وقد ادعى قوم منهم دوام الأحوال، وهو بما ذكرناه شبه المحال،،،

موقفه من الجهمية:
- جاء في الفتاوى: قال أبو بكر الصديق -لما قرأ قرآن مسيلمة الكذاب- إن هذا الكلام لم يخرج من إل -يعني رب، (3)

- ولابن بطة بسنده إلى نيار بن مكرم الأسلمي -وكانت له صحبة-، قال: لَمَّا نزلت: "الم (1) غُلِبَتِ الرُّومُ (2)" (4)، قالت قريش لأبي بكر رحمه الله: يا ابن أبي قحافة، لعل هذا من كلام صاحبك؟
__________
(1) أخرجه أحمد (4/178و346) ومسلم (4/2106/2750) والترمذي (4/574-757/2514) وابن ماجة (2/1416/4239)،
(2) 7/67)،
(3) الفتاوى (3/175) والمنهاج (8/322)،
(4) الروم الآيتان (1و2)،

قال: لا، ولكنه كلام الله عز وجل، (1)

موقفه من المرجئة:
عن قيس بن أبي حازم قال: سمعت أبا بكر الصديق يقول: إياكم والكذب فإن الكذب مجانب الإيمان، (2).
---------------------------------------------
(1) الإبانة (1/12/271-273/41)،
(2) أصول الاعتقاد (6/1091/1872-1873) وهو في المسند للإمام أحمد (1/5).


مواقف من السَّلف الصَّالح في العقيدة والمنهج 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 48337
العمر : 71

مواقف من السَّلف الصَّالح في العقيدة والمنهج Empty
مُساهمةموضوع: رد: مواقف من السَّلف الصَّالح في العقيدة والمنهج   مواقف من السَّلف الصَّالح في العقيدة والمنهج Emptyالأربعاء 14 فبراير 2018, 8:02 am

ابن أم مكتوم
مواقف من السَّلف الصَّالح في العقيدة والمنهج Hqdefault
ابن أم مكتوم (1) (15 هـ)
عمرو بن قيس بن زائدة بن الأصم بن رواحة القرشي العامري، ابن أم مكتوم الصحابي الجليل، وقيل اسمه عبدالله، والأول عليه أكثر أهل الحديث،

أسلم قديماً بمكة، وكان من المهاجرين الأولين، وكان ضريراً مؤذناً لرسول الله -صلى الله عليه وسلم-،

روى عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وروى عنه عبدالله بن شداد بن الهاد وعبدالرحمن بن أبي ليلى وأبو رزين الأسدي وآخرون،

استخلفه النبي -صلى الله عليه وسلم- على المدينة في غزوة بدر، وهو المذكور في سورة (عبس وتولى)، وأخرج البخاري عن البراء رضي لله عنه قال: لما نزلت: (لا يستوي القاعدون من المؤمنين) دعا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- زيداً فكتبها، فجاء ابن أم مكتوم فشكا ضرارته فأنزل الله: "غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ" (2) ،اهـ (3).
__________
(1) طبقات ابن سعد (4/205-212) وحلية الأولياء (2/4) والبداية والنهاية (7/50) وسير أعلام النبلاء (1/360-365) والإصابة (4/600-602) والاستيعاب (3/1198-1199) وتاريخ الإسلام (عهد الخلفاء الراشدين/152-153) والتقريب (1/734)،
(2) النساء الآية (95)،
(3) أحمد (4/284) والبخاري (8/329/4593) ومسلم (3/1508/1898)،

قال الزبير بن بكار:
خرج إلى القادسية، فشهد القتال، واستُشهد هناك، وكان معه اللواء حينئذ، وقيل بل رجع إلى المدينة بعد القادسية، فمات بها، ذكره البغوي، وقال الواقدي: بل شهدها، ورجع إلى المدينة، فمات بها، ولم يُسمع له بذكر، بعد عمر بن الخطاب،

قال ابن حجر:
مات في آخر خلافة عمر، وأرَّخ له ابن العماد الحنبلي والذهبي في سنة خمس عشرة،

موقفه من المشركين:
عن عبدالله بن معقل قال: نزل ابن أم مكتوم على يهودية بالمدينة كانت ترفقه، وتؤذيه في النبي -صلى الله عليه وسلم- فتناولها فضربها، فقتلها، فرُفع ذلك إلى النبي -صلى الله عليه وسلم-، فقال هو: أما والله إن كانت لترفقني، ولكن آذتني في الله ورسوله، فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "أبعدها الله، قد أبطلت دمها"، (1).
--------------------------------------------
(1) ابن سعد في الطبقات (4/210) من طريق قبيصة بن عقبة قال حدثنا يونس بن أبي إسحاق عن أبي إسحاق عن عبدالله بن معقل مرفوعا، ورواه أبو داود (4/528/4361) والنسائي (7/123-124/4081) من حديث ابن عباس.


مواقف من السَّلف الصَّالح في العقيدة والمنهج 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 48337
العمر : 71

مواقف من السَّلف الصَّالح في العقيدة والمنهج Empty
مُساهمةموضوع: رد: مواقف من السَّلف الصَّالح في العقيدة والمنهج   مواقف من السَّلف الصَّالح في العقيدة والمنهج Emptyالأربعاء 14 فبراير 2018, 8:11 am

أبو عُبيدة بن الجرَّاح
مواقف من السَّلف الصَّالح في العقيدة والمنهج Z
أبو عُبيدة بن الجرَّاح (1) (18 هـ)
عامر بن عبدالله بن الجراح بن هلال، أبو عبيدة القرشي الفهري المكي، أحد السابقين الأولين وأحد العشرة المبشرين بالجنة،
__________
(1) طبقات ابن سعد (3/409-415) وطبقات خليفة (ص،27-28) وتاريخ دمشق (25/435-491) والاستيعاب (2/792-795) وتهذيب الكمال (14/52-57) والسير (1/5-23) وتاريخ الإسلام (عهد الخلفاء الراشدين ص،171-174) والإصابة (5/285-289)،


وسمَّاهُ النبي -صلى الله عليه وسلم- أمين هذه الأمة، شهد بدراً وما بعدها، وهو أحد الرجُلين اللذين عينهما أبو بكر للخلافة يوم السقيفة، وهو الذي انتزع الحلقتين من وجه رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فسقطت ثنيتا أبي عبيدة،

روى عنه جابر بن عبدالله والعرباض بن سارية وأبو أمامة وسمرة بن جندب وجماعة،

قال ابن إسحاق:
آخى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بين سعد بن معاذ وأبي عبيدة بن الجرَّاح، وقيل محمد بن مسلمة،

فعن حذيفة رضي الله عنه قال: جاء أهل نجران إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- فقالوا: ابعث لنا رجلاً أميناً، فقال: "لأبعثن إليكم رجلاً أميناً حق أمين، فاستشرف له الناس، فبعث أبا عبيدة بن الجراح"، (1)

وعن أبي هريرة عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "نِعْمَ الرجل أبو عبيدة بن الجراح"، (2)

وقد استعمله النبي -صلى الله عليه وسلم- غير مَرَّة،

قال الزبير بن بكار:
شهد بدراً مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ونزع الحلقتين اللتين دخلتا في وجه النبي -صلى الله عليه وسلم- من المغفر يوم أحُد، فانتزعت ثنيتاه، فحسنتا فاه، فقيل: ما رُئِيَ هتمٌ قط أحسن من هتمُ أبي عبيدة، وقام يوماً من مجلس النبي -صلى الله عليه وسلم-، فنظر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في قفاه وكان يُقال: داهيتا قريش: أبو بكر وأبو عبيدة بن الجرَّاح،
__________
(1) أحمد (5/401) والبخاري (8/117-118/4381) ومسلم (4/1882/2420) والترمذي (5/625-626/3796) وابن ماجة (1/48/135)،
(2) أحمد (2/419) والبخاري في الأدب المفرد (337) والترمذي (5/625/3795) وقال: "هذا حديث حسن"، والحاكم (3/233) وقال: "صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه" ووافقه الذهبي،


ودعا أبو بكر الصديق يوم توفي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في سقيفة بني ساعدة إلى البيعة لعمر بن الخطاب أو أبي عبيدة بن الجرَّاح، وقال: قد رضيت لكم أحدهما وولّاه عمر بن الخطاب الشام، وفتح الله عليه اليرموك والجابية، وسرع مدينة الشام والرمادة،

عن أبي مليكة قال:
سمعت عائشة وسُئِلَتْ: مَنْ كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- مستخلفاً أو استخلفه؟ قالت: أبو بكر فقيل لها: ثم مَنْ بعد أبي بكر؟ فقالت: عمر، ثم قيل لها: مَنْ بعد عمر؟ قالت: أبو عبيدة بن الجرَّاح، ثم انتهت إلى هذا، (1)

قال محمد بن سعد وخليفة بن خياط:
مات أبو عبيدة بن الجرَّاح في طاعون عمواس بأرض الأردن وفلسطين سنة ثماني عشرة، زاد ابن سعد: وهو ابن ثمان وخمسين سنة،

موقفه من المشركين:
- وقد شهد أبو عبيدة بدراً، فقتل يومئذ أباه، وأبلى يوم أحُدٍ بلاءً حسناً، (2)

- فتح الله عليه اليرموك والجابية، وسرع مدينة الشام والرمادة، (3).
------------------------------------------------
(1) أحمد مختصرا (6/63) ومسلم (4/1856/2385)، ورواه الترمذي (5/566-567/3675 عن عبدالله بن شقيق قال: قلت لعائشة: أي أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان أحب إلى رسول الله؟ فذكرته، وقال الترمذي: "حديث حسن صحيح"،
(2) السير (1/8)،
(3) انظر الترجمة.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 48337
العمر : 71

مواقف من السَّلف الصَّالح في العقيدة والمنهج Empty
مُساهمةموضوع: رد: مواقف من السَّلف الصَّالح في العقيدة والمنهج   مواقف من السَّلف الصَّالح في العقيدة والمنهج Emptyالأربعاء 14 فبراير 2018, 8:17 am

معاذ بن جبل
مواقف من السَّلف الصَّالح في العقيدة والمنهج 2555
معاذ بن جبل (1) (18 هـ)
__________
(1) الإصابة (6/136-138) وحلية الأولياء (1/228-244) ومجمع الزوائد (9/311) وطبقات ابن سعد (3/583-590) وتذكرة الحفاظ (1/19-22) والمعرفة والتاريخ (1/314) وشذرات الذهب (1/29-30) والبداية والنهاية (7/94-95) وتقريب التهذيب (2/255) وسير أعلام النبلاء (1/443-461) والاستيعاب (3/1402-1407)،

معاذ بن جبل بن عمرو بن أوس، أبو عبدالرحمن الأنصاري الخزرجي البدري، الإمام المقدم في علم الحلال والحرام وفيه قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "،،، وأعلمهم بالحلال والحرام معاذ" (1) شهد العقبة شابا أمرد وشهد المشاهد كلها، وكان ممن جمع القرآن على عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فعن عبدالله بن عمرو قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "خذوا القرآن من أربعة: من ابن مسعود، وأبيّ، ومعاذ بن جبل، وسالم مولى أبي حذيفة" (2).

وعن محمد بن سهل بن أبي حثمة عن أبيه قال: كان الذين يفتون على عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ثلاثة من المهاجرين عمر وعثمان، وعلي وثلاثة من الأنصار: أبي بن كعب ومعاذ وزيد.

وكان من أفضل شباب الأنصار حلما وحياء وسخاء، ومناقبه كثيرة، عن نيار الأسلمي: أن عمر كان يستشير هؤلاء فذكر منهم معاذا، وصح عن عمر قوله: من أراد الفقه، فليأت معاذ بن جبل، وكانت وفاته بالطاعون في الشام سنة ثماني عشرة رضي الله عنه،

موقفه من المبتدعة:
- جاء في أصول الاعتقاد: كان معاذ يقول في كل مجلس يجلسه: الله
__________
(1) أحمد (3/184) والترمذي (5/623/3790) وقال: "هذا حديث حسن غريب"، وابن ماجة (1/55/154) والحاكم (3/422) وصححه على شرط الشيخين ووافقه الذهبي، وابن حبان (16/74/7131 الإحسان)،
(2) أحمد (2/189و195) والبخاري (7/160/3808) ومسلم (4/1913/2464) والترمذي (5/632/3810) وقال: "هذا حديث حسن صحيح"،

حكم قسط تبارك اسمه، هلك المرتابون، إن من ورائكم فتنا يكثر فيها المال، ويفتح فيها القرآن حتى يأخذه الرجل والمرأة والحر والعبد والصغير والكبير، فيوشك الرجل أن يقرأ القرآن فيقول: قد قرأت القرآن، فما للناس لا يتبعوني وقد قرأت القرآن، ثم ما هم بمتبعي حتى أبتدع لهم غيره، فإياكم وما ابتدع فإن ما ابتدع ضلالة، واتقوا زيغة الحكيم فإن الشيطان يلقي على في الحكيم الضلالة ويلقي المنافق كلمة الحق قال: قلنا: وما يدرينا يرحمك الله أن المنافق يلقي كلمة الحق، وأن الشيطان يلقي على في الحكيم كلمة الضلالة، قال: اجتنبوا من كلام الحكيم كل متشابه الذي إذا سمعته قلت ما هذا؟ ولا ينأ بك ذلك عنه، فإنه لعله أن يراجع ويلقي الحق إذا سمعه، فإن على الحق نورا، (1)

- قال معاذ بن جبل:
إياكم والبدع والتبدع والتنطع، وعليكم بالأمر العتيق، (2)

- وعنه قال: يد الله فوق الجماعة، فمن شذ لم يبال الله بشذوذه، (3)

" التعليق:
كان معاذ بن جبل من أغزر الصحابة علما بالحلال والحرام، وأما علمه بعقيدة التوحيد الخالصة فأمر مجمع عليه بينه وبين إخوانه من الصحابة رضوان
__________
(1) أصول الاعتقاد (1/99-100/116) وأبو داود (5/17-18/4611) والإبانة (1/2/307-308/143) وما جاء في البدع (ص،63-64) وجامع بيان العلم وفضله (2/981)، وانظر الحوادث والبدع (ص،37-38) والباعث (ص،62) والاعتصام (1/110-111) وإعلام الموقعين (1/104-105)و(2/193) والجزء الأول منه في السير (8/143)،
(2) رواه ابن وضاح في البدع (ص،65) والهروي في ذم الكلام (ص،136)،
(3) الإبانة (1/2/288-289/119)،


الله عليهم، ولذا كان يعلم خطر البدع والمبتدعة، فكان يحذر منهم في كل مجلس، فهؤلاء هم أحياء القلوب، وأما أهل زماننا فأموات غير أحياء، وما يشعرون أيان يبعثون، قبلوا البدعة ورضوا بها، وتسهالوا مع المبتدعة واتخذوهم أحبابا وإخوانا، وآووهم في بيوتهم وأحاطوهم بكل رعاية والله المستعان،

- وجاء في السير عن أم سلمة أن أبا عبيدة لما أصيب، استخلف معاذ ابن جبل -يعني في طاعون عمواس- اشتد الوجع، فصرخ الناس إلى معاذ: ادع الله أن يرفع عنا هذا الرجز، قال:إنه ليس برجز ولكن دعوة نبيكم، وموت الصالحين قبلكم، وشهادة يخص الله بها من يشاء منكم، أيها الناس، أربع خلال من استطاع أن لا تدركه، قالوا: ما هي؟ قال: يأتي زمان يظهر فيه الباطل، ويأتي زمان يقول الرجل: والله ما أدري ما أنا، لا يعيش على بصيرة، ولا يموت على بصيرة، (1)

- وجاء في الإبانة عن عاصم بن حميد، قال: سمعت معاذا يقول: إنكم لن تروا من الدنيا إلا بلاء وفتنة، ولن يزداد الأمر إلا شدة، ولن تروا من الأئمة إلا غلظة، ولن تروا أمرا يهولكم ويشتد عليكم إلا حقره بعد ما هو أشد منه، قال أبو عبدالله أحمد بن حنبل: اللهم رضنا مرتين، (2)

موقفه من المشركين:
عن أبي موسى أن رجلا أسلم ثم تهود، فأتاه معاذ بن جبل -وهو عند أبي موسى- فقال: ما لهذا؟ قال: أسلم ثم تهود، قال لا أجلس حتى أقتله، قضاء الله ورسوله -صلى الله عليه وسلم- (3).
__________
(1) السير (1/457)،
(2) الإبانة (1/1/181-182/16)،
(3) البخاري (7157) ومسلم (1733)،


موقفه من الجهمية:
عن ميمون أبي حمزة قال: كنت جالسا عند أبي وائل فدخل علينا رجل يقال له: أبو عفيف، فقال له شقيق بن سلمة: يا أبا عفيف ألا تحدثنا عن معاذ بن جبل ؟ قال: بلى سمعته يقول: يحبس الناس يوم القيامة في صعيد واحد فينادي: أين المتقون؟ فيقومون في كنف من الرحمن لا يحتجب الله منهم ولا يستتر، قلت: من المتقون؟ قال: قوم اتقوا الشرك وعبادة الأوثان وأخلصوا لله العبادة فيمرون إلى الجنة، (2)

موقفه من المرجئة:
- عن الأسود بن هلال قال: قال معاذ: اجلس بنا نؤمن ساعة، فيجلسان يتذاكران الله ويحمدانه، (3)
- عن سفيان عن عبدالملك بن عمير قال: قال لمعاذ: ما ملاك أمرنا الذي نقوم به؟ قال: الإخلاص، وهي الفطرة والصلاة وهي الملة والسمع والطاعة وهي العصمة وسيكون بعدك اختلاف، (4)
__________
(2) أصول الاعتقاد (3/552-553/864)،
(3) الإبانة (2/7/847/1135) وابن أبي شيبة في الإيمان (105،107) وفي المصنف (11/26) وأبو عبيد في الإيمان (ص،20) وأصول الاعتقاد (5/1014/1706و1707) والسنة لعبدالله (ص،115) والسنة للخلال (4/39/1121)،
(4) الإبانة (2/7/898/1252).


مواقف من السَّلف الصَّالح في العقيدة والمنهج 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 48337
العمر : 71

مواقف من السَّلف الصَّالح في العقيدة والمنهج Empty
مُساهمةموضوع: رد: مواقف من السَّلف الصَّالح في العقيدة والمنهج   مواقف من السَّلف الصَّالح في العقيدة والمنهج Emptyالأربعاء 14 فبراير 2018, 8:23 am

أبيّ بن كعب
مواقف من السَّلف الصَّالح في العقيدة والمنهج Images-42
أبيّ بن كعب (1) (19 هـ)
أُبَيّ بن كَعْب بن قَيْس الأنصاري الخزرجي البدري أبو المنذر ويكنى أيضاً أبا الطفيل سيد القراء، شهد بدرا والمشاهد، وجمع القرآن في حياة النبي -صلى الله عليه وسلم- وعرض على النبي -صلى الله عليه وسلم- وحفظ عنه علما مباركا وكان رأسا في العلم والعمل.

وفي الصحيحين:
أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال لأبي بن كعب: "إن الله أمرني أن أقرأ عليك القرآن، وفي لفظ أمرني أن أقرئك القرآن، قال: آلله سماني لك؟ قال: نعم، قال: وذكرت عند رب العالمين؟ قال: نعم، فذرفت عيناه" (2) ، وقال له النبي -صلى الله عليه وسلم- : "ليهنك العلم أبا المنذر"، (3).

كان من أصحاب العقبة الثانية، وكان عمر يسميه سيد المسلمين، أخرج الأئمة أحاديثه في صحاحهم، وعده مسروق في الستة من أصحاب الفتيا،
وفي تاريخ موته اختلاف، قال الهيثم بن عدي: مات سنة تسع عشرة، وقيل اثنتين وعشرين، وقيل سنة ثلاثين، والله أعلم.
__________
(1) الإصابة (1/27-28) وطبقات ابن سعد (3/498-502) والحلية (1/250-256) والتذكرة (1/16-17) ومجمع الزوائد (9/311-312) والبداية (7/98) والسير (1/389-402) وتقريب التهذيب (1/48) والوافي بالوفيات (6/190-191) والاستيعاب (1/65-70) ومعرفة القراء الكبار (1/28)،
(2) أحمد (3/185و284) والبخاري (7/160/3809) ومسلم (1/550/799) والترمذي (5/624/3792) وقال: "هذا حديث حسن صحيح"،
(3) أحمد (5/141-142) ومسلم (1/556/810) وأبو داود (2/151/1460)،


موقفه من المبتدعة:
- جاء في الإبانة: قال أبيّ: (هلك أهل العقدة ورب الكعبة هلكوا وأهلكوا كثيراً، والله ما عليهم آسى ولكن آسى على ما يهلكون من أمة محمد -صلى الله عليه وسلم- )، يعني: بالعقد الذين يعتقدون على الآراء والأهواء والمفارقين للجماعة، (1).

- وفيها: عن مسروق قال: سألت أبي بن كعب عن شيء، فقال: أكان هذا؟ قلت: لا، قال: فأجمنا حتى يكون فإذا كان اجتهدنا رأينا، (2).

- وفي أصول الاعتقاد عن أبي بن كعب قال: عليكم بالسبيل والسنة، فإنه ما على الأرض عبد على السبيل والسنة، وذكر الرحمن ففاضت عيناه من خشية الله عز وجل فيعذبه، وما على الأرض عبد على السبيل والسنة وذكره -يعني الرحمن في نفسه- فاقشعر جلده من خشية الله إلا كان مثله كمثل شجرة قد يبس ورقها فهي كذلك إذ أصابتها ريح شديدة فتحات عنها ورقها إلا حط عنه خطاياه كما تحات عن تلك الشجرة ورقها، وإن اقتصادا في سبيل وسنة خير من اجتهاد في خلاف سبيل وسنة، فانظروا أن يكون عملكم إن كان اجتهادا أو اقتصادا أن يكون ذلك على منهاج الأنبياء وسنتهم، (3).
__________
(1) الإبانة (1/2/340/207)،
(2) الإبانة (1/2/408/315) وانظر السير (1/398)،
(3) أصول الاعتقاد (1/59-60/10) والإبانة (1/2/359-360/250) والتلبيس (ص،16) وحلية الأولياء (1/252-253) وشرح السنة (1/208) الجزء الأخير منه، والاعتصام (1/110) ومجموع الفتاوى (10/77)،

موقفه من القدرية:
عن ابن الديلمي قال: وقع في نفسي شيء من هذا القدر، فأتيت أبي ابن كعب فقلت: أبا المنذر، وقع في نفسي شيء من هذا القدر، خشيت أن يكون فيه هلاك ديني وأمري، حدثني عن ذلك بشيء، لعل الله ينفعني به، فقال: لو أن الله عذب أهل سماواته وأهل أرضه، لعذبهم وهو غير ظالم، ولو رحمهم كانت رحمته خيرا لهم من أعمالهم، ولو كان لك جبل أحد أو مثل جبل أحد ذهبا أنفقته في سبيل الله، ما قبله الله منك حتى تؤمن بالقدر، وتعلم أن ما أصابك لم يكن ليخطئك وأن ما أخطأك لم يكن ليصيبك، وأنك وإن مت على غير هذا دخلت النار، ولا عليك أن تأتي عبدالله بن مسعود فتسأله، فأتيت عبدالله فسألته فقال مثل ذلك، كان أبو سنان يقتص الحديث، قال ولا عليك أن تأتي أخي حذيفة بن اليمان، فتسأله، فأتيت حذيفة فسألته فقال مثل ذلك، وقال: ايت زيد بن ثابت فسله، فأتيت زيد ابن ثابت، فسألته، فقال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: "لو أن الله عذب أهل سماواته وأهل أرضه لعذبهم وهو غير ظالم، ولو رحمهم لكانت رحمته خيرا لهم من أعمالهم، ولو كان لك قبل أحد أو مثل أحد ذهبا، أنفقته في سبيل الله ما قبله الله منك حتى تؤمن بالقدر، وتعلم أن ما أصابك لم يكن ليخطئك وأن ما أخطأك لم يكن ليصيبك، وأنك إن مت على غير هذا دخلت النار"، (1).
__________
(1) أحمد (5/182-183) وأبو داود (5/75/4699) وابن ماجة في المقدمة (1/29-30/77) وابن حبان (2/505-506/727) وعبدالله بن أحمد في السنة (121-122) واللفظ له،

" التعليق:
هذا هو فقه العقيدة الصحيح الذي امتاز به الصحابة الكرام، لم ينقصهم العلم والفهم في عقيدة التوحيد الخالصة، كما يدعي المبتدعة أن الصحابة لم يخوضوا في أمر العقيدة، ولا كان لهم علم بها، فلا أدري ما هو العلم إن لم يكن هذا هو العلم، فرضي الله عنهم وأرضاهم، أوتوا الحظ الأوفر من العلم والفهم والعمل.


مواقف من السَّلف الصَّالح في العقيدة والمنهج 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 48337
العمر : 71

مواقف من السَّلف الصَّالح في العقيدة والمنهج Empty
مُساهمةموضوع: رد: مواقف من السَّلف الصَّالح في العقيدة والمنهج   مواقف من السَّلف الصَّالح في العقيدة والمنهج Emptyالأربعاء 14 فبراير 2018, 10:52 pm

بلال بن رباح
مواقف من السَّلف الصَّالح في العقيدة والمنهج Z
بلال بن رباح (1) (20 هـ)
بِلال بن رَبَاح الحبشي.

المؤذن، مولى أبي بكر الصديق رضي الله عنه.

اشتراه من المشركين لما كانوا يعذبونه على التوحيد، فأعتقه.

فلزم النبي -صلى الله عليه وسلم- وأذَّن له وشهد معه جميع المشاهد.

وآخى النبي -صلى الله عليه وسلم- بينه وبين أبي عبيدة بن الجراح.

كان من السابقين الأولين الذين عُذِّبُوا في الله.

شهد له النبي -صلى الله عليه وسلم- على التعيين بالجنة.

وفي كنية بلال ثلاثة أقوال:
أبو عبدالكريم وأبو عبدالله، وأبو عمرو.

وكان تِرْب أبي بكر رضي الله عنه.

ومناقبه كثيرة مشهورة.

مات في الشام زمن عمر رضي الله عنه سنة عشرين.

موقفه من المشركين:
- عن عبدالله بن مسعود قال: كان أول مَنْ أظهر إسلامه سبعة: رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وأبو بكر وعمَّار وأمَّه سُميَّة وصُهَيْب وبلال والمِقدَاد، فأمَّا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فمنعه اللهُ بعمِّهِ أبي طالب، وأمَّا أبو بكر فمنعه اللهُ بقومه، وأما سائرهم فأخذهم المشركون وألبسوهم أدراع الحديد، وصهروهم في الشمس.
__________
(1) الإصابة (1/326-327) والحلية (1/147-151) والبداية (5/333 و334) وشذرات الذهب (1/31-32) ومجمع الزوائد (9/299 و300) والوافي (10/276) والعقد الثمين (3/378-380) والاستيعاب (1/178-182)،

فما منهم من أحد إلا وقد واتاهم على ما أرادوا إلا بلالاً فإنه هانت عليه نفسه في الله وهان على قومه فأخذوه فأعطوه الولدان، فجعلوا يطوفون به في شِعَابِ مكة وهو يقول: أحَدٌ أحَدٌ، (1).

قال ابن إسحاق:
ثم إنهم عدوا على مَنْ أسلم واتبع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من أصحابه، فوثبت كل قبيلة على مَنْ فيها من المسلمين، فجعلوا يحبسونهم ويُعذّبونهم بالضرب والجوع والعطش وبرمضاء مكة، إذا اشتد الحر، مَنْ استضعفوه منهم يفتنونهم عن دينهم، فمنهم مَنْ يُفتن من شدَّة البلاء الذي يصيبهم، ومنهم مَنْ يصلب لهم ويعصمه اللهُ منهم.

فكان بلال مولى أبي بكر لبعض بني جمح، مولد من مولديهم وهو بلال بن رباح، واسم أمه حمامة، وكان صادق الإسلام، طاهر القلب، وكان أمية بن خلف يُخرجه إذا حَمِيَتِ الظهيرة، ثم يأمر بالصَّخرة العظيمة فتوضع على صدره، ثم يقول له: لا والله لا تزال هكذا حتى تموت أو تكفر بمحمد -صلى الله عليه وسلم- وتعبد اللات والعُزَّى.

فيقول وهو في ذلك:
أحَدٌ أحَدٌ، (2).

"التعليق:
كانت هذه المواقف الخالدة لبلال من أفضل المواقف التي تحدَّث بها الكبير والصغير والصَّبي والمرأة، وعرفته الأجيال قبلنا وستعرفه الأجيال من بعدنا إن شاء الله، وستبقى هذه المواقف أنموذجاً يَقتدي به كل سلفي يدعو إلى عقيدة التوحيد الخالصة، لا إلى الذين يريدون المداهنة مع المشركين والمبتدعين، ويتهمون الذين يجهرون بعقيدة التوحيد أنهم متشددون، فهذه مواقف صحابة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ومعهم الرسول مع المشركين؟!
__________
(1) سنن ابن ماجه (1/150)، قال البوصيري في الزوائد: "إسناده ثقات"،
(2) البداية والنهاية (3/55) والإصابة (1/327).


مواقف من السَّلف الصَّالح في العقيدة والمنهج 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 48337
العمر : 71

مواقف من السَّلف الصَّالح في العقيدة والمنهج Empty
مُساهمةموضوع: رد: مواقف من السَّلف الصَّالح في العقيدة والمنهج   مواقف من السَّلف الصَّالح في العقيدة والمنهج Emptyالأحد 18 فبراير 2018, 6:32 am

أم المؤمنين زينب بنت جحش
مواقف من السَّلف الصَّالح في العقيدة والمنهج %D8%AA%D8%AE%D8%B7%D9%8A%D8%B7_%D9%83%D9%84%D9%85%D8%A9_%D8%B2%D9%8A%D9%86%D8%A8_%D8%A8%D9%86%D8%AA_%D8%AC%D8%AD%D8%B4
أم المؤمنين زينب بنت جحش (1) (20 هـ)
زينب بنت جَحْش بن رياب الأسدية أم المؤمنين، زوج النبي -صلى الله عليه وسلم- وابنة عمته، أمها: أميمة بنت عبد المطلب بن هاشم من المهاجرات الأول، كانت عند زيد، مولى النبي -صلى الله عليه وسلم-، ثم تزوجها -صلى الله عليه وسلم- سنة ثلاث وقيل سنة خمس، وهي التي يقول الله فيها:  وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللَّهَ وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّهُ أَحَقُّ أَن تَخْشَاهُ فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِّنْهَا وَطَراً زَوَّجْنَاكَهَا لِكَيْ لَا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْوَاجِ أَدْعِيَائِهِمْ إِذَا قَضَوْا مِنْهُنَّ وَطَراً وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولا  (37) (2) فزوجها الله تعالى بنبيه بنص كتابه، بلا ولي ولا شاهد، فكانت تفخر بذلك على أمهات المؤمنين، وكانت من سيدات النساء
دينا وورعا وجودا ومعروفا رضي الله عنها وحديثها في الكتب الستة، توفيت سنة عشرين،

موقفها من الجهمية:
وفي الصحيح عن أنس بن مالك قال: كانت زينب تفخر على أزواج النبي -صلى الله عليه وسلم- تقول: زوجكن أهاليكن وزوجني الله من فوق سبع سماوات، (1).
__________
(1) السير (2/211-218) والإصابة (7/667-670) وأسد الغابة (7/126-128) والاستيعاب (4/1849-1852)،
(2) الأحزاب الآية (37)،


مواقف من السَّلف الصَّالح في العقيدة والمنهج 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 48337
العمر : 71

مواقف من السَّلف الصَّالح في العقيدة والمنهج Empty
مُساهمةموضوع: رد: مواقف من السَّلف الصَّالح في العقيدة والمنهج   مواقف من السَّلف الصَّالح في العقيدة والمنهج Emptyالأحد 18 فبراير 2018, 7:16 am

خالد بن الوليد
مواقف من السَّلف الصَّالح في العقيدة والمنهج SrreTGtCUHR
خالد بن الوليد (2) (21 هـ)
سيف الله وفارس الإسلام ولَيْثُ المَشاهد، السيد الإمام الأمير الكبير قائد المجاهدين: أبو سليمان القرشي المخزومي المكي وابن أخت أم المؤمنين ميمونة بنت الحارث، هاجر مسلماً في صفر سنة ثمان ثم سار غازياً فشهد غزوة مؤتة واستشهد أمراء رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الثلاثة: زيد وجعفر وابن رواحة وبقي الجيش بلا أمير فتأمَّر عليهم فكان النصر، وسمَّاهُ النبي -صلى الله عليه وسلم-: سيف الله فقال: "إن خالداً سيفٌ سَلَّهُ اللهُ على المشركين"، وشهد الفتح وحنيناً وتأمَّر في أيام النبي -صلى الله عليه وسلم- واحتبس أدراعه ولأمته في سبيل الله، وحارب أهل الرّدة ومُسيلمة، وغزا العراق واستظهر، ثم اخترق البرية السماوية بحيث إنه قطع المفازة من حد العراق إلى أول الشام في خمس ليال في عسكر معه، وشهد حروب الشام ولم يبق في جسده قيد شبر إلا وعليه طابع الشهداء، ومناقبه غزيرة، روى عن النبي -صلى الله عليه وسلم- وروى عنه ابن عباس وجابر والمقدام بن معدي كرب وقيس بن أبي حازم وعلقمة بن قيس وآخرون.
__________
(1) أخرجه أحمد (3/226) والبخاري (13/497/7420) والترمذي (5/331/3213) والنسائي (6/388/3252) وفي الكبرى (6/433/11411) من طرق عن أنس رضي الله عنه،
(2) الإصابة (2/251-256) وشذرات الذهب (1/32) والسير (1/366) وتهذيب الكمال (8/187) والاستيعاب (2/427-431) وطبقات ابن سعد (4/252)،

عن عمرو بن العاص قال:
ما عدل بي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وبخالد أحداً في حربه منذ أسلمنا، بعثه النبي -صلى الله عليه وسلم- إلى تحطيم وثن العُزَّى فأتاها فقال:
يا عُزّ كفرانك لا سبحانك ،،، إني رأيت الله قد أهانك

قال فيه عمر:
لو أدركت خالد بن الوليد ثم ولّيتُه فقَدِمْتُ على ربي لقلتُ سمعتُ عبدك وخليلك يقول: خالد سيف من سيوف الله سَلَّهُ اللهُ على المشركين، ولَمَّا حضرته الوفاة قال: لقد شهدت مائة زحف أو زهاءها، وما في جسدي موضع شبر إلا وفيه ضربةٌ أو طعنةٌ أو رميةٌ، ثم ها أنا ذا أموت على فراشي كما يموت العير فلا نامت أعينُ الجبناء، توفي رضي الله عنه سنة إحدى وعشرين.

موقفه من المبتدعة:
قال الحافظ:
وجاء تفسير أيام الهرج فيما أخرجه أحمد والطبراني بسند حسن من حديث خالد بن الوليد: (أن رجلاً قال له: يا أبا سليمان اتق الله، فإن الفتن ظهرت، فقال: أما وابن الخطاب حيٌ فلا، إنما تكون بعده، فينظر الرجل فيفكر هل يجد مكاناً لم ينزل به مثل ما نزل بمكانه الذي هو به من الفتنة والشر فلا يجد، فتلك الأيام التي ذكر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بين يدي الساعة أيام الهرج)، (1).

موقفه من المشركين:
- جاء في الصارم المسلول:
قتل خالد بن الوليد رجلاً شتم النبي -صلى الله عليه وسلم- ولم يستتبه (2).

- فشهد غزوة مؤتة واستشهد أمراء رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الثلاثة: زيد وجعفر وابن رواحة وبقي الجيش بلا أمير فتأمَّر عليهم فكان النصر، وسَمَّاهُ النبيُ -صلى الله عليه وسلم-: سيف الله فقال: "إن خالداً سيفٌ سَلّهُ اللهُ على المشركين" (3).

- وفي البخاري:
عن قيس سمعت خالداً يقول:
"لقد رأيتني يوم مؤتة اندق في يدي تسعة أسياف فصبرت في يدي صفيحة يمانية" (4).


مواقف من السَّلف الصَّالح في العقيدة والمنهج 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 48337
العمر : 71

مواقف من السَّلف الصَّالح في العقيدة والمنهج Empty
مُساهمةموضوع: رد: مواقف من السَّلف الصَّالح في العقيدة والمنهج   مواقف من السَّلف الصَّالح في العقيدة والمنهج Emptyالأحد 18 فبراير 2018, 9:26 am

أمير المؤمنين عمر بن الخطاب
مواقف من السَّلف الصَّالح في العقيدة والمنهج Maxresdefault
أمير المؤمنين عمر بن الخطاب (5) (23 هـ)
عمر بن الخطاب بن نُفَيْل القُرَشي العدويّ، أبو حفص أمير المؤمنين، ثاني الخلفاء الراشدين وأحد المُبشرين بالجنة، قفل باب الفتنة، ومناقبه أشهر من أن تذكر وأكثر من أن تحصر، وفي الأحاديث الصحاح من موافقته التنزيل له وتزكية النبي -صلى الله عليه وسلم- له في وجهه وعز الإسلام بإسلامه نماذج من ذلك.
__________
(1) أحمد (4/90) والطبراني (4/116/3841)، قال الهيثمي في المجمع (7/307-308): "رواه أحمد والطبراني في الكبير والأوسط ورجاله ثقات وفي بعضهم ضعف"، وحسن إسناده الحافظ في الفتح (13/18)،
(2) الصارم (ص،10)،
(3) ابن عساكر (16/240-241) والشاشي في مسنده (2/93/617) وللحديث طرق وشواهد ذكرها الشيخ الألباني رحمه الله في الصحيحة برقم (1237)،
(4) البخاري (7/656/4265)،
(5) الإصابة (4/588-591) والحلية (1/38-55) وشذرات الذهب (1/33) والطبقات (3/365-376) وتاريخ الطبري (4/190-227) والعقد الثمين (6/291-305) والتذكرة (1/5-8) وتاريخ خليفة (152-156) والمعرفة والتاريخ (1/455-468) والاستيعاب (3/1144-1159)،

قال عكرمة:
لم يزل الإسلام في اختفاء حتى أسلم عمر، وقال ابن مسعود رضي الله عنه "ما زلنا أعزة منذ أسلم عمر" (1).

شهد بدراً وبيعة الرضوان وكل مشهد شهده رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وتوفي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وهو عنه راض، وولي الخلافة بعد أبي بكر، فسار بأحسن سيرة، وفتح الله له الفتوح، واتسعت دائرة الإسلام في خلافته.

وفي الصحيحين عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال:
"قد كان في الأمم قبلكم محدثون فإن يكن في أمتي أحد فعمر" (2) ، وقال ابن مسعود رضي الله عنه: "كان إسلام عمر فتحاً، وكانت هجرته نصراً، وكانت إمارته رحمةً، لقد رأيتنا وما نستطيع أن نصلي بالبيت حتى أسلم عمر، فلما أسلم عمر قاتلهم حتى تركونا نصلي".
__________
(1) البخاري (7/51/3684).
(2) أحمد (6/55) ومسلم (4/1864/2398) والترمذي (5 /581/ 3693) وقال: "هذا حديث صحيح".


وهو أول مَنْ جمع القرآن في الصحف، وهو أول مَنْ سَنَّ قيام شهر رمضان وجمع الناس على ذلك وكتب به إلى البلدان، وقد قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين من بعدي، تمسكوا بها"، (1) وقال: "اقتدوا باللذين من بعدي أبي بكر وعمر"، (2)
قتل يوم الأربعاء من ذي الحجة سنة ثلاث وعشرين، وهو ابن ثلاث وستين سنة، وكانت مدة خلافته عشر سنين وخمسة أشهر، ودفن مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وصلى عليه صهيب بن سنان.

موقفه من المبتدعة:
- روى ابن عبدالبر في جامع بيان العلم بسنده إلى عبيدالله بن عمر أن عمر بن الخطاب قال: اتقوا الرأي في دينكم، قال سحنون: يعني البدع، (3).

- وروى الهروي في ذم الكلام بسنده إلى سعيد بن المسيب قال:
قام عمر بن الخطاب رضي الله عنه في الناس فقال: أيها الناس ألا إن أصحاب الرأي أعداء السنة أعيتهم الأحاديث أن يحفظوها، وتفلتت منهم أن يعوها، واستحيوا إذا سألهم الناس أن يقولوا لا ندري، فعاندوا السنن برأيهم، فضلوا وأضلوا كثيراً، والذي نفس عمر بيده ما قبض الله نبيه ولا رفع الوحي عنهم حتى أغناهم عن الرأي، ولو كان الدين يؤخذ بالرأي، لكان أسفل الخف.
__________
(1) أحمد (4/126-127) وأبو داود (5/13-14/4607) والترمذي (5/ 43-44/ 2676) وقال: "هذا حديث حسن صحيح"، ابن ماجة (1/ 16-17/ 43-44) والحاكم (1/95-97) وقال: "هذا حديث صحيح ليس له علة" ووافقه الذهبي.
(2) أحمد (5/382و385و402) والترمذي (5/569/3662) وحسنه، وابن ماجة (1/37/97) والحاكم (3/75) وصححه ووافقه الذهبي.
(3) جامع بيان العلم وفضله (2/1041-1042) وبنحوه ذكره الشاطبي في الاعتصام (1/134).


- وعن ابن عمر، عن عمر أنه قال:
يا أيها الناس اتهموا الرأي على الدين، فلقد رأيتني أرد أمر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- برأيي اجتهادا، ووالله ما آلو عن الحق، وذلك يوم أبي جندل والكفار بين يدي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وأهل مكة فقال: اكتبوا بسم الله الرحمن الرحيم، فقالوا: إنا قد صدقناك كما تقول، ولكن تكتب: باسمك اللهم، قال: فرضي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وأبيت عليهم حتى قال: يا عمر تراني قد رضيت وتأبى؟ قال: فرضيت، (2).

- وعن سعيد بن المسيب أنه سمعه يقول:
لما صدر عمر بن الخطاب رضي الله عنه من منى أناخ بالأبطح، ثم كوم كومة بطحاء، ثم طرح عليها رداءه واستلقى، ثم مد يديه إلى السماء فقال: اللهم كبرت سني، وضعفت قوتي، وانتشرت رعيتي، فاقبضني غير مضيع ولا مفرط، ثم قدم المدينة فخطب الناس فقال: أيها الناس قد سنت لكم السنن، وفرضت لكم الفرائض، وتركتم على الواضحة إلا أن تضلوا بالناس يميناً وشمالاً، وضرب بإحدى يديه على الأخرى، ثم قال: إياكم أن تهلكوا عن آية الرجم، أن يقول قائل لا نجد حدَّين في كتاب الله، فقد رجم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ورجمنا، والذي نفسي بيده لولا أن يقول الناس زاد عمر بن الخطاب في كتاب الله تعالى لكتبتها: (الشيخ والشيخة فارجموهما ألبتة) فإنا قد قرأناها،
__________
(1) ذم الكلام (2/200-طبعة الأنصاري) والخطيب في الفقيه والمتفقه (1/454).
(2) رواه الطبراني (1/72/82) واللالكائي في أصول الاعتقاد (1/141-142/208) والهروي في ذم الكلام (ص،86) والبيهقي في المدخل (1/198-199/217).


قال مالك:
قال يحيى بن سعيد: قال سعيد بن المسيب: فما انسلخ ذو الحجة حتى قتل عمر رحمه الله، قال يحيى: سمعت مالكاً يقول: قوله: (الشيخ والشيخة) يعني الثيب والثيبة فارجموهما ألبتة، (1).

- وروى البخاري ومسلم في صحيحيهما عن ابن عباس قال:
قال عمر بن الخطاب وهو جالس على منبر رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: إن الله قد بعث محمداً -صلى الله عليه وسلم- بالحق وأنزل عليه الكتاب فكان مما أنزل عليه آية الرجم قرأناها ووعيناها وعقلناها فرجم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ورجمنا بعده فأخشى إن طال بالناس زمان أن يقول قائل ما نجد الرجم في كتاب الله فيضلوا بترك فريضة أنزلها الله، وإن الرجم في كتاب الله حق على من زنى إذا أحصن من الرجال والنساء إذا قامت البينة أو كان الحبل أو الاعتراف، (2).

- وعن زياد بن حدير قال:
قال لي عمر: هل تعرف ما يهدم الإسلام؟ قال: قلت: لا، قال: يهدمه زلة العالم وجدال المنافق بالكتاب وحكم الأئمة المضلين، (3).
__________
(1) الموطأ (2 /824 /10).
(2) البخاري (12 /165/ 6829) ومسلم (3/ 1317/ 1691) واللفظ له،
(3) رواه ابن المبارك في الزهد (ص،520) والدارمي في السنن (1/71) وأبو نعيم في الحلية (4 /196) وابن بطة في الإبانة (2/ 3/ 528 /643) وابن عبدالبر في الجامع (2/ 979).

"التعليق:
لقد نطق الحق على لسان عمر، فما أضاع الإسلام عموماً والعقيدة السلفية خصوصاً إلا علماء سوء، الذين آثروا الدنيا على الآخرة، وجدال المنافقين الذين ربما أوتوا شيئا من علم القرآن والسنة، فحرفوا النصوص لتأييد بدعهم، حتى إنني رأيت لعالم معاصر (1) مؤلفاً يستدل فيه لبناء القباب على القبور بدفن النبي -صلى الله عليه وسلم- في حجرة عائشة، فقل لي بربك أليس هذا هو جدال المنافقين، تواترت النصوص بتحريم البناء على القبور، ويأتي منافق في آخر الزمان ويجمع من متشابه النصوص ما يدافع به عن الشرك ومظاهره؟!!

- وروى ابن عبدالبر عن ابن شهاب أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال وهو على المنبر:
يا أيها الناس، إن الرأي إنما كان من رسول الله -صلى الله عليه وسلم- مصيباً، لأن الله عز وجل يريه، وإنما هو منا الظن والتكلف، (2).

" التعليق:
هكذا كان أمير المؤمنين يحذر من الرأي الباطل، المتكلف الخارج عن الكتاب والسنة، الذي منشؤه الآراء، وقائده الأهواء، وغايته الظنون، وصاحبه مغبون، وهو مسلك كل مفتون، نسأل الله العفو والعافية.

- وروى البخاري عن أنس بن مالك أنه سمع عمر الغد، حين بايع المسلمون أبا بكر، واستوى على منبر رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، تشهد قبل أبى بكر، فقال: أما بعد، فاختار الله لرسوله -صلى الله عليه وسلم- الذي عنده على الذي عندكم، وهذا الكتاب الذي هدى الله به رسولكم فخذوا به تهتدوا، ولما هدى الله به رسوله، (1).
__________
(1) هو أحمد بن الصديق الغماري في كتابه 'إحياء المقبور'.
(2) جامع بيان العلم وفضله (2/ 1041).

" التعليق:
هذه الحكم من هذا الإمام تجعل طالب الحق يفرح بها، لأنها منشودته ومطلوبه، فمن لم يطلب الهدى فيما هدى الله به نبيه وصحابته الكرام، فلا هداه الله، وقد صدق الله إذ قال: إِنَّ هَـذَا الْقُرْآنَ يِهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْراً كَبِيراً.

- وعن عمرو بن الأشجع أن عمر بن الخطاب قال:
إنه سيأتي ناس يجادلونكم بشبهات القرآن، فخذوهم بالسنن، فإن أصحاب السنن أعلم بكتاب الله، (3).

- وعن سليمان بن يسار أن رجلاً يقال له صبيغ قدم المدينة، فجعل يسأل عن متشابه القرآن، فأرسل إليه عمر وقد أعد له عراجين النخل، فقال: من أنت؟ قال: أنا عبدالله صبيغ، فأخذ عمر عرجونا من تلك العراجين فضربه، وقال: أنا عبدالله عمر، فجعل له ضربا حتى دمي رأسه، فقال: يا أمير المؤمنين حسبك، قد ذهب الذي كنت أجد في رأسي، (4).
__________
(1) البخاري (13/305/7269).
(2) الإسراء الآية (9).
(3) سنن الدارمي (1/49) وذم الكلام (ص،68) وجامع بيان العلم وفضله (2/1010) وأصول الاعتقاد (1/139/202) والإبانة (2/4/610/790) والشريعة (1/175/99) والفقيه والمتفقه (1/559-560).
(4) الدارمي (1/54) والإبانة (2/4/609-610/789) واللالكائي (4/702-703/1138) والآجري في الشريعة (1/210/160) وذم الكلام (ص،181)، وبنحوه في ما جاء في البدع لابن وضاح (ص،121).


- وعن السائب بن يزيد، قال:
أتى عمر بن الخطاب رضي الله عنه فقيل: يا أمير المؤمنين إنا لقينا رجلاً سأل عن تأويل القرآن، فقال عمر: اللهم مكني منه، فبينا عمر ذات يوم جالس يغدي الناس إذ جاءه عليه ثياب فتغدى حتى إذا فرغ قال: يا أمير المؤمنين وَالذَّارِيَاتِ  ذَرْوًا (1) فَالْحَامِلَاتِ وِقْرًا  (2) (1) فقال عمر: أنت هو؟ فقام إليه وحسر عن ذراعيه فلم يزل يجلده حتى سقطت عمامته، فقال: والذي نفس عمر بيده لو وجدتك محلوقاً لضربت رأسك، ألبسوه ثيابه واحملوه على قتب ثم أخرجوه حتى تقدموا به بلادكم، ثم ليقم خطيباً ثم ليقل إن صبيغاً طلب العلم فأخطأه فلم يزل وضيعاً في قومه حتى هلك وكان سيدهم، قال أبو حاتم: ولم يقل أبو حفص في حديثه ثم أخرجوه حتى تقدموا به بلادكم، (2).

" التعليق:
قال ابن بطة: وعسى الضعيف القلب القليل العلم من الناس إذا سمع هذا الخبر وما فيه من صنيع عمر رضي الله عنه أن يتداخله من ذلك ما لا يعرف وجه المخرج عنه، فيكثر هذا من فعل الإمام الهادي العاقل رحمة الله عليه فيقول: كان جزاء من سأل عن معاني آيات من كتاب الله عز وجل أحب أن يعلم تأويلها أن يوجع ضربا وينفى ويهجر ويشهر؟
__________
(1) الذاريات الآيتان (1و2)،
(2) الإبانة (1/2/414-415/330) والشريعة (1/210/160)، وعزاه الحافظ في الإصابة (5/169) إلى ابن الأنباري وصحح سنده، وزيادة: طلب العلم من الشريعة.


وليس الأمر كما يظن من لا علم عنده، ولكن الوجه فيه غير ما ذهب إليه الذاهب؛ وذلك أن الناس كانوا يهاجرون إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- في حياته ويفدون إلى خلفائه من بعد وفاته رحمة الله عليهم ليتفقهوا في دينهم ويزدادوا بصيرة في إيمانهم ويتعلموا علم الفرائض التي فرضها الله عليهم، فلما بلغ عمر رحمه الله قدوم هذا الرجل المدينة وعرف أنه سأل عن متشابه القرآن وعن غير ما يلزمه طلبه مما لا يضره جهله ولا يعود عليه نفعه وإنما كان الواجب عليه حين وفد على إمامه أن يشتغل بعلم الفرائض والواجبات والتفقه في الدين من الحلال والحرام، فلما بلغ عمر رحمه الله أن مسائله غير هذا علم من قبل أن يلقاه أنه رجل بطال القلب خالي الهمة عما افترضه الله عليه مصروف العناية إلى ما لا ينفعه، فلم يأمن عليه أن يشتغل بمتشابه القرآن والتنقير عما لا يهتدي عقله إلى فهمه فيزيغ قلبه فيهلك، فأراد عمر رحمه الله أن يكسره عن ذلك ويذله ويشغله عن المعاودة إلى مثل ذلك، (1).

- عن خالد بن عرفطة قال:
كنت عند عمر بن الخطاب، إذ أتى برجل من عبد القيس مسكنه بالسوس، فقال له عمر: أنت فلان بن فلان العبدي؟ قال: نعم، قال: وأنت النازل بالسوس؟ قال: نعم، فضربه بقناة معه، فقال له: ما ذنبي؟
__________
(1) الإبانة (1/2/415-416)،


قال فقرأ عليه:
"الر تِلْكَ آَيَاتُ الْكِتَابِ الْمُبِينِ (1) إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ قُرْآَنًا عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ (2) نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ بِمَا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ هَذَا الْقُرْآَنَ وَإِنْ كُنْتَ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الْغَافِلِينَ (3) (1) فقرأها عليه ثلاث مرات وضربه ثلاث ضربات، ثم قال له عمر: أنت الذي انتسخت كتاب دانيال؟ قال: نعم، قال: اذهب فامحه بالحميم والصوف الأبيض، ولا تقرأه ولا تقرئه أحداً من الناس، (2).

- وروى مالك أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه ضرب المنكدر على صلاة بعد العصر، ورواه غيره: فقيل له: أعلى الصلاة؟ فقال: على خلاف السنة، (3).

- وجاء في كتاب البدع لابن وضاح:
عن الشعبي أن عمر بن الخطاب كان يضرب الرجبيين الذين يصومون رجب كله، (4).

- وروى ابن أبي شيبة أيضاً:
عن أبي عثمان النهدي قال: كتب عامل لعمر بن الخطاب إليه أن ههنا قوما يجتمعون فيدعون للمسلمين وللأمير، فكتب إليه عمر: أقبل وأقبل بهم معك، فأقبل، وقال عمر للبواب: أعد سوطاً، فلما دخلوا على عمر أقبل على أميرهم ضرباً بالسوط، فقال: يا أمير المؤمنين [إنا] لسنا أولئك الذين تعني، أولئك قوم يأتون من قبل المشرق، (5).
__________
(1) يوسف الآيات (1-3)،
(2) رواه ابن أبي حاتم في التفسير (7/2100/11324) وذكره ابن تيمية في مجموع الفتاوى (17/41-42)،
(3) مالك في الموطأ 1/221/50) وعبد الرزاق في المصنف (2/429/3464)،
(4) ما جاء في البدع (ص،93)،
(5) ابن أبي شيبة في مصنفه (5/290/29191) ومن طريقه ابن وضاح في البدع (ص،54)،


- وروى ابن بطة بسنده إلى الأوزاعي أنه بلغه أن عمر بن الخطاب قال:
أيها الناس إنه لا عذر لأحد بعد السنة في ضلالة ركبها حسبها هدى ولا في هدى تركه حسبه ضلالة فقد بينت الأمور وثبتت الحجة وانقطع العذر، (1).

- وفي الإبانة أيضاً عن طاوس قال:
قال عمر بن الخطاب: لا تسألوا عن أمر لم يكن، فإن الأمر إذا كان أعان الله عليه وإذا تكلفتم ما لم تبلوا به وكلتم إليه، (2).

- وفي سنن الدارمي:
جاء رجل يوماً إلى ابن عمر فسأله عن شيء لا أدري ما هو، فقال له ابن عمر: لا تسأل عما لم يكن فإني سمعت عمر بن الخطاب يلعن من سأل عما لم يكن، (3).

- وروى ابن بطة بسنده إلى الحسين قال:
قدم الأحنف بن قيس على عمر فسرح الوفد واحتبس الأحنف حولاً ثم قال له: تدري لِمَ حبستك؟ إن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حذرنا كل منافق عليم ولست منهم إن شاء الله فالحق بأهلك، (4).

- وفيهما عن ابن عمر قال:
رأيت عمر قِبَلَ الحَجَرْ وقال: والله إني لأعلم أنك حَجَرٌ لا تضر ولا تنفع، ولولا أني رأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قبَّلكَ ما قبَّلتُك، (5).

- عن زيد بن أسلم عن أبيه قال:
سمعت عمر بن الخطاب يقول، فيم الرملان والكشف عن المناكب، وقد أطأ الله الإسلام، ونفى الكفر وأهله، مع ذلك لا ندع شيئاً كنا نفعله على عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- (6).
__________
(1) الإبانة (1/2/320-321/162) والفقيه والمتفقه (1/383)،
(2) الإبانة (1/2/408-409/317)،
(3) الدارمي (1/50)،
(4) الإبانة (2/3/527/640)،
(5) سيأتي تخريجه قريبا،
(6) أبو داود (2/446-447/1887) وابن ماجة (2/984/2952)،

- عن سعيد بن المسيب قال:
كان عمر بن الخطاب يقول: الدِّيَّةُ للعاقلة ولا ترث المرأة من ديَّة زوجها شيئاً، حتى قال له الضحَّاك بن سفيان: كتب إليَّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: أن أورث امرأة أشيم الضبابي من دِيَّةِ زوجها، فرجع عمر (1) -زاد الحميدي- عن قوله (2).

- وروى الخطيب عن ابن المسيب قال:
قضى عمر بن الخطاب في الأصابع بقضاء ثم أخبر بكتاب كتبه النبي -صلى الله عليه وسلم- لابن حزم: "في كل أصبع مما هنالك عشر من الإبل" فأخذ به، وترك أمره الأول (3).

- وروى عن هشام بن يحيى المخزومي:
أن رجلاً من ثقيف أتى عمر ابن الخطاب فسأله عن امرأة حاضت وقد كانت زارت البيت يوم النَّحر: ألها أن تنفر قبل أن تَطهُر؟ فقال عمر: لا، فقال له الثقفي: فإن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أفتاني في مثل هذه المرأة بغير ما أفتيت، قال: فقام إليه عمر يضربه بالدرة، ويقول: لِمَ تستفتني في شيءٍ قد أفتى فيه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- (4).
__________
(1) أحمد (3/452) وأبو داود (3/339-340/2927) والترمذي (4/371/2110) وقال: "هذا حديث حسن صحيح"، ابن ماجه 2/833/2642) والنسائي في الكبرى (4/78-79/6363-6366)،
(2) الفقيه والمتفقه (1/364)،
(3) الفقيه والمتفقه (1/364-365) وعبد الرزاق في المصنف (9/385/17706) والبيهقي (8/93) بنحوه، أما حديث كتاب عمرو بن حزم فقد رواه النسائي (8/428-429/4868) وصححه ابن حبان (14/501/6559) والحاكم (1/395) وقال الحافظ في التلخيص (4/18): "قد صحح الحديث بالكتاب المذكور جماعة من الأئمة لا من حيث الإسناد، بل من حيث الشهرة فقال الشافعي في رسالته: لم يقبلوا هذا الحديث حتى ثبت عندهم أنه كتاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وقال ابن عبدالبر: هذا كتاب مشهور عند أهل السير، معروف ما فيه عند أهل العلم معرفة يستغنى بشهرتها عن الإسناد، لأنه أشبه التواتر في مجيئه لتلقي الناس له بالقبول والمعرفة"، وانظر تمام تخريجه في فتح البر (11/523)،
(4) الفقيه والمتفقه (1/507)،


- وروى عن بلال بن يحيى:
أن عمر، قال: قد علمت متى صلاح الناس، ومتى فسادهم: إذا جاء الفقه من قبل الصغير استعصى عليه الكبير، وإذا جاء الفقه من قبل الكبير تابعه الصغير فاهتديا (1).

- جاء في ذَمِّ الكلام:
قال عمر بن الخطاب: لأن أسمع في ناحية المسجد بنار تشتعل أحب إلي من أن أسمع فيه ببدعة ليس لها مغير (2).

- وأخرج البخاري عن شقيق قال:
سمعت حذيفة يقول: بينا نحن جلوس عند عمر إذ قال: أيكم يحفظ قول النبي -صلى الله عليه وسلم- في الفتنة؟ قال: فتنة الرجل في أهله وماله وولده وجاره يكفرها الصلاة والصدقة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، قال: ليس عن هذا أسألك، ولكن التي تموج كموج البحر، فقال: ليس عليك منها بأس يا أمير المؤمنين، إن بينك وبينها باباً مغلقاً، قال عمر: أيُكسر الباب أم يُفتح؟ قال: لا بل يُكسر، قال عمر: إذن لا يُغلق أبداً، قلت: أجل، قلنا لحذيفة: أكان عمر يعلم الباب؟ قال: نعم، كما يعلم أن دون غد ليلة، وذلك أنى حَدَّثتُهُ حديثاً ليس بالأغاليط، فهبنا أن نسأله مَنْ الباب، فأمرنا مسروقاً فسأله، فقال: مَنْ الباب؟ قال: عمر، (3).
__________
(1) الفقيه والمتفقه (2/158) وجامع بيان العلم وفضله (1/615) وذكره الشاطبي في الاعتصام (2/682)،
(2) ذم الكلام (ص،85)،
(3) أحمد (5/401-402) والبخاري (13/60/7096) ومسلم (4/2218/144) والترمذي (4/454-455/2258) وقال: "هذا حديث صحيح"، والنسائي في الكبرى (1/144-145/327) وابن ماجه (2/1305-1306/3955)،

- وفيه عن عبيدالله بن عبدالله بن عتبة أن عبدالله بن عباس رضي الله عنهما قال:
قدم عيينة بن حصن بن حذيفة بن بدر فنزل على ابن أخيه الحُر ابن قيس بن حصن -وكان من النفر الذين يدنيهم عمر، وكان القراء أصحاب مجلس عمر ومشاورته كهولاً كانوا أو شباناً- فقال عيينة لابن أخيه: يا ابن أخي هل لك وجه عند هذا الأمير فتستأذن لي عليه؟ قال: سأستأذن لك عليه، قال ابن عباس فاستأذن لعيينة، فلما دخل قال: يا ابن الخطاب، والله ما تعطينا الجزل، وما تحكم بيننا بالعدل، فغضب عمر حتى هَمَّ بأن يقع به، فقال الحُر: يا أمير المؤمنين، إن الله تعالى قال لنبيه -صلى الله عليه وسلم-: "خُذِ  الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ  (199)" (1) وإن هذا من الجاهلين، فوالله ما جاوزها عمر حين تلاها عليه، وكان وقَّافاً عند كتاب الله (2).

- وفيه: عن أنس قال:
كنا عند عمر فقال: نُهينا عن التكلّف (3).

- وجاء في الفتح أن رجلاً سأل عمر بن الخطاب عن قوله:
"وَفَاكِهَةً وَأَبًّا  (31)" (4) ما الأب؟ فقال عمر: نُهينا عن التعمُّق والتَّكَلّف (5).
__________
(1) الأعراف الآية (199)،
(2) البخاري (13/311-312/7286)،
(3) البخاري (13/329/7293)،
(4) عبس الآية (31)،
(5) الفتح (13/336)،


- قال الشاطبي:
فحق ما حكي عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه حيث قال: إنما هذا القرآن كلام، فضعوه مواضعه، ولا تتبعوا به أهواءكم، (1) أي: فضعوه على مواضع الكلام، ولا تخرجوه عن ذلك، فإنه خروج عن طريقه المستقيم إلى اتباع الهوى (2).

- وروى ابن عبدالبر بسنده إلى عمر قال:
إنما أخاف عليكم رجلين: رجل تأوَّل القرآن على غير تأويله، ورجل ينافس المُلك على أخيه (3).

- جاء في أعلام الموقعين:
قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: العلم ثلاثة: كتابٌ ناطقٌ، وسُنَّةٌ ماضية، ولا أدري، وقال لأبي الشعثاء: لا تفتينَّ إلا بكتابٍ ناطقٍ، أو سُنَّةٍ ماضيةٍ (4).

- وفيه قال عمر رضي الله عنه:
لا تختلفوا، فإنكم إن اختلفتم كان مَنْ بعدكم أشد اختلافاً (5).

- وفيه عن السائب بن يزيد ابن أخت نمر أنه سمع عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقول: إن حديثكم شر الحديث، إن كلامكم شر الكلام، فإنكم قد حدثتم الناس حتى قيل قال فلان وقال فلان، ويترك كتاب الله، مَنْ كان منكم قائماً فليقم بكتاب الله، وإلا فليجلس (6).
__________
(1) رواه الدارمي نحوه (2/317) وعبدالله بن أحمد في السنة (ص،27) والبيهقي في الاعتقاد (ص،205 برقم 59-60) وفي الأسماء والصفات (1/591-592/521-523) والآجري في الشريعة (1/215/167)،
(2) الاعتصام (1/303-304)،
(3) جامع بيان العلم وفضله (2/1202) وذكره الشاطبي في الاعتصام (1/304)،
(4) إعلام الموقعين (1/253)،
(5) إعلام الموقعين (1/259)،
(6) إعلام الموقعين (2/194)،


مواقف من السَّلف الصَّالح في العقيدة والمنهج 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 48337
العمر : 71

مواقف من السَّلف الصَّالح في العقيدة والمنهج Empty
مُساهمةموضوع: رد: مواقف من السَّلف الصَّالح في العقيدة والمنهج   مواقف من السَّلف الصَّالح في العقيدة والمنهج Emptyالأحد 18 فبراير 2018, 9:34 am

- وقال شيخ الإسلام:
كتب عمر إلى شُريح: اقض بما في كتاب الله، فإن لم تجد فبما في سُنَّةِ رسول الله، فإن لم تجد فبما به قضى الصالحون قبلك، وفي رواية: فبما أجمع عليه الناس (1).

- وقال:
ورفع إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه نائحة، فأمر بضربها، فقيل: يا أمير المؤمنين إنه قد بدا شعرها، فقال: إنه لا حُرمة لها، إنها تنهى عن الصبر، وقد أمر الله به، وتأمر بالجزع، وقد نهى الله عنه، وتفتن الحي، وتؤذي الميت، وتبيع عبرتها، وتبكي بشجو غيرها، إنها لا تبكي على ميتكم، إنما تبكي على أخذ دراهمكم (2).

- وأخرج ابن وضاح عن عمر أنه كان يقول:
أصدق القيل قيل الله، وإن أحسن الهدي هدي محمد -صلى الله عليه وسلم-، وإن شر الأمور محدثاتها، ألا وإن كل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار (3).

- وأخرج عن يحيى بن أبي كثير قال:
قال عمر بن الخطاب: إذا اختلف الناس في أهوائهم وعجب كل ذي رأي برأيه أيها الناس عليكم أنفسكم لا يضركم مَنْ ضَلَّ إذا اهتديتم (4).
__________
(1) مجموع الفتاوى (19/200-201)،
(2) المنهاج (4/552)،
(3) ما جاء في البدع (ص،62) وجامع بيان العلم وفضله (1/615/1054)،
(4) ما جاء في البدع (ص،160)،


موقفه من المشركين:
- قال ابن مسعود رضي الله عنه: "كان إسلام عمر فتحاً، وكانت هجرته نصراً، وكانت إمارته رحمةً، لقد رأيتنا وما نستطيع أن نصلي بالبيت حتى أسلم عمر، فلما أسلم عمر قاتلهم حتى تركونا نصلي".

- جاء في شُعَبِ الإيمان:
عن أبي موسى في كاتب له نصراني عجب عمر بن الخطاب رضي الله عنه من كتابه فقال: إنه نصراني قال أبو موسى: فانتهرني وضرب فخذي وقال أخرجه وقرأ: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ"  (1) وقال: "لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ" (2).

قال أبو موسى:
والله ما توليته إنما كان يكتب، قال: أما وجدت في أهل الإسلام مَنْ يكتب لك، لا تُدنهم إذ أقصاهم الله ولا تُؤمّنهم إذ خوَّنهم الله ولا تُعزُّهم بعد إذ أذلّهمُ الله (3).

- ذكر ابن جرير:
أنهم وجدوا قبر دانيال بالسوس، وأن أبا موسى لما قدم بها بعد مضي أبي سبرة إلى جندي سابور، كتب إلى عمر في أمره، فكتب إليه أن يدفنه وأن يغيب عن الناس موضع قبره ففعل (4).
__________
(1) الممتحنة الآية (1)،
(2) المائدة الآية (51)،
(3) شعب الإيمان (7/43)،
(4) البداية والنهاية (7/91) والمنهاج (1/480-481)،


- وقال ابن وضاح:
سمعت عيسى بن يونس مفتي أهل طرسوس يقول: أمر عمر بن الخطاب رضي الله عنه بقطع الشجرة التي بويع تحتها النبي -صلى الله عليه وسلم-، فقطعها لأن الناس كانوا يذهبون فيصلّون تحتها، فخاف عليهم الفتنة (1).

- قال المعرور بن سويد:
صلّيت مع عمر بن الخطاب في طريق مكة صلاة الصبح، فقرأ فيها: "أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ (1)" (2)، "ولِإِيلَافِ قُرَيْشٍ" قُرَيْشٍ  (1) (3) ثم رأى الناس يذهبون مذاهب، فقال: أين يذهب هؤلاء؟ فقيل: يا أمير المؤمنين، مسجدٌ صلى فيه رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فهم يصلّون فيه، فقال: إنما هَلَكَ مَنْ كان قبلكم بمثل هذا، كانوا يَتَّبعُون آثار أنبيائهم ويتَّخذونَها كنائس وبيعاً، فمَنْ أدركته الصلاة في هذه المساجد فليُصَلِّ ومَنْ لا فليمض ولا يتعمَّدها (4).

- وقال:
وكان عمر رضي الله عنه لا يصلّي على مَنْ لم يصل عليه حُذيفة، لأنه كان في غزوة تبوك قد عرف المنافقين، الذين عزموا على الفتك برسول الله -صلى الله عليه وسلم- (5).

- وقال عمر رضي الله عنه:
لا تعلموا رطانة الأعاجم، ولا تدخلوا عليهم في كنائسهم يوم عيدهم، فإن السّخطة تنزل عليهم (6).
__________
(1) ما جاء في البدع (ص،91) والاقتضاء (2/744-745)،
(2) الفيل الآية (1)،
(3) قريش الآية (1)،
(4) ما جاء في البدع (ص،90-91) والحوادث والبدع (ص،159-160) والاقتضاء (2/744) والمنهاج (1/481)،
(5) المنهاج (5/237)،
(6) رواه عبد الرزاق (1609) والبيهقي في الكبرى (9/234)،


التعليق:
كان أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه حريصاً كل الحرص على أن يكون المسلمون أصحاب عقيدة خالصة من شوائب الشرك والبدع، فلذا كان يقطع كل السُّبُلِ التي قد يتذرَّع بها كل مشرك ومبتدع، فرضي الله عنه وأرضاه، لقد حَمَى جانب عقيدة التوحيد الخالصة.

- وعن عمر رضي الله عنه:
أنه جاء إلى الحجر الأسود فقبَّله فقال: إني أعلم أنك حجر لا تضر ولا تنفع، ولولا أني رأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يُقبّلُك ما قبَّلتُك (1).

- وجاء في الموطأ:
عن عبدالرحمن بن محمد بن عبدالله بن عبدالقاري، عن أبيه، أنه قال: قدم على عمر بن الخطاب رجل من قِبَلِ أبي موسى الأشعري، فسأله عن الناس، فأخبره، ثم قال له عمر: هل كان فيكم من مغربة خبر؟ فقال: نعم، رجل كَفَرَ بعد إسلامه، قال: فما فعلتم به؟ قال: قربناه، فضربنا عنقه، فقال عمر: أفلا حبستموه ثلاثاً، وأطعمتموه كل يوم رغيفاً، واستتبتموه لعله يتوب ويراجع أمر الله؟ ثم قال عمر: اللهم إني لم أحضر، ولم آمر، ولم أرض، إذ بلغني (2).
__________
(1) أحمد (1/34) والبخاري (3/589/1597) ومسلم (2/925/1270) وأبو داود (2/438-439/1873) والترمذي (3/214-215/860) والنسائي (5/227/2937) وابن ماجه (2/981/2943)،
(2) الموطأ (2/737)،


قتل العلج المجوسي لعمر بن الخطاب:
عن عمرو بن ميمون قال: رأيت عمر بن الخطاب رضي الله عنه قبل أن يُصاب بأيام بالمدينة وقف على حُذيفة بن اليمان وعثمان بن حنيف قال: كيف فعلتما أتخافان أن تكونا قد حمَّلتُما الأرض ما لا تطيق؟ قالا: حمَّلنَاها أمرًا هي له مطيقة ما فيها كبير فضل قال: انظرا أن تكونا حمَّلتُمَا الأرض ما لا تطيق، قالا: لا فقال عمر: لئن سلّمني اللهُ لأدعنَّ أرامل أهل العراق لا يحتجن إلى رجل بعدي أبداً قال: فما أتت عليه إلا رابعة حتى أصيب، قال: إني لقائم ما بيني وبينه إلا عبدالله بن عباس غداة أصيب، وكان إذا مر بين الصفين قال: استووا حتى إذا لم ير فيهم خللاً تقدَّم فكبَّر، وربما قرأ سورة يوسف أو النحل أو نحو ذلك في الركعة الأولى حتى يجتمع الناس، فما هو إلا أن كبَّر فسمعته يقول: قتلني أو أكلني الكلب حين طعنه، فطار العلج بسكين ذات طرفين لا يمر على أحد يميناً ولا شمالاً إلا طعنه، حتى طعن ثلاثة عشر رجلاً مات منهم سبعة، فلما رأى ذلك رجل من المسلمين طرح عليه برنساً فلما ظن العلج أنه مأخوذ نحر نفسه.

وتناول عُمَرُ يَدَ عبدالرحمن بن عوف فقدَّمه، فمن يلي عمر فقد رأى الذي أرى، وأما نواحي المسجد فإنهم لا يدرون غير أنهم قد فقدوا صوت عمر، وهم يقولون: سبحان الله، فصلّى بهم عبدالرحمن بن عوف صلاةً خفيفةً، فلما انصرفوا قال: يا ابن عباس انظر مَنْ قتلني؟ فجال ساعة ثم جاء فقال: غُلَامُ المُغيرة، قال: الصنع؟ قال: نعم، قال: قاتله الله لقد أمرتُ به معروفاً، الحمد لله الذي لم يجعل ميتتي بيد رجل يدَّعي الإسلام، قد كنت أنت وأبوك تحبان أن تكثر العلوج بالمدينة، وكان العباس أكثرهم رقيقاً -فقال: إن شئت فعلت أي إن شئت قتلنا قال: كذبت بعد ما تكلموا بلسانكم وصلّوا قبلتكم وحجُّوا حَجَّكُم- فَاحْتُمِلَ إلى بيته فانطلقنا معه وكأن الناس لم تُصبهم مصيبة قبل يومئذ، فقائل يقول: لا بأس، وقائل يقول: أخاف عليه، فأتِيَ بنبيذ فشربه فخرج من جوفه، ثم أتِيَ بلبن فشربه فخرج من جُرحه، فعلموا أنه ميتُ فدخلنا عليه وجاء الناس فجعلوا يثنون عليه وجاء رجلٌ شابٌ فقال: أبشر يا أمير المؤمنين ببُشرى الله لك من صحبة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وقِدَمٍ في الإسلام ما قد علمت ثم وليت فعدلت ثم شهادة، قال: وددت أن ذلك كفاف لا علي ولا لي، فلما أدبر إذا إزاره يَمَسُّ الأرض قال: رُدُّوا عَلَيَّ الغُلام، قال: ابن أخي ارفع ثوبك فإنه أبقى لثوبك وأتقى لربك، يا عبدالله ابن عمر انظر ما عليَّ من الدَّيْن، فحسبوه فوجدوه ستة وثمانين ألفاً أو نحوه، قال: إن وفَّى له مال آل عمر فأدّه من أموالهم وإلا فسَلْ في بني عُدَي بن كعب، فإن لم تف أموالهم فسل في قريش ولا تعدهم إلى غيرهم، فأدعني هذا المال، انطلق إلى عائشة أم المؤمنين فقل: يقرأ عليكِ عمر السلام ولا تقل أمير المؤمنين، فإني لست اليوم للمؤمنين أميراً، وقل يستأذن عمر بن الخطاب أن يُدفن مع صاحبيه، فسلّم واستأذن ثم دخل عليها فوجدها قاعدة تبكي، فقال: يقرأ عليكِ عمرُ بن الخطاب السلام ويستأذن أن يُدفن مع صاحبيه، فقالت: كنت أريده لنفسي ولأوثرن به اليوم على نفسي، فلمَّا أقبل قيل: هذا عبدالله بن عمر قد جاء، قال: ارفعوني، فأسنده رجل إليه، فقال: ما لديك؟ قال: الذي تُحِبُّ يا أمير المؤمنين، أذِنَتْ، قال: الحمد لله، ما كان من شيءٍ أهَمَّ إلِيَّ من ذلك، فإذا أنا قضيت فاحملوني ثم سلّم فقل يستأذن عمر ابن الخطاب، فإن أذِنَتْ لي فأدخلوني، وإن ردَّتنِي رُدُّونِي إلى مقابر المسلمين.

وجاءت أم المؤمنين حفصة والنساء تسير معها، فلما رأيناها قمنا فولجت عليه فبكت عنده ساعة، واستأذن الرجال فولجت داخلاً لهم فسمعنا بكاءها من الداخل، فقالوا: أوص يا أمير المؤمنين، استخلف، قال: ما أجد أحداً أحق بهذا الأمر من هؤلاء النفر أو الرهط الذين توفي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وهو عنهم راض، فسمَّى علياً وعثمان والزُّبير وطلحة وسعداً وعبدالرحمن، وقال: يشهدكم عبدالله ابن عمر وليس له من الأمر شيء كهيئة التعزية له فإن أصابت الإمرة سعداً فهو ذاك، وإلا فليستعن به أيكم ما أمر فإني لم أعزله عن عجز ولا خيانة، وقال: أوصي الخليفة من بعدي بالمهاجرين الأولين أن يعرف لهم حقهم ويحفظ لهم حُرمتهم، وأوصيه بالأنصار خيراً الذين تبوَّءُوا الدَّار والإيمان من قبلهم أن يقبل من مُحسنهم وأن يعفى عن مُسيئهم، وأوصيه بأهل الأمصار خيراً، فإنهم ردء الإسلام وجباة المال وغيظ العدو، وأن لا يؤخذ منهم إلا فضلهم عن رضاهم وأوصيه بالأعراب خيراً، فإنهم أصل العرب ومادة الإسلام، أن يؤخذ من حواشي أموالهم وتُرَدُّ على فقرائهم وأوصيه بذمة الله وذمة رسوله -صلى الله عليه وسلم- أن يوفَّي لهم بعهدهم، وأن يقاتل من ورائهم ولا يُكلّفُوا إلا طاقتهم، فلما قُبِضَ خرجنا به فانطلقنا نمشي فسلَّم عبدالله بن عمر، قال: يستأذن عمر بن الخطاب، قالت: أدخلوه فأدخل فَوُضِعَ هنالك مع صاحبيه فلما فرغ من دفنه اجتمع هؤلاء الرَّهط فقال عبدالرحمن: اجعلوا أمركم إلى ثلاثة منكم، فقال الزُّبير: قد جعلت أمري إلى علي، فقال طلحة: قد جعلت أمري إلى عثمان، وقال سعد: قد جعلت أمري إلى عبدالرحمن بن عوف، فقال عبدالرحمن: أيكما تبرَّأ من هذا الأمر فنجعله إليه، والله عليه والإسلام لينظرن أفضلهم في نفسه، فأسكت الشيخان فقال عبدالرحمن: أفتجعلونه إلِيَّ والله علي أن لا آلُو عن أفضلكم، قالا: نعم فأخذ بيد أحدهما فقال: لك قرابة من رسول الله -صلى الله عليه وسلم- والقِدَمُ في الإسلام ما قد علمت، فالله عليك لئن أمرتك لتعدلن، ولئن أمرت عثمان لتسمعن ولتطيعن، ثم خلا بالآخر فقال مثل ذلك، فلما أخذ الميثاق قال: ارفع يدك يا عثمان فبايعه، وبايع له علي وولج أهل الدار فبايعوه (1).

- وجاء في أصول الاعتقاد:
عن ابن أبي مليكة قال: قالت عائشة لما حضر أبي دعاني فقال: يا بنية إني قد كنت أعطيتك خيبر ولم تكوني حزتيها وإني أحب أن ترديها علي، قالت: فقلت: قد غفر الله لك يا أبت والله لو كانت خيبر ذهباً جمعاً لرددتها عليك قال: فهي على كتاب الله يا بنية إني كنت أتجر قريش وأكثرهم مالاً فلما شغلتني الإمارة رأيت إن أصبت من المال، ثم قال: العباءة القطوانية والخلاب والعبد فإذا قضيت فأسرعي به إلى ابن الخطاب، يا بنية ثيابي هذه فكفنيني بها، قالت: فبكيت فقلت: يا أبت نحن أيسر من ذلك، فقال: غفر الله لك، وهل ذلك إلا للمهل، قالت: فلما مات بعثت بذلك إلى ابن الخطاب فقال: يرحم الله أباك لقد أحب أن لا يترك لقائل مقالاً (2).
__________
(1) البخاري (7/74-76/3700)،
(2) أصول الاعتقاد (7/1370/2449)،

- وفيها:
عن عبدالرحمن بن أبي ليلى قال: قال عمر بن الخطاب: خير هذه الأمة بعد نبيها أبو بكر فَمَنْ قال غير هذا فهو مفتر وعليه ما على المفتري (1).

- وفيها:
عن وائل عن البهي قال: وقع بين عبيدالله بن عمر وبين المقداد كلام فشتم عبدالله المقداد فقال عمر علي بالحدَّاد أقطع لسانه لا يجترئ أحد بعده فيشتم أحداً من أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- (2).

- وفيها:
عن أبي وائل: أن رجلاً حَرَّجَ على أم سلمة قوله فأمر عمر أن يُجلد مائتي جلدة (3).

موقفه من الجهمية:
- عن يوسف بن مهران قال: خطبنا ابن عباس بالبصرة فقال: قام فينا عمر بن الخطاب أمير المؤمنين رضي الله عنه فقال: أيها الناس، إنه سيكون في هذه الأمة أقوام يكذبون بالرجم، ويكذبون بالدجال، ويكذبون بالحوض، ويكذبون بالشفاعة، ويكذبون بعذاب القبر، ويكذبون بقوم يخرجون من النار بعد ما امتُحِشُوا (4).
__________
(1) أصول الاعتقاد (7/1369-1370/2448)،
(2) أصول الاعتقاد (7/1338/2376)،
(3) أصول الاعتقاد (7/1340/2382)،
(4) الشريعة (2/136/811) وأصول السنة لابن زمنين (ص،190) وبنحوه في أصول الاعتقاد (6/1181/2084)،


- عن الأحنف بن قيس قال:
كنت عند عمر بن الخطاب فرأيت امرأة عنده وهي تقول: يا أمير المؤمنين اذكر إذ كنت في أصلاب المشركين وأرحام المشركات حتى مَنَّ الله عليك بمحمد -صلى الله عليه وسلم- ، فقلت لها: لقد أكثرت على أمير المؤمنين، فقال عمر: دعها، ما تعرفها؟ هذه التي سمع الله منها فأنا أحق أن أسمع منها، (1).

- قال عمر بن الخطاب:
إن هذا القرآن كلام الله فضعوه على مواضعه (2).

موقفه من الخوارج:
- عن المعتمر عن أبيه قال: حدثنا أبو عثمان أن رجلاً كان من بني يربوع يقال له صبيغ سأل عمر بن الخطاب رضي الله عنه عن الذاريات والنازعات والمرسلات أو عن إحداهن، فقال له عمر: ضع عن رأسك فوضع عن رأسه فإذا له وفيرة فقال: لو وجدتك محلوقا لضربت الذي فيه عيناك، قال: ثم كتب إلى أهل البصرة أن لا تجالسوه، أو قال: كتب إلينا أن لا تجالسوه، قال: فلو جلس إلينا ونحن مائة لتفرقنا عنه.

- وعن السائب بن يزيد قال:
أتى عمر بن الخطاب رضي الله عنه فقيل: يا أمير المؤمنين إنا لقينا رجلا سأل عن تأويل القرآن، فقال عمر: اللهم مكني منه، فبينا عمر ذات يوم جالس يغدي الناس إذ جاءه عليه ثياب فتغدى حتى إذا فرغ قال: يا أمير المؤمنين "وَالذَّارِيَاتِ ذَرْوًا (1) فَالْحَامِلَاتِ وِقْرًا" فقال عمر: أنت هو، فقام إليه وحسر عن ذراعيه فلم يزل يجلده حتى سقطت عمامته، فقال: والذي نفس عمر بيده لو وجدتك محلوقاً لضربت رأسك، ألبسوه ثيابه واحملوه على قتب ثم أخرجوه حتى تقدموا به بلادكم ثم ليقم خطيباً ثم ليقل إن صبيغاً طلب العلم فأخطأه فلم يزل وضيعاً في قومه حتى هلك وكان سيدهم.
__________
(1) أصول الاعتقاد (3/455-456/690)،
(2) السنة لعبدالله (23-24 و27) والإبانة (1/12/249-250/22-23) والشريعة (1/215/167)،

 قال أبو حاتم:
ولم يقل أبو حفص في حديثه ثم أخرجوه حتى تقدموا به بلادكم (1).

التعليق:
قال الحافظ ابن حجر (2): قال أبو أحمد العسكري: اتهمه عمر برأي الخوارج (3).

قال ابن بطة (4):
فإن قلت: فإنه قال: لو وجدتك محلوقا لضربت الذي فيه عيناك، فمن حلق رأسه يجب عليه ضرب العنق؟ فإني أقول لك: من مثل هذا أتى الزائغون، وبمثل هذا بلي المنقرون الذين قصرت هممهم وضاقت أعطانهم عن فهم أفعال الأئمة المهديين والخلفاء الراشدين، فلم يحسوا بموضع العجز من أنفسهم فنسبوا النقص والتقصير إلى سلفهم.
__________
(1) أخرجه ابن بطة في الإبانة (1/414-415/329-330) والآجري في الشريعة (1/210-211/160-161) والدارمي (1/54 و55-56) واللالكائي (4/701-703/1136-1138) وابن عساكر في تاريخ دمشق (23/410-412) وعزاه الحافظ في الإصابة (5/169) لابن الأنباري وصحح سنده،
(2) الإصابة (5/169)،
(3) أخرجه ابن عساكر في تاريخ دمشق (23/409)،
(4) الإبانة (1/2/416-417)،


وذلك أن عمر رضي الله عنه قد كان سمع النبي -صلى الله عليه وسلم- يقول: "يخرج قوم أحداث الأسنان سفهاء الأحلام يقولون من خير قول الناس يقرؤون القرآن لا يجاوز حناجرهم يمرقون من الإسلام كما يمرُق السهم من الرَّميَّة مَنْ لقيهم فليقتلهم فإن في قتلهم أجراً عند الله" (1).

وفي حديث آخر:
"طوبى لِمَنْ قتلهم وطوبى لِمَنْ قتلوه، قيل: يا رسول الله ما علامتهم؟ قال: سيماهم التَّحليق"، (2) فلما سمع عمر رضي الله عنه مسائله فيما لا يعنيه كشف رأسه لينظر هل يرى العلامة التي قالها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- والصّفة التي وصفها، فلمَّا لم يجدها أحسن أدبه لئلا يتغالى به في المسائل إلى ما يضيق صدره عن فهمه فيصير من أهل العلامة الذين أمر النبي -صلى الله عليه وسلم- بقتلهم فحقن دمه وحفظ دينه بأدبه رحمة الله عليه ورضوانه، ولقد نفع الله صبيغاً بما كتب له عمر في نفيه، فلما خرجت الحرورية قالوا لصبيغ إنه قد خرج قوم يقولون كذا وكذا فقال: هيهات نفعني الله بموعظة الرجل الصالح وكان عمر ضربه حتى سالت الدماء على وجهه أو رجليه أو على عقبيه ولقد صار صبيغ لِمَنْ بعده مثلاً وتردعة لِمَنْ نقر وألحف في السؤال.

موقفه من المرجئة:
- عن الهزيل بن شرحبيل قال: قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: لو وزن إيمان أبي بكر بإيمان أهل الأرض لرجح بهم (3).
__________
(1) البخاري (12/350/6930) ومسلم (2/746-747/1066) من حديث علي رضي الله عنه،
(2) أخرجه أحمد (3/197) وأبو داود (4/123-124/4766) وابن ماجة (1/62/175) والحاكم (2/147) وصححه على شرط مسلم ووافقه الذهبي، وجوّد إسناده الحافظ في الفتح (12/354)، من حديث أنس رضي الله عنه،
(3) الإبانة (2/7/856-857/1161) والسنة لعبدالله (ص،115) والسنة للخلال (4/44/1134)،


- عن زر بن حبيش قال:
كان عمر بن الخطاب يقول لأصحابه: هلمُّوا نزدد إيماناً فيذكرون الله عز وجل (1).

موقفه من القدرية:
- عن عبدالله بن الحارث بن نوفل، قال: "خطبنا عمر رضي الله عنه بالجابية، والجاثليق ماثل بين يديه، والترجمان يترجم فقال عمر: مَنْ يهده الله فلا مضل له ومَنْ يُضلل فلا هادي له، فقال الجاثليق: إن الله لا يُضِلُّ أحداً، فقال عمر، ما يقول؟ فقال الترجمان: لا شيء، ثم عاد في خطبته، فلما بلغ: مَنْ يهده الله فلا مُضِلَّ له، ومُنْ يُضْلِلْ فلا هاديَ له، فقال الجاثليق: إن اللهَ لا يُضِلُّ أحداً، فقال عمر: ما يقول؟ فأخبره، فقال: كذبت يا عدو الله، ولولا عهدك لضربت عنقك، بل الله خلقك، والله أضَلّكَ، ثم اللهُ يُميتُك، ثم يُدخِلُكَ النَّارَ، إن شاء الله، ثم قال: "إن الله تعالى لما خلق آدم نثر ذريته، فكتب أهل الجنة وما هم عاملون، وأهل النار وما هم عاملون، ثم قال: هؤلاء لهذه، وهؤلاء لهذه" (2).

وقد كان الناس تذاكروا القَدَرَ، فافترق الناس، وما يذكره أحد" (3).
__________
(1) أصول الاعتقاد (5/1012/1700) والإبانة (2/7/846-847/1134) والشريعة (1/262/241) وابن أبي شيبة في الإيمان (ح108)، وهو في المصنف (6/164-165/30366) والخلال في السنة (4/39-40/1122)،
(2) أخرجه البزار (3/20/2141) والطبراني في الصغير (1/150/354) وقال الهيثمي في المجمع (7/786): "ورجال البزار رجال الصحيح"، من حديث ابن عمر وفي الباب عن غيره أخرجها من طرق الشيخ الألباني رحمه الله في الصحيحة بالأرقام: (46و47و48و49و50)،
(3) الشريعة (1/398-399/455) والسنة لعبدالله (142) واللالكائي (4/729-730/1197) والإبانة (2/9/129-130/1560)،

التعليق:
انظر رحمك الله مَوقفَ رجل -أمِرْنَا بالاقتداء به- موَقَفَهُ من المبتدعة، هل فيه شيء من المُداهنة أو المُسالمة، ما هو إلا ضرب العنق وفرض الحجة والبرهان، لا زبالة الرأي ووساوس الشيطان.

- وجاء في الإبانة:
عن عمرو بن ميمون قال: رأيت عمر رضي الله عنه يوم أصيب وعليه ثوب أصفر فخر وهو يقول: "وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ قَدَرًا مَقْدُورًا" (1) اهـ (2).

- وفيها:
عن زيد بن أسلم مولى عمر بن الخطاب أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: القَدَرُ قدرة الله عز وجل، فمَنْ كذَّب بالقَدَر؛ فقد جحد قُدرة الله عز وجل (3).

- وفيها:
عن هشام بن عروة عن أبيه؛ أن رجلاً قال لعمر بن الخطاب: أعطاك مَنْ لا يَمُنُّ ولا يحرم، قال: كذبت، بل الله يَمُنُّ عليك بالإيمان، ويحرم الكافر الجنة (4).

- وفيها:
عن ثابت أن رجلاً أتى عمر بن الخطاب رضي الله عنه فقال: يا أمير المؤمنين، أعطني؛ فوالله لئن أعطيتني لا أحمدك، ولئن منعتني لا أذمُّك، قال: لِمَ؟ قال: لأن الله عز وجل هو الذي يُعطي وهو الذي يمنع، قال: أدخلوه بيت المال ليحضره فليأخذ ما شاء. (1).
__________
(1) الأحزاب الآية (38)،
(2) الإبانة (2/9/87/1497)،
(3) الإبانة (2/9/131/1562)،
(4) الإبانة (2/9/131/1563)،

- وفيها أيضاً:
عن عمرو بن ميمون أن عمر سمع غلاماً وهو يقول: اللهم إنك تحول بين المرء وقلبه؛ فحُل بيني وبين الخطايا؛ فلا أعمل بشيء منها، فقال عمر: رحمك الله ودعا له بخير (2).

- وعن عبدالله بن عباس:
أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه خرج إلى الشام حتى إذا كان بسرع لقيه أمراء الأجناد -أبو عبيدة بن الجراح وأصحابه- فأخبروه أن الوباء قد وقع بأرض الشام، قال ابن عباس: فقال عمر: ادع لي المهاجرين الأولين فدعاهم فاستشارهم، وأخبرهم أن الوباء قد وقع في الشام فاختلفوا، فقال بعضهم: قد خرجنا لأمر ولا نرى أن نرجع عنه، وقال بعضهم: معك بقية الناس وأصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ولا نرى أن تقدمهم على هذا الوباء، فقال: ارتفعوا عني، ثم قال: ادعوا لي الأنصار فدعوتهم فاستشارهم فسلكوا سبيل المهاجرين واختلفوا كاختلافهم، فقال: ارتفعوا عني، ثم قال: ادع لي من كان هاهنا من مشيخة قريش من مهاجرة الفتح فدعوتهم فلم يختلف منهم عليه رجلان فقالوا: نرى أن ترجع بالناس ولا تقدمهم على هذا الوباء، فنادى عمر في الناس: إني مصبح على ظهر فأصبحوا عليه، فقال أبو عبيدة بن الجراح: أفراراً من قدر الله؟
__________
(1) الإبانة (2/9/131/1564)،
(2) الإبانة (2/9/132/1566)،


 فقال عمر:
لو غيرك قالها يا أبا عبيدة: نعم نفر من قدر الله إلى قدر الله، أرأيت لو كان لك إبل هبطت وادياً له عدوتان (إحداهما) خصيبة والأخرى جدبة أليس إن رعيت الخصيبة رعيتها بقدر الله؟ وإن رعيت الجدبة رعيتها بقدر الله؟ قال: فجاء عبدالرحمن بن عوف وكان متغيباً في بعض حاجته فقال: إن عندي في هذا علماً: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: "إذا سمعتم به بأرض فلا تقدموا عليه وإذا وقع بأرض وأنتم بها فلا تخرجوا فراراً منه" قال: فحمد الله عمر ثم انصرف (1).

- وعن أبي عثمان النهدي قال:
سمعت عمر بن الخطاب -وهو يطوف بالبيت- يقول: اللهم إن كنت كتبتني في السعادة فأثبتني فيها، وإن كنت كتبتني على الشقوة فامحني منها وأثبتني في السعادة فإنك تمحو ما تشاء وتثبت، وعندك أم الكتاب (2).

- وعن ابن أبزى قال:
أتِيَ عمر فقيل له: إن ناساً يتكلمون في القَدَر فقام خطيباً فقال يا أيها الناس إنما هلك مَنْ كان قبلكم في القَدَرِ والذي نفس عمر بيده لا أسمع برجلين تكلما فيه إلا ضربت أعناقهما، قال: فأحجم الناس فما تكلم فيه أحدٌ حتى ظهرت نابغة الشام (3).
__________
(1) أحمد (1/194) مختصرا والبخاري (10/220/5729) ومسلم (4/1740-1741/2219) وأبو داود (3/478/3103)،
(2) أصول الاعتقاد (4/735/1207) والإبانة (2/9/131-132/1565) ومجموع الفتاوى (8/540)،
(3) أصول الاعتقاد (4/735-736/1208) والإبانة (2/11/309-310/1986)،


- وأخرج أبو نعيم في الحلية:
في ترجمة الزهري من طريق ابن أخي الزهري عن عمه قال: كان عمر بن الخطاب يأمر برواية قصيدة لبيد بن ربيعة التي يقول فيها: إن تقوى ربنا خير نفل أحمد الله فلا ند له من هداه سبل الخير اهتدى، وبإذن الله ريثي وعجل بيديه الخير ما شاء فعل ناعم البال ومن شاء أضل (1).

- وجاء في المنهاج:
ويُذكر أن رجلاً سرق فقال لعمر: سرقتُ بقضاء الله وقدره، فقال له: وأنا أقطعُ يدكَ بقضاء الله وقدره.

التعليق:
قال ابن تيمية رحمه الله: وهكذا يُقال لِمَنْ تعدَّى حُدود الله، وأعان العباد على عقوبته الشرعية، كما يُعين المسلمين على جهاد الكفار: إن الجميع واقع بقضاء الله وقدره، لكن ما أمر به يحبه ويرضاه، ويريده شرعاً وديناً، كما شاء خلقاً وكوناً، بخلاف ما نهى عنه (2).


مواقف من السَّلف الصَّالح في العقيدة والمنهج 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
 
مواقف من السَّلف الصَّالح في العقيدة والمنهج
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» مواقف وطرائف نسائية
» مواقف منهجية من حياة السلف
» مواقف من حسن تبعل النبي الكريم ﷺ لأزواجه
» قال بعض السَّلف (12)
» قال بعض السَّلف (1)

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات إنما المؤمنون إخوة (2024 - 2010) The Believers Are Brothers :: (العربي) :: العـقـيـــــــــــدة الإســـــــلامـيـــــــــــــة :: كتابات في العقيدة-
انتقل الى: