الفصل الخامس
بدع العزاء وآداب التعزية
وفيه مبحثان:
المبحث الأول: البدع والمنكرات في العزاء.
المبحث الثاني: آداب التعزية.
المبحث الأول
البدع والمنكرات في العزاء
المخالفات والمنكرات والبدع التي تقع في العزاء كثيرة، واختلافها باختلاف كل مصر، وكل عصر، وفي هذه العُجالة سنعرض لبعض هذه المخالفات وننبه عليها.
فمن هذه المخالفات:
1- قراءة القرآن الكريم على الميت، وهي بدعة منكرة (1).
وهذه المخالفة ليست متعلقة ببدع التعزية مباشرة لكن هذه المخالفة، مما يفعله أهل الميت بعد موته، فأحببت أن أنبه عليها.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية (ت728هـ) -رحمه الله تعالى-:
(القراءة على الميت بعد موته بدعة) (2).
وقال الشيخ عبدالعزيز بن باز (ت1420هـ) -رحمه الله تعالى-:
(ليس لقراءة القرآن على الميت أو على القبر أصل صحيح بل ذلك غير مشروع، بل من البدع، وهكذا وضع المصحف على بطنه ليس له أصل، وليس بمشروع، وإنما ذكر بعض أهل العلم وضع حديدة أو شيء ثقيل على بطنه بعد الموت حتى لا ينتفخ) (3).
------------------------------------------
(1) السنن والمبتدعات في العبادات (ص: 188).
(2) الاختيارات العلمية (ص: 53)، نقلاً عن السنن والمبتدعات (ص: 188).
(3) مجموع فتاوى ومقالات متنوعة (8/362).
وأما القراءة عند القبر فكذلك لا تجوز.
قال أبو داود السجستاني -رحمه الله تعالى-:
(سمعت أحمد سُئِلَ عن القراءة عند القبر؟ فقال: لا) (1).
قال الشيخ عبد الله بن حميد (ت1402هـ) -رحمه الله تعالى-:
(قراءة القرآن على القبور من البدع التي لا أصل لها، فلا ينبغي أن يُقرأ القرآن على القبور في أظهر قولي العلماء) (2).
قال الشيخ محمد بن عثيمين -رحمه الله تعالى-:
(والصحيح أن القراءة على القبر مكروهة، سواء كان ذلك عند الدفن أو بعد الدفن، لأنه لم يعمل في عهد النبي (صلى الله عليه وسلم)، ولا عُهِدَ عن الخلفاء الراشدين، ولأنه ربما يحصل منه فتنة لصاحب القبر، فاليوم يُقرأ عنده رجاء انتفاع صاحب القبر، وغداً يُقرأ عنده رجاء الانتفاع بصاحب القبر، ويرى أن القراءة عنده أفضل من القراءة في المسجد فيحصل بذلك فتنة) (3).
وقال في موضع آخر:
(قراءة القرآن على القبور بدعة لم ترد عن النبي (صلى الله عليه وسلم)، ولا عن الصحابة) (4).
------------------------------------------
(1) مسائل الإمام أحمد لأبي داود (ص: 224).
(2) فتاوى سماحة الشيخ عبدالله بن حميد (ص: 160).
(3) الشرح الممتع (5/463-464).
(4) فتاوى الشيخ محمد بن عثيمين، جمع أشرف عبدالمقصود (1/166).
2- الاجتماع للقراءة للميت، وهذا العمل بدعة ولا يجوز.
وهو أن يجتمع مجموعة من الأشخاص، سواءً من أقارب الميت أو من غيرهم، ثم يقرؤون القرآن للميت، فهذا العمل لا يجوز.
قال الشيخ عبدالعزيز بن باز (ت1420هـ) -رحمه الله تعالى-:
لمَّا سُئِلَ عن الاجتماع للأكل وقراءة القرآن قال: (هذا كله بدعة لم يفعله رسول الله (صلى الله عليه وسلم)، ولا أصحابه من بعده رضي الله عنهم) (1).
3- صنع الطعام من أهل الميت للناس وإطعام الناس، والتفاخر به، فهذا بدعة شنيعة لأمور كثيرة منها:
أ- أنه عمل مخالف للسنة، وما خالف السنة وقصد به العبادة فهو بدعة.
ب- فيه تشبه بأعمال الجاهلية من العقر والنحر عند موت كبارهم.
ج- قد يكون المال الموروث المتصرف فيه ظلماً لضعاف وصغار، وحتى لو لم يكن لضعاف وصغار فهو مال أخذ بغير حق.
د- أن أهل الميت في شغل بمصيبتهم عن إعداد الطعام، ودعوة الناس إليه (2).
بل ربما بعض المعزين يأتي بالأغنام، أو الإبل، أو البقر، بحجة تقديمها لهؤلاء المعزين، ولأهل البيت، ويدعو كل من قابله ممن يأتون للتعزية لحضور هذا الطعام، وهذا من البدع المنكرة (3).
------------------------------------------
(1) مجموع فتاوى ومقالات متنوعة (13/385).
(2) نيل المآرب في تهذيب شرح عمدة الطالب (1/338).
(3) أحكام الجنائز للقحطاني (ص: 342).
قال الإمام النووي (ت676هـ) -رحمه الله تعالى-:
(قال صاحب"الشامل” وأما إصلاح أهل البيت طعاماً، وجمعهم الناس عليه، فلم ينقل فيه شيء، قال: وهو بدعة غير مستحبة، وهو كما قال) (1).
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية (ت728هـ) -رحمه الله تعالى-:
(صنعة أهل الميت طعاماً يدعون الناس إليه، فهذا غير مشروع، وإنما هو بدعة) (2).
وقال ابن القيم (ت 751هـ) -رحمه الله تعالى-:
(وكان من هديه (صلى الله عليه وسلم) أن أهل الميت لا يتكلفون الطعام للناس، بل أمر أن يصنع الناس لهم الطعام يرسلونه إليهم، وهذا من أعظم مكارم الأخلاق والشيم، والحمل عن أهل الميت، فإنهم في شغل بمصابهم عن إطعام الناس) (3).
وقال المرداوي (ت885هـ) -رحمه الله تعالى-:
(لا يُستحب -أي صنع الطعام من أهل الميت للناس- بل يُكره، وهذا المذهب مطلقاً) (4).
وقال الإمام المناوي (ت1029هـ) -رحمه الله تعالى-:
(ولا يندب فعل ذلك -أي صنع الطعام من أهل الميت- لأهله الأقربين، لأنه شرع في السرور لا في الشرور فهو بدعة قبيحة، قاله النووي وغيره) (5).
------------------------------------------
(1) روضة الطالبين (2/145).
(2) مجموع الفتاوى (24/316).
(3) زاد المعاد (1/528).
(4) الإنصاف (2/393).
(5) فيض القدير (1/687).
وقال الشيخ أحمد البنا (ت بعد1371هـ) -رحمه الله تعالى-:
(إن صنع الطعام من أهل الميت زيادة على مصيبتهم، وشغل لهم إلى شغلهم، وتشبه بصنع أهل الجاهلية وعكسها للمشروع) (1).
وقال الشيخ عبدالعزيز بن باز (ت1420هـ)-رحمه الله تعالى-:
(وأما كون أهل الميت يصنعون طعاماً للناس من أجل الميت فهذا لا يجوز، وهو من عمل الجاهلية سواء كان ذلك يوم الموت أو في اليوم الرابع أو العاشر أو على رأس السنة، كل ذلك لا يجوز لما ثبت عن جرير بن عبدالله البجلي -أحد أصحاب النبي (صلى الله عليه وسلم)- أنه قال: "كنا نعد الاجتماع إلى أهل الميت وصناعة الطعام بعد الدفن من النياحة“ أما إن نزل بأهل الميت ضيوف زمن العزاء فلا بأس أن يصنعوا لهم الطعام من أجل الضيافة، كما أنه لا حرج على أهل الميت أن يدعوا من شاؤا من الجيران والأقارب ليتناولوا معهم ما أهدي لهم من الطعام، والله ولي التوفيق) (2).
وقال الشيخ محمد بن عثيمين (ت1421هـ) -رحمه الله تعالى-:
عن صنع الطعام من أهل الميت للناس ودعوتهم إلي هذا الطعام قال: (وهذا لا شك أنه من البدع المنكرة) (3).
------------------------------------------
(1) الفتح الرباني (8/96).
(2) مجموع فتاوى ومقالات متنوعة (9/325-326).
(3) الشرح الممتع (5/471).
4_ الاجتماع في بيت الميت للأكل والشرب وقراءة القرآن، فهذا العمل بدعة ولا يجوز.
وقد سُئل الشيخ عبدالعزيز بن باز -رحمه الله تعالى- عن هذه المسألة فأجاب بقوله:
(الاجتماع في بيت الميت للأكل والشرب وقراءة القرآن فهذا العمل بدعة، وإنما يؤتى أهل الميت للتعزية، والدعاء لهم والترحم على ميتهم، أما أن يجتمعوا لإقامة مأتم بقراءة خاصة، أو أدعية خاصة أو غير ذلك فذلك بدعة) (1).
5- نعي الميت، الذي يشبه نعي الجاهلية.
والنعي الذي نهى السلف عنه هو نعي الجاهلية، حيث كانت عادتهم إذا مات منهم شريف بعثوا راكباً إلى القبائل يقول نعايا فلاناً، أو يا نعايا العرب أي هلكت العرب بمهلك فلان، ويصحب ذلك ضجيج وبكاء، كما سبق بيانه في حكم النعي (2).
6- النياحة على الميت وهي:
البكاء عليه بجزع وعويل، وسبق الحديث عنها وتفصيل القول فيها في مبحث (النعي وحكمه) (3).
------------------------------------------
(1) مجموع فتاوى ومقالات متنوعة (13/383).
(2) (ص: 202).
(3) (ص: 200). والنياحة تعتبر من كبار الذنوب وليست من البدع.
7- إحداد المرأة على أحد أقاربها كأب وأخ وأخت ونحوهم أكثر من ثلاثة أيام، فهذا العمل لا يجوز، وقد نهى عنه النبي (صلى الله عليه وسلم) فقد ثبت عنه (صلى الله عليه وسلم) أنه قال: “لا يحل لامرأة تؤمن (1) بالله واليوم الآخر أن تحد (2) على ميت فوق ثلاثة أيام إلا على زوجها أربعة أشهر وعشراً” (3).
قال الشيخ ابن محفوظ (4)-رحمه الله تعالى-:
------------------------------------------
(1) قال النووي: (خصها ? بالمؤمنة، لأن المؤمن هو الذي يستثمر خطاب الشارع، وينتفع به، وينقاد له، فلهذا قيد به). شرح مسلم للنووي (10/157) (بتصرف يسير).
(2) قال ابن بطال: (الإحداد: هو امتناع المرأة المتوفى عنها زوجها من الزينة كلها من لباس، وطيب وغيرهما، وكل ما كان من دواعي الجماع). فتح الباري (3/490).
(3) أخرجه البخاري في كتاب الجنائز: باب إحداد المرأة على غير زوجها (الفتح 3/489 برقم 1280)، وأخرجه مسلم في كتاب الطلاق: باب وجوب الإحداد في عدة الوفاة (2/1127 برقم 1491).
(4) هو الشيخ علي بن محفوظ عالم، وواعظ، تخرج من الأزهر أستاذاً للوعظ والإرشاد بكلية أصول الدين، واختير عضواً في جماعة كبار العلماء، له مؤلفات منها: (الدرر البهية في الأخلاق الدينية)، و (وهداية المرشدين) وغيرهما توفي -رحمه الله تعالى- سنة (ت1361هـ).
(ومما لا شك فيه أن الزيادة على الثلاثة بدعة سيئة، فإن النبي (صلى الله عليه وسلم) جعل نهاية الحزن ثلاثة أيام من حين الموت؛ فعن زينب بنت أبي سلمة قالت: دخلت على أم حبيبة -رضي الله عنها- زوج النبي (صلى الله عليه وسلم) حين توفي أبوها أبو سفيان بن حرب فدعت بطيب فيه صفرة خلوق أو غيره، فدهنت منه جارية ثم مست بعارضيها ثم قالت: والله مالي بالطيب حاجة غير أني سمعت رسول الله (صلى الله عليه وسلم) على المنبر يقول: “لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر تحد على ميت فوق ثلاث إلا على زوج أربعة أشهر وعشراً” قالت زينب ـبنت أبي سلمة-: ثم دخلت على زينب بنت جحش -رضي الله عنها- حين توفي أخوها فدعت بطيب فمست منه ثم قالت: أما والله مالي بالطيب من حاجة غير أني سمعت رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يقول على المنبر: “لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر تحد على ميت فوق ثلاث إلا على زوج أربعة أشهر وعشراً” أخرجه البخاري ومسلم وغيرهما ) (1).
------------------------------------------
(1) الإبداع في مضار الابتداع (ص: 212).
فلا يحل للمرأة أن تحد على أحد قرابتها كأب، وأخ، وأخت أكثر من ثلاثة أيام، أما ما جرت به العادة من الحداد على الأب أو الأخ أو الأم أو القريب من المرأة لمدة تزيد عن الثلاثة الأيام متعللات بأن الميت عزيز عليهن، وأنهن لا يستسغن الطعام والشراب بعد فراقه، فعليهن أن يؤمن بالله الذي خلقهن، فإن الحزن في القلب، والقلب يحزن، والعين تدمع، ولا نقول إلا ما يرضي ربنا، ولا نعمل إلا ما أمرنا به نبينا محمد (صلى الله عليه وسلم)؛ نعم نحزن، ونبكي على فراق الأحبة، وهذه طبيعة البشر، لكن أن يستهوينا الشيطان فنجاريه فيما يوسوس لنا به مما يخالف شرعنا المطهر، فيجب رده والاستعاذة بالله من الشيطان وهواجسه ووساوسه، فإن الحداد على الميت لا يرد الميت لنا، ولا ينفعنا في نسيانه، لاسيما أن الموت هو مصير كل حي، فيبقى على العبد المؤمن التسليم والرضا بما كتبه الله وقدره، والدعاء للميت بالرحمة بدل استدامة الحزن.
7- الاستعاضة عن الألفاظ الواردة في التعزية بألفاظ مخترعة مخالفة للشرع مثل:
(أعطاك عمره) فسبحان الله هل الله -تعالى- يقبض العبد قبل أن ينتهي عمره وأجله فيبقى شيئاً من عمره يُعطى لغيره؟!!سبحانك هذا بهتان عظيم.
ومن الأمثلة أيضاً قولهم:
(ما نقص من عمره زاد في عمرك)، وغيرها من الألفاظ (1).
قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله تعالى-:
(وأما قول القائل: ((ما نقص من عمره زاد في عمرك))، فغير مستحب، بل المستحب أن يُدعى له بما ينفع مثل أن يقول: ((أعظم الله أجرك، وأحسن عزاك، وغفر لميتك)) (2).
وقال الشيخ ابن باز -رحمه الله تعالى-:
(أما التعزية بقوله البقية في حياتك، أو شد حيلك، فلا أعلم لهما أصلاً) (3).
فالذي ينبغي للمسلم أن يحرص على الألفاظ الواردة، أو يأتي بألفاظ ليست مخالفة لما جاء عن الله -تعالى- وعن رسوله (صلى الله عليه وسلم).
------------------------------------------
(1) أما عبارة (البقية في عمرك)، أو (البقية في رأسك) فقد قال الشيخ بكر أبو زيد عن هذه اللفظة (هذه من الألفاظ الدارجة في التعزية، يعني: أن الله ـ سبحانه ـ يخلفُ ما فات علينا في وفاة فلان بأن يكون في بقية عمرك، خير ونفع. فلا يظهر فيها محذور. والأحسن اتباع ألفاظ السنة. والله أعلم) (معجم المناهي اللفظية ص: 626).
(2) مجموع الفتاوى (4/380-381).
(3) مجموع فتاوى ومقالات متنوعة (13/381).
9- لبس السواد في العزاء وتخصيصه بالعزاء، فهذا الفعل بدعة ولا يجوز.
قال الشيخ علي محفوظ -رحمه الله تعالى-:
(وجملة الكلام أنه يحرم الندب وهو تعداد محاسن الميت كواجبلاه وواعزاه، والنوح وهو رفع الصوت بالندب، وكل شيء فيه تغيير للزي كلبس مالا يعتاد لبسه أصلاً، كترك شيء من لباسه والخروج بدونه على خلاف العادة، وقد ابتلي كثير من الناس بتغيير الزي) (1).
وقال في موضع آخر:
(ومن البدع السيئة ما اعتاده الناس من لبس الأسود من الثياب عند حدوث مصيبة فإنه لا أصل له في السنة، وإنما السنة لبس الثياب البيض في حال الشدة والرخاء والحياة والموت ففي الحديث عن عبدالله بن عباس -رضي الله عنهما- أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قال: “البسوا من ثيابكم البياض، فإنها خير ثيابكم، وكَفّنُوا فيها موتاكم“ فهذا الحديث وما شاكله ناطق بأن السنة لبس الأبيض مطلقاً في جميع الحالات) (2).
------------------------------------------
(1) الإبداع في مضار الابتداع (ص: 215).
(2) الإبداع في مضار الابتداع (ص: 377-378).
وقال الشيخ محمد بن صالح العثيمين -رحمه الله تعالى- لما سُئل عن هذه المسألة قال:
(لبس السواد عند المصائب شعار باطل لا أصل له، والإِنسان عند المصيبة ينبغي له أن يفعل ما جاء به الشَّرع فيقول: "إنا لله وإِنا إِليه راجعون، اللهم أؤجرني في مصيبتي وأخلف لي خيراً منها"، فإِذا قال ذلك بإيمان واحتساب فإِن الله سبحانه وتعالى يُؤْجره على ذلك ويبدله بخير منها، أما ارتداء لبس معين كالسواد وما شابهه فإنه لا أَصل له وهو أَمر باطل ومذموم) (1).
وقال الشيخ صالح آل الشيخ:
(وهذا اللباس الأسود ليس بلازم، فالمرأة تمتنع في الحداد من لباس الزينة، من الأَلوان الزاهية، أَو الملابس الجميلة، وتلبسُ بعد ذلك من الأَلوان ما شاءت أَسودَ أَو أزرقَ أو أخضرَ، بحيث لا يكون لباس زينة يرغب فيها، وذلك كله تعظيماً لحق الزوج، وحق العقد السابق، لما روت أم عطية قالت: قال النبي (صلى الله عليه وسلم): "لا يحل لامرأَة تؤمن بالله واليوم الآخر أَن تحد على ميت فوق ثلاثٍ، إلا على زوج، فإنها لا تكتحل ولا تلبس ثوباً مصبوغاً إلا ثوب عَصْبٍ، ولا تمس طيباً إلا إذا طهرت نبذة من قسط أَو أَظفار” أخرجه البخاري ومسلم) (2).
------------------------------------------
(1) فتاوى الشيخ محمد الصالح العثيمين جمع أشرف عبد المقصود (2/814).
(2) المنظار في بيان كثير من الأخطاء الشائعة (ص: 124).
10- إطالة المكث، والجلوس من المعزي عند أهل العزاء جلوساً يثقل به عليهم، وقد تقرر فيما سبق أنه لا يجوز الإثقال على أهل الميت بشيء، فيكفيهم ما هم فيه من المصاب.
وقد لا يطول مكث المعزي لكنه قد يثقل على أهل العزاء بالحديث عن أمور الدنيا من البيع والشراء وغيرها مما فيه إثقال على أهل الميت، فكذلك هذا مخالفة ينبغي اجتنابها، وتحذير الناس منها.
11- تصدق ولي الميت له قبل مضي الليلة الأولى بشيء مما تيسر له، فإن لم يجد صلى ركعتين يقرأ في كل ركعة بفاتحة الكتاب وآية الكرسي مرة، وسورة التكاثر عشر مرات فإذا فرغ قال: (اللهم صليت هذه الصلاة، وتعلم ما أردت بها، اللهم ابعث ثوابها إلى قبر فلان الميت) (1).
وهذا لا أصل له في السنة قطعاً، وفيها من المخالفات الشرعية ما يظهر لأقل الناس فقهاً.
12- ومن البدع إيقاف الأوقاف لاسيما النقود لتلاوة القران الكريم، أو لأن يصلي نوافل، أو لأن يُصلي على النبي (صلى الله عليه وسلم)، ويهدى ثوابه لروح الواقف أو لروح من زاره (2).
ومن المخالفات والبدع التي ينبغي للمسلم أن يجتنبها:
قراءة القرآن عند قبر الميت أربعين ليلة، والتصدق بما يحبه الميت من الطعام، والتصدق عنه في أشهر معينة، أو إخراج صدقة يسمونها إسقاط الصلاة، أو العتاقة له، أو سبحة الميت، وختم القرآن عند قبره، وصبحة الميت: وهي تبكيرهم لزيارة قبره في ثاني أيام دفنه، وفرش البُسُط، والجلوس عند قبره، وتأبين الميت ليلة العشرين والأربعين والحول (3).
------------------------------------------
(1) أحكام الجنائز للألباني: في حديثه عن بعض بدع التعزية (ص: 322).
(2) أحكام الجنائز للألباني (ص: 321).
(3) ملخصة من كتاب أحكام الجنائز للألباني (ص: 321-322).
فائدة: كيف نقضي على مثل هذه البدع والمنكرات؟
يكون القضاء على مثل هذه البدع والمنكرات بأمور:
1- طلب العلم الشرعي، والتفقه في الدين على منهج السلف الصالح.
2- دعوة الناس إلى الحق بالحكمة والموعظة الحسنة.
3- تعريف الناس بهدي النبي (صلى الله عليه وسلم) في العزاء وكل ما يتعلق به.
4- التحذير والبيان لهذه الأعمال والمظاهر المخالفة لذلك، والتي وقع فيها كثير من الناس، ومنها ما تقدم.
5- بيان خطورة المخالفات وعقوبتها، وما يترتب على ذلك.
6- القضاء على أسبابها، ويتم ذلك عن طريق خطباء المساجد في الجمع، وعن طريق الدعاة بالمحاضرات، والندوات، والأشرطة المفيدة.
7- توزيع الكتب والنشرات الخاصة ببيان مثل هذه المخالفات، والبدع.
8- هجر أماكن البدع والمنكرات بعد النكير على أهلها.
9- الصبر في الإنكار على الناس، لأن من لازم الدعوة إلى الحق الصبر عليه. قال تعالى: "إِلَّا الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ” (1).
10- الدعاء للمخالف بالهداية.
------------------------------------------
(1) سورة العصر الآية: 3.