ما روي في الصلاة يوم عاشوراء:
روي عن أبي هريرة -رضي الله عنه-، عن النبي -صلى الله عليه وسلم-: "من صلى يوم عاشوراء ما بين الظهر والعصر أربع ركعات يقرأ في كل ركعة بفاتحة الكتاب مرة، وآية الكرسي عشر مرات، و قل هو الله أحد إحدى عشرة مرة، والمعوذتين خمس مرات، فإذا سلم استغفر الله سبعين مرة أعطاه الله في الفردوس قبة بيضاء فيها بيت من زمردة خضراء، سعة ذلك البيت مثل الدنيا ثلاث مرات، وفى ذلك البيت سرير من نور، قوائم السرير من العنبر الاشهب، على ذلك السرير ألفا فراش من الزعفران ألخ".
موضوع.
رواه الجوزقاني عن أبي هريرة مرفوعاً وهو موضوع ورواته مجاهيل. وفي الفوائد المجموعة برقم (103).
وقال ابن الجوزي في الموضوعات:
هذا حديث موضوع، وكلمات الرسول عليه السلام منـزهة عن مثل هذا التخليط، والرواة مجاهيل، والمتهم به الحسين.
وروي عن أبى هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من أحيا ليلة عاشوراء فكأنما عبدالله تعالى بمثل عبادة أهل السموات، ومن صلى أربع ركعات، يقرأ في كل ركعة الحمد مرة، وخمسة مرة قل هو الله أحد، غفر الله له ذنوب خمسين عاماً ماض، وخمسين عاماً مستقبل، وبنى له في المثل الأعلى ألف ألف منبر من نور".
ضعيف.
قال ابن الجوزي في الموضوعات:
هذا حديث لا يصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. وقد أدخل على بعض المتأخرين من أهل الغفلة، على أن عبدالرحمن بن أبى الزناد مجروح.
قال أحمد:
هو مضطرب الحديث.
وقال يحيى:
لا يحتج به.
ما روي في صيام الصرد والوحوش عاشوراء:
عن أبي غليط، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إن الصرد أول طير صام عاشوراء".
منكر.
رواه الخطيب عن أبي غليط مرفوعاً ولا يعرف في الصحابة من له هذا الاسم، وفي إسناده عبد الله بن معاوية منكر الحديث. الفوائد المجموعة برقم (35).
وروى أبو نعيم في الحلية عن قيس بن عباد قال:
"كانت الوحوش تصوم يوم عاشوراء".
منكر.
رواه الخطيب عن أبي غليط مرفوعاً ولا يعرف في الصحابة من له هذا الاسم وفي إسناده عبدالله بن معاوية منكر الحديث، ورواه الحكيم الترمذي عن أبي غليظ عن أبي هريرة قال الصرد أول طير صام. الفوائد المجموعة (1/97). وتذكرة الموضوعات (1/819).
وقال ابن حجر في لسان الميزان برقم (222):
هذا حديث منكر رواه ثلاثة عن الرقي. وقال ابن رجب : سنده غريب.
وقال صاحب عمدة القاري (11/118):
ومن أغرب ما روي فيه أن رسول الله قال في الصرد إنه أول طائر صام عاشوراء، وهذا من قلة الفهم فإن الطائر لا يوصف بالصوم، قال الحاكم وضعفه قتلة الحسين رضي الله تعالى عنه، قلت إطلاق الصوم للطائر ليس بوجه الصوم الشرعي حتى ينسب قائله إلى قلة الفهم وإنما غرضه أن الطائر أيضا يمسك عن الأكل يوم عاشوراء تعظيماً له وذلك بإلهام من الله تعالى فيدل ذلك على فضله بهذا الوجه.
ما روي في البكاء على الحسين -رضي الله عنه- يوم عاشوراء:
كان مقتل الحسين بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهما في يوم عاشوراء من شهر المحرم على المشهور. البداية والنهاية: (8/137).
فانقسم الناس إلى طائفتين:
طائفة تتخذ يوم عاشوراء يوم مأتم وحزن ونياحة، وتظهر فيه شعار الجاهلية من لطم الخدود، وشق الجيوب، والتعزي بعزاء الجاهلية... وإنشاد قصائد للحزن، ورواية الأخبار التي فيها كذب كثير، والصدق فيها ليس فيه إلا تجديد الحزن والتعصب، وإثارة الشحناء والحرب، وإلقاء الفتن بين أهل الإسلام، والتوسل بذلك إلى سب السابقين الأولين... وشر هؤلاء وضررهم على أهل الإسلام لا يحصيه الرجل الفصيح في الكلام. مجموع الفتاوى لابن تيمية: (25/165-166).
وطائفة أخرى من الجُهَّال تمذهبت بمذهب أهل السنة، قصدوا غيظ الطائفة الأولى، وقابلوا الفاسد بالفاسد، والكذب بالكذب، والبدعة بالبدعة، فوضعوا الأحاديث في فضائل عاشوراء، والأحاديث في شعائر الفرح والسرور يوم عاشوراء. الموضوعات من الأحاديث المرفوعات: (2/567).
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله:
فصارت طائفة جاهلة ظالمة إما ملحدة منافقة، وإما ضالة غاوية تظهر موالاته وموالاة أهل بيته تتخذ يوم عاشوراء يوم مأتم وحزن ونياحة، وتظهر فيه شعار الجاهلية من لطم الخدود وشق الجيوب والتعزي بعزاء الجاهلية، والذي أمر الله به ورسوله في المصيبة إذا كانت جديدة إنما هو الصبر والاحتساب والاسترجاع...
وفى المسند عن فاطمة بنت الحسين عن أبيها الحسين عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال ما من رجل يُصاب بمصيبة فيذكر مصيبته وإن قدمت فيُحدِثُ لها استرجاعاً إلا أعطاه الله من الأجر مثل أجره يوم أصيب بها وهذا من كرامة الله للمؤمنين فان مصيبة الحسين وغيره إذا ذكرت بعد طول العهد فينبغي للمؤمن أن يسترجع فيها كما أمر الله ورسوله ليعطى من الأجر مثل اجر المصاب يوم أصيب بها، فعارض هؤلاء قوم إما من النواصب المتعصبين على الحسين وأهل بيته.
وإما من الجُهَّال الذين قابلوا الفاسد بالفاسد، والكذب بالكذب، والشر بالشر، والبدعة بالبدعة، فوضعوا الآثار في شعائر الفرح والسرور يوم عاشوراء كالاكتحال والاختضاب، وتوسيع النفقات على العيال، وطبخ الأطعمة الخارجة عن العادة ونحو ذلك مما يفعل في الأعياد والمواسم فصار هؤلاء يتخذون يوم عاشوراء موسما كمواسم الأعياد والأفراح، وأولئك يتخذونه مأتما يقيمون فيه الأحزان والأتراح. مجموع الفتاوى(25/308).
والطائفتان مبتدعتان خارجتان عن السنة، ونحن براء من الفريقين، فأهل السنة يفعلون في هذا اليوم ما أمر به النبي -صلى الله عليه وسلم- من الصوم، ويجتنبون ما أمر به الشيطان من البدع. الموضوعات: (2/567)؛ المنار المنيف في الصحيح والضعيف: (89).
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله:
وكلا الطائفتين مخطئة خارجة عن السنة، وان كان أولئك أسوأ قصداً وأعظم جهلاً وأظهر ظلماً لكن الله أمر بالعدل والإحسان، وقد قال النبي -صلى الله عليه وسلم- إنه مَنْ يَعِشْ منكم بعدي فسيرى اختلافاً كثيراً فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين من بعدي تمسَّكوا بها وعضَّوا عليها بالنواجذ، وإياكم ومحدثات الأمور فان كل بدعة ضلالة.
ولم يسن رسول الله ولا خلفاؤه الراشدون في يوم عاشوراء شيئاً من هذه الأمور لا شعائر الحزن والترح ولا شعائر السرور والفرح ولكنه لما قدم المدينة وجد اليهود تصوم يوم عاشوراء، فقال ما هذا فقالوا هذا يوم نجَّى الله فيه موسى من الغرق فنحن نصومه فقال نحن أحق بموسى منكم فصامه وأمر بصيامه وكانت قريش أيضا تعظمه في الجاهلية... مجموع الفتاوى (25/310-311).
أما أهل السنة والجماعة هم الطائفة الوسط الذين لم يغالوا بالحسين -رضي الله عنه- كما فعلت الطائفة الأولى ويظهروا الجزع والبكاء واللطم وسب أهل السنة، ولم يفعلوا كما فعلت الطائفة الثانية من إظهار الفرح والتكحل وغيره من البدع المخالفة للشرع، بل فعلوا ما يوجبه الشارع الحكيم عليهم ويجتنبوا ما نهاهم عنه.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية:
وأما الوسط فهم أهل السنة الذين لا يقولون لا هذا ولا هذا بل يقولون قتل مظلوماً شهيداً ولم يكن متوليا لأمر الأمة.
وروي:
"ما من عبد يبكي يوم قتل الحسين، يعني يوم عاشوراء، إلا كان يوم القيامة مع أولي العزم من الرسل".
موضوع.
قال في الذيل:
موضوع، وكذا ما روى من أن البكاء يوم عاشوراء نور تام يوم القيامة هو موضوع وضعته الرافضة وقد قدمنا في كتاب الصيام ما في صيام يوم عاشوراء من الأحاديث الموضوعة.
وخرج الإمام أحمد بن حنبل في مسنده
عن عبدالله بن نُجي عن أبيه أنه سار مع علي رضي الله تعالى عنه وكان صاحب مطهرته فلما حاذى نينوى وهو منطلق إلى صفين نادى علي رضي الله تعالى عنه: اصبر أبا عبدالله اصبر أبا عبدالله بشط الفرات، قلت: وما ذا؟ قال : دخلت على النبي -صلى الله عليه وسلم- ذات يوم وعيناه تفيضان فقلت: يا نبي الله أغضبك أحد، ما شأن عينيك تفيضان؟ قال: بلى، قام من عندي جبريل قبل فحدثني: "أن الحسين يقتل بشط الفرات، قال لي: هل لك أن أشمك تربته، قلت: نعم، فمد يده فقبض قبضة من تراب فأعطانيها فلم أملك عينيّ أن فاضتا".
قال الشيخ الألباني رحمه الله في الصحيحة (3/159) حديث رقم (1171):
صحيح بمجموع طرقه وإن كانت مفرداتها لا تخلو من ضعف ولكنه يسير.
انظر الكتاب فيه روايات مختلفة مهمة وشرحاً طويلاً خلاصته:
ليس في شيء من هذه الأحاديث ما يدل على قداسة كربلاء وفضل السجود على أرضها واستحباب اتخاذ قرص منها للسجود عليه عند الصلاة كما عليه الشيعة اليوم... الخ.
وأخيراً نقول في هذا الموضوع ما قاله شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى في منهاج السنة النبوية (4/554):
وصار الشيطان بسبب قتل الحسين رضي الله عنه يحدث للناس بدعتين: بدعة الحزن والنوح يوم عاشوراء من اللطم، والصراخ والبكاء، والعطش وإنشاد المراثى وما يفضي إليه ذلك من سب السلف ولعنتهم، وإدخال من لا ذنب له مع ذوي الذنوب حتى يسب السابقون الأولون، وتقرأ أخبار مصرعه التي كثير منها كذب، وكان قصد من سن ذلك فتح باب الفتنة والفرقة بين الأمة، فإن هذا ليس واجباً ولا مستحباً باتفاق المسلمين بل إحداث الجزع والنياحة للمصائب القديمة من أعظم ما حرمه الله ورسوله، وكذلك بدعة السرور والفرح وكانت الكوفة بها قوم من الشيعة المنتصرين للحسين، وكان رأسهم المختار بن أبي عبيد الكذاب، وقوم من الناصبة المبغضين لعلي رضي الله عنه وأولاده، ومنهم الحجاج بن يوسف الثقفي، وقد ثبت في الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "سيكون في ثقيف كذاب ومبير"، فكان ذلك الشيعي هو الكذاب، وهذا الناصبي هو المبير ، فأحدث أولئك الحزن، وأحدث هؤلاء السرور ورووا أنه من وسع على أهله يوم عاشوراء وسع الله عليه سائر سنته. قال حرب الكرماني سألت أحمد بن حنبل عن هذا الحديث فقال لا أصل له وليس له إسناد يثبت... ألخ.