أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52644 العمر : 72
| موضوع: "السِّمِيط رَجُلٌ بِأمَّةٍ وَأمَّةٌ فِي رَجُل" الإثنين 11 ديسمبر 2017, 8:01 pm | |
|
"السِّمِيط رَجُلٌ بِأمَّةٍ وَأمَّةٌ فِي رَجُل" د. ظـــافر بن حســـن آل جبعــــان غفــر الله له ولوالديه وللمسلمـــين ===================== بســـــم الله الرحمــــــن الرحيـــــم اللهم اهدني وسددني وثبتني "السميط رجل بأمة وأمة في رجل" الحمد لله الذي جعل في هذه الأمة رجالاً صدقوا ما عاهدوا الله عليه، فكانوا بالحق قائمين، وبالصدق قائلين، ولسُنَّة رسول الله الكريم على طول الدهور والأزمان متبعين، فما وهنوا وما ضعفوا لذلك، بل كانوا من عباد الرحمن الذين يمشون على الأرض هوناً، هؤلاء صافهم الله فصفَّاهم فاصطفاهم فكانوا من صِفِةِ الصفوة، حتى صاروا من المصطفين الأخيار، وأصبح الواحد منهم في الأمة أمة، فأحيى الله بهم الملة، ونصر بهم السنة، وأعلى بهم منار الإسلام، ونشر بهم أعلام الدين، فكانوا في الأمة مجددين، وعن الدين منافحين، وبالأمر قائمين، وعن المنكر ناهين؛ والصلاة والسلام على رسول الله خير عباد الله القائمين بأمر الدين، والباذلين له، وعلى آله وصحبه المتبعين لهديه، القائمين بعده بالدعوة والجهاد، والبذل والتضحية.
وبعد: فإن الله قد تَكَفَّلَ بحفظ هذا الدين، وامتنَّ على الأمة بكماله وتمامه، فقال سبحانه: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِيْنَاً} [المائدة: 3]، فإذا كان الله قد أكمل دينه، وأتم نعمته، فما بقي على العباد إلا شكر الله بالمحافظة على دينهم، والسعي لتطبيقه في أنفسهم ومجتمعاتهم، ونشره بين الناس، وبيانه وبذله لجميع الخلق، ولا يتحقق ذلك إلا برجالٍ هم في الأمة أعلامًا، وللملة أوتادًا، جمعوا خصال المعروف، ومكارم الخلاق.
قومٌ هم للخير باذلون، ولنصرة الدين مسابقون، باعوا الفاني بالباقي، وزهدوا في الدنيا، وأقبلوا على الآخرة، يرون مُوْعُود الله أمام أعينهم شاخصًا، فهم بذلك مصدقين بوعده: {وَعْدَ اللَّهِ لَا يُخْلِفُ اللَّهُ وَعْدَهُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ} [الروم: 6].
سيكون حديثي عن رجل من عظماء هذا العصر، ليس من أبطال هوليود أو بوليود بل هو من أبطال التضحية والعطاء، وأبطال الصبر والإباء، اختار القارة السوداء لأداء دوره البطولي، ورسالته العظيمة فكانت البداية في عام: 1401هـ، وظل هذا العظيم ببذله ما يقرب من ثلاثين عاماً، يُقدِّم ويُضَحِّي، ويبني ويؤسِّس.
حتى كان ثمرة جهده، ونتاج عطائه ما يلي: أولاً: إسلام أكثر من عشرة ملايين شخص على يديه.
ثانياً: بناء ما يقرب من ستة آلاف مسجد.
ثالثاً: بناء وتسيير ما يقرب من تسعِ مئة مدرسة.
رابعًا: بناء وتسيير خمس جامعات.
خامساً: إنشاء أكثر من مائتي مركز إسلامي.
سادساً: إنشاء سبع محطات إذاعية.
سابعًا: إنشاء ما يقرب من سبعين مستشفاً ومستوصفاً.
ثامنًا: حفر أكثر من عشرة آلاف بئر.
تاسعًا: توزيع أكثر من سبعة ملايين مصحفاً، وترجمة لمعاني القرآن الكريم.
عاشرًا: كفالة أكثر من خمسين ألف يتيم.
الحادي عشر: تعليم أكثر من نصف مليون طالباً.
هذا عمل رجلٍ واحد، لكنه: "رَجُلٌ بأمَّة، وأمَّة في رَجُل"، يقوم بما تعجز عن القيام به دولاً.
هذا الرجل هو: خادم الفقراء، وناصرُ الدعوة، هو الباذل الناصح، والمضحي الصادق، والداعية الحكيم الصابر، صاحب الهمة العالية، والنفس الرضية، القدوة الحق، والرجل الصدق، صاحب القلب الكبير، والصدر السليم، الطبيب الجاد، والأمين المخلص، داعيةُ القارة السمراء، وإمام الدعوة في أفريقيا السوداء، الشيخ الطبيب عبدالرحمن بن حمود السميط رحمه الله تعالى.
جَمَعَ المَحَاسِنَ والمَحَامِدَ كُلّهَا .... وسَعَى إِلَى شَرَفِ الفَضَائِلِ والْعُلَا
هذا الإمام -رحمه الله تعالى- من مواليد دولة الكويت عام: 1947م، ونشأ بها وكان منذ نعومة أظفاره متمثلاً دين ربه، متمسكًا بسنة نبيه -صلى الله عليه وسلم-، فقد كان أيام دراسته الثانوية يحرص على مساعدة العمالة الفقيرة، والسعي لقضاء حوائجهم، فعندما كان يرى العمالة الفقيرة ينتظرون في الحر الشديد حتى تأتي المواصلات فما كان منه إلا أن جمع هو وبعض أصدقائه بعض المال، واشترى به سيارة قديمة وكان كل يوم يحمل هؤلاء العمالة حيث يريدون رحمة بهم، وإحساناً إليهم.
ولمَّا أتَمَّ دراسته الثانوية درس الطب بجامعة بغداد، وتخرَّج فيها، وقد تعرَّض للاعتقال من قِبَلِ البعثيين، وعذَّبُوه عذابًا شديداً بسبب تمسُّكِهِ بدينه، ومساعدته للمحتاجين هناك، وبعدما أتَمَّ الدراسة الجامعية غادر إلى جامعة ليفربول في المملكة المتحدة للحصول على دبلوم أمراض المناطق الحارة، ثم سافر إلى كندا واستكمل دراسته العليا في الأمراض الباطنية، والجهاز الهضمي، وهناك أسس ورأس جمعية الأطباء المسلمين في كندا عام: 1976م.
ولما أنهى دراسته عاد للعمل في أشهر المستشفيات الكويتية، وعمل فيها لمدة ثلاث سنوات، وفي تلك الفترة لم يكن الشيخ طبيباً عادياً بل طبيباً فوق العادة، إذ بعد أن ينتهي من عمله المهني، كان يتفقد أحوال المرضى، ويسألهم عن ظروفهم وأحوالهم الأسرية والاجتماعية والاقتصادية، ويسعى في قضاء حوائجهم، ويطمئنهم على حالاتهم الصحية.
لكن مع كل هذه النجاحات الأكاديمية لم يجد هذا الرجل ما يحقق مناه، ويُشبع رغبته، فكان يبحث عن عملٍ يجد نفسه فيه، فكأنه لم يجد نفسها في الطب، فأخذ يبحث عما يحقق أمنيته، ويتم عليه رغبته فأخذ يبحث عن العمل الخيري الدعوي، فأخذ يطرق الأبواب الرسمية النظامية، ولكنه لم يجد جدوى بعد عدة محاولات، حتى أراد الله له أمرًا هو خيرٌ له، وبرًا هو له أحسن، ألا وهو الدعوة في أفريقيا والبذل لدين الله هناك.
وإن تعجب فعجبٌ أن تعلم أن وراء هذا العظيم في دعوته ونجاحه امرأتان: أما الأولى: فهي زوجته الدَّاعية المُحتسبة، الصَّابرة المُضحية أم صُهيب التي كانت تقول له: أنت ليس مكانُك الطب بل الدعوة إلى الله، وإغاثة المحتاجين، ليس هذا فحسب بل شاركته في دعوته كثيراً بنفسها، ومالها، وبل وبولدها، فقد كانت تهاجر معه إلى أدغال أفريقيا للدعوة إلى الله -تعالى-، وإغاثة الملهوفين، وإطعام الفقراء، ورعاية الأيتام، مع شظف العيش، وبؤس المكان.
وأما الأخرى: فهي صاحبة أول دعمٍ شق به الشيخ طريق دعوته في بلاد أفريقيا، ففي ذات يوم جاءته عجوزٌ بتبرع تريده في بناء مسجد، يقول الشيخ: فقررت أنا وبعض الإخوة أن نذهب إلى أفريقيا لبناء المسجد والعودة فقط، لكن عندما ذهبنا إلى أفريقيا رأيت أمراً عظيماً، رأيت الناس بحاجة ماسَّة لكل أنواع الدعوة والتعليم، والإغاثة والإعانة...
فيا سبحان الله يُرجى أن يكون عملُ هذا الشيخ الكريم في ميزان حسنات هاتين المرأتين اللتين نحسبهما مخلصتين والله حسيبهما.
فينبغي للعبد أن لا يحتقرن من العمل شيئًا، وأن يحرص على بذل الخير فإن لله فضائل متتابعةٍ لا يعلم بها إلا هو، فقد يدرك العبد رحمة من الله بعمل يسير، فلا يحرم العبد نفسه فضل ربه، والله يقول: {ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيم} [الجمعة: 4].
وبعد أن ذهب الشيخ إلى أفريقيا في أول زيارة له وكانت في عام 1401 هـ، ورأى الوضع هناك، وما هم فيه من الجهل، ومن ذلك أن كثيراً من الأئمة لا يعرفون قراءة الفاتحة، فكيف بغيرهم، فرأى الجهل الفظيع، وأدرك انتشار حملات التبشير التي تجتاح صفوف فقرائهم، أخذ على عاتقيه حمل هَمِّ الدَّعوة إلى الله، وبذل الجُهد في خدمة المسلمين، ودعوة غيرهم إلى الإسلام، فأخذ يبذل وقته كله للقارة السمراء؛ وبذل في ذلك جهدًا عظيمًا تعجز عنه دول بأكملها، ولاقى في سبيل ذلك أصنافًا من المِحَنِ والإحَن، والبلايا والرزايا، وتعرض لمحاولات اغتيال كثيرة، بل وقد تعرَّض لهجوم السّباع عليه، والحيَّات والحشرات، ومع ذلك كان غاية في البذل والتضحية، والصَّبر والمُصابرة في الدعوة إلى الله، وظل في أفريقيا ما يقرب من ثلاثين عامًا يدعو إلى دين الإسلام، ويُعَلِّمَ الناس القرآن، ويبذل للفقراء الإحسان، في هِمَّةِ شاب لا يهرم، وفي نفس مجاهدٍ لا يَكِل ولا يقنط، فصدق فيه قوله صلى الله عليه وسلم: «لَا يَزَالُ اللَّهُ يَغْرِسُ فِي هَذَا الدِّينِ غَرْسًا يَسْتَعْمِلُهُمْ فِي طَاعَتِهِ» أخرجه ابن ماجة (8)، عن أبي عنبة الخولاني رضي الله عنه.
كان ينطلق -رحمه الله تعالى- في دعوته من هدي النبي -صلى الله عليه وسلم- الذي يقوم على الرفق والإحسان، واللين والتواضع، وحُسن الخُلُق، واحتواء الناس، واحترام مشاعرهم، مع البساطة التامة. |
|
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52644 العمر : 72
| |